Translate

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

قتيبة بن مسلم أسطورة الفتح الإسلامي

قتيبة بن مسلم الباهلي أسطورة الفتح الإسلامي

ليس من قبيل المبالغة أن يطلق على القائد "قتيبة بن المسلم الباهلي" العديد من الألقاب تكريمًا له، وذلك نظرًا للإنجازات المذهلة التي حققها في الفتح الإسلامي، والتي جعلت منه فاتح المشرق الإسلامي، فقد وصل بفتوحاته إلى الصين، وهي الفتوحات التي كانت السبب في دخول الكثير من الأقوام في دين الله تعالى لما رأوا في شخصية الفاتحين وقائدهم تجسيدًا لعظمة الدين الإسلامي.
فمن "كبير المجاهدين" إلى "عملاق الفتوح"، تتوالى الألقاب على ذلك القائد المسلم، الذي صار اسمه علمًا على الفاتحين المسلمين لدرجة أن البعض لقب "طارق بن زياد" فاتح الأندلس باسم "قتيبة المغرب"، وليس هناك دليل على عظم قدر "قتيبة" أكثر من ذلك اللقب, وبالتالي صار من حق ذلك الفاتح العظيم أن يلقى بالضوء على حياته لكي يرى المسلمون منها لمحات تؤكد أن لهذه الأمة الإسلامية من التاريخ ما يجعلها قادرة على تجاوز أية عثرات تمر بها.

بداية رحلة قتيبة بن مسلم الجهادية :

ولد هذا الفاتح العظيم في العام 48هـ, وفي بعض الأقوال 46 هـ، وقد كانت الفترة التي نشأ فيها فترة اضطراب سياسي عظيم في الدولة الإسلامية، وكان والده "مسلم بن عمرو" من الذين رافقوا "مصعب بن الزبير" الذي عينه "عبد الله بن الزبير" واليًا على العراق في تلك الفترة المضطربة من التاريخ الإسلامي.
وترجع بدايات الرحلة الجهادية لـ"قتيبة بن مسلم" عندما اختاره القائد الكبير "المهلب بن أبي صفرة" كواحد من خيرة المقاتلين، وأرسله إلى والي العراق آنذاك "الحجاج بن يوسف الثقفي"، فأخضعه للعديد من الاختبارات التي أثبتت بعد نظر "ابن أبي صفرة" في حنكة ومهارة "قتيبة" حيث ولاه "عبد الملك بن مروان" ولاية الري، التي أبلى فيها بلاء حسنًا، فما كان من "الحجاج" إلا أن جعله واليًا على إقليم خراسان في العام 86 هجرية، لينطلق محلقًا في سماء الفتوحات منذ ذلك الحين.
ويرجع السبب في أن ولاية خراسان كانت المنطلق الرئيسي في رحلة الفتوحات, أن هذه الولاية لم تكن مستقرة ولم تكن قد دانت كلها بالسيطرة للمسلمين، وبالتالي كانت في حاجة إلى الكثير من الجهد إما لاستكمال الفتوحات أو تأمين المناطق التي تم فتحها بالفعل.
ومن بين السمات التي ساعدت قتيبة في القيام بفتوحاته حنكته وخبرته بالرجال سواء بين الأصدقاء أو في أوساط الأعداء، فعندما أخبروه بأن تمردًا وقع في خراسان وأشير عليه بإسناد أمر إخماد التمرد للقائد "وكيع بن الأسود" الرجل الثاني في جيش "قتيبة"، رفض الفاتح قائلاً: إن وكيعًا به من الكبر ما قد يجعله يقلل من قدرات أعدائه، مما قد يجعلهم يأخذونه على غرة.
وهذا الموقف يشير إلى أن "قتيبة" كان حكيمًا في اختيار رجاله, فقد اختار مساعده من قبيلة بني تميم تلك القبيلة المتمرسة في القتال، والتي لعبت دورًا كبيرًا في الفتوح الإسلامية، إلا أنه رفض وضعه في موضع إخماد التمرد، مما يعني أنه كما يعرف للرجال مقدارهم فإنه يعرف قدراتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أفلت "قتيبة" من فخ أعده له أحد العملاء المزدوجين ويسمى "تندر" أو "تنذر"؛ فقد كان هذا الرجل عميلاً لدى "قتيبة" أثناء حصاره لمدينة تسمى بيكند كانت تتبع بخارى فقام أهل البلدة بتجنيد هذا العميل، فحاول إيهام "قتيبة" بأن "الحجاج بن يوسف" قد خلع من ولاية العراق لكي يدفع "قتيبة" لفك الحصار عن المدينة والعودة للعراق، إلا أن القائد المسلم أدرك بحنكته أن الرجل يكذب، فاستمر في حصار المدينة وأمر بقتل الخائن، وسرعان ما فتحت المدينة، بل وعادت على المسلمين بالمال الوفير الذي ساهم في الانطلاق نحو حدود الصين؛ لأن هذه المدينة كانت مهمة اقتصاديًّا وكان يطلق عليها "مدينة التجار".
كذلك كان يعرف كيفية دعم المقاتلين واختيار كل مقاتل للمهمة التي عليه القيام بها، فلكي يحفز المقاتلين على المزيد من الفتوحات، طلب من "الحجاج بن يوسف" أن يوزع الغنائم على المقاتلين المجاهدين للتخفيف من حدة ألمهم جراء الغربة وفراق الأهل، فوافق "الحجاج" مما كان له أكبر الأثر في دعم الروح المعنوية للجنود، ونفس الأسلوب اتبعه مع الرجال في فتح بخارى فنعود مرة أخرى إلى بيكند, حيث كان حكام المدينة قد حشدوا كل جيوشهم في معسكر واقع على نهر بالمدينة، فصار هذا المعسكر أمنع نقطة في المدينة وبالتالي كان اقتحامه يعني فتح المدينة، لكن القيام بهذه المهمة كان في نظر الكثيرين ضرب من المستحيل.
فما كان من قتيبة إلا أن اختار قبيلة بني تميم ذات الباع الطويل في القتال لكي تفتح تلك المدينة وتقتحم ذلك المعسكر الحصين، ونادى فيهم أن "من جاء برأس كافر فله 100 دينار"، كما أن "وكيعا"، قد دعا قومه -بني تميم- للانضمام إلى الجهاد مطلقًا صيحته الشهيرة: "من كان يريد الموت فليتبعني، ومن كان كارهًا فليثبت في مكانه"، وذلك حسب رواية "ابن أعثم"، مما كان له أكبر الأثر في سقوط المدينة ومن ثم فتح بخارى كلها، وكان ذلك في العام 87 هجرية.

الصين والأتراك :

واستمرت فتوحات "قتيبة بن مسلم الباهلي" في بلاد ما وراء النهر جيحون وسيحون، حتى استقر المقام للمسلمين هناك، ومن البلدات والمدن التي فتحها الطالقان والصغانيان وشومان وكفتان وسمرقند, وقد بلغ عظم فتوحاته مستوى جعل ملك الصين، مهاب الجانب في منطقته، يرسل بالهدايا إلى الفاتح العظيم حتى يدفعه إلى التراجع عن قسمه بأن يدخل المسلمون الصين، وأرسل له حفنة من تراب الصين ليطأها حتى يكون قد أبر بقسمه.
غير أن القائد العظيم لم يتراجع واستمر يقاتل في تلك المناطق، وراح يخطط لكي ينطلق من فرغانة -وهو إقليم يمتد حاليًا بين أوزبكستان وطاجكيستان وقرغيزيا- نحو فتح الصين كلها، إلا أن التغيرات السياسية التي وقعت في هذه الفترة عقب وفاة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وتولي "سليمان بن عبد الملك" من بعده، قد أطاحت بـ"قتيبة" من منصبه واليًا على خراسان ومن قيادة الجيش، ليتوقف عند التخوم الغربية للإمبراطورية الصينية، وتحديدًا عند منطقة كاشغر، التي تقع في تركستان الشرقية داخل حدود الصين الحالية.
وكان من بين الإيجابيات التي نجمت عن الفتوحات التي قادها "قتيبة بن مسلم" في تلك الأصقاع أن دخل الأتراك في الدين الإسلامي، فبعد أن دانت السيطرة للمسلمين على بلاد فارس، ودخل الفرس في دين الله في عهد الخلفاء الراشدين، دخل الأتراك في الإسلام على يد ذلك الفاتح العظيم، حيث كان نهر المرغاب هو الحد الفاصل بين الأتراك والفرس، فتجاوزه "قتيبة" في فتوحاته ودخل الأتراك الإسلام.
وأدى دخول الأتراك الإسلام إلى العديد من الفتوحات الرئيسية في تاريخ المسلمين بعد ذلك، ومن أبرز تلك الفتوحات ما قام به العثمانيون في أوربا من الوصول إلى حدود النمسا، والسيطرة على أجزاء كبيرة للغاية من القارة الأوربية، إلى جانب ما قامت به فروعهم من فتح الهند وغيرها من الفتوحات في آسيا الوسطى.

نهاية رحلة قتيبة بن مسلم :

وعلى الرغم مما يشاع عن أن "قتيبة" قد تمرد على الخليفة الأموي الجديد "سليمان بن عبد الملك" بسبب فتنة داخلية ضربت بين القبائل العربية في تلك الفترة، إلا أن هناك من الأقوال ما يشير إلى أنه لم يتمرد، وأن ما سرى من أنباء عن تمرده كان جزءًا من تلك الفتنة التي انتهى فصل من فصولها بمقتل "قتيبة بن مسلم" على يد الجيوش الموالية لـ"سليمان بن عبد الملك" في عام 96 هجرية/715 ميلادية، وهي الميتة التي أغضبت الجميع حتى أعداء "قتيبة"، فقال قائل: "يا معشر العرب قتلتم قتيبة، لو كان منا فمات فينا, جعلناه في تابوت, فكنا نستفتح به إذا غزونا".
إن لهذا الفاتح العظيم قصة صمود رائعة، اعتمد فيها على إيمانه بالله تعالى، الذي دفع الكثيرين من غير المسلمين إلى الدخول في دين الله بسبب عظم شخصية "قتيبة"، وكذلك على بسالته القتالية، وعقليته النادرة التي جعلته يتميز حتى عن قائده "المهلب بن أبي صفرة" في أن يضع لكل غزوة من غزواته، حتى وإن كانت محدودة الحجم، هدفًا محددًا يجب إنجازه وإن طال المطال بها، فيقال مثلاً إن حصاره لمدينة بيكند استمر شهرين كاملين، ولكنه لم ييأس وقاتل وانتصر بإذن الله.
لم يعتمد "قتيبة" على جاه ولا نسب، فقد كان ينتمي إلى قبيلة باهلة، وهي كانت في عرف عرب الجاهلية من أحط القبائل نسبًا، إلا أنه انتفض وشق طريقه، ولكنه في النهاية لم يلق تكريمًا إلا بالقتل في إطار تصفية حسابات داخلية، لكن يكفيه ما بدأنا به من أنه نال من الألقاب ما لم ينله فاتح آخر, كما يكفيه أن عرقًا كاملاً هو العرق التركي، بكل فروعه، قد دخل في الإسلام على يده.
=====================================================================

قتيبة بن مسلم .. فاتح بلاد الصين

=====================================================================
هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن الأمير أبو حفص الباهلي، قائد إسلامي شهير من كبار القادة الذين سجلهم التاريخ؛ فعلى يديه فُتحت هذه البلاد التي تُسَمَّى اليوم بالجمهوريات الإسلامية، التي انفصلت عما كان يُسَمَّى بالاتحاد السوفيتي، وتوغَّل حتى حدود الصين، وتدين كثير من هذه البلاد بدين الإسلام، قُتل سنة 96 هـ، وعمره 48 سنة.
نشأة قتيبة بن مسلم
أبوه مسلم بن عمرو من أصحاب مصعب بن الزبير والي العراق من قِبَل أخيه أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير، وقاتل معه في حربه ضد عبد الملك بن مروان سنة (72هـ= 692م)، وُلِدَ قتيبة بن مسلم في بيت إمارة وقيادة سنة (49هـ= 669م) بأرض العراق، ولمَّا ترعرع تعلَّم العلم والفقه والقرآن، ثم تعلَّم الفروسية وفنون الحرب وقد نشأ قتيبة بن مسلم–رضي الله عنه- على ظهور الخيل رفيقًا للسيف والرمح، محبًّا للفروسية، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات؛ لذلك عمل كلُّ ولاة العراق على شغل أهلها بالغزوات لاستغلال طاقاتهم الثورية في خدمة الإسلام ونشر الدعوة؛ لذلك كانت أرض العراق هي قاعدة الانطلاق للحملات الحربية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك قتيبة في هذه الحملات منذ شبابه المبكِّر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذَّة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم المهلب بن أبي صفرة، وكان المهلب خبيرًا في معرفة الأبطال ومعادن الرجال؛ فتفرَّس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالي العراق الشهير الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان يحبُّ الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهامِّ ليختبره بها ويعلم مدى صحَّة ترشيح المهلب له. ثم ولَّاه عبد الملك بن مروان مدينة الرَّيِّ، وولَّاه -أيضًا- خراسان، وقد كانت حينها من أعمال العراق يوم ذاك، وهي تحت إمرة الحجاج، فلم يعبأ بشيء سوى الجهاد، فلمَّا وصل خراسان سنة (86هـ= 705م) علا بهمَّته إلى حرب بلاد ما وراء النهر، وأقام بخراسان ثلاث عشرة سنة.
وعندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامي في الشرق، كان هناك نوعان من الأجناس البشرية تسكن هذه المنطقة؛ القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية، وكان نهر المرغاب هو الحدّ الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تمَّ إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين، أمَّا القبائل التركية فقد كانت أكبر عددًا وأوسع انتشارًا؛ منهم: الأتراك الغزية، والأتراك القراخطاي، والأتراك القوقازيون، والأتراك الإيجور، والأتراك البلغار، والأتراك المغول. وقد كان لفتح قتيبة أثرٌ كبير في إدخال الأتراك شرقي نهر المرغاب وبلاد ما وراء النهر في الإسلام.
فتوحات قتيبة بن مسلمبدأ قتيبة بن مسلم فتوحاته سنة (86هـ= 705م)، وذلك عندما ولَّاه الحجاج بن يوسف الثقفي ولاية خراسان؛ وهو إقليم شاسع مترامي الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان المهلب بن أبي صفرة واليًا على خراسان من عام 78هـ حتى عام 86هـ، وقد رأى الحجاج أن يدفع بدماء شابة جديدة في قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من قتيبة بن مسلم لهذه المهمَّة.
سار قتيبة بن مسلم على الخطَّة نفسها التي سار عليها آل المهلب، وهي خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقتًا للتجمُّع أو التخطيط لردِّ الهجوم على المسلمين، ولكنَّه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطَّة ثابتة لها هدف ووجهة محدَّدة، ثم يُوَجِّه كلَّ قوَّته للوصول إلى هدفه.
استعرض قتيبة بن مسلم جيشه، وابتدأ مسيرته إلى فتح الشرق كله، ففتح المدائن مثل خوارزم وسجستان، حتى وصل إلى سمرقند، فحاصرها حصارًا شديدًا حتى صالحه أهلها على أموال كثيرة جدًّا، وفطن له الصُّغْد فجمعوا له الجموع؛ فقاتلهم في شُومان قتالاً عنيفًا حتى هزمهم، وسار نحو بِيكَنْد وهي آخر مدن بُخَارَى، فجمعوا له الجموع من الصُّغْد ومَنْ وَالَاهُم فأحاطوا به من كل مكان، وكان له جواسيس من الأعداء يمدُّونه بالأخبار, فأعطاهم الأعداء أموالًا طائلة ليصدُّوا عنهم قتيبة؛ فجاءوا يُثَبِّطونه عن قتالهم فقتلهم، ثم جمع الجيش وخطبهم وحثَّهم على القتال؛ فقاتلوا أشدَّ القتال، وفتحوا الطوق وغنم منها أموالًا لا تُحصى، ثم اتَّجه ناحية الصين، فغزا المدن التي في أطرافها وانتصر عليها، وضرب عليهم الجزية، فأذعنت له بلاد ما وراء النهر كلها حتى وصل إلى أسوار الصين.
استراتيجية قتيبة بن مسلم في الغزوات
قام قتيبة بن مسلم –رضي الله عنه- بتقسيم أعماله إلى أربع مراحل، حقَّق في كل واحدة منها فتح ناحية واسعة فتحًا ثَبَّت فيه أقدام الدولة الأموية وما تابعها من دول إسلامية ردحًا طويلاً من الزمن؛ وهي كالآتي:
المرحلة الأولى: قام فيها قتيبة بحملته على طَخارستان السفلى فاستعادها وذلك سنة 86هـ، وطَخارستان السفلى هي الآن جزء من أفغانستان وباكستان.
المرحلة الثانية: قاد فيها حملته الكبرى على بخارى (تقع الآن في أوزبكستان) فيما بين سنتي (87- 90هـ)، وخلالها أتمَّ فتح بخارى وما حولها من القرى والحصون، وكانت أهمَّ مدن بلاد ما وراء النهر وأكثفها سكانًا وأمنعها حصونًا.
المرحلة الثالثة: وقد استمرَّت فيما بين سنتي (91- 93هـ)، وفيها تمكَّن قتيبة من نشر الإسلام وتثبيته في وادي نهر جيحون كله، وأتمَّ فتح إقليم سجستان في إيران الآن، وإقليم خوارزم، ووصلت فتوحاته إلى مدينة سمرقند في قلب آسيا، وضمَّها إلى الدولة الأموية.
المرحلة الرابعة: وقد امتدَّت فيما بين سنتي (94- 96هـ)، وفيها أتمَّ قتيبة بن مسلم فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها، ووصل مدينة كاشغر وجعلها قاعدة إسلامية، وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش إسلامية في آسيا شرقًا، ولم يصل أحد من المسلمين أبعد من ذلك قط.
وفاة قتيبة بن مسلم
حارب قتيبة ثلاث عشرة سنة لم يضع فيها السلاح، وقد كان قتيبة بن مسلم من قادة الحجاج بن يوسف الثقفي؛ فقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلمَّا ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه؛ لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه؛ ولذلك عزم قتيبة على الخروج على سليمان، وجمع جموعًا لذلك من رجاله وأهل بيته، لكنَّ حركته فشلت، وانتهت بقتله في بلد اسمها فرغانة سنة (96هـ= 715م) على يد وكيع بن حسان التميمي، وقيل: إنه لم يتمرَّد، ولكن وقع ضحية مؤامرة حاكها بعض الطامعين بالولاية. 

ليست هناك تعليقات: