النظرة الأولى :
الناس ينظرون للمطلقة نظرة ظالمة ..
و كأنها قد أجرمت ..
و كأنه و لا حق لها بعد ذلك فى الحياة مع زوج آخر ..
نسوا أنها كيان إنسانى ..
و أنه قد يكون زوجها السابق قد ظلمها و أثقل كاهلها ..
و أنها بشر يجب أن تعيش و أن تستمتع بحياة كريمة كأى بشر من البشر ..
و أنه لا يعنى أنها مطلقة أنها بذلك تكون من النساء ذوى الدرجة الثانية ..
الإنصاف .. يا أيها الإنسان لأخيك الإنسان .
النظرة الثانية :
الناس ينظرون للعاطل نظرة ظالمة ..
و كأنه قد وجد الوظائف الشاغرة و أمتنع عن اللحاق بها و السعى ورائها ..
و كأن النظام السابق لم يرحل إلا بعد أن ترك الأرض بالورود للعاطلين مفروشة ..
و الوظائف هنا و هناك على الأرصفة معروضة و من كثرتها متروسة و مرصوصة..
و نسى الناس أن الوسائط و الكوسة كانت هى الأصل فى البلد .
النظرة الثالثة :
الناس ينظرون للأرملة نظرة ظالمة ..
و كأن موت زوجها يعنى أنها أيضا لابد أن تموت ...
أبدا لا تعيش ... ليس من حقها أن تعيش ..
فلا حق لها فى الحياة الكريمة مع رجل كريم ..
بل حرام عليها و عيب أن تتزوج بآخر مهما كان خلقه و مهما كانت سريرته ..
بل تصبح معيبة كل العيب مجرد أن تلوّح بذلك أو تُشير من بعيد ..
بل قد تجد من يقول لها : كيف وصل تفكيرك إلى ذلك ؟
بل تكون قد خرجت - بمجرد تفكيرها فى ذلك – عن كل معانى الفضيلة ..
بل تجد من يصفها بأنها قد نسيت الوفاء و الإخلاص لزوجها الذى قد رحل ..
تتهافت نظرات الدهشة إليها و تتلاحق مصمصة الشفايف من حولها
ليس حزنا و إشفاقا بها و لا عليها .
و لكن سخرية و توبيخا و ذهولا و تعجيزا لها ..
و هذا كله يحدث مجرد فقط
أن تفكّر فى أن تستتر برجل تتحصن به و تأمن فى دنيا الذئاب ..
و تتكأ على كتفيه ليكون لها فى الدنيا عضدا و لحياتها سكنا و لها معينا و ناصرا .
فى حين أنه لو وضع هؤلاء الناس أنفسهم مكان الأرملة المظلومة ...
لأحسوا و الله بلوعتها و لذاقوا من مرارة وحدتها .. و غربتها .
و لعرفوا أنهم حقا قد ظلموها و ما أنصفوها ..
و بنظرتهم الظالمة قد أتعسوها و لم يسعدوها .
النظرة الرابعة :
الناس ينظرون للفقير نظرة ظالمة ...
و كأن الدنيا كانت أمامه مفروشة بالورد و مليئة بخزائن المال ..
و هو الذى صرف عنها النظر و تعالى عليها و تكبّر .
الراحمون يرحمهم الرحمن
فارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء .
فبدلا من نظرتكم الجارحة ..
تحسسوا الفقراء و ابحثوا عن ديارهم و امنحوهم مما أعطاكم ربكم ..
فكم من آلاف الفقراء لا يعلم الناس عنهم شيئا ..
يفترشون أرضا ويلتحفون سماءَ .
فيا ناظرون للفقير ..
رُبّ اليوم فقير يكون فى الغد ميسور و تلك الأيام نداولها بين الناس .
النظرة الخامسة :
الناس ينظرون لبعضهم نظرة ظالمة ..
توحى أنه يجب ألا أتحرك إلا بعد يأذن لى الناس ..
فهذا سيقول عنى و هذه ستعيب تصرفى
و هذا سيتابع منظرى و سلوكى .
و كأن الناس قد تفرّغوا لمراقبة بعضهم بعضا ..
و ما تعب والله مثل هؤلاء الذين يتتبعون عورات الناس ..
يكفى أنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته .
سبحانك يارب ....
أيعقل أن يتسبب الناس فى أن يخسر الناس حلمهم و طموحهم بسبب الناس .
أيعقل أن يتسبب الناس فى أن يتخلى الناس عن مبادئهم و أهدافهم
من أجل إرضاء الناس .
أليس إرضاء الناس غاية لاتدرك .
أليست حياتك و حياتى هى لك أنت و هى لى أنا و هى ليست للناس .
أما علمت أننى مَنْ أعيش و أنت مَنْ يعيش
و أنا من سأموت و أنت من سيموت .
فليترك الناسُ الناسَ..
يستمتع كل منهم بحياته لحظة بلحظة ...
دون أن يقهر الناسُ بعضهم بالناس .
دون أن تسير حياتك و حياتى و كأنها و قد أصبحت رهنا لهؤلاء الناس .
و عجبى على دنيا غريبة.. مؤلمُاً حقا كل ما فيها ...
أصبح الناس فيها هم من يتعسون الناس و يتحكمون فى الناس .
فاللهم لا تفقدنا أبدا يارب جميل الشعور و الإحساس و عظيم السرور ..
و نحن نقطف من بين الناس ثمرة سعادة و بهجة و فرح
نهديها إلى كل الناس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق