صورة لدكتاتور إسبانيا فرانكو سنة 1939
عقب حرب أهلية دامية استمرت لأكثر من عامين ونصف العام، تمكنت الجبهة
القومية الإسبانية بقيادة فرانسيسكو فرانكو (Francisco Franco)، والمدعومة
من قبل ألمانيا وإيطاليا، من إلحاق الهزيمة بالجمهوريين. وبناء على ذلك،
حصل الدكتاتور فرانكو سنة 1939 على مقاليد السلطة بإسبانيا ليحكم البلاد
بقبضة من حديد على مدار أكثر من ثلاثة عقود ونصف.
صورة للدكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو
وإلى حدود وفاة فرانسيسكو فرانكو سنة 1975، عاشت إسبانيا على وقع سياسة
انعزالية أعاقت تقدمها التكنولوجي والصناعي بشكل واضح. وشهدت السنوات التي
تلت نهاية عهد إسبانيا الفرانكوية ظهور العديد من الفضائح ولعل أبرزها قضية
خطف الأطفال التي مازالت تثير جدلاً واسعاً إلى يومنا الحاضر.
صورة لعدد من الجنود الجمهوريين الأسرى سنة 1936
ومنذ البداية، اعتمدت إسبانيا الفرانكوية نظاماً ميّز بين أفراد الشعب
الواحد حيث آمن أنصار الدكتاتور فرانكو، الذين تبنوا توجهاته، بفكرة تفوقهم
العرقي على بقية أفراد الشعب الإسباني وبناء على ذلك صنّف أتباع الجبهة
الجمهورية المعارضة خلال فترة الحرب الأهلية ضمن قائمة الأعراق الدنيئة.
ولهذا السبب، اتجه نظام فرانكو نحو تطبيق سياسة جديدة، معتمداً على هذا
التقسيم العرقي، سعى من خلالها لفرض هيمنة أتباعه على بقية شرائح المجتمع.
صورة لدكتاتور إسبانيا فرانكو رفقة القائد النازي أدولف هتلر
يصنف الطبيب الإسباني المختص في الأمراض النفسية أنطونيو فاييخو ناخيرا
(Antonio Vallejo-Nájera) كأهم مؤسس للنظريات العنصرية بإسبانيا. فعقب
سنوات قضاها الأخير في ألمانيا، عاد الطبيب أنطونيو فاييخو ناخيرا إلى
بلاده محملا بأفكار العنصرية القائمة على التمييز العرقي المستوحاة من
الأيديولوجيا النازية.
صورة لعدد من النساء اللوات حملن السلاح إلى جانب الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية
وعلى حسب هذا الطبيب الإسباني، كان في الإمكان رفع منزلة الأطفال
وإنقاذهم من الانحطاط العرقي في عمر مبكر. واقتضت هذه الطريقة الغريبة خطف
الأطفال من عائلاتهم ذات التوجهات الأيديولوجية والسياسية الدخيلة عن
الدولة الفرانكوية كالشيوعية والديمقراطية ونقلهم نحو عائلات أخرى متبنية
مساندة لنظام فرانكو. وخلال الفترة التالية، لم تتردد قوات فرانكو في
انتزاع الأطفال من الأمهات ذوات التوجهات الدخيلة داخل السجون لتسجل على
إثر ذلك نسبة الأطفال المختطفين ارتفاعاً سريعاً، ففي حدود عام 1943 قدّر
إجمالي عدد الأطفال المفقودين بنحو 12 ألفاً.
صورة لعدد من الجنود الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية
لاحقاً، اتجه نظام الدكتاتور فرانكو نحو توسيع هذه الأنشطة حيث تم تكوين
شبكة كاملة ضمت الحزب الحاكم والقطاع الصحي والكنيسة الكاثوليكية بالبلاد.
ومن خلالها، تم تحديد الأزواج ذوي الميول الأيديولوجية الدخيلة لتتم سرقة
أطفالهم داخل المستشفيات حال ولادتهم. ومع وقوع عملية الاختطاف داخل
المستشفى، يمد الطاقم الطبي الزوجين بخبر كاذب حول وفاة ابنهما بسبب تبعات
الولادة ويأتي ذلك قبل أن يتم منح أو بيع المولود الجديد لعائلة أخرى
مساندة لفرانكو لتبنيه. ولم يتسن للأمهات التأكد من خبر وفاة أطفالهن،
فبناء على القانون الإسباني المعتمد حينها يتكفل المسؤولون بالمستشفى بمهمة
دفن جثث الأطفال حديثي الولادة.
جانب من القوات الإيطالية المشاركة في الحرب الأهلية الإسبانية
استمرت هذه الممارسة لسنوات بعد وفاة الدكتاتور الإسباني
فرانكو سنة 1975 لتتسبب بين عامي 1939 و1989 في اختطاف ما يزيد عن 50 ألف
طفل، كما رجحت مصادر أخرى أن يكون العدد أكبر بكثير ليقارب 300 ألف طفل.
ولا تزال قضية الأطفال المختطفين بإسبانيا خلال عهد فرانكو موضع جدل
بالبلاد حيث تعجز السلطات الإسبانية عن تحديد الضحايا بسبب تغيير أسمائهم
وألقابهم، بالتزامن مع نقلهم للعائلات المتبنية، ومع نبش قبور الأطفال
الذين سجلوا كموتى حين ولادتهم أثناء عهد فرانكو، عثر المسؤولون الإسبان
على بقايا حيوانات أو أحجار أو قبور فارغة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق