Translate

الخميس، 12 أبريل 2018

قاصرات الشوارع يروين قصصهن الموجعة

قاصرات الشوارع يروين قصصهن الموجعة: أبى ضاجعنى مرتين عقب معرفته بفقدان عذريتى.. وهربت بعد محاولة أخوالى معاشرتى.. وحملت وعمرى 11 عاما واغتصبنى 25 شابا.. والعنف الأسرى "خلى الشارع زى البيت"

قاصرات الشوارع يروين قصصهن الموجعة: أبى ضاجعنى مرتين عقب معرفته بفقدان عذريتى.. وهربت بعد محاولة أخوالى معاشرتى.. وحملت وعمرى 11 عاما واغتصبنى 25 شابا.. والعنف الأسرى "خلى الشارع زى البيت"

روى عدد من فتيات الشوارع القاصرات قصص بدء حياتهن مع الشارع، مؤكدين أن العنف الأسرى وسوء معاملة الأهل لهن هو ما دفعهن للهروب من منازلهن.

وبحسب الفيديو الذى أذاعه برنامج العاشرة مساءً، والذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى على قناة "دريم2"، قالت إحدى الفتيات باكية: "والدى سبب لجوئى إلى الشارع.. فقد كان كل ليلة يضربنى ويحاول أن يعتدى عليا جنسياً ما اضطرنى لترك المنزل، وبعد ذلك دعانى أحد الشباب فى الشارع العيش معه ومع والدته، ولكن اكتشفت أنه يعيش بمفرده وأفقدنى عذريتى تحت تهديد السلاح".

وتروى الأخرى قصة خروجها إلى الشارع، والتى بدأت بعد قيام أخوالها بمحاولة معاشرتها جنسياً، الأمر الذى دفعها لمغادرة بيت جدتها الذى كانت تقيم فيه لتتكيف مع الشارع بعد أن فقدت عذريتها وهى بنت 11 عاما وعندما ظهر عليها علامات الحمل أجهضت جنينها.

وفى الإطار نفسه، قالت إحدى فتيات الشارع القاصرات، إن أول محطاتها بالشارع كانت فى منطقة رمسيس بعد أن تعرفت على بعض أطفال الشوارع الذين عاشروها جنسياً الأمر الذى أصابها بحالة من الإحباط ما دفعها للعودة إلى منزلها مرة أخرى، وعندما علم والدها أنها ليست بكراً قام بمواقعتها جنسياً مرتين، وتابعت قائلة: "رحت سبت البيت ورجعت الشارع تانى لأنها مبقتش فارقة كتير وبعدها تعرضت للاغتصاب كتير جداً ومن أشخاص مختلفين، إحداها كانت فى حديقة بميدان التحرير من قبل 5 أفراد مارسوا معى الجنس".

وتقول أخرى إنها لجأت إلى المقابر لزيارة قبر أمها بعد أن تركت منزلها بسبب عنف أسرتها ففوجئت بقرابة 25 شابا ممن يتاجرون فى المخدرات قاموا باحتجازها فى أحد أحواش "الترب" لمدة شهر، وتابعت قائلة: "أول مرة أدخل فيها القرافة كان مع 25 نفرا وعملوا عليا حفلة.. كان دولاب مخدرات فى القرافة كلهم عاشرونى وحجزونى جنبهم"، لافتة إلى أنها شعرت بأعراض الحمل وهى فى سن الصغر بعد أن تعرضت للمواقعة الجنسية لمرات عدة مع أشخاص مختلفين، الأمر الذى دفعها إلى أن تجهض نفسها. 

وتستكمل أخرى قائلة "زوجى تاجر مخدرات ومدمن عاملنى بعنف لدرجة أنه كان يضربنى بالسلاح الأبيض ويحدث فى جسدى بعض الجروح النافذة الأمر الذى دفعنى للتوجه إلى بيت أهلى وعندما وجدت معاملة أهلى معى بنفس معاملة أبناء الشوارع قررت العيش فى الشارع وتركت منزل أهلى".

من جانبه قال عادل جاد الكريم، مدير فرع جمعية قرية الأمل، القائمة على إعادة تأهيل هؤلاء الفتيات إن الجمعية تعمل على هذه الحالات منذ عام 1988 مع البنين وبحلول عام 2000 بدأت تظهر الفتيات فى الشارع ويظهر عليها علامات الحمل خاصة فى الفئة العمرية ما بين 11 إلى 18 عاما الأمر الذى جعل الجمعية تكثف من عملها لإعادة تأهيل هذه الفئة لدمجها مرة أخرى فى المجتمع المصرى.


و جمعية قرية الأمل.. هي أول جمعية تؤسس لرعاية أطفال الشوارع في مصر في عام 1986، واعتمدت في عملها على منظومة عمل خاصة ومختلفة جعلت أحد خبراء منظمة الصحة العالمية يصفها بأنها جمعية متميزة على مستوى الشرق الأوسط، وبلغ بها النمو في نشاطها حد أن أصبحت مصدر تدريب وتأهيل الجمعيات الأخرى في نفس المجال سواء في مصر أو العالم العربي. ويوجد للجمعية 15 فرعاً في القاهرة وحدها، وفي طريقها لتأسيس فروع أخرى بالمحافظات.
مؤسس الجمعية هو الأستاذ سيد منير.. أجرت معه مراسلة لها أون لاين في القاهرة هذا الحوار:
• ما هي أهداف ونشاط جمعية قرية الأمل؟
ـ تقوم فكرة الجمعية على هدف رعاية الأطفال ذوي الظروف الصعبة بشكل عام، وبخاصة أطفال الشوارع والأطفال الأيتام والأطفال في الأسر المفككة، من خلال منظومة خاصة لمواجهة هذه الظاهرة.
درجة مواطن صالح
• كيف تعمل هذه المنظومة؟
ـ وجدنا أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيش فيها الأطفال في الشارع إلا أن حياة الشارع تتيح للطفل الحرية، وهذا عامل جاذب للطفل، فبدأنا بتقليل الارتباط بين الطفل وبين الشارع من خلال (مراكز الاستقبال) وهي مكان مخصص لاستقبال الأطفال والتعامل معهم وهو مؤهل بوسائل ترفيه ومشرف اجتماعي ومطبخ، ويقوم المشرف الاجتماعي بالالتقاء مع الأطفال والتحاور معهم وجذبهم كي يتعامل معهم وكي نرعاهم في الجمعية بدلاً من حياة الشارع.
ونقوم في الجمعية بدراسة حالة كل طفل، ودراسة إمكانية إعادته لأسرته مع حل المشكلة التي أدت إلى خروجه للشارع، وهذا أدى بنا إلى أن أنشأنا وحدة قروض ونقدم مشروعات صغيرة للأسر المستحقة لهذا مع اشتراط دخول الطفل للمدرسة، كما أسسنا فصول محو الأمية للكبار، وبالتالي فالطفل قبل إقامته بالجمعية يمر بمرحلة التأهيل التي يقوم بها أطباء متخصصون، وإذا كان الطفل في سن التعليم يتم إلحاقه بالمدرسة أو لو تعداه يلحق بتدريب مهني في ورش تابعة لنا في مدينة العاشر من رمضان.
ونظل نرعى الطفل حتى ينهي تعليمه وينهي مرحلة التجنيد، ونوفر لكل طفل منذ التحاقه بالجمعية دفتر توفير، وعند انتهاء التعليم وإقباله على الزواج نعطيه مبلغاً مخصصاً للإسكان بالتنسيق مع متبرعين وبهذا نصل به إلى درجة مواطن صالح بشكل تام.
رعاية المغتصبات
• عرفنا أنكم تقومون برعاية المغتصبات في الجمعية.. فماذا عن هذه الرعاية؟
ـ نعم نقوم بهذا بالتعامل مع البنات من أطفال الشوارع اللاتي تعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي في الشارع على أيدي مجهولين، فقد بدأت الظاهرة في الأولاد فقط ثم انتشرت بين الفتيات أيضاً منذ ما يقرب من 10 سنوات، وبدأنا التعامل مع البنات لأنهن الأكثر تعرضاً للمخاطر والفساد في الشارع لإمكانية استغلالهن في أعمال الدعارة وممارسة البغاء، فنوفر لهن الرعاية، وبخاصة لو كانت حاملاً، من خلال مشروع أسميناه الأمهات الصغيرات الخاص بالبنات الصغيرات اللاتي حملن ولا يعرف والد الطفل، ونوفر لهن الرعاية الصحية والنفسية ونحاول تعديل سلوكهن ونقدم لهن أيضاً فكرة المشروع الصغير، كما توجد حضانة للطفل المولود في مدينة العاشر من رمضان، مع تأهيل الأم كي تقوم بدورها، ويشرف على هذا فريق طبي متخصص من الأطباء النفسيين من كلية الطب.
أهم الإنجازات
• ما أهم ما حققته الجمعية؟
ـ نقوم برعاية ما يزيد على 250 بالإضافة إلى ما يرد على مراكز الاستقبال ما بين 25-30 طفلاً يومياً وما يساوي 5 آلاف إلى 6 آلاف طفل سنوياً.
وقد وصف خبير من الأمم المتحدة الجمعية بأنها متميزة على مستوى الشرق الأوسط، كما أننا استحدثنا مركز استقبال متنقلا أخذته عنا ونفذته منظمة اليونيسيف العالمية لرعاية الطفل، كما قمنا بتدريب الجمعيات ذات النشاط الشبيه في عدد من الدول العربية مثل لبنان والمغرب واليمن وعمان. كما نقوم بتقديم التدريب بالتنسيق مع جهات دولية لمن يطلب خبرتنا.
بداية الفكرة
• كيف جاءت فكرة إنشاء جمعية قرية الأمل؟
ـ كنت مسافراً خارج مصر لفترة وعند عودتي في الثمانينيات وجدت ظاهرة أطفال الشوارع بدأت في الظهور بشكل واضح، فمن هنا عرضت الفكرة على مجلس الآباء بمدرسة أولادي ووجدت منهم استجابة واشتركنا معاً في رأس المال اللازم لإنشاء الجمعية، وكنت أول من رأس إدارة الجمعية.
الصعوبات والتمويل
• هل واجهتكم صعوبات عند إنشاء الجمعية؟
ـ نعم فالتراخيص بحاجة إلى وقت وصبر وجهد للحصول عليها، علاوة على بعض المشكلات في البداية مع وزارة الداخلية لأن الأطفال الذين يقبض عليهم يتم التعامل معهم بشكل سيئ فبنينا جسور علاقات طيبة مع وزارة الداخلية، فأصبحوا يتصلون بنا عند القبض على الأطفال من أجل رعايتهم، كما نقيم برامج مشتركة معهم لتوعية رجال الشرطة بخطورة ظاهرة أطفال الشوارع وكيفية التعامل معهم.
• ومن أين تحصلون على تمويل الجمعية؟
ـ في الأصل وعند البداية من المؤسسين، ثم بعد توسع النشاط نحصل على 80% من الاحتياجات المادية من الأهالي، علاوة على مشروعات مشتركة بيننا وبين جهات دولية مانحة.
خطط مستقبلية
• ما هي خططكم المستقبلية؟
ـ نسعى لإنشاء مشروعات استثمارية تنفق على الجمعية وأبنائها، بإنشاء نشاط تجاري على مستوى واسع، كما سنقوم بإنشاء فرع للجمعية لرعاية الإناث من أطفال الشوارع في الإسكندرية بالتعاون مع منظمة بلان الدولية.

    فتيات الرقص على المراكب النيلية

    تتوجه الكثير من فتيات الشارع إلى منطقة كورنيش النيل، وسط القاهرة، حيث الفنادق الفخمة، و"المراسي المرتجلة". وهناك يحاولن بيع المناديل الورقية وأحياناً الورود، وإذا توفر لهن القليل من رأس المال، يسعين إلى بيع زجاجات المياه الغازية.

    "فتيات الشارع"، اللواتي تركن بيوتهن بسبب حوادث العنف اﻷسري من ضرب واعتداء لفظي أو فعلي، وأخريات بسبب الفقر وحالات التفكك اﻷسري.
    يتجمعن أسفل الجسور الضخمة، في العاصمة، وفي اﻷماكن المهجورة التي يخشى الكثيرون الاقتراب منها. وينطلقن في الشارع محاولات بيع أكياس المناديل الورقية أو التسول، ثم يعدن ليبتن في محطات المترو والحدائق العامة فرادى أو في المناطق أو المباني المهجورة إذا كن ضمن مجموعة.
    لا يوجد إحصاء رسمي لعددهن لأنهن غير مثبتات لدى جهة ما، لكن عددهن في زيادة مستمرة بسبب حالات حمل السفاح وخروج فتيات جديدات للشارع يومياً، بحسب أحد إداريي جمعية نور الحياة لرعاية أطفال الشوارع بالقاهرة، والذي فضل عدم ذكر اسمه.
    كثيراً ما يتعرضن ﻷسوأ استغلال ممكن، بدءاً من التسول وجمع التبرعات وصولاً إلى خطفهن وحجزهن فترات طويلة بغرض التناوب على اغتصابهن، وهو ما أكدته ثلاث فتيات 
    هربت هند (15  سنة) - وليس هذا اسمها الحقيقي - من تنكيل إخوتها، متخيلة أن ما تحيا فيه هو جحيم لا تستطيع التأقلم معه أو الاستمرار فيه.
    هي صغيرة وضئيلة الحجم، ترتدي عباءة سوداء، التقيناها على كورنيش النيل في أحد أماكن تجمعات فتيات الشارع.
    تعرضت أثناء وجودها في الشارع خلال السنوات الخمس الماضية، لتنكيل أكبر وأشد، ليس أقلّه حملها مرات عدة وإجهاضها في كل مرة بسبب هزال جسدها وظروفها الصحية، وقسوة حياة الشارع التي لم ترحم ضعف جسدها ولا قلّة سنوات عمرها في هذه الحياة.
    تعرضت هند لأنواع مختلفة من الاغتصاب سواء من أولاد الشوارع الذين هربوا من بيوتهم مثلها، مفضلين حياة الشارع على قسوة البيوت، أو من البلطجية الذين يتعرضون للفتيات في الشارع، ويخطفونهن مستخدمين الـ "توك توك" ويخزنونهن في أماكن مهجورة، بحسب وصفها.
    والبلطجية في مصر هم تلك الفئة التي تعتدي على الآخرين بالقوة البدنية أو التهديد أو استخدام السلاح الأبيض، سواء للحصول على ما هو ليس من حقها، أو لإسداء خدمة لشخص بالاعتداء على آخرين مقابل أجر مادي.
    وقد يُستعان بالبلطجية في حوادث سياسية لتسجيل انتصار على طرف آخر. يذكر تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 2015، أن هناك حوالى 500 ألف بلطجي في محافظات مصر يعتدون بشتى الطرائق على الناس مقابل مبلغ من المال.
    لم يكتفِ المغتصبون بجميع تلك العلامات الموغرة التي تركوها في نفس هند، بل فضل بعضهم أيضاً أن يحتفظ بعلامة من سلاحه الأبيض في وجهها لكي يتباهى بأنه اغتصبها. 

    "مشتبه بنا بالضرورة"

    بجرح غائر في وجهها تتحدث منال – 22 سنة - وليس هذا اسمها الحقيقي - عن عدم مقدرة الفتيات على الوقوف أمام المعتدين بأي شكل من الأشكال.
    تقول أنهن لا يقدرن على الاقتراب حتى من قسم الشرطة، لأنهن مشتبه بهن في كل حال، فالمجتمع يحملهن ذنب أنهن تركن بيوت الأهل وهربن منها إلى الشارع.
    تركت منال بيتها منذ أربع سنوات، بعدما عجزت عن الاستمرار في بيت زوجها بسبب عائلته وتسلط والدته عليها.
    تقول أنها تخرج إلى الشارع بشعر مرسل لتشعر بالهواء يلفح وجهها، وبأنها حيّة، بعدما تتعرض للاغتصاب، ثم تتوجه إلى إحدى دور رعاية أطفال الشوارع لكي تتمكن من تناول المطعم والمشرب وتسترد جزءاً ممّا فقدته من صحتها، وجسدها الهزيل.

    كاميليا...

    تقول كاميليا أن عمرها 18 سنة، لكن العباءة السوداء اللامعة التي ترتديها والجرح الغائر في خدّها الأيمن الشاحب وصبغة شعرها الصفراء تجعلها تبدو أكبر بكثير من ذلك.
    التقينا كاميليا أيضاً في أحد تجمعات فتيات الشارع بمنطقة وسط البلد.
    بدأت كاميليا - ليس هذا اسمها الحقيقي - حياتها في الشارع منذ سنوات ست، بعد خلاف دبّ بينها وبين زوجة أبيها، انتهى بتركها المنزل.
    حاولت أن تلتقط أنفاسها، قبل أن تفاجأ بأن خاطفها لم يكتفِ بالتنكيل بها، بل أَعمَلَ سلاحه الأبيض في وجهها، مسبباً لها جرحاً في خدها الأيمن.
    تقول أنها نزفت وهي تسير في الشارع، ولم يعرض أحد عليها المساعدة. كانت تعرف جيداً أيضاً أن ما من مستشفى يقبلها، من دون أسئلة وأجوبة ستخرج بعدها مدانة أكثر من كونها ضحية.
    وصلت إلى المكان الذي تبيت فيه وزميلاتها اللواتي أخذنها إلى إحدى العيادات الطبية. هناك تحصل العمليات غير المشروعة لخياطة الجروح، لكي لا يسألها أحد عن شيء.
    يُقول أحمد جمال – الطبيب في أحد المستشفيات الحكومية - عن كاميليا وغيرها من الفتيات، أن لا مستشفى يقبلهن، على الرّغم من أن مهمة المستشفى إنقاذ حياة الناس أياً كانت ظروفهم. لكن هذا لا يحدث، فحالات كثيرة لا تصل إلى الأطباء، لأنّ مكاتب الاستقبال في المستشفيات تمنعها من دخولها، لعدم حيازة أوراق ثبوتية.
    يضيف جمال أنه يجب فتح باب التحقيق في هذه الحالات حتى لا تقع مسؤوليتها على المستشفى، وهو ما لا ترحب الفتيات في أحيان كثيرة بأن يحدث، إما خوفاً من انتقام البلطجية منهن بعد خروجهن، أو من إعادتهن إلى بيوت أهاليهن على غير رغبتهن، أو حتى من أن يقع جزء من المساءلة القانونية عليهن.
    ولا ينفي جمال أن هناك مستشفيات كثيرة تدفع تكلفة العلاج قبل أي شيء، لمجرد الشك في أن أياً من الحالات لن تتمكن من دفع هذه التكلفة المادية، على الرغم من أن كثراً يرفضون دخول المستشفى لهذا السبب.

    ماذا تنتظرون؟

    سعيد – أحد من يطلق عليهم أطفال الشوارع - وليس هذا اسمه الحقيقي - يصف زملاءه المغتصبين الذين يشوهون الفتيات بعد اغتصابهن، بأنهم "عيال مجنونة وفاضية".
    يقسم سعيد ليؤكد كلامه، بأنه لا يفعل ذلك، وإن كان قد شارك من قبل في حادثة اغتصاب، لكنه ينتقد بشدة التشويه. وعن مبررهم في فعل ذلك.
    يقول: "هما بيبقوا عاوزين يعلنوا أنهم أقوياء ورجالة". وبحسب سعيد، فإن كل منهم يتباهى بعدد الفتيات اللاتي يحملن علامته.
    أحياناً، يترك المغتصب علامته في مكان غير ظاهر في جسد المغتصبة، لكي يفاجئ المغتصب التالي أو الزوج إذا كانت متزوجة عرفياً بأحدهم في الشارع، بحسب سعيد.
    يختتم سعيد بسؤال فيه لوم، قائلاً: "أنتم منتظرين أيه من اللي تركتوهم في الشوارع سواء ولاد أو بنات نهبة للكلاب المسعورة بالشارع؟".
    يتفق الدكتور سمير الشريف – الأستاذ في علم النفس - مع رأي سعيد اللائم، والذي لخصه بعبارة "ماذا تنتظرون؟"، حيث يؤكد الشريف أن هؤلاء الأولاد لديهم حنق لا يستهان به تجاه كل من أدى بهم إلى هذه النتيجة، بدءاً من أسرهم، وصولاً إلى كل ما يتعرضون له في الشارع من مظالم وإهانات، سواء من البلطجية أو من الشرطة أو بسبب اشمئزاز المارين في الشارع منهم.
    ذلك الحنق – بحسب الشريف - هو ما يدفعهم إلى تجريح سيارات مركونة في جوانب الطرقات بآلات حادة، من دون حتى أن يعرفوا أصحابها، ومن دون أنه يفرقوا بين سيارة وأخرى.
    وما سلوكهم هذا، إلّا لتفريغ الغضب في دواخلهم، والذي يدفعهم أيضاً إلى الاغتصاب وتشويه وجوه أو أجساد الضحايا. هذا مرض، وكل ما يرغبون فيه من تصرفاتهم هذه إثبات القوة والسلطة، والإحساس بأنهم قادرون على قهر شخص آخر، وأن هناك من هو أضعف منهم، ما يجعلهم في نظر أنفسهم أقوياء ويشعرهم بالرّضا.
    يتابع الشريف: "هؤلاء الاولاد مظلومون تماماً، وإن تحولوا قساة غلاظ القلوب أو ظالمين، يظل كل هذا انتقاماً ممّا واجهوه من ظلم وقهر وإهانات في البيت والشارع، ومن الأسرة والمجتمع".

    البيت هو السبب

    تُجمع هند ومنال وكاميليا على معرفتهن بأنه في إمكانهن أن يعدن إلى بيوتهن وينتهي كل ما يتعرضن له من معاناة في الشارع، لكن ثلاثتهن لا يغفرن لأسرهن أنها السبب الأول في خروجهن إلى الشارع سواء من قسوة الإخوة أو زوجة الأب أو الأب نفسه، معللات ذلك بأن قسوة الغريب يمكن احتمالها في أي حال، أما قسوة القريب الذي يُفترض به الحنان والرعاية فلا تُحتمل أبداً.
    تنقّل محمد علي – المختص الاجتماعي في جمعيات رعاية أطفال الشوارع - خلال مهنته بين جمعيات كثيرة ترعى هؤلاء الأطفال. يقول أن دور تلك الجمعيات محدود جداً، وربما هي عاجزة بالكامل عن توفير أكثر من ساعات رعاية أو تقديم المأكل أو الملبس أو جعل الأولاد يقومون بنشاطات معينة أو يتحدثون قليلًا عمّا يواجهونه من مصاعب في حياة الشوارع، وأحياناً تقدم مأوى دائماً لعدد محدد من الفتيات أو الفتيان، وفقاً لما تسمح به مقارهم.
    يعتبر علي أن الحل يتمثل في وعي مجتمعي شامل، مصالحة اجتماعية تحدث مع الأولاد، حتى يقبلوا بإعادة تأهيلهم وانخراطهم في حياة سوية، "كثيراً ما نجد فتياناً وفتيات يهربون من المقار الدائمة، ويفضلون عليها حياة الشارع مرة أخرى". ويضيف أنّ لا تفسير لديه أكثر من أن هؤلاء الأولاد غير مهيئين لحياة طبيعية، ولا بد من عمل جبار لإعادة تأهيلهم.

    غابة الشارع

    "أول ما نزلت الشارع من 15 سنة كانت الحياة فيه صعبة أوي، دلوقتي بقى غابة"، هكذا تصف نسرين، وهو اسم مستعار، حياتها التي تتغير يومياً بسبب موجات الغلاء التي تدفع بعض الفقراء إلى الشارع وتزيد الناس عنفاً، برأيها.
    التقاها رصيف22 في جمعية نور الحياة. هي في آخر عقدها الثاني، بيضاء البشرة، ترتدي عباءة ملونة وتضع على رأسها غطاءً، ويظهر على النصف الأيسر من وجهها أثر لحرق من حادث قديم.
    تقول نسرين إنه أصبح من المستحيل الحفاظ على نفسها يوماً كاملاً من دون أن تتعرض لحادثة ضرب أو اغتصاب أو تحرش. وهو ما تؤكده إحدى العاملات في المركز، لأنها تستمع دوماً لقصص الفتيات.
    "الرقص على المراكب النيلية من أهون الحاجات اللي ممكن تحصل لنا، بنطلع نرقص كام ساعة وناخد قرشين ونمشي"، تقول نسرين.
    فهذا العمل، برأيها، من أكثر الأعمال التي تتيح لها كسب رزقها مع الحفاظ على كرامتها وجسدها. فهي وزميلاتها يرقصن بعباءات سوداء من دون أن يسمحن لأحد بتجاوز الحدود معهن. لا يخلو عملهن من سماع تعليقات ومعاكسات من بعض الركاب، لكن هذا، بحسب قولها، أمر مقدور عليه.
    وتختم "عندما تعيش في الشارع وتتعرض لحوادث التحرش والاغتصاب، يكون من الجنون أن تتضايق من التعليقات الكلامية. نحاول وقف المتحرش عند حدّه وكفى".

    نائبة تقترح إخصاء المتحرشين

    أثارت تصريحات البرلمانية المصرية زينب سالم، عن إعدادها مقترح مشروع قانون ينص على "إخصاء المتحرشين" جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية، ما لبث أن انتشر صداه سريعاً في الشارع المصري.
    وقالت سالم لرصيف22 إن مقترحها يهدف إلى إلقاء حجر في المياه الراكدة، خاصة بعد واقعة التحرش الجماعي بفتاة في مدينة الشرقية، في وقت تتعطّل مناقشة مشروع قانون تغليظ العقوبات على المتحرشين الذي قدمته النائبة البرلمانية سوزي ناشد منذ فترة.
    وتضيف أنها لم تتقدم بمشروع القانون إلى البرلمان حتى الآن، لكن مقترحها جاء تمهيداً لبحث جدوى الفكرة، موضحة أنها تستهدف طرحه للنقاش العام في أوساط السياسيين والحقوقيين، لمعرفة رأي الشارع المصري بشأنه.
    النائبة المصرية تؤكد أن حالة الجدل الشديد التي تولّدت بعد اقتراحها تؤكد أهمية الموضوع ومحوريته، موضحة في الوقت ذاته أن حالة الشد والجذب الواقعة الآن تساعد على توليد العديد من الأفكار التي تصب في صالح تطوير المقترح أو ربما تعديله، مشيرة إلى أنها تسعى إلى التواصل مع المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لبحث مدى قانونية عقوبة الإخصاء ومدى توافقها مع التشريعات الدولية في مجال حقوق الإنسان.
    وتوضح سالم أنها لا تسعى إلى إخصاء جميع المتحرشين كما روّجت بعض وسائل الإعلام المصرية المحلية، لكنها تنادي بأن تكون عقوبة "الإخصاء" سقف العقوبات في حالة تكرار الجريمة أكثر من مرة، وتطبق في هذه الحالة على من يثبت عليه اعتياد التحرش خاصة في حالة التحرش الجنسي بالملامسة أو الاغتصاب.
    وأكّدت أن هذه العقوبة ستكون رادعة بشكل كبير، مضيفةً أن الردع له وجهان، ردع عام وردع خاص، فالشخص المعاقب لن يفعل ذلك مجدداً وستضرب رجولته في مقتل ليشعر بما تشعر به الأنثى حينما تُنتهك أنوثتها، أما الردع العام سيتحقق بمجرد تطبيق العقوبة على شخص واحد فقط، وبعدها لن يجرؤ أحد على التحرش مطلقاً وستختفي الظاهرة تماماً، على حد قولها.
    النائبة التي تتشبث بموقفها، الذي يراه البعض عنيفاً ومتطرفاً إلى حد بعيد، تؤكد أن موقفها لم يأت من فراغ، فالقوانين الحالية لا تحقق فكرة الردع بقوة، فضلاً عن أن بنات وسيدات كثيرات يرفضن الإبلاغ عن المتحرش خشية فضح أنفسهن في مجتمع محافظ بطبعه.
    لكنها تستدرك: "مقترحي جاء بعد متابعة مكثفة لما وصلت إليه الظاهرة وملاحظة انتشارها في الفترة الأخيرة، فلا يكاد يمر عيد أو مناسبة يحتفل فيها المصريون بالخروج إلى الشوارع إلا وتقع العديد من حالات التحرش بمختلف درجاتها، وبالتالي لا بد من وقف هذا النزيف الذي أصبح يهدد بنات المصريين ومواجهته بحسم شديد وبدون أي تهاون".
    وتنفي سالم ما تردد عن أن نجل شقيقتها ضُبط في حالة تحرش مؤكدة أنها قضية تم تلفيقها له بسبب حدوث مشادة كلامية وخلافات بينها وبين ضابط بقسم مدينة نصر بالقاهرة.

    التحرش في مصر وصل إلى الرُكب

    طبقاً لدراسة أعدتها الأمم المتحدة، فإن 99.3% من العينة التي أجريت عليها الدراسة تشير إلى التعرض للتحرش لمرة واحدة على الأقل بمختلف درجات التحرش بدءاً من النظرة وصولاً للملامسة الجسدية والاغتصاب، كما أظهرت أن 93.4% من ضحايا التحرش يرفضن اللجوء للشرطة، و34.6% منهن يرفضن ذلك خشية من الفضيحة، و10.2% بسبب اعتقادهن أن آباءهن لن يصدقوا أقوالهن وسيتم لومهن.
    وبحسب الدراسة أيضاً، فإنه في 40% من حالات التحرش في الشارع لم يتفاعل المارة مع تلك الوقائع معتبرين أنها عادية، بينما تظاهر 11% بعدم رؤيتهم لما يجري.
    وبحسب الدراسة فإن 8% من ضحايا التحرش حاولن الانتحار. ويأتي طلاب الجامعات والمدارس في المرتبة الثانية للمتحرشين بعد العاطلين عن العمل، و25.8% من المتحرشين يقومون بالتحرش كنوع من الاعتياد فقط دون الشعور بأي استمتاع فيما يتحرش 24.7% من الذكور للشعور بالرجولة فقط.
    Inside_sexualAssaultEgypt_Gigi-Ibrahim-_-Flickr
    وأوضحت الدراسة أيضاً أن 48.8% من رجال الشرطة أوقفوا حالات تحرش، ونسبة 21.1% منهم قبضوا على المتحرش، و13.8% منهم سخروا من الضحية.
    وتظهر أرقام رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، صدرت في تقرير حديث، أن حوالي 49% من الفتيات اللواتي يعشن في المناطق الفقيرة في مصر، يتعرضن للتحرش الجسدي واللفظي، فيما توضح إحصاءات المركز المصري لحقوق المرأة أن 64% من النساء المصريات يتعرضن للتحرش بصفة يومية، و33% منهن تعرضن للتحرش أكثر من مرة لكن ليس بصفة يومية.

    متى تُشدّد العقوبات؟

    في سياقٍ موازٍ ليس ببعيد عن الإحصاءات التي تشير إلى تفاقم الظاهرة، وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب على مشروع قانون تقدمت به النائبة سوزي ناشد بشأن تغليظ (تشديد) العقوبات على المتحرشين.
    التحرش في مصر "وصل إلى الرُكب"... ونائبة تقترح إخصاء المتحرشين وينص مشروع القانون على أن يُعاقب المتحرش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، بعد أن كانت 6 أشهر، فيما زادت عقوبة الحبس إلى مدة سنتين، في حالة تكرار الفعل بعد أن كانت سنة واحدة في القانون المعمول به حالياً، والذي يتيح الحبس حتى 5 سنوات حداً أقصى إذا كان المتحرش يحمل سلاح.
    في السياق ذاته توضح النائبة سوزي ناشد أن تأخر مناقشة مشروع القانون حتى الآن، سببه انشغال البرلمان بمناقشة قوانين أخرى على رأسها قوانين مكافحة الإرهاب والتشريعات والإجراءات التي تيسّر عملية تجفيفه من منابعه وسرعة محاكمة مَن ينتمون إلى تنظيماته.

    زيادة الوعي أم تغليظ العقوبات؟

    يوضح أحمد حجاب، مدير وحدة المناطق الآمنة في مبادرة "خريطة التحرش" لرصيف22 أن آخر إحصائية للأمم المتحدة تكشف عن حجم التحرش في مصر والذي يعتبر ظاهرة لا يمكن التغاضي عنها بأي حال من الأحوال، فهي منتشرة بنسبة كبيرة جداً في مختلف أنحاء مصر، بحسب تعبيره.
    Inside_sexualAssaultEgypt_UN-Women-_-Flickr
    ويرى حجاب أن فكرة تغليظ العقوبة، التي تراوح حالياً بين 6 أشهر و5 سنوات سجن، ليست هي الحل للقضاء على الظاهرة، لكن الحل يكمن في العمل على زيادة الوعي المجتمعي بأن التحرش جريمة، لأن المتحرش يتخيل أنه لا يفعل شيئاً مشيناً، مشيراً إلى أن واقعة التحرش الجماعي بمدينة الزقازيق وتجمع الشباب حولها يؤكد تفاخر الشباب بالواقعة وأن هدفهم هو فضح الأنثى ليس أكثر.
    ويؤكد حجاب أن تفعيل القانون بشكل أكبر سيعمل على الحد من الظاهرة، وفي حالة رفض أي ضابط شرطة تحرير محضر يتم التوجه لتحرير محضر تجاه هذا الضابط في مديرية الأمن التابع لها، مطالباً وزارة الداخلية بالإعلان عن الأعداد التي تمت إدانتها في قضايا تحرش وهي عديدة بالفعل، لكن الإعلان عنها هام جداً حيث يمكن تحقيق فكرة الردع وإعلام جميع المواطنين أن هناك قانوناً منذ عام 2013 يجرّم التحرش، فكثيرون لا يعرفون بوجود هكذا قانون.

    قانون لـ"الإخصاء" أم تشريع للتعذيب؟

    يرى مدير وحدة المناطق الآمنة في مبادرة "خريطة التحرش" أن تصريحات النائبة عن إعدادها لمشروع قانون لإخصاء المتحرشين غير قانوني من الأساس لأنه يعتبر عملية إيذاء بدني والدستور المصري لا يقر أي عقوبات جسدية على الأشخاص، فلا يوجد في مصر قطع يد على سبيل المثال، لأن ذلك يعتبر نوعاً من التعذيب، مشيراً إلى أن المبادرة ضد ممارسة العنف بأي شكل من الأشكال ومع تطبيق عقوبات السجن كما جاء بالقانون بشكل واضح وصريح.

    يقول فتحي فريد مؤسس مبادرة شفت تحرش والباحث بمبادرة أمان لمناهضة التحرش الجنسي، لرصيف22 إن الحديث عن أي عقوبة تمس السلامة الشخصية للمواطنين يعتبر جريمة، والداعي لها يجب أن يحاكم لا سيما إذا كان يمثل السلطة التشريعية، وبالتالي نكون أمام جرم مضاعف، لأنه من المفترض أن يكون دور النائب تشريع القوانين لحماية حقوق وحريات المواطنين وكذلك سن القوانين العقابية، لكن ليست تلك التي تمثل جرماً.
    Inside_sexualAssaultEgypt_shaimaa-sayede-_-Flickr
    وأضاف فريد أنه من المفترض في حالة طرح مشروع القانون بالفعل وتمريره، أن ينفذه رجل قانون يمثل السلطة التنفيذية، وهو ما يعني تشريع التعذيب وتقنينه، فالتعريف العالمي للتعذيب هو أن يقوم موظف عمومي بانتهاك جسد مواطن أو مواطنة في الأماكن الرسمية أو غير الرسمية، مطالباً بمحاكمة النائبة التي اقترحت مشروع القانون.

    التجارب الدولية في "الإخصاء الجراحي"

    الإخصاء الجراحي هو عقوبة موجودة بالفعل في عدة ولايات بأمريكا، وهي أقصى عقوبة للمغتصبين ويتم فيها إزالة الخصيتين تماماً (الإخصاء الجراحي) أو يجرى لهم ما يُعرف بـ"الإخصاء الكيميائي".
    وفي بعض الولايات مثل "كولورادو" يتم إعطاء عقاقير لمن اعتادوا التحرش الجنسي لتخفيف شهوتهم الجنسية.
    بينما يطالب بعض المدانين في قضايا الاغتصاب في عدة ولايات مثل أوهايو وإلينوي وأركنساس بإتاحة عقوبة الإخصاء الجراحي كبديل عن عقوبة السجن مدى الحياة.
    وأصدرت المحكمة الجنائية في ولاية كاليفورنيا قراراً يتيح لمن اعتادوا التحرش الجنسي أن يختاروا بين أن يتم إخصاؤهم جراحياً وبين قضاء عقوبة السجن مدى الحياة، وأصدرت محكمة تكساس حكماً سابقاً بالإخصاء الجراحي على شخص أدين باغتصاب فتاة عمرها 13 عاماً بدلاً من قضاء عقوبة السجن مدى الحياة.
    لكن المعارضين لذلك القانون يقولون إنها وسيلة بربرية للتعامل مع المدانين بالتحرش الجنسي، ودانت جماعات ناشطة في مجال حقوق الانسان هذه العقوبة ونادت باستبدالها بعقوبات مخففة واصفةً تلك العملية بأنها "قاسية وغير معتادة".
    وعارض بعض الباحثين والأطباء تلك الإجراءات بدعوى أن هناك العديد من الطرق العلاجية الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى نفس النتيجة لكنها لا تجني على المدان بهذا الشكل العنيف.
    يستند المدافعون عن الجراحات الإخصائية إلى أن هذه العقوبة تثبت فعاليتها في الحد من الظاهرة. فقد أوضحت دراسة ألمانية حديثة أن معدل الانتكاس والعودة للجريمة يكون بنسبة 3% من المعاقبين بالإخصاء الجراحي مقارنة بـ46% ممن أدينوا بعقوبات أقل.

    انتشار الروبوتات الجنسية


    أثار خبر انتشار دمى جنسية على هيئة أطفال مطلع العام الجاري جدلاً واسعاً، بعد أن أطلقت شركة "Orient Doll" اليابانية تشكيلة جديدة من الدمى التي تراوح أعمارها بين 9 و16 عاماً.
    وركز الجدل على الهدف من تصميم دمى كهذه، وما قد تمثله للمتحرشين بالأطفال وعالم البيدوفيليا.
    الخطوة المثيرة للجدل عللتها الشركة اليابانية آنذاك بإعلانها أن الهدف من وراء هذه الدمى هو الحدّ من جرائم اغتصاب الأطفال أو التحرش بهم جنسياً.
    وقد تمكنت الشرطة البريطانية أخيراً من استخدام عمليات استيراد هذه الدمى لتعقّب متهمين محتملين بالتحرش بالأطفال.
    بعد ازدياد الطلب بشكل ملحوظ على الدمى الجنسية في بريطانيا، والتي يتم استيرادها من الصين عبر مواقع Amazon وEbay، نجح حرس الحدود البريطانية في مصادرة نحو 123 دمية، بسبب شبهها الكبير بالأطفال، من ناحية الشكل أو الوزن، إذ أكّدت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا (NCA) أن وزن الدمية الواحدة لم يتجاوز الـ25 كيلوغراماً.
    وبرغم أن ظاهرة استيراد الدمى جديدة في بريطانيا، بحسب الوكالة الوطنية، إلا أنها قادت السلطات البريطانية إلى تحديد هوية عدد من المتحرشين بالأطفال.
    قامت السلطات بتعقّب الطلبات وعناوينها لتحديد هويات الذين اشتروا هذه الدمى، على اعتبار أنها قد تكون إشارة على ميولهم الجنسية للأطفال.
    ومنذ بداية حملة مراقبة استيراد تلك الدمى، تمت إدانة 7 متهمين وسجن شخص واحد على الأقل بتهم مرتبطة بالتحرش بالأطفال.
    ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية معلومات تؤكد ضلوع عدد من الرجال بفعل تحرش مرتبط بطفل أو أكثر.
    المتحّرشين بالأطفال، دمى جنسية وفتاة افتراضية...
    التحقيق في قضية استيراد تلك الدمى انطلق في شهر مارس من العام الماضي، عندما طُلب من طبيب متخصص فحص بعض النماذج لمعرفة مدى تطابق مواصفاتها مع مواصفات الأطفال.
    ورغم ما تقوم به الشرطة البريطانية، لا تزال هناك فجوة قانونية تطرح سؤالاً مهماً عن مدى شرعية أو عدم شرعية امتلاك دمية جنسية شبيهة بالأطفال.
    INSIDE_ChildSexDoll

    الآتي أعظم... تخوّف من الروبوتات الجنسية

    لعل الخطر الحقيقي يكمن في ظاهرة انتشار الروبوتات الجنسية، والتي قد تكون "أقرب مما نعتقد" للحقيقة، بحسب الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا.
    وتخشى الوكالة أن يتم تصنيع روبوتات متقدمة شبيهة بالأطفال إلى حد كبير، ومع عدم وجود قانون واضح يمنع أو يدين استيراد الدمى والروبوتات الجنسية الشبيهة بالأطفال، يكون العالم أمام "محفز جديد للمتحرشين المحتملين" الذين قد لا يكونون بذلك عرضة لأي مساءلة قانونية.

    طرق مبتكرة لاستدراج المتحّرشين

    يُعدّ رصد المتحرشين بالأطفال جنسياً من المهمات الحساسة بحسب منظمة الصحة العالمية لأن الإشارات قد لا تكون واضحة للمحيط، وعلى الرغم من الجهود والكتيّبات والدراسات التي تقدمها المنظمات والمبادرات المهتمة بالقضية، تبذل السلطات في عدد من البلدان جهداً واضحاً في محاولة مكافحة هذه الظاهرة.
    سويتي هي فتاة افتراضية فليبينية، عمرها 10 سنين، ابتكرتها المنظمة غير الحكومية "أرض الإنسان" La Terre des Hommes في هولندا لتصطاد المتحرّشين بالأطفال عبر الإنترنت.
    نفّذت المنظمة أوّل عملية قانونية ناجحة عندما ساهمت في أكتوبر 2014 بالقبض على أسترالي حكم عليه بالسجن مدة سنتين بتهمة اللجوء إلى طلب خدمات جنسية من قاصر.
    أما دان، فهو رقيب ومحقق إنترنت سري يعمل مع شرطة العاصمة في بريطانيا، بحسب صحيفة "الغارديان"، وتحديداً في وحدة مكافحة التحرش بالأطفال.
    يجلس دان قبالة جهاز الكمبيوتر المحمول أثناء انتقاله في عدة غرف دردشة عبر الإنترنت مستخدماً اسم "louiseis14" مدعياً أنه فتاة في الرابعة عشرة من العمر، آملاً أيضاً بالإيقاع بأكبر عدد ممكن من المتحرشين.


    الاختلاس النظري الجنسي Voyeurism والافتضاحية Exhibitionism

    تستمتعون بالنظر إلى خصوصية الآخر. تشعرون برغبة كبيرة حين تكونون معه في أوقات حميمة، أثناء الاستحمام، التعرّي، أو ممارسة الحب. يسكنكم شغف التلصص عليه. شغف يولّد لديكم إثارة جنسية لا تستطيعون السيطرة عليها. ولا تريدون ذلك. أو أن لديكم رغبة جامحة في ملامسة جسدكم في العلن أمام شخص آخر يراكم؟ رغبة تدفعكم إلى كسر القيود الاجتماعية التي توصي بالحشمة، فتتلذذون بمشاهدته لكم حتى تُثاروا جنسياً.
    هي متعة النظر تتخطى العام وتدخل في خصوصية الآخر. متعة جنسية يتآلف البعض معها، فيما تتخطى قدرة الآخرين على التحكم فيها، فتدخل في خانة ما يسمى بالشذوذ الجنسي المعروف بـ"الاختلاس النظري الجنسي" Voyeurism و"الافتضاحية" Exhibitionism.
    متى تتخطى متعة النظر المحظور؟ وهل من سبيل للتآلف معها؟

    التعريف

    يعرّف المعجم الخاص بالإضطرابات النفسية DSM6 الاختلاس النظري الجنسي باللذة الجنسية التي يجدها الشخص لدى النظر إلى الأعضاء التناسلية للآخر أو مشاهدته أثناء ممارسة الجنس من دون علمه. متعة النظر تلك تثيره جنسياً.
    أما الافتضاحية بمعناها الطبي النفسي، فتحصل حين يتحفّز الشخص جنسياً عندما يُري أعضاءه التناسلية للآخر أو عندما يراه الآخر وهو يمارس الجنس أو العادة السرية.

    هذا بالمفهوم الطبي العام. أما بالمفهوم الاجتماعي فالمسألة لا تعرّف حصراً على أنها اضطراب، لأن الكثيرين يتمتعون بهذا النوع من اللذة ولو أبقوا ذلك سرّاً.
    العديد من الأشخاص يستمتعون بمشاهدة الآخرين أو التنصت عليهم، وهم في أوضاع حميمة، مما يثير خيالهم الجنسي ويجعلهم يلامسون أعضاءهم الجنسية نتيجة الإثارة. وفي السياق نفسه، نجد العديد من الأشخاص يتمتعون بالظهور بمظهر مثير للنظر، إذ يكشفون عن مفاتنهم أكثر مما هو مقبول اجتماعياً، وهذا ما يثير الآخر جنسياً ويثيرهم هم أيضاً بالدرجة الثانية.
    إنها رغبة جنسية لدى الكثيرين، لكنها خطيرة بما فيها من لذّات ومتعة تخطي حدود الجسد وخصوصية الآخر. فإن استطاع الشخص السيطرة عليها والاستمتاع من دون أن يشعر الآخر بالتهديد، فستبقى في حدود اللذة الشخصية. أما إذا تم تجاوز الحدود وأصبح الشخص مكشوفاً أمام الآخرين، فسيشكل ذلك خطراً عليه، إما في شعوره بالذنب أو في اختلال علاقاته الاجتماعية، وهنا ندخل في خانة الاضطراب الجنسي.
    لكن السؤال الأهم هنا هو: هل متعة النظر تلك يجب أن تختفي ويتم التخلص منها أو "معالجتها" كما ينصح بعض رجال الدين أو متخصصون في علاج الأمراض النفسية أم أنها لذّة جنسية يجب إيجاد إطار سليم وسرّي لها؟

    جولة في دماغ هؤلاء

    كيف يفكر الأشخاص الذي يشعرون بلذّة جنسية لمجرد النظر إلى أعضاء الآخر التناسلية أو عندما ينظر الآخر إلى أعضائهم التناسلية؟ أين نجدهم وكيف يتعايشون مع تلك الرغبات؟
    هل تستمتعون بمشاهدة أفلام البورنو ومشاهد الجنس الحميمة؟ هل يثيركم ذلك جنسياً؟ هناك بعض من الاختلاس النظري الجنسي في ذلك.
    بعضنا يشعر بالمتعة إن نظر إليه شخص بإعجاب حتى ولو لم يعبّر عن ذلك علناً خشية النقد. ومنا من يشعر باللذة حين يشاهد آخرين في أوضاع حميمة إن لم تكن لذّة بمعناها الصرف، فهي بالطبع فضول أو لهفة.
    فيما تبقى الدراسات والإحصاءات شبه غائبة في العالم العربي لكون تلك المسألة تابو، يظل الحال مختلفاً في العالم الغربي. فقد أشارت دراسة أجريت في جامعة كارولينسكا في ستوكهولم على عينة من 2450 شاباً وشابة سويدية حول  شعورهم بإحدى تلك الرغبات الجنسية. وبيّنت الدراسة أن الرجال يتفوقون على النساء في رغبة الاختلاس النظري الجنسي كما في لذّة الافتضاحية.
    وتأتي أرقام مشاهدات البورنو لتثبت ذلك أيضاً، ومعها الطبيعة الجندرية للوافدين إلى الكباريهات والملاهي الليلية لتأمل الراقصات، وهنّ ينزعن عنهن شيئاً فشيئاً اللانجوري. وهذا ما يزيد من الإثارة بفعل النظر فقط لأن اللمس ممنوع. متعة النظر إذاً تكون في ذروتها في تلك الأماكن، وعلى شواطئ العراة، في الملاهي الليلية، أمام شاشات الهاتف حيث يستطيع الشخص أن يراقب الآخر من دون الحاجة إلى لمسه، مما يشعل لذّته الجنسية وخياله الجنسي.
    يعتبر فرويد، الطبيب والمحلل النفسي المتهم بإرجاع مشاكل الشخص إلى قمع جنسي ما، أن الإنسان بطبيعته شاذ (بمعنى الشواذ عن القواعد الجنسية المقبولة اجتماعياً). ولشواذه أشكال عدّة. أي أن لا تركيبة جنسية تشبه أخرى وكل شخص مختلف عن سواه في أهوائه ورغباته وطريقة استمتاعه بالجنس.
    فإن كانت إشكالية اعتبار الاستمناء بمجرد النظر إلى آخرين يمارسون الجنس أو رغبة عرض تفاصيل الجسد الحميمة ليراها الآخر والتلذذ بذلك، شذوذاً أو مرضاً نفسياً، فكيف نصنف الأشخاص الذين يتلذذون برائحة الشريك أو الذين يشعرون بلذّة إن تعرضوا للضرب الخفيف أثناء ممارسة الجنس؟
    رغبات وممارسات جنسية تبقى سرّاً، وتعني الشخص وحده. رغبات إذا استطاع الشخص وضعها ضمن إطار سليم لا يؤذي الآخر ولا يرغمه على التورط بفعل جنسي، أعطت حياته متعة خاصة تخرجه من روتين الحياة الذي لا يرحم الجنس ولا يستثنيه، فتصبح الحياة الجنسية الخارجة أساساً من عقدة القواعد والقوانين مختلفة، لذيذة، متجددة، يستطيع الشخص فيها عيش حرية الرغبات والتمتع بخصوصية لذّاته.

    حول تجارة الجنس

    في أغسطس عام 2014، أصدرت مجلة "الإيكونوميست" عدداً خاصاً حول تجارة الجنس، خلصت من خلاله إلى أن الجنس انتقل من الشوارع في كل الدول تقريباً إلى عالم مختلف هو الإنترنت.
    اعتبرت المجلة أن جنس الإنترنت بات أكثر أماناً من جنس الشوارع، وقد تحوّل أمراً واقعاً حتى لو ادعت بعض الدول - لأسباب دينية أو اجتماعية - عدم وجوده، لكن الجنس في فضاء الإنترنت قد يواجه قريباً تشريعات جديدة حملت اسمي "سيستا" (SESTA) و "فوستا" (FOSTA)، وأثارت مخاوف على مختلف الأصعدة. كان أبرزها لدى العاملين في مجال الجنس ولدى المنصات الإلكترونية.

    حكاية SESTA و FOSTA

    يوم 21 مارس الماضي، مرّر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون يحمل اسم "إيقاف تمكين المتاجرين بالجنس"، أو "Stop Enabling Sex Traffickers Act" الذي بات يُعرف اختصاراً باسم SESTA، لكن بمجرد تمرير هذا القانون بدأت حالة كبيرة من الجدل ليس داخل أمريكا فحسب بل في العديد من دول العالم.
    وأعلنت بعض المنظمات الحقوقية عن رفضها لمشروع القانون باعتباره يمثل تهديداً لحرية الإنترنت، كما أعلن العديد من العاملين في مجال الجنس عن تخوفهم منه لأسباب عدة منها أنه سيصعب مهمتهم في العثور على مواقع إنترنت يعلنون من خلالها عن خدماتهم الجنسية.
    وكان السيناتور روب بورتمان من أوهايو قد تقدّم بمشروع SESTA، في أغسطس الماضي، والهدف كان آنذاك تعديل جزء من المادة 230 من قانون آداب الاتصالات الذي خرج للنور في العام 1996.
    وتعطي تلك المادة مواقع الإنترنت حصانة لحمايتها من أية مسؤولية قانونية مما ينشره المستخدمون عليها، والتي أرادت أن تحمي مواقع الإنترنت –خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي- من المواد التي يكتبها المستخدمون، محمّلة نتيجة هذه المواد لأصحابها فقط.
    لكن مشروع قانون "إيقاف تمكين المتاجرين بالجنس" يقترح توسيع المسؤولية في ما يتعلق بالمحتوى الذي يقوم المستخدمون بنشره، ليشمل كذلك المنصات التي يتم النشر عليها، وهو ما يعطي للسلطات الحق في معاقبة المواقع واعتبارها مسؤولة أمام القانون عن كل ما ينشر عليها.
    وفي حالة إقرار ذلك القانون سوف يتم تغريم ومحاكمة مشغلي مواقع الإنترنت في حال تقديم دعم وتسهيل لما يتعلق بالاتجار بالجنس، ولن تقتصر المقاضاة على المدعي العام فحسب، بل سيكون للضحايا أيضاً الحق الكامل في مقاضاة مشغلي الشبكات الذين يسهلون مثل هذه الأعمال.
    ويرى السيناتور روتمان أن المشروع الذي شارك في إعداده وتقدم به يعتبر "مشروعاً مهماً" و"سيحاسب المتاجرين بالجنس وسيساعد في منح الناجين من هذه التجارة العدالة التي يستحقونها"، على حدّ قوله.

    القانون بين مؤيد ومعترض

    يرى المؤيدون لمشروع القانون أن هناك حاجة ملحة له بسبب زيادة حجم الاتجار بالجنس على الشبكة العنكبوتية، وهو الأمر الذي يستلزم بحسبهم تشريعات وإجراءات وقائية تهدف لحماية ضحايا هذه التجارة، ولوضع حد للمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الذين يتم المتاجرة بهم جنسياً على الإنترنت.

    في المقابل، يتخوف المعارضون للقانون المثير للجدل من أن يكتفي ضحايا الاتجار بالجنس، والمنظمات التي تعمل بشكل رئيسي في الدفاع عن حقوقهم، باختيار الطريق الأسهل، وهو رفع قضايا على المواقع التي تنشر المحتوى المسيء لا الشخص الذي قام بكتابة هذا المحتوى.


    وبحسب المعارضين، فإن القانون لن يمنع الانتشار الكبير للمتاجرين بالجنس على الإنترنت بل سيؤدي إلى ما يطلقون عليه انتشار "سوق سوداء" لهم، تجعل الأمر يتم بعيداً عن أعين المسؤولين.
    وفي قائمة أبرز المعارضين لمشروع القانون نجد المنظمة الوطنية للنساء ووزارة العدل، إلى جانب مؤسسة "ويكيميديا" التي تقف وراء موقع "ويكيبيديا" العالمي، والتي اعتبرت أن المشروع سيكون له تأثير سلبي قد يجعل من الصعب على الموقع مواصلة العمل، بسبب أنه يعتمد بشكل أساسي على المستخدمين في بناء محتواه.
    وتخشى "ويكيبيديا" أن يكون مشروع القانون الجديد سبباً في القضاء على المواقع الناشئة وحتى على الشركات مثل ويكيبيديا، خوفاً من التهديدات التي سيتعرضون لها بسبب الملاحقة القضائية، نظراً لأن تلك التهديدات في حالة زيادتها ستتطلب مزيداً من الأموال بهدف مواجهة تلك الدعاوى القضائية، كما سيتطلب الأمر تطوير خوارزميات عمل تلك المواقع كي تصبح قادرة على محاربة المحتوى المسيء، وهو ما سيحتاج بدوره لمزيد من الموارد البشرية والأموال.
    ويقول مشروع القانون أيضاً إن الموقع سيتعرض للمساءلة القانونية في حالات عدة منها إذا ساعد أو سهل أو دعم الاتجار بالبشر.
    أما رابطة شبكة الإنترنت (وهي كيان يضم شركات كبرى منها فيسبوك وغوغل وأمازون وغيرهم) فقد رفضت في البداية مشروع القانون معتبرة أنه سيضر بحرية التعبير والإبداع على الإنترنت، قبل أن تتراجع عن ذلك وتعبر في بيان رسمي عن رضاها عن المشروع، بسبب "تعديلات"، أدخلت عليه على حدّ تعبير البيان.
    وغيرت الرابطة موقفها بعد أن أُضيف لمشروع القانون جملة ترى أن مساءلة المواقع ستتم فقط إذا كان الموقع يساعد "عن علم" المتاجرين بالجنس على منصته.
    لكن هذا التعديل لم يمنع بعض الشركات الأخرى من معارضة مشروع القانون، ومنها على سبيل المثال مؤسسة "إنجين" التي تعمل في دعم الشركات الناشئة على الإنترنت، والتي ترى أن صيغة مشروع القانون لا زالت غير واضحة وغامضة وتساهم في أن تتعرض الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا للمساءلة بسبب محتوى قد لا يمكنها السيطرة عليه لأسباب تقنية.

    عملهم سيصبح أكثر خطورة

    ظهر لدى العاملين في مجال الجنس عدد من التخوفات بشأن القانون، إذ يشعرون أن الأخير يخلط بشكل خاطئ بين عملهم في مجال الجنس وبين تهمة "الاتجار بالجنس"، ويقولون إن قدرتهم على نشر إعلانات ومنشورات عبر الإنترنت ستتأثر، كما يعتبرون أنه قد يكون سبباً في أن يتعرضوا إلى مخاطر الاعتداء الجنسي والمضايقات.
    ولم تنتظر منصات إنترنت عدة أن يوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التشريعات الجديدة لتصبح رسمية (ومتوقع أن يحدث ذلك قريباً) بل قاموا باتخاذ خطوات وقائية، فمثلاً أغلق موقع "كريغزلست" قسماً مختصاً بالتعارف الشخصي، كما أزال موقع "Reddit" بعض المحتوى المتعلق بالعمل في مجال الجنس.
    ويقول العاملون في مجال الجنس إن الإنترنت بالنسبة لهم ليس فقط مجرد منصة لنشر إعلانات عن خدماتهم الجنسية، بل إنهم يتواصلون من خلاله أيضاً مع أقرانهم، ويتشاركون معهم المعلومات والنصائح والتحذيرات التي تجعلهم أكثر أماناً.
    ويعتقد هؤلاء أن التجريم سيجعل عملهم أكثر خطورة، حيث لن يستطيعوا الإعلان عن أنفسهم بشفافية، أو يطلبون المساعدة عندما يتعرضون للإساءة.
    ويؤكد تحالف جديد ظهر ضد SESTA، أعضاؤه من العاملين السابقين والحاليين في مجال الجنس، أن منصات الإنترنت استجابت بالفعل لمشروع القانون المثير للجدل، بعدما وجد أن ما لا يقل عن 18 منصة على الإنترنت، إما أغلقت الباب أمام مشاركة العاملين في مجال الجنس عليها، أو غيرت سياساتها بشأن المحتوى الذي يقوم العاملون في مجال الجنس بنشره. وهو ما سبّب خسارة كبيرة للعاملين في هذا المجال، على حدّ تعبيرهم.