مدونة ثقافية اجتماعية سياسيه و دينية Art Beauty Books Business Children Christian Christianity Cooking Crafts Culture Design Education Entertainment Faith Family Fashion Food Fun Health Humor Illustration Internet Kids Life Lifestyle Literatura Literature Love Marketing Media Movies Music Parenting Photography Photos Poetry Politica Politics Real Estate Recipes Religion Reviews Scrapbooking Social Media Spirituality Sports
Translate
السبت، 28 يونيو 2025
الشرفاء قلة
الجمعة، 27 يونيو 2025
القشة التي قصمت ظهر البعير
الأربعاء، 25 يونيو 2025
هل تعرف؟ أحمد زكي
وصفات هامه جدا لصحتك
السبت، 3 مايو 2025
الشيخ محمد بن على الشمس الدمنهورى و الشيخ عبد الرحمن الحلبى الدمنهورى
[[ترجمة الشيخ عبد الرحمن الحلبى الدمنهورى]]
قال السخاوى فى الضوء اللامع (١): هو عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن عبد الواحد بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جابر التاج ابن فقيه حلب الشهاب الأذرعى الدمنهورى الشافعى. ولد بحلب سنة تسعة وخمسين وسبعمائة، فحفظ القرآن والمنهاج وتفقه بحلب ثم بالقاهرة على الشرف ابن غنوم وغيره، وما قدم القاهرة إلا بعد أن درس فى الأسدية بحلب. ثم ولى قضاء دمنهور الوحش زمنا، وكان فاضلا كيسا مشاركا فى العلوم مستحضر الأشياء حسنة، كتب الخط الحسن، وقال الشعر الجيد، وحدث فسمع منه الفضلاء. ومات فى يوم الثلاثاء العشرين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة بدمنهور، وروى عنه المقريزى فى عقوده وغيرها: أن أباه قال له: إنه رأى فى منامه رجلا وقف أمامه وأنشده:
كيف نرجو استجابة لدعاء … قد سددنا طريقه بالذنوب
كيف لا يستجيب ربى دعائى … وهو سبحانه دعانى إليه
مع رجائى لفضله وابتهالى … واتكالى فى كل خطب عليه
[[ترجمة الشيخ محمد بن على الشمس الدمنهورى]]
وفيه أيضا (٢)، أن منها الشيخ محمد بن على بن عبد الرحمن بن عيسى بن أحمد ابن محمد الشمس الدمنهورى، ثم الفوّى الفخارى نسبة لبيع الفخار. ولد بدمنهور عظيم وأوراد عظيمة فى الليل، جميل المعاشرة حلو اللسان، كثير الحياء والأدب، لا يكاد يرفع رأسه فى وجه جليسه. فأسأل الله تعالى أن يزيده من فضله وأن ينفعنا ببركاته آمين. ا. هـ.عظيم وأوراد عظيمة فى الليل، جميل المعاشرة حلو اللسان، كثير الحياء والأدب، لا يكاد يرفع رأسه فى وجه جليسه. فأسأل الله تعالى أن يزيده من فضله وأن ينفعنا ببركاته آمين. ا. هـ. ونشأ بها، فقرأ القرآن واشتغل بالفقه على ابن الخلال وجماعة، وكتب عن السراج الأسوانى شيئا من نظمه وجلس ببلده لتعليم الأطفال فانتفع به، ومن نظمه:
إذا ما قضى الله فكن صابرا … وما قدر الله لاتنأ عنه
وكن حامدا شاكرا ذاكرا … فربى هو الكل والكل منه
وقوله: «إذا ما قضى الله» هو بحذف ألف الله التى قبل الهاء للوزن.
ونعم الرجل صلاحا وخيرا وأنسا. مات قريب الستين بعد الثمانمائة ظنا.
[[ترجمة الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهورى]]
[[ترجمة الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهورى]]
وفى الجبرتى أن من دمنهور، العالم العلامة أوحد الزمان وفريد الأوان الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهورى المذاهبى. ولد بها سنة إحدى ومائة وألف، وقدم الأزهر وهو/صغير. وكان يتيما فاشتغل بالعلم وجال فى تحصيله واجتهد فى تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة فى فنون غريبة، وأفتى على المذاهب الأربعة، وألف الكتب العديدة، وكان يدرس بالمشهد
الحسينى فى رمضان. وولى مشيخة الجامع الأزهر بعد موت الشيخ السجينى، وهابته الأمراء لكونه قوّالا للحق أمارا بالمعروف، وقصدته الملوك من الأطراف، وهادته بهدايا فاخرة. حج سنة سبع وسبعين ومائة وألف مع الركب المصرى، ولما وصل مكة أتى إليه رئيسها وعلماؤها لزيارته، وبعد حجه وعوده مدحه الشيخ الأدكاوى بقصيدة يهنيه فيها بذلك يقول فيها:
فقد سرنا وطاب الوقت وانشرحت … صدورنا حين صح العود للوطن
قرأ-المترجم-على أفقه الشافعية فى زمنه، الشيخ عبد ربه بن أحمد الديوى، شرح المنهج وشرح التحرير، وقرأ على الشهاب الخليفى نصف المنهج، وشرح ألفية العراقى فى المصطلح. وعلى الشنوانى شرح التحرير والمنهج وإيساغوجى وشرح الأربعين لابن حجر، وشرح الجوهرة لعبد السلام. وأخذ عن الشمس الغمرى شرح البهجة الوردية لشيخ الإسلام، وشرح الرملى على الزبد والمواهب للقسطلانى، وسيرة كل من ابن سيد الناس والحلبى. وقرأ على الشيخ عبد الجواد المرحومى ألفية ابن الهائم فى الفرائض بشرحها لشيخ الإسلام وشباك ابن الهائم. وعلى الشيخ عبد الجواد الميدانى الدرة والطيبة، وشرح السعد على أصول الشاطبية لابن القاصح
وغير ذلك. وعلى الشيخ عبد الله الكنكسى الألفية والتوضيح وشرح السلم وشرح مختصر السنوسى مع حاشية اليوسى والمطول والمختصر للسعد، والخزرجية والكافى وألفية العراقى … وغير ذلك. وعلى الفقيه الشيخ محمد عبد العزيز الزيادى الحنفى متن الهداية، وشرح الكنز للزيلعى، والسراجية فى الفرائض … وغير ذلك. وعلى السيد محمد الريحاوى متن الكنز والأشباه والنظائر، وشيئا من المواقف من مبحث الأمور العامة. وأخذ عن الزعترى الميقات والحساب والمجيب والمقنطرات والمنحرفات، وشيئا من اللمعة. وعلى السحيمى منظومة الوفق المخمس وروضة العلوم. وعلى الشيخ سلامة الفيومى أشكال التأسيس. وعلى عبد الفتاح الدمياطى رسالة فى العمل بالكرة.
وللمترجم شيوخ أخر كالشهاب أحمد بن الخبازة، والشيخ حسام الدين الهندى، وحسين أفندى الواعظ، والشيخ محمد الفاس.
وأما مؤلفاته فهى كثيرة جدا منها:
حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون، ومنتهى الإرادات فى تحقيق الاستعارات، ونهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، والفتح الربانى بمفردات ابن حنبل الشيبانى، وطريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب الإمام الأعظم، وإحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد، والرقائق الألمعية على الرسالة الوضعية، وعين الحياة فى استنباط المياه، والأنوار الساطعات على أشرف المربعات- وهو الوفق المئينى-، والقول الصريح فى علم التشريح، وإقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة، والزهر الباسم فى علم الطلاسم، ومنهج السلوك فى نصيحة الملوك، والكلام السديد فى تحرير علم التوحيد، وبلوع الأرب فى اسم سيد سلاطين العرب .... وغير ذلك، وغالبها رسائل صغيرة الحجم منثورة ومنظومة.
توفى المترجم عاشر شهر رجب سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف، وكان منزله ببولاق فخرج بمشهد حافل وصلى عليه بالأزهر، ودفن بالبستان، عليه رحمة الله.
[(دمنهور)]
فى كتاب تقويم البلدان لأبى الفداء أنها، بفتح الدال المهملة، وفتح الميم، وسكون النون ثم هاء مضمومة وواو وراء مهملة.ر شيرول الفرنساوى فيما كتبه على مصر أن: خليج الإسكندرية يمر بح
وهى فى الشرق والجنوب عن الإسكندرية، وهى قاعدة البحيرة، ولها خليج من خليج الإسكندرية، وهى على مرحلة من الإسكندرية، وهذه تعرف بدمنهور الوحش، وإليها تنسب الثياب الدمنهورية.
ودمنهور أيضا: قرية أخرى بين الفسطاط وإسكندرية، تعرف بدمنهور وحشى.
ودمنهور أيضا: قرية ثالثة من نواحى القاهرة، وتعرف بدمنهور شبرى، ودمنهور الشهيد. ا. هـ.
وفى دفاتر التعداد مثل ذلك، إلا أن المذكور فيها دمنهور الوحش فى كل منهما، ولكن قول أبى الفداء هو الأقرب للصواب لأجل المغايرة بينهما. وبالبحث قد عثرنا على قرية رابعة تسمى بهذا الاسم، وهى فى مديرية أسيوط، بين بنى شقير ومنفلوط.
ذات نخيل ومساجد.
ثم إن دمنهور الوحش هى دمنهور البحيرة، وإنما أضيف اسمها إلى الوحش لأن بقربها محلا كان يسمى بذلك، وكانت أيضا فى السابق تسمى يتم انهور كما فى بعض كتب التواريخ.
وكانت فى القرن السابع عامرة جيدة الأبنية، وكانت تنقل منها الأقمشة الدمنهورية إلى الجهات، وهى واقعة على خليج إسكندرية، وبينها وبين الإسكندرية نحو مرحلة.
وكانت فى القرن السابع من الهجرة عامرة جيدة الأبنية فتهدمت بزلزلة سنة ٧٠٢ من الهجرة، على ما ذكره المقريزى فى كتاب السلوك، وذكر فى الخطط فى باب كنائس النصارى: أنه فى سنة ٧٢١ فى يوم الأحد ثالث يوم الجمعة الذى حصل فيه هدم كنائس القاهرة ومصر، ورد الخبر من الأمير بدر الدين يلبك المحسنى والى الإسكندرية أنه، لما كان يوم الجمعة تاسع ربيع الآخر بعد صلاة الجمعة حصل للناس انزعاج وخرجوا من الجامع، ووقع الصياح: «هدمت الكنائس»؛ فركب
المملوك من فوره فوجد الكنائس قد صارت كوما وعدتها أربع كنائس، وأن بطاقة وقعت من والى البحيرة بأن كنيستين فى مدينة دمنهور قد هدمتا والناس فى صلاة الجمعة من هذا اليوم.
وقد جدد السلطان برقوق أسوار دمنهور فى سنة ٧٩٢ هجرية، وكان فيها وجاق من الينكشارية، على ما ذكره السياح برون.، وهى واقعة على خليج إسكندرية، وبينها وبين الإسكندرية نحو مرحلة.
وكانت فى القرن السابع من الهجرة عامرة جيدة الأبنية فتهدمت بزلزلة سنة ٧٠٢ من الهجرة، على ما ذكره المقريزى فى كتاب السلوك، وذكر فى الخطط فى باب كنائس النصارى: أنه فى سنة ٧٢١ فى يوم الأحد ثالث يوم الجمعة الذى حصل فيه هدم كنائس القاهرة ومصر، ورد الخبر من الأمير بدر الدين يلبك المحسنى والى الإسكندرية أنه، لما كان يوم الجمعة تاسع ربيع الآخر بعد صلاة الجمعة حصل للناس انزعاج وخرجوا من الجامع، ووقع الصياح: «هدمت الكنائس»؛ فركب
رى مدينة دمنهور على بعد ألف ومائتى متر أو ألف وخمسمائة متر، وماء النيل يصل إليها من خليج مخصوص ينتهى إلى خليج الإسكندرية فوق قرية فلاقا.
وقال العالم سنونى فى سياحته فى مصر: إن دمنهور مدينة كبيرة، إلا أنها غير جيدة البنيان، فإن أكثرها من الطوب النئ، وهى محل البك-أى حاكم البحيرة- والكاشف، وهى مركز تجارة القطن المتحصلة من البلاد المجاورة.
وقال الأب سيكادو بويل: إن هذه المدينة هى التى كانت تسمى قديما هرموبوليسبروا، خلافا لمن زعم أنها محل منيلاوس العتيقة، ولمن زعم أن هرموبوليس محلها الآن الرحمانية.
قال كترمير: الحق القول الأول، لأنه المعوّل عليه عند الأقباط وهم أعلم ببلدهم.
ولا يعارض هذا القول استرابون أن مدينة هرموبوليس كانت على شاطئ النيل مع أنها الآن على/بعد منه، ومن خليج الإسكندرية، لأن الخليج الذى كان يوصل ماء النيل إلى الإسكندرية كان منفصلا عن النيل بقرب مدينة شابور.
وكان لدمنهور خليج مخصوص ينتهى إلى خليج الإسكندرية، ويغلب الظن أن هذا الخليج كان موجودا زمن الرومانيين، وأما جزء خليج الإسكندرية الموصل إلى الرحمانية فهو حادث بعد استرابون. ومعنى كلمتى يتم انهور وهرموبوليس واحد وهو مدينة هوروس، والكلمة الثالثة الرومانية ترجمة للأولى القبطية، وأما مدينة منيلاوس التى تكلم عليها استرابون فكانت على يمين خليج كانوب وقاعدة لخط منيلايت-وهى كلمة قبطية أيضا لا يونانية-فإن منيلايت اليونانى لم يبن بمصر قط. وفى بعض كتب القبط سميت هذه المدينة بموعد الأشياء، وأن الأروام حرفوها كما حرفوا أسماء كثيرة من المقدسين وغير ذلك بأسماء من عندهم لتنسب إلى بلادهم، من ذلك قولهم أن مدينة كانوب اسمها مشتق من اسم ريس سفينة منيلاوس، وأن مدينة سايس- وهى صا الحجر-بناها الأثينيون، وليس الأمر كذلك.
والمعروف الذى لا ينكره أحد من المؤرخين أن سكروب الذى أسس مدينة أثينه أصله من مدينة صا الحجر كما برهن على ذلك العالم شميت، من أهالى برن، فى رسالة ألفها بخصوص المهاجرين إلى مصر وتوطنوا أثينه. ا. هـ.
ثم إن دمنهور البحيرة الآن مدينة كبيرة، وهى مركز مديرية البحيرة، وكانت فى الزمن الأول ثمان بلاد: شبرى، والدمنهورية، وقرطسة-بلد الحبشى-، ونقرهة، وسكتيده، وهذه الخمسة هى الموجودة الآن، وأما الثلاثة الآخر فمنها:
بلدة كانت تسمى طموس، ومحلها الآن محل أبى الريش، بينه وبين دمنهور نحو خمسمائة متر، ومنها: بلدة كانت تسمى الأتلة، وبلدة كانت تسمى قراقص وقد عدمتا. فأما شبرى دمنهور: فهى فى غربى السكة الحديد على شمال الذاهب إلى الإسكندرية، وأما: فرطسه فهى فى شرقى السكة فى مقابلة شبرى، ونقرهة، عند السوق على الشاطئ الغربى لترعة الخطاطبة، وكذا سكتيده، وقد صارت كلها مدينة واحدة. وأغلب أبنيتها بالآجر وعلى دورين، وفيها ما هو على ثلاثة أدوار أو دور واحد، وفيها قصور تشبه قصور الإسكندرية، وبها ديوان المديرية بجميع لوازمه.
وبها محكمة ولاية مأذونة بالمبايعات والاسقاطات والأيلولات والرهونات ونحو ذلك، بخلاف غيرها من محاكم مديريتها، وهى خمس محاكم ليست مأذونة بهذه الأقلام الأربعة وهى: محكمة بالنجيلة، ومحكمة بناحية أبى حمص، ومحكمة بناحية العطف، ومحكمة الدلنجات، ومحكمة شبرا خيت.
وفيها شارع يمر من قنطرة السكة الحديد إلى وسطها، تحفه حوانيت وخانات وقهاو، ويتوصل منه إلى سوق القطن فوق ترعة الخطاطبة، ولها غير السوق الدائم، سوق كل يوم أحد، يباع فيه أنواع البهائم وخلافها، وفيها أربع معاصر للزيت، وأربعة دكاكين صاغة بقرب جامع الزواوى، وثلاثة دكاكين قبانية.
وبها عدة مساجد جامعة، أكثرها بمنارات غير الزوايا، فمنها: جامع سيدى محمد الأفلاقى، فى حارة باب النصر، وهو جامع قديم، قد جرى ترميمه من زمن
الاثنين، 28 أبريل 2025
دمنهور.. مدينة الإله حورس
عرفت دمنهور صغيرا، فهي في مصطلح المصريين بندر، ومصطلح بندر كان يطلق على المدن الكبيرة ذات الشوارع الواسعة والمرافق الخدمية المتنوعة، يزورها أهل مدن وقرى شمال غرب دلتا النيل لزيارة الأطباء بحثاً عن الشفاء، أو للتسوق أو لترويج بضائعهم. غير أن نقلة كبيرة حدثت في دمنهور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، جعلتها محطة مهمة على طريق القاهرة الإسكندرية، وهي خط سكة حديد ربط بين المدينتين، فكانت دمنهور من أهم محطاته.
مجتمع دمنهور مختلط بين الفلاحين والقبائل العربية: الفلاحون قادمون إليها من ضفاف فرع رشيد من دلتا نهر النيل، والقبائل العربية من الصحراء مترامية الأطراف غرب دمنهور، فكأن هذه المدينة هي ملتقى الصحراء بالزراعة، مجتمعين متناقضين، يبدو أن هذه هي صفتها منذ عصور مبكرة في التاريخ.
ومدينة دمنهور تعد من أقدم مدن مصر، إذ إنها مدينة فرعونية، وكانت تسمى «دمن حور» أي بلد الصقر حور. وهذه المدينة كانت عاصمة لمملكة غرب الدلتا قبل عصر الأسرات في مصر القديمة، ثم تحولت إلى مقاطعة من مقاطعات مصر بعد هذا العصر. ومازالت كذلك إلى اليوم مع اختلاف المسميات من عصر لآخر.
شهدت دمنهور نشاطا عمرانيا في العصور الفرعونية وكان بها معبد للإله حور، وفي العصر اليوناني الروماني شيد بها معبد للإله هرمس. وعثر بها في السنوات الأخيرة على مجموعات من الأعمدة التي كانت مستخدمة في تشييد المعابد. وعلى عملات أثرية تعود للعصر اليوناني الروماني.
كانت دمنهور قنطرة المسلمين إلى تحطيم دولة الروم في الإسكندرية عند الفتح الإسلامي، وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب من أجل فتحها مع المدن الأخرى. في القرن الثالث الهجري، وعلى وجه التحديد في الخلاف الذي نشب بين الأمين والمأمون فيما بين سنتي 199هـ وسنة 210 هـ شهدت دمنهور معارك دموية.
زارها الرحالة ابن جبير في سنة 578هـ فقال إنها «بلد مسور، في بسيط من الأرض أفيح متصل من الإسكندرية إلى مصر، والقرى فيها يمينا وشمالاً لا تحصى». وزارها ابن بطوطة في القرن السابع الهجري، فكانت مدينة كبيرة على حد تعبيره، وذكرها المنذري في القرن السابع أيضا فقال إنها: قصبة البحيرة، وإليها تنسب الثياب الدمنهورية. وكشفت لنا أقوال الرحالة والجغرافيين عن أن موقع دمنهور هو أحد الأسباب الرئيسية لازدهارها فضلاً عن شهرتها في إنتاج المنسوجات، إذ إنها أهم محطة على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية.
ازدهرت في العصر المملوكي على يد واليها الجغرافي الشهير غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري، صاحب كتاب «زبدة كشف الممالك» حيث شهدت إنشاء العديد من المساجد والمدارس. وقدم لنا ابن دقماق وصفاً شاملاً لدمنهور في تلك الفترة قائلاً:
«هي مدينة قديمة عامرة وبها جامع ومدارس وحمامات وفنادق وقياسر وغير ذلك، وهي قاعدة البحيرة وبها مقام نائب الوجه البحري ويطلق عليه ملك الأمراء وبها خليج من خليج الإسكندرية، وهى في الشرق والجنوب عن الإسكندرية وبينهما مرحلة، وتعرف بدمنهور المدينة، ولما جاءت فتنة عرب البحيرة، في سنة بضع وثمانين وسبعمائة رسم السلطان الظاهر سيف الدين برقوق بعمارة سور عليها فعمل عليها سور من اللبن».
نستطيع أن نستشف من هذا النص العديد من الملاحظات المهمة، التي أبرزها ابن دقماق، أولها الازدهار العمراني بمدينة دمنهور في العصر المملوكي، وهو ما جعلها مقراً لنائب الوجه البحرى، وقد بين لنا سبب الازدهار وذلك بطريق غير مباشر، أن لدمنهور خليجاً من خليج الإسكندرية، وخليج الإسكندرية كان يمتد من فوة على فرع رشيد من دلتا النيل إلى الإسكندرية. وكانت تجارة مصر الداخلية والخارجية تنقل عبر هذا الفرع من وإلى الإسكندرية.
وثاني ملاحظة تتعلق بتسوير دمنهور، وقد سبق أن ذكر ابن جبير أن لدمنهور سوراً، ولكن يبدو أن المدينة توسعت وهدم سورها، مما جعل السلطان برقوق يبنى لها سوراً، ومازال بدمنهور إلى اليوم حي يطلق عليه القلعة، أرجح أنه كان يوجد به قلعة صغيرة تتوسط السور الذي كان يحيط بالمدينة، وكان بدمنهور حارة تعرف بحارة باب النصر، وهو ما يعنى أن أبواب سور دمنهور سميت بنفس أسماء سور القاهرة الحربي، وأولى السلطان قايتباي سور دمنهور اهتماما كبيراً في سنة 801 هجرية لحمايتها من الغارات المتتابعة.
خلال الحملة الفرنسية على مصر نشبت في دمنهور ثورة ضد الفرنسيين في أواخر القرن 18م، فقد ظهر في البحيرة رجل أدعى المهدية، ودعا الناس إلى قتال الفرنسيين، فأقبلوا عليه أفواجاً وضم إليه رجال القبائل من أولاد علي والهنادي وغيرهما، وانحاز إليه سكان القرى التي مر بها، فسار بهذه الجموع حتى وصل إلى دمنهور، وكان بها حامية من الجنود الفرنسيين، فأمر المهدي رجاله بالهجوم على هذه الحامية فهجموا عليها وقتلوا رجالها جميعاً.
لما علم الجنرال مارمون قومندان الإسكندرية بنبأ الكارثة التي حلت بالحامية الفرنسية بدمنهور، أنفذ قوة من الجنود مزودة بالمدافع لتتعقب جيش المهدي وتتصل بكتيبة الجنود الفرنسية بالرحمانية بالقرب من دمنهور، ودار قتال شديد بين جيش المهدي والفرنسيين انتهى بانسحاب الفرنسيين بعد خمسة أيام مهزومين، ثم حشد الفرنسيون قواتهم حول دمنهور مرة أخرى، ودمروا المدينة وأبادوا من وجدوه من السكان.
اهتم محمد على باشا بدمنهور فشيد بها مصنعاً للغزل فيه مائة دولاب وثمانون مشطا، ومصنعاً للنسيج، ينسج فيه الصوف الذي تصنع منه مستلزمات الجيوش البرية والبحرية، وطرأ تحول مهم بدمنهور حينما بدأ عباس حلمي خديو مصر في عام 1850م في اتخاذ ما يلزم نحو إنشاء خط حديدي بين الإسكندرية والقاهرة، فكان من الطبيعي أن يخترق إقليم البحيرة، مما أدى حتما إلى ازدهار المدينة.
وقد عثر في مدينة دمنهور على مجموعة من الأحجار الفرعونية، وبعض التماثيل التي تعود لعصور فرعونية مختلفة، ويوجد بدمنهور عدد من المساجد الأثرية التي تتفق في طرازها العام مع طراز مساجد الدلتا، ومن هذه المساجد:
مسجد الخراشي
يعود هذا المسجد إلى العصر المملوكي، وتم تجديده في العصر العثماني، ويوجد بالمدخل الرئيسي لهذا المسجد في الضلع الجنوبي الغربي، ويدخل منه إلى الرواق الثاني الذي يتوسط سقفه شخشيخة لإنارة وتهوية المسجد، والمسجد من الداخل يتكون من أربعة أروقة تفصل بينها ثلاث بائكات، ويتوسط الضلع الجنوبي الشرقي المحراب الذي تعلوه قمرية ويوجد على يمينه المنبر، وهو منبر له درابزين - سياج - من الخشب الخرط الميموني المائل، وريشتاه مزخرفتان بسدايب من الخشب المعقلي المائل، وتتضمن كتابات المنبر آيات قرآنية واسم صانعه أحمد عزيز.
مسجد المرداني:
ينسب هذا المسجد إلى الأمير الطنبغا المرداني، وهو أحد كبار أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد شيد مسجدا كبيرا بالقاهرة وآخر بدمنهور. لهذا المسجد مدخل عبارة عن عقد مدائني، كوشتاه مزخرفتان بالطوب المنجور، وعلى جانبي هذا المدخل مكسلتان ويعلو باب المدخل نص تجديده في العصر العثماني, وعلى يسار هذا المدخل مئذنة تتكون من كرسي مربع يرتفع بارتفاع المسجد، يليه طابق مثمن بكل حافة من حوافه حزمة ثلاثية من الأعمدة، وبين كل حزمتين عقد مدبب، يلي ذلك الشرفة المحمولة على حطات من المقرنصات يليها طابق آخر مثمن يماثل سابقه، ويعلو هذا الطابق خوذة مسننة تماثل نهايات المآذن العثمانية، والمسجد من الداخل يتكون من أربعة أروقة يفصل بينها ثلاث بائكات. وبدمنهور عدد آخر من المساجد القديمة التي تعود للقرون 17، 18 ، 19م. وبها عدد من المساجد الحديثة أبرزها مسجد التوبة الذي استعمل فيه المعمار العديد من عناصر العمارة المملوكية، ومسجد الحصافى الذي يمثل عمارة جنوب شرق آسيا، وهو طراز فريد في العمارة لم يسبق أن بني مثله في مصر.
مسجد الحبشي:
يعتبر هذا المسجد من أروع مساجد دمنهور فخامة، حيث جمع المعمار فيه كل فنون العمارة المملوكية، ويحيط بهذا المسجد سور يوجد به بابان يؤديان إلى حديقة المسجد، وعلى يسار الباب الأيسر سبيل مياه عبارة عن مبنى مثمن، الأضلاع بكل ضلع من أضلاعه نافذة من الحديد المشكل بأشكال جميلة، وبكل نافذة صنبور للمياه، ويعلو النوافذ مثمن به زخارف نباتية يعلوه طابق مثمن أصغر منه، بكل ضلع من أضلاعه نافذة مصمتة، ويعلو هذا الطابق قبة مثمنة أيضا بها زخارف نباتية يعلوها هلال.
وللمسجد في ضلعيه الجنوبي الغربي والشمالي الشرقي بابان يبرزان عن حائطي المسجد، يتوج كل باب منهما عقد مدائني ذو طاقية مخوصة، ويعلو الباب صف من الشرفات، ويوجد على جانبيه من أسفل مكسلتان، وجدران المسجد من الخارج مزخرفة بزخارف نباتية وبالأطباق النجمية.
يتكون المسجد من الداخل من ثلاثة أروقة يفصل بينها بائكتان كل بائكة مكونة من ثلاثة عقود، ويفتح البابان الرئيسيان على الرواق الأوسط، الذي تعلو بلاطته الوسطى قبة كبيرة، مزخرفة من الخارج بزخارف دالية، ومئذنة المسجد تماثل مآذن المساجد المملوكية.
وقد قام الملك فؤاد بوضع حجر الاساس لهذا المسجدالأول حينما زار دمنهور في عام 1920م، بحضور شيخ الأزهر آنذاك محمد أبو الفضل الجيزاوى وحسين بك الحبشى، الذي نفذ وصية والده محمود باشا الحبشي الخاصة ببناء هذا المسجد، وقدم حسين بك إلى الملك فنجان قهوة مرصعاً بالماس والياقوت.
مبنى البلدية
وقد عاد الملك فؤاد لزيارة دمنهور مرة أخرى في العام 1930م، وقام بوضع حجر الأساس لمبنى البلدية والسينما والمكتبة في الثامن من نوفمبر سنة 1930م وسجل ذلك على لوحة تسجيلية بجوار الباب الشرقي الرئيسى لمبنى المجلس البلدى، وهي لوحة مستطيلة من الجبس المشعر ببودرة الرخام داخل جفت مزدوج بارز، وسجل عليها بالحبر الأسودخمسة أسطر بخط الثلث على النحو التالي: هذا الحجر وضعه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم فؤاد الأول ملك مصر أطال الله أيام ملكه السعيد، دمنهور في يوم السبت 17 جمادى الثاني سنة 1349 هـ الموافق 8 نوفمبر سنة 1930 م وتم الانتهاء من البناء سنة 1931م حيث سجل بالجزء العلوي من الواجهة الشرقية لمبنى البلدية ما نصه 1350هـ «دار المجلس البلدي 1931 م».
وقد أطلق على القسم الغربي من المبنى أولاً سينما وتياترو فاروق، ثم تغير الاسم من سينما فاروق إلى سينما البلدية، بقرار المجلس البلدي في 6 /12/1952 وظل الأمر على ذلك حتى سنة 1977م عندما تغير الاسم إلى سينما النصرالشتوي، وأخيراً أطلق عليها مسرح وأوبرا دمنهور. أما المكتبة فقد سميت مكتبة الملك فؤاد، ثم أطلق عليها اسم الأديب الراحل توفيق الحكيم، وتعرف الآن بمكتبة مبارك وهى تحتوى على مجموعة من أندرالكتب بمصر. وقد بنيت تلك المجموعة على شكل مربع ينقسم إلى مستطيلين محورهما (شمال جنوب) ويشغل مبنى البلدية القسم الشرقى، بينما يشغل مبنى السينما والمسرح القسم الغربي. ويتكون القسم الغربي من طابق أرضي وثلاثة أدوار، ويشتمل على كتلة المدخل الرئيسى وبوفيه وحجرة تذاكر وتشمل أغلب المساحة الداخلية صالة المسرح وتحتوي على صفوف من الكراسي وعلى جانبيها في الدور الأول صف من البناوير يعلوها في الدور الثانى صف من اللوحات أما الدور الثالث فمدرج الدرجة الثالثة وتقع خشبة المسرح في القسم الجنوبي من المبنى وتفتح بأغلب اتساعها على الصالة.
مسرح أوبرا دمنهور
يعد هذا المسرح تحفة معمارية وفنية تتجسد فيها خصائص العمارة المصرية في بداية العقد الرابع من القرن الماضي ويتبع المسرح من حيث التخطيط طراز الأوبرا الإيطالية الذي وفد إلى مصر في عصر الخديو اسماعيل ثم ساد عمارة هذا النوع من المنشآت وينفرد هذا المسرح باستخدام عناصر معمارية وزخرفية إسلامية الطراز، وقد نجح المعمارى الإيطالى فيروتشي نجاحاً تاماً في المزج بين التخطيط الأوربي الوافد الذي يتناسب مع الوظيفة وبين العناصر المعمارية الإسلامية التي كانت مستخدمة منذ العصر الفاطمي وما تلاه من عصور ومنها العقود المنكسرة.
ونظرا للقيمة الفنية والمعمارية للمسرح والتى تعبر بصدق عن عمارة المسارح المصرية في بدايات القرن الماضي فضلاً عن إبرازه للعناصر الفنية من زخارف نباتية وهندسية وعقود دائرية وأخرى على الطراز الأندلسي في مجموعة المداخل، ونظراً لأن المسرح قد تم افتتاحه في الثلاثينيات من القرن الماضي وهو يعتبر مكملاً لمسرح سيد دوريش بالإسكندرية والذى شيد في عهد الملك فؤاد فقد قام قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى للآثار بتسجيله كأثر إسلامى بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية في عام 1988م وصدور قرار وزير الثقافة رقم 449 لسنة 1990م بتسجيل المسرح وذلك للمحافظة على عناصره الفنية والمعمارية. وتطبيقاً للمادة الثانية من قانون حماية الآثار رقم 117لسنة 1983م، وقد تم ضم المبنى إلى قوائم المباني ذات القيمة الفنية والتاريخية بمحافظة البحيرة بعد العرض على اللجنة المشكلة بقرار السيد رئيس الوزراء الصادر في 30 / 9 / 1998م.
يشتمل المبنى على مدخل رئيسى بالواجهة الشمالية بالإضافة إلى ستة مداخل فرعية بواقع أربعة مداخل في الواجهة الشرقية ومدخل بوسط الواجهة الخلفية (الجنوبية) ومدخل بالواجهة الغربية.
يؤدي المدخل الرئيسي ذو البائكة الثلاثية إلى صالة مستطيلة مستعرضة هي بهو المدخل، ويغطيها سقف مسطح من مستويين العلوي منها خرساني والسفلي منها وهو الظاهر للعيان معلق وهو من الجص المطلي بطبقة من الدهان، وتتخلله ثلاث صرر زخرفية متماثلة تماماً على محور واحد. يفتح بالضلع الغربى إلى يمين الداخل لبهو المدخل باب يؤدى إلى البوفيه وهو عبارة عن فتحة مستطيلة يغلق عليها باب خشبى جرار.
ويوجد بالضلع الشرقي إلى يسار الداخل إلى بهو المدخل دخلة تشتمل على شباكين للتذاكر، يتكون كل منهما من نافذة مستطيلة مغلقة بواسطة تركيبة من الحديد.
ويتكون المسقط الأفقى لصالة المسرح من شكل بيضاوي مشطوف بخطين مستقيمين أولهما في الجهة الجنوبية وتفتح به خشبة المسرح والثاني في الجهة الشمالية وبه المقصورة وتنحدر أرضية الصالة بميل في اتجاه خشبة المسرح وتنتهى بدرابزين من الحديد بطرفيه درج سلم يؤدي إلى خشبة المسرح، وتحصر خشبة المسرح والدرابزين مساحة ذات أرضية منخفضة هي بئر المسرح أو حفرة الأوركسترا، وكانت الصالة تشتمل على صفوف أفقية متوازية من الكراسي التي أزيل أغلبها الآن.
ويعلو ذلك الدور الأول ويشتمل على 20 لوج تتبع نفس التخطيط، وشكل البناوير، ولها أيضا درابزين ذو واجهة مقعرة ومحدبة.
ولصالة المسرح سقف من مستويين العلوي منها جمالوني الشكل ويظهر من الخارج تغطيه بلاطات من القرميد وتتدلى من هذا السقف شدات من الحديد مثبت بها المستوى السفلي من السقف والذي يظهر لمن هو بداخل صالة المسرح وهو عبارة عن قبة ضحلة مغطاه بالجص ويتوسطها منور أو شخشيخة ذات قاعدة من الحديد المزخرف بالحفر الغائر.
أما خشبة المسرح فتشغل القسم الجنوبى من المبنى، وتعادل مع ملحقاتها ثلث المساحة الإجمالية للمبنى تقريباً ويتوسط الضلع الجنوبى منها فتحة باب ذي ضلفتين كان مخصصاً لنقل المعدات والديكورات، تعلو خشبة المسرح شواية ذات عروق خشبية مصفوفة طولياً وعرضياً وتشرف على الصالة بواجهة مستطيلة. وتشتهر دمنهور حاليا بصناعة السجاد، وكذلك باستادها الرياضي الذي يعد من أوائل الاستادات الرياضية التي شيدت في أقاليم مصر. ويوجد بها فرع لجامعة الأزهر وآخر لجامعة الإسكندرية.
المثقفون في دمنهور
ارتبطت بدمنهور ذكريات كثيرة لعدد كبير من المثقفين، لكن أكثر ما كان يربطني بها، هو مثقف علم نفسه بنفسه، هو الأصولي الذي كان يمتلك مكتبة لبيع الكتب المستعملة لهولاء من أمثالي، فكنت أدخر بعض المال وفي رحلاتي من مدينتي مطوبس إلى القاهرة عبر دمنهور أو العكس، كنت أتوقف في دمنهور لأبتاع منه الكتب التي شكلت بمرور الوقت قسما كبيراً من مكتبتي، امتاز بأنه كان لديه نوادر من الكتب، بعضها نفدت طباعته، ولم أقابل كاتبا أو صديقاً من دمنهور أو جوارها إلا واشترى منه الكتب، دوره يذكرني بصديقي الراحل الحاج مدبولي صاحب المكتبة الشهيرة في القاهرة. لكنك إذا كنت في دمنهور ولم تزر مقهى عبد المعطي المسيري فاتك الكثير والكثير، عرفت هذا من صديقي الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي بدأت رحلته مع القراءة في هذا المقهى الذي أسسه صاحبه العام 1932 م، ليعلم نفسه بنفسه ويبدأ في التأليف وعمره لم يتعد 22 عاماً فقدم لنا «الظامئون»، «أقاصيص من المقهى» 600 قصة قصيرة هي جملة ما قدمه لنا، لكن أهم ما قدمه هو هذا المقهى الذي تردد عليه عظماء الأدب والفكر في مصر، فكتب توفيق الحكيم «يوميات نائب في الأرياف» به، كما زاره العقاد وطه حسين، وأنور السادات. وعادة القراءة في هذا المقهى تعود إلى أن صاحبه جعل به مكتبة يستعير منها رواده ما يشاءون من كتب أثناء جلوسهم به، وسرعان ما صار المقهى منتدى فكرياً وثقافياً وساحة للحراك الأدبي، مناقشات تستغرق وقت صفوة مدينة دمنهور، صداها يصل إلى القاهرة والإسكندرية، مات عبد المعطى المسيرى يوم 28 سبتمبر 1970م في نفس يوم وفاة جمال عبدالناصر، ولكن بعدما كانت تدعمه وزارة الثقافة بمزيد من الكتب، و أصبح به مكتبة تضم ما يزيد على 4 آلاف كتاب بعضها نادر، فقد تم إغلاق هذا المقهى الفريد الذي كان يعد من مصادر الإشعاع الثقافي و التنوير ليس في دمنهور فقط بل في مصر كلها.