Translate

الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

أمين يوسف غراب













أمين يوسف غراب (1914-1971).

كاتب قصة 
مصري. تعلم القراءة، والكتابة بعد السابعـة عشرة من عمـره. حصل على جائزة الدولة –المصرية- التقديرية في القصة القصيرة عام 1964. من أعماله: "الأبواب المغلقـة" – "يوم الثلاثـاء" – " آثار على الشفـاه". ومن رواياته "شباب امرأة" والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من بطولة : "تحية كاريوكا" - "شكري سرحان".
ولدفي قرية محلة مالك, مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ في 31 مارس سنة 1912,
 ثم انتقلت أسرته إلى دمنهور وهو في سن مبكرة, ومن هنا كانت النشأة ثم العمل في دمنهور فيما بعد. لم يدخل أمين يوسف غراب المدارس قط،ولم يتعلم تعليما منظما في حياته، كما إنه لم يقرأ حرفا واحدا
 حتى بلغ السابعة عشر من عمره على الرغم من نشأته في أسرة ثرية،لكن يبدو أن أبويه لم يأخذانه بالشدة فعاش مدللا ـ وهو الولد الوحيد ـ مترفا،بدء الاطلاع والمعرفة فيقرأ كل ما يقع تحت يده من أدب عربي وأدب غربي مترجم. بعد هذه القراءات بدأ أمين يوسف غراب يكتشف في نفسه بذرة الأديب فكتب القصة القصيرة أول ما كتب، وعندما أعلنت مجلة الصباح عن مسابقة للقصة القصيرة اشترك فيها أديبنا الناشئ ففاز بالمركز الأول عن قصة "بائعة اللبن" سنة 1940. وبعد عامين من هذا التاريخ احترف أمين يوسف غراب الأدب بعد أن نشر له الأستاذ محمد التابعي قصة " في البيت "في مجلة آخر ساعة في أبريل سنة 1942، إذ أعجب بها التابعي إعجابا كبيرا، ثم جعله يكتب قصة العدد في المجلة لسنوات طويلة عاش أمين يوسف غراب القسم الأعظم من حياته في الريف،فلم ينتقل إلى القاهرة إلا في عام 1949،وكان عمره آنذاك سبعا وثلاثين عاما، بعد أن تشبع بحياة الريف وقيمه ومثله وعاداته وتقاليده،فحمل معه إلى القاهرة تجاربه الأولي في الريف، ولعل هذا يفسر لنا أن معظم شخصيات قصصه تأتي من أعماق الريف،أو من أصل ريفي على الأقل، لقد استفاد أمين يوسف غراب من هذه النشأة الريفية،فهو بارع في تصوير الحياة الريفية، وبارع أيضا في تصوير الشخصية الريفية،وبارع في الغوص في أعماق هذه الشخصيات،وبارع في عرض التفاصيل الدقيقة الخاصة بالحياة بالريف،مثل قصص (رمان الجناين، والشيخة غزال، ومائة دجاجة وديك أحمر، وزوجة رجل آخر) وغيرها،وجميعها أيضا من أجود قصصه على المستوى الفني. في القاهرة عمل أمين يوسف غراب في عدة وظائف،فبدأ كاتبا بسيطا في مطابع السكة الحديد عام 1949،ثم سكرتيرا لمصلحة السكة الحديد عام 1951، إلى أن انتقل للعمل مديرا للعلاقات العامة بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (المجلس الأعلى للثقافة حاليا) منذ عام 1956، وقد ظل في هذه الوظيفة إلى أن توفاه الله في 27 ديسمبر عام 1970، إثر تعرضه لنزلة برد حادة ، نتج عنها نزيف قاس أودى بحياته،وهكذا مات عن عمر يناهز 58 عاما.



سيرة الشاعر: إسماعيل حسين الحبروك.

إسماعيل الحبروك

( 1344 - 1381 هـ) 
( 1925 - 1961 م)
ولد ببلدة «أبو حمص» (محافظة البحيرة - غربيّ الدلتا - مصر)، وتوفي في القاهرة.
عاش في مسقط رأسه، ومدينة دمنهور، والإسكندرية، والقاهرة.
تلقى تعليمه قبل الجامعي في دمنهور، ثم التحق بكلية الحقوق - جامعة الإسكندرية، وتخرج فيها عام 1948.
راسل عدداً من الصحف منها «الزمان» و«روز اليوسف»، وبدأ نشاطه الصحفي بالمراسلة وهو طالب، وقد انتقل إلى القاهرة عقب تخرجه، حيث عمل في دار الهلال، والشعب التي رأس تحريرها، ومجلة الجيل الجديد، وعمل أيضاً رئيساً لتحرير جريدة الجمهورية، كما عمل بالأهرام عدة سنوات.
كان شاعراً وزجالاً وكاتب مقالة، وقصصياً، ومؤلفاً للأغاني، وله إنتاج معدود فيها جميعاً، وبخاصة كتابة الأغنية والقصة.
نال جائزة الدولة سنة 1956 عن أحسن مجموعة أغان وطنية، وجائزة الدولة عام 1957 عن أحسن مقال صحفي - ونال وسام النجمة المغربي من الملك محمد الخامس.

الإنتاج الشعري:
- ليس له ديوان، وقصائده منشورة بالصحف التي عمل بها، وله ثلاث قصائد نشرتها مجلة الراديو المصري: «تقولين»: 9/11/1946 - «أنشودة الحرمان»: 22/3/1947 - «أين الربيع» 24/5/1947، وله قصيدة في حريق القاهرة (يناير 1952) نشرها أحمد بهاء الدين في كتابه: فاروق ملكاً. 

الأعمال الأخرى:
- أولاً: ألف رواية واحدة، وأربع مجموعات قصصية، وقصصًا أخرى متناثرة، وترجم رواية «هاربة من الليل»: مجموعة قصصية - الكتاب الذهبي - روز اليوسف 1957، و«زوجة للبيع»: مجموعة قصصية - الدار المصرية للطباعة والنشر 1958، و«امرأة بلا مقابل»: مجموعة قصصية - الشركة العربية - الكتاب الفضي 1958، و«الزوجة العذراء»: رواية - الدار المصرية للطباعة والنشر 1959، و«بقايا عذراء»: مجموعة قصصية - الكتاب الذهبي - روز اليوسف 1961، و«القلب الشجاع» - ترجمة - دار المعارف بمصر 1962.
- ثانياً:ألف عددًا كبيراً جداً من المقالات نشرت في الصحف التي عمل بها.
الاتجاه السائد في شعره عاطفة الحب، والوطنية، والقصائد القلائل التي بين أيدينا منوعة القافية، وهذا مؤشر على رصيده اللغوي، ونزعته الغنائية معاً، في شعره شجن وحزن، ولديه حدس جيد التوقع، فآخر ما غنى له أهل الطرب كان يعكس شعوراً 
بقرب الرحيل.
كانت مقالاته أشد حدة من قصائده، وقد منع من الكتابة الصحفية زمناً بسبب مقال هاجم فيه الشيخ أحمد حسن الباقوري (وزير الأوقاف) آنذاك.

مصادر الدراسة:
1 - أحمد بهاء الدين: فاروق ملكاً - مكتبة الأسرة - القاهرة 1999.
2 - سيد حامد النساج: دليل القصة المصرية القصيرة، صحف ومجموعات - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1972.
3 - علي شلش: دليل المجلات الأدبية - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1985.


    الشاعر الراحل إسماعيل الحبروك صاحب مجموعة بديعة من الأغانى الوطنية مثل إحنا الشعب، يا أغلى اسم فى الوجود، أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد، يا جمال يا حبيب الملايين، وعن الحب والمشاعر كتب أرق الأغانى التى تغنى بها العندليب الأسمر وفايزة أحمد ومحرم فؤاد:  أسمر يا اسمرانى، تخونوه، مالكش دعوة بيا، اوعى تكون بتحب يا قلبى.. التقينا حسين الحبروك ابن الشاعر الكبير ليخبرنا عن بداية والده ومحطات حياته وكيف تكونت مشاعر وشخصية الكاتب والشاعر إسماعيل الحبروك.

    •  لمحات عن إسماعيل الحبروك
     إسماعيل حسين الحبروك ولد ببلدة أبوحمص التابعة لمحافظة البحيرة كان والده يمتلك مضربًا للأرز وعاش فى مسقط رأسه فترة قبل انتقاله إلى دمنهور، ثم إلى الإسكندرية ومنها إلى القاهرة، تلقى تعليمه قبل الجامعى فى دمنهور ثم التحق بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وتخرج فيها عام 48 ولد فى يناير 1925 وتوفى 1961، راسل الحبروك عددًا من الصحف منها الزمان و«روزاليوسف» وبعد انتقاله إلى القاهرة عقب تخرجه عمل فترة فى «روزاليوسف» ثم انتقل بعدها إلى دار الهلال، ثم رئيسا لتحرير جريدة الشعب ثم انتقل إلى أخبار اليوم وترأس تحرير مجلة الجيل ثم رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية وعمل  بالأهرام لعدة سنوات.. كان شاعرًا وزجالاً وكاتب مقال وقصة ومؤلفا للأغانى وله إنتاج معدود فيها جميعا خاصة فى كتابة الأغنية والقصة.
    نال جائزة الدولة عام 56 عن أحسن مجموعة أغانى وطنية وجائزة الدولة عام 57 عن أحسن مقال صحفى ونال وسام النجمة المغربية من الملك محمد الخامس.
    إسماعيل الحبروك لم تكن له دواوين ولكن قصائده منشورة بالصحف التى عمل بها. 
    • أعماله الأدبية
     أما أعماله الأدبية فقد كتب رواية واحدة وأربع مجموعات قصصية  وقصصًا أخرى متناثرة منها «هاربة من الليل» مجموعة قصصية نشرت فى الكتاب الذهبى لمجلة روزاليوسف  و«زوجة للبيع» وهى مجموعة قصصية أخرى وامرأة بلا مقابل ورواية «الزوجة العذراء» و«بقايا عذراء» وهى رواية طويلة تم إعدادها كفيلم بطولة شكرى سرحان ومريم فخر الدين، كتب الحبروك عددًا كبيرًا من المقالات ونشرت فى الصحف التى عمل فيها.
    •  شاعر العاطفة والوطن 
    الاتجاه السائد فى شعره الحب والعاطفة والوطنية وقصائده منوعة القافية وهذا مؤشر على رصيده اللغوى ودائما ما كان يعكس شعورا بقرب الرحيل، وكانت مقالاته أشد حدة من قصائده وتم منعه من الكتابة لمدة وصلت إلى عام وكان وقتها رئيسا لتحرير جريدة الشعب وكان بسبب مقال هاجم فيه الشيخ أحمد حسن الباقورى وزير الأوقاف وقتها.
    •  طفولته
    قصته فى كتابة الشعر بدأت بوالدته وكان ذلك فى الربع الأول من القرن العشرين، وفى بدايات القرن العشرين لم تكن المرأة تحظى بقدر وفير من العلم ومن الحرية، ولكن والدته هى من حببته فى الشعر وزرعته بداخله، فهى كانت تردد الشعر بشكل عفوى أمامه، وبدأ يكتب شعرًا وهو فى المرحلة الثانوية. 
    • تأثير النشأة عليه
     معظم أهالى الريف يتميزون  بإحساس التذوق العالى أكثر من أهالى المدن وهذا لطبيعة البيئة هناك وانبساط الأفق وسعته والطبيعة تجعل الإحساس مرهفًا أكثر، حيث على امتداد البصر لا يوجد سوى الطبيعة ولا يوجد عمارات تحد البصر ولا سيارات ولا ضوضاء، فالحياة فى الريف أكثر سهولة فى كل شيء والمعاناة أقل فهناك كل العوامل التى تساعد على التفوق بشكل أكبر.
    له قصيدة تحت عنوان «الحرمان» أنا المحروم يا دنيا وحرمانى بلا أخر ف مالى أمس أذكره/ ولا يوم ولا باكر أعيش بغير ما  ذكرى ولا أمل ولا خاطر، فمن غيرى بلا ماض ولا غيب ولا حاضر/ أنا المحروم يا دنيا أنا فى روضة الفيحاء محروم/ وفى البيد، فلا فى الروض أزهار ولا حلو عناقيد/ ولا البيد تعى شعرى ولا تصغى لترديدي/ أنا فى مأتمى مرح وأبكى ليلة العيد من الحرمان/ يا دنيا أنا فى البر محروم ومحروم على اليابس/ فلا فى البحر شطئان تلوح لقلبى اليائس ولا فى البر إشراق يداعب روحى اليائس، ظلام يشمل الدنيا وغمر كله دامس من الحرمان/ يا دنيا أنا المحروم من ليلى  وفى القلبين أشواق إذا ما جئتها ليلا يفل العزم أشفاقا وأما طلع الصبح فما فى الصبح عشاقا/ فلا لليل ولا صبح وفى جنبى خفاقا من الحرمان يا دنيا».
    هذان البيتان يحملان أجمل أحاسيسه وأصدقها: «أنا فى الحانة الحمراء محروما وفى المسجد/ فبين الصخب فى الحانات عبد ناسك يزهد وفى المسجد فى الميقات/ لم أركع ولم أسجد فلا أنا مؤمن صلى ولا أنا كافر الحد».
    • تقولين
    تقولين لم أملأ حياتك كلها وفيها فراغ سوف يشغله غيري/ وأنت حياتى يا حياتى فان مت فحبك لى عمر يزيد على عمري/ فيا جنتى مهما عصيتك عامدا وياجنتى مهما تماديت فى الكفر/ زراعاك لى دنيا ساحيا بظلها وقلبك لى قبرا إذا غبت فى القبر/ تقولين أن تنظر لغيرى فأننى أغير على حبى وأخشى على طيري/ دعينى ففى رؤى سواك تصوف ولون من التبكير والزهد والصبري/ وأنتى نعيم الله أقبلت بعدما يأست من النعماء والفضل والخير/ وأخشى على هذا النعيم الذى معى يضيع أن توانيت فى الشكر». 
    القصيدة التى كتبها فى حريق القاهرة، قصيدة شهيرة  كتبها فى يناير عام 52 نشرت فى كتاب أحمد بهاء الدين ( فاروق ملكا ):
     سأنام حتى لا أرى وطنى يباع ويشتري/ ولمن يباع ومن يبيع إنجلتر لـ إنجلترا/ سأنام حينا يا رفاق كى لا أرى شعبى يساق لعناق قاتله العزيز/ وشرب نخب الاتفاق جزاركم يلهو بكم وبكفه دمكم مراق/ سأنام قبل العاشرة وتنام مثلى القاهرة نمنا وظلت بعدنا عين المفاوض ساهرة/ سأنام كلا لن أنام ولن أدع أحدا ينام سأسير أصرخ فى الدجي/  متحديا هذا الظلام، ويقال من أنت لن أخشى سأمضى للأمام برصاصهم صنعوا السلام فقل على مصر السلام.
    • علاقته بوالده 
    كان له أخ أكبر منه خريج هندسة الإسكندرية وكان يحب فتاة فى دمنهور وكان يتمنى الزواج بها  وهى كانت تشجعه على النجاح دائما لإتمام الزواج خاصة أن ابن عمها كان يريد الزواج بها، وفى عام تخرجه بعد نجاحه كان يريد إبلاغها كان يسير بين عربات القطار للإسراع وسقط ولقى مصرعه فتوفى الأب بعدها بعام أو عام ونصف متأثرا بحزنه على ابنه  وكان إسماعيل الحبروك وقتها فى المرحلة الابتدائية.
    • دخوله الفن بشكل احترافى
    التقينا بصديق عمره الإعلامى  فهمى عمر الذى روى لنا ذكرياته مع إسماعيل الحبروك   قال:
    أنا التقيت بإسماعيل الحبروك فى الإسكندرية  سنة 1945  كنت فى أولى حقوق وهو فى ثالثة وكان هو فى تلك الأيام نجم نجوم جامعة الإسكندرية وكلية الحقوق على وجه الخصوص لعدة أسباب لأنه شاعر الكلية، أديب الكلية، قائد مظاهرات الكلية ضد الاحتلال الإنجليزى ويعمل مراسلا ومدير مكتب لجريدة روزاليوسف فى عز مجدها ويكتب أسبوعيا قصة قصيرة فى روزاليوسف وكنا نتابعها من أجل قراءة ما يكتبه إسماعيل الحبروك،  بالإضافة إلى أن أجره وقتها أثناء الدراسة يصل إلى 15 جنيها، وكان بهذا نعتبره نجم الكلية اللامع فمن نجوميته أنه يصعد على مائدة فى منتصف الكلية ليلقى خطبة أو قصيدة فنذهب كلنا خلفه ونهتف يسقط الاستعمار فهو كان مشهورًا وكل الطلبة يعرفونه ويشيرون إليه دائما، بالإضافة إلى أنه معروف فى مجتمع الإسكندرية ويدعى إلى جميع المناسبات الاجتماعية والحفلات  فى الإسكندرية ويدعى إلى الأندية الكبرى مثل سبورتنج والصيد بصفته نجما من نجوم الإسكندرية،  وليس الكلية فقط فهو كان شخصية متفردة وصنع نجوميته بنفسه وبأدبه وقصصه وأغانيه..   ومرت الأيام وتخرج قبلى بعامين   وكانت مفاجأة جميلة جدا عندما التحقت بالإذاعة المصرية عام 50 التقيت بإسماعيل الحبروك مرة ثانية وهو واحد من نجوم الصحافة فى مصر وواحد من كبار الكتاب فى مجلة روزاليوسف ثم ذهب إلى الجمهورية ثم مجلة الجيل الجديد كرئيس لتحريرها وأنا بدأت فى تقديم برامج فى الإذاعة وأحرص على استضافة إسماعيل الحبروك بين حين وآخر وكان يرسل لى قصة من قصصه القصيرة أقدمها فى برامجى واستمرت الصداقة بيننا لسنوات، وفى إحدى المرات كنت فى روما سنة 1960 كنت أذيع أخبار الدورة الأوليمبية فى روما وأثناء وجودى هناك فوجئت بإسماعيل الحبروك أمامى فى أحد شوارع روما وأسكننى معه فى البانسيون الذى يقيم فيه واستضافنى لمدة عشرة أيام وكان هذا فى شهر أغسطس، ولم يمهله القدر كثيرا لأنى فوجئت أنه فى مارس عام 1961 رحل إسماعيل الحبروك.
    • بدايته مع  كتابة الأغنية فى عام 1954
    الشيخ  أحمد حسن الباقورى ذهب إلى رئيس مجلس قيادة الثورة وقال له أنا المدنى الوحيد فى مجلس قيادة الثورة وكلكم ضباط وإسماعيل الحبروك هاجمنى فى جريدة الشعب «منع بعدها الحبروك من الكتابة وكان يرسل إليه المرتب كل شهر وكان يصمم ألا يأخذ هذا المرتب وكان هذا سبب شجار مع والدتى التى كانت تحاول إقناعه باستلام مرتبه من أجل أبنائه، فكان يتقبله على مضض بسبب أنه يتقاضاه دون أن يقدم عملاً، فدخل وقتها فى كتابة الأغنية فهو كان شاعرًا، الذى أمسك بيده وقدمه للإذاعة كشاعر للأغنية هو الأستاذ فهمى عمر، فهو قدمه وقتها لحافظ عبدالوهاب الذى كان يشغل وقتها منصب «رئيس قسم الموسيقى والغناء» وعرفه له على أنه أحد أكبر شعراء ثورة طلبة جامعة الإسكندرية
    ومن هنا يضيف فهمى عمر:
    من هذا التاريخ بدأت حكاية إسماعيل الحبروك مع الفنانين وتقدم الإذاعة أغانيه فكانت الإذاعة وقتها.. مختارات الإذاعة وأغنيات أنتجتها الإذاعة للحبروك بالمئات وهو لم يكن بحاجة لمساعدة أحد فإنتاجه وأشعاره تتحدث عن نفسها، ثم انطلق إلى كتابة الأغنيات للأفلام فغنت له شادية وعبد الحليم، فريد الأطرش، محرم فؤاد.
    •  أغانيه الوطنية
    كتب الحبروك مجموعة من أفضل الأغانى الوطنية التى علقت فى ذاكرة الوطن، وظل الناس يرددونها حتى وقتنا هذا ومن أشهرها أغنية: «يا أغلى اسم فى الوجود» التى منح الرئيس جمال عبد الناصر المطربة  نجاح سلام الجنسية المصرية بعد غنائها.. حصل على جائزة عن مجموعة أفضل أغانى وطنية عن حرب 56 التى من بينها «يا أغلى اسم فى الوجود، دع سمائى، أمانة عليك يا مسافر بورسعيد».
    والأغنية الأخيرة هذه لها قصة طريفة فأيام حرب 56 كان المؤلفون والملحنون يتواجدون بشكل دائم فى مبنى التليفزيون ويجلسون على سلم الإذاعة ويعملون على أغانيهم فكتب إسماعيل الحبروك «أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد.. أمانة عليك أمانة.. لتبوس لى كل إيد حاربت فى بورسعيد».
    وكانوا يقومون بتلحين الأغنية علموا أن الرقابة معترضة على الأغنية وصعد إسماعيل الحبروك  للمسئولين عن الرقابة ليعلم سبب الرفض ووجه الاعتراض، خاصة أنها أغنية وطنية، فأخبروه أن جملة «لتبوس لى كل إيد».. تحمل بعض المهانة، فرد عليه أبى أن من يذهب للحرب وارد أن يستشهد وأن الشهداء مبشرون بالجنة وأنا أتمنى أن أقبل يد المبشرين بالجنة، فاقتنعت اللجنة وحصلت الأغنية على موافقة الرقابة.
    •  كتابة القصص القصيرة
     إسماعيل الحبروك كان يلتقط القصة من الحياة وكان له قصة رغم أنها قصة قصيرة إلا أنها تحولت إلى فيلم روائى شهير وهى قصة «قلبها الجديد» مثلتها بعد هذا ليلى مراد، كان إسماعيل الحبروك يحب صوت ليلى مراد جدا ويتمنى أن يكتب لها أغنية، وكتب لها أغنية وأعطاها لبليغ ليلحنها، وكان التلحين والبروفات تتم فى معهد الموسيقى العربية وكان بليغ يدندن  بها فدخل عبدالحليم حافظ وسمع كلمات الأغنية وكان بليغ مشهورًا وسط أصدقائه باسم «بلبل» فدخل عبدالحليم ليقول له: «بلبل أغنية مين دى؟» فقال لها: إنها أغنية ليلى مراد، فقال له «مين اللى كاتبها؟» فأخبره أنه إسماعيل الحبروك فقال له إسماعيل هو من كتب لى أغانى الوسادة الخالية كلها وهذه الأغنية تمشى مع سياق الفيلم فذهب بعدها بليغ حمدى وعبدالحليم حافظ وإسماعيل الحبروك وصلاح أبوسيف مخرج الفيلم إلى ليلى مراد فى منزلها لاستئذانها أن تترك لهم الأغنية، فوافقت وقالت: إن عبدالحليم هو صوت الغد، ولكن «عايزة أسألك سؤال يا إسماعيل.. الصدق فى الأغنية دى جبته منين؟» قال: لها إن السبب فى هذا الصدق هو باب كان يقدمه فى مجلة روزاليوسف اسمه «جراح قلب» ومن كم رسائل الخيانة التى تصلنى أوحت لى بهذه الأغنية، وهذه الأغنية كانت «تخونوه»، وهذه كانت أول لقاء بين عبدالحليم حافظ وبليغ حمدى.
    وكان يوقع فى هذا الباب باسم «أمينة» باعتبار أنها امرأة ومن المعروف أن المرأة تفتح قلبها للمرأة بشكل أكبر، واسم أمينة.. كان من منطلق أنها أمينة على أسراركم. ومن المواقف الطريفة لهذا الباب أن هناك جمعية نسائية قد أرسلت خطابا لإسماعيل الحبروك على أنه أمينة لحضور ندوة عن خيانة الرجل وقسوته مع المرأة فأخذ الجواب وذهب به إلى إحسان عبد القدوس وكانت هذه من القصص الطريفة.
    •  إسماعيل الحبروك و«روزاليوسف»
    بسبب مراسلته لـ «روزاليوسف» فى فترة الجامعة مقابل 15 جنيهًا، فإنه ذهب بعد التخرج والزواج بمصوغات التعيين إلى المؤسسة ففوجئ أن المرتب وصل إلى 12جنيهًا فذهب إلى إحسان وقال له ضاحكا: هل يعقل أن يكون مرتبى وأنا طالب وعازب 15جنيهاً والآن متزوج وأعول 12جنيهًا؟ 
    كان الأساس لدى إسماعيل الحبروك عنده هو الشعر دونا عن كل مواهبه وهذا لأنه بدأه وهو فى سن صغيرة جدا قبل سن الجامعة بسنوات وفى الجامعة كان يكتب قصائد أكثر.
    فى فترة الأربعينيات والخمسينيات كانت الكتابة أكثر ازدهارا خاصة من ناحية الحب وإسماعيل الحبروك سواء فى كتابة القصيدة أو القصة القصيرة المشكلة عنده تكمن فى البداية، فمجرد البداية فى الكتابة ينطلق قلمه وينساب، نحن كنا نسكن فى الزمالك وعمله فى الجمهورية وهذه المسافة لا تتعدى العشر دقائق فكان يستطيع أن يكتب أغنية فى هذه المسافة مادام أن مطلع هذه الأغنية فى ذهنه، وكانت أمى قالت لى مرة إن هناك «مطلع» واحد هو الاستثناء، فلم يستطع أن يكمله وأنا لا أعرف لماذا ولا هى أيضا وهو: 
    «فرق كبير بين قلبى وقلبك أنت نسيت وأنا لسه بحبك»
    فقلت لها يا أمى لعله لم يستطع أن يكمله لأن هذا ليس «مطلع» بل هذا كلام شخص.
    بتسأل ليه عليا.. مالكش دعوة بيا.
    أخى الصغير رحمة الله عليه كان مات شهيدًا كان لديه كلمة ما دائما يرددها وهى «مالكش دعوة بيا» فأخذها إسماعيل الحبروك وصاغها أغنية من أشهر أغانى فايزة أحمد. 
     «بتسأل ليه عليا وتقول وحشاك عينيا هاخاصم عينيا لو تسأل عليك»
    •  حنانه وعاطفته الواضحة
    عرف عنه حنانه الشديد لدرجة أن أحد أبناء أصدقائه أطلق عليه اسم «إسماعيل الحبوب» وبعد وفاته أمى كانت دائما تبكيه بفظاعة فهو أعطاها الحب كله فى وقت قليل بحكم قصر عمره، وكانت دائما ما تتذكر بيتين من الشعر العربى القديم كان يرددهما لها فهى كان اسمها  «سعاد» وكان يقول لها: 
    «بانت سعاد وقلبى اليوم متبول.. متيم أثرها لم يفد مكبول»
    فهو كان حساسا جدا ومتعلقًا أشد التعلق بأمه فأنا عايشت هذا معه  فهى كانت تعيش فى الإسكندرية وفى مرة كان يحدثها فوجد نبرة صوتها مختلفة فسألها ما بها قالت له إنها فقط كانت نائمة لم يطمئن عليا إلا بعد أن أخذ القطار للإسكندرية ورأها وقبل يدها وعاد إلى القاهرة فى نفس اليوم، كل هذه الحساسية والرهافية تميز إسماعيل الحبروك شخصيته وكتاباته وتكونت لديه فى اللاشعور.
    •  أم عيون زرقا
    أمى كانت على قدر من الجمال وهو من اللامعين وسيم وجميل الهيئة والمعشر وكان رجلاً لا يقاوم وحسن الكلام معروفاً لدى الجميع، الواقعة التى كانت أمى ترددها دائما أن يوم عقد قرانهما اشترى تذكرتين وذهبا الحفلة وقال لها : «انتى الوحيدة اللى أم كلثوم غنت فى فرحها» وهى لم تكن لها أى علاقة بالوسط سوى أنها زوجة إسماعيل الحبروك فكان يرفض احتكاكها به   والذهاب إلى الحفلات وغيره.
    أثناء وجوده معها ومع أصدقائهما فى الحفلات الاجتماعية كانوا يمزحون معها ليثيروا غيرتها قائلين: «زوجك ده بيضحك عليكى انتى بيضاء وهو كاتب «أسمر يا أسمراني» شوفى كتبها لمين؟» كانت هذه دائما مزحة بينهم ليقول لها دى خواطر وأكل عيش علشان الولاد، وكان يثق فى رأيها ويقول مراتى لم تقل لى الله على أغنية ولم تنجح فكانت مستمعة ومتذوقة لأشعاره، كانت أمى عيناها تميلان للزرقة ففى إحدى المرات كان يصالحها فقال لها: «دقاتك مش دى دقات لا وحياتك ناقصين دقة مين اللى خدتها فين ودتها أوعى تكون أم عيون زرقا، محناش قد الشوق والفرقة» وغناها بعد هذا محرم فؤاد. 
    •  إسماعيل الحبروك الأب
     حنين زيادة عن اللزوم.. وأنا صغير عملت حادثة بالعجلة وكسرت يدى وهو كان سيسافر فى رحلة عمل إلى اليابان فى صباح اليوم التالى  ولكنه لغى هذه السفرية، حيث كانت دعوة لرؤساء التحرير ورغم أهميتها لكنه رفض أن يسافر رغم محاولات أمى لطمأنته.
    كان من أقرب أصدقائه من الشعراء محمد التهامى ومن الوسط الصحفى محسن محمد وصلاح منتصر وأحمد رجب، ومن المطربين  نجاة  ومحرم فؤاد وعبد الحليم حافظ وكارم محمود وكان من أكثر  المطربين قربا لقلبه وأحبه كثيرا.
    • الإحساس بدنو الأجل وسمة الحزن الغالبة على كلمات أغانيه 
    حسين الحبروك «الصدق كان ظاهرا فى شعره وسمة الحزن فى قصائده فلا نعلم هل هو إحساس بدنو الأجل أم ماذا؟ فرغم صغر سنه وقت وفاته إلا أنه حدثت أكثر من مصادفة جعلت جميع من حوله شعروا أنه كان لديه إحساس بدنو أجله». 
    يقول ابنه حسين:
    الإحساس بالموت مثله مثل الميلاد فنحن لا نعرف متى نولد ولا متى نموت ولكن لا أعلم كيف كان لديه هذا الإحساس طوال الوقت ويظهر هذا بوضوح فى كتاباته فأنا كنت أكتب كتابًا عنه فوجدت بيتين كتبهما فى فبراير 61 وهو توفى 16 مارس من نفس العام «ستنسى الناس كل مقالاتى وستبقى فى القلوب من الشعر أبياتى كان عمرى رحلة وقصائدى رحلاتي».
    هو مات بنزيف فى المخ كان فى يوم سبت 14 مارس وقت إصابته بالنزيف وقبلها بأسبوع واحد كان قد أعطى الموجى أغنية وقال له الأغنية دى بتاعت محرم فؤاد، وهو وقت دخوله المستشفى أطباء مصر كلها ذهبوا لرؤيته من كل التخصصات فهو شاب فى السادسة والثلاثين من عمره وكاتب معروف، فكان الأطباء يخرجون من عنده فيبكون بالدموع حزنا على حالته، ووقتها كان الموجى قد انتهى من الأغنية وهى التى تقول «يا حبيبى قل لى أخرة جرحى إيه قلبى مجروح من زمان واحترت فيه والطبيب شافنى بكى بدموع عنيه وقال لى جرحك ده مانيش قادر عليه» فما هذه المصادفة العجيبة؟ 
    ومصادفة أخرى أن النزيف أصابه يوم الأحد ويوم السبت كان قد أعطى بليغ حمدى أغنية لنجاة وهذه الأغنية كلماتها «كل شيء راح وانقضى واللى بينا خلاص مضى  بس وحياة اللى فات واللى أصبح ذكريات عمرى ما حبيت ولا أتمنيت غيرك انت يا حبيبي».
    لعل شجنه وسمة الحزن لديه  ترجع إلى وفاة أخيه الصغير فى ريعان شبابه بعد تخرجه ويلحق به والده بعد أن كان يزور قبره يوميا ويبكى عليه إلى أن لحق به بعدها بوقت قصير، بالتأكيد كان هذا سببًا فى لمحة الحزن والشجن فى بعض أغانيه.
    •  جنازتان
    بليغ حمدى كان صديقًا عزيزًا لى واستمرت علاقتنا حتى وفاته وكنا نتقابل ففى مرة أقسم لى أن «كل شيء راح وانقضى» أعاد تلحينها 5 مرات لأنه لم يكن راضياً عنها.
    كان هناك أشهر قارئ للكف فى الخمسينيات اسمه جعفر وكان دائما أبى يقيم حفلات ويدعو إليها جعفر على اعتبار أن الفنانين ضيوفه من محبى قراءة الكف وفى آخر حفلة وكانت يوم خميس فقال له «أنا كل مرة أعزمك ولا تقرأ لى الكف» فأخذ جعفر كفه وقرأه له ثم همس له فى أذنه بألا يصدق ما يقال وأن هذا مجرد «أكل عيش» فرآه عبدالحليم حافظ وقال له «بتوشوش إسماعيل بتقول له إيه؟».
     جعفر ذهب لحليم وقال له يا حليم: «مش هييجى خميس تانى على إسماعيل الحبروك» ومات إسماعيل الحبروك فى الثلاثاء الذى تلاه، فقارئ الكف هذا لم يرد أن يخبر إسماعيل الحبروك وقال له إن هذا فقط أكل عيش لمجرد تسلية الضيوف ولكنه تنبأ بوفاته وعبدالحليم هو من أخبرنى بهذه القصة وفى النهاية فقراءة الكف هذه علم وتختلف عن قراءة الفنجان  ولكن كذب المنجمون ولو صدقوا.
    حسين الحبروك أقيمت له جنازتان واحدة فى دمنهور وكانت جنازة مهيبة وحضرها حتى من لا يعرفه بشكل شخصى، فإذا مرت من أمام محل يغلق صاحبه ليسير وراء الجنازة والأخرى فى القاهرة   وأقيمت مدرسة باسمه هناك وشوارع تحمل اسمه فى القاهرة ودمنهور والإسكندرية •

    _____

    وحيد رمضان أحد ضباط «ثورة يوليو»


    نتيجة بحث الصور عن السفير / وحيد جودة رمضان
    ترك دراسة الطب والتحق بالكلية الحربية وبعد تخرجه سرعان ما صار وحيد الدين جودة رمضان، واحداً من الضباط الأحرار، الذين أخذوا على عاتقهم تطهير الوطن مما أصابه من ظلم واستبداد وتوحش للفساد فقادوا ثورة يوليو، تلك الثورة التى أشاعت زخماً وطنياً فى ربوع مصر والعالم العربى ومثلت منعطفاً مهماً فى تاريخ مصر ما بين عهدين.
    فى البداية اجتمع الفرسان على قلب رجل واحد فنجحت الثورة، وفى النهاية عرف الخلاف طريقه بينهم فتفرقوا شيعاً ومذاهب، ولم يبق منهم فى النهاية سوى عبدالناصر والسادات، وهنا نقف على رواية جديدة مختلفة تماماً أشبه بالمراجعة الشاملة لمسيرة الثورة وحصادها الجميل والمرير أيضاً، وبعض من كواليسها.
    الرواية لواحد من الضباط الأحرار الذى يبلغ من العمر الآن 90 عاماً ومتعه الله بذاكرة حاضرة وروح مشرقة، هو السفير وحيد رمضان، الذى خص «المصرى اليوم» بحديث من نوع خاص.. وإلى نص الحوار:
    ■ كيف بدأت علاقتك بـ«عبدالمنعم عبدالرؤوف»، القيادى البارز بجماعة الإخوان المسلمين المتهم فى قضية هروب عزيز باشا المصرى؟
    - فى مايو 1941 هرب عزيز باشا المصرى بواسطة طائرة مسروقة من سلاح الطيران، يقودها اليوزباشى طيار عبدالمنعم عبدالرؤوف، ويساعده اليوزباشى طيار حسين ذوالفقار صبرى، وكان عزيز باشا يقصد الهروب إلى بيروت ومنها إلى بغداد لمساعدة «رشيد عالى الكيلانى» فى ثورته ضد الإنجليز فى العراق، لكن الطائرة سقطت بهم فى قليوب، وكان مأمور قسم قليوب تلميذاً لـ«المصرى» حينما كان مديراً لكلية البوليس، الأمر الذى ساعد على نقلهم من قليوب إلى إمبابة فى سيارة المأمور، إلى أن تم القبض عليهم بواسطة البوليس السياسى فى منزل الفنان عبدالقادر رزق، صديق عزيز باشا، ثم اعتقل عبدالمنعم عبدالرؤوف فى سجن الكتيبة الثالثة التى أعمل بها، ولحسن حظى أننى كلفت بحراسته حتى أننى كنت أستبدل الضابط المناوب لحراسته لأقوم بحراسته كل يوم ونشأت بيننا صداقة امتدت بعد الإفراج عنه ليصبح رائداً فى العمل الوطنى، وبعد أن قُدم عزيز باشا المصرى وزميله للمحاكمة العسكرية العليا، ثم الإفراج عنهما فى 7 مارس 1942، بقرار من النحاس باشا، رئيس الحكومة، تقرر نقل عبدالمنعم إلى سلاح الطيران ثم إلى الكتيبة الثالثة بنادق مشاة.
    ■ عرّفك عبدالمنعم عبدالرؤوف على جمال عبدالناصر.. فأين كان هذا اللقاء ومتى.. وهل كان هناك تنظيم سرى آخر داخل الجيش غير الإخوان المسلمين؟
    - تعرفت على اليوزباشى جمال عبدالناصر فى بيت عبدالمنعم عبدالرؤوف فى السيدة زينب قبل اللقاء الذى جمع الـ7 الذين أقسموا على المصحف والمسدس، وهم: عبدالمنعم عبدالرؤوف، وجمال عبدالناصر، وكمال الدين حسين، وخالد محيى الدين، وحسين حمودة، وسعد حسن توفيق، وصلاح خليفة، وكان هذا فى منزل بحى الصليبة بين السيدة زينب والقلعة، وأقسموا جميعاً يمين الولاء لجمعية الإخوان المسلمين، أمام عبدالرحمن السندى، رئيس النظام الخاص بالجمعية، ومن تاريخ هذا اليوم انتشرت الخلايا السرية داخل الجيش، وكان الصاغ محمود لبيب، يلقن الضباط تكتيك العمل السرى وكنت قبل هذا القسم عضواً فى خلية تضم عبدالمنعم عبدالرؤوف وأنور الصيحى مما يعنى أن النواة الأولى للعمل السرى الوطنى داخل الجيش نمت وترعرعت داخل جمعية الإخوان المسلمين ولم تكن هناك تنظيمات أخرى كما ادعى البعض، وما حدث بعد ذلك انسلاخ من جسد جماعة الإخوان.
    ■ هل كانت لك علاقة مباشرة بـ«حسن البنا»؟
    - كان حسن البنا شخصية ساحرة آسرة وتعرفت عليه أثناء العمل السرى فى حديث الثلاثاء، الذى كان يلقيه بمقر الجمعية بالحلمية وكنت أذهب لمكتبه من حين لآخر بصفتى عضواً بالتنظيم السرى لضباط الجيش.
    ■ كان لحادث 4 فبراير أثره السيئ على نفوس ضباط الجيش، فهل كانت غيرة على ما تعرض له ملك البلاد من إهانة أم على كرامة وطن؟
    - حاصر الإنجليز قصر عابدين بالدبابات فى 4 فبراير 1942 وأجبروا الملك على قبول حكومة «النحاس باشا»، بل إن السفير الإنجليزى كانت بيده ورقة تنازل الملك عن العرش، لكن أحمد حسنين طلب من الملك أن يمنحه السفير فرصة واستجاب السفير، وكل هذا فعله الإنجليز لاعتقادهم بأن الملك على صلة بدول المحور عن طريق «يوسف باشا ذوالفقار» سفير مصر بإيران، ووالد الملكة فريدة، وكنت فى ذلك الوقت بالكتيبة الثالثة مدافع ماكينة ويومها استقال القائمقام محمد نجيب من الجيش، وعندما وصلنا إلى القصر خرج علينا أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى، وطلب منا الهدوء لمصلحة البلد.
    ■ قمت بحراسة الملك فاروق أثناء زيارته فلسطين خلال الهدنة الأولى من حرب 1948، وكنت قد قلت إنك كنت تفكر فى اغتياله؟
    - بدأت حرب فلسطين فى 15 مايو 1948 وعقب الهدنة الأولى، كلفت بحراسة الملك فاروق، وكنا نستقل قطاراً خلال الرحلة التى استغرقت يوماً واحداً، وفعلاً كانت نفسى تحدثنى طوال الرحلة باغتيال الملك، ولكن كيف؟.. إلى أن حانت الفرصة عندما وصلنا إلى مستعمرة «دير سنيد» ووجدت نفسى فى مواجهة الملك وتحت يدى 4 مدافع ماكينة، كانت مخصصة لحراسته وتحت إشرافى، لكننى تراجعت عن الفكرة، لكن ونحن فى طريق العودة حدث أمر كانت له دلالة توحى بقرب الخلاص، فعندما وصلنا رفح استقبل الملك كبار ضباط الجيش وكل من سلم عليه قبّل يده عدا البطل أحمد عبدالعزيز، ولك أن تعرف أننى درست على يديه التاريخ العسكرى بالكلية الحربية.
    ■ قيل إن اللواء «نجيب» كان صاحب بطولات فى حرب 1948، فهل التقيته هناك.. وما مدى صحة إشرافه على بعض العمليات؟
    - كنت أشترك فى معركة «كراتيا» وفوجئت بقائد اللواء الأميرالاى «محمد نجيب بك» يشرف بنفسه على المعركة، وكانت المرة الأولى التى ألتقيه وفى مساء هذا اليوم أُعلنت الهدنة الثانية، وكنت أسمع عن بطولاته، إلى أن رأيته بنفسى يدير العمليات فى الميدان على خلاف أقرانه من الضباط الكبار، رغم أن وجوده فى الصف الأول يعرضه للخطر، وأصيب محمد نجيب 3 مرات أثناء العمليات الحربية وكادت الثالثة تقضى على حياته.
    ■ أنقذت جمال عبدالناصر من موت محقق خلال حصار الفالوجا.. كيف حدث ذلك وأنت قيد تنفيذ حكم الإعدام؟
    - فى نوفمبر 1948 بعد الحكم علىّ مباشرة قضيت فترة داخل خندق بالقيادة وكان معى دائماً صلاح سالم انتظاراً لتنفيذ الحكم، الذى لم ينفذ بسبب الحصار المفروض علينا، وفى ليلتى 27 و28 ديسمبر 1948 كادت قوات اليهود تحتل الجناح الذى تدافع عنه الكتيبة السادسة مشاة ببلدة عراق المنشية، وكان أركان حرب الكتيبة الصاغ جمال عبدالناصر وسمعته من خلال اللاسلكى الذى كان بحوزة «صلاح سالم» يطلب النجدة من «السيد طه»، ويقول: «إذا لم تصلنى النجدة فوراً سأفقد السيطرة على الموقف»، فقلت لـ«صلاح»: «إحنا هانسيب جمال لوحده؟» فقال صلاح: «هنعمل إيه ياوحيد؟» فقلت له: «أنا على استعداد للتطوع وخوض المعركة لإنقاذ عراق المنشية»، فأخذنى إلى السيد طه، برئاسة القوات فوافق على الفور ووفر لى ما طلبته من سلاح وحمالة جنود «سيارة» مدرعة مكشوفة»
    وبالفعل انطلقت إلى كتيبتى وكانت مفاجأة سارة للجنود، أن الملازم ثان «عبدالمجيد شديد» محافظ الدقهلية بعد الثورة، صمم على ألا يتركنى وصحبنى فى خوض المعركة وذهبنا ومعنا شاويش واثنان من الجنود بالحمالة لموقع المعركة، ودعوت الله أن ينصرنا دون أن أعرف أن الدعاء مستجاب وقت الزحف، وفى الطريق كانت قنابل الهاون تتساقط علينا من مدافع العدو إلى أن فوجئت ببعض الجنود يرتدون معاطف الجيش المصرى فناديتهم متسائلاً: أين مواقع اليهود؟ فردوا علىّ بقنبلة يدوية انفجرت أمام الحمالة، وتبادلنا إطلاق النار وقتلناهم وواصلنا السير على طريق مزروع بالتين الشوكى إلى أن وجدنا جمال عبدالناصر يتحصن أمام مخزن تبن ومعه جندى المراسلة، وانفرجت أساريره بقدومنا وقال إن اليهود سيرسلون كتيبة للتعزيز، ستأتى من ثغرة بالتبة السودانية ولو قدرت تسدها سيكون عملاً بطولياً، وتقطع عليه الوصول إلى هنا،
     وبالفعل تقدمنا إلى أن وصلنا إلى سفح التبة واتخذنا مواقع بأعلاها وبدأنا الاشتباك مع العدو وبعد ساعة تقريباً سكنت مدافع اليهود المحتلة التبة، وقمنا بتفقد التبة فوجدناها مغطاة بجثث الإسرائيليين والمصريين والسودانيين وتركت الطاقم فى التبة ونزلت لـ«عبدالناصر» ففرح وهنأنى بهذا العمل البطولى، وأهدانى بندقية تشيكية، وكتب تقرير المعركة بنفسه بخط يده.
    ■ ماذا عما أشيع عن الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين؟
    - ما قيل عن الأسلحة الفاسدة أمر مبالغ فيه، نعم كانت هناك أسلحة كان من المفترض أن تورد للقوات المصرية بفلسطين، إلا أنها كانت تنفجر ذاتياً أو كيميائياً داخل المخازن وكان معظمها من إيطاليا ومخلفات جيوش الحلفاء بالصحراء الغربية، وكان أبرز الموردين القائمقام عبدالغفار عثمان وبعض حاشية الملك، وعلى رأسهم «حسين سرى عامر» وكيل سلاح الحدود فى ذلك الوقت، وأذكر أن الذى فجر هذه القضية «إحسان عبدالقدوس» إذ أمده بعض ضباط الجيش بهذه المعلومات، لكن تجدر الإشارة إلى أنه لم تصل إلينا بندقية واحدة فى أرض الميدان بفلسطين من هذه الصفقات.
    ■ بعد حرب فلسطين عمل «عبدالناصر» على خلق تنظيم سرى آخر داخل الجيش بعيداً عن الإخوان، فما موقفكم من هذا التنظيم؟
    - بالفعل بدأ جمال عبدالناصر تشكيل تنظيم الضباط الأحرار من جسد الإخوان المسلمين، بعد الانتهاء من حرب فلسطين، وبدأ يطرح سؤالاً على معظم أعضاء التنظيم إنت أحرار ولاّ إخوان؟! ولما سألنى هذا السؤال قلت له ونصحته ألا يسأل مثل هذا السؤال فى ذلك التوقيت، لأن الملك سيقضى علينا قبل أن ننجح فى عملنا، وكان عبدالناصر نشطاً فى تكوين تنظيم يقوده شخصياً ولا يدين بالولاء لـ«الإخوان المسلمين» ولبى عبدالناصر طلبى وكل من كمال الدين حسين وخالد محيى الدين وحسن إبراهيم وبغدادى وصلاح سالم وبعضهم كانوا معه ليلة القسم على المصحف والمسدس أمام عبدالرحمن السندى، زعيم الجهاز السرى لـ«الإخوان»، وبذلك يكونون حنثوا بقسم الإخوان، وللعلم صاحب اسم ضباط الأحرار هو الصاغ «محمود لبيب»، مهندس العمل السرى داخل الجيش،
     وليس كما زعم البعض أن من ابتدع الاسم هو جمال منصور عام 1950، وكان بمناسبة إصدار المنشور الأول للضباط الأحرار، ويؤيد ما قلته سؤال جمال عبدالناصر لنا عام 1949 إنت أحرار ولا إخوان؟ وكان لبيب ومعه صالح باشا حرب ضمن المقاومة السنوسية الليبية ضد الإيطاليين عام 1911، ولما فشلت المقاومة هرب «لبيب» فى غواصة ألمانية إلى تركيا ومكثت بها إلى أن قامت ثورة كمال أتاتورك، وكان الضباط الأتراك الذين عزلوا السلطان عبدالحميد، يطلق عليهم الضباط الأحرار، ومن ثم استلهم محمود لبيب هذا الاسم، لكونه يعطى غطاء أمنياً على تحركنا داخل الجيش بعيداً عن الإخوان المرصودين أمنياً فى ذلك الوقت، المهم عملت مع جمال عبدالناصر دون أن أختلف مع عبدالمنعم عبدالرؤوف.
    ■ قمت بتجنيد بعض الضباط للحركة وكان أبرزهم «يوسف صديق» الرجل الذى اقتحم قيادة الجيش ليلة الثورة وكان سبباً فى نجاحها؟
    - جندت البكباشى يوسف صديق لحركة الضباط الأحرار فى أكتوبر 1951، وسر استجابته لى يتلخص فى ثقته بإخلاصى له، لأننى ذكرته بالخطاب الذى أرسلته إليه بتوقيع مخلص، أنبه فيه للحذر من «رياض مصطفى»، قائد الكتيبة، التى يعمل بها «يوسف» فى منقباد، الذى كان يكن له الحقد لدرجة أنه تعهد للأميرالاى «عبدالرؤوف عابدين»، قائد اللواء، بأنه سيأتيه بـ«صديق» متلبساً بجريمة، فاستجاب لى على الفور، وكان رهانى على «يوسف صديق» صائباً، لأنه فدائى مخلص ينكر ذاته، وكان أستاذى فى الكلية الحربية، ودرست على يديه فنون التكتيك العسكرى، وكان أديباً شاعراً وفيلسوفاً ومتواضعاً وشجاعاً، يحظى بحب كل مرؤوسيه، لأنه كان وطنياً من طراز رفيع،
    ويشهد على ذلك ما قام به ليلة 23 يوليو 1952 عندما رفض العودة إلى ثكناته بالمقدمة التي كانت معه عندما أخبره «عبدالناصر» و«عامر» بأن أمر الحركة انكشف فأبى الرجوع، وقال لهما: سأموت فى مبنى القيادة، ومعلوم بعد ذلك ما فعله البطل الأسطورى وكان فى هذه الليلة فى حالة مرضية سيئة، حيث كانت رئته تنزف دماً، واضطر إلى أخذ حقنة مسكنة فى صيدلية بمصر الجديدة، ويوسف صديق يذكرنى بالبطل الفذ أحمد عبدالعزيز، الذى استشهد فى فلسطين برصاصة مصرية، أتته من الكتيبة السادسة مشاة التى كان رئيس أركانها عبدالناصر، وحدث ذلك كما روى لى صديقى صلاح سالم، الذى كان يصاحبه فى تلك الليلة التى استشهد فيها البطل، حيث كانا يستقلان عربة جيب يقودها صلاح لحضور مؤتمر بالقيادة العامة بفلسطين وأطلقت النيران المصرية عليهما لأنهما لم يكونا يعرفان كلمة سر الليل.
    ■ عملت مع «عبدالحكيم عامر» برئاسة الفرقة الأولى مشاة فى رفح، هل كنت على صلة به قبل ذلك؟
    - تعرفت على الصاغ عبدالحكيم عامر بالقاهرة، أثناء عملى برئاسة اللواء مدافع ماكينة، ومقره ثكنات العباسية، وكان «عامر» رئيس أركان حرب سلاح المشاة، ثم انتقل إلى رئاسة الفرقة الأولى مشاة برفح وطلب نقلى معه، وعملت بمكتب عمليات الفرقة الذى كان يضمنى مع صلاح سالم وعبدالحكيم عامر، وكان يمر علينا كل يوم البكباشى أنور السادات، قائد قسم الإشارة برفح، وكنت لا أتحدث معه كثيراً، لأنه كان لا يعلم أننى ضمن تنظيم الضباط الأحرار، بخلاف «عامر» و«صلاح» وتوثقت الصداقة بينى وبين «عامر»، وحاولت أن أخفف حدة الخلاف بين عبدالمنعم عبدالرؤوف و«عبدالناصر»، فقمت بدعوة عبدالرؤوف وعبدالحكيم عامر على الغداء فى بيتى برفح.
    ■ كان شعار منظمات الشباب من إبداعك.. متى تم تكليفك بقيادة هذه المنظمات وما الهدف من إنشائها؟
    - بعد إنشاء هيئة التحرير وحل الأحزاب فى 17 يناير 1953 كلفنى «عبدالناصر» بقيادة منظمات الشباب، وكانت بدايتى فى العمل السياسى الرسمى، وقبل ذلك فى أغسطس 1952 استدعانى «عبدالناصر» لحضور اجتماعات شعبية لتأييد الثورة ولمخاطبة الشباب إلى أن قرر تكليفى بقيادة منظمات الشباب، وبالفعل وضعت لها شعار «نصر الله، وعزة الوطن وتحرير الفرد لزوم الجماعة»، وكان هذا الشعار يلخص دور المنظمات تقريباً، وأنشأت المكتب الإدارى للمنظمات بالعاصمة والمكاتب الفرعية بالأقاليم، وكان يعاوننى فى هذا العمل د. محمد مندور وعبدالمغنى سعيد والدكتور محمد فتح الله، أستاذ الجامعة، وقمنا بطبع كراسات صغيرة لشرح مبادئ الثورة، ثم نوزعها على فروع المنظمات بأنحاء القطر المصرى، وطغت الجامعات والمدارس والأقاليم، وكنت أعقد الندوات والمؤتمرات للدعوة لاعتناق أفكار الثورة والاصطفاف لتأييدها.
    ■ حذرت «عبدالناصر» فى إحدى زياراتك من «عبدالحميد السراج» وما يفعله بالسوريين فهل كانت لك علاقة بانفصال سوريا عن مصر، وما حقيقة المنشور الذى كان سبباً فى اعتقالك؟
    - كنت ضحية هذا الانفصال، ففى إحدى زياراتى لمصر سنة 1960 زرت «عبدالناصر» وسألنى عن أخبار أوروبا عامة وسويسرا خاصة فأجبته، ولكن أضفت عليه أن الشعب السورى منزعج من الطريقة التى يحكم بها «عبدالحميد السراج» فى سوريا حتى إنهم يطلقون عليه «السلطان عبدالحميد» لكنه قال لى: ومن أين لك بهذه الأخبار، فهل سافرت إلى «دمشق»، فقلت له: لا لكننى أدرس بجامعة «جنيف» ومعى أكثر من 100 طالب سورى، وصلتى بهم طيبة، لدرجة أنهم كانوا يطلقون على المشير عبدالحكيم عامر، المندوب السامى، وقبل الانفصال بشهر انتهت علاقتى بسويسرا، وعدت إلى القاهرة فى أغسطس 1960، وشرعت أنا وأخى لطفى واكد نكتب عريضة بعد الانفصال لعبدالناصر نحذره فيها من أن الذى حدث بسوريا يمكن أن يتكرر فى مصر، ووقعت العريضة فى يد إحدى الجهات العسكرية السيادية فقام سامى شرف، بمساعدة «داوود عويس» مدير مكتب «عامر» فى وزارة الحربية.
    ■ متى وكيف تم الإفراج عنكم.. وهل كان لتجربة السجن تأثير على حياتك فيما بعد؟
    - تم الإفراج عنا فى 14 فبراير 1964 إثر نقاش حاد بين «ميشيل عفلق»، زعيم حزب البعث السورى، وجمال عبدالناصر، حيث اتهمه عبدالناصر بأنه قابلنى فى سويسرا للتآمر على الوحدة، فرد عليه «ميشيل» بحدة قائلاً: لقد التقيت «وحيد رمضان» ومعه 10 من الضباط الأحرار فى القاهرة، للبحث عن صيغة ديمقراطية شعبية لتثبيت أقدام الوحدة، وخرجنا من وزارة الداخلية، وكانت تجربة السجن ثرية استفدت منها كثيراً، خاصة أننى التقيت سيد قطب «بمستشفى طرة»، وكان يرحمه الله يعيش برئة واحدة، وكانت لى معه حكايات تستحق أن تروى، ربما فى موضع آخر، وكنا نتحدث فى كل شىء،
     بداية من الأدب وصولاً إلى الدين، إلا أننا لم نتحدث فى السياسة ألبتة، لأننا كنا نعلم «أن الحيطان لها ودان» وخلال هذه المرة سمعت روايات خطيرة عن طرق التعذيب التى تعرض لها «الإخوان» داخل السجن، الذى نصبت لهم به مذبحة ذات يوم على يد صلاح الدسوقى، محافظ القاهرة فيما بعد، وبعد خروجى من السجن تم إعدام «سيد قطب»، وظنى أنهم لو تركوه لمات وحده، لكن عقلية المستبد تأبى عليه ترك الأمور دون أن تكون بصماته مطبوعة على أوراق القدر، لقد قرأ عبدالناصر كتاب «الأمير لــ«ميكيافيللى» أكثر من 17 مرة كما قال،
    ولا شك أنه استوعب ما فيه جيداً، بدليل أنه تخلص من كل أصدقائه إلا الماكرين منهم، وأشهرهم «السادات، وزكريا محيى الدين» ومن سخرية الأقدار أن الذى أشرف على سيناريو الخلاص من «المشير عامر» هو الفريق محمد فوزى زوج خالة سامى شرف، فوزى هذا هرب ليلة قيام الثورة، وقال لزملائه فى سلاح المدفعية، ليست لى علاقة بما تقومون به، هرب ليلة الثورة، والهارب هذا يصبح فيما بعد القائد العام للقوات المسلحة، وهو أحد مشاهد الكوميديا السوداء التى كانت من تأليف عبدالناصر، الذى قال لنا فى بداية الثورة إنه بحاجة إلى «الجدعان» لنجاح هذه الثورة، ولما نجحت قال:«السجن للجدعان».

    «يوسف صديق»

    الذكرى الـ«104» على ميلاد «يوسف صديق».. التحق بالحربية عام «1933».. اعتقل بواسطة قوات الثورة.. دعا إلى العودة إلى الحياة النيابية بعد نجاح حركة الضباط الاحتياط في 23 يوليو 1952


    يوسف‏ منصور يوسفيوسف‏ منصور يوسف ‏صديق‏ الأزهريإسلام أبوخطوة
     









    يوسف‏ منصور يوسف ‏صديق‏ الأزهري عسكري مصري كان ضمن تنظيم الضباط الأحرار. 

    ولد‏ صديق ‏في‏ ‏قرية‏ ‏زاوية‏ ‏المصلوب‏ ‏التابعة‏ ‏لمركز‏ ‏الواسطي‏ ‏محافظة‏ ‏بني‏ ‏سويف‏ ‏في‏ 3 ‏يناير‏ 1910. والده وجده عملا‏ ‏ضابطين‏ ‏بالجيش‏ ‏المصري‏.‏ والده اليوزباشي منصور صديق شارك بحرب استرداد السودان وقضي جل خدمته بالسودان توفي سنه1911 م. جده يوسف صديق الأزهري كان حاكم كردفان أبان الثورة المهدية قتل خلالها وكل أسرته ولم ينجُ سوي ولداه منصور وأحمد أتم‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏دراسته‏ ‏الأولية‏ ‏بمدرسة‏ ‏الواسطي‏ ‏الابتدائية‏ ‏ثم‏ ‏مدرسة‏ ‏بني‏ ‏سويف‏ ‏الثانوية.

    مشواره العسكري 

    التحق‏‏ ‏بالكلية‏ ‏الحربية‏، ‏وتخرج‏ منها‏ ‏عام‏ 1933، ‏‏تخصص‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏التاريخ‏ ‏العسكري‏ ‏وحصل‏ ‏على‏ ‏شهادة‏ ‏أركان‏ ‏الحرب‏ ‏عام‏ 1945‏م‏. ‏وبمجرد‏ ‏أن‏ ‏تخرج‏ ‏يوسف‏ ‏في‏ ‏منتصف‏ ‏الثلاثينيات،‏ ‏التحق‏ ‏بإحدى ‏الكتائب‏ ‏بالسلوم‏ ‏وأخذ‏ ‏يمارس‏ ‏نشاطه‏ ‏السياسي‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏الأحزاب،‏ ‏خاصةً اليسار‏ ‏المصري. قرأ‏ ‏كثيرًا‏ ‏في‏ ‏الاقتصاد‏ ‏والتاريخ، ‏وعندما‏ ‏نشبت‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏ ‏في‏ ‏أواخر‏ ‏الثلاثينيات‏ ‏شارك‏ ‏في‏ ‏القتال‏ ‏الدائر‏ ‏بالصحراء‏ ‏الغربية،‏ ‏كما‏ ‏شارك‏ ‏في‏ ‏حرب‏ ‏فلسطين‏ 1948‏، وقاد‏ ‏كتيبته‏ ‏بجرأة‏ ‏نادرة‏ ‏واستطاع‏ ‏أن‏ ‏يحتل‏ ‏نقطة‏ ‏مراقبة‏ ‏على‏ ‏خط‏ ‏الدفاع‏ ‏بين المجدل وأسدود،‏ ‏وكان‏ ‏الضباط‏ ‏يطلقون‏ ‏على‏ ‏المنطقة‏ ‏التي‏ ‏دخلها شريط‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏.

    تنظيم الضباط الأحرار 

    بدأت‏ ‏علاقة‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ بتنظيم‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏عندما‏ ‏تعرف‏ ‏على‏ ‏النقيب‏ ‏وحيد‏ جودة‏ ‏رمضان‏ ‏إبان‏ ‏حرب‏ ‏فلسطين‏ 1948. ‏وبعدها‏ ‏بثلاث‏ ‏سنوات‏ ‏عرض‏ ‏عليه‏ ‏وحيد‏ ‏رمضان‏ ‏الانضمام‏ ‏لتنظيم‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏فلم‏ ‏يتردد‏ ‏لحظة‏ ‏واحدة‏ ‏في‏ ‏الموافقة. ‏ ‏وقبل الثورة بأيام‏ ‏زاره ‏‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏وعبد‏ ‏الحكيم‏ ‏عامر‏ ‏في‏ ‏منزله‏ ‏للتنسيق‏ ‏من‏ ‏أجل الثورة وهكذا‏ ‏قام‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏بدوره‏ ‏في‏ ‏قيام‏ ‏الثورة.‏

    هذا‏ ‏الدور‏ ‏أكده‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ في العيد العاشر للثورة حينما تحدث في خطابه بهذه المناسبة عن دور يوسف صديق في الثورة وقصة اعتقاله بواسطة قوات الثورة وسعادته لرؤية يوسف صديق الذي فك أسره على الفور وكذلك أكد دوره الريادي في تنفيذ الثورة كل ‏من‏ ‏‏‏اللواء محمد‏ ‏نجيب‏ ‏وعبد‏ ‏اللطيف‏ البغدادي‏ ‏وجمال‏ ‏حماد‏ ‏وحمدي‏ ‏لطفي‏ ‏في‏ ‏مذكراتهم‏ ‏التي‏ ‏جاءت‏ ‏مطابقة‏ ‏لمذكرات‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏.

    دعوتة لعودة الحياة النيابية 

    عقب‏ ‏نجاح‏ ‏حركة‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏دعا‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏عودة‏ ‏الحياة‏ ‏النيابية‏، ‏وخاض‏ ‏مناقشات‏ ‏عنيفة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديمقراطية‏ ‏داخل‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة‏.‏ ويقول‏ ‏يوسف‏ ‏عن‏ ‏تلك‏ ‏الخلافات‏ ‏في‏ ‏مذكراته‏:

    "‏كان‏ ‏طبيعيا‏ً ‏أن‏ ‏أكون‏ ‏عضوًا‏ ‏في‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة،‏ ‏وبقيت‏ ‏كذلك‏ ‏حتى ‏ ‏أعلنت‏ ‏الثورة‏ ‏أنها‏ ‏ستجري‏ ‏الانتخابات‏ ‏في‏ ‏فبراير‏ 1953، ‏غير‏ ‏أن‏ ‏مجلس‏ ‏الثورة‏ ‏بدأ‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏يتجاهل‏ ‏هذه‏ ‏الأهداف،‏ ‏فحاولت‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مرة‏ ‏أن‏ ‏أترك‏ ‏المجلس‏ ‏وأعود‏ ‏للجيش‏ ‏فلم‏ ‏يُسمح‏ ‏لي‏ ‏بذلك، ‏حتى ‏ ‏ثار‏ ‏فريق‏ ‏من‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏على‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة‏ ‏يتزعمه‏ ‏اليوزباشي‏ محسن‏ ‏عبد‏ ‏الخالق ‏وقام‏ ‏المجلس‏ ‏باعتقال‏ ‏هؤلاء‏ ‏الثائرين‏ ‏ومحاكمتهم،‏ ‏فاتصلت‏ ‏بالبكباشي‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏وأخبرته‏ ‏أنني‏ ‏لا يمكن‏ ‏أن‏ ‏أبقي‏ ‏عضوًا‏ ‏في‏ ‏مجلس‏ ‏الثورة‏ ‏وطلبت‏ ‏منه‏ ‏أن‏ ‏يعتبرني‏ ‏مستقيلا‏ً، ‏فاستدعاني‏ ‏للقاهرة‏، ‏ونصحني‏ ‏بالسفر‏ ‏للعلاج‏ ‏في‏ ‏سويسرا‏ ‏في‏ ‏مارس‏ 1953".‏

    وعندما‏ ‏وقعت‏ ‏أزمة‏ ‏فبراير‏ ‏ومارس‏ ‏عام‏ 1954، ‏طالب‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏في‏ ‏مقالاته‏ ‏ورسائله‏ ‏لمحمد‏ ‏نجيب‏ ‏بضرورة‏ ‏دعوة‏ ‏البرلمان‏ ‏المنحل‏ ‏ليمارس‏ ‏حقوقه‏ ‏الشرعية‏، ‏وتأليف‏ ‏وزارة‏ ‏ائتلافية‏ من ‏قبل‏ ‏التيارات‏ ‏السياسية‏ ‏المختلفة‏ ‏من‏ ‏الوفد‏ ‏و الإخوان‏ ‏المسلمون‏ ‏والاشتراكيين‏ ‏والشيوعيين،‏ ‏وعلى‏ ‏أثر‏ ‏ذلك‏ ‏اعتقل‏ ‏هو‏ ‏وأسرته، ‏وأودع‏ ‏في‏ ‏السجن‏ ‏الحربي‏ ‏في‏ ‏أبريل‏ 1954، ‏ثم‏ أُفرج‏ ‏عنه‏ ‏في‏ ‏مايو‏ 1955 ‏وحددت‏ ‏إقامته‏ ‏بقريته‏ ‏بقية‏ ‏عمره إلى أن توفي في ‏31 ‏مارس‏ 1975.

    الثلاثاء، 31 أكتوبر 2017

    عبد القادر "باشا" بن محمد بن عبد القادر حمزة


    عبد القادر "باشا" بن محمد بن عبد القادر حمزة
    (1297 هـ - 1360 هـ‍ / 1880 - 6 يونيو 1941م)
    صحافي مؤرخ، من كبار الكتاب في السياسة المصرية. ولد في شبراخيت التابعة للبحيرة، بمصر. تعلم الحقوق بالقاهرة، واحترف المحاماة سنة 1902م، ثم انقطع للصحافة، فترأس تحرير جريدة الأهالي اليومية بالإسكندرية سنة 1910 إلى أن أصدر البلاغ سنة 1923 بالقاهرة. أبلي في قضية مصر الوطنية بلاءً مذكوراً. جعل من أعضاء مجلس الشيوخ، ومن أعضاء المجمع اللغوي.
    صنف على هامش التاريخ المصري القديم جزآن وترجم عن الأنجليزية التاريخ السري للاحتلال البريطاني لمصر الذي ألفه ويلفريد بلنت والسيف والنار في السوادان من تأليف سلاطين باشا Slatin وترجم في صباه عدة روايات، منها الأميرة دي كليف عن الفرنسية.
    كان هادئ الطبع، وقوراً، عرف مصطفى كامل باشا وناصَرَ حركته، ولما قامت ثورة 1919 هاجم سعد زغلول فحاربه حزب الوفد، وهوجمت جريدة الأهالى وأشعل المتظاهرون فيها النيران ولم يمنعه ذلك من مهاجمة الاستعمار والسراى وانتقد مشروع ملنر. وجد الوفد آراءه تتفق معهم فجمعت الفكرة الوطنية بينهم وانتقلت الأهالى إلى القاهرة وأصبحت صحيفة الوفد وتعرضت للمصادرة والغلق ثم أصدر جريدة البلاغ في 28 يناير 1923 واتصل بسعد زغلول فعضد الوفد زمناً. اختلف عبد القادر حمزة بعد ذلك مع مصطفى النحاس وانشق على الوفد وبدأ يدرس تاريخ مصر القديم وكل ما كتب عن بلاده وكتب كتابه على هامش التاريخ المصري والذي صدر منه الجزء الأول.
    كتب مقالا سنة 1904م في عدد مارس من مجلة المقتطف تحت عنوان "خطر علينا وعلى الدين" وهو واضح الدلالة في تأثر صاحبه بتاريخ النهضة الأوروبية وفي دعوته إلى اقتفاء أثرها. (راجع كتاب الإتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، محمد محمد حسين، صفحة 320)
    أطلق اسمه على شارع من أهم شوارع دمنهور إلا أن الاسم القديم كان من الصعب محوه وهو عطفة المغاربة والمشهور في دمنهور بتجارة وتصنيع الخيش والحبال والمشمعات. توفي في 6 يونيه عام 1941 بالقاهرة.


    أسرة عبدالقادر حمزة تستنكر الإساءة لاسم البلاغ
     ---


    البلاغ الجديد اسم صحيفة طفا علي سطح الساحة الإعلامية مؤخرًا علي اثر نشرها تقريرًا خبريا زعم محرروه ضبط شبكة شذوذ جنسي تورط فيها فنانون، وهو ما نفته الجهات التي نسبت لها الصحيفة التحقيق في الواقعة مثار الجدل الذي انتقل لساحت القضاء ونال بلا شك من سمعة فنانين وسمعة الصحافة. 
    شريف حمزة حفيد عبدالقادر باشا حمزة مؤسس جريدة البلاغ واسعة السيط والانتشار وصاحبة المشروع الوطني والكفاح ضد الاستعمار منذ أن تأسست عام 1923 استنكر بشدة ما نال هذا الاسم العريق من اساءة كاشفًا أنه سعي لاتخاذ إجراءات قانونية ضد القائمين علي اصدار البلاغ الجديد لمنعهم من استغلال الاسم اسم الجريدة التي أسسها جده وأنفق عليها من ماله وجهده وعمره حتي لا يساء استغلال الاسم: إلا أن مستشاريه القانونيين أكدوا له أن ترخيص الجريدة الجديدة أجنبي ويصعب منعها من استغلال الاسم.
    حمزة شدد علي أن البلاغ الجديد لا يوجد علاقة لها نهائيا بالبلاغ ولا للقائمين عليها علاقة من قريب أو بعيد بأسرة عبدالقادر باشا حمزة، فمطابع البلاغ مازالت تعمل رغم توقف الصحيفة قرابة عام 1956.
    لكن من هو عبدالقادر حمزة؟ هو أبرز رواد الصحافة المصرية ولد بشبراخيت محافظة البحيرة عام 1880 تلقي تعليمه الثانوني بمدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية ثم انتقل إلي مدرسة الحقوق بالقاهرة التي كانت قبلة الشباب الطامحين في تبوؤ المناصب المرموقة بالدولة، حصل علي ليسانس الحقوق عام 1901 وكان عدد الطلبة الذين تخرجوا معه في تلك السنة 12 طالبًا فقط منهم مصطفي النحاس ومحمد حلمي عيسي وعلي ماهر ورشوان محفوظ ومحمود بسيوني وغيرهم من الأسماء اللامعة في عالم الفكر والسياسة.
    عمل عبدالقادر بالمحاماة حتي عام 1907 وسعي للصحافة فما أن علم بظهور جريدة جديدة باسم الجريدة لمحررها أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل حتي تطوع للعمل بها بلا مقابل فما لبث أن بزغ نجمه في عالم الصحافة والمقال الصحفي فكانت مدرسة المقال هي السائدة في ذلك الوقت وما أن قضي بالجريدة 3 سنوات حتي فكر أعيان الإسكندرية في تأسيس جريدة يومية سياسية فكانت الأهالي التي صدرت عام 1910 ووقع الاختيار علي عبدالقادر حمزة ليرأس تحريدها معبرًا عن رأيه بجرأة ونزاهة أنفق ثروته علي الصحف التي كان يصدرها فيعطلها الاحتلال والقصر كل ذلك كان ايمانًا بالفكر والقلم والدور الوطني للصحافة ثم دعاه سعد زغلول للانتقال للقاهرة بعد واقعة طريفة حيث اعتقل الاحتلال عبدالقادر حمزة بالتزامن مع نفي سعد باشا زغلول إلي الخارج وأفرجوا عنه بعد فترة ومع اقتراب عودة زغلول عرض الإنجليز علي عبدالقادر مبلغًا ماليا مقابل الهجوم علي سعد يوم عودته وأوهمهم عبدالقادر بقبول العرض حتي لا تصادر الجريدة إلا أنه فاجأ الاحتلال بعدد ثوري ألهب مشاعر الجماهير خرجت حاملة جريدة الأهالي تستقبل سعد باشا ومن هنا نشأت الصداقة.
    في العام 1923 دعا سعد باشا عبدالقادر للانتقال للقاهرة واعدًا أياه بأن يساعده الوفد في إنشاء جريدة البلاغ وبالفعل سهل حصوله علي قطعة أرض إلي جوار بيت الأمة إلا أن عبدالقادر أصر علي أن يدفع كل مليم ولا يساهم الوفد ماليا في إصدار الجريدة حتي يكون حرًا في فكره ورأيه.
    لم يمض علي صدور البلاغ 28 يناير 1923 أربعون يومًا حتي أوقفها البريطانيون واعتقل عبدالقادر مع أعضاء الوفد بثكنة قصر النيل وبمجرد خروجه من المعتقل أصدر جريدة الرشيد، وعاد ليصدرها لتستمر حتي وفاته 1941 لتتوقف نهائياً 1956

    في 14سبتمبر 1921 صدرت جريدة الأهالي التي يحررها عبد القادر حمزة منالإسكندرية، وهى إحدى الصحف المعارضة للوفد.

    إلا أن سعد باشا زغلول الزعيم الوفدى نجح في استقطاب حمزة وصحيفته إلى صف الوفد فنقل الأهالي إلى القاهرة لتكون قريبة من أحداث الحركة الوطنية وتتحدث بلسان حزب الوفد.

    وكما ذكرت الدكتورة نجوى كامل في كتابها «الصحافة الوفدية والقضايا الوطنية» اتخذ عبد القادر حمزة للأهالي شعارا من عبارتين من أقوال سعد زغلول كتبها في ترويسة الجريدة، الأولىتقول «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة» والثانية «يعجبنى الصدق في القول والإخلاص في العمل وأن تقوم المحبة بين الناس مقام القانون».

    قاومت الأهالي وزارة عدلي يكن واتهمتها بتعطيل حقوق البلاد فتم تعطيلها بعد شهرين من صدورها، وجاء في قرار التعطيل أن الجريدة دأبت في الأيام الأخيرة على نشر أخبار كاذبة ومطاعن لا أساس لها من الصحة من شأنها تضليل الرأى العام وإثارة الأفكار وتهييج الخواطر وهذا من شأنه الإخلال بالنظام لذلك قررنا وقف الجريدة.

    بعدها عاد حمزة إلى الإسكندرية للكتابة في عدد من الصحف التي تعطلت الواحدة تلو الأخرى مثل صحف المنبر والمحروسة.