وقوع مذبحة شاربفيل على يد قوات الشرطة في مظاهرة معادية للأبارتيد والتي راح ضحيتها 69 شخص..
مذبحة شاربفيل (Sharpeville massacre) وقعت في بلدية شاربفيل الكائنة في مقاطعة ترانسفال (اليوم جزء من خاوتينغ) بجنوب أفريقيا بتاريخ 21 مارس عام 1960.
تجمع حشد من المتظاهرين تراوح عددهم ما بين 5,000 إلى 7,000 شخص تقريباً أمام مركز الشرطة بعد يومٍ من المظاهرات احتجاجاً على قوانين الاجتياز. وأطلقت الشرطة الجنوب أفريقية الرصاص الحي على الحشد لتردي 69 شخصاً قتلى. تختلف المصادر حيال وضع الحشد: فتذكر بعض المصادر بأن الحشدَ كان مسالماً، أما المصادر الأخرى فتذكر قيام الحشد برشق الحجارة على قوات الشرطة وأن إطلاق النار لم يبدأ إلّا حين بدأ الحشد بالتقدم سائراً صوب السياج المحيط لمركز الشرطة. بلغت حصيلة الخسائر البشرية 289 شخص بينهم 29 طفل. وعانى الكثير من المتظاهرين من إصابات بالظهر جراء تعرضهم لإطلاق النار خلال هروبهم.
يعد يوم الواحد والعشرين من شهر مارس في جنوب أفريقيا عطلة رسمية يُحتفل بها كل عام تخليداً لحقوق الإنسان ولضحايا مذبحة شاربفيل. كما اختارته اليونسكو للاحتفال سنوياً باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري في جميع أنحاء العالم.!!
يحتفل العالم بذكرى مذبحة شاربفيل. يوم 21 مارس من كل عام
وأحداثها لن تطمس من سجلات التاريخ. صارت رمزا لأبشع أشكال العنصرية في العصر الحديث. وأصبح يوم ذكراها، يوما عالميا تحتفل به الأمم المتحدة سنويا تحت مسمى اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري.المذبحة راح ضحيتها العشرات من السود بأيدي زبانية النظام العنصري الذين فتحوا نيرانهم على سكان بلدة شاربفيل «السود» في الحادي والعشرين من عام 1960.
سقط 69 قتيلا و180 جريحا من السود. ولم يكن هناك مبرر لارتكابها سوى أن النظام العنصري الذي كان يمثل الأقلية البيضاء اشتط غضباً لمجرد أن حشدا من السود تظاهروا سلما احتجاجا على قيود السفر التي فرضت عليهم (قوانين تصاريح المرور). حيث كان مفروضا عليهم فصلا عنصريا يعزلهم ويقيد حركتهم كما لوكانوا سجناء.
فور وقوع المذبحة، اندلعت موجة غضب في كيب تاون، وألقي القبض على الآلاف من السود. وصدى الجريمة العنصرية البشعة، هز العالم رغم القيود العنصرية التي كانت تفرض على وسائل الإعلام الخارجية في ذلك الوقت.
شاربفيل عرت نظام الأقلية العنصرية البيضاء. تلك الأقلية كانت أسوأ نظام عنصري حاكم في القرن العشرين. أربعة ملايين فقط من البيض، كانوا يحكمون 29 مليونا من السود وغير البيض.
هؤلاء البيض، ما هم سوى مستوطنين.
في الأصل من الهولنديين المزارعين الذي استوطنوا في منتصف القرن السابع عشر داخل مستوطنات معزولة، وانفصلوا عن السود «البانتو. ثم جاء المستوطنون الفرنسيون والألمان وعاشوا وسط هذه المجتمعات فيما بعد وعرفوا بالأفريكانرز.
ومنذ مطلع 1800 وصل المستوطنون البريطانيون، وجاء الهنود كعمال في زراعة قصب السكر في أواخر القرن 19وأوائل القرن العشرين. كما نزحت إلى هناك أقلية برتغالية.
هؤلاء البيض، أتوا لجنوب إفريقيا بثقافاتهم ولغاتهم من أوروبا ولاسيما البريطانيين.
الأقلية البيضاء تتشكل اذن من عناصر أوروبية من مهاجرين هولنديين، وألمان، وبريطانيين، وفرنسيين، هذا الخليط «الأفريكان» خلق قومية جديدة من هذا الشتات، يتحدثون لغة مشتقة من الهولندية ممزوجة بكلمات ألمانية وإنجليزية أطلقوا عليها اللغة الأفريكانية. ولذلك، تكون سكان جنوب إفريقيا من عناصر عديدة، وكانوا ينقسمون حسب نظم التفرقة العنصرية إلى مجموعتين، البيض وغير البيض، ويبلغ عدد البيض حوالي 5 ملايين نسمة، بينما عدد الوطنيين وهم قبائل البانتو أكثر من 24 مليونا، وعدد الملونين والآسيويين 4 ملايين.
أي أن عددا غير البيض يقترب من 29 مليوناً، وهم بذلك يشكلون أغلبية سكان اتحاد جنوب إفريقيا.
أما الأفارقة السود، وهم الأغلبية من البانتو، ويتكونون من مجموعات عديدة منها نجوني وتسونجا. ومن المجموعة الأولى الزولو. ومن المجموعة الثانية قبائل تسونجا. وإلى جانب المجموعتين جماعات فندا، والسوتو، وهكذا تتعدد قبائل البانتو. أما العناصر الملونة فمنها خليط نتج عن تزاوج بين الآسيويين أو الأوروبيين، وتتكون العناصر الآسيوية من المهاجرين إلى جنوب إفريقيا تحت سخرة العمل من الماليزيين والهنود والباكستانيين.
وكان محظورا على غير البيض الاختلاط بالبيض. في عام 1948، فاز الحزب القومي في الانتخابات العامة، وكان لهذا الحزب،الذي يحكم من قبل البيض، خطط وسياسات عنصرية، منها سياسات الفصل العنصري، وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة. ولم يكن السود صامتين على حقوقهم. بدأوا المقاومة السلمية على يد المناضل الإفريقي الكبير نيلسون مانديلا ومن خلال حزب المؤتمر الإفريقي. كان مانديلا محاميا وافتتح مكتب محاماة مع اوليفر تامبو الذي كان يرأس قبله المؤتمر الوطني الإفريقي. وقاد الاثنان حملات سلمية مناهضة لنظام التفرقة العنصرية.
واضطر المؤتمر الوطني الإفريقي لتغيير استراتيجيته بعد مذبحة شاربفيل، ليقود بعدها النضال المسلح.
وتم حظر المؤتمر الوطني الإفريقي. وزادت مقاومة السود وأصبحت القوانين التي صدرت لتقييد الاماكن التي يمكن للسود العمل والعيش فيها موضع غضب الأغلبية السوداء، وكان مانديلا يعمل في الخفاء وينظم المزيد من الإضرابات والمظاهرات. وفي عام 1965 كان مانديلا من بين 156 ناشطا سياسيا وجهت لهم اتهامات بالخيانة العظمى.
واستمرت محاكمته أكثر من اربعة اعوام. ودافع مانديلا عن نفسه في مرافعته قائلا: «لقد تمسكت بمبدأ إقامة مجتمع ديمقراطي وحر يعيش فيه الجميع في انسجام وبفرص متساوية. انه مبدأ أتمنى أن أعيش من أجله وتحقيقه وأنا على استعداد للموت من اجله إذا لزم الأمر». وأودع مانديلا بعد الحكم عليه السجن مدى الحياة في سجن بجزيرة روبن خاضع لحراسة مشددة في خليج تيبل قبالة ساحل كيب تاون.
استمرت السياسة العنصرية حتى نهاية عقد الثمانينات. وفي عام 1990 أعلن الرئيس الجنوب إفريقي الأبيض دي كليرك، رفع الحظر عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والإفراج عن مانديلا في فبراير من نفس العام بعد 27 عاماً أمضاها وراء القضبان، لتسقط بعدها العنصرية ويظل مانديلا رمزا بطوليا من رموز إسقاط العنصرية، جنبا إلى جنب مع الزعيم الأميركي الأسود مارتن لوثر كينج الذي دفع حياته ثمنا للقضاء على العنصرية الأميركية عام 1968، والذي كان من ثمار نضاله السلمي من أجل السود الأميركيين وجود باراك أوباما على كرسي الرئاسة الأميركية.
إضاءة
إعلان الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز العنصري، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 1904 في 20 نوفمبر 1963 ويضم 11 مادة تحظر التمييز والتفرقة العنصرية. ويشير الإعلان إلى التعاون الدولي لتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين. وأن من حق الإنسان أن يتمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وإذا كان أبشع أشكال العنصرية في القرن العشرين هو العزل العنصري ضد الأفارقة السود من خلال قوانين الفصل في جنوب إفريقيا، فان الجدار الفاصل في الضفة الغربية الذي أقامته إسرائيل هو باكورة شكل جديد من أشكال العنصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق