بسمة: أصولي لا تزعجني ولي الفخر أنني حفيدة يوسف درويش فهو أسلم وخدم الوطن
قالت الفنانة المصرية بسمة إنها فوجئت بالهجوم الشديد عليها بسبب أصولها اليهودية، ولم تعرف سبب الهجوم أو دوافعه، أضافت "شعرت بغضب كبير لأن جدي الذي تعرض لهذا الهجوم لم يكن ضد مصلحة مصر بل أسلم وخدم الوطن، فقد عرفت الموضوع من خلال مكالمة تليفونية جاءتني من المخرج الكبير يسري نصرالله أبلغني بما كتب في جريدة "الأهرام"، وقال لي لا تغضبي، ثم قام بالرد في جريدة "المصري اليوم"، وعندما قرأت ما كُتب شعرت بالاستفزاز جداً لأنني لا أخاف من كون أصول جدي يهودية، وتحدثت في برنامج الكاتبة حنان شومان ووجدت ردود أفعال كثيرة تؤيد موقفي".وتابعت الفنانة المصرية "هناك فرق كبير لابد من توضيحه بين اليهودية كدين، والصهيونية كاتجاه سياسي، وتحدث الكثير من الزملاء معي عن أن معظم الأصول المصرية لو بحثنا فيها سنجدها غير مسلمة وفي كل الظروف لا يمكن تحت أي ظرف أن يتم الاستهزاء بالديانة اليهودية، ومن غير المنطقي أن توجه صحفية كلامها لي قائلة: إذا ابتليتي بجد يهودي فاستتري لأنه لم يكن نصاباً ولا لصاً بل كان شخصاً مناضلاً جداً ومعروف بحبه الكبير لمصر والمصريين، ولي الفخر أنني حفيدة يوسف درويش".
=====================================================================
يوسف درويش
رجل عاش في مصر
وعاشت فيه
رجل عاش في مصر
وعاشت فيه
اسمي يوسف موسي يوسف فرج درويش الشهير بيوسف درويش ، من مواليد القاهرة في 2 أكتوبر 1910 ، قسم الوالي بالعباسية حارة أبو خوذة بمحطة العباسية حارة أبو خوذه بمحطة الجنزوري و المتفرع من شارع العباسية بعمارة كان يمتلكها احد اميرلات الجيش وأصبح ابنة واسمه عز الدين عاطف الملحق البحري للملك فاروق . انتقلنا بعد ذلك وكان عمري حوالي 4 سنوات إلي شارع سعيد بالعباسية بعمارة مصطفي الجمال ثم بمنزل بجوار كلية التجارة بالعباسية بجوار الأرض التي كانت تتخصص للاحتفال بمولد النبي و المعروف باسم ارض مولد النبي ، وأخيرا انتقلت مع عائلتي وكان عمري 17 سنة إلي مصر الجديدة بشارع رشيد رقم 10 ثم إلي منزل أخري في نفس المدينة وعندما تزوجت عام 1941 اتخذت لي مكنا بشارع جلال الملك رقم 7 ببولاق لعلم حوش فايد بالعمارة البلجيكية .
كنت في بادي الأمر تلميذا بمدرسة الإعدادية الابتدائية بالعباسية ثم التحقت بمدرسة الفوير بالظاهر وقضت الدراسة الثانوية بمدرسة الفوير بالخرنقش حتي عام 1929 و انتقلت إلي الكلية الفرنسية بالظاهر حيث حصلت عام 1930 علي شهادة البكالوريا ( الثانوية العامة ) قسم أدبي .
ذهبت إلي فرنسا لدراسة التجارة وكنت مبيت النية علي دراسة القانون و التحقت بمدرسة التجارة العليا بتولوز في أكتوبر 1930 و حصلت علي دبلوم التجارة العليا من هذه المدرسة عام 1932 ، وكنت قد التحقت في ذات الوقت بكلية الحقوق في تلك المدينة ونجحت في السنة الأولي فيها . انتقلت بعد ذلك إلي : اكس أين بروفانس في جنوب فرنسا و التحقت بكلية الحقوق بها حيث حصلت علي ليسانس الحقوق عام 1934 ،كما التحقت في ذات الوقت بمدرسة الدراسات التجارية العليا عام 1933 وقدمت آنذاك رسالة عن " القطن في مصر " للحصول علي تلك الشهادة .
العودة من فرنسا
عدت إلي مصر في أكتوبر 1934، وعملت بعد بضعة شهور محاميا أمام المحاكم المختلطة التي كانت مزدهرة وقتئذ و درست القانون المصري وحصلت علي ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1944.
والدي كان في بادي حياته المهنية عاملا حرفيا في المصوغات ثم أقام ورشة صغيرة لصناعة المصوغات و فتح بجوار تلك الورشة متجرا لبيع المصوغات علي أنواعها ومن ثم أصبح من كبار الصاغة يمتلك ورشة متوسطة الأهمية و الحجم ومتجرا للبيع بالقطاعي و سرعان ما أصبح تاجرا بالجملة ببيع منتجاته أساسا لتجار الصاغة لمنطقة القنال في كل من بور سعيد و السويس و الاسماعلية فيذهب مره كل أسبوع إلي تلك المنطقة لتسويق منتجاته و لتحصيل مستحقاته حتي أن العائلة كثيرا ما كانت تقضي إجازتها في بور سعيد ضيوفا علي عائلات تجارها ، واذكر انه في الإجازة التي قضينها في مصر عام 1932 خلال دراستي في فرنسا صاحبت والدي إلي بور سعيد وقدمني في القطار العائد إلي القاهرة للمرحوم الأستاذ حسن ألبنا الذي كان قد بدا وقتذاك في تكوين شعبة الإخوان المسلمين بالاسماعلية . هذا وقد توفي والدي عام 1940.
أنا من عائلة مصرية . كان لي عم اسمه إبراهيم وله ولدان يوسف وثابت وعم أخر اسمه ثابت. من اقاربي مراد بك فرج الذي كان محاميا للخديوي عباس الثاني وهو كاتب وباحث وشاعر ، كتب في القانون وكتب في تاريخ الفدائيين ، كما كان داود حسني قريبي أيضا وهو الموسيقار المشهور .
أصول يوسف درويش
ترجع أصول عائلة درويش إلي وقت بعيد في مصر والدليل موجود بوزارة الداخلية قسم الجوازات و الجنسية في الملف الخاص بتلك العائلة ، إذ يتضح في هذا الملف وجود عقد بيع عقار لفرد من عائلة درويش يعود إلي عام 1947د كان قدمت أنا و أخواتي هذا العقد عام 1946 إلي قسم الجوازات و الجنسية للتدليل علي أصولنا المصرية و بالتالي حصلنا علي شهادة بإثبات جنسياينتا المصرية .
أعطي هذا التفصيل لابد الأكاذيب التي أخذت البعض يروجها عن حقيقية أصولي المصرية.
ديفاني " قرائن" ويطلق عليها "يهود قرائيين " الفراوون يختلفون عن اليهود الربائيين حيث يقتصر اعتناقهم و اعتمادهم علي التوراة دون التلمود . وكان اليهود الربانيون لا يمتازون القرائيين يهودا . وكذالك النظام العنصري في ألمانيا النازية الذي لم يمد القرائيين يهودا و استثناهم من الإجراءات التي كان قد اتخذها ضد اليهود عموما . والمعلم أشهرت إسلامي في نوفمبر 1947. أنجبت عام 1943 ولدا اسسميته
"مجاهد" لأنني كنت في ذروه النضال و في عام 1949 أنجبت بنتا أسميتها والدتها "نوله" باعتبارها هدية تركتها قبل دخولي المعتقل عام 1948 .
اشتغلت محاميا أمام المحاكم المختلطة من أوائل 1935 حتي نهاية هذه المحاكم عام 1949 وعملت محاميا أمام المحاكم الأهلية ابتداء من عام 1944 .
فترات الدراسة
عندما كنت طالبا بمدرسة الفريد بالظاهر وكان عمري آنذاك 9 سنوات شهدت تطورات وإحداث ثورة 1919 من مظاهرات طلابية وإضرابات عمالية خاصة عمال ترام القاهرة والمدرسة الإعدادية الثانوية بأول العباسية ، رأيت كيف كان جنود الانجليز يجبرون هولاء العمال علي تمييز . مركبات الترام وشهدت بنفسي وكنت وافقا بمحطة ترام الحمئية أمام محل الاهوائيب للبقالة كيف أن احد الواقفين من الثوار هجم علي الجندي الانجليزي الذي كان واقفا بجوار سألحق بالتزام لإجباره علي العمل وقطع يده بالساطور وشهدت تلك الفترة عندما ما كنت مقيما مع عائلتي بشارع سعيد بالعباسية بعمارة الجمال كيف أن احد الشبان من الثوار سار وباره انجليزي وذبحة بصيغة في حفل بجوار المنزل والقي به في الساقية وعندما كنت أتردد علي محل والدي بالمتولي ( قبل انتقاله للصاغة ) أيام الثورة رأيت كيف كان الجنود الانجليزي منتشرين في أجواء الحي شاهرين بنادقهم ومدافعهم الرشاشة في وجه سكان وتجار الحي لا تزال الخوف في قلوبهم . كما كنت اقرأ علي حوائط المنازل و العمارات عبارات عن " اليد الوداء وهي جمعية كانت تستهدف اغتيال الجنود الانجليزي ,. كنت مهمتا بالإحداث واذكر أنني ذهبت إلي ميدان محطة مصر في الاستقبال الشعبي الحاشد لسعد زغلول عند عودته من المنفي كما اذكر انه حين أجريت الانتخابات البرلمانية عام 1924 وتقدم ( حسن حسيب باشا ) مرشحا عن الوفد في دائرة الوالي اهتمت بمشاهدة السرادق الكبير الذي أقيم بهذه المناسبة أمام المدرسة الايطالية بالعباسية واستمعت إلي الخطب و الشعارات والهتافات .
وعندما التحقت بمدرسة الفرير الثانوية بالخرنفش كانت قراءاتي كثيرة ومتنوعة وتظلماتي نحو أهداف ومعاني الثورة الفرنسية في المساواة والإخاء و الحرية حتي انه عندما كنت عضوا في جمعية ثقافية داخل المدرسة ألقيت محاضرة عن الثورة الفرنسية أغضبت كثيرا المدارس المسئول عن هذه الجمعية واخذ الطلبة منذئذ يشيرون إلي علي أنني ثوري كنت في تلك الفترة صديقا صدوقا لكل من حامد سلطان ( أستاذ القانون الدولي ) ومحي حسن وعثمان الارناوؤطي ( الذين عملا في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية ) وجمال مدكور المخرج السينمائي واحمد بدر خان ( السينمائي الشهير ) وأقمنا سويا مع زميل أخر اسمه نبيه عوض جمعية ثقافية خارج نطاق المدرسة سرعان ما عملت إدارة تلك المدرسة علي تحذير الطلبة من الانضمام إليها .
كانت قراءتي في تلك الفترة في الأدب الفرنسي وفي الأدب العربي فاطلمت علي ك الكلاسيكيات بشكل عام (_ مونتسكيو ، روسو ، فولتير ، باسكال ، لامارتين ، يرجسون ، عباس العقاد ، المنفلوطي ، احمد شوقي ) كما كنت اطلع بانتظام علي كافة الجرائد و السجلات التي كانت تصدر في ذلك الوقت ومنها البلاغ وكوكب الشرق والكشكول .... لم يكن لي أي قراءات في الماركسية فلم أكن اعلم عنها شيء بل انصبت قراءاتي السياسية والاجتماعية علي قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان فاطلعت علي العديد من مطبوعات الحزب الراديكالي الفرنسي وكانت تصلني نشرات جمعية حقوق الإنسان الفرنسية كما كنت اطلع باستمرار علي " جريدة القاهرة الفرنسية" التي كان يصدرها فولاد يكن وكذلك علي مجلة " علم مصر " باللغة الفرنسية التي كان يصدرها احمد راشد وهي مجلة تدعو إلي التقدم واحترام حقوق الإنسان واستدعتني آنذاك مقالة بعنوان " دفاعا عن الاتحاد السوفيتي " وكان ذلك عام 1927 علي وجه التقريب .
في هذه الفترة كانت أهم اهتماما خاصا بالمحاضرات التي تلفي فكنت دائم الحضور في " الجمعية الجغرافية الملكية " حيث كان يحاضر فيها كبار والأدباء مصريون وأجانب وخاصة فرنسيين كما تابعت غالبية المحاضرات في قاعة " ايوارث " بالجامعة الأمريكية واذكر بصورة خاصة من بين المحاضرين محمود عزمي الذي كان وقتذاك من دعاه الاشتراكية والذي عمل فتره بعد ذلك سكرتيرا خاصا للخديوي عباس حلمي الثاني . وقد بلغ اهتمامي بالأدب بشكل علم أنني عينت للحضور في حفل الاستقبال العلم الذي اعد للشاعر الكبير رأينا دارت تجاور وكان ذلك في حديقة الأزبكية كما كنت أواظب علي الاستماع إلي أنواع الموسيقي الكلاسيكية التي كانت أتردد علي مجلس النواب للاستمتاع إلي المناقشات التي تجري فيه ومشاهدة رجال السياسة و الدولة منهم سعد زغلول ، ومكرم عبيد ، وعبد العزيز جاويش .... وكنت حاضرا مصادفة في جلسة النواب الذي هاجم فيها عباس العقاد الملك وسمعته يقول كلمته الشهيرة " إذا وجب علينا فسوف نفضي علي اكبر رأس في البلد.
بدأت في ذلك الوقت معالم تفكيري تتحدي نحو قضية الاستقلال وجلاء الانجليزي عن بلادنا وهي القضية التي كان يعير الوفد عنها كما تحددت أيضا وتجملت أكثر من ذي قبل قضايا الحرية و الديمقراطية و المساواة من أعمال الكتاب الفرنسيين أساسا من تاريخ الفرنسية .
البدايات
كنت وفديا كافي غالبية شباب مصر فالوفد كان كل شيء وهو الحزب الشعبي الوحيد في الساحة إذ التفت حوله الجماهير الحزبية من العمال والفلاحين والمثقفين و التجار و أصحاب الورش و غيرهم من مختلف فئات الشعب. اذكر حين توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927 اشتركت في الجنازة الشعبية الكبرى التي نظمت في القاهرة وكان حزني كبيرا علي وفاته فارتديت الملابس السوداء شهرا كاملا ثم الكوافته السوداء سنه كاملا أن تلغي بالوفد حزبا شعبيا مطالبا بالاستقلال والجلاء كان قويا لغاية كما اتضح عدائي للسراي و الملكية ، واذكر بهذه المناسبة انه عندما أقيمت وزارة النحاس باشا في خريف عام 1935 قبل سفري إلي فرنسا بأيام كنت أشاهد جلسة مجلس النواب مع صديقي حامد سلطان حين أعلن اقله الوزارة الفدية فخرجنا من البرلمان ونظمنا مظاهرة احتجاجا سارت بجوار قصر عابدين منددة بقرار الإقالة .
سافرت إلي فرنسا في أكتوبر 1930 للدراسة و توجهت إلي مدينة ولوز في الجنوب وكان معي حامد سلطان ويحيي حسن ثم انتقلت عام 1932 إلي اكساين بروفانس التي تبعد قليلا عن مرسليا حتي عودتي النهائية إلي مصر في أكتوبر 1934 .
في فرنسا استمرت قراءتي في الأدب الفرنسي واطلاعاتي علي كتب السياسة و الاجتماع و الاقتصاد ولأول مره بدأت اقرأ الكتب الماركسية وتاريخ ثورة أكتوبر السوفيتية ومنها مؤلفات من ماركس وانجلزوليفين ويوخارين وتروتسكني كما اطلمت أيضا علي ما كتبه ويكتبه كل من موسييليني وهتلر " دراسة متأنية الجزء الأول من كتاب " رأس المال " وكتاب حياتي لتروتسكي وكذلك " الدولية الثالثة أو تنظيم علم التنظيم " وكانت تصلني بانتظام من مصر جريدة الأهرام وبعض الكتب الأدبية وفي الشئون العامة والتاريخ ويمكن القول أن ناشئتي الأولي التي اتضحت في ذلك الوقت كانت مزيجا من التحلق الوطني والاتجاه الماركسي العام . ويذكرني هنا انه حينما التحقت بألسنه الأولي في كلية حقوق مدينة ولوز استقبلني سكرتيرة الكلية بترحاب علي أنني مصري ومن بلد " مصطفي كامل " وكانت تعرفه حينما كان يدرس في تلك الكلية.
كان تعلقي بمصر و العروبة بشكل عام امرا اسايا فكونت مع كل من حامد سلطان و توفيق عبد الواحد ( قرائي ) ومحمد شفيق ( الذي أصبح بعد ذلك موظفا ببنك مصر ) وبهاء الدين كامل ( والد الدكتور حسين كامل بهاء الدين ) جمعية في ولوز عام 1931 تحت اسم " جمعية الطلبة العرب " انضم إليها الغالبية العظمي من الطلبة العرب في تلك المدينة ومن بينهم جزائريين أصبحوا بعد ذلك من قادة الثورة الجزائرية .
عادت الظروف أن يحضر إلي ولوز الخديوي السابق عباس حلمي الثاني وكان بصحبته محمود عزمي سكرتيره الخاص صاحب الاتجاه الاشتراكي فالتقيت يهما مجموعة من الطلبة المصريين وكنت من بينهم ودار حديث طويل عن الأوضاع في مصر ووجوب العمل من اجل أجلاه الانجليز عن البلاد .
وعندمابدات تظهر الهتلرية في ألمانيا كن احد معارضيها باعتبارها عنصرية ومنافية للديمقراطية واشتركت في ولوز في كافة الفصليات و التظاهرات التي نظمت آنذاك خاصة مع حضور المحامي الفرنسي الكبير موروجيافيري الذي كان يتهيأ لتولي الدفاع عن جورج ديمتروف أمام محكمة نورديس .
التحول للفكر الاشتراكي
بدأت اتجاهاتي تتضح نحو الفكر الاشتراكي ويتهالوم ماركس عندما كنت في اكس أين بوفانس فشكلت افكاري بشكل نهائي حول ذلك حيث كان التأثير المباشر من الدراسات التي تلقيتها مع آخرين من احد الألمان الهاربين من نير الهتلرية واسمه بورشر الذي اخذ يلقن لنا في منزله بتلك المدينة مبادي الماركسية وكانت الفائدة كبيرة للغاية وفي هذه الفترة كونت مع الطلبة الفرنسيين " لجنه الطلبة ضد القانون والحرب " عام 1933 وتمكنت بمساعدة صديقة شيوعية من الحضور كمجتمع في بعض الاجتماعات خليه الحزب الشيوعي في هذه المدينة .
عدت إلي مصر في أكتوبر 1934 وأنا مقتنع تماما بوجوب العمل علي استقلال مصر والانتهاء من تظلم الامتيازات والاهتمام بقضية الطبقة العاملة والسلام العالمي ، قضية الاستقلال لأنها هي القضية التي طالما كان الوفد ينادي بها ومن حوله الشعب كله قضية الطبقة العاملة فقد أتي الاهتمام بقضية الطبقة العاملة و السلام العالمي ، قضية الاستقلال لأنها هي القضية التي طالما كان الوفد ينادي بها ومن حوله الشعب كله ، قضية الطبقة العاملة فقد أتي الاهتمام بها من خلال قراءاتي ودراساتي و اتصالاتي .
أما عن وجوب الانتهاء من نظام الامتيازات الأجنبية فلقد استرجاعي نظري ما كان حصل له من خلال إجازتي في مصر عام 1932 حيث ذهبت مع أخواتي و بعض أصدقائي إلي نادي ايطالي بمصر الجديدة ولم أكن اعرف ولم يبلغني احد انه نادي واسمه دبولافيرو في ملتقي شارعي طنطا وسعد زغلول بمصر الجديدة عند انتهاء الحفل الراقص عزفت الموسيقي نشيد جيوفينما وهو نشيد الشباب الفاشي
وقف الجميع اجلالا لهذا النشيد بينما امتنعت أنا تماما عن الوقوف .. رغم إصرار من كان يصاحبني وبعد انتهاء من عزف هذا النشيد جاءني شبان ايطاليان ضخم الجسم وصفائي علي وجهي والقيا بي اوضا و محلاتي من الصالة إلي خارجها حتي الطريق العام واخذ الشبان الفاشي يركلني بالأرجل ويضربوني وعندما حضر رجال البوليس سرعان ما هرب المعتدون وتوجهت إلي قسم بوليس مصر الجديدة لتحرير محضر بالواقعة والذي أدهشني لماما إنني استدعت إلي قسم البوليس لأبلغ أن " المحضر حول جهده الاختصاص و هي القنصلية الايطالية للتصرف " أحسست مباشره بمهمة الامتيازات الأجنبية واخذ هذا الشعور يزداد قوه حين كنت أشاهد العمليات الفاشية الايطالية ذات الرداء الأسود تجوب في شوارع القاهرة وفي وسط المدينة بميدان الأوبرا كما كان بعد ذلك ما يدو عام 1942 من محكمة جنح المختلطة في قضية النقابي محمد مدبولي الذي فصل من عمله في شركة البواخر البحرية بشبرا الخيمة لنشاطه النقابي فقد كان رئيس هذه المحكمة انجليزي و المتهم وهو يدير تلك الشركة انجليزيا واصدر حكما بالبراءة لأنه انجلوزيا ليس أكثر أو اقل كما اعترف لي شخصيا بعد ذلك .
انطلاقا من هذه المفاهيم العامة التي قد ترسخت في وجدان عملت فور عودتي النهائية إلي مصر علي اتصال بحركة العمال فقد ذهبت شخصيا ومنفردا إلي الاتحاد العام للنقابة بمفره بعمارة متأنيا بالعتبة الخضراء وكان قائده آنذاك الأمير عباس حليم من العائلة الملكية .
استقبلت استقبالا حلمنا استقبال العمال لشاب من غير طبقتهم يرغب في اللقاء بهم في نفس الفترة كنت ابحث عن مقر أنصار السلام فعثرت عليه مصادفه وأنا مسترجع من شارع شريف باشا وكان هذا المقر في العمارة التي تسبق مباشرة عمارة الايموبيليا بالقاهرة فتوجهت إليه وطلبت الانضمام إلي أنصار الملك وزهي جماعة كانت تضم مختلف الجنسيات من يونانين وقبارصة و انجليز و ايطاليين وسويسريين وأنصاف الأجانب ويضم المصرين أكثر منهم المجالس كونستانتان فرجوبولو و المحامي ليسوحازان وريمون دويك و عبد الرازق السنهوري وعبد الوهاب العشماوي وفاطمة نعمت راشد والأمير عباس حليم ... يبدو أن سلوكي الشخصي استرجاعي نظر كل من بول جاكووتيود وبربييريدس حيث كنت لا أتعالي علي الآخرين بالنظر إلي مركزي الاجتماعي كمحل ولا امتنع خلافا لبعض المحاميين عن القيام بأبسط الأعمال في سبيل حركة السلام بالإضافة طبعا إلي اتجاهي الفكري العام . وللعلم كان للتروتسكين مقدار في نفس العمارة وكانوا يصدرون مجله " التطور " ذات الغلاف الأصفر اللون و التي صدر منها ثلاث أو أربعة أعداد وكان منهم لطف سليمان ، رمسيس يونان ، جورج حنين ، كامل التلمساني وضرهم ، وكانت علاقاتنا بهم عادية علي الرغم من العداء الشديد بيننا .
كانت جمعية أنصار السنة بالقاهرة ومثلها جمعية أنصار السلام في كل من الإسكندرية وبور سعيد مرتبطة بقضية أنصار السلام العالمية " التي تأسست في أوائل الثلاثينات في هذا القرن في أمستردام بهولندا وكان رئيسا " نهرو" الزعيم الهندي المعروف ومن أهدافها السلم بين جميع الشعوب وبمكافحة الحرب و الكفاح ضد الفاشية و الكفاح ضد العنصرية .
النضال ضد الصهيونية
لقد كافحت جمعية أنصار السلام بشكل جدي ضد الصهيونية باعتبارها شكلا من أشكال العنصرية ورفض رفضا قاطعا مشروعات أقامة وطن لليهود في الأراضي العربية وفي فلسطين وسائد حركات التحرير و الحربية و منها الثورة الاسبانية و الجمهورية الاسبانية .
كانت جمعية أنصار السلام بالقاهرة توزع العديد من المنشورات السائدة للقضية الفلسطينية و الرافضة للمشروعات التقسيم و لحملات الهجرة اليهودية في فلسطين انتهزت الجمعية فرصة مرور قادة الشورة الفلسطينية بالقاهرة فأوفدت كل من ريمون دويك و كاتب هذه السطور للالتقاء بهم وتمت مقابلة كل من موسي الخالدي و احمد الحسيني بفندق الكونتننتال بميدان الأوبرا أجرينا معها حديث مطولا عرضنا فيه أهداف أنصار السلام ووقوفهم بمن بجانب الشعب الفلسطيني . كما أن نشاط جمعية أنصار السلام اهتد ضد هجرة اليهود إلي فلسطين بتشجيع من السلطات الألمانية و الدول الأوربية بشارع عماد الدين المنشورات التي تحتج عل هذه الهجرة وترفض مناريع التقسيم .
في هذه الفتره أيضا 1936 حضر إلي مصر لجنه موفده من عصبة الأمم للتحري عن رأي الشعب المصري بشان تقييم فلسطين التي كانت قد بدأت تطرح علي الساحة العالمية و توجهت مع ريمون دويك باسم أنصار السلام إلي مقر تلك اللجنة بفندق شبرد القديم قبل حرفة ( شارع إبراهيم باشا و شارع الجمهورية حاليا ) وأدلينا براينا الذي يتلخص في التمسك بمحن شعب فلسطين في وطنه كاملا وفي أي مشروع للتقسيم لابد أن نذكرها هنا أن من بين النقط الرئيسية التي تولينها دراستها بشكل جماعي كتاب " نهاية اليهودية اوتوهللو وهو كاتب ماركسي آلماني .
يقف هذا الكتاب بشكل صريح وواضح مستندا إلي الوثائق و المسببات التاريخية موقفا معاديا للصهيونية كاشفنا حقيقي ونافيا حق اليهود في قيام وطن قومي خلص بهم لقد اثر ذلك الكتاب تأثيرا كبيرا في وجداننا جميعا حتي أن احمد صادق سعد حين منع كتابه عن فلسطين بعد ذلك استند في مواضيع كثيرة إلي ما تضمنه هذا الكتاب من معلومات و حجج .
تلك كلها عوامل كان لها اثر في تبني " طليعة العمال " بعد ذلك قضية الشعب الفلسطيني و حقه في وطنه وفي تقرير مصيره.
كان لانتصار السلام موقف معادي ثابت واصل ضد الفاشية واصف العديد من المطبوعات باللغات العربية و الفرنسية و الانجليزية في هذا الشأن و خاصة تلك المنشورات التي تدعو إلي مقاطعة السلع و المنتجات الألمانية .
كما ناصرت جمعية أنصار السلم بالقاهرة فشيدتها بالإسكندرية وبور سعيد انشووة الاسبانية وحكومتها في الحروب والتي شنتها ضد الفاشية الأسبان و أصدرت المنشورات و البيانات . وللذكري وللتاريخ نقول أن اثنان احدهما يوناني لا اذكر اسمه وكان فنانا و الأخر اسمه مصطفي التحقا بقوات الثورة لينتمي في صفوفها . اهتمت جمعية أنصار السلم بجمع التبرعات من نقود وملابس وأدوية لمساعدة هولاء الثوار و أقامت حفلا معهم بسينما ميامي بالقاهرة حيث امتلأت القاعة إلي أخرها و لتشاهد فيلم عن تلك الثورة و اسمه " حصار برشلونة "
ومن الأعمال القيمة التي قامت بها جمعية أنصار السلام المقابلة التي أجريتها بول جاكو ممثلا في الجمعية بين كل من نهرو الزعيم الهندي المعروف وبين مصطفي النحاس باشا زعيم الوفد وقد تمت تلك المقابلة في مطعم الكير سال بشارع الألفي عام 1937 وانطلقت منذ ذلك اليوم صداقة حرجة بين الزعيمين لصالح السلام العالمي .
وللعلم كان من أكثر الناس نشاطا في جمعية أنصار السلام بالإسكندرية كل من سبلين حاسين والن وتلتون ولطفي عزوز و اقبال حامين و اليس جمبارازي واناستوليار وغيرهم الكثيرون .
وهذه هي بشكل عام جماعات أنصار السلام في مصر بما لها من أهداف ومخا تقوم به من نشاط وأعمال غير انه عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939 وأصبح من غير المفهم الدعوة للسلام والحرب تدور سجناء رأي القائمون علي تلك الجمعية تحويل نشاطها و خبراتها و اتصالاتها و أعضائها إلي ميدان الثقافة و الدراسة فتكونت " جماعة الدراسات "
واتخذت لنفسها مقرا من مقر جمعية السلام والذي كانت قد انتقلت إليه بشارع المغربي (عدلي حاليا ) بجوار مكتب التليفونات والتلغرافات . نشطت جمعية " جمعية الدراسات " نشاطا كبيرا بين المثقفين وبدأت علاقات مكثفة بالمثقفين المصرين من الشباب وألغيت العديد من المحاضر القيمة في دارها التي تتناول العديد من المشاكل وأتذكر بهذه المناسبة إنني ألقيت محاضرة عن تدخل رءوس الأموال الأجنبية إلي مصر في أواخر القرن التاسع عشر استقيت عناصرها و استنتجتها من كتب المورخ الكبير عبد الرحمن الرافعي ومن كتاب " خراب مصر " واستند إلي كتاب ليونتيف في اقتصاد السياسي وجدير بالملاحظة أن هذه المحاضرات استرعت نظر المستمعين إليها من أعضاء جماعة الدراسات " فاق منهم الذين كنت بدأت العمل معهم في مجال الدراسة الماركسية و النشاط في المديدان العام فزادت ثقفتهم في "تأكيد لهم نهائيا إنشاءاتي الفكرية و التنظيمية .
ومع اندلاعات الحرب ووجود جحافل الجيوش الانجليز في مصر لصد الغزو النازي من لبيا رأينا انه يتوجب علينا توضيح أوضاع مصر الحقيقية لهولاء الجنود باعتبارهم من أفراد الشعب فتم تكليف احد أعضاء " جماعات الدراسات " وهو هاري رايتش انجليزي الجنسية و كتب معاينة الرفاق و خاصة بول جاكو كتابا باللغة الانجليزية بعنوان " مصر الآن " وتم توزيع هذا الكتاب توزيعا واسعا وكان له تأثير بالغ الأهمية .
طول هذه الفتره ابتداء من عام 1953 كانت هناك في البداية مجموعة صغيرة لدراسة الماركسية والاطلاع علي الكتب الخاصة بهم وكانت تتكون من كل من بول جاكوه ، ريبون دويك ، فكتور دويل ، وكاتب هذه السطور انضم إليها فيما بعد بداية الحرب العالمية الثانية كسل كونستانمتان فيوجوبولر وهو المحامي المختلط الذي اشرنا إليه من قبل وصادق سعد الذي كان يدرس في الإسكندرية علي التوء كانت دراستنا تنصب كما قلت علي مختلف الكتب الماركسية ( رأس المال ، القضية الوطنية ، أسس الليتنية ، المادية التاريخية ، الدولة والثورة ، أصل العائلة ، وكذلك كتب جارودي إضافة إلي الكتب التي تطالع الأوضاع في بلادنا ( كتب الرافعي أساسا ،ـ الكتب التي تتناول مشكلة الفلاحين مثل كتاب الأب ميروتي و النماس )
لم يكن لنافي ذلك الوقت اتصالا بالحليفة العاملة أو الجماهير الشعبية إلا إنني اذكر إنني كلفت من بول جاكو في احد الأيام بإعداد منشور باللغة العربية عن الاحتلال واستقلال مصر لتحمله للرفاق الوافدين لتوزيعه بمعرفتهم وكانت لهم علاقات في هذا المجال وقمت بنفسي بتسليم هذا المنشور إلي احد الرفاق اليونانيين وكان يعمل في شباك سباق الخيل بوسط المدينة كنا نطلع بانتظام علي كافة الجرائد و المجلات التي كانت تحمله وقتذاك باللغة العربية وكنا نكتب من فتره إلي أخري علي وضع التقارير السياسية استناد إلي تلك القرارات وهو ما اعتدنا عليه منذ الأيام الأولي لوجودنا . كنا شديدي الاهتمام بالوفد باعتباره الحزب الشعبي الوحيد في مصر وحضرنا العديد من الانفاعليات العامة من مؤتمرات وندواتت ومهرجانات شعبية واسترعي نظرنا المؤتمر الذي عقده الوفد لأول مره عام 1935 حيث تناول بالمناقشة كافة قضايا الوطن في السياسة الداخلية والخارجية وحصلنا علي كل هذه الوثائق وتضارسناها واستخرجنا منها ما يفيدنا .
في هذه الفتره أيضا كان صموئيل هور وزير الخارجية البريطانية اصد تصريح 1936 ينفي حق مصر في الاستقلال فأيدت المجموعة قيامي مع صديقي حامد سلطان ومعه خيرت سعيد وهو أيضا أستاذا في القانون الدولي يجمع توقيعات من المحامين احتجاجا علي هذا التصريح .
وفي عام 1936 كلفتني المجموعة بإجراء دراسة تاريخية أولية عن تحاور أحداث الحركة العمالية والنقابية في مصر وتوجهت إلي دار الكتب بباب الخلق واطلعت علي كافة الجرائد التي صدرت في الفتره من 1919 حتي 1936 وخاصا جريده الأهرام وحصلت بذلك عن العديد من المعلومات والبيانات والأسماء عن الحركة الاضطرابية والنقابية في سنوات 1936 - و1937 بدأت المجموعة تتشكل أكثر فأكثر واستقر الرأي عندما قامت الحرب العالمية 1939 علي وجوب العمل المستقل تماما عن المجموعة الشيوعية في مصر مكونه من العاملين في هذا الحفل خاصا من الأجانب فكان فيها من اليونانيون أساسا والقبرصيين والانجليز و السويسريين والايطاليين واليوغسلافيين وأنصاف الأجانب ومعهم بعض المصريين وأيضا نحن الثلاثة ( ريمون دويك ، وصادق سعد ، وكاتب هذه السطور )
تعود هذه المجموعة الشيوعية الكبيرة تاريخيا إلي عناصر الحزب الشيوعي المصري الأول واستمرت تحمل طيلة فتره الثلاثينات والأربعينات صفوف الحجرية كان في هذه المجموعة كل من بول جاكو السويسري الجنسية والمهندس الكهربائي وكان ووالده يعمل مهندسا أيضا بوزارة الإشغال العمومية في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي بالقاهرة كما ضمت هذه المجموعة كل أشقاء بيريرس حيث كان يعمل محاسبا في احدي شركات القطن في القناطر الخيرية وأخر كان له محلا للحلويات بدرب البداية في وسط القاهرة ضمت هذه المجموعة أيضا كل من زيتون كارمينان ، اديل ميزان وجيري كارمنيان الشقيق الأصغر الصادق ولمبيس رابلس وويني كرتيكوس ، والن وتليستون ، وريناتو فرفرا ، ستراتي زربيني ، وانا كاينكو ، وسفراط ، وميللي ، وفينافورتي ، وكستانتان فرجوبولو ، والبس جمبارازي ، ونيفولا باندليدس ، وستافرو باندريس ، ويني حاجياندريا ، وجاكو طوبي ، وميلومن حامين ، ودورا ستوليار ، وتيودوسي بيريدس وزوجته السكندرا ، وبول جاكو .
كان الهدف الرئيس لهذه المجموعة الشيوعية المتعددة الجنسيات في مصر النشاط في مختلف الأوساط لنشر الدعوة الشيوعية وتمكين أعضائها من النشاط المنظم وفقا للتعاليم الماركسية في إطار جنسية وبلد كلا منها . وكانت نظرتها للوضع في مصر واضحا تماما حيث كانت تدعو بالاستمرار في العمل علي إخراج الانجليز فمن البلاد وإلغاء الامتيازات الأجنبية توصلا لمجتمع ديمقراطي .
لقد أكد لي بول جاكو أكثر من مره عن وجود هذا التنظيم المتعدد الجنسيات في مصر وحين استقلت الجمعية المصرية عن هذا التنظيم وصارت تعمل بمفردها وبإمكانيتها وقيادتها الخاصة سلمني بول جاكو 1941 .
وثاني هذه المجموعة الشيوعية الكبيرة ما يخص مصر وكانت عبارة عن 13 وثيقة بعضها باللغة العربية والاخري بالفرنسية منها بالتحديد وثيقة بالغة الفرنسية عن حركة الإضرابات العمالية في مصر من 29 إلي 34 مما يوكد علي وجود هذا التنظيم في تلك الفترة وانه هو التنظيم الذي نشانا في أحضانه بعد ذلك بصورة في غاية السرية والامانه كما أكد لنا لن ذاك انه كان لنا رفاقا يونانيين كانوا يعملون في شبابهم في صفوف الحزب الشيوعي المصري الأول .
في هذه الفتره لم تكن لنا أي علاقة بالعمال وانصب اهتماما كما قلت علي دراسة أحوالهم ومشاكلهم وتحركات نقابتهم كما انصب أيضا علي دراسة أحوال الفلاحين باعتبار مصر بلد زراعي وباعتبار الفلاحين حلفاء للطبقة العاملة وتوطئة لهذا الاتصال ولمزيد من معرفة حقيقة الأوضاع في مصر كوننا آنذاك جمعية نش الثقافة الشعبية التي أسست في فترة الحرب العالمية الثانية مدرسة بالسبتية في القاهرة لمحو الاميه وتعليم اللغة العربية و الحساب و التاريخ وكان يتردد علي هذا المكتب العديد من عمال السكة الحديدية المقيمين في هذا الحي وقام بالتدريس كلا من ريمون دويك ومحمد إسماعيل الذي أصبح بعد ذلك رئيسا لهيئة الإذاعة وعبد الحميد عوض وكاتب هذه السطور كما إنشاء مدرسة أخري علي هذا النمط في بولاق أمام حوض فأيد بشارع جلال الملف رقم 7 بالعمارة البلجيكية في غرفتين مستقلتين بشقة يوسف درويش الذي كان يعمل في هذا المركز ومعه محمد إسماعيل وريمون دويك وفي ميت عقبة الجيزة التي كانت وقتذاك قرية فلاحيه أقمنا مركز لمحو الأمية كان يامه أكثر من أربعين فلاحا وتولي كاتب هذه السطور إدارة هذا المركز واخذ يدرس اللغة العربية والحساب والقي محاضرة عن نمط كتاب الدولة والثورة وفي ذات الوقت أقام تلك الجمعية مركزا في طنطا وفي ابوسيد وخلال الحرب العالمية الثانية بداء خطر هجوم الجيوش النازية علي مصر عام 42 نازحا من ليبا بقيادة روبل وكان من المنتظر أن تنتصر تلك الجيوش علي الانجليز وتدخل الديار المصرية وتصل إلي مصر .
البقاء في مصر
رأينا أن خطرا يهددنا بانتمائنا الشيوعي ( كان الاتحاد السوفيتي قد دخل الحرب عام 1941 فقررنا نحن الثلاثة ريمون دويك ، صادق سعد ، ويوسف درويش أن لا نغادر أبدا هذه البلاد وان نبقي في مصر علي أساس أن يقيم ريمون دويك بالصعيد وصادق سعد بالإسكندرية ويوسف درويش في القاهرة لنبدأ بتنظيم الصفوف من اجل المقاومة الشعبية وبدائنا بالفعل تنفيذ هذا القرار علي أن الأحوال تغيرت بفشل جيوش المحور من غزوا الأراضي المصرية اثر هزيمة العلامين .
أوضح قبلا انه كان هناك مجموعة شيوعية كبيرة كتعدده الجنسيات يديرها أساسا هما تيودوس وبول جاكو . كان لابد أن تكون تلك المجموعة شديدة المركزية نظرنا لقنوع الجنسيات فيها والأوضاع المعادية للديمقراطية والشيوعية في البلاد وهذا يجعلنا نجهل كثيرا من التفاصيل عنها ولما اندلعت الحرب العالمية الثانية وتجددت المعسكرات ودخلت في الحرب البلاد التي ينتمي إليها أفراد هذه المجموعة بدا رفاق كل جنسية من تلك الجنسيات وأساسا اليونانيين وأيضا الايطاليين يكونون لها جماعات مستقلة وان بقت علاقات تنسيق من الجميع هكذا كان الشأن بالنسبة لنا نحن الثلاثة فقد عقد بول جاكو اجتماعا معنا عام 1941 واذكر انه قال لنا لقد حان الوقت لتقدمه بنفسكم دون إشراف من احد بإشراف من احد بالنشاط في واقع بلادكم وإنني سوف أكون تحت تصرفكم في أي مهمة ترونها وتقديم النصيحة لكم إذا طلبتم ذلك بدائنا نعمل مستقلين تماما ولكن في علاقة تنسيق مع المجموعة الشيوعية المتعددة الجنسيات عبر كلا من بول جاكو والذي استمر يهتم بنا اهتماما بالغا وتيوديس بيريدس وغيرهم اذكر انه في هذه الفتره ذهب بول جاكو إلي سربيا والتقي بخالد بكداش سكرتير عام الحزب الشيوعي وكان وقتذاك قائد الحركة الشيوعية في البلاد العربية عرض عليه الأوضاع العامة في البلاد وأوضاع مجموعتا المصرية الصغيرة اللقتنا بول جاكو بعد عودته بحديثة المطول مع خالد بوكداش الذي قال له إذا كان عندكم عشره رفاق علي الماركسية وواضحا أمامهم وأوضاع البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية فعليهم أن يكونوا حزبا شيوعيا
كما قولت قبلا انشاءنا جمعية نشر الثقافة الشعبية ومراكز محو الأمية في كلا من السبتية ويلاق وميت عقبه وطنطا وابوسير الملف واذكر بهذه المناسبة إننا أجرينا نحن الثلاثة مقابلة عام 44 مع الدكتور طه حسين وكان آنذاك سكرتيرا فنيا لوزارة المعارف في حكومة الوفد وقدمنا له مذكرة أوضحا فيه أهمية محو الأمية في مصر وقد اهتم اهتماما كبيرا بهذا الطرح ويبدو أن هذا أن من بين التأثير الذي جعل طه حسين يهتم عن طريق وزارة المعارف بالعمل علي محو الأمية في البلاد .
إنما خلال تلك الفترة 1945 بالتعاون مع أعضاء من منظمة " حركة تحرير الشعب " " لجنة نشر الثقافة الحديثة " إنني اتخذ مقرا لها بشارع قصر الصيني أمام القصر العيني القديم في شقة سعد خيال لقد أصدرت تلك اللجنة بعض إعداد من مجله " الأسبوع " التي استأجر كاتب هذه السطور رخصتها ومن أهداف هذه الجمعية الارتباط وتبادل الأفكار معهم وتنظيم الندوات و إلقاء المحاضرات . كان من أعضائها بالإضافة إلي كاتب هذه السطور كل من صادق سعد ، ريمون دويك الذي انسحب بعد ذلك ليتهم بالطلبة الوافدين كما انسحب أيضا يوسف درويش ليهتم بالحركة العمانية . سعد خليل محمد إسماعيل ، نعمان عاشور ، إبراهيم حلمي عبد الرحمن ، عبد المعين المويجي ، احمد رشدي صالح ، إبراهيم سعد الدين ، اسعد حليم وغيرهم .
عندما اجتمعنا مع بول جاكو عام 1941 لنستقل بعملنا ونشاطنا وقرارنا تأسيسا علي ما جاء في كتاب " العمل " وجوب اهتمام بشكل خاص بالحركة النقابية وكلف كاتب هذه السطور بالتخصيص في هذا الشأن استنادا إلي مقولة لينين في هذا الشأن بأنه استثناء من القاعدة العامة يمكن تعيين احد يأخذ علي عاتقة مسئولية الحركة النقابية كنت بالفعل مهيئا ذهنيا وفكريا ودراسة لهذه المهمة منذ عام 1936 وأخذت استكمل المعلومات واعد البيانات بأسماء النقابات وأسماء قاضتها و أعضاء المجالس إداراتها و تحديد مطالب كل منها مستعينا في ذلك بكل ما يكتب في هذه الأمور في الجرائد اليومية والمجلات العالمية وعنها مجله " شبرا " ومجلة الجيل الجديد " التي كانت تصدر بالإسكندرية .
الالتقاء بالعناصر العمالية
ولما جاءت لحظة الالتقاء بالعناصر العمالية و منها كان كاتب هذه السطور معد إعداد كفاية لالتقاط الفرصة الأولي التي تهيأت لها عام 1941 حين التقي ب " محمود العسكري " الذي كان قرا اسمه مرارا وتكرارا و بالنقابة العامة لعمال نسيج شبرا الخيمة التي كان سكرتيرها العام . أم كسب ثقة العمال بعد ذلك فهو شيء ليس بالهين فهم يعتقدون في أول وهلة أن من يحمل علي الاقتراب منهم لما انه يبقي استغلالهم ( وهم المستغلون من أرباب والإعمال ) أو انه يريد الترويج الأفكار بعيدا عنهم
( وهم الذين عانوا كثيرا من تدخل الفئات البرجوازية في شئونهم ) كان هي الأمان إذن هو كسب صفتهم . فأخذت أساعد النقابة علي أقامة مدرسة في دارها لمحو الأمية بين العمال و لتعليمهم المبادي الأولي في اللغة الفرنسية وكانوا يرغبون في تعلمها الفرنسية . ثم لما توطدت الثقة واستقرت العلاقات اختارتنا النقابة لتولي قضايا أعضائها أمام المحاكم خاصا وانا محاميها السابق كان قد أهمل في عمله ولان معظم قضايا عمال النسيج آنذاك كانت تحرض علي المحاكم المختلطة بجنسية أرباب الأعمال .
توثقت عن طريق علاقة الجمعية الثلاثية الماركسية بتلك النقابة وبزعمائها ويبلغ عدد النقابات التي منت محامي عنها حتي عام 1948 ما يقرب من خمسين نقابة اذكر منهم بالإضافة إلي النقابة العامة للعمال النسيج والتريكو بالقاهرة و ضواحيها نقابة عمال البواخر البحرية ، نقابة عمال شركة التبن للنقل النهري ، نقابة عمال الكواكات ، نقابة عمال المحلات العمومية بالقاهرة ونواحيها ، نقابة عمال الفنادق والأندية بالقاهرة ، نقابة عمال الساحة بشارع رشدي بالقاهرة ، رابطة المستخدمين بالمحلات العمومية ، نقابة عمال الأحذية ، نقابة عمال المطابع ، نقابة الحلاقين ، نقابة عمال قناة السويس بالاسماعلية .
حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري
في هذه الفترة توطدت علاقتي بأعضاء المجموعة الثلاثية بكل من محمود العسكري ، محمد يوسف وانتهزت المجموعة الثلاثية موعد المحامي الانجليزي الكبير نويت بالإسكندرية في طريقة إلي كينا لتولي الدفاع عن جوموكنياتا وكان هذا المحامي عضو حزب العمال الانجليزي ومقربا للشيوعيين فأعدت مذكرة بالتعاون بين كاتب هذه السطور ومحمود العسكري ومحمد يوسف ، مذكرة مستعينة عن حقيقة حزب العمال بقيادة عباس حليم وكان ذلك عام 1942 بالإسكندرية . بدئت علاقتنا تقوي أكثر فأكثر بالإضافة إلي محمود العسكري ومحمد يوسف بكل من طه سعد عثمان ومحمود قطب ( نقابة النسيج ) ومحمد حمزة وياسين مصطفي نقابة الأحزاب ، ومحمد رفعت ( نقابة المحلات العمومية ) وكونا أول مجموعة للقراءة والاطلاع والدراسة الماركسية بالإضافة إلي بحث أوضاع الحركة النقابية و العمالية كما تكونت بعد ذلك عده مجموعات من هذا النوع . عندئذ فقط كشفت لهم عن حقيقة انتمائي و اعتناقي الفكر الشيوعي و تكونت مجموعات من المرشحين دون الكشف لهم عن هذه الصفة أو عن واقع تنظيم تحت التكوين مكثفا بقراءة الكتب الماركسية ومناقشة الأوضاع الاجتماعية والعمالية التي تهمهم والاتفاق معهم عن كيفية العمل و أسلوبه وتحديد مختلف الشعارات المحركة لهذا العمل وللعلم لم يكن هولاء الرفاق ماركسيون في أول الأمر فقد كان كل من محمود العسكري وطه سعد عثمان ومحمود قطب من قادة عمال النسيج وتربطهم بصورة أو بآخري بالإخوان المسلمين . أما محمد يوسف فقد كان يريد الوفد سياسة بشكل عام وكانت له مواقف طبقية واضحة في قضية العمال ونقابتهم ولعل ذلك راجع إلي مكان له من علاقات ببعض قدامي الشيوعيين من الحزب الشيوعي الأول من أمثال حسين السروجي.بعد أحداث 4 فبراير 1944 وقيام وزارة الوفد برئاسة النحاس باشا أجريت انتخابات برلمانية تقدم للترشيح عن دائرة شبرا الخيمة عبد المجيد عبد الجواد رئيس النقابة العامة لعمال النسيج بشبرا الخيمة والذي كان قد ابا الانتساب إلي نقابة رؤساء النسيج وهو منهم وفضل الالتحاق بنقابة العمال كما تقدم بالإسكندرية محمود عامل النقل وهي المرة الأولي في التاريخ الحياة النيابية في مصر يجروا العمال علي ترشيح أنفسهم لم يكن فضال شيوعيا ولا مركسيا بل كانت كل انتماءاته لا تتعدي قضايا العمال يشكلا عام وقضية عمال النسيج يشكلا خاص مع تمسكه بالكفاح من اجل استقلال مصر وإجلاء الانجليز عن ديارنا اهتمت المجموعة الثلاثية اهتماما كبيرا عن تلك الانتخابات مويدا الترشيح هذين العاملين النقابين ومساندتهم وخاصا فضال عبد المجيد عبد الجواد وقد تمت مع محمود السكري وطه سعد عثمان بإعداد البرنامج الانتخابي وتحديد وسائل العمل ومنها اللجان الانتخابية للدعوة لهذا المرشح لقد انحسرت المساعدات التي قد نمتها المجموعة الثلاثية علي المشاركة في إعداد البرنامج الانتخابي وعلي النصائح لدفع العملية الانتخابية إلي الإمام فلقد تحمل عمال شبرا الخيمة مما جمعوا بينهم من قروش كافة الأعباء المالية ولم تدفع خزينة المجموعة الثلاثية مليما واحدا في هذه الفترة كانت الأوضاع المعيشية وظروف العمل ومستويات الأجور متدنية للغاية حتي أن الحكومة الوفدية أطرت أن تصدر العديد من الأوامر العسكرية علاوات معيشية بالإجراء . تدارست المجموعة الثلاثية بالاشتراك مع العمال الملتفين حولها هذا الوضع وحصلت علي أسماء وعناوين كافة النقابات العمالية المنشرة في أرجاء البلاد وكان عددهم 267 نقابة منها الكبير والصغير والمهام والأقل أهمية فاعددنا منشورا ايثاري وتنظيمي دعونا فيه العمال ونقابتهم الدفاع عن أجورهم والمطالبة بزيادتها تحت شعار كونوا لجان الإضراب كونوا صناديق الإضراب وتم توزيع هذا المنشور علي كافة تلك النقابات عن طريق البريد مع التوحد من مصادرة الخطابات من الرقابة اذارسلنا تلك المنشورات في مظاريف تحمل عناوين محالات تجارية ونشاطات مختلفة وهمية علما بعد ذلك بشهر انه قد تم بالفعل استجابة لهذه المنشورات تكوين ما يقرب من 50 لجنه إضراب وصندوق إضراب في مختلف أنحاء البلاد علي الرغم من عدم تواجدنا عضويا في النقابات والتكتلات العمالية المعنية علي إنني اذكر بهذه المناسبة وكنت وقت ذاك المستشار القانوني لنقابة المحلات العمومية واحضر بتلك الصفة اجتماعات مجلس إدارتها أن قرء سكرتير الجلسة من بين البريد الوارد الوارد هذا المنشور ومن سما اطلع عليه جميع الحاضرين وسرعان ما انتشر في أوساط أوسع أن تكوين لجان الإضراب وصناديق الإضراب بهذا القدر وبهذه السرعة أن دل علي شيء فهو يدل علي أهمية تحديد الشعار واولوية إنزاله للناس حتي وان كانت العلاقة العضوية تكاد تكون منعدمة غير أن تحديد الشعار السليم يتطلب الدراسة المتأنية ومعرفة الواقع الملموس وهو الأمر الذي لا يمكن بلوغه سوي الاتصال بالجماهير المعنية لقد كان هذا المنشور محل موافقة تامة من المجموعة الثلاثية كما أقرت أن ينزل باسم طليعة العمال وهو الذي اخترناه مع رفاقنا العمال لقد استمر هذا الاسم ملاصقا بنا حتي يومنا هذا علي الرغم من أخيارنا اسم الطليعة الشعبية للتحرر عام 1946 عند التأسيس ثم اسم الديمقراطية الشعبية عام 1948 وأخيرا اسم حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري في مؤتمر عام 1957 ولابد أن نذكر في هدا الشأن أن الاسم الذي أطلق علينا في أوساط المثقفين هو جماعة الفجر الجديد نسبة إلي المجلة التي أصدرناها عام 1944 كما أطلق محمود العسكري وكان عضو في اللجنة المركزية اسمك نحن في مستقل 1948 بالها يكتسب إمعانا في الحرية والأمان وهذا يتوجب الإشارة إلي الاحتياطات الدقيقة التي كنا نتخذها منذ اللحظة الأولي من نشاءتنا في إطار اجتماع البلاد غير الديمقراطية الشديدة الخطورة للغاية حيث كان يخفي الاسم من لائحة المنظمة عام 1947 حيث انه عندما القي القبض علي عام 1948 وعثرت المباحث في دولاب الملابس علي تلك اللائحة استعصي علي النيابة توجيه اتهاما مجددا وقضي بالإفراج من قاضي المعارضة .
في هذه الفترة أيضا 1944 كانت حكومة الوفد تعرض علي البرلمان بمجلسيه مشروعا لقانون عن العمل الفردي وعندما فأتتنا الفرصة أمام مجلس النواب يعرض المشروعة علي مجلس الشيوخ أعددت بموافقة المجموعة الثلاثية وبمحاولة رفاقنا العمال وبعد مشاورات واسعة مع الجماهير العمالية حولنا التي أخذت في الاتساع مذكرة مستفيدا عن رأي النقابات العمال في مشروع القانون استنادا إلي الواقع الملموس ومقارنتا بالتشريعات العمالية في العديد من بلاد العالم لقد وقع علي تلك المذكرة التي أرسلت رسميا إلي مجلس الشيوخ أكثر من أربعين نقابة واخذ هذا المجلس ببعض ما جاء بها
كنا جمعيا مجموعة الماركسية الثلاثية ورفاقنا الجدد من العمال أساسا ومن المثقفين ومن حولهم من المتعاطفين نهتم بالأحداث التي تمر البلاد بها كانت صورة الوفد بدئت في الاهتزاز نظرا لمساومات مع السرايا وبمناسبة انتخابات 1944 قرر حزب الفلاح وكان حزب ناشئا خوض الحركة الانتخابية فأجرينا أكثر من مقابلة مع رئيسة الأستاذ قطب المحامي في مكتبة وكان مقرا للحزب بميدان العتبة الخضراء حتي نتعرف علي برنامج هذا الحزب وكان هذا المقر هو الذي كان قد أوي محمد يوسف المدرك وزملاءه المضربين عن الطعام وكانوا يطالبون منذ عام 1939 بقانون الاعتراف بالنقابات وفي عام 1944 عندما انتقل الأستاذ قطب بمكتبة وحزبه بعمارة الايونين بجوار المحكمة المختلطة .
( محكمة القضاء العالي حاليا ) بشارع 26 يوليو توجهنا ( ريمون دويك ، محمد إسماعيل ، يوسف درويش ) إليه لاستطلاع الإخبار و معرفة نوايا هذا الحزب بشان خوض المعركة الانتخابية باعضائة وعناصره وعلي الرغم من المظاهرات الفاشلة التي أراد المحامي قطب أن يتظاهر بها حيث جيء ببعض الشباب برادء الكشافة ووقفوا لتقديم التحية و السلام فلقد قررنا أن نشاهد بأنفسنا احدي المعارك الانتخابية التي اختارها قطب ليرشح نفسه فيها ذهبت مع محمد إسماعيل إلي طوخ وقضينا ليلتين بين تلك المدينة و القرى المجاورة لها وشاهدنا كيف أن حزب الفلاح ليس له أي رصيد لا في مدينة طوخ ولا في ريفها وان الوفد لا يزال هو الحزب الذي يحوز علي ثقة الجماهير وخاصة الفلاحين .
مع اقتراب نهاية الحرب وكانت الظروف المعيشية المدينة للغاية والأجور دون المستوي المطلوب اندفعت العديد من الإضرابات العمالية في كافة أنحاء البلاد فاضرب عمال نسيج شبرا الخيمة وعمال الكراكات وعمال شركة البواخر البحرية ( الانجلوامويكان ) وغيرها في المناطق الصناعية الكبرى . كنت احضر هذه الإضرابات باعتباري محاميا عن العمال و النقابات ولم أكن معروفا لأجهزة الأمن بانتمائي الفكري و التنظيمي حتي انه عندما طلبت من وزارة الداخلية وهو إبراهيم حسني ابن الموسيقار داود حسني انه ليس لي ملف بالقلم المخصوص . كان هذا في ذروه عملي الشيوعي و نشاطي الجماهيري.
لا يجب أن ننسي انه بمناسبة مطالب العمال و اضرابتهم احتل قادة عمال شبرا الخيمة بقيادة محمود العسكري بيت آلامه و هو بيت سعد زغلول والذي اتخذ الوفد مقرا له واذكر انه حينما طلب النحاس باشا وقد كان واستجاب إلي مطالبهم .
كان نشاطا واسعا في هذه الفتره فبالإضافة إلي اقتحامنا مجال الجماهير العمالية و الفئات الكادحة ( شبرا الخيمة والسبتية ، ميت عقبه ، بولاق ، حلوان ، المحلة ، كفرا الدوار ) اصدرا مجلة الفجر الجديد في يونيو 1944 وكان مقرها في غرفة صغيرة اعلي منزل بشارع شريف باشا بالقاهرة . كان يتولي رئاسة تحريرها احمد رشدي صالح ومعه كل من صادق سعد ، نعمان عشماوي ، سعد خيال ، عبد الرحمن الشرقاوي ، سعد لبيب مكاوي ، أمين تكلا ، محمد إسماعيل ، عبد المعين المليجي ، علي الراعي ، يوسف الشاروني ، محمود أمين ، تكونت حول تلك المجلة " جمعية قراء الفجر الجديد " وكتبت في المجلة مقالين احدهما بعنوان " الثورة الفرنسية والكادحون " عدد 15 يوليو 1945 باسم حسن زكي و الأخر بعنوان " التشريعات العمالية في مصر " عدد أغسطس 1945 باسم حسن زكي أيضا كما أصدرنا أيضا مجلة " الضمير " في 26/9/1945 حتي 24/6/1946 . كان يتولي مسئوليتها اساسامحمود العسكري بمشاركة كل من طه سعد عثمان ومحمد يوسف المدرك ومحمود قطب وشاركت فيها بكتابه العديد من المقالات باسم " محمود خيري " في ذلك الوقت أيضا اسمنا دار النشر تحت اسم " دار القرن العشرين " تولي مسئوليتها ريمون دويك وكان مقرها خلف البنك المركزي ودار الإذاعة .
وتمئذ وأصدرت تلك الدار العديد من الكتب في شتي الشئون المصرية العامة وكانت توزع داخل البلاد وخارجها خاصة في العراق و لبنان وسوريا والأردن .
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية انطلق تفكير المجموعة الثلاثية و معها المرشحون من العمال و المثقفون وأيضا ممن حولنا من العاطفين للقيام بعملين أساسين و هما 1- المشاركة الجادة في تكوين اتحاد النقابات في مصر و العمل مع الاتحاد العالمي للنقابات تحت التكوين. 2- تكوين هيئة سياسية علنية .
النضال النقابي
كان حولنا في ذلك الوقت أكثر من مائة نقابة عمالية فعملنا بالاتفاق التام مع مرشحينا العمال ومع من حولهم علي تأسيس اللجنة التحضيرية لاتحاد نقابات عمال مصر " التي اتخذت علي عاتقها منذ اللحظة الأولي من تكوينها انتداب احد قادة العمال للتمثيل عمال مصر في المؤتمر العالمي للنقابات الذي انعقد في باريس في سبتمبر 1945 . ضمت اللجنة التحضيرية 101 نقابة واتخذت مقرا لها في مجمع النقابات بحارة الخازن دار بميدان الخازن دار بالقاهرة.
اذكر بهذه المناسبة أن كاتب هذه السطور وجه للنائب العام شكوى علي يد محضر لتدخل رجال البوليس في شئون النقابات و اجتماعاتها ومن ثمة هذا التدخل انتخبت " اللجنة التحضيرية " محمد يوسف مندوبا عن عمال مصر لحضور هذا المؤتمر و المشاركة فيه وجدير بالملاحظة انه وكل من محمود العسكري وطه سعد عثمان قد أصبحوا أعضاء في قائدا نقابيا فقد عايش كافة الإحداث السياسية و النقابية منذ العشرينات وتبوأ العديد من المراكز القيادية في الحركة النقابية كان كثير الاطلاع واسع الأفق عليم الإحداث و التطورات فكان يمثل النموذج الصادق للعامل المثقف ذهب محمد يوسف إلي فرنسا علي الرغم من المعقورات العديدة التي تمثلت في المناورات التي قامت بها مجموعة "حدتو " ومنهم دافيد ناحوم " الذين حملوا السفارة الفرنسية علي أن تضعط علي شركة الطيران الفرنسية بعدم صرف تذكرة له بحجة عدم وجود أمكنه للحجز عن حضور المؤتمر في ميعاده المحدد فذهبنا كل من كاتب هذه السطور وطه سعد عثمان ومحمد مدبولي إلي بيت السفير الفرنسي الساعة السابعة صباحا بعد إرسالنا برقية احتجاج إلي وزير الطيران الفرنسي وكان شيوعيا فاصدر السفير أمرا للطائرة بقبول محمد يوسف وأكدا عليها .
كانت المجموعة الثلاثية ومن حولها من أعضاء ومرشحي وعاطفين مهمته اهتماما بإلغاء بهذه الرحلة تراقب الأوضاع عن كتب وتقديم المساعدات والأفكار غير انه يتوجب هذا الإشارة إلي أن المنظمة الصغيرة تحت التكوين لم تصرف مليما واحدا من خزائنها فلقد تحلت جماهير العمال بقروشهم كافة مصاريف الانتقال و الإقامة . لقد وقع ( 80 ألف عامل ) علي تفويمن المدراك كانت " اللجنة التحضيرية لنقابات عمال مصر" قد أعدت برنامج ا نقابيا وقوميا عن عشر نقاط أبرزها استقلال مصر وساندة القضية الفلسطينية و الحرية النقابية ورفع مستوي المعيشة للعلم كان قد سافر أيضا " دافيد نحوم " كما سافر " احمد المصري " موفدا من عباس حليم بالاتفاق مع المباحث العامة واحمد المصري هذا كان قد يقيم بالإسكندرية هو الذي سلم رفيقنا ستراي زربيني عضو المجموعة الشيوعية الكبيرة المتعددة الجنسيات إلي المباحث العامة وقضي بتقنية من مصر إلا أن محمد يوسف المدرك اختير مندوبا أساسيا عن مصر وانتخب عضوا في المجلس العام لاتحاد النقابات العالمي وعندما عاد من رحلته استقبله الجماهير العمالية استقبالا حارا سواء في الإسكندرية أو القاهرة ونظمت من اجله مهرجانا خطابيا احتشد فيه جموع العمال وكان ذلك في احدي صالات روض الفرج علي ضفاف النيل استمر المدراك مندوبا عن مصر وحضر موتمر اتحاد النقابات العالمي الذي عقد في براغ ( تشيكوسلوفاكيا ) عام 1947 وذلك علي الرغم من معوقات الإدارة وأجهزة الأمن وحين عودته إلي مصر قبض عليه ثم أفرج عنه .
تكوين هيئة سياسية علنية
أما إلا مر الثاني الذي تركز الاهتمام عليه فهو العمل علي تكوين هيئة سياسية علنية فتأسست " لجنه العمال للتحرير القومي " - الهيئة السياسية للطبقة العاملة و أعلن عن هذا التأسيس في أكتوبر 1945 حددت لحظة الإعلان بإلغاء الإحكام العرفية وقامت مجموعة من 60 عاملا من عمال شبرا الخيمة الذين أصبحوا من المرشحين وخاصة من العاطفين بالذهاب إلي مختلف مناطق القطر حاملين معهم بيانا وبرنامج طبع في الأول 30000 نسخة ومن الثاني 1500 نسخة تم توزيعها في ذات اليوم وفي ذات الساعة تقريبا في كافة المدن الكبرى و المناطق الصناعية من أسوان إلي الإسكندرية إلي دمياط وبور سعيد و السويس .كان قد تم إعداد هذا البرنامج بعناية فائقة اشترك في ذلك العديد من الرفاق نذكر منهمالفلسطينية.الح ، صادق سعد ، يوسف درويش ، محمود العسكري ، محمد يرسف المدرك ، طه سعد عثمان كان برنامجا شاملا الجديد من قضايا التي تهم البلاد وتهم الطبقة العاملة المصرية سواء علي مستوي السياسة الداخلية .أو الخارجية فتكلم عن استقلال مصر ومحاربة الاستعمار القديم والجديد ومساندة القضية الفلسطينية.كما تحدث عن الإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس والشركات الاحتكارية والحركة النقابية ورفع مستوي المعيشة " استمر لجنة الحماية للتحرير القومي تعمل بنشاط حتي بلغ عدد طالبي الانتماء إليها 4000 واطنا أكثرهم من العمال ومنهم المثقفين وكانت مجلة الضمير السابق إشارة إليها لسان الحال تلك اللجنة كما أصدرت عده مطبوعات لعل أهمها " الرد علي خطاب العرش أي الر د من جانب الشعب مباشره ( وليس فقط من جانب النواب وفقا للقواعد الدستورية المعمول بها ) علي الخط السياسي للحكومة بالصورة التي تقدمها به في بداية الدورة البرلمانية .
كان لهذا المثيب وضع وتأثير هام وكان مذيلا باسم لجنة العمال للتحرير القومي وقد اعد كاتب هذه السطور مشكورا هذا الخطاب وتم تعديله والموافقة علية من رفاقه.
لجنة العمال و الطلبة
ولما تأسست لجنة العمال و الطلبة في بداية عام 1946 شارك فيه بعض رفاقنا ومرشحنا من العمال جاء تمثيلهم لعمال نسيج شبرا الخيمة . كان محمد مدبولي يحضر اجتماعات اللجنة إذ كان قد قبض ديسمبر 1945 علي كل من محمود العسكري ومحمد يوسف وطه سعد عثمان بتهمة إثارة الطبقات وظلوا في السجن ستة شهور كاملا بعد أن تم تبرئه كلا من محمود العسكري ومحمد يوسف وحكم علي طه سعد بالسجن ثلاثة شهور لما نشره من شعر طبقي في مجلة الضمير هذا وقد سبق هذا الاعتقال بشهر تقريبا أن استدعي محمود النقراشي باشا رئيس الوزراء كل من القادة العاملين الثلاثة بالإضافة إلي محمود حمزة باعتبارهم أعضاء مجلس إدارة لجنة العمال للتحرير القومي وحاول النقراشي دون جدوى إنهاء هولاء العمال عن العمل الذي يسنون في بحد أن حدث بينهم مناقشات في القضايا الرئيسية ولا شك في أن هذا الاستدلاء وتلك المعاملة من النقراشي ممثل الحكومة وممثل البرجوازية المصرية لقادة الطبقة العاملة آنذاك تعد الأولي من نوعها في تاريخ مصر وهي أن دلت علي شيء فهي تدل علي رعب البرجوازية خاصا من بلورة الطبقة العاملة وصعودها .
بقي أن نقول انه في أوائل هذه الفترة سنه 1944 اتصل بينا سلامة موسي وكان يملك مجلو أسبوعية باسم العهد الجديد وعرض علينا أن نعمل مع بعض التروتسكين علي إصدارها مناصرة للاتحاد السوفيتي الذي كانت الفاشية قد شنت حربها عليه عام 1941 كان الروتسكيون منقسمين بمناسبة تلك الحروب إلي قسمين احدهما يستمر في معاداة الاتحاد السوفيتي والثاني يدافع عنه باعتباره أول وطن للاشتراكية وقد تولي كاتب هذه السطور تحرير العقد مع سلامة موسي وكما شاركت المجموعة الماركسية الثلاثية في تحرير تلك الجلسة بالاشتراك مع العناصر الماركسية المتعاونة منهم لطف الله سليمان ورمسيس يونان و آخرين صدر عن تلك المجلة ثلاثة أو أربع إعداد ثم توقفت وكان مقر تلك المجلة غرفة في اعلي عمارة التامين علي ناصية شارع علوي وقصر النيل جوار البنك المركزي .
في أواخر هذه الفترة وابتداء من نهاية الحرب في مارس 1945 كمان الاضطرابات تشمل القطر كله واضرب عمال شبرا الخيمة وتوجهوا بحشود كبيره إلي محطة مصر عبر شارع شبرا يحاول إسماعيل صدقي باشا وكان وقتذاك رئيس الحكومة وذات الوقت رئيس اتحاد الصناعات أن يجري حديثا معه في وسط الطريق لينهيهم عن الإضراب و التظاهر ولكنهم رفضوا التقاء به رفضا بتا :
وفي يوليو عام 1946 انتهز إسماعيل صدقي باشا فرصة الإجازة البرلمانية واستصدر مرسوما بالقانون رقم 46/1946 الذي يجرم الدعوة للشيوعيين والتنظيمات الشيوعية وصدر قرارات وزارية بغلق كافة المجالات والصحف الديمقراطية ومن بينهما مجلتي الفجر الجديد والضمير وأيضا الهيئات والموسوسات النقابية ومن بينهم دار القرن العشرين ولجنة نشر الثقافة الحديثة .
عندئذ كنا أمام واقع جديد فأبواب العلنية قد اظفت تماما و سلبت من المناضلين والعمال هيئاتهم ومؤسساتهم وكان لابد عندئذ من التفكير في نهج جديد وأسلوب جديد خاصا وان العناصر الأساسية لتكوين تنظيم شيوعي جديد قد توفرت من حيث الكوادر العاملة والعلاقات الجماهيرية والنفوذ السياسي و اتضاح الرؤية .
قررنا نحن الثلاثة صادق ، ريمون ، يوسف وجوب أقامة تنظيم شيوعي كامل واتصل كلا منا بمن حوله من الأعضاء و المرشحين لمناقشتهم في الوضع الجديد ودعوتهم لياسسوا معنا هذا التنظيم فالتقيت في هذا الشأن بكل من محمود العسكري وطه سعد في أغسطس 1946 بكفر أبو محمود بالدلتا حيث استضافنا احد الأصدقاء المقربين وتداولنا لمده يومين كاملين حول هذه الأمور وتم الاتفاق علي كل شيء وهذا لا شك انجاز هام من حيث البعد الجماهيري و النضال العمالي و النقابي واتصالنا بعد ذلك بنفس الهدف بكل من محمود حمزة عبد المقصود أبو زيد عبد العليم عمارة ، محمد فوده ، محمد طايل ، فؤاد عبد المنعم شحتو ، ومحمد عبد الغفار ، ومحمد مدلولي وغيرهم ، كما اتصل صادق سعد و ريمون دويك وكلا من أبو سيف يوسف ، حلمي يس ، احمد رشدي صالح ، إقبال حاسين ، دينا محوي ، إسحاق مشعلا ، أديب ديمتري ، المرحوم عبد العزير فهمي ( الصحفي باخبار اليوم ، سيد عبد الله وغيرهم من اجل نفي الأهداف . لقد كان كل ذلك أعضاء في مجلتنا الصغيرة و بالتالي كان يتوجب مشاورتهم في ادق الأمور و أخطرهم وهو ما حصل بالفعل .
كان عدد المنتمين إلي التنظيم أصحاب العضوية الكاملة بخلاف المرشحين و العاطفين 24 عضوا موزعين علي المجموعة من الخلايا وجدت فيها مناقشات مستقيمة حول المقومات الرئيسية وإبداء الرأي فيها و الموافقة عليها بعد التعديل ومن ثمه عقد أول اجتماع وتمري في سبتمبر 1946 بالسكاكين بالقاهرة بمنزل شفيق صادق سعد و استمر الاجتماع طيلة انيو وتمحضي عنه اعتماد الرسالة السياسية التي كان صادق سعد قد اعد مشروع لها و الرسالة النيابية من إعداد يوسف درويش ومحمود العسكري ومحمد يوسف و الرسالة التنظيمية من إعداد يوسف درويش ورسالة العمل الجمهوري و العلاقة بالوفد من أعدا ريمون دويك واحمد رشدي صالح لقد حضر هذا الاجتماع الموتمري كل من صادق سعد ريمون دويك احمد صالح ، محمود العسكري محمد يوسف وكاتب السطور وتم فيه انتخاب أول لجنه ومركزية من كل صادق سعد مسئول سياسي ومحمود العسكري مسئول الجماهير ونقابي يوسف درويش مسئول تنظيمي وجرت أيضا في هذا الاجتماع اعتماد أول لائحة لهذا التنظيم اعد مشروعها يوسف درويش واتخذ تنظيم لبنفسة اسم " الطليعة الشعبية للتحرر ".
وفور قيام التنظيم ضم إليه 50 رفيقا كانوا يعدهما من المرشحين فأصبح علي الفور عدد اعضائة 75 عضو وجري دراسة المقومات الرئيسية من قبل هولاء المرشحين السابقين في خلاياها . كان هذا الاجتماع الموتمري قد ناقش أيضا باستفاضة وضع الرفاق من إنصاف الأجانب الذين ناضلوا جنب إلي جنب معنا طيلة الفترة السابقة ويقدموا خدمات جليلة لا يمكن إنكارها بحال ويعود تاريخ نضال الحديد منهم إلي 1935 نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر كلا من زيتون كرمنيال ، جري كرامنيال ، اديل ميزان ، هنريت ميزان ، ريتاتو فرفارا ، أليس جمبازي ، مارجو شبريت ، وغيرهم كانوا عددهم حوالي 20 رفيق قرر الاجتماع الموتمري عدم التخلي عن الرفاق لان من حقهم أن يناضلوا كالشيوعيين طالما هم موجودين في ربوع البلاد وقد تم تنظيمها علي انفراد تحت مسئوليتها المسئول التنظيمي مباشره وأطلقنا علي هذا الوضع وان تكون مهمتهم الأولي تعلم اللغة العربية و إيجاد علاقات بالمواقع المصرية فإذا ما تم لهم ذلك ينتقلون إلي صفوف التنظيم بحق العضوية الكاملة ، ذلك أن أعضاء " السير " لم يكن لهم حق التصويت يأخذ رأيهم في الأمور الهامة دون الدخول في التفاصيل . أما مهمتهم النضالية لقد انحصرت في تقديم العون و المساعدة سواء علي صعيد العمل الفني من طباعة وتوزيع أو علي صعيد المشاركة الفكرية بإعداد التقارير وجمع البيانات. وقد وافق هولاء الرفاق تماما علي هذا التفكير وعلي أسلوب العمل معهم وبذلك أن من بين انجازاتهم ازدجار نشرة دورية باللغة الفرنسية في الشئون العالمية وخاصا في مجال النضال الشيوعي وتنص القرار الذي صدر في هذا الشأن علي انه إذا تعذر علي احد منهم طبل فترة الممر تعليم اللغة العربية وارتباط الوثيق بالواقع المصري فعلية أن يغادر البلاد متوجها إلي وطنه للعمل في صفوف الشيوعيين في كان موقف هولاء الرفاق الأعزاء صلب ومشرف للغاية سواء علي صعيد القضايا المصرية أو قضية فلسطين فكانوا شديدي التمسك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه وأرضه وحق تقرير مصير رافضين وقتذاك مجرد وجود إسرائيل في الشرق الأوسط . وبهذه المناسبة استمر موقف تنظيمنا متماسكا تماما حتي ابريل 1948 حيث اضطررنا بطريقة ذليلة وعلي أساس قيادة الاتحاد السوفيتي الفكرية أن تتخلي عن فكرنا السابق الذي كان يرفن تماما مشاريع التقسيم ومشاريع قيام دولة إسرائيلية ، غير أن الموقف الذي استجد بعد التاريخ لم يكن يوما ما ثبتنا بحيث ظهرت العديد من الإرهاصات الفكرية و العلمية ضد أقامة دولة إسرائيل ,. كان المتهمون في قضية 1950 كل من يوسف درويش وفواد عبد المنعم واحمد رشدي صالح وقدمت تلك القضية لمحكمة جنايات القاهرة في 28 يناير 1952 أي بعد يومين من حريق القاهرة فكان لابد للمحكمة أن تتأثر بهذه الإحداث و تستغلها النيابة في مرافعتها ضدنا خاصة وان " إبراهيم أمام " رئيس القلم السياسي آنذاك حضر إلي سراي المحكمة صبيحة المحاكمة ودخل علي الدائرة قبل نظرها الدعوي فاصدر المحكمة حكما ثلاثة سنوات علي كل من المتهمين حضرت المحكمة إجباريا لأنني كنت محبوسا احتياطيا علي ذمة تلك القضية فلم يحضرها فواد عهد الذي امتثل لقرار اللجنة المركزية بعدم المثول أمام المحكمة و الاختفاء من ملاحقات البوليس أما احمد رشدي صالح فلم يذعن لهذا القرار و حضر المحاكمة ظنا منه أنها سوف تفرج عنه . كانت هذه أول بادرة بعدم التزام هذا الرفيق بقرار القيادة الحزبية التي كان هو جزء منها حكم أيضا علي عبد الرحمن عزت الذي كان قد تم القبض عليه بعد بضعة شهور من القبض علي وصدر الحكم عليه حكما بنفس العقوبة وللعلم قضت محكمة النقض بإلغاء حكم الادانه والإحالة إلي دائرة أخري من محكمة الجنايات و قضت تلك المحكمة بالبراءة بعد أن كنا قضينا في السجن العقوبة بأكملها
طليعة العمال
أما عن إحداث السجن فقد اضرب المسجونين الشيوعيين عن الطعام عام 1951 لعدم قيام إدارة السجن تطبيق اللائحة (1) الخاصة بالسجون علي العمال و اقتصار تطبيقها علي الفئات البورجوازية ومنهم المثقفين الشيوعيين و هي تلك اللائحة التي كانت الحكومة قد اصدراتها موخرا و التي تحدد نظام الإعاشة في السجن من دخول الطعام الخاص و تخصيص المبيت في زنزانة مستقلة و الفراش السلم . لقي أبي المثقفون الشيوعيين أن تكون معاملة رفاقهم العمال ادني من المعاملة التي يتمتعون بها و اضرب الجميع علي الطعام فاستجابت مصلحة السجون إلي هذا الطلب وطبقته اللائحة منذ ذلك الوقت علي كافة المسجونين.
عندما توفي ستالين عام 1953 وكنا جميعا هيئات ومنظمات تقدر ستالين نظمنا احتفالا كبيرا في السجن اشترك فيه الجميع وكان عدد الشيوعيين عموما غير أن هذه المحاولة فشلت تماما .
و في السجن عملنا أعضاء " طلحة الأعضاء " علي إيجاد تنظيم خاص بالديمقراطية يدافع عن الحياة العامة وكان أول تنظيم في السجون من هذا القبيل " فالحياة العامة " في السجون و المعتقلات التي يعمل بها حتي الآن ترجع إلي هذا التاريخ . وان الحياة العامة مبني علي تطبيق المساواة في الدفاع عن الحقوق و المعاملة علي كافة المسجونين الشيوعيين أيا كانت انتماءاتهم التنظيمية ولم يخرج علي هذا الاجتماع سوي " المنظمة الشيوعية المصرية " وقد أرادنا نحن " طليعة العمال " أن يجري انتخابات قيادة هذا التنظيم بحرية ثابتة دون التقيد في إحلال محل هذا التنظيم الديمقراطي لجنة تنسيق بين المنظمات المتواجدة في السجن اذكر انه من بين ذلك المسجونين من طليعة العمال كل من الكتب هذه السطور و احمد صالح و حلمي ياسين و فؤاد عبد المنعم وعبد الرحمن عزت وسيد عبد الله ومن المنظمات الاخري عبد المنعم شتله عدلي جرجس فانوس من " النجم الأحمر " و فؤاد حبش ، اسعد حليم ،موريس يوسف ، شهدي عطية ، نحو حزب شيوعي مصري ومصطفي طيبيه و غيره من " الحزب الشيوعي المصري وغيرها من المنظمات الشيوعية ( مشمش ) واستناد إلي هذه الإحداث و غيرها وضعت طليعيو العمال القائمين علي الثورة 23 يوليو بالفاشيين علي انه عودة عبد الرحمن الشرقاوي وكان عضوا في التنظيم من رحلة قام بها في فينا للمشاركة في مؤتمر السلام ابلغنا برأي الرفاق السوفيتي الذين كانوا يور أن هولاء القادة غير عاملين كما اكد قولهم أن هذه المجموعة وطنية موضوعيا .
جمال عبد الناصر
أن أول مظاهر المواقف الوطنية لتلك المجموعة بشكل عام بزعامة جمال عبد الناصر دخول مصر حلف السنتو حتي انع حين أرسلت بهذه المناسبة برقية تأييد لعبد الناصر عن هذا الموقف اللجنة المركزية علي هذا . كان ذلك في أوائل 1953 بعد خروجي من السجن في ابريل من نفس ألسنه غير انه عندما رفضت الحكومة تحقيق المطالب الديمقراطية واعادة تكوين الأحزاب و قامت بعمليات الإرهاب المنظم خاصة من عمال النقل وقد استدرجهم الحكومة في شراكها استنكر تنظيما هذه الإعمال استنكارا شديدا كذلك الشأن بالنسبة للمحاكمات غير العادلة التي تصيب للإخوان المسلمين - علي الرغم من انعداء المتبادل - اصدر المنظمة منشورا خاصا تندد فيه بهذه المحاكمة و بالأسلوب غير العادل و غير الديمقراطي الذي اتبع فيها .انعقد مؤتمر باندونع في هذه الفترة و حضره جمال عبد الناصر شخصيا مشاركة جادة في هذا المؤتمر و التزامه بمواثيق اعتبر التنظيم أن هذا يعد خطوة إلي الإمام لا يجوز إنكارها ومن ثمه اتخذ التنظيم موقفا مختلفا من الثورة متخلية أن مقولته بأنها مجموعة فاشيا للتأكيد علي انه حكم وطني كان أول تنظيم شيوعي في تلك الفترة من مراحل الثورة يوقد علي هذه الحقيقة وتلاه بعد ذلك الحزب الشيوعي المصري " الراية " و الحركة الديمقراطية للتحرير الوطني " حدتو " و المنظمات الصغيرة الاخري .
وحين بدأت الأمور تتأزم بين نظام عبد الناصر والامبريالية العالمية وأساسا الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت توزع وتساهم في تقديم الفرص لبناء السد العالي وبعد أن دخلت في سلسلة عمليات المساندة و الدعم لكافة حركات التحرر الوطني و خاصة الجزائر مما سبب انزعاج وغضب الحكومة الفرنسية .... أفرجت عن جميع المعتقلين في أوائل 1956 و عملت علي حشد الجماهير حولها. انعقد في هذا موتمر في نقابة المحامين وبمبادرة من نقيبها آنذاك الأستاذ الحناوي ضم ممثلين عن مختلف النقابات المهنية و النقابات العمالية . تحدث فيها الحاضرون عن وجوب أقامة نوع من الجبهة تضم كافة النقابات علي أنواعها لمواجهة الاصوالين ومساندة الحكم الوطني و الغ ممثلي العمال وكان منهم محمود العسكري وياسين مصطفي وطه سعد عثمان ومحمد يوسف وعبد المقصود أبو زياد و غيرهم بان يكون مجلس الإدارة لهذه الجبهة بأغلبية من ممثليهم . كان اجتماعا حاشدا غير انه لم تثمر عنه أي نتيجة عملية .
تأميم قناة السويس
جاء بعد ذلك تأميم قناة السويس وهو الأمر الذي حاز حماس كافة الجماهير الشعبية و أيدته كل المنظمات الشيوعية وعندما هاجمت فرنسا و انجلترا و معها إسرائيل الديار المصرية تم تنظيم المقاومات الشعبية وشارك أعضائها فيها واصدر جمال عبد الناصر القرار بضرورة اشتراك الشيوعيين في النضال حتي أن كاتب هذه السطور وكان في اجتماع للمحامين بنقابتهم لهذا الغرض استدعي من الاجتماع للتوجه إلي مقر الهيئة بعابدين حيث تم مقابلة مع عبد الله طعمية و إبراهيم الطحان اللذين كانا يشرفان علي شئون الاتحاد القومي آنذاك وطالبا كاتب هذه السطور بالمساهمة في أعمال المقاومة فكرا وكتابة و عملا و بالفعل كان يتوجه إلي مقر المقاومة هناك لولا ماطرا ممن الظروف وكان في كل تحركاته وإعماله ونشاطه في هذا المجال دائم الاتصال بمسئول آنذاك أبو سيف يوسف .
وعندما انتهي أعدوان علي مصر بالقتل نتيجة مقاومة العدوان تدخل كلا من أمريكا و خاصة الاتحاد السوفيتي و لما استقر الأمور للحكم الوطني لم ينشي لحظة انه حكم برجوازي معاد الطبقة العاملة و لاشتراك فبدا هجومه علي الشيوعيين غير الانتهاء من العدول و تمثل ظلم أساسا في غلق مكتب كاتب هذه السطور للمحاماة .
في 26 نوفمبر 1956 تحت ستار مقتضيات الحراسة هنا لابد أن اذكر إنني لقيت العون من رفاقي لمساعدتي في تلك المحنة واخص بالذكر صديق العمر حسن صدقي حين جاء هو وزوجته مصادفة إلي منزلي يوم غلق المكتب فكان أول من عرف بهذا الخبر و عرض ايوة ائي و عائلتي في شقة بمنزل عائلة بالدقي إذا ما اقتضي الأمر إلا أن المكتب فتح بعد أسبوع من غلقه في 2 ديسمبر 1956 رغم رغبة السلطة في أن يصبح مغلقا إلي ابد الآبدين الحقيقة أن المكتب لم يتقرر فتحة إلا بفضل الرفاق ومعهم الجماهير الشعبية حيث قدمت إلي رئاسة الجمهورية عريضة وقع عليها ما يقرب من عشرة ألاف عامل وأخري موقع عليها من 270 محاميا يطالبون بفتح المكتب و يوكدون علي وطنيتي وولائي لبلدي واذكر بهذه المناسبة أن ثاني يوم غلق المكتب جاء إلي منزلي الأستاذ شحاتة هارون المحامي الذي كان قد غلق مكتبة أيضا و دعاني إلي تقديم شكوى إلي الهيئات العالمية و لكنني رفض ذلك رفضا تاما مفضلا أن تأخذ الأمور مجراها الطبيعي بالاستناد إلي رفاقي و الجماهير .و في هذه الفترة أيضا هجمت القوي الامباشا.ة علي المجر بالعدوان علي مصر فبض علية امبريالية مزدوجة وقد نشرت هذا الكتاب " الموسوسة القومية للنشر و التوزيع " و هي المؤسسة التي أنشاها التنظيم ووضع مسئوليتها في رقبة ريمون دويك اتخذ هذه الموسوسة مقرا لها بشارع زكي بالتوفيقية بالقاهرة . ثم انتقلت بعد التوسعة إلي شارع شريف باشا . كان يتعاون مع ريمون دويك في هذه الموسوسة كل من حسن صدقي وحسين توفيق وصلاح خطاب ومحمد حسين شريف وميلاد حنا و غيرهم . لقد استمرت المؤسسة تسجل نجاحا بعد أخر إلي أن تم حاليا بالأمر العسكري الذي صدر باعتقال الشيوعيين في ديسمبر 1959 .
في صيف 1957 جرت في مصر انتخابات برلمانية عامة تتم لأول مرة بعد استجلاء الأقباط علي السلطة في يوليو 1952 و فتح مجال الترشيح لكل العناصر أيا كانت انتمالبرنامج.ثناء من كان يصدر أعراض عليه من الاتحاد القومي كانت طليعة العمال قوية وقتذاك فكان لها مقومات مستقرة في كافة مجالات الحياة السياسية والاجتماعية وتتمتع بتأثير علي الجماهير خاصة العمالية منها علي وجه الخصوص في شبرا الخيمة و حلوان وكفر الدوار و كانت تضم عددا كبيرا من العمال و المثقفين ومن حولهم المرشحين و العاطفين . قررت المنظمة الدخول في المعركة الانتخابية بمرشحي من أعضائها واعدت اللجنة برنامجا انتخابيا عاما و قررت المساندة أي مرشح من غير أعضائها يوافق علي هذا البرنامج .
ولما اعترض الاتحاد القومي علي كل مرشحينا ومنهم طه سعد عثمان ( شبرا الخيمة ) وحسين توفيق طلعت ( الساحل ) وحلمي ياسين ( روض الفرج ) قررت " طليعة العمال " علي الرغم من ذلك الاستمرار في خول المعركة الانتخابية البرلمانية بمباشرة " اقل العناصر سوءا " ومن بين الذين لم يعترف الاتحاد القومي عليهم و أبقت علي اللجان الانتخابية التي كانت كونتها وحولتها إلي لجان الوعي الانتخابي لتستمر في شرح برنامجنا الانتخابي ومطالبة المرشحين بتبنية وما يذكران أن نشاط طليعة العمال كان كبيرا جدا في هذا الشأن لا سيما في دائرة الساحل حيث استمر حلمي ياسين يعمل بنشاط مكثف في هذا السبيل كذلك في الساحل بقيادة حسين طلعت .
علي انه يتوجب هنا الإشارة إلي المعركة التي خاضها " طليعة العمال " في دائرة الوالي مسانده لعبد العظيم أنيس الذي لم يكن عضوا في أحزب الشيوعي الموحد الذي رفض ترشيحه وتأييده مفضلا عليه عبد العزيز مصطفي من عمال الالتزام حين اقبل عبد العظيم علينا مريدا برنامجا الانتخابي قررنا تركيز نشاطنا الأساسي في دائرة الوالي تلك المعركة وعاونه العديد من الرفاق أعضاء التنظيم من أعضاء الدائرة وقمنا بكافة الإعمال التنظيمية و الدعائية بالاتفاق التام مع عبد العظيم أنيس وشقيقة المرحوم محمد أنيس كانت معركة دامية حقا جرت فيها الإعادة بين عبد العظيم وعبد العزيز مصطفي و انحازت الحكومة بكل جهزتها إلي هذا الأخير معبرة بسفور عن معادنها لعبد العظيم أنيس وكان عبد الرحمن عشوب رئيس قسم مكافحة الشيوعية في وزارة الداخلية يحضر كل يوم مع عنصر أخر من هذا القسم لتجول في الدائرة وإصدار التعليمات لعملائه للوقف ضد عبد العظيم أنيس ولتخريب معركة الدعائية لقد تم في هذا اليوم القبض علي ما يقرب من مائة من الشيوعيين من بينهم كاتب هذه السطور ونبيل الهلالي و المرحوم مجدي أبو العلا الذي كان وقتذاك وكيلا للنيابة وتم احتجازهم في قسم الوالي و تولت النيابة التحقيق موجهة الاتهام الأساسي لكاتب هذه السطور باعتباره المتهم الأول و الذي كان رده في التحقيق اتهام وزير الداخلية شخصيا بتدبير تلك الموامرة .
كان لابد لعبد العظيم أن يفوز في المعركة الانتخابية وان يتغلب علي خصمه في الإعادة إلا انه كان بحق يخشي التزوير خاصا بتغير صناديق الاقتراع . ألححنا علي عبد العظيم أنيس علي الصناديق و علي أن يقوم بمساعدة العناصر العديدة التي كانت حولنا غير انه رفض ذلك رفضا باتا لقد تغيرت الصناديق بالفعل وشاهدنا ذلك بأنفسنا من شبابيك المنازل التي تطل علي مقر اللجنة الانتخابية بقسم الشرطة .
فقد كان الرفاق في المعركة الانتخابية بالتنظيم و الإثارة و الدعاية و اختص البعض منهم بتجنيد العناصر الصالحة لتنضم إلي صفوف منظمتنا كانت الحصيلة عظيمة للغاية وهو ما جعل العضوية تصل إلي 2000 عشية الوحدة عام 1958 إضافة إلي تدريب عناصره علي رفع مستوي الأداء و تحسين أسلوب علاقاتهم بالجماهير العريضة .
الوحدة بين المنظمات الشيوعية
في يوليو 1958 بعد إتمام عملية الوحدة بين المنظمات الشيوعية لها اندلعت الثورة في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم وشارك الحزب الشيوعي العراقي في الثورة و عمل علي توطيد أركانها وقد أيد كافة الشيوعيين هذه الثورة كان جمال عبد الناصر في الاتحاد السوفيتي ثم في يوغسلافيا وعاد إلي مصر بعد أيام من قيامها قررنا إظهار تأييد لسياسة عبد أناصر السعدية اللبرالية والتي تنتهج نهج الصداقة مع المعسكر الاشتراكي و خلية الاتحاد السوفيتي كنت وقتذاك مسئولا سياسيا في لجنة منطقة شبرا الخيمة الحزبية و التي قامت عملا بهذا التوجيه العالمي بتنظيم حشد عالمي كبير ينتقل من شبرا الخيمة إلي محطة مصر للوقوف في ميدانها للتعبير عن شعورها عند مرور جمال عبد الناصر من مطار إلي منزلة اتفقنا علي تركيز الهتافات بتحية الصداقة المصرية السوفيتية كان كل شيء معد تماما وانتظرت في منزلي بشارع يوسف الجندي ساعة الصفو لالتحق بالجماهير الحاشدة وبرفقتنا غير إنني فوجئت بحضور عبد الرحمن عشوب في قسم مكافحة الشيوعية ومعه موظف امن أخر و أخذني إنا وخادمة المنزل إلي مبني وزارة الداخلية بلاظوغلي و فوجئت بتوجيه التهم إلي من رئيس قسم مكافحة الإجرام بتدبير موامرة لاغتيال عبد الناصر غير أن حسن ألمصلحي وكان وقتذاك رئيس قسم مكافحة الشيوعية تصدي لهذا الاتهام قائلا .
1- أن الشيوعيين علي علاقة طيبة للغاية بالنظام و بعبد الناصر .
2- أن الشيوعيين لا يومنوا بالإرهاب الفردي .
3- أن يوسف درويش ليس هو الشخص الذي يقوم بمثل هذا العمل.
وعلي الرغم من اقتناع رئيس قسم الإجرام بهذا الطرح استبقيت في وزارة الداخلية حتي تأكد رجالها أن عبد الناصر قد وصل إلي منزلة و أوي إلي فراشة ومن ثم تم الإفراج عني اتضح فيما بعد أن الذي قدم البلاغ ضدي كان بإيجاز من مصطفي أمين صاحب أخبار اليوم حيث كان يعمل بها في قسم الحسابات موظف صغير باسم زكي كانت تربط ابنتي نوله بأولاده علاقة زمالة في مدرسو الوصية بباب اللوق ومن ثم بدأت العلاقات بين العائلتين لقد عمد ها الموظف علي مراقبتي بعد أن اشتري إلي جانبه خادمة المنزل لم مصطفي و التي هرعت إليه غاشية القبض علي لسماعها مكالمة تلفونية بين وبين عبد الرحمن عزت وكان يعمل آنذاك محاميا بمكتبي قلمت له فيها أن كل شيء معد مشيرا إلي الاحتفال بعيد ميلاده في منزلة وترجم مصطفي أمين بطريقته الخاصة هذه العبارة بان كل شيء معد لاغتيال عبد الناصر وحمل هذا الموظف علي تقديم البلاغ المذكور تنين كل ذلك من حديث طار بعد اعتقالي في أخر ديسمبر 1958 بين احدي بنات هذا الموظف و السيدة التي كانت تعمل سكرتيرة في مكتبي وبعد أن اشتغلت خياطة و أصبحت تتردد علي منزل هذا الموظف . كان الهدف الذي يرمي إليه مصطفي أمين وهو المعادي الشرس للشيوعية الذي اخذ يجمع في أرشيف أخبار اليوم ملفات كأمله بأسماء الشيوعيين و عناوينهم ومهنتهم و نشاطهم كان هدف لاتهامه كاتب هذه السطور الوصول إلي وضع نهاية العلاقات الحسنة التي كانت سائدة وقتذاك بين عبد الناصر والشيوعيين .
خلال عام 1957 و في بدايته كان هناك حدث هام بالنسبة لمنظمتنا حيث عقدت طليعة العمال مؤتمر حضره 31 عضو اذكر منهم بالإضافة إلي كاتب هذه السطور كلا من أبو سيف يوسف ، صادق سهد ، ريمون دويك ، حلمي يس ، حسن صدقي ثريا المنيوي ( ادهم ) رفيقة النحاس ، جمال البراد ، رجائي طنطاوي ، احمد سالم ، محمد بدير ، محمد عبد الغفار ، فواد عبد المنعم ، رشدي خليل، حسين توفيق ، عبد الباسط خلاف ، عوني البازة ، لويس إسحاق ....
عقد المؤتمر وجلسته لمده ثلاثة أيام كاملة بشقة استأجرها نبيل قرنفلي باسمة بعمارة الايموليليا لشرع شريف باشا بالقاهرة ، سبق عقد المؤتمر إجراء مناقشات واسعة لمشروعات التقارير المقدمة في مختلف القضايا .
واجري بعدها انتخاب المندوبين في الكونفرنسات التداولية التي قامت بدورها بمناقشة الأوراق وبانتخاب المندوبين إلي الموتمر الذي اقر الوثائق النهائية ومنها الخط السياسي و الخط التنظيمي و أسلوب العمل الجماهيري و قضية توحيد الشيوعيين .
و غير اسم المنظمة من طليعة العمال إلي اسم حزب العمال و الفلاحين الشيوعيين المصري وانتخب أبو سيف يوسف سكرتيرا عاما كما انتخب لجنة مركزية من ضمنهم بالإضافة إلي السكرتير العام كل من هذه السطور و صادق سعد و ريمون دويك و حلمي ياسين وحسن صدقي و ثريا ألمثيري ( ادهم ) و عرض ألباز واحمد سالم ومحمد عبد الغفار و حسين توفيق طلعت ...
وبهذه المناسبة لابد أن اذكر انه تم في تاريخ طليعة العمال خلاف هذا الموتمر انعقاد الاجتماع ألمؤتمري التاسيسي عام 1946 وانعقد كونفرس مندوبي خلايا القاهرة في نهاية عام 1947 و الذي حضره حلمي ياسين وحلمي يوسف وتولي طه سعد مسئولية انعقاده وقد ركز هذا الكونفرنس الاهتمام حول كيفية تطبيق المقومات السياسية و التنظيمية و الجماهيرية علي الأوضاع في القاهرة و العمل علي إجراء مسح شامل لها علي المستوي الاجتماعي أساسا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق