كان حلمي دائماً أن أتزوج من مثقفة جامعية .. تفهمني و أفهمها ، و تشاركني كفاحي ، و تقف إلى جواري في معركة الحياة ..
و قد تحقق هذا الحلم .. للأســف ..
و وجدت إلى جواري إمرأة من نوع غريب .. إمرأة قضت أربع سنوات في كلية الآداب لتتعلم فناً واحداً .. و هو فن الإنتصار على الرجل .
إنها تتكلم في لباقة .. و تلبس شيـك .. و تلعب الجولف .. و تعزف على البيانو .. و تقرأ الكتب .. و لا يعجبها شيء في الدنيا ..
إذا سألتها أين تذهب و متى تعود .. مطت شفتيها و عاتبتني لأني لا أثق بها ..
لنكن أصدقاء ..إن خير الزواج ما قام على الصداقة ..
فإذا أعطيتها الصداقة أشعرتني بأهمية الجنس .. فإذا وجهت همي إلى الجنس .. قالت لي :
أوه .. إنت همجي .
كنا في الصعيد ، و ظلت تشكو حتى انتقلنا إلى القاهرة .. و هي الآن تشكو .. لأنها تريد السفر إلى أمريكا ..
إنها تعسة دائماً .. طموح لدرجة المرض .. تطلب كل شيء لمجرد أنها تحمل " دبلوم " قسم إنجليزي من كلية الآداب ، و تعمل نصف يوم كما يعمل الرجل ..
و مع هذا فهي أول كل شهر تتحول فجأة إلى بنت بيت و تنتظر الإنفاق عليها ..
بيتنا فوضى .. به طباخ و خادمة .. بالإضافة إلى أمي التي تعمل كخادمة و دادة للأطفال .. و أمي الآن عجوز بلغت السن التي يجب فيها أن تستريح ..
و مع هذا أجد أحياناً مناظر أتألم لها من قلبي .. أجد أمي و على حجرها طفلان .. و المدام ممددة على الفراش بعد عودتها من الشغل ، و في يدها جريدة فرنسية .
لقد بدأت أعتقد أن زوجتي شقيَّة معذَبة .
إنها لا تعرف ماذا تفعل بنفسها أو بثقافتها أو .. بي . و هي أيضاً لا تعرف معنى الثقافة .
و لكن ما ذنبي أنــا ؟ و ما الحــل ..
رد الدكتور مصطفى محمود على رسالة القارئ :
إن ذنبك هو ذنب ملايين من الرجال و النساء .. و ذنب الجيل التعس الذي يتغير بسرعة و يتلقى الهزة العنيفة التي تتلقاها عربات الترام حينما تندفع القاطرة فجأة بدون تدرج إلى الأمام ..
المرأة العصرية أمام وهج الثقافة و الحرية الفجائية .. أصبحت مهزوزة موزعة الرغبة لا تعرف ماذا تريد .. و لهذا تندفع في عدة طرق في وقت واحد ..
إنها تريد السفر و التجول حول العالم .. و تريد الحب .. و تريد الجنس .. و تريد المغامرة .. مجرد المغامرة .. و تَكفُر بالقديم لمجرد أنه قديم .. و تهلل للجديد لمجرد أنه جديد .. و تطلب ألف شيء و لا تقدم في مقابله شيئاً واحداً ..
إن إحساسها بحقوقها أكثر من إحساسها بواجباتها . إحساسها بحريتها أكثر من إحساسها بمسئوليتها . لأنها تمر بتجربة جديدة ..
إنها تخرج لأول مرة من القفص .. فلا تفكر في شيء إلا في التصفيق بجناحيها و الطيران في الجهات الأربع ..
و الحل هو الصدام ..
ليس هناك مفر من الصدام بينكما .. عامل زوجتك المثقفة على أنها غير مثقفة .. و علمها بالشدة و الحزم إن معنى الثقافة هو المسئولية ..
من كتاب / 55 مشكلة حـــب
د. مصطفى محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق