10 وظائف مريعة لحسن حظنا أنها لم تعد موجودة الآن..........
ستغير رأيك إن كنت تعتقد أن وظيفتك سيئة، بعد أن تعلم أنه كان هناك من وظيفته تستلزم مساعدة الملك في المرحاض!
لطالما
ذكرتنا شخصية (آل بوندي) الكوميدية في مسلسل (متزوج مع أطفال) Married
with Children أن أسوأ وظيفة قد يشغلها المرء هي بيع أحذية النساء، لكننا
نراهن عزيزي القارئ أنك بعد أن تلقي نظرة خاطفة على تاريخ الوظائف المريعة
في حياة الإنسان؛ ستغير وجهة النظر هذه، وستكون ممتنا جدا لأن هذه الوظائف
لم تعد موجودة الآن.
إليك هذه الوظائف العشرة التي صنفناها لك في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» على أنها أسوأ وظائف في تاريخ الإنسان:
بشكل أساسي كانت وظيفة حامل المرحاض تماما مثلما يوحي به اسمه: لقد كان يتبع الملك حيثما ذهب حاملا معه مرحاضه المحمول الفاخر على مدار الساعة، وكان يحمل معه أيضا الماء، والمناشف، وحوضا للغسيل، لذا في كل مرة يجد الملك نفسه في حاجة إلى التغوط، يجد معدات مناسبة لمقامه في عين المكان تحت تصرفه.
على الرغم من أن هذه الوظيفة قد تبدو للقارئ في يومنا هذا مهينة وتحط من قيمة من يشغلها، فإنها في الواقع كانت منزلة راقية للغاية آنذاك وكانت غالبا من نصيب أبناء النبلاء. كان حامل المراحيض يقضي الكثير من الوقت مع الملك، مما يعني أنه كان يعيش نوعا من الحياة الخاصة معه لا يعيشها غيره معه، كما كان يراه في أكثر لحظاته حرجاً، وتماما مثلما قد تكون تتخيله الآن، فقد كان حامل المراحيض غالبا ما يكافأ بالأراضي والألقاب.
بلغت
وظيفة حامل المراحيض ذروتها خلال عهد (تيودور)، وفي عهد الملك (هنري
السابع) تقلد حامل مراحيضه (هيو دينيس) منصب مستشار ضرائب مقرب جدا من
الملك، ومنذ ذلك الحين أصبح شائعا بالنسبة لحامل المراحيض أن يتقلد مناصب
غير رسمية لكنها مرموقة جدا تضاهي منصب أمين الخزائن، فكما يبدو إن كنت
بارعا في التعامل مع الروث فأنت لا شك بارع جدا في التعامل مع المال.
تم حظر هذه الوظيفة بشكل مؤقت في سنة 1558 خلال عهد الملكة (إيليزابيث الأولى) التي استبدلت حملة المراحيض بوظيفة «خادمات غرفة النوم».
خلال العصر الذهبي لغزو البحار حول العالم، كان ”قرد البارود“ ينقل البارود من أماكن تخزينه إلى المدافع على متن السفينة الحربية، كما كان يقوم بمهام عسكرية أخرى على غرار قياس ما يحتاجه كل سلاح معين من ذخيرة قياسا دقيقاً والإتيان بها عند الحاجة. قامت مختلف الجيوش بخلق هذه الوظيفة من أجل اختصار الوقت خلال المعارك وإطلاق النار من المدافع بشكل أكثر فعالية، ولسوء الحظ، جاء ذلك على نفقة الصبيان والفتية الصغار الأبرياء.
كانت هذه الوظيفة بطبيعتها خطيرة للغاية، حيث أن قناصي العدو كانوا غالبا ما يستهدفون هؤلاء الصبية من أجل شلّ سلاح المدفعية، ومنه كانت مختلف الجيوش والجبهات المتناحرة في أعالي البحار تختار لهذه المهمة الصبي النحيل ضئيل الجسم الذي كان استهدافه أمرا صعباً، ولنفس السبب كان الصبيان الذين تجاوزوا سن الرابعة عشر يستثنون من شغل هذه الوظيفة، وكانت تذهب إلى فتية بعمر التاسعة على الأكثر، وكثير منهم من خدم في الحرب الأهلية الأمريكية.
مما زاد الأمر شناعة، هو أن وظيفة قرد البارود لم تكن اختيارية، حيث لم يتطوع معظم الأطفال لشغل هذا المنصب الخطير الذي يجبرهم على العيش بين المواد المتفجرة بينما يطلق آخرون النار عليهم باستمرار، بل كانوا في الغالب يُختطفون من بيوتهم ويجبرون على الخدمة في السفن الحربية.
من الصعب جدا تخيل ما كان على هؤلاء الفتية المرور به في كل تلك المعارك والحروب التي شاركوا فيها، ومنه يجب أن يكون الجميع ممتنا لأن هذا النوع من الوظائف لم يعد موجوداً.
كان قزم البلاط يؤدي دوراً شبيهاً بدور المهرج، وكان عمله الوحيد هو تسلية الملك وحاشيته وكل من في البلاط، وكان في معظم الأحيان يقوم بذلك باستخدام ضآلة حجم جسمه في حركات هزلية كوميدية.
يعود تاريخ توظيف الأقزام في القصور الملكية إلى مصر القديمة وروما عندما كان هؤلاء يباعون كسلعة قيمة في الأسواق.
استمرت هذه الممارسة إلى غاية العصور الوسطى في أوروبا، حيث، تماما مثل حامل المرحاض الملكي، كان قزم البلاط منصبا مهينا لكنه مفيد جدا على الصعيد الاجتماعي، فقد كانت الملكة (هينريتا ماريا) زوجة الملك (تشارلز الأول) معجبة كبيرة بالأقزام، وكان أول قزم تجعله في بلاطها يدعى (جيفري هادسن)، وهو ابن جزار وصبي قزم لم يتعدى طوله التسعون سنتمتراً، وعلى الرغم من كون نقطة ضعفه تتمثل في حجمه الصغير، غير أن (هادسن) حارب في الحرب الأهلية الإنجليزية، وتمكن حتى من قتل رجل بحجم طبيعي في مواجهة ثنائية.
كان الملك (فيليب الرابع) الإسباني هو الآخر معجبا كبيرا بالأقزام الذين وظف الكثير منهم في بلاطه، وذهب به الأمر أن أمر الرسام (دييغو فيلاسكيز) برسم لوحات فنية له تجمعه مع أقزام بلاطه.
كان أقزام البلاط غالبا ما يقفون بجانب الملك أو الملكة حتى يبدو هذان الأخيران أطول من حجمهما الحقيقي مقارنة بحجم القزم الصغير.
وبما أنه لا أحد كان بإمكانه عقاب الأمير عدا الملك نفسه، ولأن معظم الملوك يكونون مشغولين جدا في إدارة شؤون ممالكهم ورعاياهم، فإن تأديب الأمراء الصغار وتقويم سلوكاتهم كانت يتطلب نوعاً من الحيلة، ومنه ظهرت وظيفة «كبش الفداء».
عندما كان الأمير الصغير يسيء التصرف، كان الصبي «كبش الفداء» يتلقى العقاب الجسدي في مكانه، وكان الصبي كبش الفداء والأمير يترعرعان معا عادة حتى يتشكل بينهما نوع من روابط الأخوة والمحبة والصداقة الوثيقة، وهو الذي كان يفترض من ورائه أن يحمل الأمير الصغير على الكف عن تصرفاته المسيئة حتى لا يتعرض صديقه إلى العقاب.
كانت هذه الحيلة أحيانا تأتي بنتائجها وأحيانا أخرى لا، وبشكل لا يثير الدهشة كبر الكثير من الصبيان الذين شغلوا وظائف ”كباش فداء“ ليستفيدوا من سخاء الأمراء أصدقاء طفولتهم عندما يصبحون ملوكا لإنجلترا.
استمرت القصص والروايات التي تناولت الصبيان كباش الفداء على مر القرون، لكنه لا يوجد أي دليل ملموس على أن هذا كان وظيفة فعلية، ذلك على الرغم من أن كباش الفداء كانوا يظهرون في الكثير من المسرحيات ويتم ذكرهم في الكثير من المؤلفات، أما من الناحية التاريخية فإن وجودهم لم يحفظه التاريخ، وعلى الرغم من أن مصطلح Whipping Boy «كبش الفداء» يعترف به بشكل رسمي في المعاجم، وحتى وإن لم يذكر التاريخ شيئا عن كون الوظيفة موجودة فعلا، فإن المصطلح يعتبر دليلا على وجودها ويعبر عن نفسه بنفسه.
في إنجلترا وإسكتلندا والويلز في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، عندما توافي المنية فردا من أفراد عائلة ما، فإن شعيرة خاصة من الشعائر المثيرة للاهتمام تجري، والتي كانت تتطلب نوعا خاصا جدا من الوظائف. كان صاحب هذه الوظيفة يدعى «آكل الخطايا»، والذي بعد وفاة أحدهم يقوم بالتخلص من آثامه جميعها، وكان الأمر يجري على النحو الآتي:
كان أحد أفراد عائلة المتوفي أو المقربون منه يضع قطعة خبز فوق جثته وهو ما كان يعتقد أنه يمتص الآثام والخطايا من جسمه، ثم يأتي «آكل الخطايا» ليأكل قطعة الخبز تلك ويبتلعها مستعينا ببعض «المزر» —نوع من الجعة—.
كانت الفكرة خلف هذا الاعتقاد هي أن خطايا الشخص المتوفي ستسكن بعد ذلك جسم «آكل الخطايا»، مما يسمح للميت بدخول جنة النعيم خاليا من الذنوب أو المشاكل التي قد تعيق دربه. كان آكلوا الخطايا يشغلون هذه الوظيفة بشكل حصري بسبب اعتبار المجتمع لهم على أنهم أفراد منبوذون، وبسبب عدم قدرتهم على العثور على وظائف أخرى يسدون بها رمقهم.
عندما لا يكون آكلوا الخطايا في المآتم ”يأكلون ذنوب الموتى“، كانوا يعيشون حياة التشرد ويحيون حياة قذرة للغاية.
كان يوجد تقريبا في كل قرية «آكل خطايا» خاص بها، وكان يعتقد أنهم مع كل ذنوب جديدة يأكلونها يزدادون شرا وخبثا ودناسة، ومنه لم تكن هذه بدون شك وظيفة لائقة، لكنها كان بالنسبة لهؤلاء شرا لا مفر منه في سبيل توفير قوت اليوم.
قد يدفعنا هذا إلى التساؤل عما كانت تفعله كليات الطب ومدارسه آنذاك في سبيل تدريب طلبتها على مثل تلك العمليات المعقدة؟ كان الحل آنذاك هو طلب المعونة من «نباش القبور» الذي يشار إليه كذلك باسم «سارق الجثث»، كان هؤلاء الأخيرون يسرقون جثث الموتى من قبورهم التي يرقدون فيها وكانوا يبيعونها لأي شخص كان يحتاجها.
في تلك الأثناء، كانت الطريقة القانونية الوحيدة التي تمكن أحدهم من الحصول على جثة شخص ميت لإجراء التجارب العلمية عليها هي بعد أن يكون هذا الشخص مجرماً أُعدم بسبب جرائمه، لكن ذلك لم يكن يحدث بالوتيرة التي كان يرتفع فيها الطلب على الجثث بين مدارس وكليات الطب.
كانت شعبية مدارس تعليم الطب في ارتفاع مستمر، وفي نفس الوقت تبين أن مستويات الجريمة كانت في انخفاض آنذاك، كنتيجة على هذا التمايز، خرجت إلى العالم مهنة «نباش القبور»، ولأسباب واضحة لا تحتاج التفسير، كان «نباشو القبور» يقومون بأعمالهم ليلا تحت جنح الظلام، وكانوا يحققون مبالغ لا بأس بها من خلال بيع الجثث التي يسرقونها، وهذا أمر معقول بالنظر إلى خطورة المهنة من الناحية القانونية وكذا من الجانب الروحاني والديني.
أما فيما يخص الناحية القانونية، فإن عقوبة جريمة نبش قبر أحدهم وسرقة جثته كانت جنحة خفيفة لا أكثر، لكن من الناحية الدينية، فقد كانت إثماً عظيماً لا يغتفر.
في بادئ الأمر، كانوا يدقون الأبواب باباً تلو آخر، لكن بعد مدة أصبحت هذه الطريقة في إيقاظ الناس غير مجدية وفعالة، لذا من أجل تسوية الوضع، أصبح الموقظون يحملون معهم عصياً طويلة جدا يقومون بواسطتها بالطرق على نوافذ الأشخاص النائمين المقيمين في شقق عالية في المباني السكنية، وفي بعض المناطق في إنجلترا، تواصل استخدام خدمات الموقظين حتى سبعينيات القرن العشرين.
أصبحت وظيفة الموقظ ذات شعبية بشكل خاص خلال الثورة الصناعية الأولى، عندما بدأ العديد من الناس العمل في المصانع وكانوا بحاجة إلى أن يصلوا هناك في أوقات محددة. ويمكن القول أن هذه كانت على الأرجح أول مرة يبدأ فيها العالم بالعمل بجدول التوقيت من التاسعة صباحا إلى الخامسة مساءً.
تضمنت إحدى قصص الموقظين الرائجة امرأة امتهنت هذه الوظيفة واشتهرت بفضلها كثيرا، كانت تدعى (ماري سميث)، التي اشتهرت على مستوى وطني بعد أن أظهرتها إحدى الصور الفوتوغرافية في إحدى الجرائد وهي تستعمل «قاذفة البازلاء» من أجل إيقاظ الناس. كانت تتقاضى مقابل خدماتها مبلغ نصف شلن عن كل زبون أسبوعيا، ورثت عنها ابنتها مهنتها هذه وحذت حذوها عندما توقفت (سميث) عن أداء مهامها.
أصبح الجلد سلعة رائجة ومشهورة جدا في أواخر القرن التاسع عشر، ومن أجل جعله أكثر ليونة، كان الدباغون يستعملون روث الكلاب كنوع من المخصبات. كان روث الكلاب يعرف باسم الـ«الملين» وذلك راجع لليونة التي يخلفها على الجلد وأنسجته القاسية.
كان صائدو المليّن يتجولون في الشوارع والمجارير بحثا عن مخلفات الكلاب الشاردة، وكانوا يحققون مداخيل لا بأس بها في الواقع من خلال أعمالهم هذه.
عند بداية هذه المهنة في ثلاثينات القرن التاسع عشر، لم يكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يمتهنونها ومنه لم تكن هناك منافسة كبيرة في الميدان، لكن في أواخر ذات القرن بدأ المزيد من الناس يتخذون من البحث عن روث الكلاب مهنة لهم، مما تسبب في انخفاض الأسعار التي كانت تدفع مقابل الحصول على المنتوج، ولم تكن هناك آنذاك سوى 30 مدبغة جلود موجودة، وكان عدد الأشخاص العاملين في مجال البحث عن «المليّن» يتجاوز هذا العدد بكثير، ومنه تجاوز العرض الطلب بأشواط، وفي نهاية المطاف أصبحت المهنة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وهنا يأتي دور الملينّة أو الملين ليتقدم ويؤدي وظيفته، كان مليّنو -أو ملينات- الصوف يعملون على تليين كل الملابس والأقمشة التي يؤتى بها إليهم باستخدام أرجلهم. قد لا يبدو هذا عملا سيئا أو قاسيا، لكنه يتضمن عنصراً يجعل منه عملا لا يحسد عليه أحد.
من أجل جعل النسيج أكثر نعومة وليونة، كانت تتم إضافة مكون آخر عليه ألا وهو البول القديم، صدق ذلك أو لا تصدقه، فإن أملاح الأمونيوم التي توجد في البول القديم تساعد على تليين الأقمشة، كما كانت تساعد حتى على إضافة نوع من اللمعان والبياض الناصع على الملابس البيضاء. ولكثرة استعماله في أعمال التليين، أصبح البول نفسه يخضع للضرائب، وذلك يبين لنا إلى أي مدى كانت هذه الوظيفة مهمة أنذاك.
تعود
جذور مهنة تليين النسيج إلى زمن الإمبراطورية الرومانية قديماً، غير أنها
أصبحت مهمة جدا في إنجلترا في العصور الوسطى، فقد أصبح للصوف تجارة تدر
الكثير من المال آنذاك، لذا كان الناس في حاجة دائمة إلى الملينين.
بينما لم يكن الإنجليزيون يصنعون قطع الثياب الصوفية بأنفسهم، فإنهم كانوا يقومون بتصدير الصوف إلى بلدان أخرى، وبشكل أخص إلى منطقة (فلاندرز) حيث كان الطلب على الصوف الإنجليزية مرتفعا جداً، لذا كان الملينون والملينات يدوسون روحة وجيئة في بول الآخرين القديم لمدة ساعات كاملة حتى يصبح النسيج لينا بما فيه الكفاية ليلبس دون إزعاج.
كانت مشكلة هذه الوظيفة أن التعرض المفرط لمادة الفوسفور يحمل بين طياته خطرا كبيرا على صانعي أعواد الثقاب، هذا الخطر الذي يتجلى في احتمال كبير في الإصابة بمرض يدعى «نخر الفك الفوسفوري» Phossy Jaw.
كان عمال المصانع المساكين هؤلاء يحققون مداخيل متدنية جدا في أوضاع عمل أقل ما يقال عنها أنها مزرية، حيث كانوا يخاطرون بحياتهم من أجل الحصول على بعض البنسات، وقد ألهمت ظروف العمل القاسية والخطيرة تلك 1400 امرأة وفتاة بالدخول في إضراب شامل.
كان العمل على مادة الفوسفور الأبيض يتسبب كذلك في التهاب الرئتين وبعض المشاكل التنفسية الأخرى، كان العمال غالبا ما يتقيؤون قيئا فلوريا، لكن لم يستطع أي من الأعراض الجانبية المريعة هذه التي كان يتسبب فيها الفوسفور أن يسلط الضوء على الألم الذي تسببه إصابة المرء بمرض نخر الفك الفوسفوري والمعاناة التي كان يعيشها العاملون والعاملات في هذا المجال.
1. حامل المرحاض الملكي:
في إنجلترا في العصور الوسطى؛ كان الخدم في خدمة الملوك وعائلاتهم تقريبا في كل شيء، بما في ذلك مساعدتهم وخدمتهم أثناء قضائهم لحاجاتهم، كان هؤلاء الخدم يعرفون باسم «حملة المراحيض» وكانت وظيفتهم الأساسية هي خدمة الملك ومد يد العون له عندما ”تناديه الطبيعة“.بشكل أساسي كانت وظيفة حامل المرحاض تماما مثلما يوحي به اسمه: لقد كان يتبع الملك حيثما ذهب حاملا معه مرحاضه المحمول الفاخر على مدار الساعة، وكان يحمل معه أيضا الماء، والمناشف، وحوضا للغسيل، لذا في كل مرة يجد الملك نفسه في حاجة إلى التغوط، يجد معدات مناسبة لمقامه في عين المكان تحت تصرفه.
على الرغم من أن هذه الوظيفة قد تبدو للقارئ في يومنا هذا مهينة وتحط من قيمة من يشغلها، فإنها في الواقع كانت منزلة راقية للغاية آنذاك وكانت غالبا من نصيب أبناء النبلاء. كان حامل المراحيض يقضي الكثير من الوقت مع الملك، مما يعني أنه كان يعيش نوعا من الحياة الخاصة معه لا يعيشها غيره معه، كما كان يراه في أكثر لحظاته حرجاً، وتماما مثلما قد تكون تتخيله الآن، فقد كان حامل المراحيض غالبا ما يكافأ بالأراضي والألقاب.
تم حظر هذه الوظيفة بشكل مؤقت في سنة 1558 خلال عهد الملكة (إيليزابيث الأولى) التي استبدلت حملة المراحيض بوظيفة «خادمات غرفة النوم».
2. قرد البارود:
لطالما شهدت صفحات التاريخ على أن الأطفال كانوا يؤمرون ببعض أكثر المهام خطورة وأسوئها في التاريخ، لا لشيء إلا لكون حداثة سنهم تمنعهم من المشاحنة والتفاوض أو الرفض والامتناع، ومن بين هذه الوظائف والمهام كانت وظيفة ”قرد البارود“.خلال العصر الذهبي لغزو البحار حول العالم، كان ”قرد البارود“ ينقل البارود من أماكن تخزينه إلى المدافع على متن السفينة الحربية، كما كان يقوم بمهام عسكرية أخرى على غرار قياس ما يحتاجه كل سلاح معين من ذخيرة قياسا دقيقاً والإتيان بها عند الحاجة. قامت مختلف الجيوش بخلق هذه الوظيفة من أجل اختصار الوقت خلال المعارك وإطلاق النار من المدافع بشكل أكثر فعالية، ولسوء الحظ، جاء ذلك على نفقة الصبيان والفتية الصغار الأبرياء.
كانت هذه الوظيفة بطبيعتها خطيرة للغاية، حيث أن قناصي العدو كانوا غالبا ما يستهدفون هؤلاء الصبية من أجل شلّ سلاح المدفعية، ومنه كانت مختلف الجيوش والجبهات المتناحرة في أعالي البحار تختار لهذه المهمة الصبي النحيل ضئيل الجسم الذي كان استهدافه أمرا صعباً، ولنفس السبب كان الصبيان الذين تجاوزوا سن الرابعة عشر يستثنون من شغل هذه الوظيفة، وكانت تذهب إلى فتية بعمر التاسعة على الأكثر، وكثير منهم من خدم في الحرب الأهلية الأمريكية.
مما زاد الأمر شناعة، هو أن وظيفة قرد البارود لم تكن اختيارية، حيث لم يتطوع معظم الأطفال لشغل هذا المنصب الخطير الذي يجبرهم على العيش بين المواد المتفجرة بينما يطلق آخرون النار عليهم باستمرار، بل كانوا في الغالب يُختطفون من بيوتهم ويجبرون على الخدمة في السفن الحربية.
من الصعب جدا تخيل ما كان على هؤلاء الفتية المرور به في كل تلك المعارك والحروب التي شاركوا فيها، ومنه يجب أن يكون الجميع ممتنا لأن هذا النوع من الوظائف لم يعد موجوداً.
3. قزم البلاط:
خلال مرحلة من التاريخ الماضي، لم يكن وجود الأقزام يتعدى مجرد أفراد منبوذين في مجتمعاتهم، وظلت تلك حالهم ووضعيتهم إلى أن صاروا يوظفون في وظائف جديدة سميت «أقزام البلاط»، وهو ما ساهم في كتابة أولى الأسطر الإيجابية في التاريخ عن قصصهم وتاريخهم.كان قزم البلاط يؤدي دوراً شبيهاً بدور المهرج، وكان عمله الوحيد هو تسلية الملك وحاشيته وكل من في البلاط، وكان في معظم الأحيان يقوم بذلك باستخدام ضآلة حجم جسمه في حركات هزلية كوميدية.
يعود تاريخ توظيف الأقزام في القصور الملكية إلى مصر القديمة وروما عندما كان هؤلاء يباعون كسلعة قيمة في الأسواق.
استمرت هذه الممارسة إلى غاية العصور الوسطى في أوروبا، حيث، تماما مثل حامل المرحاض الملكي، كان قزم البلاط منصبا مهينا لكنه مفيد جدا على الصعيد الاجتماعي، فقد كانت الملكة (هينريتا ماريا) زوجة الملك (تشارلز الأول) معجبة كبيرة بالأقزام، وكان أول قزم تجعله في بلاطها يدعى (جيفري هادسن)، وهو ابن جزار وصبي قزم لم يتعدى طوله التسعون سنتمتراً، وعلى الرغم من كون نقطة ضعفه تتمثل في حجمه الصغير، غير أن (هادسن) حارب في الحرب الأهلية الإنجليزية، وتمكن حتى من قتل رجل بحجم طبيعي في مواجهة ثنائية.
كان الملك (فيليب الرابع) الإسباني هو الآخر معجبا كبيرا بالأقزام الذين وظف الكثير منهم في بلاطه، وذهب به الأمر أن أمر الرسام (دييغو فيلاسكيز) برسم لوحات فنية له تجمعه مع أقزام بلاطه.
كان أقزام البلاط غالبا ما يقفون بجانب الملك أو الملكة حتى يبدو هذان الأخيران أطول من حجمهما الحقيقي مقارنة بحجم القزم الصغير.
4. كبش الفداء:
من دون شك، عاش الكثير من الأمراء حياة ملؤها الرفاهية والدلال المطلق، وهذا ما أدى إلى الكثير منهم إلى الانحراف والتصرف بسلوكات غير لائقة في معظم الأوقات، مما تطلب تسليط نوع من العقاب والتأديب عليهم حتى يتقوم سلوكهم ليليق بمقامهم، وحتى لا تفسد أخلاقهم وتربيتهم ويكبروا ليفتعلوا الحروب التي لا نفع يرجى من ورائها.وبما أنه لا أحد كان بإمكانه عقاب الأمير عدا الملك نفسه، ولأن معظم الملوك يكونون مشغولين جدا في إدارة شؤون ممالكهم ورعاياهم، فإن تأديب الأمراء الصغار وتقويم سلوكاتهم كانت يتطلب نوعاً من الحيلة، ومنه ظهرت وظيفة «كبش الفداء».
عندما كان الأمير الصغير يسيء التصرف، كان الصبي «كبش الفداء» يتلقى العقاب الجسدي في مكانه، وكان الصبي كبش الفداء والأمير يترعرعان معا عادة حتى يتشكل بينهما نوع من روابط الأخوة والمحبة والصداقة الوثيقة، وهو الذي كان يفترض من ورائه أن يحمل الأمير الصغير على الكف عن تصرفاته المسيئة حتى لا يتعرض صديقه إلى العقاب.
كانت هذه الحيلة أحيانا تأتي بنتائجها وأحيانا أخرى لا، وبشكل لا يثير الدهشة كبر الكثير من الصبيان الذين شغلوا وظائف ”كباش فداء“ ليستفيدوا من سخاء الأمراء أصدقاء طفولتهم عندما يصبحون ملوكا لإنجلترا.
استمرت القصص والروايات التي تناولت الصبيان كباش الفداء على مر القرون، لكنه لا يوجد أي دليل ملموس على أن هذا كان وظيفة فعلية، ذلك على الرغم من أن كباش الفداء كانوا يظهرون في الكثير من المسرحيات ويتم ذكرهم في الكثير من المؤلفات، أما من الناحية التاريخية فإن وجودهم لم يحفظه التاريخ، وعلى الرغم من أن مصطلح Whipping Boy «كبش الفداء» يعترف به بشكل رسمي في المعاجم، وحتى وإن لم يذكر التاريخ شيئا عن كون الوظيفة موجودة فعلا، فإن المصطلح يعتبر دليلا على وجودها ويعبر عن نفسه بنفسه.
5. آكل الخطايا:
في إنجلترا وإسكتلندا والويلز في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، عندما توافي المنية فردا من أفراد عائلة ما، فإن شعيرة خاصة من الشعائر المثيرة للاهتمام تجري، والتي كانت تتطلب نوعا خاصا جدا من الوظائف. كان صاحب هذه الوظيفة يدعى «آكل الخطايا»، والذي بعد وفاة أحدهم يقوم بالتخلص من آثامه جميعها، وكان الأمر يجري على النحو الآتي:
كان أحد أفراد عائلة المتوفي أو المقربون منه يضع قطعة خبز فوق جثته وهو ما كان يعتقد أنه يمتص الآثام والخطايا من جسمه، ثم يأتي «آكل الخطايا» ليأكل قطعة الخبز تلك ويبتلعها مستعينا ببعض «المزر» —نوع من الجعة—.
كانت الفكرة خلف هذا الاعتقاد هي أن خطايا الشخص المتوفي ستسكن بعد ذلك جسم «آكل الخطايا»، مما يسمح للميت بدخول جنة النعيم خاليا من الذنوب أو المشاكل التي قد تعيق دربه. كان آكلوا الخطايا يشغلون هذه الوظيفة بشكل حصري بسبب اعتبار المجتمع لهم على أنهم أفراد منبوذون، وبسبب عدم قدرتهم على العثور على وظائف أخرى يسدون بها رمقهم.
عندما لا يكون آكلوا الخطايا في المآتم ”يأكلون ذنوب الموتى“، كانوا يعيشون حياة التشرد ويحيون حياة قذرة للغاية.
كان يوجد تقريبا في كل قرية «آكل خطايا» خاص بها، وكان يعتقد أنهم مع كل ذنوب جديدة يأكلونها يزدادون شرا وخبثا ودناسة، ومنه لم تكن هذه بدون شك وظيفة لائقة، لكنها كان بالنسبة لهؤلاء شرا لا مفر منه في سبيل توفير قوت اليوم.
6. نباش القبور:
يتوجب على طلبة الطب ممارسة العديد من العمليات الجراحية على الجثث البشرية قبل تخرجهم وتوجههم للعمل على البشر الأحياء، وفي القرن التاسع عشر، لم يكن متداولا بعد ولا منتشراً مفهوم التبرع بالأعضاء أو التبرع بجسمك بعد موتك لأغراض علمية، بل كان أمراً محرماً ولا يسمح القيام به.قد يدفعنا هذا إلى التساؤل عما كانت تفعله كليات الطب ومدارسه آنذاك في سبيل تدريب طلبتها على مثل تلك العمليات المعقدة؟ كان الحل آنذاك هو طلب المعونة من «نباش القبور» الذي يشار إليه كذلك باسم «سارق الجثث»، كان هؤلاء الأخيرون يسرقون جثث الموتى من قبورهم التي يرقدون فيها وكانوا يبيعونها لأي شخص كان يحتاجها.
في تلك الأثناء، كانت الطريقة القانونية الوحيدة التي تمكن أحدهم من الحصول على جثة شخص ميت لإجراء التجارب العلمية عليها هي بعد أن يكون هذا الشخص مجرماً أُعدم بسبب جرائمه، لكن ذلك لم يكن يحدث بالوتيرة التي كان يرتفع فيها الطلب على الجثث بين مدارس وكليات الطب.
كانت شعبية مدارس تعليم الطب في ارتفاع مستمر، وفي نفس الوقت تبين أن مستويات الجريمة كانت في انخفاض آنذاك، كنتيجة على هذا التمايز، خرجت إلى العالم مهنة «نباش القبور»، ولأسباب واضحة لا تحتاج التفسير، كان «نباشو القبور» يقومون بأعمالهم ليلا تحت جنح الظلام، وكانوا يحققون مبالغ لا بأس بها من خلال بيع الجثث التي يسرقونها، وهذا أمر معقول بالنظر إلى خطورة المهنة من الناحية القانونية وكذا من الجانب الروحاني والديني.
أما فيما يخص الناحية القانونية، فإن عقوبة جريمة نبش قبر أحدهم وسرقة جثته كانت جنحة خفيفة لا أكثر، لكن من الناحية الدينية، فقد كانت إثماً عظيماً لا يغتفر.
7. الموقظ:
حتى قبل اختراع المنبهات، كان الناس قديما في حاجة إلى الاستيقاظ باكرا في أوقات معينة من أجل الوصول إلى أعمالهم في الوقت المحدد لها، ومنه نقدم لكم وظيفة «الموقظ»، أو المقابل البشري للمنبه الآلي. كان يتم الاستعانة بخدمات الموقظين من أجل إيقاظ الناس الذين كان يتعين عليهم الذهاب للالتحاق بأعمالهم ووظائفهم اليومية.في بادئ الأمر، كانوا يدقون الأبواب باباً تلو آخر، لكن بعد مدة أصبحت هذه الطريقة في إيقاظ الناس غير مجدية وفعالة، لذا من أجل تسوية الوضع، أصبح الموقظون يحملون معهم عصياً طويلة جدا يقومون بواسطتها بالطرق على نوافذ الأشخاص النائمين المقيمين في شقق عالية في المباني السكنية، وفي بعض المناطق في إنجلترا، تواصل استخدام خدمات الموقظين حتى سبعينيات القرن العشرين.
أصبحت وظيفة الموقظ ذات شعبية بشكل خاص خلال الثورة الصناعية الأولى، عندما بدأ العديد من الناس العمل في المصانع وكانوا بحاجة إلى أن يصلوا هناك في أوقات محددة. ويمكن القول أن هذه كانت على الأرجح أول مرة يبدأ فيها العالم بالعمل بجدول التوقيت من التاسعة صباحا إلى الخامسة مساءً.
تضمنت إحدى قصص الموقظين الرائجة امرأة امتهنت هذه الوظيفة واشتهرت بفضلها كثيرا، كانت تدعى (ماري سميث)، التي اشتهرت على مستوى وطني بعد أن أظهرتها إحدى الصور الفوتوغرافية في إحدى الجرائد وهي تستعمل «قاذفة البازلاء» من أجل إيقاظ الناس. كانت تتقاضى مقابل خدماتها مبلغ نصف شلن عن كل زبون أسبوعيا، ورثت عنها ابنتها مهنتها هذه وحذت حذوها عندما توقفت (سميث) عن أداء مهامها.
8. صائد روث الكلاب، أو صائد المليّن:
لا تدع اسم هذه الوظيفة يخدعك عزيزي القارئ، فقد كانت وظيفة «صائد الملين» مسلية جدا، فقد كان هذا الاسم يطلق في العصر الفيكتوري في إنجلترا على كل من كان يؤدي وظائف جمع روث الكلاب من الشوارع ويبيعه إلى دباغي الجلود.أصبح الجلد سلعة رائجة ومشهورة جدا في أواخر القرن التاسع عشر، ومن أجل جعله أكثر ليونة، كان الدباغون يستعملون روث الكلاب كنوع من المخصبات. كان روث الكلاب يعرف باسم الـ«الملين» وذلك راجع لليونة التي يخلفها على الجلد وأنسجته القاسية.
كان صائدو المليّن يتجولون في الشوارع والمجارير بحثا عن مخلفات الكلاب الشاردة، وكانوا يحققون مداخيل لا بأس بها في الواقع من خلال أعمالهم هذه.
عند بداية هذه المهنة في ثلاثينات القرن التاسع عشر، لم يكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يمتهنونها ومنه لم تكن هناك منافسة كبيرة في الميدان، لكن في أواخر ذات القرن بدأ المزيد من الناس يتخذون من البحث عن روث الكلاب مهنة لهم، مما تسبب في انخفاض الأسعار التي كانت تدفع مقابل الحصول على المنتوج، ولم تكن هناك آنذاك سوى 30 مدبغة جلود موجودة، وكان عدد الأشخاص العاملين في مجال البحث عن «المليّن» يتجاوز هذا العدد بكثير، ومنه تجاوز العرض الطلب بأشواط، وفي نهاية المطاف أصبحت المهنة لا تسمن ولا تغني من جوع.
9. مليّنة الصوف:
قبل اختراع ملينات الأنسجة، كان للناس طريقة فريدة في جعل الأقمشة والملابس تبدو أكثر ملاءمة وأنعم ملمسا على البشرة، وكان يطلق على الناس الذين تولوا هذه المهمة اسم الـ«المليّنات»، وكان النسيج الذي احتاج أكثر للتليين والتنعيم هو الصوف.وهنا يأتي دور الملينّة أو الملين ليتقدم ويؤدي وظيفته، كان مليّنو -أو ملينات- الصوف يعملون على تليين كل الملابس والأقمشة التي يؤتى بها إليهم باستخدام أرجلهم. قد لا يبدو هذا عملا سيئا أو قاسيا، لكنه يتضمن عنصراً يجعل منه عملا لا يحسد عليه أحد.
من أجل جعل النسيج أكثر نعومة وليونة، كانت تتم إضافة مكون آخر عليه ألا وهو البول القديم، صدق ذلك أو لا تصدقه، فإن أملاح الأمونيوم التي توجد في البول القديم تساعد على تليين الأقمشة، كما كانت تساعد حتى على إضافة نوع من اللمعان والبياض الناصع على الملابس البيضاء. ولكثرة استعماله في أعمال التليين، أصبح البول نفسه يخضع للضرائب، وذلك يبين لنا إلى أي مدى كانت هذه الوظيفة مهمة أنذاك.
بينما لم يكن الإنجليزيون يصنعون قطع الثياب الصوفية بأنفسهم، فإنهم كانوا يقومون بتصدير الصوف إلى بلدان أخرى، وبشكل أخص إلى منطقة (فلاندرز) حيث كان الطلب على الصوف الإنجليزية مرتفعا جداً، لذا كان الملينون والملينات يدوسون روحة وجيئة في بول الآخرين القديم لمدة ساعات كاملة حتى يصبح النسيج لينا بما فيه الكفاية ليلبس دون إزعاج.
10. صانعوا أعواد الثقاب:
على الرغم من أن صناعة أعواد الثقاب قد تبدو مهنة بسيطة، فإن تبعات العمل على المواد التي كانت مطلوبة من أجل صناعتها كانت مريعة بحق! كانت أعواد الثقاب تصنع في معامل تشغّل النساء والأطفال لمدة تتراوح من إثني عشر ساعة إلى غاية ستة عشر ساعة يوميا، وتضمنت عملية صناعتها القيام بغمس العيدان الخشبية في محلول فوسفوري.كانت مشكلة هذه الوظيفة أن التعرض المفرط لمادة الفوسفور يحمل بين طياته خطرا كبيرا على صانعي أعواد الثقاب، هذا الخطر الذي يتجلى في احتمال كبير في الإصابة بمرض يدعى «نخر الفك الفوسفوري» Phossy Jaw.
كان عمال المصانع المساكين هؤلاء يحققون مداخيل متدنية جدا في أوضاع عمل أقل ما يقال عنها أنها مزرية، حيث كانوا يخاطرون بحياتهم من أجل الحصول على بعض البنسات، وقد ألهمت ظروف العمل القاسية والخطيرة تلك 1400 امرأة وفتاة بالدخول في إضراب شامل.
كان العمل على مادة الفوسفور الأبيض يتسبب كذلك في التهاب الرئتين وبعض المشاكل التنفسية الأخرى، كان العمال غالبا ما يتقيؤون قيئا فلوريا، لكن لم يستطع أي من الأعراض الجانبية المريعة هذه التي كان يتسبب فيها الفوسفور أن يسلط الضوء على الألم الذي تسببه إصابة المرء بمرض نخر الفك الفوسفوري والمعاناة التي كان يعيشها العاملون والعاملات في هذا المجال.