''الحنجرة الذهبية''.. الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
=============================
عشاق صوته على موعد معه مساء السبت من كل أسبوع، على أثير موجات ''البرنامج العام''، في الفترة من الثامنة مساءً ولمدة نصف ساعة، يستمعون لتلاوات خاشعة صادرة من ''الحنجرة الذهبية''، ورغم مرور ربع قرن من الزمان على رحيله، إلا أن تلاوات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لا زالت مفضلة لدى عشاق ومستمعي القرآن الكريم، في مصر وسائر عموم العالم الإسلامي.
''كانت سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري''، كلمات سجلها الشيخ الكبير في مذكراته؛ فهو المولود في إحدى قرى ''المنيا'' بصعيد مصر في 1927، لوالد يعمل موظفا بهيئة المواصلات وحافظًا للقرآن الكريم، و جد حامل لكتاب الله، و الأخوين الكبيرين أيضًا تمكنا من ختم حفظ القرآن في سن مبكرة، ليتأسى بهم ''الطفل عبد الصمد''، ويتم حفظ كتاب الله في سن مبكرة، ويقبل على تعلم القراءات السبع للقرآن الكريم.
التحق بـ(كُتّاب) قريته، وتوسم فيه الشيخ المحفظ ملامح النجابة والقدرة على استيعاب آيات القرآن، فضلًا عن تمكنه من التلاوة بصوت قوي وتجويد سليم وترتيل شجي، ليتعلم ''القراءات والشاطبية'' بعدها على يد الشيخ ''محمد سليم''، الذي اتخذه مساعدًا له، و رشحه للقراءة في كل مناسبة يدعى إليها المعلم الكبير، مما أكسب الفتى ''عبد الباسط'' شهرة واسعة في محافظات صعيد مصر.
صوته كان فاتحة خير على ''مبيعات الراديو'' في مصر؛ فالشيخ تقدم لاختبار مقرئي الإذاعة في 1951 واجتازه بسهولة وحاز إعجاب لجنة التحكيم من خلال ''تسجيل لصوته خلال إحياءه لإحدى ليالي مولد السيدة زينب''، وتكون ''أم هاشم'' هي ''فال الخير'' على الشيخ ذو الحنجرة الذهبية، ويستقر به المقام إلى جوارها في حي ''السيدة زينب'' بالقاهرة ومعه أسرته.
بداية الانتقالات خارج القطر كانت في ''رحلة الحج'' عام 1952، وخلالها تقدم بجرأة و دبلوماسية لتصحيح قراءة ''إمام الحرم المكي'' أثناء إمامته للناس في الصلاة، وأعجب ''الإمام'' من دقة ملاحظة ''المقرئ المصري''، وذكاه للقراءة في جلسات استماع مشايخ وقراء المملكة الحجازية بالكعبة والمسجد النبوي.
وفي خلال رحلته القرآنية، زار ''المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي بفلسطين، والمسجد الأموي بدمشق، كما زار مساجد الهند و اندونيسيا والبلدان العربية والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا، وفي كل رحلة كانت المسجد الذي يحل عليه تعج جنباته بالمستمعين الخاشعين يستمعون لصوته العذب ومقامات الموسيقى القرآنية في تلاواته حتى مطلع الفجر.
وكما أحب القرآن وأفنى حياته في تلاوته وترتيله، أعطاه القرآن الشهرة والتكريم وحب الناس، وخلال تلك الرحلة حاز تكريمات لم يحظ بها مقرئ من قبله، فحصل على ''وسام الاستحقاق السوري'' 1956، و''وسام الأرز اللبناني''، و''الوسام الذهبي'' من الحكومة الماليزية، و''وسام الاستحقاق السنغالي'' 1975، و ''الوسام الذهبي الباكستاني'' 1980، و''وسام العلماء'' الذي منحه إياه الرئيس الباكستاني 1984، ووسام من الحكومة و القصر الملكي المغربي، فضلًا عن ''وسام الإذاعة المصرية'' في عيدها الخمسين، و''وسام الاستحقاق'' المصري في الاحتفال بـ''ليلة القدر ويوم الدعاة'' 1987.
ومر العمر ووهن الجسد وداهمه ''داء السكري''، ورغم الحرص والاعتدال في التعامل مع ''الصديق اللدود''، إلا أن ''الفشل الكبدي'' تمكن منه قبيل وفاته وتدهورت صحته، ونصحه الأطباء بالسفر إلى ''لندن'' للعلاج، وسافر بالفعل برفقة ابنه ''طارق''، إلا أنه أيقن أنها النهاية المحتومة واقتراب لقاء الرفيق الأعلى؛ فأوصى برجوعه إلى أرض مصر ليموت في منزله ويدفن في تراب بلده، ويرحل صاحب ''الحنجرة الذهبية'' في مثل هذا اليوم 30 نوفمبر 1988.
ويشيع جثمانه في جنازة رسمية وشعبية مهيبة، حضرها وفود رسمية عن دول وملوك ورؤساء العالم العربي تقديرًا وإجلالًا لـ''حامل كتاب الله والمرتل لأياته''.
— with Sherif Sharaf. (15 photos)=============================
عشاق صوته على موعد معه مساء السبت من كل أسبوع، على أثير موجات ''البرنامج العام''، في الفترة من الثامنة مساءً ولمدة نصف ساعة، يستمعون لتلاوات خاشعة صادرة من ''الحنجرة الذهبية''، ورغم مرور ربع قرن من الزمان على رحيله، إلا أن تلاوات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لا زالت مفضلة لدى عشاق ومستمعي القرآن الكريم، في مصر وسائر عموم العالم الإسلامي.
''كانت سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري''، كلمات سجلها الشيخ الكبير في مذكراته؛ فهو المولود في إحدى قرى ''المنيا'' بصعيد مصر في 1927، لوالد يعمل موظفا بهيئة المواصلات وحافظًا للقرآن الكريم، و جد حامل لكتاب الله، و الأخوين الكبيرين أيضًا تمكنا من ختم حفظ القرآن في سن مبكرة، ليتأسى بهم ''الطفل عبد الصمد''، ويتم حفظ كتاب الله في سن مبكرة، ويقبل على تعلم القراءات السبع للقرآن الكريم.
التحق بـ(كُتّاب) قريته، وتوسم فيه الشيخ المحفظ ملامح النجابة والقدرة على استيعاب آيات القرآن، فضلًا عن تمكنه من التلاوة بصوت قوي وتجويد سليم وترتيل شجي، ليتعلم ''القراءات والشاطبية'' بعدها على يد الشيخ ''محمد سليم''، الذي اتخذه مساعدًا له، و رشحه للقراءة في كل مناسبة يدعى إليها المعلم الكبير، مما أكسب الفتى ''عبد الباسط'' شهرة واسعة في محافظات صعيد مصر.
صوته كان فاتحة خير على ''مبيعات الراديو'' في مصر؛ فالشيخ تقدم لاختبار مقرئي الإذاعة في 1951 واجتازه بسهولة وحاز إعجاب لجنة التحكيم من خلال ''تسجيل لصوته خلال إحياءه لإحدى ليالي مولد السيدة زينب''، وتكون ''أم هاشم'' هي ''فال الخير'' على الشيخ ذو الحنجرة الذهبية، ويستقر به المقام إلى جوارها في حي ''السيدة زينب'' بالقاهرة ومعه أسرته.
بداية الانتقالات خارج القطر كانت في ''رحلة الحج'' عام 1952، وخلالها تقدم بجرأة و دبلوماسية لتصحيح قراءة ''إمام الحرم المكي'' أثناء إمامته للناس في الصلاة، وأعجب ''الإمام'' من دقة ملاحظة ''المقرئ المصري''، وذكاه للقراءة في جلسات استماع مشايخ وقراء المملكة الحجازية بالكعبة والمسجد النبوي.
وفي خلال رحلته القرآنية، زار ''المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي بفلسطين، والمسجد الأموي بدمشق، كما زار مساجد الهند و اندونيسيا والبلدان العربية والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا، وفي كل رحلة كانت المسجد الذي يحل عليه تعج جنباته بالمستمعين الخاشعين يستمعون لصوته العذب ومقامات الموسيقى القرآنية في تلاواته حتى مطلع الفجر.
وكما أحب القرآن وأفنى حياته في تلاوته وترتيله، أعطاه القرآن الشهرة والتكريم وحب الناس، وخلال تلك الرحلة حاز تكريمات لم يحظ بها مقرئ من قبله، فحصل على ''وسام الاستحقاق السوري'' 1956، و''وسام الأرز اللبناني''، و''الوسام الذهبي'' من الحكومة الماليزية، و''وسام الاستحقاق السنغالي'' 1975، و ''الوسام الذهبي الباكستاني'' 1980، و''وسام العلماء'' الذي منحه إياه الرئيس الباكستاني 1984، ووسام من الحكومة و القصر الملكي المغربي، فضلًا عن ''وسام الإذاعة المصرية'' في عيدها الخمسين، و''وسام الاستحقاق'' المصري في الاحتفال بـ''ليلة القدر ويوم الدعاة'' 1987.
ومر العمر ووهن الجسد وداهمه ''داء السكري''، ورغم الحرص والاعتدال في التعامل مع ''الصديق اللدود''، إلا أن ''الفشل الكبدي'' تمكن منه قبيل وفاته وتدهورت صحته، ونصحه الأطباء بالسفر إلى ''لندن'' للعلاج، وسافر بالفعل برفقة ابنه ''طارق''، إلا أنه أيقن أنها النهاية المحتومة واقتراب لقاء الرفيق الأعلى؛ فأوصى برجوعه إلى أرض مصر ليموت في منزله ويدفن في تراب بلده، ويرحل صاحب ''الحنجرة الذهبية'' في مثل هذا اليوم 30 نوفمبر 1988.
ويشيع جثمانه في جنازة رسمية وشعبية مهيبة، حضرها وفود رسمية عن دول وملوك ورؤساء العالم العربي تقديرًا وإجلالًا لـ''حامل كتاب الله والمرتل لأياته''.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق