شيخ جاهد في افغانستان و رزق الشهادة في الشام
كتب في منتداه قبل ان يستشهد
اللهم لاتحرمنى الشهاده في سبيلك ......
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فضـّل بفضله العلماء والمجاهدين على كثير ممـّن خلق تفضيلا
والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وسيدّ الأوّلين والآخرين وبعد ،
إخواني الأحبّة يشهد الله ما كنتُ أحبّ أن أكتب هذا الموضوع لولا أنّ أكثر من أخ في أكثر من منتدى طلب منـّي بعد قراءته موضوعي (( ربّاه لا ترجعني من هذه المعركة إلاّ ممزّقا في سبيلك أو منتصرا )) أن أكتب بعض الذكريات التي عشتها في الجهاد وكانت حجـّتهم في ذلك شحذا للهمم فتوكـّلتُ على الله سائلا إيّاه القبول والتـّوفيق وألاّ يحبط عملي بالنـّفاق أو الرياء ،
فأكتب هذه المذكـّرات علّّ الله تعالى أن ينفعني بها أوّلا وتكون بفضله سببا لشحذ الهمم وكفّ الألسن عن الطعن بالمجاهدين ثانيا .
(( ملاحظة كلـّما أذكر كلمة شهيد (( أقصد فيها مباشرة أحسبه كذلك ولا أزكـّي على الله أحدا ))
فأبدأ ذكرياتي الجميلة هذه بقوله تعالى :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
(لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:95)
وقوله صلـّى الله عليه وسلـّم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من خير معايش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل أو الموت مظانه( رواه مسلم رحمه الله تعالى )
فيا إخوتاه لا أدري كيف أبدأ فهذه الذكريات والله أليمة لي أن أتذكـّر أياما خلتْ عشتُ فيها بسعادة لا تضاهيها سعادة ، وفرح وسرور ، ورفعة وعزّة ، وبكاء وتذلل بين يدي الله تعالى والرجاء منه الشهادة أو النـّصر . نعم إنـّها ذكريات أليمة أن أذكر أيّاما رأيتُ الموت فيها كثيرا ولم تكتب لي الشهادة فيها .
نعم ذكريات أليمة أن أتذكـّر أيّاما كنتُ فيها عزيزا بين المجاهدين أقاسي ما يقاسون ، أحرس معه ، أقاتل معه ، آكل من طعامهم ، وأشرب من شرابهم ،
وأشعر بآلامهم ، أمـّا اليوم فأنا مع القاعدين ولا حول إلاّ بالله العلي العظيم ولا يخفف هذه اللوعة والأسى على أن أصبحتُ من القاعدين إلاّ ما يكرمني به الله تعالى من ذبّ عن إخواني المجاهدين بالقلم وإلاّ لتقطـّع القلب ألما على جلوسي كما تجلس النـّساء والمعذورون .
بدأت قصتي الجميلة الرائعة عندما جاءنا الشيخ الكريم رحمه الله تعالى رحمة واسعة الشيخ تميم العدناني إلى مدينتنا التي كنتُ فيها وتكلـّم عن الجهاد الأفغاني والكرامات والشهادة وكان رحمه الله اليد اليمنى للشيخ عبدالله عزام رحمه الله تعالى وقد وافاته المنيّة قبل استشهاد الشيخ وقد كان الشيخ تميم رحمه الله خطيبا مفوّها ويـُبكي من يستمع إليه ويجعل القلوب المؤمنة تشتاق إلى الجهاد والشهادة فقدّر الله أن يكون التحاقي وعائلتي بإخواني المجاهدين بسببه رحمه الله وجعل أعمالنا جميعا خالصة لوجهه الكريم وفي ميزان حسنات من كان سببنا .
وهناك وما أدراكم ما هناك أسوق لكم بعض الذكريات التي تشعر المؤمن بالعزّة فوالله كنـّا نشعر حقيقة معنى العزّة وكيف أن من ترك الجهاد أذلـّه الله مصداقا لقوله صلـّى الله عليه وسلـّم :
إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم . (( صححه الألباني رحمه الله ))
نعم عباد الله حياة الجهاد حياة عزّة ورفعة وطمأنينة وقرب من الله تعالى كيف لا أخي الحبيب وأنت تشعر كلّ يوم وكلّ لحظة وكل طرفة عين بأنّك لعلّ هذه آخر لحظات عمرك .
كيف لا وأنت تقف في الصلاة خلف أخ لك يقرأ آيات الجهاد والاستشهاد وتذرف العيون بالدموع وتسمع بكاء إخوة لك خشوعا بين يدي الله تعالى وكأنـّك تسمع غليان الماء في القدور .
كيف لا وأنت ترى يوميّا قوافل الشهداء والجرحى والمصابين وأنت تقف أمامهم تبكي عليهم وعلى مصابهم وهم يضحكون سرورا وحبورا .
كيف لا وأنت تشعر في المعارك وكأنّ صوت عبدالله بن رواحة رضي الله عنه ((في هذه القصة)) في آذان المجاهدين وإليكم قصته رضي الله عنه :
حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بن عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بن عَبْدِ اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَكَانَ أَحَدُ بني مُرَّةَ بن عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، ثُمَّ عَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ، أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ الرَّايَةَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ، وَيَتَرَدَّدُ بَعْضَ التَّرَدُّدِ، ثُمَّ قَالَ:
أَقْسَمْتُ يَا ��َفْسُ لَتَنْزِلنَّهْ لَتَنْزِلنَّهْ طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ
مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشدُّوُا الرَّنَّهْ
لَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ هَلْ أَنْتَ إِلا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ:
يَا نَفْسُ إِنْ لَمْ تُقْتَلِي تَمُوتِي هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ إنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ
نعم إخواتاه والله لن ولن ولن يستطيع كتـّاب الأرض جميعا أن يشرحوا حياة العزّ في الجهاد إلاّ بإذن الله أوّلا ثمّ بمعايشة الجهاد والمجاهدين .
إخوتاه ألا تقرؤون السيرة العطرة ألا تقرؤون قصص الصالحين والمجاهدين ؟
إخوتاه حياة الجهاد في كلّ حين لها طعم لا يشعر به إلاّ من ذاقها فهل لو بقيتُ لساعات وساعات أشرح لك حلو مذاق نوع ما من الحلوى ولم تذقه هل ستشعر بلذة المذاق له إلاّ بعد أن تذوقه أخي الحبيب .
إخوتاه كم كنـّا نرى إخوة لنا يبكون أتدرون لماذا يبكون؟؟!!
نعم إنـّهم يبكون لأنّ القرعة لم تأتِ عليهم للذهاب إلى العملية الجهادية المنتظرة .
يا الله إن نسيتُ فلن أنسى ذاك اليوم الذي وقعت فيه القرعة على قائد مجموعتنا للذهاب للعمليّة بكينا حزنا على أنفسنا لأنـّنا كنـّا نعلم أنّ هذه العمليّة سيستشهد فيه الكثير من إخواننا لخطورتها وأهمـّيتها وكان الأخ فرحا مسرورا وفعلا أكرمه الله تعالى بإذنه بها .
كنـّا نبكي أسفا على أنفسنا أنّ القرعة لم تكون من نصيبنا (( طبعا وكلّ ذلك بقدر الله تعالى ))
وهل أنسى قائدا آخر لمجموعتي كان يسمـّي نفسه (( ربعي بن عامر )) تيمـّنا بالصحابي الجليل رضي الله عنه فلقد كان يصدق عليه القول(( أمير القوم خادمهم)) فوالله لقد كان أكثرنا حركة ونشاطا وخدمة لإخوانه فهو بالمطبخ طبّاخا وبالنـّظافة سيّدها وبالخدمة خادمنا وبالحراسة أوّلنا وبالعبادة والمناجاة أتقانا وقدّر الله أن أترك مجموعته وأذهب إلى مكان آخر فكنتُ أتكلّم مع أحد إخواني عنه (( أي عن ربعي )) فقلتُ له ما أراه إلاّ شهيدا بإذن الله تعالى ولن تتأخـّر شهادته (( بإذن الله تعالى )) وصدقا في اليوم التـّالي أو الذي بعده علمتُ باستشهاده رحمه الله.
وأيضا وأيضا هل ننسى إخوة كثر كان أحدهم يستيقظ من نومه فرحا مسرورا مستبشرا فلا يقصّ علينا سبب استبشاره إلاّ بعد أن نلحّ عليه ونرجوه أن يخبرنا الخبر .
فيبتسم ويقول أنا اليوم صائم بإذن الله لأنـّي رأيتُ نفسي أفطر مع الحبيب صلـّى الله عليه وسلـّم .
وآخر لأنـّي رأيت الحوراء .
وآخر رأى وهو في اليقظة (( أقول في اليقظة وليس مناما ))يحرس مع أخ له فيقول له أبعد وجهك لا تنظر إلى فوق فيقول له لماذا يا أخي فيقول هذه الحوريّة تبتسم لي وما هي إلاّ لحظات وتأتيه الرصاصة أو القذيفة فتأخذه إلى ربّه شهيدا .
إخوتاه ماذا أقول أيضا وأيضا لقد تفطـّر قلبي حزنا وأنا أكتب لكم الآن وأنا جالس أمام الحاسوب فيا حسرتى إن أحبط الله عملي وجعلني مع الخالفين .
أمـّا الشيخ الجليل رحمه الله نحسبه قد أفضى إلى ربّه شهيدا والله حسيبه .
أتدرون من أقصد إنـّه الشيخ الحبيب إلى قلوب المخلصين ،
إنـّه من كان بفضل الله تعالى سببا لنصرة المجاهدين وتوحيدهم ،
إنـّه من قدّم نفسه وولديه (( نحسبهم كذلك والله حسيبهم )) رخيصة في سبيل الله تعالى ،
لا أظنّ أنّ أحدا منكم لم يفهم مرادي إنـّه الشيخ الحبيب عبدالله عزام فلقد أكرمني الله والله على ما أقول شهيد أن أجلس بين يديه مرّتين والله ثالثنا ثمّ حارسه الشخصي بعيد عنـّا قليلا .
فماذا أقول عنه أتدرون عباد الله أنـّي لم أستطع أن أرفع طرفي إليه إلاّ خطفا من شدّة هيبته ووقاره رحمه الله تعالى .
فوالله يذكـّرنا بسلفنا الصالح غفر الله له وجعل مأوانا ومأواه الفردوس الأعلى مع الحبيب محمّد صلـّى الله عليه وسلـّم .
إخوتاه ما أجمل تلك الذكريات .
ما أجملها وأنت في ثغر من الثغور أو موقع من المواقع في شدّة البرد والمطر وأنت تأخذ قسطا من الراحة فيأتي إليك أخوك ليوقظك للحراسة فتخرج في شدّة البرد والمطر وتسير لمسافة طويلة لتأخذ مكان أخيك تشعر بالبرد القارص يدخل إلى قلبك وتشعر معها بمعيّة الله تعالى .
تشعر وأنت واقف بين يديه تصلـّي في جوف الليل ترجوه وتلحّ عليه بالدعاء ربّاه جئتك من بلاد بعيدة بذنوب عديدة أرجوك وأدعوك أن تتقبّلني عندك تختصـّني بالشهادة أو النـّصر .
إخوتاه صدقا الوصف لهذه الأمور من أصعب الأمور .
تضرع وخشوع
تذلل ودموع
رجاء وخضوع
دعاء لله الرحيم ألاّ ترجع إلى أهلك إلاّ ممزّقا أو منتصرا
تذكـّر للنـّعيم المقيم في جنـّات النـّعيم مع النـّبيين والصّدّقين والشهداء والصالحين .
تقف بين يدي الله في الصلاة وأنت تشعر لعلـّها آخر صلاة لك .
هل أنسى كيف أنـّي كنتُ أصلـّى الضحى في أحد المواقع الجهادية وأنا أقرب ما أكون من ربي ساجدا بين يديه فتسقط قذيفة دبأّبة بعيدة عنـّي يأتي منها شظيّة صغيرة والله تسقط بقرب رأسي وأنا ساجد ولا تبعد عنه( رأسي) إلاّ سنتيمترات قليلة .
ولكن هذا قدر الله ما زال في العمر بقية كم كنتُ أتمنـّى حينها لو جاءت برأسي فيا لها من ميتة جميلة في ساحة الجهاد وأنا أصلي بين يدي الله بل وأنا ساجد له .
آه ثمّ آه سامح الله من ألحّ عليّ بكتابة هذا الموضوع فلقد حرّك في قلبي الأسى على أيّام جميلة مضتْ نعم مضتْ ولكن أسأل ربّي الرحمن أن يكون قد كتبها لي ولجميع إخواني في صحيفة حسناتنا .
إخوتاه يكفيني ويكفيكم هذا القدر من الكلمات التي حرّكتْ منـّي الفؤاد أسى ولكن لا أقول إلاّ الحمد لله على قضائه وقدره .
ونصيحتي لكم جميعا وخصوصا لمن طعن وهمز ولمز بعموم المجاهدين وخصوصهم :
اتـّقوا الله فلن ولن ولن تعرفوا قدر المجاهدين إلاّ إن ذقتم لذة الجهاد في سبيل الله تعالى .
فإن كان الله تعالى لم يكرمكم بالجهاد بالنـّفس فكفـوا عباد الله ألسنتكم عن الطعن بهم تفوزوا فوزا عظيما بإذن الله تعالى .
إخوتاه لا يظنّ ظانّ أنّ المجاهدين الآن في العراق أو فلسطين أو أفغانستان أو أو أو أو يلتفتون إلى طعن الطاعنين وهمز الهامزين ولعن اللاعنين فهم لا يفكـّرون إلاّ بمرضاة الله تعالى وهم ما خرجوا من ديارهم إلاّ نصرة لدين ربّهم ثمّ لنصرة إخوانهم .
فالخاسر من يطعن بهم
والمسيء من أساء إليهم بالهمز أو الطعن أو السبّ أو التـّشكيك أو أو أو .
فارحموا أنفسكم عباد الله وانتبهوا أن يصيبكم حديث نبيّكم صلـّى الله عليه وسلـّم : قد روى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب
اللهمّ أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيتَ به وإذا سئلتَ به أن تتقبّل منـّي جهادي ولا تحبط عملي بالنـّفاق أو الرياء وتغفر لكلّ من طعن بي شخصيّا وتستر عليه وتهديه إلى صراطك المستقيم
وأن تهدي كلّ من طعن بعموم المجاهدين وخصوصهم برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهمّ من سألك الشهادة بصدق فأكرمه بها يا أرحم الراحمين.
اللهمّ طهر قلوبنا من الحقد والضغينة والبغضاء والطعن والهمز واللمز والسبّ للمجاهدين عمومهم وخصوصهم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وكالة الأنباء الإسلامية - حق
"محب رؤية الرحمن" هو شيخ المنتديات وحكيمها ومصلحها الناصح الأمين المشفق ذو القلب الرحيم، كيف لا يكون كذلك وهو قد امتلك قلوب الجميع بحبه وعطفه وخلقه وسماحته وسعيه الدائم للإصلاح ونشر الكلمة الطيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون أن يجرح أحداً وتقديم النصيحة دون ملل ولا كلل. بهذه الكلمات نعته إدارة منتديات الشموخ الإسلامية.
هو الشيخ المجاهد الحافظ لكتاب الله وأسد الدعوة والجهاد /جمال اليافي..أبو نزيه " محب رؤية الرحمن " والذي ترجل عن صهوة جواده شهيداً سعيداً مقبلاً غير مدبرا ، صابراً محتسبا، راجياً لقاء خالقه وهو راض عنه بعد أن تفطر قلبه شوقاً وتلهفاً لرؤيته جل في علاه..
استشهد تقبله الله تعالى وهو يقارع النصيريين في المعركة التي دارت مؤخراً بين جبل محسن و باب التبانة في مدينة طرابس اللبنانية صباح يوم الأحد 8/12/2012 بعد أن أصابته رصاصة قناص حاقدة في رأسه ليسقط بين يدي إخوانه مضرجاً بدمائه مسلماً روحه لربه في سكون وطمأنينة.
وعن كيفية استشهاده قال أحد الثقاة من تلاميذه ومقربيه : لقد كنا في منطقة المنكوبين الملاصقة لجبل محسن معقل النصيريين الكلاب, كنت أجلس خلف دشمة تطل على شوارعهم لأقنص, فقال لي مازحا ما أبخلك جئت لتقوس وحدك, فقلت له يا شيخ أنت الأصل تعال, فأخذ القناصة مني و جلست جانبا فما هي إلا دقائق أطل رأسه من الدشمة فأتته رصاصة عيار 500 من سلاح الجيش الصليبي فأردته قتيلا.
لقد طار أغلب رأسه و خرج دماغه للخارج, قلبته على ظهره فإذا هو ينظر إلى السماء عاضا على لسانه, خرجت روحه و فتح عينيه و أغلق فمه, ثم تحول لونه مباشرة إلى صفار ثم إلى بياض و الله على ما أقول شهيد، استشهد و لله الحمد مقبلا غير مدبر.
صلى الفجر فينا إماما فقرأ في الركعة الأولى "و لا تحسبن الذين قتلوا..." و في الركعة الثانية قرأ آيات الصف "يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم...".
كان حافظا لكتاب الله , درّس القرآن في باكستان وأفغانستان و في بلده لبنان, أنا تلميذه منذ خمسة عشرة عاما, منذ كنت صغيراً كان يدرسني القرآن, شارك في الجهاد الأفغاني ضد الروس, التقى بالشيخ المجاهد عبد الله عزام تقبله الله و جلس معه مرتين, و شارك في الجهاد ضد السوريين في لبنان عندما دخلوا إلى الأراضي اللبنانية.
كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر, قواماً صواماً, وكثير الصدقة رحمه الله .
كانت آخر خطبة خطبها هي نصرة للإخوة الذين قتلوا في كمين تلكلخ, و كانت مهاجمة للمخابرات وللنظام ودعا فيها كثيراً أن يكون شهيداً كحمزة رضي الله عنه لقوله كلمة الحق في وجه سلطان جائر, كانت أمنيته الغالية الشهادة في سبيل الله و رؤية وجهه سبحانه.
شيعه أكثر من عشرة آلاف رجل, بكى عليه الرجال و النساء، وقد قتل يوم الأحد 8/12/2012 الساعة السابعة و النصف صباحا.