الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
ومن والاه.
أما بعد:
فكما هو معلوم إن لكل شيء ثمارا، وأفضل ثمار يجنيها
المسلم هي ثمار
طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ـ في الدنيا والآخرة
وإن ثمار الدعاء لولي أمر المسلمين
بالصلاح
والرشاد لكثيرة جدا، نوجزها فيما
يلي:
1) من ثمرة الدعاء:
أنه طاعةٌ لله تعالى وقربة له، لأنه عبادة والله
تعالى يحب أن تُصرف
العبادة له وحده لا شريك
له.
فعَنِ النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه
قال:
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
(إن الدُّعَاءَ هو الْعِبَادَةُ ، ثُمَّ
قَرَأَ:
{ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عن عبادتي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
}).
أخرجه: أحمد (4/267، 271، 276)، و أبو داود (1479)
وغيرهم.
وصححه الألباني.
2) من ثمرة الدعاء للحاكم:
أن الدعاء في ظهر الغيب يعود نفعه أيضا على صاحبه،
وتُرجى
الإستجابة من الداعي للمدعو، ويعم نفعها إذا كانت
للسلطان.
ففي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كان يقول:
( دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ
الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ
مَلَكٌ
مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قال
الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ
).
أخرجه: أحمد (5/195)، ومسلم
(2733).
3) من ثمرة الدعاء لولي
الأمر:
صلاحه وهدايته، وفي صلاحه صلاح للرعية في دينهم
ودنياهم وما يعود
إليهم من الخير في البلاد.
عن القاسم بن مخيمرة قال:
"إنما زمانكم سلطانكم، فإذا صلح سلطانكم؛ صلح
زمانكم،
وإذا فسد سلطانكم؛ فسد
زمانكم".
"السنن الواردة في الفتن" لأبي عمرو الداني
(3/653)،
و "السنن الكبرى" (8/162)، و "شعب الإيمان" (6/42)
للبيهقي.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عند
موته:
"اعلموا أن الناس لن يزالوا بخير ما استقامت لهم
ولاتهم وهداتهم".
أخرجه: أبو نعيم في "فضيلة العادلين" (ص/151)،
والبيهقي
في "الكبرى" (8/162).
ونقل أحمد بن محمد بن المنير عن بعض
السلف:
"أنه دعا لسلطان ظالم فقيل له : أتدعو له وهو ظالم؟
فقال : إي واللّه
أدعو له، إن ما يدفع اللّه ببقائه أعظم مما يندفع
بزواله ، لا سيما إذا
ضمن ذلك الدعاء بصلاحه وسداده وتوفيقه ، واللّه
الموفق".
"الانتصاف على الكشاف" (4/535)
الحاشية.
وقال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الواعظ
الزاهد:
"وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل
والحكم فإنهم إذا
صلحوا صلح العباد بصلاحهم"
أخرجه: البهقي في "الشعب"
(6/26).
قال الفضيل بن عياض:
"لو كان لي دعوة مستجابة ما صيَّرتها إلا في الإمام،
قيل لـه : وكيف ذلك
يا أبا علي؟ قال: متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى
صيرتها
في الإمام؛ فصلاح الإمام صلاح العباد
والبلاد".
"حلية الأولياء" (8/91 ) .
4) من ثمرة الدعاء
للسلطان:
إبراءَ الذمة ومعذرة إلى
الله.
قال أحمد بن حنبل:
"وإني لأدعو لـه – أي: للأمير ـ بالتسديد والتوفيق،
في الليل والنهار
والتأييد، وأرى لـه ذلك واجباً عليّ
".
أخرجه: الخلال في "السنة" ( 14 )، انظر "البداية" (
10/352 ) .
وقال أحمد بن المنير
المالكي:
"الدعاء السلطان الواجب الطاعة مشروع بكل
حال".
"الانتصاف على الكشاف" (4/535)
الحاشية.
5) ومن الثمار:
وإظهار لمنهج أهل السنة والجماعة، والاقتداء بالسلف
الصالح وأئمة
المسلمين.
قال الحسن بن علي
البربهاري:
" إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه
صاحب سنة –
إن شاء الله –".
"سير أعلام النبلاء" ( 11/198 )
.
قال محمد بن الحسين الآجري
:
ـ من ـ سأل الله العظيم أن يكشف الظلم عنه وعن جميع
المسلمين ، ودعا
للولاة بالصلاح ...، فمن كان هذا وصفه كان على الطريق
المستقيم
إِن شاء الله".
"الشريعة" (1/157) تح.
الوليد.
قال الإمام أحمد:
" لو كان لنـا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان
".
"مجموع الفتاوى" ( 28/391 )، و"كشاف القناع" ( 2/37 )
.
اللهم فقهنا في الدين وجنبنا طرق الضالين واهدِ ضال
المسلمين.
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق