الأحد 05 يوليو 2015 02:27 صباحاً
الرئيس قحطان الشعبي ينحني تحية للورد شاكلتون في مفاوضات الاستقلال أواخر نوفمبر 1967م
عندما بدأ شعب الجنوب العربي يشكل ملامح هويته الواحدة المستقلة وهو يرزح تحت الاحتلال البريطاني حصرها مبدئيا في الآتي:
1- شكل نخبة من الطبقة المتعلمة و المثقفة من أبناء الجنوب العربي عام 1951م أول حزب سياسي اطلق عليه مسمى "رابطة الجنوب العربي" ومن أهم أهدافه دمج كل السلطنات والامارات في كيان واحد اسمه " الجنوب العربي".
2- اسس حكام الجنوب العربي العام 1959م كيانا سياسيا جديدا تحت مسمى "اتحاد الجنوب العربي" ومثل خطوة متقدمة لبناء دولة عصرية وحديثة, وكانت تجربة سياسية فريدة وناجحة قام بتدشينها سلاطين وأمراء الجنوب العربي وانضمت اليه معظم الامارات بما في ذلك ولاية عدن.
وفي ظل الاحتلال البريطاني شهدت عدن تطوراً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً وتحول الجنوب الى منطقة جذب لكل الجنسيات، واكثرها العناصر اليمنية، فمنهم من وفد للبحث عن مصادر للرزق، ومنهم من وصل هرباً من ملاحقات سياسية خلال العهدين: الملكي والجمهوري، ومنهم المهشمون والمتسولون وبعد تكاثر هذه المجموعات تحولت الى قنابل موقوته ومدمره لهوية شعب الجنوب العربي، ولم تنصهر في المجتمع الجنوبي كالهنود والصومال وغيرهم.. بل سيطرت هذه المجموعات على النقابات والأحزاب السياسية في القيادة والقاعدة، واستخدمت سلاحاً رائجاً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وهو النزعة القومية العربية، والوحدة العربية، وسعت بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م التي قامت في اليمن الى تركيز حملتها على:
- شن الحملات الاعلامية الرخيصة على رابطة الجنوب العربي
- تشويه صورة سلاطين وامراء الجنوب ووصمهم بشتى انواع السباب والشتائم الحقيرة للانتقاص من مكانتهم كرموز تاريخية للجنوب العربي.
واستغلت تلك العناصر اليمنية المد القومي العربي وشعاراته الرنانة من خلال خطابات جمال عبد النصر ، وسحبت زمام المبادرة من الجنوبيين لصالح العنصر اليمني، ومصادرة التاريخ وهوية الجنوب العربي ويمننته، وساعدها في ذلك الخطاب، اذاعة صوت العرب ومديرها احمد سعيد و ثورة يوليو في مصر عام 1952م والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وصعود الناصرية وثورة العراق والجزائر، واستغلال الخطاب القومي العربي بكل مفرداته للانقضاض على هوية وتاريخ شعب الجنوب العربي، واتهام حكامه ورموزه الوطنية بالخيانة والعمالة من خلال وسائل الإعلام الناصرية – اليمنية.
ومن ناحية أخرى فقد تسربت العناصر اليمنية في عدن من خلال انتشارها وتكاثرها في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى العديد من الأحزاب القومية مثل : حركة القوميين العرب، حزب البعث العربي الاشتراكي، الحركة الناصرية وغيرها !!
وبدأت بفرض هويتها اليمنية على الجنوب العربي، وساعدها في ذلك غياب الوعي والرؤية السياسية لدى الشباب المغامرين من ابناء الجنوب الذين تصدروا العمل السياسي و انقادوا لعواطفهم مما أدى الى تخليهم عن هويتهم الجنوبية وارتضوا بمسميات الحاق وطنهم باليمننة فظهرت وراجت في تلك الأيام الشعارات في ادبيات الجبهة القومية مثل كلمة " الجنوب اليمني المحتل" وفي الوقت نفسه كان للوجود المصري في اليمن ابان الحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين دوراً بارزاً عندما أراد عبد الناصر توجيه ضربة انتقامية لبريطانيا وطلب منها ان تحمل عصاها وترحل عن الجنوب المحتل !!!
في حين بدأت الأجهزة المصرية بالتخطيط لضرب الوجود البريطاني في الجنوب بهدف الاستقلال الوطني في حين ان بريطانيا قد اعلنت انها ستمنح الجنوب العربي استقلاله الكامل مطلع يناير عام 1968م!!
وانساق المئات من القبائل والمكونات الجنوبية تحت تأثير الدعاية الناصرية التي ألهبت حماسهم والتحقوا بجبهات القتال في اليمن للدفاع عن ثورتها، واستغلت الأجهزة المصرية تلك المجاميع واوعزت اليها البدء في احداث القلاقل في الجنوب والتقت مصالح المصريين مع اليمنيين للانقضاض على الهوية الجنوبية، وتمثل ذلك في الميثاق الوطني للجبهة القومية ( لتحرير الجنوب اليمني المحتل ) في 22 يونيو 1962م!!
وتم خلالها سيطرة العنصر اليمني على الجبهة القومية سواء في تعز اوعدن ، وادعت الجبهة القومية قيادة العمل المسلح وتسلقت على أكتاف قبائل ردفان في حادثة الاشتباك المسلح الذي حدث بين تلك القبائل والانجليز صبيحة 14 اكتوبر عام 1963م والذي استغلته الماكينة الاعلامية المصرية القوية آنذاك وروجت لقيام الثورة بقيادة الجبهة القومية ضد البريطانيين مع احترامنا للنفوس الزكية التي قضت في تلك المعركة من ابناء ردفان والضالع بالذات،
منظمة التحرير التي تشكلت في مطلع 65 من الرابطة وحزب الشعب اﻹشتراكي برئاسة الفقيد عبدالله اﻷصنج والمستقلين.. وجبهة التحرير تشكلت في13 يناير 66 من جزء من منظمة التحرير ماعدا الرابطة وجزء من الجبهة القومية بترتيب من مصر.
وحاول عبد الناصر دمج الجبهتين في كيان واحد عام 1966م ولكن الدمج القسري الذي حاول عبد الناصر التوافق عليه فشل، مما أدى الى " الحرب الأهلية في نوفمبر عام 1967م، والتي انتهت بهزيمة جبهة التحرير مما أسس لادعاء الجبهة القومية انها الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب، وقلبت ظهر المجن للثوار الحقيقين !!!
كذلك استصدرت الرابطة قرار اﻷمم المتحدة في مايو 1963م باستقلال الجنوب ...وتشكيل حكومة منتخبة من شعبه تحت اشراف اﻷمم المتحدة لتستلم السلطة من بريطانيا.
وفي جنيف تفاوض وفد الجبهة القومية مع البريطانيين على الاستقلال واعلن مسمى الجمهورية الوليدة "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" وكان العنصر اليمني حاضرا وممثلا في شخص عبد الفتاح اسماعيل اثناء توقيع وثيقة الأستقلال وبدلاً من أن يتم الاحتفال بعيد الاستقلال لدولة الجنوب العربي تبين لاحقا اننا اضعنا هويتنا وتاريخنا منذ ان فرطنا بمسمى الدولة الوليدة
التي حملت اسماً ممسوخاً ومشوهاً لا يمت للأض والإنسان في الجنوب العربي بصلة.
والى اللقاء في الحلقة الثانية.
د علوي عمر بن فريد العولقي
الأربعاء 08 يوليو 2015 05:12 مساءً
قحطان الشعبي , عبدالفتاح اسماعيل الجوفي, سالم ربيع علي ,محمد علي هيثم, علي عنتر, فيصل عبداللطيف الشعبي
وقعت "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل " كما سمت نفسها وثيقة الاستقلال منفردة في 30نوفمبر 1967م ويمننة الجنوب العربي بمسمى "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"!!
ورفعت الجبهة شعار : " كل الشعب قومية " وأقصت كافة الأحزاب والمنظمات.. وتنازلت عن التعويض البريطاني المستحق لشعب الجنوب كتعويض عن قاعدة عدن مبلغ 60 ( مليون جنيه استرليني )مقابل استلام الحكم !!!
وقامت بالتواطؤ مع بريطانيا بملاحقة كافة الرموز الوطنية من حكام وقادة احزاب سياسية حتى من ساهم منهم في استقلال الجنوب العربي.
وكان اختيار التسمية للجمهورية الوليدة الإقرار بأن (الجنوب) كان جزءا من كيان (اليمن) رغم عدم وجود كيان سياسي يطلق عليه اليمن يجمعهما !
ورفعت الجبهة القومية شعار "النضال من أجل تحقيق الوحدة اليمنية " الذي كان المسمار القوي الذي دق في نعش الجنوب العربي كتاريخ وهوية !!
اتخذت الدولة الوليدة طابع التطرف وبدلا من حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الملحة هربت الى الشعارات الايدلوجية!!
وانقادت للعنصرين اليمني والفلسطيني وخضعت للجناح اليساري الماركسي وقد كان يقود هذا الاتجاه (العنصر اليمني ) الذي زرع التفرقة والخصومة والتنافريين العناصر الجنوبية حتى داخل الجبهة القومية، وتمكنوا من السيطرة على مفاصل الدولة وأركانها الأساسية مستغلين سذاجة وطيبة العناصر الجنوبية ومثاليتها في العمل الوطني والوحدوي،.
وتمكنت العناصر اليمنية من تأجيج نار الصراعات والثارات بين الجنوبيين وبدأوا بالانقضاض اولا على المؤسسة العسكرية : الجيش، والأمن ، باعتبار منتسبيها جميعا من رجال الجنوب وتمثل ذلك في مؤتمر زنجبار عام 1968م،.
وبدأ عمليا في 14مايو 1968م عندما تمرد يسار الجبهة القومية بقيادة سالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل وعلي عنتر على القيادات العسكرية والأمنية وطالب بجعل جماجمهم منافض للسجائر و جلودهم أحذية كما رددوا ذلك في شعاراتهم البغيضة بعد المؤتمر الرابع للجبهة القومية وقابلت القيادات العسكرية ذلك بحركة 20 مارس!!!
وأودعت معظم قيادات يسار الجبهة القومية السجون بما فيهم البيض وعبدالفتاح اسماعيل ..!
الا انهم تمكنوا من دق اسفين الخلافات والصراع المناطقي واحياء النعرات في الجيش والأمن بين العوالق ودثينه !!!
مما أدى الى اعتقالات وتصفيات في تلك القوات لصالح قيادات اليسار..
وعندما شعر العوالق بالخطر قاموا بحركة 22 يوليو 1968م وطالبوا بالوحدة الوطنية، بالتنسيق مع ابناء ردفان والصبيحة، وقوبلت تلك الحركة بقمع الجيش والأمن ومن ثم اقصاء من تبقى من العوالق وردفان والصبيحة من مؤسستي الجيش والأمن، مما أدى الى ثورة مسلحة ضد حكومة الجبهة القومية انهك الجيش خلالها من الأعمال الحربية التي استمرت من 22يوليو 1968م حتى نهاية شهر سبتمبر1969م في كور العوالق...!!
وكان من نتائجها عودة يسار الجبهة القومية من تعز بقيادة ربيع وعلى اثرها حانت الفرصة ليسار الجبهة القومية للتخلص من بقية العناصر الجنوبية الأخرى في الجيش والأمن من دثينه وغيرها..
وأثمر ذلك الصراع عن قيام حركة 22 يونيو عام 1969م بقيادة سالم ربيع ويسار الجبهة القومية وتم اقصاء الكثير من العناصر الجنوبية عن الحكم وتمت تصفية قحطان الشعبي وابن عمه فيصل الشعبي ومعهم الكثير من الكوادر الجنوبية السياسية والعسكرية..!!
واشتدت القبضة الحديدية على العناصر الجنوبية الفاعلة في الجنوب حين كان (محسن الشرجبي) على رأس جهاز أمن الثورة وهو " يمني" .
وجرت ابشع انواع الاغتيالات السياسية تحت مسمى "فرسان القبائل" في كافة انحاء الجنوب، كما تم تصفية الرموز الدينية والوطنية من كافة شرائح المجتمع، وتمت ملاحقة المشتبه في ولائهم، وتم طرد مئات العائلات ومصادرة أكثر من 65 الفاً من بيوت المواطنين في عدن، وآلاف المزارع الخاصة للمواطنين الجنوبيين وحتى قوارب الصيد !!!
وخرجت المسيرات المؤيدة لإجراءات التأميم التعسفية التي ادارها الحزب بإشراف سالم ربيع والتي طالت المؤسسات الاقتصادية والخد مية الخاصة وتحويلها الى ملكية الدولة !!
وتم توصيف الصراع بين الجنوبيين بقيادة قحطان وربيع بأنه بين اليمين واليسار في الجبهة القومية وتم تصفية الالاف من ابناء الجنوب سواء داخل الحزب ام خارجه !!
وكل تلك الممارسات الاجرامية كانت تجري خارج القانون او بمحاكمات صورية بتنفيذ وزارة أمن الدولة !!
وتم قتل الكثير من المواطنين الأبرياء في مسيرات جماهرية من قبل عناصر الجبهة القومية كما حدث في مدينة نصاب بالعوالق عدما تم تصفية أكثر من 20 رجلا من دولة العوالق والسادة آل الحداد وعلى رأسهم العلامة الشهير السيد احمد بن صالح الحداد عام 1972م!!
وكان على رأس تلك الجموع علي شائع هادي وحسن احمد باعوم وبمباركة سالم ربيع !!
وتبع ذلك تصفيات جسدية طالت الدبلوماسيين الجنوبيين عندما تم تفجير طائرتهم وهم في طريقهم الى حضرموت في 30ابريل عام 1972م واغتالت الأيدي الآثمة 22 من رجال السلك الدبلوماسي الجنوبي والمثقفين والأدباء من ابناء الجنوب العربي في حادثة الطائرة الملغومة ومنهم:
محمد صالح عولقي، ونور الدين قاسم، وعبد الباري قاسم، وسيف احمد الضالعي ، محمد ناصر عبيد، عبد القادر أحمد ناصر السلامي، ومحمد عبدالولي والعشرات من الكوادر الجنوبية !!
وطالت حملات القمع والترويع الاف المواطنين الجنوبيين حتى فر معظمهم من بلادهم !!
وبدأت مرحلة اخرى قادتها العناصر اليمنية في 26 يونيو عام 1978م وهي سلسلة متعاقبة لتصفية القيادات الجنوبية وزرعوا التنافر والشكوك بين العناصر الجنوبية تحت شعار المناطقية التي تتعارض مع فكر الاشتراكية العلمية تحت شعار الصراع الأيدلوجي بين اليسار المغامر واليسار الحقيقي، وتمت تصفية سالم ربيع علي لاحقا والعديد من القيادات الجنوبية بصورة فجة بعيدة عن الأعراف والأسس القانونية بذرائع واهية، بعد أن تبين لهم ان سالم ربيع قد بدأ في مراجعة نقدية لذاته وفكر في البدء بتغيير سلوك النظام السياسي برمته.
والى اللقاء في الحلقة الثالثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق