وُلد الكاتب والروائي فيودور دوستويفسكي في العاصمة الروسية موسكو، في 11 نوفمبر 1821م، كان والده يعمل طبيبًا، وعاش دوستويفسكي في عائلة متدينة، وانعكس ذلك عليه، فكان متديّنًا للغاية طوال حياته، وأحبّ القراءة منذ بداية شبابه، وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره توفيت والدته، وقُتل والده بعد ذلك.[١] مسيرة دوستويفسكي التعليمية تلقّى فيودور دوستويفسكي تعليمه في البدايات على يد والديه ومربّيته، وعندما بلغ سن الثالثة عشر أرسله والده إلى مدرسة خاصة، وعند بلوغه عمر الثامنة عشر عام 1839م، التحق بمدرسة عسكرية في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، وتدرّب هناك لتجهيزه ليُصبح مهندسًا عسكريًا، ولكنّه كره هذا المجال وعشق الأدب، لذلك بعد أن أكمل دراسته، ابتعد عن حياته المهنية المُفترضة التي تدرّب عليها في أثناء دراسته، واتّجه نحو الكتابة، وما اتّضح من كتاباته المبكّرة أنّه كان شابًا نشيطًا ومتحمسًا، ولكنّه غير مستقر عاطفيًا إلى حدٍ ما.[١] حياة دوستويفسكي المهنية كان فيودور دوستويفسكي يحمل رتبة ملازم ثانٍ عندما تخرّج من أكاديمية سانت بطرسبرغ العسكرية، وبعد أنْ قدّم استقالته، واعتزل العمل العسكري بدأ بالكتابة، وأصبح دوستويفسكي واحدًا من أهم الكتّاب الروائيين وعلماء النفس الأدبيين في العالم، وانحصرت حياة دوستويفسكي المهنية في أعماله الأدبية التي تناولت القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية، وأول عمل أدبي له كان كتابه الأول "Poor Folk" (الفقراء).[٢] حياة دوستويفسكي الشخصية تزوّج فيودور دوستويفسكي من ماريا دميترييفنا إيزيفا عام 1857م، ولم يكن سعيدًا بزواجه، وتزوّج مرة أخرى بعد وفاة زوجته من آنا جريجوريفنا سنيتكينا بعد وفاة زوجته الأولى، وعُرف عن دوستويفسكي تعدّد علاقاته العاطفية،[٣] أنجبت زوجة دوستويفسكي الثانية منه أربعة أطفال، وهم: صوفيا التي توفيت عندما كانت رضيعة، وليوبوف، وفيودور، وأليكسي الذي توفي في سن الثالثة من عمره.[٤] مؤلفات دوستويفسكي لفيودور دوستويفسكي العديد من الأعمال الأدبية، من أبرزها ما يأتي: القصص القصيرة كتب فيودور دوستويفسكي العديد من القصص القصيرة من أبرزها ما يأتي: السيد بروخارشين (Mr. Prokarchin) كتب دوستويفسكي القصة القصيرة السيد بروخارشين عام 1846م، وهي مُستوحاة من قصة حقيقية لرجلٍ بائس يعيش حياة الفقر المُدقعة، فهو يأكل القليل جدًا من الطعام، وينام على فراش سيء للغاية، ولكن بعد وفاته اكتشف جيرانه بأنّه يمتلك مبلغًا هائلًا من المال في غرفته، وأنّه تعمّد العيش بهذه الطريقة البائسة.[٥] قلب خافت (A Faint Heart) كتب دوستويفسكي القصة القصيرة قلب خافت عام 1848م، تدور أحداث القصة حول شاب في مُقتبل العمر، كان حلمه تحقيق السعادة المُطلقة، وخلال سعيه لتحقيق هدفه يُصاب بالجنون، نظرًا لأنّه لا يمكن لأي إنسان تحقيق السعادة التامّة، من دون وجود أيّة عقبات.[٦] اللص الصادق (An Honest Thief) كتب دوستويفسكي القصة القصيرة اللص الصادق أو اللص الشريف عام 1848م، تروي القصة حكاية لرجل يُدعى أستافي إيفانوفيتش، وفيها يقوم لص يُدعى إيميليان إليتش بسرقة معطفه، ويحاول الرجل الوصول إلى السارق لكن دون فائدة، وفي يوم صادف أستافي اللص، وبدأ يخبره عن مدى كرهه للصوص، ووجد إيميليان إليتش نفسه يكره اللصوص أيضًا، وبعدها انتقل للعيش مع أستافي إيفانوفيتش في شقته، ولكن عاد اللص لسرقة الرجل مرة أخرى، ولكنه اعترف بذلك في نهاية القصة.[٧] حلم رجل سخيف (The Dream of a Ridiculous Man) كتب دوستويفسكي القصة القصيرة حلم رجل سخيف في عام 1877، وتدور أحداث القصة حول رجل يدفعه البؤس والاكتئاب إلى اتخاذ قرار الانتحار، وفي طريقه لتنفيذ قراره يجد بعض الأشخاص الذين يحتاجون للمساعة، ويقوم بتقديمها لهم، ويكتشف من خلال هذه المواقف أنّ مشكلته تكمن في عدم وجود أيّة اهتمامات أو هدف في حياته، وفي هذه الأثناء استيقظ الرجل من حلمه، وأزال فكرة الانتحار من عقله، وبدأ بمساعدة الآخرين.[٨] التمساح (The Crocodile) كتب دوستويفسكي القصة القصيرة التمساح التي نُشرت عام 1885م، تدور حول رجل (إيفان ماتفيتش) قام بزيارة إلى حديقة الحيوان برفقة زوجته (إيلينا إيفانوفنا)، ونتيجة لمضايقة إيفان ماتفيتش للتمساح، قام التمساح بابتلاعه حيًا، والمفارقة تكمن بأنّ الرجل وجد راحته في داخل التمساح، ورفض أنْ يُقطع التمساح ليخرج من داخله، رغم توسّلات زوجته، وفي النهاية تُفكّر إيلينا إيفانوفنا بالطلاق، بينما يُفضّل إيفان ماتفيتش البقاء في داخل التمساح.[٩] الروايات من أبرز الروايات التي كتبها فيودور دوستويفسكي ما يأتي:[١٠] رواية المُهانون والجرحى (The Insulted and) كتب دوستويفسكي رواية المُهانون والجرحى عام 1861م، تدور محور أحداث الرواية حول شخصية فانيا، الكاتبة الشابة التي تتشابه أحداث حياتها إلى درجة كبيرة مع أحداث حياة دوستويفسكي الحقيقية.[١٠] رواية الجريمة والعقاب (Crime and Punishment) كتب دوستويفسكي رواية الجريمة والعقاب عام 1866م، وتعد هذه الرواية من أهم أعماله الأدبية، وتركّز الرواية على الأزمات الأخلاقية، وصراعات الأفكار الداخلية، وتتمحور أحداث الرواية حول رجل فقير يقتل عجوزًا مُرابية طمعًا في سلب أموالها.[١٠] ويبرّر جريمته بأنّه يريد أنْ يساعد الآخرين بأموالها، ويقوم بأعمال جيدة بهذه الثروة المُستحدثة، ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان، فقد أصبح الرجل يعيش في صراعات عقلية شديدة، بسبب ما اقترفه، والمفارقة أنّه في الوقت الذي أنهى فيه دوستويفسكي كتابة هذه الرواية، كان مدينًا بمبالغ مالية كبيرة، ولكنه بدأ يقدّم المساعدات المالية لعائلة شقيقه المتوفي.[١٠] رواية المُقامر (The Gambler) كتب دوستويفسكي رواية المُقامرعام 1866م، في الوقت الذي كان يُعاني فيه من ضغط نفسي ومعنوي شديدين، نتيجة الديون التي تراكمت عليه، بفعل إدمانه على المقامرة، وتدور أحداث الرواية حول مدرّس شاب سلك طريق القمار لكسب المال، ليجذب ابنة أحد الرجال الأثرياء، الذي كان معجبًا بها.[١٠] رواية الأبله (The Idiot) كتب دوستويفسكي رواية الأبله عام 1868، وقد قيل إنّ الشخصية الرئيسة في هذه الرواية هي الأكثر تشابهًا مع شخصية دوستويفسكي الحقيقية، من حيث المعتقدات والمبادئ التي يؤمن بها، ومن حيث أبرز الأحداث التي عانى منها في حياته، مثل إصابته بالصرع، ودخوله السجن، وتدور أحداث الرواية حول رجل بسيط ولطيف، قابل العديد من الشخصيات اللاأخلاقية التي تشبهه، بل سخرت من بساطته، وجعلته يشعر بالغباء وقلة البصيرة.[١٠] المقالات كتب فيودور دوستويفسكي عدد كبير من المقالات، ومن أبرزها ما يأتي:[١١] مقالة ملاحظات الشتاء على انطباعات الصيف (Winter Notes on Summer Impressions): هي مقالة مطوّلة كتبها دوستويفسكي، في أثناء سفره إلى أوروبا، وقد نُشرت المقالة في مجلة عام 1836م، كان هو محرّرها، وفيها سجّل الكاتب انطباعاته حول أسلوب الحياة في أوروبا، الذي لم يرق له كثيرًا.[١١] يوميات كاتب (A Writer's Diary): يوميات كاتب هي سلسلة من المقالات التي بدأ بكتابتها دوستويفسكي كعمود شهري في مجلة أدبية عام 1876م، وفيها كتب عن عدة مواضيع متنوعة، منها القصص القصيرة، وتقارير عن جرائم مثيرة، ومواقف تعرّض لها.[١٢] وفاة دوستويفسكي توفي فيودور دوستويفسكي بتاريخ 28 يناير عام 1881م، عن عمر يناهز 59 عامًا في مدينة سان بطرسبرج الروسية، بسبب معاناته المزمنة مع مرض الصرع، وكان وقتها في أوج حياته المهنية، فقد بدأ الاهتمام يزداد بأعماله حتى في أوروبا، وقد حزن الكثيرون على موته، ولكن لم يُنسَ دوستويفسكي بعد موته، فقد كانت له العديد من التكريمات والتشريفات، من أبرزها افتتاح متحف في المكان الذي كتب فيه رواته الأولى والأخيرة، وتسمية كوكب صغير مُكتشَف باسمه، وصدور طابع بريدي خاص به.[١] اقتباسات من مؤلفات دوستويفسكي من أبرز اقتباسات دوستويفسكي ما يأتي:[١٣] الألم والمعاناة لا مفرّ منهما دائمًا للذكاء كبير والقلب العميق، وأعتقد أنّ الرجال العظماء حقًا يجب أن يكون لديهم حزن كبير على الأرض. أن يخطئ المرء في طريقه أفضل من أن يسير بشكل صحيح في طريق شخص آخر. ما هو الجحيم؟ أصر على أنها معاناة عدم القدرة على الحب. أقول دع العالم يذهب إلى الجحيم، لكن يجب أن أتناول الشاي دائمًا. تشفى الروح بصحبة الأطفال. ليست الأدمغة هي الأكثر أهمية، ولكن ما يوجهها، وهي: الشخصية، والقلب، والصفات الحميدة، والأفكار التقدمية. ترك فيودور دوستويفسكي إرثًا كبيرًا من الأعمال الفنية، من روايات وقصص قصيرة ومقالات أدبية، والتي أثرت على المفكرين والكتاب العظماء في العالم الغربي وخُلّد كعملاق بين كتّاب الأدب العالمي، فقد كتب عن معظم المشاكل والقضايا الأخلاقية، وتعمّق في أغلب المشاعر الإنسانية مثل: الحب والكره والشر وحب المال والإيمان، وغيرها الكثير من العواطف والاحتياجات البشرية، كما استخدم الخيال في خدمة أعماله الأدبية؛ لهذا يُعدّ دوستويفسكي من أقوى وأهم أدباء الغرب في القرن العشرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق