Translate

السبت، 19 يوليو 2008

أحمد شوقي

مع الشاعر أحمد شوقي (1)

وعدت القارئ الكريم أن أتعرض لبعض الأغراض الشعرية عند الشاعر الكبير أحمد شوقي؛ ولاسيما إثر تعرضي لشعر الوصف عند أمير الشعراء، ولا أخفي القارئ أني وجدت شاعرنا عملاقاً في كل شيء، سواء ما تعلق بالأغراض التقليدية أم المعاصرة، فمن أين أغرف؟

وربما أن البحر كبير مضطرب؛ لذا أحببت أن أخوض بحر الحكمة لدى شوقي، وفوجئت أن بحر الحكمة عند الشاعر لا تكدره الدلاء، هو بحر واسع الأطراف متشعب الجوانب، لا تتسع له بضع وريقات أسطرها، فقررت الاقتصار والاختزال، وسآتي على أطراف الحكمة عند شاعر الكنانة والعرف.

وإني لا أكتم القارئ حديثاً، ألا وهو: إنني عندما تناولت ديوان الشاعر، ولما أنته من الصفحة السابعة والسبعين من الجزء الأول في (الشوقيات)، وجدت أمامي كماً كبيراً من الحكم، فكيف لو أني تابعت الغوص في سائر الأجزاء، فكم ـ يا ترى ـ سأجمع من حكم، ولما ذهبت في الصباح إلى المدرسة قلت لزميلي: إن شوقي قد يفوق المتنبي في هذا الباب لم يرق له ذلك، لكنني أعرض عليك ـ أخي القارئ ـ بعضاً من حكمه قد تصوت إلى جانبي بأن شوقي لا يقل أهمية عن المتنبي في موضوع الحكمة.

فما الحكمة..

إنها: (القول الصائب من ذي تجربة)، أو هي: (وضع الشيء في مكانه المناسب)، وقيل هي: (كلام صادر عن صاحب تجربة وخبرة في الحياة يقع في موضعه في كل زمان ومكان)، وهذا التعريف الأخير هو الأصح في نظري.

وفي هذا المقال عن حكمة شوقي سنحاول أن نتعرف على مصداقية حكمته في ضوء هذه التعاريف.

تتبعت الحكمة في عدد من قصائد الشاعر، قيلت في مناسبات متعددة، ولأغراض شتى، وجاءت الحكمة متفرقة في نسيج القصيدة، ولم تكن غرضاً مستقلاً.

إنّ أشهر القصائد التي رجعت إليها في الجزء الأول من الشوقيات لم أتعد فيها دوي الهمزة والباء؛ لأني ـ كما أسلفت ـ وجدت أن هذا الباب واسع جداً.

وهذه عناوين القصائد التي استقيت منها حكمة الشاعر:

(كبار الحوادث في وادي النيل) وهي قصيدة من الطوال تحدث فيها الشاعر عن تاريخ مصر من الجاهلية وإلى زمن نابليون حينما غزا مصر، ومما قال فيها:

فكبــــير ألا يصـــــــــان كبير

وعظيم أن ينبذ العظــــــماء

وكذاك النفوس وهي مراض

بعض أعضائها لبعض فداء

وإذا جــــــلت الذنوب وهالت

فمن العدل أن يهول الجزاء

قوة الله إن تولت ضــــــعيفاً

تعبت في مراسه الأقــــوياء

وإذا انتقلنا إلى الهمزية النبوية فإننا نجد مثل هذه الدرر من المعاني والتي لا يختلف عليها اثنان:

إن الشجاعة في الرجال غلاظــــــــة

ما لم تزنها رأفة وسخــــاء

والحرب من شرف الشعوب فإن بقوا

فالمجد مما يدعــــــون براء

والحرب يبعثها القوي تجـــــــــــبرا

وينوء تحت بلائها الضعفاء

والقصيدة من أعظم القصائد التي طوّق بها الشاعر بحلل ألفاظها وجمال معانيها رسول الله الخاتم، فصار الناس يتغنون بها صباح مساء.

ولد الهدى فالكائنات ضياء

وفم الزمان تبسم وثناء

وفي ص (53) من الشوقيات ـ الجزء الأول، قصيدة بعنوان (عفو القادر)، يقول:

إذا خان عبد السوء مولاه معتقاً

فما يفعل المولى الكريم المهذب؟

ونتقدم قليلاً إلى ص 56 (انتصار الأتراك في السياسة) يقول:

فقل لبان بقول ركــــــن ممـــلكة

على الكتائب يبنى الملك لا الكـــــتب

لا خير في منبر حتى يكـــون له

عود من السمر أو عود من القصب

وما السلاح لقــوم كل عــــدتهم

حتى يكونوا من الأخلاق في أهـــب

لو كان في الناب دون الخلق منبهة

تساوت الأســــد والذؤبان في الرتب

وكيف تلقى نجاحاً أمة ذهـــــبت

حزبين ضدين عند الحادث الحـــزب

وأما في (المنفى) ص 60، فإننا نجد المجد رحيق يطيب كلما طـــال الزمان

وإنّ المجد في الدنيا رحـــيق

إذا طال الزمـــــان عـــــليه طــــــابا

وحتى لا أطيل على القارئ، فهاك حكماً متعددة أخذتها من القصائد المعنونة بما يلي: (ذكرى المولد) و(مشروع ملنر) و(مشروع 28 شباط) وذكرى (كانا رفون).

يقول:

وما استعصى على قــوم منال

إذا الإقدام كان لهم ركابـــــــــــــــا

ويقول:

ينال باللين الفتى بعـــــض ما

يعجـــــــــز بالشــــــدة عن غصبه

ويقول:

وكل سعي سيجزي الله ساعته

هيهات يذهب سعي المحسنين هباء

ويقول:

لا تثبت العـــين شيئاً أو تحققه

إذا تحير فيها الدمـــــــع واضطربا

إذا رأيت الهوى في أمة حكما

فاحكم هنالك أن العقـــــــل قد ذهبا

ويقول:

من سرّه ألا يمــــوت، فبالعلا

خلد الرجال، وبالفعــــــــــال النابه

والفرد يؤمن شره في قـــبره

كالســيف قام الشـــــر خلف قرابه

وهكذا طوّفنا في عدد من قصائد الشاعر، وقطفنا بعض حكمه، وما زال عنده المزيد والمزيد، ولا عجب في ذلك، فالشاعر يملك كنزاً من المعاني ولآلئ من الحكم يصعب على مثلي أن يوفي الشاعر حقه في هذه العجالة، لذا أسأل الله أن يهيئ للشاعر من يعيش معه في شعره، فيبسط القول في الحكمة، وغيرها من الأغراض الأخرى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

لم ينضب معين الشعر بعد رحيل البارودي، بل تدفق عذباً جميلاً، ولم تحتضر روح التجديد التي بعثها ذلك الشاعر؛ بل قام عدد من الشعراء في مصر الكنانة يكملون مسيرة أستاذهم، فكان لإسهاماتهم الشعرية فضل كبير في ظهور تيار الإحياء.

وكان على رأس هذا التيار, عملاق من عمالقة الشعر العربي، حمل الراية، وبلغ بها الغاية, كما يقال.

والعجيب في الأمر؛ أن البارودي وشاعرنا الذي سنتحدث عنه لم يكونا عربيين، ولكنهما نفعا العربية وأهلها أكثر ممن ينتسبون إلى العروبة، وكان دافعهما إلى حب العربية وثقافتها هو الإسلام..

شاعرنا اليوم هو (أحمد شوقي) أمير الشعراء كما وصفه معاصره (حافظ إبراهيم)..

ولد أحمد شوقي في العام 1868م بمدينة القاهرة، وكانت نشأته قريباً وأثيراً من حكام مصر، ولا سيما إسماعيل باشا (الخديوي)، فهو القائل:

أأخون إسماعيل في أبنائه ولقد ولدت بباب إسماعيلا

تعلم شوقي في مدارس مصر، ومنها نهل علوم العربية، وعكف على دراسة التراث وهضمه، فكان له ما أراد.

سافر إلى فرنسا لدراسة الحقوق في مدينة "مونبيليه" وكانت نفسه تواقة إلى التجوال، فرحل إلى بريطانيا وأسبانيا والجزائر، وتأثر بالأدب المسرحي في أوربا.

شهد أحمد شوقي احتلال بريطانيا بلاد مصر 1882م، ولما يبلغ الخامسة عشرة من عمره، ثم عاصر عدداً من أولاد وأحفاد محمد علي باشا، ومن أشهرهم الخديوي توفيق وابنه عباس حلمي.

تأثر شاعرنا بالحياة الأوروبية في أثناء إقامته في فرنسا وبريطانيا؛ لكن ذلك لم يبعده عن أصالته وجذوره.

لقد خلد شعر شوقي أحداث عصره، ومات هذا العملاق وبقي فينا ديوانه الذي يعبر عن حقبة هامة من تاريخ مصر ودولة الخلافة وسائر بلاد العرب..

أليس هو القائل:

الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون

لم يكن شاعرنا بعيداً عما فعله الإنجليز في مصر وغيرها، وكذلك ما أجرم جيش فرنسا في الشام وغيرها، فجاء شعره مرآة صادقة لأحداث عصره، وتطرق فيه إلى جميع أغراض الشعر التقليدية والجديدة، ولم تكن الحكمة غائبة عنه ولا تاريخ مصر القديم:

ـ ما السفن في عدد الحصى بنوافع حتى يهز لواءها مقـــــدام

ـ وبنو الشمس من أعزة مصــــــر والعلوم التي بها يستضاء

بقي شوقي متدفق العاطفة والإحساس، يعيش للناس ويكافح الاستخراب، ولا سيما بعد أن ابتعد عن رجال القصر، وظل كذلك إلى أن فاضت روحه سنة 1932م.

وسأتناول في هذه الترجمة لشاعرنا ـ غرضاً من أغراضه، على أن أعود إلى الأغراض الأخرى في مقال آخر.

الغرض الأول هو: وصف الطبيعة، بما فيها من سحر وجمال، وتناسق ونظام، يتجلى هذا في صور متحركة شاخصة أو مشهد جامد صامت، اسمع ما يقول في الربيع:

آذار أقبل قم بنا يا صـــــــــاح حيّ الربيع حديقة الأرواح

ملك النبات فكــــــل أرض داره تلقاه بالأعراس والأفراح

منشورة أعلامه من أحمر قان وأبيـــــض في الربّى لمّاح

لبست لمقدمه الخمائل وشيها ومرحن في كنف له وجناح

ثم يقول عن (الشمس):

والشمس أبهى من عروس برقعت يوم الزفاف بمسجد وضاح

وأما (الورد):

الورد في سرر الغصون مفتح متقابل يثنى على الفـــــتاح

وماذا عن النسيم"

مر النسيم بصفحتيه مقبلاً مر الشفاه على خدود ملاح

ولا ينسى شاعرنا (الياسمين) وزهرة (الرمان):

والياسمين؛ لطيفة ونقية كسريرة المتنزه المسمــاح

والجلنار دم على أوراقه قاني الحروف كخاتم السفاح

وأما (النخل):

والنخل ممشوق العزوق، معصب متزين بمناطق ووشاح

والتفت شاعرنا إلى حديث النفس، في العربية:

وعلى الخواطر رقة وكآبة كخواطر الشعراء في الأتراح

إني لأذكر بالربيع وحسنه عهد الشباب وطرفه الممراح

ولم يغفل شاعرنا عن الفضاء، والماء في الوادي:

وترى الفضاء كحائط من مرمر نضدت عليه بدائع الألواح

وجرت سواق كالنوادي بالقرى رعن الشجي بأنة ونواح

تنوع الوصف عند أحمد شوقي؛ وشمل مظاهر متعددة من الحياة، ولو أردنا أن نتوسع في الحديث عن هذا الغرض، لضاقت بنا أرجاء المقالة، على أنني سأعدد بعضاً مما وصفه أحمد شوقي، غير راغب في التفصيل:

ـ وصف النيل.

ـ الأندلس.

ـ منظر طلوع البدر.

ـ منظر الشروق والغروب.

ـ الهلال.

ـ دمشق.

ـ غواصة.

ـ جسر البوسفور.

ـ طابع البريد.

ـ مسجد أيا صوفيا.

ـ رمضان.

ـ غاب بولونيا.. الخ

ومن نماذج ذلك الوصف:

يقول في الهلال:

أضاء لآدم هـــذا الهلال فكيف تقول: الهلال الوليــد

نعد عليه الزمان القريب ويحصى علينا الزمان البعيد

ويقول في البدر:

متهللاً في المـــــــاء، أبدى نصفه يسمو بها، والنصــــف كأس عار

وافى بك الأفق والسماء، فأسفرت عن قفل ماس، في سوار نضار

ونهضت، يزهو الكون منك بمنظر ضاح، ويحمـــل منك تاج فخــــار

ويقول واصفاً مشاهد الطبيعة في طريقه إلى الأستانة:

ولقد تمر على الغدير تخاله والبنت مرآة زهت بإطار

حلو التسلسل موجه وخريره كأنامل مرت على أوتار

وهاك ما قاله في قصور الأندلس:

فتجلت لي القصور ومن فيها من العز في منازل قعس

وكذلك وصف الربى:

وربى كالجنان، في كنف الزيتون خضر، وفي ذرا الكرام طلس

ويقول في النيل:

والماء تسكبه فيسبك عسجدا والأرض تغرقها فيحيا المفرق

وأختم بما وصف بها دمشق:

آمـــنت بالله واستثنيت جــــــــنته دمشق روح، وجنات، وريحــان

قال الرفاق قـــــد هــــبت خمائلها الأرض دار لها الفيحاء بســـتان

دخلتها وحواشـــــيها زمـــــــــردة والشمس في لجين الماء عقبان

والطيرح تصدح من خلف العيون وللعـــــيون كما للطــــير ألحـان

وأقبلت بالنبات الأرض مخــــتلفاً أفواقه، فهـــو أصبــــاغ وألوان>

وعدت القارئ الكريم أن أتعرض لبعض الأغراض الشعرية عند الشاعر الكبير أحمد شوقي؛ ولاسيما إثر تعرضي لشعر الوصف عند أمير الشعراء، ولا أخفي القارئ أني وجدت شاعرنا عملاقاً في كل شيء، سواء ما تعلق بالأغراض التقليدية أم المعاصرة، فمن أين أغرف؟

وربما أن البحر كبير مضطرب؛ لذا أحببت أن أخوض بحر الحكمة لدى شوقي، وفوجئت أن بحر الحكمة عند الشاعر لا تكدره الدلاء، هو بحر واسع الأطراف متشعب الجوانب، لا تتسع له بضع وريقات أسطرها، فقررت الاقتصار والاختزال، وسآتي على أطراف الحكمة عند شاعر الكنانة والعرف.

وإني لا أكتم القارئ حديثاً، ألا وهو: إنني عندما تناولت ديوان الشاعر، ولما أنته من الصفحة السابعة والسبعين من الجزء الأول في (الشوقيات)، وجدت أمامي كماً كبيراً من الحكم، فكيف لو أني تابعت الغوص في سائر الأجزاء، فكم ـ يا ترى ـ سأجمع من حكم، ولما ذهبت في الصباح إلى المدرسة قلت لزميلي: إن شوقي قد يفوق المتنبي في هذا الباب لم يرق له ذلك، لكنني أعرض عليك ـ أخي القارئ ـ بعضاً من حكمه قد تصوت إلى جانبي بأن شوقي لا يقل أهمية عن المتنبي في موضوع الحكمة.

فما الحكمة..

إنها: (القول الصائب من ذي تجربة)، أو هي: (وضع الشيء في مكانه المناسب)، وقيل هي: (كلام صادر عن صاحب تجربة وخبرة في الحياة يقع في موضعه في كل زمان ومكان)، وهذا التعريف الأخير هو الأصح في نظري.

وفي هذا المقال عن حكمة شوقي سنحاول أن نتعرف على مصداقية حكمته في ضوء هذه التعاريف.

تتبعت الحكمة في عدد من قصائد الشاعر، قيلت في مناسبات متعددة، ولأغراض شتى، وجاءت الحكمة متفرقة في نسيج القصيدة، ولم تكن غرضاً مستقلاً.

إنّ أشهر القصائد التي رجعت إليها في الجزء الأول من الشوقيات لم أتعد فيها دوي الهمزة والباء؛ لأني ـ كما أسلفت ـ وجدت أن هذا الباب واسع جداً.

وهذه عناوين القصائد التي استقيت منها حكمة الشاعر:

(كبار الحوادث في وادي النيل) وهي قصيدة من الطوال تحدث فيها الشاعر عن تاريخ مصر من الجاهلية وإلى زمن نابليون حينما غزا مصر، ومما قال فيها:

فكبــــير ألا يصـــــــــان كبير

وعظيم أن ينبذ العظــــــماء

وكذاك النفوس وهي مراض

بعض أعضائها لبعض فداء

وإذا جــــــلت الذنوب وهالت

فمن العدل أن يهول الجزاء

قوة الله إن تولت ضــــــعيفاً

تعبت في مراسه الأقــــوياء

وإذا انتقلنا إلى الهمزية النبوية فإننا نجد مثل هذه الدرر من المعاني والتي لا يختلف عليها اثنان:

إن الشجاعة في الرجال غلاظــــــــة

ما لم تزنها رأفة وسخــــاء

والحرب من شرف الشعوب فإن بقوا

فالمجد مما يدعــــــون براء

والحرب يبعثها القوي تجـــــــــــبرا

وينوء تحت بلائها الضعفاء

والقصيدة من أعظم القصائد التي طوّق بها الشاعر بحلل ألفاظها وجمال معانيها رسول الله الخاتم، فصار الناس يتغنون بها صباح مساء.

ولد الهدى فالكائنات ضياء

وفم الزمان تبسم وثناء

وفي ص (53) من الشوقيات ـ الجزء الأول، قصيدة بعنوان (عفو القادر)، يقول:

إذا خان عبد السوء مولاه معتقاً

فما يفعل المولى الكريم المهذب؟

ونتقدم قليلاً إلى ص 56 (انتصار الأتراك في السياسة) يقول:

فقل لبان بقول ركــــــن ممـــلكة

على الكتائب يبنى الملك لا الكـــــتب

لا خير في منبر حتى يكـــون له

عود من السمر أو عود من القصب

وما السلاح لقــوم كل عــــدتهم

حتى يكونوا من الأخلاق في أهـــب

لو كان في الناب دون الخلق منبهة

تساوت الأســــد والذؤبان في الرتب

وكيف تلقى نجاحاً أمة ذهـــــبت

حزبين ضدين عند الحادث الحـــزب

وأما في (المنفى) ص 60، فإننا نجد المجد رحيق يطيب كلما طـــال الزمان

وإنّ المجد في الدنيا رحـــيق

إذا طال الزمـــــان عـــــليه طــــــابا

وحتى لا أطيل على القارئ، فهاك حكماً متعددة أخذتها من القصائد المعنونة بما يلي: (ذكرى المولد) و(مشروع ملنر) و(مشروع 28 شباط) وذكرى (كانا رفون).

يقول:

وما استعصى على قــوم منال

إذا الإقدام كان لهم ركابـــــــــــــــا

ويقول:

ينال باللين الفتى بعـــــض ما

يعجـــــــــز بالشــــــدة عن غصبه

ويقول:

وكل سعي سيجزي الله ساعته

هيهات يذهب سعي المحسنين هباء

ويقول:

لا تثبت العـــين شيئاً أو تحققه

إذا تحير فيها الدمـــــــع واضطربا

إذا رأيت الهوى في أمة حكما

فاحكم هنالك أن العقـــــــل قد ذهبا

ويقول:

من سرّه ألا يمــــوت، فبالعلا

خلد الرجال، وبالفعــــــــــال النابه

والفرد يؤمن شره في قـــبره

كالســيف قام الشـــــر خلف قرابه

وهكذا طوّفنا في عدد من قصائد الشاعر، وقطفنا بعض حكمه، وما زال عنده المزيد والمزيد، ولا عجب في ذلك، فالشاعر يملك كنزاً من المعاني ولآلئ من الحكم يصعب على مثلي أن يوفي الشاعر حقه في هذه العجالة، لذا أسأل الله أن يهيئ للشاعر من يعيش معه في شعره، فيبسط القول في الحكمة، وغيرها من الأغراض الأخرى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات: