التواضع يورث المحبة، وهو زينة للمتواضعين
التواضع: مضاد الكبر ومن معانيه، الانقياد للحق، وقبوله من أي طريق جاء، وخفض الجناح للناس، ومعاملة كل الناس بلين ورفق.
تواضع فلان: تنزه عن الكبر، وتواضع القوم علي الأمر: اتفقوا عليه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه» ويقوا أيضاً صلوات الله عليه وسلم : «من تواضع لله درجةً رفعه الله درجات حتى يبلغ أعلي عليين. و من تكبّر علي الله درجةً وضعه الله درجات حتى يبلغ أسفل سافلين».
والتواضع مطلب يومي في الحياة، فما كان التواضع في شيء إلا زانه وما كان التكبر في شيء إلا شانه، وعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم –القدوة – أخذنا كل القيم الجميلة النبيلة.
- وكان رسول صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض، ويلبس العباء ويجالس المساكين ويمشي في الأسواق، ويتوسد يده ويُقِص من نفسه، ويَلطَعُ أصابعه، ولا يأكلُ متّكئاً، ولم ير قط ضاحكاً مِلء فيه. وكان يقول: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدى إلى كُراع لقبلت». ولم يأكُلْ قط وحدَه ولا ضرب عبده، ولا ضرب أحداً بيده إلاّ في سبيل الله.
فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، متوكئاً علي عصا فقمنا له فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً.
ودخل عليه- صلى الله عليه وسلم- رجل فأصابته من هيبته رعدة، فقال له رسول الله، هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا أبن إمراة من قريش كانت تأكل القديد، وعلي نهجه القويم السليم صار الصحابة فأصبحوا قدوةً ومثلاً، فكان الخلفاء الراشدون، إذا كانوا في القوم وهم خلفائهم كانوا كبعضهم.
- وكان «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، ينظف بنفسه إبل الصدقة ويقوم علي خدمتها.
وخاطبه ذات مرة رجل بقوله – اتق الله يا أمير المؤمنين- فهال ذلك بعض الحاضرين وقال: أتقول لأمير المؤمنين اتق الله؟! فقال عمر.. دعه فليقلها لي فلا خير إذا لم تقولوها ولا خير فيّ إذا لم أتقبلها.
- وجاء في العقد الفريد لابن عبدربه: «عن الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير قال: لا يتعلم من استحيا وتكبّر، وقال رجل من بني العباس للمأمون: أيحسن بي العلم اليوم؟ فقال: نعم والله لأن تموت طالباً للعلم أزين بك من أن تموت قانعاً بالجهل. فقال: إلى متي يحسن بي، وقد جاوزت الستين! قال: ما حسنت بك الحياة. وقال الخليل: كنت إذا لقيت عالماً أخذت منه وأعطيته».
* ومن أمثلة تواضع العظماء:
- أن أصبح النجاشي ملك الحبشة يوماً جالساً علي الأرض والتاج علي رأسه، فأعظم ذلك بطاركته وسألوه عن السبب الذي دعاه الى الجلوس علي الأرض، فقال: وجدت فيما أنزل المسيح «إذا أنعمت علي عبدي نعمةً، فتواضع أتممتها عليه» وإنه ولد لي في هذه الليلة غلام فتواضعت شكراً لله.
- ذكر محمد بن مروان للمهدي قال: لما شُتت شمل «بني مروان»، وقعت أنا بأرض النوبة. فأحببت أن يمكنني ملكهم من المقام عنده زماناً. فجأني زائراً وهو رجل طويل أسود اللون. فخرجت إليه من قبتي وسألته أن يدخلها.فأبي أن يجلس إلا خارج القبة على التراب. فسألته عن ذلك فقال: إن الله تعالى أعطاني الملك فحق عليّ أن أقابله بالتواضع.
- وقف بكر بن عبد الله المزني يوم عرفة وسط الحجيج، وقال: ما أشرفه من مقام لولا أنى فيهم.
- وكان عطاء السلمي إذا أصاب الناس، أو أهل بلد بلاء أو فناء أو كرب أو مصائب يقول: كل هذا من اجل ذنوب عطاء، لو مات عطاء لاستراح الناس منه.
- وكان الحسن البصري يقول: ليس لأمثالنا نوافل، إنما النوافل لمن كملت فرائضه.
- وكان الفضيل بن عياض (وهو من هو في الزهد والورع والصلاح) يعاتب نفسه قائلاً: يا فضيل، كنت في شبابك فاسقاً، ثم صرت في كهولتك مرائياً. والله للفسق أهون من الرياء.
- وسئل إبراهيم التميمي يوماً: ما تقول يا فقيه في مسألة كذا؟ فقال: إن زماناً صرت فيه فقيهاً لزمان سوء.
- حضر رجل بولده إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي ليعلمهُ فقال له الخليل يوماً وهو يمتحنهُ وفي يده قدح زجاج: يا بنيّ صف هذه الزجاجة. قال التلميذ: بمدح أم بذم؟ أجاب بمدح. قال: تريك الغذاء، ولا تقبل الأذى، ولا تستر ما ورا. قال له: ذمها، قال: سريع كسرها بطيء جبرها. قال: صف هذه النخلة وأشار إلى نخلة الدار. قال التلميذ: بمدح أم بذم؟ قال بمدح. قال: حلوٌ مجتناها باسق منتهاها، نضر أعلاها. قال: ذمها، قال: صعبة المرتقي، بعيدة المجتنى، محفوفة بالأذى. قال له الخليل: نحن يا بنيّ إلى التعليم منك أحوج من تعليمنا إياك.
* وهذه أمثلة لتواضع العظماء من العصر الحديث.
- أرسل أحمد شوقي (أمير الشعراء) خطاباً لشخص حرّره بخط يده عام1922م ليعبر به عن شكره رداً علي خطاب أرسله إليه يخبره فيه أنه قام بترجمة رائعته المسرحية «مجنون ليلى» إلى اللغة الإنجليزية ويطلب فيه توكيله لدى ناشر للكتاب، وهذا نص الخطاب:
«سيدي الأستاذ!
تشرفت بكتابك الكريم، وأنه ليسرني أن العناية سخرت لروايتي «مجنون ليلى» أستاذاً جليلاً من علماء العربية وآدابها، وأنك صرفت إلى ترجمتها اهتمامك، وبذلت في ذلك جانباً عظيماً من وقتك الثمين وجهدك القيم، وإني أرخص لجنابك أن تنوب عني في طلب ناشر للكتاب على أن تحيطني علماً، وكلي ثقةً أن الترجمة لا يعوزها شيء من الصحة والإتقان، ورجائنا بأن الله تعالي سينفع بها ألوف المتكلمين باللغة الإنجليزية من العرب كما انتفعوا والحمد لله بالأصل، ولم يبق إلا أن أشكر لسيدي الأستاذ عطفه علي أثري الضئيل وأن أقدم لك أسمى احترامي وأزكى تحيتي وسلامي.
- العبارة التي أنهى بها «شوقي» خطابه شاكراً لـ«سيدي الأستاذ عطفه علي أثري الضئيل» فهذا الذي يتكلم هو أمير الشعراء والأثر الضئيل الذي يتكلم عنه هو أحد أهم الأعمال في تاريخ المسرح الشعري العربي. ومع ذلك فقد عبر له «شوقي» عن امتنانه؛ لأنه صرف اهتمامه إلى ترجمة رائعته الخالدة وبذل في ذلك جانباً عظيماً من وقته الثمين وجهده القيم، فأي درس هذا في التواضع وفي الخلق الكريم، وفي احترام الآخرين وفي تقدير جهودهم.
- وصل د/زكي نجيب محمود صاحب (الدكتوراه) إلي ندوة عملاق الفكر والأدب العربي –العقاد- (صاحب الابتدائية) فلم يجد كرسياً، فجلس علي الأرض قائلاً:إنه العقاد.
- استقال «أحمد أمين» من عمادة كلية الآداب جامعة فؤاد الأول احتجاجاً علي نقل أستاذ دون استئذانه، وعندما سئل عن شعوره بعد ترك العمادة قال قولته المشهورة للتاريخ: «أنا أكبر من عميد وأصغر من أستاذ» والذي قال عن نفسه أنه أصغر من أستاذ فهو أحد الأفذاذ العظام الذين أثروا الفكر الإسلامي بمؤلفاته الثلاثة الموسوعية المرجعية( فجر الإسلام، وضحي الإسلام، وظهر الإسلام).
- يذكر الروائي «يوسف القعيد» بأحد مقالاته بجريدة «الأهرام» القاهرية، أنه عندما نادي إدوارد سعيد بالدكتور، وكانوا في جولة بميدان سيدنا الحسين وكان ثالثهما الكاتب والروائي جمال الغيطاني، أن نهره سعيد واصفاً سلوكه بأنه متخلف وأنه – أي سعيد- لم يضع علي أي من كتبه أبدًا لقب دكتور. ولم يسبق اللقب اسمه في أي جريدة أو مجلة عامة، وأن كلمة «دكتور» يمكن ذكرها فقط في حالة النشر في المجلات العلمية المحكمة اللتي تصدرها الجامعات، وأن التركيز عليها من علامات التخلف.
* قالوا في التواضع:
- طوبي للمتواضعين في الدنيا.. هم أصحاب المنابر يوم القيامة.( المسيح عليه السلام)
- إنكم لتغفلون أفضل العبادة: التواضع. (عمر بن الخطاب رضي الله عنه)
- الشرف في التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة. (إبراهيم بن شيبان)
- التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة (الإمام الشافعي)
- ما تعاظم أحد علي من دونه إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه.(أبو حيان التوحيدي)
- الزاهد بغير تواضع كالشجرة التي لا تثمر. (زياد النمري)
- بقدر مقامك العالي كن متواضعاً. (سيشرون)
- لا تتواضع أمام المتكبرين ولا تتكبر أمام المتواضعين.(مثل عربي)
- التواضع زينه، ولكن الناس لا يتزينون به. (مثل ألماني).
- الجبل العالي جذوره في الوادي. (مثل ياباني)
- كلما كبرت السنبلة انحنت،وكلما ازداد علم العالم تواضع.(مثل صيني)
* التواضع في الشعر العربي:
يقول الشاعر:
ملأى السنابل تنحني بتواضعٍ
وقال آخر:
الناسُ للناسِ من بدو ومن حضر
وقال آخر:
ليس التطاولُ رافعاً من جاهل
وقال آخر:
ينالُ الفتي بالعلم كل فضيلة
وقال الإمام الشافعي:
ولا تمشي في مَنْكِبِ الأرضِ فاخراً
وقال أبو العلاء:
خففِ الوطءَ ما أظنُّ أديمَ الأ
سِرْ إن استطعتَ في الهواء رويداً
وقال العقاد:
من شابهَ الناسَ سرتهُ مودتهم
وقال شاعر:
تِـهْ وارتفع إن قِيـلَ أقـترَ
كالغص يَسْفِـلُ ما اكتسى
وقال ابن جبير:
تواضعُ الإنسانِ في نفسِهِ
التواضع: مضاد الكبر ومن معانيه، الانقياد للحق، وقبوله من أي طريق جاء، وخفض الجناح للناس، ومعاملة كل الناس بلين ورفق.
تواضع فلان: تنزه عن الكبر، وتواضع القوم علي الأمر: اتفقوا عليه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه» ويقوا أيضاً صلوات الله عليه وسلم : «من تواضع لله درجةً رفعه الله درجات حتى يبلغ أعلي عليين. و من تكبّر علي الله درجةً وضعه الله درجات حتى يبلغ أسفل سافلين».
والتواضع مطلب يومي في الحياة، فما كان التواضع في شيء إلا زانه وما كان التكبر في شيء إلا شانه، وعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم –القدوة – أخذنا كل القيم الجميلة النبيلة.
- وكان رسول صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض، ويلبس العباء ويجالس المساكين ويمشي في الأسواق، ويتوسد يده ويُقِص من نفسه، ويَلطَعُ أصابعه، ولا يأكلُ متّكئاً، ولم ير قط ضاحكاً مِلء فيه. وكان يقول: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدى إلى كُراع لقبلت». ولم يأكُلْ قط وحدَه ولا ضرب عبده، ولا ضرب أحداً بيده إلاّ في سبيل الله.
فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، متوكئاً علي عصا فقمنا له فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً.
ودخل عليه- صلى الله عليه وسلم- رجل فأصابته من هيبته رعدة، فقال له رسول الله، هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا أبن إمراة من قريش كانت تأكل القديد، وعلي نهجه القويم السليم صار الصحابة فأصبحوا قدوةً ومثلاً، فكان الخلفاء الراشدون، إذا كانوا في القوم وهم خلفائهم كانوا كبعضهم.
- وكان «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، ينظف بنفسه إبل الصدقة ويقوم علي خدمتها.
وخاطبه ذات مرة رجل بقوله – اتق الله يا أمير المؤمنين- فهال ذلك بعض الحاضرين وقال: أتقول لأمير المؤمنين اتق الله؟! فقال عمر.. دعه فليقلها لي فلا خير إذا لم تقولوها ولا خير فيّ إذا لم أتقبلها.
- وجاء في العقد الفريد لابن عبدربه: «عن الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير قال: لا يتعلم من استحيا وتكبّر، وقال رجل من بني العباس للمأمون: أيحسن بي العلم اليوم؟ فقال: نعم والله لأن تموت طالباً للعلم أزين بك من أن تموت قانعاً بالجهل. فقال: إلى متي يحسن بي، وقد جاوزت الستين! قال: ما حسنت بك الحياة. وقال الخليل: كنت إذا لقيت عالماً أخذت منه وأعطيته».
* ومن أمثلة تواضع العظماء:
- أن أصبح النجاشي ملك الحبشة يوماً جالساً علي الأرض والتاج علي رأسه، فأعظم ذلك بطاركته وسألوه عن السبب الذي دعاه الى الجلوس علي الأرض، فقال: وجدت فيما أنزل المسيح «إذا أنعمت علي عبدي نعمةً، فتواضع أتممتها عليه» وإنه ولد لي في هذه الليلة غلام فتواضعت شكراً لله.
- ذكر محمد بن مروان للمهدي قال: لما شُتت شمل «بني مروان»، وقعت أنا بأرض النوبة. فأحببت أن يمكنني ملكهم من المقام عنده زماناً. فجأني زائراً وهو رجل طويل أسود اللون. فخرجت إليه من قبتي وسألته أن يدخلها.فأبي أن يجلس إلا خارج القبة على التراب. فسألته عن ذلك فقال: إن الله تعالى أعطاني الملك فحق عليّ أن أقابله بالتواضع.
- وقف بكر بن عبد الله المزني يوم عرفة وسط الحجيج، وقال: ما أشرفه من مقام لولا أنى فيهم.
- وكان عطاء السلمي إذا أصاب الناس، أو أهل بلد بلاء أو فناء أو كرب أو مصائب يقول: كل هذا من اجل ذنوب عطاء، لو مات عطاء لاستراح الناس منه.
- وكان الحسن البصري يقول: ليس لأمثالنا نوافل، إنما النوافل لمن كملت فرائضه.
- وكان الفضيل بن عياض (وهو من هو في الزهد والورع والصلاح) يعاتب نفسه قائلاً: يا فضيل، كنت في شبابك فاسقاً، ثم صرت في كهولتك مرائياً. والله للفسق أهون من الرياء.
- وسئل إبراهيم التميمي يوماً: ما تقول يا فقيه في مسألة كذا؟ فقال: إن زماناً صرت فيه فقيهاً لزمان سوء.
- حضر رجل بولده إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي ليعلمهُ فقال له الخليل يوماً وهو يمتحنهُ وفي يده قدح زجاج: يا بنيّ صف هذه الزجاجة. قال التلميذ: بمدح أم بذم؟ أجاب بمدح. قال: تريك الغذاء، ولا تقبل الأذى، ولا تستر ما ورا. قال له: ذمها، قال: سريع كسرها بطيء جبرها. قال: صف هذه النخلة وأشار إلى نخلة الدار. قال التلميذ: بمدح أم بذم؟ قال بمدح. قال: حلوٌ مجتناها باسق منتهاها، نضر أعلاها. قال: ذمها، قال: صعبة المرتقي، بعيدة المجتنى، محفوفة بالأذى. قال له الخليل: نحن يا بنيّ إلى التعليم منك أحوج من تعليمنا إياك.
* وهذه أمثلة لتواضع العظماء من العصر الحديث.
- أرسل أحمد شوقي (أمير الشعراء) خطاباً لشخص حرّره بخط يده عام1922م ليعبر به عن شكره رداً علي خطاب أرسله إليه يخبره فيه أنه قام بترجمة رائعته المسرحية «مجنون ليلى» إلى اللغة الإنجليزية ويطلب فيه توكيله لدى ناشر للكتاب، وهذا نص الخطاب:
«سيدي الأستاذ!
تشرفت بكتابك الكريم، وأنه ليسرني أن العناية سخرت لروايتي «مجنون ليلى» أستاذاً جليلاً من علماء العربية وآدابها، وأنك صرفت إلى ترجمتها اهتمامك، وبذلت في ذلك جانباً عظيماً من وقتك الثمين وجهدك القيم، وإني أرخص لجنابك أن تنوب عني في طلب ناشر للكتاب على أن تحيطني علماً، وكلي ثقةً أن الترجمة لا يعوزها شيء من الصحة والإتقان، ورجائنا بأن الله تعالي سينفع بها ألوف المتكلمين باللغة الإنجليزية من العرب كما انتفعوا والحمد لله بالأصل، ولم يبق إلا أن أشكر لسيدي الأستاذ عطفه علي أثري الضئيل وأن أقدم لك أسمى احترامي وأزكى تحيتي وسلامي.
المخلص
أحمد شوقى
20/1/ 1922
شارع جلال – الجيزة
أحمد شوقى
20/1/ 1922
شارع جلال – الجيزة
- العبارة التي أنهى بها «شوقي» خطابه شاكراً لـ«سيدي الأستاذ عطفه علي أثري الضئيل» فهذا الذي يتكلم هو أمير الشعراء والأثر الضئيل الذي يتكلم عنه هو أحد أهم الأعمال في تاريخ المسرح الشعري العربي. ومع ذلك فقد عبر له «شوقي» عن امتنانه؛ لأنه صرف اهتمامه إلى ترجمة رائعته الخالدة وبذل في ذلك جانباً عظيماً من وقته الثمين وجهده القيم، فأي درس هذا في التواضع وفي الخلق الكريم، وفي احترام الآخرين وفي تقدير جهودهم.
- وصل د/زكي نجيب محمود صاحب (الدكتوراه) إلي ندوة عملاق الفكر والأدب العربي –العقاد- (صاحب الابتدائية) فلم يجد كرسياً، فجلس علي الأرض قائلاً:إنه العقاد.
- استقال «أحمد أمين» من عمادة كلية الآداب جامعة فؤاد الأول احتجاجاً علي نقل أستاذ دون استئذانه، وعندما سئل عن شعوره بعد ترك العمادة قال قولته المشهورة للتاريخ: «أنا أكبر من عميد وأصغر من أستاذ» والذي قال عن نفسه أنه أصغر من أستاذ فهو أحد الأفذاذ العظام الذين أثروا الفكر الإسلامي بمؤلفاته الثلاثة الموسوعية المرجعية( فجر الإسلام، وضحي الإسلام، وظهر الإسلام).
- يذكر الروائي «يوسف القعيد» بأحد مقالاته بجريدة «الأهرام» القاهرية، أنه عندما نادي إدوارد سعيد بالدكتور، وكانوا في جولة بميدان سيدنا الحسين وكان ثالثهما الكاتب والروائي جمال الغيطاني، أن نهره سعيد واصفاً سلوكه بأنه متخلف وأنه – أي سعيد- لم يضع علي أي من كتبه أبدًا لقب دكتور. ولم يسبق اللقب اسمه في أي جريدة أو مجلة عامة، وأن كلمة «دكتور» يمكن ذكرها فقط في حالة النشر في المجلات العلمية المحكمة اللتي تصدرها الجامعات، وأن التركيز عليها من علامات التخلف.
* قالوا في التواضع:
- طوبي للمتواضعين في الدنيا.. هم أصحاب المنابر يوم القيامة.( المسيح عليه السلام)
- إنكم لتغفلون أفضل العبادة: التواضع. (عمر بن الخطاب رضي الله عنه)
- الشرف في التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة. (إبراهيم بن شيبان)
- التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة (الإمام الشافعي)
- ما تعاظم أحد علي من دونه إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه.(أبو حيان التوحيدي)
- الزاهد بغير تواضع كالشجرة التي لا تثمر. (زياد النمري)
- بقدر مقامك العالي كن متواضعاً. (سيشرون)
- لا تتواضع أمام المتكبرين ولا تتكبر أمام المتواضعين.(مثل عربي)
- التواضع زينه، ولكن الناس لا يتزينون به. (مثل ألماني).
- الجبل العالي جذوره في الوادي. (مثل ياباني)
- كلما كبرت السنبلة انحنت،وكلما ازداد علم العالم تواضع.(مثل صيني)
* التواضع في الشعر العربي:
يقول الشاعر:
ملأى السنابل تنحني بتواضعٍ
والفارغات رؤوسهن شوامخ
وقال آخر:
الناسُ للناسِ من بدو ومن حضر
بعضُ لبعضِ إن لم يشعروا خَدَمُ
وقال آخر:
ليس التطاولُ رافعاً من جاهل
وكذا التواضعُ لا يضر بعاقلِ
وقال آخر:
ينالُ الفتي بالعلم كل فضيلة
ويعلو مقاماً بالتواضع والأدبْ
وقال الإمام الشافعي:
ولا تمشي في مَنْكِبِ الأرضِ فاخراً
فعما قليلٍ يحتـويك تـرابُها
وقال أبو العلاء:
خففِ الوطءَ ما أظنُّ أديمَ الأ
رض إلا من هذه الأجسادِ
سِرْ إن استطعتَ في الهواء رويداً
لا إختيالاً على رُفاتِ العبادِ
وقال العقاد:
من شابهَ الناسَ سرتهُ مودتهم
ومن علا عنهمْ ساءتْ به الحالُ
وقال شاعر:
تِـهْ وارتفع إن قِيـلَ أقـترَ
وانخفصْ وانخفض إن قيل أثرى
كالغص يَسْفِـلُ ما اكتسى
ثمـراً ويعلو مـا تعــرى
وقال ابن جبير:
تواضعُ الإنسانِ في نفسِهِ
أشرَفُ للنفس وأسمى لها
والله الموفق.
والله الموفق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق