لقد تحدثنا فى الجزء الأول عن اول ثلاث مواضع
للترقيم وفى هذا الجزء نستكمل باقي
الأنواع الاخري :
رابعاً: علامة الاستفهام الحقيقي ( ؟ ) :
توضع في آخر الكلام المستفهم عنه
سواء أكانت أداة الاستفهام اسما أم حرفا نحو:
{ أَأَنتَ فَعَلتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ }
[ الأنبياء : 62 ] ؟،
{ هَل نَحْنُ مُنْظَرُونَ }
[ الشعراء : 203 ] ؟،
{ أَيْنَ المَفَرُّ }
[ القيامة : 10 ] ؟
{ مَتَى نَصرُ اللَّهِ }
[ البقرة : 214 ] ؟
كيف حالك ؟
{ لِمَ أَذِنتَ لَهُم }
[ التوبة : 43 ] ؟
{ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ }
[ النبأ : 1] ؟.
ملحوظة :
قد يحذف حرف الاستفهام ومع ذلك توضع العلامة ؛
لأن النبر يقوم مقام حرف الأداة فلا يخرجها حذف حرف الاستفهام
عن كونها استفهامية :
من حضر ؟ أبوك موجود ؟
تذهب إلى المسجد ؟ تسافر اليوم ؟.
وتوضع كذلك بعد الاستفهام الذي يحمل معاني بلاغية
كالاستنكار والتوبيخ ونحوها :
أتوانياً وقد جد قرناؤك ؟
ألمَّا تصح والشيب وازع ؟
أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هو ؟
خامسا : الاستفهام التعجبي ( ؟! ) :
و تتجاور فيه علامتان تشعران القارئ
بأن الكاتب لا يقصد الاستفهام الحقيقي ،
و لكنه يستفهم متعجبا من شيء ،
نحو :
أتتركني في هذه السن المتأخرة و تسافر ؟! ،
أليس منكم رجل رشيد ؟! ،
أترمي بطرفك إلى الفتيات و أنت في هذه السن ؟! .
سادسا : علامة التأثر و الانفعال ( ! ) :
توضع في نهاية كل جملة تحمل تأثرا ما ،
و تحكي انفعالا ما سواء أكان ذلك تعجبا أم إغراء أم تحذيرا
أم ندبة أم فرحا أم حزنا أم استغاثة أم تمنيا ،
نحو :
ما أجمل الدين و الدنيا إذا اجتمعتا ! ،
عجب لك ! ،
يا ليت الغائب يعود ! ،
لعل السجين يعفى عنه ! ،
الصلاة الصلاة ! ،
الأسد الأسد ! ، النار النار ! ،
و اإسلاماه ! ،
وارأساه ! ،
وافرحتاه ! ،
يالله للمسلمين ! ،
أواه يا ليل !،
حذار حذار من فتكي و بطشي ! ،
إليك عني !
هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل !
نعم الرجال محمد ! ،
بئس الخلق الكذب ! ،
حبذا الصدق !.
سابعا : النقطتان الرأسيتان ( : ) :
1- بعد القول و مشتقاته
( أقول يقول تقول نقول قائل ) نحو :
قال أبو بكر :
" إني وليت عليكم و لست بخيركم ... ".
2- قبل كلام يفصل مجملا نحو:
الكلمة ثلاثة أقسام : اسم ، و فعل ، و حرف .
3- قبل المجمل بعد تفصيل ، نحو :
العقل ، و الصحة و العلم و المال و البنون :
تلك هي النعم التي لا يحل تركها .
4- بين الشيء و أقسامه :
السنة فصول أربعة : الصيف ، و الشتاء ،
و الربيع ، و الخريف .
5- قبل الأمثلة التي تساق لتوضيح قاعدة أو ضابط ،
و يكثر وضع النقطتين بعد كلمات نحو
( مثل ، نحو ، كـ ، كمثل ) .
6- بعد الألفاظ التي يراد تعريفها نحو :
الصلاة لغة : الدعاء ،
و الحج لغة : القصد ،
و الفاعل : هو الذي يقوم بالفعل أو يتصف به .
ثامنا : القوسان ( ) :
1- يوضع بين الجمل الاعتراضية التي يمكن رفعها من الكلام ،
و يستقيم المعنى ، و توضع بين الجمل التي تصاغ للثناء و المدح
و الترحم و الترضي أو اللعن ، و الدعاء على الشخص نحو :
قال أبو بكر (رضي الله عنه ) :
" فإن أحسنت فقوموني ..."،
قال إبليس ( لعنه الله ) :
... ،
قال محمد ( صلى الله عليه وسلم ) :
"كن في الدنيا كأنك غريب ...".
2- توضع بين ألفاظ الاحتراس أو الكلمات التي تفسر غامضا
أو تبين اللبس الحاصل في قراءة بعض الكلمات نحو :
الرئبال ( بكسر اللام مشددة و تسكين الهمزة ) الأسد ،
مصر ( بكسر الميم وتكسين الصاد ) بلد معطاء ،
ولكن عليا (قال أخي) شخص لا يكذب ولا يجبن ،
وكأن يقول صحابي جليل :
قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام
(رأتني عيني ووعاه قلبي وسمعته أذناي) .
3- وتوضع كذلك بين الأرقام الحسابية
خشية أن تلتبس بالحروف الهجائية :
معي (235) مائتان وخمسة وثلاثون جنيها لاغير .
عندي (5) خمسة أقلام ، و(10) عشرة كتب .
تاسعاً : المعقوفتان أو القوسان المركنان ورمزهما [ ] :
ويستعمله أهل التحقيق كثيرا عندما يتدخلون في نص بالزيادة على الأصل
تنبيها على أن تلك الزيادة من صنع المحقق أو من عمل الباحث
وليست لصاحب المُؤَلَّف
كأن يزيد جملة الثناء بعد "محمد"- صلى الله عليه وسلم-
إذا نسيها المؤلف ، أو كأن يزيد حرف جر يستقيم به المعنى ،
أو كأن يفسر عنوانا غامضا بوضع آخر إلى جواره أكثر وضوحا ،
فعليه أن يضع هذين القوسين المركنين أو المعقوفين
إشعارا بأن تلك الزيادة من عنده ( وهذه أمانة علمية) .
عاشراً : علامتا التنصيص أو الاقتباس
أو الشولتان المزدوجتان ورمزهما " " :
توضع بين الكلام المنقول بنصه دون تدخل من الناقل
ولو كان هذا الكلام لا يروق لناقله ،
كأن ينقل كلام جاحد أو فاسق ليرد عليه ، ويبين عواءه واهتراءه ،
فيضعه بين علامتي التنصيص تبيانا لأنه نقل بنصه دون تصرف منه ،
فإن تصرف ونقله بالمعنى فلا يحق له وضع تلك العلامة
حيث قد انتفى معناها نحو :
قال– صلى الله عليه وسلم - :
"لا يكن أحدكم إمعة يقول : إن أحسن الناس أحسنت
وإن أساءوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس
أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم" .
ونحو :
يقول الماديون الذين لا يعترفون بالله– سبحانه- :
لا إله والحياة مادة" ،
ويقولون : "الدين أفيون الشعوب" .
ويغلب أن يسبقها الفعل "قال" ، "يقول" ، "نقول" ، "قلت"
حادي عشر : الشرطة أو الوصلة ورمزها ( - ) :
(أهم هذه العلامات) :
وتوضع بين ركني الكلام إذا طال ركنه الأول
أي بين المبتدأ والخبر إذا طال المبتدأ بحيث يفضي إلى الإبهام ،
أو بين خبر إن واسمها إذا طال اسمها ،
أو بين خبر كان أو كاد إذا طال اسمهما
أو بين المفعول الثاني والأول لظن إذا طال الأول
أو بين جواب الشرط والشرط إذا طال الشرط ،
والخلاصة أنها توضع بين ركني الكلام- على اختلافهما-
إذا طال الركن الأول فيهما ،
وكذلك بين العدد رقما أو لفظا وبين معدوده ،
نحو :
- الرجل الذي كان يتكلم أمس معنا حول قضية فلسطين
وما يلاقيه المسلمون هناك ، وما يعانيه إخواننا ليل نهار
من جراء الظلم والاحتلال- مات .
- إن محمدا الذي تفوق في العام الماضي على قرنائه ،
وسافر لنيل درجة الدكتوراة في طب الأسنان-
قد عاد بسلامة الله إلى أرض الوطن .
- كان علي الذي صاحبته في العمل وزرته مرارا وتكرارا ،
وركنت إليه في كل ما يقول ويحكي- يكذب عليك .
- كاد زيد الذي كوفئ أمس لنشاطه وذكائه ،
وتأديته واجبه على خير صورة وأفضل شكل-
يغرق في البحر .
- إن ذاكرت بجد واجتهدت وثابرت
وراجعت دروسك تباعا- تفوقت .
ثاني عشر : الشرطتان ورمزهما (- -) :
وتوضعان بين الجمل الاعتراضية
( التي يمكن حذفها من التركيب ولا يختل معناه) ،
وكذا بين جمل الدعاء ، وعبارات الثناء أو عبارات الترحم والترضي ،
وكذا عبارات الاحتراز أو بيان الضبط أو الكلمات المفسِّرة
نحو :
قال- تعالى- :
{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ }
(طه 82) ،
قال- صلى الله عليه وسلم - :
" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " .
الهزبر- بكسر الهاء وفتح الزاي وتسكين الباء الموحدة التحتية- الأسد .
عمان- بضم العين وفتح الميم مخففة- عاصمتها مسقط ،
أما عمان- بفتح العين وفتح الميم مشددة- فهي عاصمة الأردن الشقيق .
كان أحمد جالساً على شرفة بيته فرأى- ولم يكن يقصد التجسس-
جاره يعاتب ولده عتابا شديدا بألفاظ نابية .
ثالث عشر : علامة الحذف ورمزها (...) :
1- وتوضع عند الاستغناء عن بعض الكلام المنقول بنصه
لعدم الحاجة إليه في هذا السياق أو المقام نحو :
ومما قال الجاحظ في العصا :
"... والدليل على أن العصا مأخوذ من أصل كريم ، ومن معدن شريف ،
ومن المواضع التي لا يعيبها إلا جاهل ، ولا يعترض عليها إلا معاند ...
اتخاذ سليمان- عليه السلام- العصا لخطبه ، ولمقامه، وطول صلاته ،
وطول التلاوة والانتصاب..." .
2- للدلالة على كلام محذوف يكثر كتابته ،
ولا يريد الكاتب أن يشغلنا به نحو :
خرج ابني إلى السوق ليشتري حاجات البيت ، فاشترى خبزًا ،
ولحمًا ، وسمنًا ، وزيتًا ، وبُنًا و...
3- في الكلام الذي يخدش الحياء ويندي الجبين عند حكايته مكتوبا ،
كأن تنقل موقف خصومة تم بين اثنين علت فيه أصواتهما
بالسب والإهانة ، فتقول :
لقد تفوه هذا بقوله أنت حيوان و... وقابله الآخر بأشدَ منه
فقال : وأنت خبيث النفس ، فأسد الطوية و...(كلام يندى له الجبين).
والخلاصة أنها توضع إما اكتفاء ببعض المطلوب ،
ولعدم الحاجة إلى ما قبله وما بعده ، وإما حياء من ذكره ،
وإما لعدم إرادة الإكثار منه ؛ لأنه مفهوم من سياق الكلام .
رابع عشر :
علامات التتابع ورمزها = في آخر الصفحة =
في أول الصفحة التالية :
وأكثر ما تستعمل هذه العلامة عند تحقيق النصوص تحقيقا جيدا ،
فيحتاج الباحث إلى أن يبين في الهامش بعض الأمور ،
ويسهب في بعض القضايا فيطول الكلام حتى تنتهي الصفحة
ويريد متابعة الحديث فعليه أن يسار الصفحة أسفل علامة التتابع
هكذا = شبيهة بفتحتين فوق بعضهما ،
ثم يضع مثلهما أعلى الصفحة التالية يمينا في مكان الهامش
إشعارًا باستمرار الحديث وتتابع الكلام .
خامس عشر : الأقواس المزهرة ،
أو الكأسان المزهران ورمزهما ( { } ) :
ويستعملان لحصر الآيات القرآنية الكريمة بينهما ،
وكان ذلك قديما قبل اختراع الحاسب الآلي واستحداث الاسطوانات المدمجة
التي تم تخزين كلمات القرآن عليها برسم المصحف ،
وسائر البرامج التي دارت حول كلمات القرآن الكريم ؛
حيث للباحث اليوم أن يكتب القرآن الكريم برسمه المعروف
من خلال برنامج معروف دون أن يعاني في كتابته ودون ما كان يحدث
من تصوير لورقة المصحف ثم قصها بحسب الآيات المطلوبة
ثم إعادة تصويرها في مكانها من الكلام ، كل ذلك استغني عنه
بالبرامج الحديثة التي قامت على خدمة القرآن الكريم ،
ولكن لا يمنع من استخدام هذه الأقواس المزهرة الآن مانعٌ وخصوصًا
مع من لم يرزق بهذه البرامج أو تلك المستحدثات على أهميتها .
سادس عشر : علامة المماثلة (,, ,, ,, ) :
وتوضع تحت الألفاظ المتكررة بدلا من إعادة كتابتها في كل سطر نحو :
يباع المتر من الصوف بدينار .
و ,, ,, ,,الحرير بدينارين .
و,, ,, ,, القطن بربع دينار .
ونحو :
اسم كاتب العدل في صلالة هو ...
و,, ,, ,, ,, مسقط هو ...
و,, ,, ,, ,, ولاية أدم هو ... (وهكذا) .
ملحوظات حول الترقيم وعلاماته :
1- يحسن من الكاتب عدم الإكثار من علامات الترقيم
وألا يبالغ في استعمالها وأن يضعها في أماكنها بكل دقة .
2- وملاك الأمر في قضية الإملاء والترقيم
أنها راجعة إلى ذوق الكاتب ولوجدانه الذي يريد أن يؤثر به
على نفس القارئ لكي يشاركه في شعوره وعواطفه.
3- الممارسة لهذه العلامات
خير دليل يهدي إلى سواء السبيل .
4- كما يختلف الناس في أساليب الإنشاء ،
وكما تختلف الدلالات- فكذلك يختلف الناس في وضع هذه العلامات ،
لكن لا يجوز الخروج عن قواعده الأساسية التي تعورف عليها .
5- يلزم عند البدء في الكتابة ترك مسافة قدر إصبع من أول السطر
ثم البداية في السطر الثاني من أول السطر ، وهكذا عند الانتقال من فقرة
إلى أخرى يترك بياض قدر كلمة أو إصبع ، ثم يبتدئ الكاتب السطر الثاني
من أوله دون ترك مسافة ، حتى يكون هناك تنسيق يضفي على الكتابة
جمالا وراحة نفسية ، تجعل القارئ راغبا في استمرار القراءة ، منجذبا لها .
6-هناك علامات لا يجوز وضعها في أول السطر ، وهي كل العلامات
ما عدا علامة التنصيص ، والقوسين فقط ، فلا يجوز وضع الفاصلة
ولا الفاصلة المنقوطة ولا علامة التعجب أو التأثر ولا علامة الاستفهام
أو نحوها في بداية السطر وإنما يراعى موضعها الذي شرحناه من قبل .
7- أمثلة جامعة لأغلب علامات الترقيم :
- قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم - :
"أتدرون من المفلس" ؟
قلنا : "المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع".
قال : "المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وحج وصيام ،
ويأتي وقد شتم هذا ، وضرب هذا ، وسفك دم هذا ،
فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ،
فإذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم ،
فطرحت عليه ، ثم طرح في النار".
- ما أرق قلب المؤمن ! إنه يحنو على الصغير ،
ويعطف على الفقير ، ويحترم الكبير ؛
لأنه يخشى من الله العلي القدير ، ومن عذاب يوم السعير .
- لقد أسمعني كلاما أخجل من أن أقوله بيني وبين نفسي
فقال :...
يا له من إنسان جرئ ! إنه يضرب بكل الأعراف
والتقاليد عرض الحائط ؛ لأنه ابن رجل كبير ، يحتمي بوالده ،
ويُتقى بمكانته ، وهذا ليس بصواب .
- أتتكاسل يا بني والامتحان على الأبواب !
إن هذا لشيء عجاب ، لقد كنا في مثل سنك هذا نجتهد ونتعب
ونحصل العلم ، أتدري لم ؟ حتى نوفر لك لقمة عيش هنيئة
ولا نضعك في الحرمان الذي وضعنا فيه ؛ لأننا نحبك ،
ونرجو لك التوفيق .
تم بحمد الله