دائما ما تتزامن ذكرى ثورة 23 يوليو مع ذكرى رحيل واحد من الجنود
المجهولين إلى حد كبير فى مسيرة تلك الثورة، وهو، رحمه الله، شخصية لم تنل
حقها من التحليل والتقييم للأدوار المحورية التى لعبها على مدى عقدين ونصف،
ربما لرحيله مبكرا عن عالمنا، مقارنة بغيره من قادة ورموز الثورة، وأعنى
هنا تحديدا المرحوم كمال الدين رفعت.
والسيد كمال رفعت كان من أوائل المنضمين لتنظيم الضباط الأحرار الذى قاد تحرك الجيش ليلة 23 يوليو 1952، وكان من المقربين للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقام بدوره بضم الكثير من الضباط لعضوية التنظيم.
إلا أن الدور الأول المهم الذى قام به السيد كمال رفعت كان قبل 1952، وتحديدا عقب إلغاء النحاس باشا لمعاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا فى أكتوبر 1951، حيث كان من أبرز قادة حرب التحرير الوطنية التى تمثلت فى قيام العديد من الضباط الأحرار بتدريب مواطنين مدنيين، من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، على حمل السلاح للمشاركة فى حرب الفدائيين التى انطلقت ضد قواعد الاحتلال البريطانى فى منطقة قناة السويس ومدنها، والتى لعب الراحل الكريم ورفاقه دور العقل المفكر والمنسق والقائد لها فى ذات الوقت، وبعد 23 يوليو 1952، أصبحت تلك الحرب تتم بإشراف القيادة السياسية بغرض الضغط على الاحتلال البريطانى لإنجاح مفاوضات الجلاء البريطانى عن مصر. وعلى الرغم من من توقيع اتفاقية الجلاء فى أكتوبر 1954، وبالتالى تأدية حرب التحرير الوطنية للغرض المطلوب منها، فإنه عقب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، عاد الراحل كمال رفعت ورفاقه مجددا إلى حرب الفدائيين وقادوا المقاومة الشعبية فى بورسعيد وما حولها للتضييق على القوات البريطانية والفرنسية فى منطقة القناة والحيلولة دون امتداد احتلالها لبقية البلاد. كما شارك فى مختلف مراحل حرب التحرير الوطنية والمقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثى من قبل العديد من الضباط الأحرار، ومن بعض مؤسسى إدارة المخابرات العامة المصرية، وفى مقدمتهم على سبيل المثال لا الحصر، ومع حفظ الألقاب للجميع، السيد زكريا محيى الدين، أول من تولى مسئولية إدارة المخابرات العامة بعد إنشائها عام 1953، وكذلك السادة محمد فائق ووجيه أباظة ولطفى واكد ومحمود عبدالناصر وعبدالفتاح أبو الفضل وسعد عفرة ومحمود سليمان وعبدالمجيد شديد وعبدالمجيد فريد ومحمد غانم وسمير غانم، وغيرهم.
ولئن كان الدور فى مقاومة الاحتلال البريطانى ثم مجددا فى مواجهة العدوان الثلاثى من أبرز أدوار الراحل كمال رفعت، فإنه لاحقا كان من أبرز وجوه مصر فى علاقاتها العربية، والتى سعت لتعزيز دور مصر العربى القيادى وترجمة رؤية القيادة السياسية المصرية آنذاك ممثلة فى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لتحقيق الوحدة العربية إلى واقع معيش. كما تولى عددا من المناصب الوزارية المهمة فى دولة الوحدة المصرية السورية ما بين فبراير 1958 وسبتمبر 1961، ولاحقا اختاره الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عضوا بالمجلس الرئاسى الذى تم تأسيسه عقب انفصال سوريا، كما كان له دوره البارز فى محادثات الوحدة الثلاثية التى جرت بين مصر وسوريا والعراق عام 1963 ولم تكلل بالنجاح. وتزامنت فترة الوحدة المصرية السورية مع توليه مسئوليتين تاريخيتين، الأولى عام 1960 واقترنت بتعيينه وزيرا للأوقاف بهدف إعداد وإصدار قانون تطوير الأزهر الشريف، حيث تم إدخال كليات نظرية وعملية فى جامعة الأزهر بالإضافة إلى الكليات التى تقوم بتدريس علوم الدين، والثانية تعيينه وزيرا للعمل بغرض إعداد وإصدار قوانين العمل التى شكلت جزءا لا يتجزأ مما عرف بـ«قوانين يوليو الاشتراكية» فى يوليو 1961، حيث حصل العمال لأول مرة على نسبة من عضوية مجالس إدارة المؤسسات التى يعملون بها وغير ذلك من حقوق.
وفى إطار تطوير الاتحاد الاشتراكى العربى كتنظيم سياسى وحيد فى تلك الفترة، لعب السيد كمال رفعت دورا مهما فى صياغة أيديولوجية التنظيم الجديد التى أطلق عليها «الاشتراكية العربية» وأسهم بالعديد من الكتابات والمحاضرات فى هذا الجهد، كما سعى إلى الاستفادة من خبرات وتجارب دول أخرى فى ذلك الوقت مثل يوغوسلافيا فى عهد رئيسها الراحل تيتو وغيرها، كذلك لعب أدوارا بارزة فى سياق الصيغ المختلفة لبناء تنظيم طليعى داخل الاتحاد الاشتراكى، سواء قبل أو بعد هزيمة 5 يونيو 1967.
وعقب وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970، حدث اختلاف فى وجهات النظر بين الراحل كمال رفعت والرئيس الراحل السادات، نتيجة رؤيته بأن السادات يتحرك بعيدا عن«الناصرية»، وبعد فترة قصيرة قضاها سفيرا لمصر فى لندن ترك منصبه، وأسس دار نشر لعبت دورا مهما فكريا وثقافيا آنذاك فى مصر والوطن العربى، وإن لفترة قصيرة، وهى «دار الثقافة العربية»، وعقب إعلان الرئيس الراحل السادات عن تجربة المنابر داخل الاتحاد الاشتراكى العربى عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا فى عام 1974، تقدم الراحل ومعه كل من النائب الحالى السيد كمال أحمد والدكتور عبدالكريم أحمد بطلب تأسيس المنبر الناصرى، وألف كتابه الشهير والمهم: «ناصريون... نعم»، وهو ما رفضه الرئيس الراحل السادات معتبرا أنه هو شخصيا من يمثل الناصرية، إن كانت هناك «ناصرية» أصلا على حد قوله آنذاك! واقتصر الأمر على ثلاثة منابر لليمين والوسط واليسار، وانضم السيد كمال رفعت لمنبر اليسار، الذى تحول لاحقا لتنظيم ثم حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، وأصبح السيد كمال رفعت متحدثا رسميا للحزب، ودعا الناصريين للانضمام للحزب فى إطار توحيد قوى اليسار، كما خاض انتخابات 1976، وتعرض لحملة صحفية وإعلامية ساعية للتشكيك فى تاريخه ونضاله الوطنى، وتم الإعلان عن خسارته لتلك الانتخابات. وبعدها بوقت قصير وافته المنية بشكل مفاجئ أصاب جميع أحبائه وأصدقائه وتلاميذه بالصدمة.
وهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن الراحل الكريم السيد كمال الدين رفعت، وهو من يستحق أن يتناول المؤرخون أدواره المهمة فى تاريخ مصر المعاصر لتوثيقها بشكل موضوعى يوفيه حقه وما يستحقه من مكانة نظير ما قدمه لوطنه وأمته العربية من عطاء، رحمه الله رحمة واسعة.
والسيد كمال رفعت كان من أوائل المنضمين لتنظيم الضباط الأحرار الذى قاد تحرك الجيش ليلة 23 يوليو 1952، وكان من المقربين للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقام بدوره بضم الكثير من الضباط لعضوية التنظيم.
إلا أن الدور الأول المهم الذى قام به السيد كمال رفعت كان قبل 1952، وتحديدا عقب إلغاء النحاس باشا لمعاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا فى أكتوبر 1951، حيث كان من أبرز قادة حرب التحرير الوطنية التى تمثلت فى قيام العديد من الضباط الأحرار بتدريب مواطنين مدنيين، من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، على حمل السلاح للمشاركة فى حرب الفدائيين التى انطلقت ضد قواعد الاحتلال البريطانى فى منطقة قناة السويس ومدنها، والتى لعب الراحل الكريم ورفاقه دور العقل المفكر والمنسق والقائد لها فى ذات الوقت، وبعد 23 يوليو 1952، أصبحت تلك الحرب تتم بإشراف القيادة السياسية بغرض الضغط على الاحتلال البريطانى لإنجاح مفاوضات الجلاء البريطانى عن مصر. وعلى الرغم من من توقيع اتفاقية الجلاء فى أكتوبر 1954، وبالتالى تأدية حرب التحرير الوطنية للغرض المطلوب منها، فإنه عقب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، عاد الراحل كمال رفعت ورفاقه مجددا إلى حرب الفدائيين وقادوا المقاومة الشعبية فى بورسعيد وما حولها للتضييق على القوات البريطانية والفرنسية فى منطقة القناة والحيلولة دون امتداد احتلالها لبقية البلاد. كما شارك فى مختلف مراحل حرب التحرير الوطنية والمقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثى من قبل العديد من الضباط الأحرار، ومن بعض مؤسسى إدارة المخابرات العامة المصرية، وفى مقدمتهم على سبيل المثال لا الحصر، ومع حفظ الألقاب للجميع، السيد زكريا محيى الدين، أول من تولى مسئولية إدارة المخابرات العامة بعد إنشائها عام 1953، وكذلك السادة محمد فائق ووجيه أباظة ولطفى واكد ومحمود عبدالناصر وعبدالفتاح أبو الفضل وسعد عفرة ومحمود سليمان وعبدالمجيد شديد وعبدالمجيد فريد ومحمد غانم وسمير غانم، وغيرهم.
ولئن كان الدور فى مقاومة الاحتلال البريطانى ثم مجددا فى مواجهة العدوان الثلاثى من أبرز أدوار الراحل كمال رفعت، فإنه لاحقا كان من أبرز وجوه مصر فى علاقاتها العربية، والتى سعت لتعزيز دور مصر العربى القيادى وترجمة رؤية القيادة السياسية المصرية آنذاك ممثلة فى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لتحقيق الوحدة العربية إلى واقع معيش. كما تولى عددا من المناصب الوزارية المهمة فى دولة الوحدة المصرية السورية ما بين فبراير 1958 وسبتمبر 1961، ولاحقا اختاره الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عضوا بالمجلس الرئاسى الذى تم تأسيسه عقب انفصال سوريا، كما كان له دوره البارز فى محادثات الوحدة الثلاثية التى جرت بين مصر وسوريا والعراق عام 1963 ولم تكلل بالنجاح. وتزامنت فترة الوحدة المصرية السورية مع توليه مسئوليتين تاريخيتين، الأولى عام 1960 واقترنت بتعيينه وزيرا للأوقاف بهدف إعداد وإصدار قانون تطوير الأزهر الشريف، حيث تم إدخال كليات نظرية وعملية فى جامعة الأزهر بالإضافة إلى الكليات التى تقوم بتدريس علوم الدين، والثانية تعيينه وزيرا للعمل بغرض إعداد وإصدار قوانين العمل التى شكلت جزءا لا يتجزأ مما عرف بـ«قوانين يوليو الاشتراكية» فى يوليو 1961، حيث حصل العمال لأول مرة على نسبة من عضوية مجالس إدارة المؤسسات التى يعملون بها وغير ذلك من حقوق.
وفى إطار تطوير الاتحاد الاشتراكى العربى كتنظيم سياسى وحيد فى تلك الفترة، لعب السيد كمال رفعت دورا مهما فى صياغة أيديولوجية التنظيم الجديد التى أطلق عليها «الاشتراكية العربية» وأسهم بالعديد من الكتابات والمحاضرات فى هذا الجهد، كما سعى إلى الاستفادة من خبرات وتجارب دول أخرى فى ذلك الوقت مثل يوغوسلافيا فى عهد رئيسها الراحل تيتو وغيرها، كذلك لعب أدوارا بارزة فى سياق الصيغ المختلفة لبناء تنظيم طليعى داخل الاتحاد الاشتراكى، سواء قبل أو بعد هزيمة 5 يونيو 1967.
وعقب وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970، حدث اختلاف فى وجهات النظر بين الراحل كمال رفعت والرئيس الراحل السادات، نتيجة رؤيته بأن السادات يتحرك بعيدا عن«الناصرية»، وبعد فترة قصيرة قضاها سفيرا لمصر فى لندن ترك منصبه، وأسس دار نشر لعبت دورا مهما فكريا وثقافيا آنذاك فى مصر والوطن العربى، وإن لفترة قصيرة، وهى «دار الثقافة العربية»، وعقب إعلان الرئيس الراحل السادات عن تجربة المنابر داخل الاتحاد الاشتراكى العربى عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا فى عام 1974، تقدم الراحل ومعه كل من النائب الحالى السيد كمال أحمد والدكتور عبدالكريم أحمد بطلب تأسيس المنبر الناصرى، وألف كتابه الشهير والمهم: «ناصريون... نعم»، وهو ما رفضه الرئيس الراحل السادات معتبرا أنه هو شخصيا من يمثل الناصرية، إن كانت هناك «ناصرية» أصلا على حد قوله آنذاك! واقتصر الأمر على ثلاثة منابر لليمين والوسط واليسار، وانضم السيد كمال رفعت لمنبر اليسار، الذى تحول لاحقا لتنظيم ثم حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، وأصبح السيد كمال رفعت متحدثا رسميا للحزب، ودعا الناصريين للانضمام للحزب فى إطار توحيد قوى اليسار، كما خاض انتخابات 1976، وتعرض لحملة صحفية وإعلامية ساعية للتشكيك فى تاريخه ونضاله الوطنى، وتم الإعلان عن خسارته لتلك الانتخابات. وبعدها بوقت قصير وافته المنية بشكل مفاجئ أصاب جميع أحبائه وأصدقائه وتلاميذه بالصدمة.
وهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن الراحل الكريم السيد كمال الدين رفعت، وهو من يستحق أن يتناول المؤرخون أدواره المهمة فى تاريخ مصر المعاصر لتوثيقها بشكل موضوعى يوفيه حقه وما يستحقه من مكانة نظير ما قدمه لوطنه وأمته العربية من عطاء، رحمه الله رحمة واسعة.