* هذه هي الدنيا
تموت الأسد في الغابات جوعًا ولحم الضأن تأكله الكــلاب
وعبد قد ينام على حريـــر وذو نسب مفارشه التــراب
* دعوة إلى التنقل والترحال
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب
* الضرب في الأرض
سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريبـا
فإن تلفت نفسي فلله درهــــا وإن سلمت كان الرجوع قريبا
* آداب التعلم
اصبر على مـر الجفـا من معلم فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابــه فكبر عليه أربعا لوفاتــه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
* متى يكون السكوت من ذهب؟
إذا نطق السـفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه وإن خليته كـمدًا يمـوت
* لا تيأسن من لطف ربك
إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدًا وتخاف في يوم المعاد وعيـدا
فلقـد أتاك من المهيمـن عفـوه وأفاض من نعم عليك مزيـدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا في بطن أمك مضغة ووليـدا
لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدًا ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا
* الصديق الصدوق
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفًا فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا
* التوكل على الله
توكلت في رزقي على الله خـالقي وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ولو لم يكن من اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق
* لمن نعطي رأينا؟
ولا تعطين الرأي من لا يريده فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
* كتمان الأسرار
إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه ولام عليـه غيـره فهـو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيـق
* العفو
لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيتـه أدفع الشر عنـي بالتحيـات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه كما أن قد حشى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطع المـودات
* السكوت سلامة
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم إن الجـواب لبـاب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرف وفيه أيضاً لصون العرض إصـلاح
أما ترى الأسد تُخشى وهي صامتة؟ والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح
* مخاطبـة السفيـه
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلمًا كعود زاده الإحراق طيبا
* الحكمة
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجـزع لحادثة الليالي فـما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جَلدًا وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء
ولا تُرِ للأعادي قط ذلا فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواء
* إن المحب لمن يحب مطيـع
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقًا لأطعتـه إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة منه وأنت لشكر ذاك مضيع
* أبواب الملوك
إن الملوك بـلاء حيثما حـلوا فلا يكن لك في أبوابهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستغن بالله عن أبوأبهم كرمـًا إن الوقوف على أبوابهــم ذل
* فـرجـت
ولرب نازلة يضيق لها الفتى ذرعًا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
* دعوة إلى التعلم
تعلم فليس المرء يولد عالـمــًا وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالمًا كبير إذا ردت إليه المحـافـل
* العلم رفيق نافع
علمي معي حيثما يممت ينفعني
قلبي وعاء له لا بطـن صندوق
إن كنتُ في البيت كان العلم فيه معي
أو كنت في السوق كان العلم في السوق
* تول أمورك بنفسك
ما حك جلدك مثل ظفرك فتـول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحـاجــة فاقصد لمعترف بفضلك
* العيب فينا
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضًا عيانا
* حُسن الخلق
إذا سبنـي نـذل تزايـدت رفعـة وما العيب إلا أن أكـون مساببـه
ولو لم تكن نفسـي علـى عزيـزة مكنتها مـن كـل نـذل تحاربـه
* * *
وقال أيضًا:
إذَا رُمْتَ أَنْ تَحيَا سليمًا مِنَ الرَّدَى وَدِينـُكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صيّنُ
فَلا يَنطِقَن مِنْكَ اللسـان بِسَوءةٍ فَكلكَ سَوْءَاتٌ وللنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنَاكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَايبًا فَدَعْهَا، وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ
وَعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعْتَدَى وَدَافِعْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ
* الدهر يومان
الدَّهْرُ يَـومَانِ ذَا أمْنٍ وذَا خَطَرٍ والعيشُ عيشانِ ذا صفو وذا كدرُ
أَمَا تَرَى البحرَ تَعلُو فوقه جِيَفٌ وتَسْتَقِرُّ بأقْصَى قـــاعِهِ الدُّرَرُُ
وفِـي السَّمَاءِ نجومٌ لا عدادَ لَهَا وليس يُكسَفُ إلا الشمس والقـمر
* أحب الإخوان
أحب من الإخوان كل مـُوَاتـي وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كـل أمـر أريـده ويحفظني حيـًّّا وبعد مماتـــي
فمن لي بهذا؟ ليت أني أصبته لقاسمته مالـي من الحسـنــات
تصفحت إخواني فكان أقلهم على كثرة الإخوان أهلُ ثـِقاتـــي
* الطبيب المداوي
إن الطبـيب بِطبه وَدَوائـِــه لا يستطيع د ِفـَاع مقــدُور ِ القـضى
ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان يبرىء مثـله فيمـــا مضـى
هلك المُدَاوِي والمُدَاوََى والذي جَلـَبَ الدّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ َّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّواءَ وَباعهُ وَمن اشــتـَرى
* قلة الإخوان عند الشدائد
ولما أتيت الناس أطلـب عندهـم أخـا ثقـةٍ عنـد ابتـداء الشدائـد
تقلبت في دهـري رخـاء وشـدة وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غيـر شامـتٍ ولم أر فيما سرنـي غيـر جامـد
* عفو الله
دخل رجل على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟!
فقال الشافعي : أصبحت من الدنيا راحلا، و للإخوان مفارقًا، و لسوء عملي ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، و على الله واردًا، و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها. ثم أنشد يقول :
و لما قسا قلبي وضاقـت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفـوك سلـما
تعاظمـني ذنبـي فلـمـا قرنتـه بعفوك ربي كان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود و تعفو منـة و تكـرمـا
* تقوى الله
يُـريدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ وَيَـأْبَى اللَّهُ إلاَّ مَـا أرَادَا
يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَمَالي وَتَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ مَا اسْتَفَادَا
* فوائد السفر
تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلا وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ وَعِـلْـمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَـاجِـد
* إذا لم أجد تقيًا
إذَا لَمْ أجِدْ خِلاًّ تَقِيَّاً فَوِحْدَتي ألَذُّ وَأشْهَى مِنْ غَوِيٍّ أُعَاشِرُه
وَأَجْلِسُ وَحْدِي لِلْعِبَادَةِ آمِناً أقَرُّ لِعَينِي مِنْ جَلِيسٍ أُحَاذِرُه
* طريق النجاة
يَا وَاعِظَ النَّاسِ عَمَّا أنْتَ فَاعِلُهُ يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ العُمْرُ بِالنَّفَسِ
احْفَظْ لِشَيْبِكَ مِنْ عَيْب يُدَنِّسُهُ إنَّ البَيَاضَ قَلِيلُ الْحَمْلِ لِلدَّنَسِ
كَحَامِلٍ لِثِيَابِ النَّاسِ يَغْسِلُهَا وَثَوْبُهُ غَارِقٌ في الرِّجْسِ وَالنَّجَس
تَبْغي النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا إنَّ السَّفِينَةَ لاَ تَجْرِي عَلَى اليَبَسِ
رُكُوبُكَ النَّعْشَ يُنْسِيكَ الرُّكُوبَ عَلى مَا كُنْتَ تَرْكَبُ مِنْ بَغْلٍ وَمِنْ فَرَسِ
يَوْمَ القِيَامَةِ لاَ مالٌ وَلاَ وَلَدٌ وَ ضَمَّةُ القَبْرِ تُنْسي لَيْلَةَ العُرسِ
* العلم نور
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْــبَرَنِي بـأَنَّ العِلْمَ نُورٌ وَنُورُ اللَّهِ لا يُهْدَى لِعَاصِي
* أحب الصالحين
أُحبُّ الصَّالِحِينَ وَلسْتُ مِنْهُمْ لَعَلِّي أنْ أنَالَ بهمْ شَفَاعَهْ
وَأكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ المَعَاصِي وَلَوْ كُنَّا سَواءً في البضَاعهْ
* آداب النصح
تغَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ في الْجَمَاعَه
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ مِنَ التَّوْبِيخِ لا أرْضَى اسْتِمَاعَه
وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَـاعَه