Translate

الاثنين، 12 يناير 2015

فن إدارة الوقت


الوقت هو الكنز المهمل وهو الثروة الضائعة ... فمعظم الناس
غافلون عن أهمية الوقت وإليكم هذه الطريقة الإبداعية
لاستثمار الوقت بأفضل صورة ممكنة....

لا يوجد شيء يمكن للمؤمن أن يندم عليه يوم القيامة، إلا لحظة مرت
عليه في الدنيا ولم يذكر الله فيها! ولا توجد لحظة تمرّ على المؤمن أسعد
من أن يحقق فيها عملاً يرضي الله تعالى، ويشعر معه برضا هذا الإله
العظيم.. فالوقت نعمة كبرى منَّ الله بها علينا، ولكن معظم الناس
غافلون عن نعمة الوقت.

وقد دأب بعض علماء الغرب على إصدار كتب حول إدارة الوقت، حققت
هذه الكتب نسبة مبيعات عالية في العالم، بما يؤكد اهتمام الناس بهذا
الجانب المهم وحرصهم على تعلم الجديد في فنّ استغلال الوقت واستثماره
بأفضل صورة ممكنة، وبما يحقق مصالحهم وأهدافهم وبالنتيجة ليصلوا
إلى السعادة التي يبحث عنها كل إنسان.

ولكن لو تأملنا هذه الكتب نجد أنها
تركز على هدف واحد هو الدنيا وزينتها، فمقياس النجاح لديهم هو
 ما يحققه المرء من مكاسب مادية أو شهرة أو سلطة، ولكنهم يتجاهلون
فكرة بسيطة وهي المصير الذي ينتظر كل واحد منا بعد الموت، وهذه
الفكرة كانت الخطوة الأولى التي جعلتني أتّجه نحو البحث والتأليف
والتفكر والتدبر.

فقد كان لدي الكثير من الأفكار والنظريات والتصورات حول الكون
والزمن والطبيعة، وكنتُ أطمح إلى ابتكار نظرية جديدة في علم الفيزياء
أو الطب أو اللغة، وبدأَتْ رحلة التعمق في هذه العلوم فأمضيت سنوات
أصل الليل بالنهار بهدف أن أعرف "كل شيء" ولكن الحياة قصيرة،
ومهما عشت فلن أحصّل من العلوم إلا قطرة من محيط!وبدأتُ أفكر
بطريقة تجعلني أحصل على أكبر كمية من العلم خلال أقصر فترة من
الزمن، وبعد تفكير وبحث طويل وجدتُ أن الكتاب الوحيد الذي يحوي
علوم الدنيا كلها هو القرآن! وبالفعل تعلمت الفيزياء من القرآن وتعلمتُ
الرياضيات من القرآن وتعلمت الطب من القرآن، صحيح أنني لم أصبح
طبيباً أو فيزيائياً ولكن السعادة التي حصلتُ عليها نتيجة اهتمامي بالقرآن
أكبر من أن تصفَها الكلمات، فهي إحساس عجيب لا يمكن التعبير عنه
إلا بكلمة واحدة تنطلق لا شعورياً هي:
 (الحمد لله).

فلولا رحمة الله وهدايته وفضله لم أصل إلى هذه السعادة، فالسعادة شيء
شديد التعقيد وليس سهلاً أن تصل إلى قمة السعادة، مع أن الباحثين
والمفكرين والفلاسفة كتبوا الكثير عن هذا الموضوع، ولكنني أجد أن آية
واحدة من القرآن يمكن أن تعطيك الطريق الحقيقية للسعادة. فكل آية من
كتاب الله عز وجل، إنما تحوي برنامجاً يمكن أن يحدث تغييراً جذرياً
في حياتك، وهذه تجربتي مع القرآن لأكثر من عشرين عاماً.

سبب تأليف هذه المقالات
طرحت عليَّ إحدى الأخوات الفاضلات فكرة إعداد مقالة حول إدارة الوقت
ألخّص فيها طريقتي في استثمار الوقت لينتفع بها الإخوة القراء فتكون
عوناً لهم في استغلال الوقت واستثماره بالشكل الأمثل. وقد شرح الله
صدري لهذه الفكرة فشرعت في كتابة هذه السطور، ولكن وجدتُ أن
الموضوع يستحق أكثر من مقالة فكانت هذه هي المقالة الأولى في سلسلة
أسميتها "طريقة إبداعية لإدارة الوقت" وتتضمن تجربتي الشخصية
مع الوقت، وأسأل الله تعالى أن يجعل فيها العلم النافع، والإخلاص لوجهه
الكريم، والأفكار الواردة في هذه السلسلة تعبّر عن وجهة نظر خاصة بي،
 وتجربة حقيقية عشتها، ويمكن لأي واحد أن يكرّرها، بل يأتي بأفضل
منها، لأن الله تعالى هو الميسِّر وهو الذي يسخّر الأسباب،
 نسأل الله تعالى القبول.
يجب أن تضع هدفاً أمامك وترسم الطريق المناسب لتحقيق هذا الهدف
(أو مجموعة الأهداف)، ويجب أن تعلم أن الخطوة الأولى على أي طريق
هي الأصعب، ولكن بمجرد أنك بدأتَ السير في هذا الطريق " طريق إدارة
الوقت" فستجد المهمة أسهل وأسهل.

الوقت يحدد مصيرك يوم القيامة!
إن هذه المقالة يا أحبتي ليست لمجرد الاطلاع أو هي قصة نستمتع بها،
لا. إنها مسألة حياة أو موت! فالوقت هو أغلى ما نملك من الدنيا،
 والله تعالى أعطانا مهلة مجهولة، هي العمر الذي سنعيشه على الأرض،
وسوف يحدث كل شيء خلال هذه السنوات التي قدّرها الله لك مسبقاً.
وتبدأ هذه المهلة منذ طفولتك وحتى موتك، وبعد ذلك يتوقف كل شيء،
ويبدأ وقت من نوع آخر، إما نعيم دائم، وإما عذاب دائم، فانظر أين تضع
نفسك منذ هذه اللحظة، ولا تنتظر المفاجأة!

إن أول شيء ستُسأل عنه أمام الله يوم القيامة:
هو وقتك! ماذا صنعت به، هل أديت الصلوات على وقتها، وهل استثمرت
شهراً من السنة فصمت رمضان، وهل استثمرت وقتك في التصدق فأنفقت
شيئاً من مالك على الفقراء، أو هل أنفقت وقتك في العلم النافع، وهل
أحسنت لأبويك ومَن حولك، وهل أنفقت القليل من الوقت وتدبَّرت القرآن،
وهل استثمرت وقتك في طاعة خالقك...

أسئلة كثيرة وكثيرة جداً
ستتعرض لها، ولكن جميعها تدور حول الوقت
 فماذا أعددت لهذا اللقاء:
لقاء خالق الكون ورب العرش العظيم سبحانه وتعالى؟!!
لقد وجدتُ أن الطريق إلى إدارة الوقت ومن ثم السعادة لا يتحقق إلا بكتاب
الله تعالى، لأن كتب البشر تعتمد على التجربة والخطأ والصواب، ولكن
كتاب خالق البشر أعطانا النتيجة الصحيحة مسبقاً، فكل آية من آياته
هي قانون ثابت يمكن تطبيقه دون أن نتوقع نتيجة خاطئة، بل النتائج تأتي
دائماً صحيحة ومفيدة وبالتالي نضمن استثمار الوقت بأفضل صورة، دون
أن نضيع وقتنا في تجارب ونظريات قد تصيب أو تخطئ، وبسبب اعتمادي
على هذه الفكرة فقد انخفضت نسبة الوقت الضائع إلى الصفر، لأن كل
لحظة أعيشها فيها فائدة ما، لأنني أعيشها لهدف واحد فقط... وهو رضا
الله جل جلاله.
الوقت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن إيقافه أو التحكم به، وهذا قانون
كوني جعله الله ثابتاً، فكل ثانية تمرّ يذهب معها جزء من عمرك ولن يعود
أبداً! فالإنسان هو عدد من الثواني، وسوف تنقضي آخر ثانية من حياتك
فجأة! فسارع إلى استغلال هذه الثواني وتسخيرها لتقوم بعمل تنتفع به
في الدنيا والآخرة...

هل ستعيش معي هذه التجربة الرائعة؟!
أخي المؤمن! إن أهم شيء في إدارة الوقت بشكل صحيح أن تحدد الهدف
منذ اللحظة الأولى، وتفكر بالنتائج الرائعة التي ستكسبها فيما لو فكرت
بشكل صحيح في إدارة وقتك واستثماره بالشكل الأمثل. ونصيحتي ألا
تنتظر حتى تنتهي من قراءة هذه المقالة، بل بادر لاتخاذ القرار في إدارة
وقتك، لأن الوقت ثمين جداً وقصير جداً، والقرار الذي ستتخذه سيكون
صائباً! ولذلك لا يحتاج إلى تفكير أو مناقشة، فلا خوف من الخطأ،
فالمشروع الذي ستقوم به مأخوذ من القرآن الكريم والسنة المطهرة،
ولذلك هو مضمون النتائج.

إن أول شيء ستكسبه من إدارة وقتك،
 أنك ستحس بقيمة الوقت وقيمة الحياة التي أنعم الله بها عليك وقيمة
وجودك في هذه الدنيا. سوف تعيش السعادة في كل لحظة، لأن أهدافك
ستُختصر في هدف واحد وهو: رضا الله عنك، ورضاك عن الله! نعم،
رضاك عن الله مهم جداً، لأن معظم الناس اليوم غير راضين عن خالقهم
من دون أن يشعروا، وسوف أوضح لكم هذه الفكرة التي قد يظنها البعض
غريبة، وذلك من خلال هذه الأمثلة.

إذا أصابك مرض، وشعرت بالسعادة لأن الله يريد أن يطهرك من الذنوب
بسبب هذا المرض، فأنت راضٍ عن الله.. إذا ضاق رزقك وتراكمت عليك
الديون ولم تجد من يقرضك درهماً ولا ديناراً، ثم شعرت بالسعادة لأن
 الله تعالى يريد أن يعطيك ثواب هذا النقص في المال، وسيجعلك من أهل
الجنة بسبب قناعتك بما قسَم الله لك، إذا شعرت بهذه السعادة فأنت
راضٍ عن الله...

وإذا أصابك همّ أو غم على فقدان قريب أو صديق أو حبيب، ثم وجدتَ
نفسك تصبر وتحتسب عند الله، ومن ثم شعرت بسعادة غامرة لأن الله
يريد أن يجعلك يوم القيامة في زمرة الصابرين الذين يدخلون الجنة بغير
حساب، إذا شعرت بهذه السعادة فأنت راضًٍ عن الله!

أما إذا حدث العكس فبدأت تطرح الأسئلة: ما هو الذنب الذي قمت به
ليبلوني الله هذا البلاء؟ ما هي المعصية التي ارتكبتها لأستحق هذا النقص
أو الهم أو الغم؟ أو قلتَ في نفسك: إنها حياة تعيسة... الحال ضيق جداً ...
الرزق قليل... الهموم ركبتني... أعيش من قلة الموت! وعبارات مشابهة
تقولها دائماً وكلما سألك أحد كيف حالك... إذا فعلت ذلك فأنت غير راضٍ
عن الله وقضائه واختياره لك، وبالتالي لن يرضَ الله عنك.

ولكن كيف يأتي الرضا بالواقع والقدر الذي كتبه الله عليك؟
 إنها عملية بسيطة جداً وهي أن تقتنع أن ما أصابك لم يكن ليخطئك،
وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك لن تغادر الدنيا قبل أن تستكمل رزقك
وما قسمه الله لك. وتقتنع أن رزقك لن يأخذه أحد غيرك، وأن كل شيء
يصيبك فترضى به، هو اختبار من الله وفيه سوف يكون الخير، وأن تقتنع
أن كل شيء بيد الله فهو خالق الكون وبيده مقاليد السموات والأرض،
وكل ما يحدث معك إنما يحدث بقضاء من الله وتقدير وعلم وحكمة منه
 عز وجل، إذا أدركتَ ذلك عندها ستدرك أن كل ما يحدث معك هو
لمصلحتك ولما فيه الخير والمنفعة، ولكن بشرط أن تعتقد أن الله
هو الذي يسيّر الكون، ويريد لك الخير.
إما أن تتعلم كيف تدير وقتك وحياتك، وإلا ستكون حياتك أشبه بسفينة
تتقاذفها الأمواج... لا تدري أين تذهب وكيف تتجه ولأي هدف تسير.
فالحياة يا أحبتي تشبه رحلة قصيرة في سفينة، الأخطار تحيط بك من
كل جانب، وفي أي لحظة يمكن أن تلقى مصيرك، وبالتالي كلما كانت
خطَّتك مرسومة بشكل متقن، كلما حقّقت الوصول إلى الشاطئ بأمان!

الدراسة أهم من التطبيق العملي
في أي مشروع هناك قاعدة مهمة غالباً ما يهملها كثير من الناس، وهي
دراسة المشروع دراسة كافية، فكلما كانت الدراسة أفضل وأشمل وأدقّ،
كانت النتائج العملية للمشروع أفضل وكان المشروع ناجحاً. ولذلك قبل
 أن تبدأ هذه التجربة "تجربة إدارة الوقت" يجب أن تدرك فوائد هذه
التجربة وما ستحققه وكيف ستتغير كثير من الأشياء من حولك، ويجب
 أن تخطط جيداً لهذه التجربة وتعيش "فن إدارة الوقت" في كل لحظة.

فوائد إدارة الوقت
يؤكد علماء النفس أن أي عمل تريد تنفيذه ينبغي قبل كل شيء أن تدرك
فوائده، ليكون العمل فعالاً ويعطي النتائج المطلوبة. وعندما كنتُ أتأمل
كتاب الله تعالى وجدتُ أن البارئ عز وجل يرغّبنا في الجنة، وعندما
يأمرنا بعمل ما يتبعه بالفوائد التي سنجنيها من هذا العمل. وعندما ينهانا
عن عمل ما فإنه يوضح لنا سلبيات هذا العمل وأضراره والآيات كثيرة
 في هذا المجال.

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يحدثنا عن أهمية
الوقت استخدم أهم لحظة في تاريخ المؤمن، وهي وقوفه بين يدي خالقه
سبحانه وتعالى، فقال:

( لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع: عنْ عُمُرِهِ
فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ
وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ )

. فربط بين استثمار الوقت بما يرضي الله، وبين دخول الجنة والأسئلة
التي سيواجهها كل منا. ولذلك سوف نعدد بعض الفوائد لاستثمار الوقت
واستغلال كل ثانية دون في عمل مفيد.

إدارة الوقت والسعادة
تقول الدراسات الحديثة إن الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته
في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون
أوقاتهم من دون فائدة! فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال
نافعة. وتعود بي الذاكرة إلى أيام دراستي الجامعية حيث كان لدي الكثير
من الوقت ولم أكن وقتها أعرف شيئاً عن استغلال الوقت حتى بدأت بحفظ
القرآن الكريم، وعندها بدأت رحلة السعادة مع كتاب الله تعالى. فالقرآن
يعلمك كيف تستثمر وقتك بالكامل، فكل لحظة هناك عبادة أو ذكر أو صلة
رحم أو عمل نافع أو علم نافع...وهذا ما جعلني أشعر بسعادة غامرة لم
أكن أعرفها من قبل، فكان استغلال الوقت هو المفتاح للسعادة الحقيقية.
فإذا أردتَ أن تحصل على السعادة فتعلم كيف تستثمر وقتك، ولا تترك
حياتك ووقتك تبعاً للظروف المحيطة مثل قارب تتقاذفه الأمواج دون
توجيه، فإن النتيجة ستكون الغرق!

إدارة الوقت تمنحك الرضا والنجاح
معظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية
الوقت، وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس
يؤكدون على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن
الواقع. وهذه المسألة تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام
العضوية. وقد وجدتُ بعد تجربة طويلة بأن أفضل طريقة للتغلب على
هذه المشكلة أن تفرغ جزءاً من وقتك وتستثمره في تدبر القرآن
والاستماع إليه.

إن تأمل آيات القرآن وتدبّر معانيها يجعلك تدرك أن كل شيء في هذا
الكون بيد الله تعالى، ولا يتم أمر إلا بإذنه، ولا يحدث معك شيء إلا بتقدير
وعلم وحكمة منه عز وجل. وهذا يجعلك ترضى عن كل ما يحدث معك،
ويجعلك تشعر بمراقبة الله لك وعلمه بما يحدث معك. فكثير من الأطباء
النفسيين لا يفعلون أي شيء لمرضاهم أكثر من الاستماع إلى همومهم
ومشاكلهم، وهذا بحد ذاته علاج للمريض النفسي. وعندما تعلم بأن
 الله تعالى يرى ويسمع ويعرف كل ما يحدث معك، فإنك ستشعر
 بالرضا عن الواقع الذي تعيشه لأنه مقدر عليك.ٍ

وبالنتيجة فإن استثمار الوقت في ذكر الله تعالى يمنحك الرضا عن واقعك،
وهذا يشعرك بالسعادة ويزيد من طاقتك في إنجاز أعمالك أو دراستك،
وبالتالي تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح. إذاً إدارة الوقت
الناجحة تعني النجاح في الدراسة والعمل.
غالباً ما يقف كل واحد منا أمام خيارين أو عدة خيارات وعليه أن يتخذ
القرار الصحيح! ويؤكد علماء النفس حديثاً أن عملية اتخاذ القرار ليست
عملية لحظية، بل تخضع لتفاعلات كثيرة ومعلومات تراكمية مخزَّنة
 في دماغك، ولذلك كلما كان استثمارك للوقت أفضل وكلما كان دماغك
منظماً، كانت قراراتك صحيحة وصائبة أكثر!

إدارة الوقت والمال
تعتمد معظم أبحاث إدارة الوقت على نتيجة واحدة هي كسب المال، ونحن
كمسلمين لا نضع كسب المال كهدف، بل كوسيلة لتحقيق أهداف أسمى
مثل التصدق على الفقراء والإنفاق على الأهل والأولاد وإنفاق المال فيما
يرضي الله تعالى، أي أن كسب المال هو وسيلة لكسب رضا الله تعالى!
ولذلك فإن المؤمن بحاجة لثقافة إدارة الوقت ليتمكن من العيش بشيء
 من الرفاهية دون إسراف ولا تقتير. فالإسلام دين الوسطية... التبذير
 من عمل الشيطان، والشح من عمل الشيطان أيضاً، والاعتدال هو
الطريق الأمثل الذي أمرنا به الله تعالى.

لقد ربط الله في كثير من آيات القرآن بين الرزق والتقوى، وأهم عنصر
من عناصر التقوى استغلال الوقت في الأعمال الصالحة، والثقة بالله
تعالى وعطائه، وأنه قادر على رزق عباده، نحتاج الثقة بالله تعالى،
وعندما تستغل وقتك في رضا الله سيسخر لك الله كل شيء لخدمتك،
وسييسر لك أسباب الرزق، ولذلك أقول: إن الإدارة الناجحة للوقت
 تعني المزيد من الرزق بإذن الله.

فوائد لا تُحصى لإدارة الوقت الفعالة
لو أردنا أن نعدّد فوائد الإدارة الفعالة للوقت سوف نحتاج لمجلدات.
ولكن يكفي أن نقول إن الإدارة الصحيحة للوقت على ضوء الكتاب والسنّة
تعني: إنجاز الكثير من الأعمال في زمن قصير... تعني حل العديد من
المشاكل بجهد أقل... تعني الاستقرار الاجتماعي والنفسي... تعني المزيد
من الاستقرار العاطفي والشعور بالسعادة والقوة والتفاؤل... تعني
التخلص من التراكمات السلبية التي تنهك طاقات الإنسان ... وتعني
التخلص من الحزن والقلق وتعني أنك بدأتَ حياة جديدة، لن تستطيع
الكلمات وصفها، ولكن بمجرد أن تعيش هذه التجربة ستدرك روعة
تنظيم الوقت وإدارته.
في عالم النمل نجد أفضل أنواع الإدارة للوقت، فالنملة لا تترك دقيقة تمر
دون عمل، تقوم بالتعاون والتنسيق مع بقية أفراد المجموعة، وتستثمر
الوقت بصورة رائعة، بل تقوم بأعمال ربما يعجز عنها الإنسان! ويعتبر
العلماء أن النمل لديه طريقة فنية في إدارة الوقت، فهل نتعلم
من هذه المخلوقات الصغيرة؟!

الوقت الفعال
يعتمد تنظيم الوقت قبل كل شيء على الزمن المتوافر لديك كل يوم، فاليوم
24 ساعة، هناك وقت للنوم بحدود 6 ساعات (يفضل أن تكون على
مرحلتين: 4 ساعات في الليل وساعتين في النهار)، إذاً يتبقى لدينا
24 – 6 = 18 ساعة، هذه المدة يجب أن ننقص منها ما يقوم به الإنسان
من قضاء لحاجته وطعام وشراب واغتسال وهذه المدة تحتاج لساعتين
وسطياً، ويبقى لدينا 18 – 2 = 16 ساعة، ولكن هناك أشياء أخرى يجب
 أن نفعلها كمسلمين، وعلى رأسها الصلاة، وهذا الوقت مقدَّس، ويجب أن
يكون على رأس اهتماماتنا، ونحتاج لأداء الصلوات الخمس مدة ساعة
على الأقل، ويبقى لدينا 16 – 1 = 15 ساعة.

هناك فترة عمل يلتزم بها معظم الناس (من أجل لقمة العيش) مثل وظيفة
أو عمل حر أو تجارة أو دراسة في مدرسة أو جامعة.. أو غير ذلك، وهذه
المدة تكون بحدود 8 ساعات يومياً، ويبقى لدينا وقت الفراغ الفعال: 15
– 8 = 7 ساعات! تصوروا أن معظم الوقت استنفذ على حاجات الإنسان
الضرورية، ولم يتبق إلا 7 ساعات يمكن أن يستغلها في أشياء أخرى.
ولكن معظمنا لا يستفيد من هذه الساعات السبع!

إن هذه الفترة كافية لتقوم بأشياء كثيرة، وعلى رأسها حفظ القرآن، ولكن
معظم الناس يقولون لا يجدون وقتاً للقيام بمثل هذا العمل، مع العلم أنه
أهم عمل في حياة المؤمن، لأنه سيغير الكثير. ومن خلال الطريقة
الإبداعية سوف نرى بأن الإنسان يمكن أن يستغل الـ 24 ساعة
ويستثمرها بشكل فعال، حتى وقت نومه!

استغلال الوقت أثناء النوم
من الأشياء العجيبة أن الدماغ أثناء النوم يبقى في حالة نشاط وعمل
واسترجاع للذكريات وإجراء تنظيم لها، بل إن النوم يزيد من قدرة
الإنسان على الإبداع، ولذلك يجب استغلال هذه الفترة بالاستماع إلى
القرآن الكريم والتعلم. وموضوع التعلم أثناء النوم يشغل بال العلماء
اليوم، حيث يحاولون رصد العمليات التي تتم في دماغ النائم، ومدى
تأثره بالكلمات التي يستمع إليها وهو نائم، وذلك من خلال جهاز المسح
بالرنين المغنطيسي الوظيفي fMRI .

استغلال الوقت أثناء العمل
أهم قاعدة من قواعد النجاح أن تضع هدفاً ويصبح هذا الهدف كلّ همِّك
تفكر فيه طوال اليوم، وتعمل عليه حتى يتحقق. وبالتالي فإن وقت العمل
ضروري لإنجاز الكثير. فكثير من الناس يستطيع إنجاز أشياء كثيرة خلال
فترة عمله كل يوم. مثلاً يمكن أن يستمع إلى القرآن أثناء عمله أو قيادته
للسيارة أو أثناء جلوسه على مكتبه، وقد كان همّي دائماً هو القرآن: كيف
أفهمه وكيف أحفظه وكيف أتعلم أشياء جديدة كل يوم من القرآن، وكيف
أعيش كل لحظة مع القرآن... ولذلك وجدتُ البركة في الوقت، وهذه
القاعدة يغفل عنها كثير من الناس.

يمكن أن تستغل وقتك في التفكير بالهدف الذي تسعى لتحقيقه، وبالنسبة
لي فقد كان هدفي الأول: كيف أصبح كاتباً في الإعجاز العلمي، فكنتُ
أستغل كل دقيقة في التفكير وطرح الأسئلة: كيف يمكنني أن أحقق هذا
 الهدف، وماذا أحتاج من أجل ذلك... وبسبب التفكير الدائم وبفضل
 من الله تعالى حققت هذا الهدف خلال سنوات قليلة.
حتى وقت نومك يمكن استثماره في تعلم أشياء جديدة، وقد استخدمتُ
هذه الطريقة لسنوات، حيث كنتُ أستمع للقرآن وأنا نائم، وهذا ما
ساعدني كثيراً على حفظ القرآن، وعلى شفاء بعض الأمراض، فالاستماع
إلى القرآن يعتبر علاجاً ناجعاً لكثير من الأمراض، ولكن بشرط أن تثق
بهذا الشفاء الإلهي "المجاني"! وعندما تتمتع بصحة أفضل لابد أن
تتمكن من تنفيذ أعمال أكثر وبالتالي استثمار وقتك بشكل أفضل!

استغلال الوقت الضائع
هناك وقت ضائع كبير يشمل المواصلات والأعمال اليومية المختلفة
من طعام وشراب وأحاديث في العمل أو أحاديث مع الآخرين والوقت
المخصص لمشاهدة التلفزيون أو الاستماع إلى الراديو ووقت ضائع كبير
في الإنترنت وغير ذلك، وهذه يجب استغلالها بشكل يرضي الله تعالى
وتكون رصيداً لنا في الدنيا والآخرةوسوف نتعلم طريقة لذلك.

فمن خلال المقالة الثانية في هذه السلسلة سوف نعيش
مع خطوات عملية في إدارة الوقت:
 كيف نحقق الاستغلال الأمثل لوقتنا، وكيف تحقق النجاح في العمل أو
الدراسة من خلال إدارة الوقت، وكيف تحل أي مشكلة في زمن قصير جداً
... وغير ذلك من المعلومات النافعة والقواعد المهمة التي يحتاجها كل
واحد منا في حياته.

وأخيراً إليكم بعض النصائح السريعة
- انظر إلى الوقت على أنه كنز ثمين بين يديك أعطاك الله هذا الكنز
 فهل تبدّده من دون مقابل!

- انسَ أي مشكلة تصادفك ولا تعطها أكثر من دقيقة أو دقيقتين
من تفكيرك... وبعد ذلك انتقل للتفكير في قضية أخرى.

- قبل النوم حاول أن تفكر ماذا يجب أن تنجز في اليوم التالي...
وبعد الاستيقاظ حاول أن تفكر فيما ستحققه في يومك هذا..

- أكثر من الدعاء ومن الاستغفار ومن تلاوة القرآن! فهذه الأشياء تجعلك
أكثر اطمئناناً وتساهم في استقرار عمل القلب والدماغ، مما يساعدك على
الإبداع والتفكير بطريقة أفضل.

- تفكر في مخلوقات الله! فالتأمل يساعد على الإبداع وعلى اتخاذ القرار
 الصحيح. وبالتالي سيوفر عليك الوقت الذي ستضيعه
مع القرارات الخاطئة.

- لا تغرّنك الدنيا وزينتها وأموالها وأغنيائها! وخير مثال قارون الذي
امتلك من الكنوز ما يعجز عن حمل مفاتحه الأقوياء. ولكنه بسبب غروره
خسف الله به الأرض، فماذا استفاد من علمه وماله؟

- لا تشعر بالفشل، فهذا الشعور عدوّ الوقت. بل حاول المرة
 تلوَ الأخرى وسوف تنجح ولك أجر المحاولة.

كما قلنا ونقول دائماً:
الوقت كنز بين يديك فإما أن تستغل هذا الكنز لمزيد من السعادة والنجاح،
وإما أن تبقى غافلاً عنه فتخسر الكثير من الأشياء... والقرآن الكريم قدّم
أفضل أسلوب لإدارة الوقت، ويكفي أن نعلم أن وقت المؤمن كله مشغول
بأعمال مفيدة، ولا يوجد لدى المؤمن وقت فراغ وهنا تتجلى عظمة
القرآن وإعجازه.

فما أكثر الآيات التي تحض المؤمن على استغلال وقته وتنذره بقرب أجله،
فتأملوا معي هذا المشهد الذي صوره القرآن، قد يتعرض له أي واحد منا،
ألا وهو لحظة الموت:

{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا
وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
[المؤمنون: 99-100].

فالموقف صعب وعصيب، ولن تحصل على ثانية إضافية واحدة بعد لحظة
الموت، وهذا ما يجعل المؤمن في حالة شغل كامل ... فليس لديه وقت
يضيعه، وليس لديه فراغ "يقتله" وليس لديه اكتئاب أو وسواس
 أو هموم، بل هو في حالة انشغال في طاعة خالقه وابتغاء مرضاته
والتقرب منه.

والآن يا أحبتي إليكم بعض الخطوات العملية
 لإدارة الوقت الناجحة،
وبالطبع هذه الخطوات مستوحاة من القرآن والسنة، وحبذا لو تبدأ
عزيزي القارئ منذ هذه اللحظة باستدراك ما فاتك وتطبيق هذه الخطوات
وليكن التوكل على الله منهجك في التطبيق فهو القائل:

{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }
 [آل عمران: 159].

خطوات عملية لإدارة الوقت
1- إن أهم خطوة ينبغي عليك القيام بها أن تعتبر أن أجلك في الدنيا
محدود وقصير جداً ويجب أن تستغل كل ثانية ودقيقة، وذلك لهدف نهائي
واحد هو رضاء الله تعالى، أي أن جميع أعمالك وأقوالك وتفكيرك سيكون
ابتغاء مرضاة الله، وأنه لن ينفعك أي عمل إذا لم تبتغِ به وجه الله.
والمثل الرائع في هذه الخطوة ضربه لنا سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم،
فقد عاش وقته كله لله، والدليل على ذلك أنه لم يكن يغضب أبداً إلا أن
تُنتهك حرمة من حرمات الله، أي كان غضبه من أجل الله ورضاه من أجل
 الله. ولو تأملنا أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وجدناها كلها
 لله تعالى، ولذلك فإن المؤمن الذي يقتدي بهذا الهدي النبوي سيأخذ الأجر
حتى لو أخطأ!! والدليل أن النبي أخبرنا أن المؤمن عندما يجتهد في عمل
 أو مسألة فيخطئ، فيكون له أجر، فإن أصاب فله أجران!

2- ولكن كيف أعلم أن عملي هذا هو ابتغاء وجه الله! لاسيما أن الجميع
يؤكدون أنهم يبتغون وجه الله، ولكن أفعالهم لا تدل على ذلك مطلقاً.
وسوف أضرب لكم مثالاً يوضح هذه القضية المعقدة. فعندما اطلعت على
عدد من مواقع الدعاة والمؤلفين والكتَّاب في المجال الإسلامي، وجدت
عدداً كبيراً منهم يضع عبارة "حقوق الطبع محفوظة" ومنهم من يغلّظ
هذه العبارة فيكتب: لا يجوز نسخ أو نشر أو.... بأي طريقة كانت مرئية
 أو مسموعة أو مكتوبة.... ومنهم من يبالغ في حرمان نفسه الأجر
والثواب فيكتب: يحرم نسخ هذه المقالة ونشرها وطباعتها ... ومن أغرب
ما رأيت أحدهم يكتب في قرص مضغوط: إن نسخك لهذا القرص هو
سرقة سوف يحاسبك الله عليها يوم القيامة... ويحتجون بأن هذا العمل
كلفهم مبالغ طائلة ولو سمحوا بنسخه سيخسرون الأموال!

أستغفر الله من هذه الأقوال: هل تظنون أن من يتعامل مع الله يخسر؟
هل يعجز الخالق العظيم وهو الذي خلق السموات والأرض ورزق النمل
والطير والسمكة في ظلمات البحر، أيعجز هذا الإله الكريم أن يرزق رجلاً
ينشر علماً من أجل الله!! والله لو نُشر هذا العلم ابتغاء مرضاة أحدٍ من
الأغنياء فلن يضيع هذا الغني تعبه وسيجزل له العطاء ويعوضه عما دفعه
من أموال بل قد يعطيه أضعافاً مضاعفة، هذا في حق البشر الفقراء،
فكيف بأغنى الأغنياء وقد جاءه عبد مؤمن أنفق كل شيء في سبيل نشر
العلم النافع ومن أجل رضاء الله، فهل يضيعه الله وهو أكرم الأكرمين؟؟
فقد اتبعتُ تقنية بسيطة في مقالاتي التي منَّ الله بها عليَّ، وهي أن هذه
المقالات أبتغي بها وجه الله، من دون أن أضَع حقوقاً للنشر، بل أدعو
بالخير لمن يساهم في نشر هذه المقالات وحتى لو لم يذكر اسم المؤلف
 أو الموقع الذي أخذ منه، هل تعلمون أن هذه التقنيَّة جعلت من هذه
المقالات تنتشر بشكل يجعلني أستغرب من العدد الكبير للقراء الذين
يقرأون هذه المقالات! وهل تعلمون أن رزقي زاد ولم ينقص؟ والسبب
بسيط جداً، وهو أنني أتعامل مع كريم بل هو أكرم الأكرمين،
 وهو خير الرازقين.
لم يتفوق الغرب علينا إلا باحترامه للوقت ولدقته في المواعيد ولاستغلاله
كل لحظة في الإبداع والاختراع والتطوير، ولذلك فإن موضوع إدارة
الوقت مهم جداً بالنسبة لنا كمسلمين لتطوير أمتنا والنهوض بها نحو
الأفضل، ولا ننتظر الآخرين حتى يخترعوا ويبدعوا ونأخذ نتاجهم جاهزاً
دون تعب أو جهد! ولذلك نحن أولى منهم باستثمار وقتنا والاستفادة
 من خبراتهم ونتائج دراساتهم، ولكن دائماً نأخذ ما يتوافق مع كتاب ربنا
لأننا نتخذ من الدنيا طريقاً إلى الآخرة فنكون قد ربحنا الدنيا والآخرة
 بإذن الله تعالى!

3- إذاً يا أحبتي الخطوة الثالثة هي الثقة بالله تعالى، وبعطائه وقدرته وأن
كل شيء تدفعه أو تعمله أو تنشره تبتغي به وجه الله لابد أن يعوضه لك
الله بعشرة أمثاله إلى سبع مئة ضعف أو أكثر. فمن جاء بالحسنة فله
عشر أمثالها... والله يضاعف لمن يشاء، يقول تعالى وهو خير القائلين:

 { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }
 [الأنعام: 160]

. لذلك أرجو منك أخي الحبيب أن تقوم بأي عمل وبخاصة الأعمال
الدنيوية وأن تبتغي وجه الله تعالى، لأن أي عمل لا يُبتغى به وجه
 الله سيكون حسرة وندامة على صاحبه.

وأذكّركَ بأول من تُسعَّرُ بهم النار يوم القيامة، ربما تستغرب أن أول دفعة
تدخل جهنم بهم توقد النار هم فئة من العلماء وقراء القرآن!! ما هو
ذنبهم؟ ربما يكون الذنب بسيطاً من وجهة نظرنا إلا أنه عند الله عظيم.
فقد ابتغوا في علمهم الدنيا فكان هذا العلم سبباً في دخولهم جهنم. وهذا
هو المنطق، إذ أن العبد إذا عمل لغير سيده فلا أجر له.
 ولذلك قال النبي لسيدنا أبي هريرة

( هل تعلم أول من تسعر بهم النار؟ رجل تعلم العلم قرأ القرآن،
فيقول يا رب تعلمتُ فيك العلم قرأتُ فيك القرآن، فيُقال: كذبت!
تعلمت ليُقال عنك عالم، وقرأتَ القرآن ليُقال عنك قارئ  )

 وقد قيل... فيسحب على وجهه فيُقذف في جهنم..
فانظروا معي إلى هذا المصير الأسود، وهذا ما يجعلنا نحذر من خطورة
أن تبتغي بعلمك أو عملك غير الله تعالى، فإذا تعلمت فليكن علمك لله،
وإذا عملت فليكن عملُك من أجل الله، وإذا تكلّمت فليكن حديثك ابتغاء
مرضاة الله، وإذا فكّرت فليكن تفكيرك لله... إذا أحببتُ فليكن حبك من
 أجل الله، وإذا كرهت فليكن بغضك من أجل الله، وإذا فرحت أو غضبت
 أو حزنتَ أو خاصمتَ أو صاحبتَ.... ليكن كل عملك لله ومن أجل مرضاة
الله، خوفاً وطمعاً، كما كان أنبياء الله تعالى:

{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا
 وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
 [الأنبياء: 90].

4- لو تأملنا قصة "بيل غيتس" أغنى رجل في العالم، ما هو العمل الذي
قام به ليستحق هذه الأموال الهائلة، والله إنه لم يقم بأكثر من عمل عادي
جداً، بل إن أي عامل بسيط يبذل من الجهد والطاقة أضعاف ما بذله هذا
الرجل، ولكن كيف حصل على هذه الثروة؟ إن الله تعالى يريد أن يعطينا
مثالاً من خلال هذا الرجل أن الرزق ليس له علاقة بالجهد والعمل والتعب،
إنما هو بيد الله يعطيه لمن يشاء، فقد يعطيه للمؤمن ليزيد له في الثواب،
وقد يعطيه للملحد ليكون حسرة عليه يوم القيامة.

فسيدنا سليمان أوتي من المُلك ما لم يؤت أحد من بعده، وسيدنا محمد
أوتي من العلم والخلق والتواضع ما لم يُؤت أحد من العالمين، فالله الذي
أعطى هؤلاء العباد الكرام، قادر أن يعطيك ما تطلبه بل أكثر، ولكن لست
أنت من يحدد ذلك، بل الله يختار الوقت المناسب والعطاء المناسب، لماذا؟
لأنه أعلم بما في نفسك، وأعلم بما يصلحك، وهو أعلم بمصلحتك.

والآن إليكم هذه النصائح السريعة ولكن تطبيقها
يعود بالفائدة والخير إن شاء الله
- مهما أنفقت من وقتك في ذكر الله، فلن ينقص من الوقت شيء.

- كما أن المال لله تعالى، كذلك الوقت ملك لله، ومنحك حرية التصرف فيه،
فانظر كيف تتعامل مع أمانة وضعها الله عندك، هل ستضيعها، أم تحفظها!

- لا تترك يوماً يمر دون أن تتعلم شيئاً جديداً ونافعاً.

- لا تترك يوماً يمر إلا وتفعل عملاً مفيداً.

- انظر دائماً إلى الدنيا على أنها مرحلة مؤقتة ولكن لابد منها، وأنها
عبارة عن ساعة واحدة فقط، مقارنة بيوم القيامة الذي سيمتد إلى
خمسين ألف سنة. فينبغي عليك أن ترتب أمورك بدقة خلال هذه
 الساعة لأنك ذاهب إلى حياة الخلود: إما الجنة أو النار.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين استجابوا لأمر ربهم في المسارعة
بالخيرات، يقول تعالى:

{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
 وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }
[آل عمران: 133-136].

في رحلتنا مع الوقت نقف لنتأمل
وبالطبع نستفيد من تجارب الآخرين، والهدف هو استثمار الوقت بالشكل
الأمثل. وربما نعجب إذا علمنا أن القرآن الكريم هو أول كتاب يقدم طريقة
رائعة لإدارة الوقت. ففي كل آية هناك توجيه إلهي يعلمنا كيف نستثمر
الوقت ونحقق النجاح في الدنيا والآخرة.والقرآن يعبر عن أهمية الوقت
في آية رائعة يقول فيها تبارك وتعالى:

{ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ }
 [الحج: 47].

وهنا نجد إشارة إلى أن الإنسان لا يعيش سوى لحظات بالمقياس الحقيقي
للوقت. فلو فرضنا أن إنساناً عاش سبعين سنة، فهذا يعني أنه عاش
 70 ÷ 1000 يساوي 7 % من اليوم فقط، أي بعض يوم.

وهذا يعني أن العمر قصير جداً وفي ذلك إشارة إلى ضرورة الاهتمام
بالوقت واستغلاله في عمل الخير وما فيه الفائدة وبما يحقق الفلاح للمرء
والمجتمع. ومن هنا نود أن نقدم لقرائنا بعض النصائح الإبداعية لإدارة
الوقت، ونقول: تعلم كيف تهيّء نفسك لاستثمار الوقت من خلال ما يلي:
- ابتعد عن الهموم، فالهموم هي أكبر مدمر للوقت، تجنب أي مشكلة قد
تؤدي إلى مشكلة أخرى وهكذا تتراكم الهموم وتعطلك عن التفكير الفعال.

- أبعد أي مشكلة قد تنغص عليك حياتك وتضيع بسببها وقتك، وأفضل
طريقة لتجنب المشاكل أن تتوكل على الله وتلتزم بالأدعية النبوية
 ليصرف الله عنك شرَّ كل شيء الله أعلم به.

- اترك الشك والظن والتجسس والغيبة والنميمة.... فهي أعداء
 شرسة لإدارة الوقت.

- اترك النظر إلى ما حرَّم الله، فهذه النظرات تقودك إلى الكلام ومن ثم إلى
مزيد من العلاقات المحرمة وفي النهاية تجد أنك ضيعت نصف وقتك
 في أشياء تضرُّك ولا تنفعك.

- اترك الكذب لأن الكذب يتطلب طاقة أكبر من الصدق! والكذب يحتاج
لمبررات كثيرة، ويقودك لمزيد من الكذب، ويفقدك ثقة الناس بك،
وهكذا يضيع الوقت من حيث لا تدري.

- دماغك يشبه جهاز الكمبيوتر له مساحة محدودة، فلا تملأه بالأفكار
التافهة وغير المفيدة، بل لا تسمح لأي معلومة ضارة أن تدخل وتستقر
في دماغك لأنها ستشوش عليك وتضيع وقتك.

- صحح الخطأ على الفور... اعترف بخطئك وعالج الأخطاء بسرعة
 ولا تتركها تستنفذ الوقت والجهد، فالخطأ إذا لم تتم معالجته على الفور
فإنه يؤدي إلى سلسلة من الأخطاء يصعب معالجتها، وبالتالي تكون
وسيلة لضياع الوقت دون فائدة.

- لا تتكبر! فالتكبر صفة يبغضها الله ورسوله، والتكبر يؤدي إلى ابتعاد
الناس عنك، ويقودك إلى الغرور وإلى داء العظمة، حيث لا ترى الحقائق
كما هي، وهذا يؤدي إلى تضييع الوقت.

- لا تنفعل وتغضب! فالغضب يقود إلى سلسلة معقدة من الانفعالات
والتأثيرات الضارة على الجسد مثل ارتفاع ضغط الدم وتسرع دقات القلب
وتحميل الدماغ أكبر من طاقته... وكل ذلك يؤدي إلى أمراض
 وإلى الموت المفاجئ وبالتالي تخسر الوقت.

- لا تصرّ على خطئك ولا تتعصب لرأيك بل اجعل الميزان الذي ترجع إليه
دائماً هو كلام الله وسنة رسوله. فالإصرار على الخطأ يؤدي إلى مزيد من
التفكير ومزيد من إرهاق الدماغ في العمل على إثبات صحة هذا الخطأ،
ولن تتمكن من ذلك، لأن الخطأ لا يمكن أن يكون صواباً. ولذلك من
الأفضل أن تعترف بالخطأ، وتبحث عن طريقة لمعالجته بدلاً
من الإصرار عليه.

- لا تشرب الخمر ولا تفعل الفاحشة ولا تستمع إلى الموسيقى ولو كانت
هادئة، لأنها تثير العواطف وتشتت الذهن، وطبعاً هذه "تجربتي" فمن
أحب أن يطبقها فليجرب ولن يخسر شيئاً. وأنصح أن تترك الاستماع إلى
الموسيقى وتبدله بالاستماع إلى القرآن الكريم، واليوم هناك وسائل كثيرة
متاحة للجميع للاستماع إلى القرآن من خلال أجهزة صغيرة رخيصة
وسهلة الحمل.

- لا تلجأ إلى أحد غير الله ولا تستعن إلا بالله ولا تطلب شيئاً إلا من الله،
والله سيهيء لك الأسباب ويسخر لك من يساعدك وسوف يوفر عليك
الوقت والجهد والمال.

- عليك بالاستخارة فهذه أعظم طريقة لكسب الوقت ولاتخاذ القرار
الصائب، وكل شيء قمتُ به في حياتي بعد الاستخارة كان ناجحاً بنسبة
100 % ، وكل عمل لم استخر به الله تعالى، كان غالباً ما يفشل.
فالاستخارة توفر وقتك، لأنك إذا اعتمدتَ على نفسك فستخطط وتفكر
وتحسب وتغرق نفسك في حسابات وربما تتخذ القرار الخاطئ، بينما
الاستخارة تعني أن الله سيتخذ لك القرار المناسب، فهل ترضى
 باختيار الله لك؟!

- لا تحمل حقداً على أحد مهما بلغت الإساءة! بل سلّم الأمر إلى الله تعالى،
وضع نصب عينيك أن الموت قريب منك وينبغي أن تصفح وتعفو وتأخذ
المزيد من الحسنات، لأن الدنيا تافهة جداً، ولا تستحق أن تحقد على أحد
فيها، بل ادع الله بالهداية لهم.

- أينما جلستَ حاول أن تقلب الحديث باتجاه ذكر الله والقرآن والعلم النافع
(وبطريقة لا تشعر فيها أحداً من الجالسين). وبهذه الطريقة تستطيع
استغلال الوقت بعلم نافع أو حديث يرضي الله تعالى.

- لا تسخر من الآخرين فقد يكونوا أفضل منك!

- لا تقلق، ولا تحزن! إن القلق والخوف من المستقبل يضيع الوقت
 بل وينهك الجسد ويؤثر على النظام المناعي مما يزيد من احتمالات
التعرض للأمراض. واستبدل القلق بالتوكل على الله، وأن تعلم أن ما
أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وأن كل ما يحدث
معك هو بتقدير من الله، فلماذا الحزن والخوف؟

- لا تيأس! فاليأس يعني الموت، والموت يعني توقف الوقت. ولذلك فإن
التفاؤل والتفكير الإيجابي يؤدي إلى استثمار الوقت، بينما نجد اليأس
يحبط الإنسان ويقوده للاكتئاب، وبالتالي يتعطل دماغه عن التفكير،
ويضيع الوقت دون فائدة.

- إتقان العمل سيوفر الوقت، وللأسف هذا ما يتبعه الغرب اليوم وهو
 ما أدى إلى تفوقهم علينا. فعندما تتقن عملك توفر الكثير من الوقت
في الصيانة والإصلاح.

- اترك ما لا يعنيك فهذا من حسن الإسلام، لأن التدخل في أمور لا تضر
ولا تنفع يؤدي إلى إهلاك الوقت في أحاديث تافهة، وقد تعود
بالضرر عليك.

- ابتعد عن المجادلة فهي مضيعة للوقت، إلا إذا كانت المجادلة تهدف
لاكتساب معلومة مفيدة أو إعطاء معلومة مفيدة.

الوقت نعمة عظيمة من نعم الخالق تبارك وتعالى،
 وكل واحد منا قد منحه الله أجلاً محدداً ليستغله في الأعمال الصالحة
ليصل إلى مرضاة الله عز وجل، فالدنيا محدودة وقصيرة جداً، ولذلك
ينبغي على المؤمن ولكي يضمن السعادة في الدنيا والآخرة، أن يضع
لنفسه خطة يسير عليها، ويحدد أولوياته، ويُبعد عنه أي شيء
يؤثر سلباً على هذا المخطط.

الموسيقى وآثارها السلبية
بعد تجربة مع الموسيقى لسنوات تبين لي أن الاستماع إلى الأغاني هو
مضيعة كبيرة للوقت، فقد ضيعت ثلاث سنوات مع الموسيقى بحجَّة أنها
"تهذب الروح" فكنتُ أمضي عشر ساعات في العزف وفي سماع الغناء
وأحياناً أتأثر وكنتُ أظن أن الاستماع إلى الأغاني هو غذاء للروح، كما
يقول البعض، ولكن الشيطان كان يفرح ويزين لي هذا الطريق، وبعدما
تركتُ الموسيقى ابتغاء وجه الله، وكان للحديث النبوي الشريف أكبر الأثر
 في هذا التحول، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:

 ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه )

 وبالفعل عوَّضني الله بالقرآن فحفظتُه من دون أي جهد يُذكرإن الموسيقى
ترتبط بإثارة المشاعر والعواطف ولا يمكن للإنسان أن يسيطر على
"استهلاك الموسيقى" فلا يستطيع الاكتفاء بسماع الموسيقى فقط،
بل سيتطور الأمر إلى سماع المغنيات والتأثر بهن وبكلامهن ... تماماً
مثل الخمر، لا يمكن لإنسان أن يسيطر على تعاطي الخمر فيشرب القليل،
بل لابد أن يتطور الأمر ويصبح مدمن خمر، ومثل الدخان لا يمكن
السيطرة على تعاطي القليل منه، لابد أن يأتي يوم وتصبح فيه مدمناً،
 لذلك لابد من الإقلاع نهائياً عن التدخين وعن الموسيقى وعن النظر إلى
المحرمات... والله سوف يعينك على ذلك ولكن بشرط أن تجعل عملك
ابتغاء وجه الله.

الدعاء أقصر طريق لاستثمار الوقت
هل سألت نفسك يوماً لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله
 في كل شيء، في الصباح والمساء وقبل الطعام وبعده وعند دخول
الأسواق و... إن إحساس الإنسان بقربه من الله في كل لحظة، يجعله
 أكثر ثقة بنفسه وأكثر قدرة على اتخاذ القرار الصحيح.

وعلى سبيل المثال هناك وقت كثير يضيع لدى الشباب في البحث عن
الزوجة! فهل جرَّبت أن تدعو الله أن يختار لك الزوجة المناسبة التي
يريدها هو لك؟! هذا ما دعوتُ به الله، فكانت زوجتي عوناً لي على
كسب الوقت، وما هذه الأبحاث والمقالات إلا من نتائج هذا الدعاء!

فخير متاع الدنيا زوجة صالحة، وانظروا معي كم من الشباب يقضي
ساعات على الإنترنت وفي الجامعة وبين الأقارب... وذلك في البحث
عن الزوجة المناسبة له، وقد يضطر لخوض تجارب فاشلة، أو علاقات
عاطفية محرمة تنتهي بالفشل... والحل بسيط، إنه الدعاء.

هذا ما حدث مع سيدنا موسى عليه السلام عندما رأى امرأتين فسقى لهما
ثم تولى إلى ظل شجرة ودعا الله تعالى:

{ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }
[القصص: 24].

 وعلى الفور استجاب الله دعاءه:

{ فجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ
 قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا }
 [القصص: 25].

وهكذا يسَّر الله له الزوجة الصالحة التي تعينه على الدنيا.

ولو تأملنا قصص الأنبياء جميعاً لوجدناهم يلجأون إلى الدعاء في كل
شؤونهم ومشاكلهم ومصاعبهم، فلماذا لا تلجأ إلى الدعاء في كل شأنك،
والله تعهد بالإجابة؟ إن الدعاء سيوفر لك الوقت الذي ستهدره في البحث
لأن الله سييسّر لك الأسباب وتحقق ما تريده بمجهود أقل ووقت أقصر!

تجربة التوكل على الله تعالى
في مرحلة من المراحل لم يكن لدي أي برنامج لإدارة الوقت!! ولكن
وبعدما حفظتُ القرآن قرَّرتُ أن أترك الأمور كلها لله تعالى، فهو الذي
سيسخّر لي الأسباب، وهو الذي سيبارك في الوقت، فبركة الوقت أهم
من الوقت نفسه! وسوف أضرب لكم مثالاً من تجربتي: فعندما كنتُ في
بداية رحلتي في كتابة المقالات العلمية، كانت كتابة مقالة علمية واحدة
تستغرق مني شهراً كاملاً من الجهد والتحضير والقراءة وإعادة الصياغة
والتصحيح، ولكن بعدما اعتمدتُ على الله وأسلمته كل شيء: وقتي
وأمري واختياري وقراراتي... أصبحت كتابة المقالة تأخذ يوماً واحداً
فقط، إذاً وفَّرت 29 يوماً، أليست هذه هي بركة الوقت، وهي أهم
 من الوقت نفسه؟

ومن هنا ندرك معنى قول الحق جل وعلا:

{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }
 [لقمان: 22].

فالذي يسلم أمره لله تعالى بإخلاص، فلا يخاف من المستقبل ولا يحزن
على الماضي، ولذلك قال تعالى:

{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[البقرة: 112].

إدارة الوقت باستخدام الكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة تفعل مفعول السحر! ويمكنك من خلال المجاملة دون كذب
أو نفاق أو غش أو خداع، بل تكلم بالكلمة الطيبة، أن تريح الآخرين
 وهذا سوف يساعدك على كسب ثقتهم، وبالتالي ستوفر الوقت الذي كنتَ
ستضيعه في مناقشات عقيمة لا فائدة منها.

قد يكذب عليك إنسان أحياناً، فلا تضيع وقتك في إقناعه بكذبه، بل يكفي
أن تقول له مثلاً: هذه وجهة نظر، أو: الله أعلم... أو أي عبارة تنهي بها
الحديث وتوفر وقتك. إلا في مجال الدعوة إلى الله فيجب عليك أن تصحح
للآخرين معلوماتهم قدر المستطاع.

التسامح طريقة مجانية لإدارة الوقت
عوّد نفسك أن تسامح الآخرين، وتصبر على الأذى وتصفح عمن أساء
لك. وهذا الأسلوب يوفر عليك الكثير من المناقشات العقيمة، والأخذ
والردّ، ولذلك عندما نتأمل الكثير من القصص الواقعية، والتي قد تنتهي
بمأساة، نجد معظمها كان قابلاً للحل بعملية بسيطة جداً هي: التسامح.
وربما تحضرني قصة لطالب في كلية الهندسة احتال عليه صديقه بعدما
"أكل" مبلغاً من المال بحجّة أنه سيعطيه ربحاً كبيراً، وطلب هذا الشاب
مني النصح، فقلت له أكمل دراستك وسوف يعوضك الله خيراً مما أُخذ
منك، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خير منه، وكان جوابه: "الساكت
عن الحق شيطان أخرس" وسوف أشتكي في المحكمة! فقلت له وقتُك
أهمّ، لأن الرجل الذي احتال عليك وأخذ بعض نقودك هو رجل سيء
بلا أخلاق ولا يخشى الله، ولذلك بدلاً من أن تضيع الوقت في المحاكم،
 إذا كسبت هذا الوقت في ممارسة الهندسة فسوف تكسب نقوداً أكثر،
ولتكن ثقتك بالله أكبر، ولكنه وللأسف كانت ثقته بالمحكمة أكبر!

فما كان من المحتال إلا أن أغرى المهندس مرة أخرى بمزيد من الربح
وبطريقة ذكية أخذ منه مزيداً من النقود، ولجأ هذا الشاب مرة أخرى
لنصيحتي، فقلت له: اترك هذا الإنسان السيء والله قادر على أن يرزقك
أضعاف ما أُخذ منك، فقال: من أين؟! قلتُ له: إن الله الذي يرزق الكافر
والملحد والعاصي، قادر على أن يرزق مؤمناً يقول "لا إله إلا الله"...
ولكنه عاد من جديد وذهب إلى المحكمة ... وهكذا امتدت قصته عدة
سنوات وسُجن المحتال، ثم سُجن الشاب بدعوى افتراء مدبَّرة من
المحتال... وضيَّع وقته ونقوده... وفي النهاية لم يحصل على حقه،
ولكنه ضيع الوقت الكثير...

من هنا ندرك أن الإنسان عندما يجد نفسه أمام عدة خيارات ينبغي أن
يختار ما يرضي الله، فالله تعالى أمرنا بالتسامح والصفح والعفو
والمغفرة، وتعهد أنه سيعوضنا خيراً من ذلك، فلماذا لا نثق بالله وعطائه
ورزقه؟ يقول تعالى:

{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
 [بالشورى: 40].

 ويقول أيضاً:

{ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
 [النور: 22].

تطبيق "مبدأ الفصل"
ربما يكون أهم عملية تقوم بها (بل وهي الأصعب) ما أسميتُه "مبدأ
الفصل" أي أن تفصل القضايا التي تشغل تفكيرك وتجزئها، وتعالج كل
قضية على حدة، فلا تطغى هذه على تلك، وهذا سيوفر نصف وقتك على
الأقل. وسوف أضرب لكم مثالاً من تجربتي، وكيف استطعتُ تحقيق الكثير
والكثير بتطبيق هذا المبدأ الرائع، فهو صعب التطبيق في البداية فقط،
ولكن بعد ذلك ستشعر بمتعته وقوته.

في بداية اهتماماتي البحثية كنتُ أذهب لمكتبة عامة فأقضي ساعات
 في قراءة الكتب، ولكن أحياناً يصادفني موقف ما أو مشكلة مع صديق،
فأترك القراءة وأبدأ بالتفكير بهذه المشكلة: لماذا حدثت، ماذا ستكون
النتيجة، وكيف سأعالج هذه المشكلة، وماذا أتوقع أن يحدث في
المستقبل، وكيف سأواجه هذا الصديق، ولماذا حدثني هذا الصديق بهذه
الطريقة، وماذا كان يقصد... كان نصف الوقت المخصص للدراسة يضيع
في تفكير سلبي لا يولد إلا الهمّ والقلق والتعب.

ولذلك لجأتُ إلى مبدأ الفصل في إدارة الوقت، فكان الوقت المخصص
لقراءة كتاب يُعطى لهذا الكتاب، فإذا ما صادفتني مشكلة أو موقف، أؤجل
التفكير فيها إلى وقت آخر، فأخصص لها وقتاً يتناسب مع حجم المشكلة،
فغالباً ما يعطي الإنسان حجماً للمشكلة أكبر بكثير مما تستحقه. ولذلك
عوّد نفسك ألا تدمج المشاكل اليومية مع بعضها، بل افصل هذه المشاكل
عن بعضها، وخصص لكل مشكلة وقتاً قصيراً لحلها، وإلا اترك الهموم
والمشاكل واستعن بالله تعالى، وهو سيحلها لك، لأن الله عز وجل قادر
على حلّ مشاكلك مهما عظُمت!

مبدأ استباق الأحداث
وهو مبدأ رائع جداً، ويتلخص في أن مخاوفك من حدوث شيء ما، مثل
المرض أو توقع فقدان وظيفة أو خسارة في تجارة أو رسوب في مادة
 في الجامعة، أو فشل في زواج... هذه الأشياء تستنفذ قسماً كبيراً من
وقتك، وهي ستحدث على كل حال، ومخاوفك وتفكيرك لن يمنعها من
الحدوث! إذاً ماذا لو تمكَّنت من التفكير بأشياء أخرى نافعة، إن هذا يعني
توفير كبير في الوقت. وهنا نجد آي رائعة تقول:

{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ }
 [البقرة: 216].

الوقت الفعال
وهو القوت الذي يمكن أن تستثمره في عمل نافع جديد، الوقت الفعال =
(24 ساعة – عدد ساعات النوم – عدد ساعات الطعام وقضاء الحاجة
وما تعطيه للأسرة والأولاد وغيرها) ويمكن لكل واحد منا أن يقوم بحساب
الوقت الفعال لديه حسب احتياجاته اليومية. وفي أفضل الحالات لن يزيد
الوقت الفعال على عشر ساعات في اليوم، وهي المدة التي يستطيع
الإنسان استثمارها في أعمال مفيدة وجديدة.

ولو فرضنا أن أحدنا ينفق من وقته كل يوم ساعتين في متابعة برامج
التلفزيون مثل المسلسلات وغيرها من الأمور غير النافعة، وبالتالي تكون
نسبة ضياع الوقت 2/10 = 0.20 أي عشرين بالمئة من الوقت،
وتصوروا أن خمس وقتك يضيع في التفكير السلبي، ولو تم استغلال
 هذه المدة في شيء مفيد ستكسب خمس وقتك دون أن تشعر!

لقد كنتُ أضيع كل يوم عدة ساعات في تفكير سلبي غير مفيد، مثل الخوف
من الفشل أو الخوف من المرض أو التفكير بما قاله صديق لي حول
مشكلة حدثت مع صديق آخر، أو لماذا فعل فلا كذا أو لم يفعل
كذا... وهكذا.

وقد طبقت هذه القاعدة كل يوم، فقمتُ باستثمار هاتين الساعتين بقراءة
كتاب أو مقالة جديدة أو حفظ آيات من القرآن أو تعلم حديث نبوي
أو دعاء جديد... وعلى مدى سنة كاملة استطعت استغلال عدد كبير
 من الساعات في التفكير الإيجابي (أكثر من 700 ساعة)، فلينظر كل
واحد إلى نفسه: كم يضيع من وقته في التفكير السلبي وتوقع حدوث
المصائب، مع أنها ستحدث شئتَ أم أَبَيْتَ.

والآن إليكم بعض النصائح الذهبية
- الرضا بقضاء الله في كل ما قسَمَه لنا ولو كان فقراً أو جوعاً
أو مصيبة أو مرضاً...

- الثقة بالله وبأنه يختار دائماً لنا الأفضل وما يُصلح أنفسنا...

- عليك بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء
يحقق لك ما تريد، ومن دونه ستتعب كثيراً في تحقيق العمل ذاته!

- تدبر القرآن وحفظه يساعدك على اتخاذ القرار الأمثل!

- التسامح ثم التسامح ثم التسامح! هذه نصيحتي لمن أحب
أن يستثمر وقته مجاناً.

- لا تغضب إلا لله، ولا توتر أعصابك من أجل شيء زائل
 في هذه الدنيا الفانية.

-        تذكر أنك في أي لحظة من الممكن أن ينتهي أجلك،
-         فلا تكتئب أو تحزن أو تقلق.
-         
وأخيراً فإن أحدنا إذا ذهب للقاء غني من الأغنياء يمكث عدة أيام وهو
يستعد ويفكر ويحلم! فكيف بمن سيلقى رب العالمين سبحانه وتعالى؟
ماذا يجب أن نعدّ لهذا اللقاء؟ هل يستحق هذا اللقاء أن نفكر فيه ونستعد
له؟ بلا شك إنه أهم لقاء في حياة أي مخلوق، سوف يلقى خالقه ورازقه..
إن أفضل طريقة في إدارة الوقت نجدها في القرآن وفي أخلاق النبي
وحياته وسلوكه، فهو خير أسوة لنا نقتدي به، ونقلّده دون أن نفكر
بالخسارة، فما دمتَ تقلّد خير البشر فأنت الرابح دائماً... يكفي أنه كان
خلقُه القرآن... يكفي أنه كان على خُلُق عظيم...

وأختم هذه المقالة بموقف عظيم سيتعرض له كل غافل عن الله وعن
لقائه، وكيف يتمنى في لحظة الموت أن يمتد عمره لحظات قليلة فقط
ليفعل الخير، ولكن هيهات... فالأجل قد جاء ولن يحصل على ثانية واحدة
إضافية! يقول تعالى:

{ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
 فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ *
وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
 [المنافقون: 10-11].

بعد هذا الموقف: هل ستقدّر قيمة الوقت وتعمل منذ هذه اللحظة
 على استغلال كل دقيقة من وقتك فيما يرضي الله تعالى؟
ــــــــــــ

بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل

السبت، 10 يناير 2015

إبراهيم عبد القادر المازني



شاعر وروائي وناقد وكاتب مصري من رواد النهضة الأدبية العربية في العصر الحديث، استطاع أن يجد لنفسه مكانًا متميزًا بين أقطاب مفكري عصره ..
عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعرية،على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان. أسس مع كل من عباس العقاد، وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان التي قدمت مفاهيم أدبية ونقدية جديدة، استوحت روحها من المدرسة الانجليزية في الأدب.
لم يتخيل احدا للمازنى مهنة غير الأدب, ..حاول المازني الإفلات من استخدام القوافي والأوزان في بعض أشعاره فانتقل إلى الكتابة النثرية، وخلف ورائه تراث غزير من المقالات والقصص والروايات بالإضافة للعديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز.
ولد في القاهرة عام ١٨٩٠م، ويرجع أصله إلى قرية «كوم مازن» بمحافظة المنوفية تطلع المازنى إلى دراسة الطب وذلك بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وذلك اقتداءً بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح أغمى عليه، فترك هذة المدرسة وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن مصروفاتها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين وعمل بعد تخرجه عام 1909 مدرساً, وما لبث أن تركه ليعمل بعدها بالصحافة، حيث عمل بجريدة الأخبار، وجريدة السياسة الأسبوعية، وجريدة البلاغ بالإضافة إلي صحف أخرى، كما انتخب عضوًا في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة والمجمع العلمي العربي بدمشق، ساعده دخوله إلى عالم الصحافة على انتشار كتاباته ومقالاته بين الناس.وعرف عن المازني براعته في اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية..
عمل المازني كثيراً من أجل بناء ثقافة أدبية واسعة لنفسه فقام بالإطلاع على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم ولم يكتف بهذا بل قام بالإطلاع على الأدب الإنجليزي أيضاً، وعمل على قراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية حتى قال العقاد عنه ” إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً”.
ت
ميز أسلوبه في الكتابة بالسخرية اللاذعة والفكاهة، واتسم بالسلاسة والابتعاد عن التكلف، كما تميزت موضوعاته بالعمق الذي يدل على سعة اطلاعه،فأخذت كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في هذه الفترة، فعرض كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلفات الشعرية والأدبية. توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقال الصحفي.دم المازني العديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله:
إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني – رواياتان، أحاديث المازني- مجموعة مقالات، حصاد الهشيم، خيوط العنكبوت، ديوان المازنى، رحلة الحجاز، صندوق الدنيا، عود على بدء، قبض الريح، الكتاب الأبيض، قصة حياة، من النافذة، الجديد في الأدب العربي بالاشتراك مع طه حسين وآخرين، حديث الإذاعة بالاشتراك مع العقاد وآخرين، كما نال كتاب ” الديوان في الأدب والنقد ” الذي أصدره مع العقاد في عام 1921م شهرة كبيرة، وغيرها الكثير من القصائد الشعرية، هذا بالإضافة لمجموعات كبيرة من المقالات، كما قام بترجمة مختارات من القصص الإنجليزي..
ينتمي المازني في مدرسته الأدبية إلي وصف الحياة كما هي، دون إقامة معايير أخلاقية، فكان في بعض كتاباته خارجًا عن التقاليد والأعراف السائدة والمتداولة.
وفي النهاية لا يسعنا إلَّا أن نقول أن المازني كان أديبًا مبدعًا، وصحفيا بارزًا، وناقدًا متميزًا، ومترجمًا بارعًا، قدَّم الكثير للأدب العربي الحديث، قبل أن يرحل عن عالمنا في شهر أغسطس من عام ١٩٤٩م.

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

كيف تختار اطارات سيارتك




اذا كنت تبحث عن اطارات جديدة لسيّارتك ، قد تحتار في اختيار الاطار المناسب نظرا لوجود شركات كثيرة مصنّعة للاطارات. تودّ معرفة افضل طريقة للمحافظة على اطاراتك الجديدة؟ هذا و المزيد في دليل اوتو 965 للاطارات!
هذا الموضوع هو أوّل جزء من سلسلة “كراج 965″ و هي ستكون عبارة عن سلسلة مواضيع تعليميّة عن أمور خاصّة بالسيّارات لتكون مصدر لمعلوماتك عند شراء سيّارة جديدة أو للعناية بسيّارتك الحاليّة.
في هذا الموضوع سنتطرّق للرموز المطبوعة على الاطارات و معانيها المختلفة بالاضافة الى كيفية المحافظة على اطاراتك لاطالة عمرها الافتراضي.
الرموز القياسيّة للاطارات:
ماذا تعني كل هذه الرموز؟
P : هذا الرمز يدلّك على نوعية السيّارة التي يناسبها هذا الاطار. P تعني سيّارة صالون، LT تعني شاحنة خفيفة، و T تعني اطار مؤقت (سبير).
نسبة الطول الى العرض (Aspect Ratio): اقل = اكثر تحمّلا للانحرافات بسرعة عالية، لذلك يفضل رقم منخفض للسيارات الرياضية.
مؤشر التحمّل (Load Index) : اقصى وزن سيّارة ينصح به المصنع مع استعمال هذا الاطار (للاطار الواحد فقط – اضرب في 4 للحصول على تحمّل 4 اطارات) – انظر الى الجدول التالي لربط الرمز بالوزن:
مؤشر التحمّل الوزن بالكيلوغرام
81 462
82 475
83 487
84 500
85 515
86 530
87 545
88 560
89 580
90 600
91 615
92 630
93 650
94 670
95 690
96 710
97 730
98 750
99 775
100 800
101 825
مؤشر السرعة (Speed Index) : اقصى سرعة (كم/ساعة) مع استعمال هذا الاطار – انظر الى الجدول التالي لربط الرمز بالسرعة القصوى:
مؤشر السرعة السرعة القصوى (كم/ساعة)
Q 160
S 180
T 190
U 200
H 210
V 240
* ZR W 270
Y 300
تحمّل الاستهلاك (Treadwear): هذا الرمز يدلّك على عمر الاطار الافتراضي – 100 هو خط الاساس، 200 يعني ان الاطار سيعيش ضعف اطار ذو رمز استهلاك 100، و هكذا.
تحمّل الاحتكاك (Traction Grade): قدرة الاطار على التوقف عند الضغط على الفرامل عند القيادة على ارض اسفلتية رطبة. يتراوح من AA للافضل، A للجيّد، B للمتوسّط، و C للمقبول الادنى.
تحمّل الحرارة (Temperature Grade): قدرة الاطار على تحمّل الحرارة العالية الناتجة من الضغط على الفرامل و الاسفلت الحار بسبب العوامل الجوية. A للافضل، B للمتوسط، و C للمقبول الادنى.
رمز المصنع (Tire Identification Number): يضم عدّة ارقام خاصّة بالمصنع اهمّها آخر جزء و هو تاريخ صناعة الاطار. مثلا 4305 تعني ان الاطار صنع في الاسبوع الثالث والاربعين من عام 2005 – الاطار الجديد بالطبع يفضّل على القديم لأنه ما زال يحافظ على مرونته.
العناية بالاطارات:
من الضروري اتّباع بعض التعليمات لاطالة عمر الاطار و المحافظة عليه لفترة طويلة. من اهم طرق العناية هي ضمان ضغط الهواء بالنسبة التي ينصح بها المصنع. عند نفخك لاطارك بالشكل السليم تضمن زيادة اقتصاديّة السيارة من ناحية الوقود و كذلك زيادة امان قيادة السيارة ذلك لأن تقليل الاحتكاك يولّد حرارة اقل و بذلك يقل استهلاك الاطار و فرصة انفجاره و التسبب بالحوادث او شراء اطارات جديدة على اقل تقدير.
يختلف ضغط الاطار الصحيح من عجلة لأخرى و سيارة لأخرى لذلك ننصح بقراءة كتيّب الصيانة المرفق مع السيارة. من الجدير بالذكر ان ضغط هواء الاطار يقل من 1 الى 2 ساي (Psi) في الشهر (و هي وحدة الضغط المستخدمة). كذلك ينزل ضغط الهواء حوالي وحدة ضغط لكل 5 درجات سيليزية لذلك من الضروري فحص الضغط في بداية موسم الشتاء.
من الضروري ايضا تدوير الاطارات اي تبديل الاطارات الامامية بالخلفية لضمان استهلاك متساوي للاطارات. الطريقة المتّبعة في هذا الشأن تعتمد على السيّارة. في السيّارات ذات الدفع الرباعي يتم تدوير الاطارات بشكل X أي بتبديل الاطار الخلفي من جهة اليمين الى الامام من جهة اليسار، و الاطار الخلفي من جهة اليسار الى الامام من جهة اليمين. في السيارات ذات الدفع الامامي قم بنقل الاطارات الامامية الى الخلف بدون عكسهم، و لكن اعكس الاطارات الخلفية عند نقلهم الى الامام (اليمين الى اليسار و اليسار الى اليمين). في سيّارات الدفع الخلفي، انقل الاطارات الخلفية الى الامام بدون عكسهم، و قم بعكس الاطارات الامامية عند نقلهم الى الخلف.
نقطة مهمّة: بعض السيارات الرياصية و الـ SUV تستعمل اطارات احاديّة الاتجاه (Unidirectional wheels) ممّا يعني انّها صمّمت للدوران باتجاه واحد أي لا يمكن تبديلها من اليمين الى اليسار أو العكس. في هذه الحالة، يمكن تدوير الاطارات من الامام الى الخلف و العكس و لكن بدون تغيير الجهة

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

تغيير باب الكعبة المشرفة في عهد الملك عبدالعزيز

تغيير باب الكعبة المشرفة في عهد الملك عبدالعزيز


 في عام 1363هـ/1942م رأى الملك عبدالعزيز أن
باب الكعبة المشرفة آخذ في التآكل و التلف
 بسبب تقادم الزمن عليه ,
ويحتاج إلى استبدالهبباب جديد , فأمر بصنع باب جديد للكعبة المشرفة ,
وصنع الباب الجديد بمصراعين من الألمنيوم القوي بسمك 2,5سم
وبارتفاع 3,5 متر بقضيبين من الحديد في وسطه , كما جرى تغليف
الوجه الخارجي للباب بصفائح من الفضة المطلية بالذهب , وتم صنعه
في مصنع شيخ الصاغة بمكة المكرمة الشيخ محمود يوسف بدر , كما
صفح الباب بثلاث عشر لوحة ذات شكل بيضاوي مكتوب في وسطها
أسماء الله الحسنى , وقد صنعت من الفضة المطلية بالذهب , واستغرق
العمل بالباب ثلاثة أعوام .

وتم تركيبه في 15 ذو القعدة 1366هـ , واستمر حتى سنة 1398هـ
مع عمل الصيانة اللازمة عليه كلما تطلب الأمر ذلك .

المصدر : عمارة المسجد الحرام و المسجد النبوي

في العهد السعودي .

دار أوبرا دمنهور


























صرح حضارى يشع نوراً بشمال مصر
دار أوبـرا دمنهور هي اوبـرا تاريخية شيدت في عهدالملك فؤاد الأول في سنة 1930م ,وتـعـتبر منارة ثقافية وصرح حـضارى لمحـافظة البحـيرة حيث تـــم تزويدها بأحـدث وسـائـل الـعرض لتشهـد تقديم العروض الفنية والانشطة الثقافية على أحـدث مستوى يليق بمحافظة البحيرة .
يعد مبنى أوبرا دمنهور من أكبر الأماكن الأثرية الجميلة التى أنشأها الملك فؤاد عام 1930 , وعرفت قديما بإسم سينما وتياترو فاروق حتى تغير إسمها إلى سينما البلدية فى عام 1952 , وفى عام 1977 تغير الإسم إلى سينما النصر الشتوى , وقد طال المبنى الإهمال وسقطت عناصره المعمارية فأعيد ترميمه حتى عاد تحفة فنية يفتخر بها كل فرد يقيم بمدينة دمنهور .
وتعتبر دار أوبرا دمنهور منارة ثقافية لمحافظة البحيرة التى يبلغ عدد سكانها حوالى 6 مليون نسمة , و صرح حضارى يساهم فى نشر الفن الراقى و الهادف الذى يعود بالنفع على الحياة الثقافية و الفنية فى شمال ووسط الدلتا .
تم تشييد دار أوبرا دمنهور علي غرار اوبرا القاهرة التي احترقت في سبعينات القرن الماضي، حيث قام الملك فؤاد بوضع حجر الأساس لمبنى البلدية والسينما والمكتبة في الثامن من نوفمبر سنة 1930م وقدأطلق على القسم الغربي من المبنى أولاً "سينما وتياترو فاروق"، ثم تغير الاسم من "سينما فاروق" إلى "سينما البلدية" في سنة 1952م. وظل الأمر على ذلك حتى سنة 1977م عندما تغير الاسم إلى "سينما النصر الشتوي". وأخيراً أطلق عليها "مسرح وأوبرا دمنهور". أما المكتبة فقد سميت "مكتبة الملك فؤاد"، ثم أطلق عليها اسم الأديب الراحل توفيق الحكيم - ابن البحيرة - ويشغل مبنى البلدية القسم الشرقي، بينما يشغل مبنى السينما والمسرح القسم الغربي.
يعد مسرح وأوبرا دمنهور تحفة معمارية تتجسد فيها خصائص العمارة المصرية في بداية العقد الرابع من القرن الماضي. ويتبع المسرح من حيث التخطيط طراز الأوبرا الإيطالية الذي وفد إلى مصر في عصر الخديوي إسماعيل، ثم ساد عمارة هذا النوع من المنشآت. وينفرد هذا المسرح باستخدام عناصر معمارية وزخرفية إسلامية الطراز.وقد نجح المعماري الإيطالي فيروتشي نجاحاً تاماً في المزج بين التخطيط الأوروبي الوافد الذي يتناسب مع الوظيفة، وبين العناصر المعمارية الإسلامية التي كانت مستخدمة منذ العصر الفاطمي وما تلاه من عصور ومنها العقود المنكسرة.
ونظراً للقيمة الفنية والمعمارية للمسرح، والتي تعبر بصدق عن عمارة المسارح المصرية في بدايات القرن الماضي فضلاً عن إبرازه للعناصر الفنية من زخارف نباتية وهندسية وعقود دائرية وأخرى على الطراز الأندلسي في مجموعة المداخل، ونظراً لأن المسرح قد تم افتتاحه في الثلاثينيات من القرن الماضي وهو يعتبر مكملاً لمسرح سيد درويش بالإسكندرية والذي شيد في عهد الملك فؤاد، فقد قام قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى لللآثار بتسجيله كأثر إسلامي بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية في عام 1988م وصدور قرار وزير الثقافة رقم 499 لسنة 1990م بتسجيل المسرح وذلك للمحافظة على عناصره الفنية والمعمارية. وتطبيقاً للمادة الثانية من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983م. وقد تم ضم المبنى إلى قوائم المباني ذات القيمة الفنية والتاريخية بمحافظة البحيرة بعد العرض على اللجنة المشكلة بقرار رئيس الوزراء الصادر في 30 سبتمبر عام 1998م.
في منتصف الثمانينات تدهورت حالة المسرح خاصة من الناحية الإنشائية، فقد أدى عدم إجراء أعمال الصيانة والترميم الدورية للمسرح مع سوء الإستخدام إلى ظهور العديد من المشكلات الإنشائية أهمها تدهور وتحلل الخرسانة المسلحة لأسقف المسرح، وانهيار جزء كبير من قبة صالة المسرح، كما ان ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتسرب المياة إلى ممرات المسرح قد أثر على حالة الأساسات بالكامل.وفي الثمانينات أغلق المسرح وتوقفت جميع انشطته التي كانت تمارس عليه وأصبح المسرح في حالة يرثى لها، إلى أن قامت وزارة الثقافة بترميمه وتزويده بأحدث وسائل العرض والإضاءة ليواكب احدث مسارح مصر والعالم.
قامت سوزان مبارك بافتتاح دار أوبرا دمنهور في 7 مايو 2009م وشارك في حفل الافتتاح 200 فنان من فرق الأوبرا المختلفة وقام الوزير فاروق حسني بالقاء كلمة أعقبها عرض فيلم تسجيلي عن تاريح إنشاء المسرح ومراحل الترميم.كما عزفت أوركسترا أوبرا القاهرة في حفل الافتتاح أوبرا "زواج فيجارو" للموسيقار "موتسارت". وقدمت فرقة باليه القاهرة مشهد من باليه "أوديسيوس". واختتم الحفل بمشهد من باليه "زوربا".
تشهد أوبرا دمنهور حاليا العديد من الفعاليات الفنية والثقافية والمهرجانات الدولية حيث يتوافد عليها سنوياً فرق فنية وموسيقية من مختلف دول العالم بالإضافة لفنانى مصر والعالم الذين يختارون إحياء حفلاتهم بها سنوياً ، بالإضافة للفعاليات الفنية - الثقافية المحلية والتى تشمل عروضاً ومهرجانات محلية للفنون المختلفة مثل العروض المسرحية والموسيقية وعروض روائع السينما المصرية والعربية والعالمية فى إطار جدول حفلات إسبوعية متنوع .. شديد الروعة .

الأحد، 28 ديسمبر 2014

أهمية الوقت:


:
1 – الإنسان زمنٌ
أيها الإخوة الك ارم٬ مع درس جديد من دروس مقاصد الشريعة الإسلامية٬ والحقيقة أن الوقت يمضي سريعاً٬
بل إن أهل الآخرة:
ٍم ﴾
ْ
َو
ْ َض ي
ع
َ
ب
ْ
ا أَو
ً
م
ْ
َو
ِبثْنَا ي
﴿ قَالُوا لَ
(سورة الكهف: الآية 19 )
لذلك من المناسب أن نتحدث عن الوقت٬ لأن الإنسان وقت٬ لأن الإنسان بضعة أيام٬ كلما انقضى يوم
ًخلق جديد٬ وعلى عملك شهيد٬
انقضى بضع منه٬ ولأنه ما من يوم ينشق فجره إلا و ينادي: يا بن آدم٬ أنا
فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
ّد لنا:
2 – الفوز أن نعمل في الوقت المحد
اطلعت على كتاب فيما مضى عن قصص العرب٬ وهو من أربعة أج ازء٬ وق أرته٬ ثم استنبطت أن الأذكياء
ماتوا٬ والأغبياء ماتوا٬ والأقوياء ماتوا٬ والضعفاء ماتوا٬ والأصحاء ماتوا٬ والمرضى ماتوا٬ وأن الظُلاّم ماتوا٬
والمظلومين ماتوا٬ وأن الموت ينهي كل شيء٬ لذلك البطولة أن تعمل في هذا الوقت المحدود الذي يمضي
سريعاً عملاً ينفعك بعد مضي الوقت٬ كيف مضت هذه الأيام سريعاً وكأنها لمح البصر ؟
3 – لك الساعة التي أنت فيها فقط:
كذلك الوقت يمضي سريعاً٬ والوقت لا يسترجع٬ لذلك ما مضى فات٬ و المؤمل غيب٬ الماضي لا تملكه٬
لأنه مضى٬ والحديث عنه مضيعة للوقت٬ لأنك لن تستطيع استرجاعه٬ ما مضى فات٬ و المؤمل غيب لا
تملكه٬ وكم من إنسان وضع آمالا عريضة لم يحقِّقها.
كنت مدِّرساً في ثانوية٬ نشأت معي ساعة ف ارغ فجائية٬ فأمضيتها عند المدير٬ المدير حدثني عن متاعبه٬ وعن
همومه٬ وقال لي: حصلت على موافقة إعارة تدريس إلى الج ازئر٬ و المدرس المعار ارتبه مضاعَف٬ قال:موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية 12/28/2014
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1285 2/6
سأمضي هناك خمس سنوات٬ ولن آتي إلى الشام في هذه السنوات الخمس٬ سأمضي الصيف الأول في
بريطانية٬ والصيف الثاني في فرنسة٬ والثالث في إسبانية٬ وال اربع في إيطالية٬ سأطلع على هذه البلاد٬ وعلى
ثقافة هذه البلاد٬ وعلى ت ارث هذه البلاد٬ ومتاحف هذه البلاد٬ ثم أعود بعد خمس سنوات٬ وأقدم استقالتي من
العمل٬ وأفتح محلاً تجارياً أبيع فيه التحف٬ وسيكون هذا المحل منتدى لي ولأصدقائي٬ القصة طويلة٬ أنا لا
أبالغ حدثني لعشرين سنة قادمة٬ وكيف سيكبر أولاده٬ ويريحونه من العمل٬ ويجعل المحل منتدى فكريا يلتقي
فيه مساء كل يوم مع أصدقائه٬ وهكذا٬ وأنا أستمع له٬ خرجت من عنده إلى صفي٬ ثم إلى بيتي٬ وفي المساء
ه على الجد ارن٬ واالله الذي لا
ُ
عندي ساعة تدريس في مركز المدينة٬ أردت أن أرجع إلى بيتي مشياً٬ فإذا نعي
إله إلا هو في اليوم نفسه٬ في اليوم نفسه حدثني الذي حدثني عن عشرين سنة قادمة٬ ما مضى فات٬ و
المؤمل غيب لا تملكه.
ماذا تملك ؟ لك الساعة التي أنت فيها٬ لا تملك إلا هذه الساعة٬ فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة٬ اجعلها طلب
معرفة٬ اجعلها عمل صالح اجعلها عبادة٬ اجعلها نصيحة٬ اجعلها أم ار بالمعروف٬ اجعلها نهيا عن المنكر٬
اجعلها مطالعة كتاب٬ اجعلها حركة نحو الخير للناس٬ لأن الدنيا ساعة.
4 – نحن بين خمسة أيام:
لذلك قالوا: أنت بين خمسة أيام٬ يوم مفقود هو الماضي٬ ويوم مشهود٬ هو الحالي٬ ويوم مورود٬ هو الموت٬
ويوم موعود هو يوم القيامة٬ ويوم ممدود٬ يوم مفقود لا جدوى من الحديث عنه٬ ويوم مشهود هو أخطر أيامك٬
الساعة التي أنت فيها٬ ويوم مورود هو الموت٬ ويوم موعود يوم القيامة٬ ويوم ممدود إما إلى جنة يدوم نعيمها٬
أو إلى نار لا ينفذ عذابها.
لما بعدها:
لابد من التفُّكر في ساعة الموت والإعدادِ
لذلك من أنت أيها الإنسان ؟ أنت زمن٬ أنت بضعة أيام٬ كلما انقضى يوم انقضى بضع منك.
إنسان االله عمره عند االله تسع وسبعون سنة وثمانية أشهر وثلاثة أسابيع وأربعة أيام وخمس ساعات وأربع
بك من النهاية٬ والنهاية صفر٬ النهاية
ّ
دقائق وثماني ثوان٬ انظر إلى ساعتك٬ كلما تحرك العقرب ثانية واحدة قر
تنهي كل شيء٬ القوي يموت٬ والضعيف يموت٬ والطاغية يموت.
كنت في قصر في استنبول اسمه دولما بهجت٬ أريت ساعة ثابتة على التاسعة وخمس دقائق٬ فسألت عنها٬
فقيل لي: هذه ساعة وفاة كمال أتاتورك٬ ثبتوا الساعة في لحظة وفاته٬ كان قويا٬ وأ ارد ما أ ارد٬ ولم يحقق ما
أ ارد٬ فالإنسان يمضي بضعة أيام٬ كلما انقضى يوم انقضى بضع منه٬ وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا
ٌق جديد٬ وعلى عملك شهيد٬ فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
َخل
بن آدم٬ أنا
وأنا في طريقي إليكم شعرت كيف مضت هذه الأيام العديدة كلمح البصر٬ وهكذا العمر.
قد يقول الإنسان: عمري ستون عاما٬ أو خمسون٬ أو أربعون٬ هذه الأعوام كيف مضت ؟ يقول لك: البارحة
كنت طالبا في الابتدائي٬ الآن أنا في سن الستين٬ فإذا مضت الستون كلمح البصر ففي الأعم الأغلبموسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية 12/28/2014
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1285 3/6
َب النعي٬ فجأة كان شخصاً فأصبح خب ارً٬ فجأة وضع
يكت
ً
السنوات الباقية تمضي أيضاً كلمح البصر٬ وفجأة
في النعش٬ فجأة وضع في القبر٬ وقف أهله للتعزية٬ بعد شهرين أو ثلاثة نسي هذا الرجل٬ وعاشوا حياتهم
اليومية٬ وكأنه لم يكن٬ فإن أمضى حياته في طاعة االله فلا يعنيه ما الذي سيكون.
ن حوله
َ
ا فكل م
ً
ن حوله يضحك٬ وهو يبكي وحده٬ فإذا وافته المنية٬ وكان محسن
َ
حينما يولد الإنسان كل م
يبكي٬ فإذا كان بطلاً يضحك وحده.
ّعنا ميتا٬ وقفت على قبره٬ واالله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على سطح الأرض
واالله أيها الإخوة الك ارم٬ مرة شي
لهذه الساعة التي لا بد منها٬ الغني يموت٬ والفقير يموت٬ والقوي يموت٬
ّ
إنساناً أذكى ولا أعقل ممن يعد
والضعيف يموت٬ والوسيم يموت٬ والدميم يموت٬ والمحسن يموت٬ والمسيئ يموت٬ وكل مخلوق يموت٬ ولا
يبقى إلا ذي العزة والجبروت.
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
***
كل ابن أنثىٕوان طـالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمــــول
فإذا حملت إلى القبـــور جنازة فاعلم بأنك بعدهــا محمــــول
***
أحد علماء دمشق الصالحين العاملين الربانيين اشترى قب ار في حياته٬ وقد كتب اسمه على الشاهدة٬ وكان
يزوره كل خميس٬ يقول لم ارفقه: يا ولدي٬ هنا المقام.
هذه هي فائدة التفُّكر في الموت:
التفكير في الموت أيها الإخوة ليس تشاؤماً٬ لكن له وظيفة إيجابية٬ التفكر في الموت يجعلك على الص ارط
ا٬ هذا لا يمنع٬ لكن التفكر في الموت يمنعك
ً
المستقيم٬ تأخذ أعلى شهادة تؤسس معملا٬ تقيم مشروعا ضخم
أن تعصي االله٬ يمنعك أن تنحرف٬ والتفكر في الموت يسرع الخطى إلى االله.
مرة كنت في مطار٬ و أريت شري ًطا متحرًكا٬ وقفت عليه٬ وأنا واقف أمشي٬ شيء جميل٬ إن مشيت عليه كانت
السرعة مضاعفة٬ وعليه سو ارن يمنعانك أن تنحرف٬ شريط متحرك له سو ارن٬ تصورت أن هذا الشريط
المتحرك مع السورين يرمز إلى التفكر في الموت٬ فيسرع الخطى إلى االله٬ ويمنعك أن تنزلق٬ لذلك:
ِت٬ يعني الموت ))
اللّّذا
مِ
ادِ
هَ
َ
ْكر
وا ذِ
ُ
ْكثِر
(( أَ
[ الترمذي ]
مفرق الأحباب٬ مشتت الجماعات .
(( عش ما شئت فإنك ميت٬ وأحبب من شئت فإنك مفارقه٬ واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشي ارزي٬ و الحاكم٬ والبيهقي٬ عن علي ]
قبل عدة أشهر أو بعض السنوات عدد لا بأس به من إخوتنا صلى الفجر في جماعة٬ وفي صلاة العصر
ا إطلاقاً٬ وصلى
ً
كان مدفونا٬ ولا يشكو شيئاً٬ تقريباً في كل شهر أو شهرين حادثة نادرة٬ أن إنسانا لا يشكو شيئ
الفجر في جماعة وفي المسجد٬ وفي العصر كان تحت الت ارب.موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية 12/28/2014
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1285 4/6
لي قريب له سهرة أسبوعية٬ أحد الجالسين قال هكذا: أنا لن أموت قريباً٬ هكذا قال٬ فلما سئل: ما السبب ؟
ّم عن أسباب طول
قال: أنا صحتي جيدة جداً٬ ووزني ممتاز٬ وأكلي صحي٬ أمارس الرياضة ك َّل يوم٬ وتكل
العمر٬ كلامه علمي٬ ما عنده شدة نفسية٬ ولا وزن ازئد٬ ولا ضغط٬ ولا أي مرض٬ ويمارس رياضة يومية٬ هذا
الكلام قاله يوم السبت٬ السبت الموالي كان تحت الأرض٬ لذلك: كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذي العزة
والجبروت.
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
***
حوادث كثيرة لرجال ينام أحدهم فلا يستيقظ٬ أو يستيقظ فلا ينام بعد ذلك٬ يخرج من بيته فلا يرجع٬ أو يرجع
فلا يخرج٬ هذه حقيقة.
لا٬ ثم لا٬ ثم لا للإنفاق الاستهلاكي للوقت:
في طريقي إليكم كنت أف ّكر كيف مضت هذه الأيام كلمح البصر٬ إذاً: هو الوقت٬ الوقت أخطر شيء في
حياتك٬ الوقت هو أنت٬ بل هو وعاء عملك٬ بل هو أرس مالك الوحيد٬ ولا تملك غيره٬ لذلك هذا الوقت يمكن
أن ينفق إنفاقاً استهلاكياً.هؤلاء البشر أمامك يأكلون٬ ويشربون٬ ويتمتعون٬ ولا يعبئون بالمستقبل٬ يعيشون
لحظتهم٬ هم مع الصرعات٬ صرعات الأزياء٬ صرعات الأفلام٬ صرعات الإعلام٬ صرعات السياسة٬ هم معها
يتابعون الأخبار٬ يتسامرون٬ يغتابون٬ يأكلون المال الح ارم٬ يطلقون بصرهم في الح ارم٬ لا يضبطون ألسنتهم٬
لا يؤدون عباداتهم٬ يعيشون وقتهم٬ وصحتهم طيبة٬ وهم في بحبوحة٬ وعندهم دخ ٌل جيد٬ وكل يوم في نزهة٬
وكل يوم في سهرة للعب النرد... واختلاط وسرور٬ وروح مرحة٬ وفكاهة٬ وأناقة٬ وبيت من الدرجة الأولى٬
يأتي الموت فجأة لم يكن في الحسابان٬ لذلك ما هو الذكاء ؟ قالوا الذكاء هو التكيف مع أي شيء ؟ مع أخطر
حدث في المستقبل٬ إنه الموت.
ام٬ وحديقة٬ إضافة إلى
ّ
تصور بيتا من خمس غرف٬ وصالونات٬ وغرف نوم٬ وغرف استقبال٬ ومطبخ٬ وحم
ينتهي بقبٍر عرضه سبعون سنتيمت ار٬ وطوله مئة وثمانون٬
ً
مركبة٬ ومكتب تجاري٬ تصور أنّ هذا الوضع فجأة
كله ت ارب تحت الأرض.
ما بعد الموت يجب أن يوصف بأنه غبي.
ِ
ل
ّ
الذي لا يعد
واالله أيها الإخوة٬ إنّ
ه فقال: " يا نفس٬ لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها٬ لا شك أنك تمتنعين...".
َ
الغ ازلي نفس
ُ
مرة سأل الإمام
مرة كنا في سهرة فقِّدم طعام نفيس جداً٬ لكنّ طبيب قلب رفض أن يأكل٬ فلما ألحّ عليه قال: واالله إني أحب
هذا الطعام حباً جما٬ لكن لكثرة ما أرى الأوعية مسدودة من هذا الطعام كرهته٬ نظر إلى المستقبل فوجد هذا
الطعام الدسم يسبب ضيقا في الش اريين٬ ثم جلطات٬ ثم موتا مفاجئا.
لما يعيش الإنسان المستقبل يتكيف معه٬ والتكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو الموت يكون بالطاعة٬
وبالصلح مع االله٬ وبالاستقامة على أمر االله٬ وبطلب العلم٬ وبتربية الأولاد٬ وبإنفاق المال٬ وبالأعمال الصالحة٬
هذا هو التكيف٬ والذكاء هو التكيف.
لذلك أيها الإخوة٬ إنفاق الزمن إنفاق استهلاكي كما ترون٬ فالناس يعيشون لحظتهم فقط٬ يتابعون الصرعات٬موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية 12/28/2014
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1285 5/6
و يتداولون الأخبار الممتعة٬ ويرتادون الأماكن الجميلة٬ و يشترون الأكلات الطيبة٬ ويتندرون بالأخبار اليوم٬
كم مات في الع ارق اليوم ؟ خمسمئة٬ يقول: العدد كثير٬ العيار مئة في اليوم٬ هو مرتاح٬ والمسلمون ماتوا
َعه.
ت
ُ
ه ولائمه وحفلاته وم
ّ
ِهروا٬ وهو مرتاح٬ تهم
ُ
وق
يا:
ُّ
المؤمن ينفق الوقت إنفاقاً استثماريا نفعِ
يا٬ يفعل في الوقت الذي سيمضي عملاً ينفعه بعد مضي الوقت٬
见ό
أما المؤمن فينفق الوقت إنفاقاً استثماريا نفعِ
تأتي الآية الكريمة:
َ ْصِر (1) ﴾
اْلع
َ
﴿ و
( سورة العصر )
يقسم االله بمطلق الزمن٬ لهذا المخلوق الأول رتبة٬ الذي هو في حقيقته زمن٬ يقسم بهذا الزمن٬ بمطلق الزمن٬
فيقول:
ٍر (2) ﴾
َن لَفِي ُخسْ
ا
َّن اْلإِ نْسَ
َ ْصِر (1) إِ
اْلع
َ
﴿ و
( سورة العصر )
نحن بمقاييس الدنيا يقال: بيل غيت حجمه المالي تسعون مليار دولار٬ شاب بالأربعينات يملك تسعين مليار
دولار٬ يأتي الموت فينهي هذه الثروة٬ فلا ينفعه إلا عمل صالح٬ لذلك مر النبي عليه الصلاة والسلام على قبر
قال:
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
[ ورد في الأثر ]
إن ركعتين نفلا صلاهما بسرعة كنقر الديك خير له من كل دنياكم٬ هذا كلام سيد الخلق المعصوم.
ٍّي:
حديث آخر قاله النبي عليه الصلاة والسلام لعل
((
مِ
َ
الَّنع
ُ
ر
ْ
َ ُكو َن لَ َك حُم
ْن ي
ْن أَ
لَ َك مِ
ٌ
ْر
َجُ ًلا َخي
َك ر
ِب
اللَّهُ
دِيَ
ْ
َه
ْن ي
٬ َلأَ
اللَّهِ
َ
(( فَو
[ البخاري ]
(( يا علي٬ لأن يهدي بك االله رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس ))
[ لجامع الصغير عن أبي ارفع ]
كم شركة عملاقة في الأرض ؟ هناك شركات تصنع من الإبرة إلى ناقلة النفط٬ شركات يابانية٬ وهناك شركات
الأموال المجمدة التي لم تعثر لها على طريق للاستثمار تفوق مي ازنيات دول٬ لكن هداية رجل واحد خير لك
من حمر النعم٬ وخير لك من الدنيا وما فيها.
حينما يأتي الموت تكشف هذه الحقيقة٬ قال تعالى:
﴾ (22)
ٌ
يد
دِ
حَ
َ
م
ْ
َو
ُ َك اْلي
َ َصر
َك فَب
َ
نْ َك ِغ َطاء
َك َشْفنَا عَ
﴿ فَ
( سورة ق )
حجمك عند االله بحجم عملك الصالح٬ حجمك عند االله بحجم استقامتك٬ بحجم تضحيتك٬ بحجم انضباطك٬
فلذلك المؤمن ينفق الوقت إنفاقاً استثمارياً.
أربعة بنود لتفادي الخسارة:موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية 12/28/2014
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1285 6/6
هناك أربعة بنود:
ا
ْ
َصو
ا
َ
َو
ت
َ
ِّق و
ا ِباْلحَ
ْ
َصو
ا
َ
َو
ت
َ
ا ِت و
لُوا ال َّصالِحَ
َعَمِ
نُوا و
َ
َن َآم
ي
ٍر (2) إَِّلا الَّذِ
َن لَفِي ُخسْ
ا
َّن اْلإِ نْسَ
َ ْصِر (1) إِ
اْلع
َ
﴿ و
ِر (3) ﴾
ْ
ِبال َّصب
( سورة العصر )
إن فعلت هذه الأشياء الأربعة فأنت ناج من الخسارة٬ وما سوى هؤلاء فخاسرون
ترك رج ٌل فندقا من ثمانين طابقا في أرقى بلد أوربي٬ والفندق ممتلئ دائماً٬ فندق من خمس نجوم٬ مات الرجل
وو ِضع في قبر٬ أين هذه الثروة ؟ ذهبت.
الآية الدقيقة التي كان سيدنا عمر بن عبد العزيز يقرؤها دائماً:
و َن
ُ
تَّع
َ
ُم
َكانُوا ي
ا
َ
م
ْ
م
ُ
نْه
ا أَ ْغنَى عَ
َ
ُو َن (206) م
د
ُوعَ
َكانُوا ي
ا
َ
م
ْ
هُم
َ
اء
َن (205) ثَُّم جَ
ي
ِسنِ
ْ
نَاهُم
ْ
تَّع
َ
ْن م
ْ َت إِ
أَي
َ
﴿ أَفَر
﴾ (207)
( سورة الشع ارء)
لذلك هذه الدنيا لا تعدل عند االله جناح بعوضة٬ ولو أن الدنيا تعدل عند االله جناح بعوضة لما سقى الكافر
منها شربة ماء٬ لذلك اليوم الذي تزداد به معرفة باالله٬ وتزداد عملاً صالحاً ترقى به عند االله٬ وتزداد به دعوة
إلى االله٬ وتزداد صب ارً على طلبك للحقيقة٬ وعلى عملك وفقها٬ وعلى دعوتك إليها٬ هذا اليوم اربح٬ وما سوى
هذا اليوم فخاسر٬ لأن الأيام تمضي سريعاً.
يا:
الخسارة في إنفاق الوقت إنفاقا استهلاكُّ
ما معنى خسارة ؟ لأن مضي الزمن يستهلك الإنسان٬ يمضى أول عشر سنوات٬ كلنا نعيش هذه سنوات
الستينات٬ الأخيرة٬ كنا سنة ستين وتسعمئة وألف٬ بعد ذلك ثمانينيات٬ تسعينيات٬ بعد ذلك سنة ألفين٬ الآن
ألفين وسبعة٬ كل عقد يمضي سريعاً.
كنت مدير ثانوية في بلد في الجنوب٬ وكان عندي طالب وصل إلى منصب رفيع٬ دعاني بعد ثلاثين سنة إلى
ا٬ كيف
ً
قريته أين كنت مديرها٬ قلت: سبحان االله ! مضى على ما كنت مدي ارً للثانوية في هذا البلد ثلاثون عام
مضت ؟ يقول لي طالب: أنت كنت أستاذي سنة ألف وتسعمئة وسبع وخمسين٬ مضى عليها خمسون سنة٬
نصف قرن٬ كيف مضت هذه السنوات ؟ كلمح البصر٬ لذلك:
ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيهـا
***
والحمد الله رب ا

السبت، 27 ديسمبر 2014

. الحسك (التريبولس) ... لزيادة القدرة الجنسية .. وبناء العضلات للرياضيين Puncture vine

.
الحسك (التريبولس) ... لزيادة القدرة الجنسية .. وبناء العضلات للرياضيين
نبات الحسك Puncture vine
الأسم العلمي : Tribulus terrestris
الأجزاء المفيدة من النبات:
الثمار ، والمداد ، والجذور الأرضية ، أي أن كل النبات مفيد.
في منتصف التسعينيات ، عرف نبات الحسك في أمريكا الشمالية ، وشرق أوروبا بين الرياضيين في أولمبيات الألعاب الرياضية ، حيث أقروا بأن تناولهم لنبات الحسك ، قد ساعد كثيرا في رفع كفاءة الأداء الرياضي والبدني ، لهؤلاء الرياضيين.
لماذا يتناول الأفراد نبات الحسك؟
علي مر العصور كان نبات الحسك يستخدم فى علاج قلة الخصوبة لدي الرجل والمرأة ، وأيضا لعدم القدرة علي الأنتصاب لدي الرجل وقلة الشهوة للجماع بين الجنسين. وفي العقد الماضي ، بدأ أستعمال نبات الحسك لزيادة كفاءة الأداء الرياضي عند الرياضيين.
وقد تم الترويج للعشبة علي أساس البحوث التي تمت في كل من روسيا ، وبلغاريا ، والتي أفادت بأن تناول العشبة يساعد في زيادة أعداد الحيوانات المنوية ، وأيضا في زيادة هرمون التستوستيرون ، وذلك بالتأثير المباشر علي الغدة النخامية ، وحثها علي أفراز هرمون التبويض ، وهرمون DHEA ، وهرمون الأستروجين.
وفي دراسة حديثة أستمرت لمدة 4 أسابيع ، وجد أن تناول خلاصة نبات الحسك بجرعات تقدر من 10 إلي 20 ميلجرام لكل كيلو من وزن الجسم ، يوميا ، قد رفع من كفاءة الأداء البدني للمشاركين في تلك الدراسة
أهمية تناول نبات الحسك وتنشيط الرغبة الجنسية.
نبات الحسك مؤثر جدا في زيادة نسبة هرمون التستوستيرون ، ومنشط جيد للرغبات الجنسية ، والأهم هو زيادة أعداد الحيوانات المنوية من حيث العدد والحيوية ، وذلك من خلال زيادة هرمون الأستراديول في الدم.
كما أن تناول نبات الحسك ، يقوي أنتصاب العضو الذكري ، ويطيل مدة الجماع ، ويزيد من أعداد الخلايا الأم المنتجة للحيوانات المنوية spermatozoa ، وبالتالي زيادة أعداد الحيوانات المنوية ، وذلك بزيادة نسبة هرمون التستسوستيرون الحر في الدم. وتناول نبات الحسك لدي كبار السن من الرجال فإنه يخفض من أعراض ( الأندروبوز ) المماثل لسن اليأس عند المرأة ( المينوبوز )
وأهم دراسة تمت علي نبات الحسك كانت في بلغاريا والتي أكدت علي أن نبات الحسك يزيد من نسبة هرمون التبويض LH (luteinizing hormone) بنسبة 72 % ، ويزيد من نسبة هرمون التستوستيرون الحر في الدم بنسبة 41 % ، وذلك في الرجال ذوى الحالة الصحية الجيدة في خلال مدة 5 أيام فقط من تناول العشبة.
تم أستخدام نبات الحسك منذ القدم لعلاج كثير من الحالات المرضية :
نبات الحسك كان يستخدم في اليونان كمدر للبول ، ويعالج أضطرابات المزاج العام. وفي الصين ، كان النبات يستخدم لعلاج مشاكل الكبد ، والكلي ، والجهاز الدوري والقلب. في الصين أيضا وفيتنام كان يعالج النزيف بعد الولادة ، ورعاف الأنف ، وأيضا لعلاج النزيف الداخلي في المعدة والأمعاء ، ومضاد للألتهابات. وفي جنوب أفريقيا ، يستعمل النبات لعلاج الألام الروماتزمية .
أستعمالات أخري للعشبة في علاج نسبة الكلسترول المرتفع في الدم ، وخفض ضغط الدم المرتفع ، لزيادة قوة عضلة القلب ، وتقلل من أحتجاز السوائل داخل الجسم ، وتمنع تكون الحصوات داخل الجهاز البولي. وتحسن صورة كريات الدم الحمراء والبيضاء معا ، وضد الملاريا ، والفطريات ،
هل هناك أي مضاعفات جانبية من تناول نبات الحسك ؟
الحوامل أو المرضعات ، لا يجب لهن تناول نبات الحسك.
المرضي الذين يتناولون أي أدوية أو علاجات ضد أنواع من السرطان ، مثل سرطان الثدي أو البروستاتة ، لا يجب لهم تناول نبات الحسك. ويستخدم لعلاج العجز الجنسي عند الرجال.
( المصدر دكتور حسن ندا )