لم تبدأ حرب يونيو 67 يوم 5 يونيو، وإنما بدأت بداية فعليّة يوم 28 مايو
1967م بأحداثه الكثيرة والمؤثرة في التاريخ الحديث للمنطقة العربية والإسلامية،
والتي قد تظل آثارها ممتدة إلى 100 عام.. ففي هذا اليوم أرسلت إسرائيل
وزير خارجيتها لمقابلة الرئيس الأمريكي جونسون في واشنطن، وحصل على الضوء
الأخضر بشن الهجوم الإسرائيلي على مصر بعد أن اطمأنّ الغرب والروس (طرفا
التآمر) أن "ناصر" لن يهاجم إسرائيل، وبعد أن حصل على تأكيدات بأن أمريكا
لن تفعل مع إسرائيل ما فعله أيزنهاور عام 1956م أثناء العدوان الثلاثي على
مصر وتطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المصرية.
وفي هذا اليوم قام عبد الناصر بغلق مضيق تيران، وإنهاء عمل قوات الطوارئ الدولية في سيناء، واستكمال التعبئة العامة للدولة، وإعلان حالة الحرب في مظاهرة تليفزيونية، في حين أعلنت إسرائيل التعبئة سرًّا وبتخطيط دقيق ومحكم للغاية، وبالتالي قام جونسون بالاتصال برئيس الوزراء السوفيتي كوسيجين وأبلغه أن مصر تنوي شنّ هجوم على إسرائيل يوم 29 مايو، وطلب منه إبلاغ "عبد الناصر" بأن أمريكا لن تسمح للطرفين (مصر وإسرائيل) بشن هجوم على الآخر، وضرورة احترام اتفاقيات الهدنة.
وأبلغت موسكو القاهرة رسالة واشنطن وحصلت على تأكيدات بأن مصر لن تهاجم إسرائيل، ونقل الروس التأكيدات إلى واشنطن... وأتبع ذلك أن طلب جونسون من أمين عام الأمم المتحدة آنذاك هو ومبعوث أمريكي أن يتوجها للقاهرة للقاء عبد الناصر ونائبه زكريا محيي الدين؛ ليؤكدا لهما أن إسرائيل لن تهاجم مصر، ويحصلا على تعهُّد من "ناصر" بأن مصر لن تهاجم إسرائيل ولن تبدأ الحرب، وكانت هناك رسالة رسمية سُلِّمت لمحمود رياض وزير خارجية مصر بأنه سيتم اتخاذ إجراء ضد البادئ بالحرب (علمًا بأن جونسون وإسرائيل كانا يخططان للحرب فعلاً)، وبذلك أصبح الطريق خاليًا أمام إسرائيل لشن الهجوم وهي مطمئنة!
وزيادة في الخداع الأمريكي السوفيتي الإسرائيلي، طلبت واشنطن من مصر إرسال نائب الرئيس المصري إلى أمريكا للتفاوض بشأن مضيق تيران، وتحددت الزيارة يوم 5/6/1967م! وفي يوم الجمعة 2 يونيو 1967م عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية اجتماعًا مهمًّا سيذكره التاريخ طويلاً، حضره جميع القيادات العسكرية، وبدأ عبد الناصر الحديث، واتضح أنه صدّق الخدعة التي أحبكت له بمهارة ثلاثية (أمريكا - السوفيت - إسرائيل)، وأبلغ جميع القادة بأن إسرائيل ستهاجم مصر الساعة الثامنة صباح يوم الاثنين 5 يونيو 1967م، وعلى الجيش المصري أن يتلقى الضربة الأولى!!
وللأسف، أيّده نائب القائد الأعلى عبد الحكيم عامر آنذاك (وهذا خطأ عسكري فادح يعلمه أصغر مقاتل في الجيش المصري)، واعترض اثنان فقط من القادة الحضور هما: قائد القوات الجوية وقائد سلاح المدرعات، وقالا بالنص: قد تكون الضربة الأولى والأخيرة، ولن تقوم لنا قائمة. وقد كانت، وتعرض هذان السلاحان لخسائر فادحة.
- وفشلت أجهزة المخابرات المصرية والعربية في تحديد خطط وحجم القوات الإسرائيلية بأفرعها المختلفة ونوعية السلاح المستخدم والمصنع لدى إسرائيل، وكذلك فشلت في مقارنة القوات والمعدات، ولم تنجح إلا في معرفة توقيت الهجوم ولم تستغل هذه المعرفة.
والواقع أن إسرائيل استعدت لهذه الحرب جيدًا وعاونتها -بكل إمكانياتها- الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كان النقيض على الطرف الآخر، حيث كانت تعم الفوضى وعدم التخطيط ويسود التفرق جميع الجيوش العربية، وكذلك أنظمتها الغاشمة، وأتبع ذلك سوء تخطيط لكل جيش من الجيوش العربية وعدم التدريب والاستعداد، لا نقول لحرب إسرائيل ولكن عدم القدرة حتى عن الدفاع عن حدود الدول ضد أي تهديد أو التنسيق بين أفرعه المختلفة، وبالتالي كان كل سلاح أو قوة رئيسية (البرية - الجوية - البحرية) في حالة من عدم التنسيق مع السلاح نفسه، وأكبر دليل على ذلك ما حدث في الحرب.
يوم 5 يونيو .. الهجوم الجوي
وجاء يوم 5 يونيو 1967م وحدث ما كان متوقعًا، وقامت إسرائيل في الساعة 8.45 دقيقة صباح الاثنين 5 يونيو لمدة ثلاث ساعات بغارات جوية على المطارات الحربية المصرية وقواعد الدفاع الجوي في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل ووسط الصعيد على موجات استهدفت الأولى 11 مطارًا، والثانية استهدفت 14 مطارًا، عدا مطار العريش؛ حتى يتسنى لها استخدامه بعد احتلاله، ودمرت ما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض، وشلت وسائل الدفاع الجوي وكذلك التجمعات الرئيسية للقوات المسلحة على أرض سيناء.
- وشاهد الفريق عبد المنعم رياض المبعوث من مصر إلى الضفة الغربية لمراقبة الأوضاع الإسرائيلية من جبل عجلون بالضفة الغربية لمراقبة الأوضاع الإسرائيلية وهي تقلع جميعها من المطارات باتجاه البحر المتوسط والبحر الأحمر على ارتفاعات منخفضة؛ لتهرب من الرادارات المصرية، فبدأ بإرسال الإشارة المتفق عليها (عنب) منذ اللحظة الأولى لإقلاع الطائرات الإسرائيلية، ولكن الإشارة لم تصل إلى القيادة المصرية؛ لأن التنسيق غير كافٍ (الذي قام بتغيير الشفرة هو مساعد في قوات الدفاع الجوي، وهذا عمله الروتيني الأسبوعي؛ لأن التنسيق لم يصل من القيادات إلى القوات - تمت محاكمته لاحقًا هو وقائد الطيران والمدرعات اللذَيْن اعترضا على تلقي الضربة الأولى!).
- وكذلك طلب عبد المنعم رياض من وزير الحربية السوري (حافظ الأسد - أحد أطراف التآمر السوري) أن يقوم الطيران السوري بشن هجمات على المطارات الإسرائيلية التي أقلعت للهجوم على مصر ويضرب الممرات؛ لأنها جميعها خالية، وبالتالي عند عودة الطيران من هجومه على مصر لا يستطيع الهبوط على أرض المطارات، وبالتالي تدمر جميع الطائرات الإسرائيلية بعد نفاد وقودها وعدم القدرة على الهبوط؛ لعدم صلاحية مهابط المطارات. وطبعًا رفض حافظ الأسد؛ لأنه يخطِّط لإدخال المنطقة كلها في حرب تمكِّنه من السطو على حكم سوريا.
- وفي هذه الأثناء كان عامر نائب القائد الأعلى ومعه قائد القوات الجوية ومجموعة من الضيوف ذهبوا في طائرة إلى سيناء (لذلك صدرت الأوامر بتقييد وسائل الدفاع الجوي، وقد لعب هذا الموقف دورًا كبيرًا في مستقبل الأحداث، وساعد على خلق ظروف غير مواتية للدفاع عن سماء مصر)؛ لتفقد القوات المنتشرة انتشارًا غاية في السوء، ولم يستطع الهبوط بالطائرة بمطار المليز؛ لأنه قد دُمِّر، وانصرف جميع القادة الذين كانوا ينتظرون استقبال نائب القائد الأعلى ولم يتمكنوا من السيطرة الفعلية على وحداتهم مع بداية الحرب؛ نظرًا لحالة الفوضى التي عمت نتيجة الضربات الإسرائيلية.
- وأكملت إسرائيل بعد أن قضت على غالبية القواعد الجوية المصرية هجومها الجوي على القواعد الجوية لكل من الأردن سوريا والعراق، وبدأت في الوقت نفسه الهجوم البري، فقد خططت إسرائيل تخطيطًا جيدًا لحرب يونيو 67، وكانت الخطة الإسرائيلية سنة 1967م هي نفس خطة 1956م، والخطط في العادة لا تتغير؛ لأنها محكومة بالجغرافيا، وإنما تتغير أساليب القتال والتحركات وملابسات الخداع والمفاجأة... إلخ.
يوم 5 يونيو .. الهجوم البري
- وبدأت إسرائيل هجومها البري على سيناء من عدة محاور، مستغلة حالة الفوضى العارمة التي سادت الجيش المصري وقياداته غير المؤهلة (فالمشير عامر نائب القائد الأعلى رقِّي من رائد إلى لواء عام 56، ثم إلى مشير مع الوحدة الفاشلة مع سوريا، وهو لا يتمتع بأي علم وتأهيل عسكري سوى صداقته لعبد الناصر)؛ وبالتالي كان المقربون منه هم أهل الثقة وليس الخبرة، وأسند لهم جميع المناصب القيادية في القوات المسلحة، وتم إقصاء أهل الخبرة والعلم العسكري.
وكانت أولى نتائج الهجوم البري التي جهزت له إسرائيل ليلة 5 يونيو الاستيلاء على عدة مواقع حدودية بسرعة خاطفة، وطبقت عليها أسلوب الحرب الخاطفة، وهاجم الجيش الإسرائيلي القوات المصرية المنتشرة انتشارًا سيئًا للغاية، وقاتل المقاتلون المصريون قتالاً شرسًا مع سلاحهم البري بدون غطاء جوي، يشتكون إلى الله عز وجل إهمال وتقصير قادتهم في توفير الحماية الجوية لهم؛ لأن ما حدث كانت أسبابه كالتالي:
أولاً: أن القيادة العسكرية المصرية فقدت أعصابها وتوازنها، وبالتالي فقدت التحكم والسيطرة على القوات المنتشرة وتوجيهها في الاتجاهات المختلفة على محاور سيناء، وهذا هو الهدف الأول لفكرة الحرب الخاطفة.
ثانيًا: أن الجيش المصري أصبح في وضع عسكري لا يطاق، فبدون غطاء من الدفاع الجوي والطائرات التي دمرت، ومع سيطرة كاملة على الأجواء للعدو الإسرائيلي، وفي صحراء مكشوفة؛ فإن القتال لا يعدّ قتالاً، وإنما يتحول إلى قتلٍ، مهما كانت شجاعة الرجال.
وهذا ما حدث أثناء سير المعارك على طول جبهة القتال من شجاعة وبسالة للجنود المصريين، وهم أقرب للنصر في قتال التشكيلات والوحدات الإسرائيلية، ثم ما يلبث أن يتدخل الطيران الإسرائيلي ليتحول ذلك كله إلى هزيمة وقتل وأسرٍ وتشريد آلاف الجنود في صحراء سيناء.
وانتهى يوم 5 يونيو 67 بسيطرة إسرائيلية تامة على جميع الأجواء العربية، وتدمير شبه كامل للقوات الجوية لكل من مصر والأردن وسوريا، واحتلال أجزاء كبيرة من سيناء، في نفس الوقت الذي كانت الإذاعات العربية تذيع أخبارًا عن قرب الوصول إلى تل أبيب وحيفا وتحرير أرض فلسطين والثأر لحرب 1948..!!
وفي هذا اليوم قام عبد الناصر بغلق مضيق تيران، وإنهاء عمل قوات الطوارئ الدولية في سيناء، واستكمال التعبئة العامة للدولة، وإعلان حالة الحرب في مظاهرة تليفزيونية، في حين أعلنت إسرائيل التعبئة سرًّا وبتخطيط دقيق ومحكم للغاية، وبالتالي قام جونسون بالاتصال برئيس الوزراء السوفيتي كوسيجين وأبلغه أن مصر تنوي شنّ هجوم على إسرائيل يوم 29 مايو، وطلب منه إبلاغ "عبد الناصر" بأن أمريكا لن تسمح للطرفين (مصر وإسرائيل) بشن هجوم على الآخر، وضرورة احترام اتفاقيات الهدنة.
وأبلغت موسكو القاهرة رسالة واشنطن وحصلت على تأكيدات بأن مصر لن تهاجم إسرائيل، ونقل الروس التأكيدات إلى واشنطن... وأتبع ذلك أن طلب جونسون من أمين عام الأمم المتحدة آنذاك هو ومبعوث أمريكي أن يتوجها للقاهرة للقاء عبد الناصر ونائبه زكريا محيي الدين؛ ليؤكدا لهما أن إسرائيل لن تهاجم مصر، ويحصلا على تعهُّد من "ناصر" بأن مصر لن تهاجم إسرائيل ولن تبدأ الحرب، وكانت هناك رسالة رسمية سُلِّمت لمحمود رياض وزير خارجية مصر بأنه سيتم اتخاذ إجراء ضد البادئ بالحرب (علمًا بأن جونسون وإسرائيل كانا يخططان للحرب فعلاً)، وبذلك أصبح الطريق خاليًا أمام إسرائيل لشن الهجوم وهي مطمئنة!
وزيادة في الخداع الأمريكي السوفيتي الإسرائيلي، طلبت واشنطن من مصر إرسال نائب الرئيس المصري إلى أمريكا للتفاوض بشأن مضيق تيران، وتحددت الزيارة يوم 5/6/1967م! وفي يوم الجمعة 2 يونيو 1967م عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية اجتماعًا مهمًّا سيذكره التاريخ طويلاً، حضره جميع القيادات العسكرية، وبدأ عبد الناصر الحديث، واتضح أنه صدّق الخدعة التي أحبكت له بمهارة ثلاثية (أمريكا - السوفيت - إسرائيل)، وأبلغ جميع القادة بأن إسرائيل ستهاجم مصر الساعة الثامنة صباح يوم الاثنين 5 يونيو 1967م، وعلى الجيش المصري أن يتلقى الضربة الأولى!!
وللأسف، أيّده نائب القائد الأعلى عبد الحكيم عامر آنذاك (وهذا خطأ عسكري فادح يعلمه أصغر مقاتل في الجيش المصري)، واعترض اثنان فقط من القادة الحضور هما: قائد القوات الجوية وقائد سلاح المدرعات، وقالا بالنص: قد تكون الضربة الأولى والأخيرة، ولن تقوم لنا قائمة. وقد كانت، وتعرض هذان السلاحان لخسائر فادحة.
- وفشلت أجهزة المخابرات المصرية والعربية في تحديد خطط وحجم القوات الإسرائيلية بأفرعها المختلفة ونوعية السلاح المستخدم والمصنع لدى إسرائيل، وكذلك فشلت في مقارنة القوات والمعدات، ولم تنجح إلا في معرفة توقيت الهجوم ولم تستغل هذه المعرفة.
والواقع أن إسرائيل استعدت لهذه الحرب جيدًا وعاونتها -بكل إمكانياتها- الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كان النقيض على الطرف الآخر، حيث كانت تعم الفوضى وعدم التخطيط ويسود التفرق جميع الجيوش العربية، وكذلك أنظمتها الغاشمة، وأتبع ذلك سوء تخطيط لكل جيش من الجيوش العربية وعدم التدريب والاستعداد، لا نقول لحرب إسرائيل ولكن عدم القدرة حتى عن الدفاع عن حدود الدول ضد أي تهديد أو التنسيق بين أفرعه المختلفة، وبالتالي كان كل سلاح أو قوة رئيسية (البرية - الجوية - البحرية) في حالة من عدم التنسيق مع السلاح نفسه، وأكبر دليل على ذلك ما حدث في الحرب.
يوم 5 يونيو .. الهجوم الجوي
وجاء يوم 5 يونيو 1967م وحدث ما كان متوقعًا، وقامت إسرائيل في الساعة 8.45 دقيقة صباح الاثنين 5 يونيو لمدة ثلاث ساعات بغارات جوية على المطارات الحربية المصرية وقواعد الدفاع الجوي في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل ووسط الصعيد على موجات استهدفت الأولى 11 مطارًا، والثانية استهدفت 14 مطارًا، عدا مطار العريش؛ حتى يتسنى لها استخدامه بعد احتلاله، ودمرت ما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض، وشلت وسائل الدفاع الجوي وكذلك التجمعات الرئيسية للقوات المسلحة على أرض سيناء.
- وشاهد الفريق عبد المنعم رياض المبعوث من مصر إلى الضفة الغربية لمراقبة الأوضاع الإسرائيلية من جبل عجلون بالضفة الغربية لمراقبة الأوضاع الإسرائيلية وهي تقلع جميعها من المطارات باتجاه البحر المتوسط والبحر الأحمر على ارتفاعات منخفضة؛ لتهرب من الرادارات المصرية، فبدأ بإرسال الإشارة المتفق عليها (عنب) منذ اللحظة الأولى لإقلاع الطائرات الإسرائيلية، ولكن الإشارة لم تصل إلى القيادة المصرية؛ لأن التنسيق غير كافٍ (الذي قام بتغيير الشفرة هو مساعد في قوات الدفاع الجوي، وهذا عمله الروتيني الأسبوعي؛ لأن التنسيق لم يصل من القيادات إلى القوات - تمت محاكمته لاحقًا هو وقائد الطيران والمدرعات اللذَيْن اعترضا على تلقي الضربة الأولى!).
- وكذلك طلب عبد المنعم رياض من وزير الحربية السوري (حافظ الأسد - أحد أطراف التآمر السوري) أن يقوم الطيران السوري بشن هجمات على المطارات الإسرائيلية التي أقلعت للهجوم على مصر ويضرب الممرات؛ لأنها جميعها خالية، وبالتالي عند عودة الطيران من هجومه على مصر لا يستطيع الهبوط على أرض المطارات، وبالتالي تدمر جميع الطائرات الإسرائيلية بعد نفاد وقودها وعدم القدرة على الهبوط؛ لعدم صلاحية مهابط المطارات. وطبعًا رفض حافظ الأسد؛ لأنه يخطِّط لإدخال المنطقة كلها في حرب تمكِّنه من السطو على حكم سوريا.
- وفي هذه الأثناء كان عامر نائب القائد الأعلى ومعه قائد القوات الجوية ومجموعة من الضيوف ذهبوا في طائرة إلى سيناء (لذلك صدرت الأوامر بتقييد وسائل الدفاع الجوي، وقد لعب هذا الموقف دورًا كبيرًا في مستقبل الأحداث، وساعد على خلق ظروف غير مواتية للدفاع عن سماء مصر)؛ لتفقد القوات المنتشرة انتشارًا غاية في السوء، ولم يستطع الهبوط بالطائرة بمطار المليز؛ لأنه قد دُمِّر، وانصرف جميع القادة الذين كانوا ينتظرون استقبال نائب القائد الأعلى ولم يتمكنوا من السيطرة الفعلية على وحداتهم مع بداية الحرب؛ نظرًا لحالة الفوضى التي عمت نتيجة الضربات الإسرائيلية.
- وأكملت إسرائيل بعد أن قضت على غالبية القواعد الجوية المصرية هجومها الجوي على القواعد الجوية لكل من الأردن سوريا والعراق، وبدأت في الوقت نفسه الهجوم البري، فقد خططت إسرائيل تخطيطًا جيدًا لحرب يونيو 67، وكانت الخطة الإسرائيلية سنة 1967م هي نفس خطة 1956م، والخطط في العادة لا تتغير؛ لأنها محكومة بالجغرافيا، وإنما تتغير أساليب القتال والتحركات وملابسات الخداع والمفاجأة... إلخ.
يوم 5 يونيو .. الهجوم البري
- وبدأت إسرائيل هجومها البري على سيناء من عدة محاور، مستغلة حالة الفوضى العارمة التي سادت الجيش المصري وقياداته غير المؤهلة (فالمشير عامر نائب القائد الأعلى رقِّي من رائد إلى لواء عام 56، ثم إلى مشير مع الوحدة الفاشلة مع سوريا، وهو لا يتمتع بأي علم وتأهيل عسكري سوى صداقته لعبد الناصر)؛ وبالتالي كان المقربون منه هم أهل الثقة وليس الخبرة، وأسند لهم جميع المناصب القيادية في القوات المسلحة، وتم إقصاء أهل الخبرة والعلم العسكري.
وكانت أولى نتائج الهجوم البري التي جهزت له إسرائيل ليلة 5 يونيو الاستيلاء على عدة مواقع حدودية بسرعة خاطفة، وطبقت عليها أسلوب الحرب الخاطفة، وهاجم الجيش الإسرائيلي القوات المصرية المنتشرة انتشارًا سيئًا للغاية، وقاتل المقاتلون المصريون قتالاً شرسًا مع سلاحهم البري بدون غطاء جوي، يشتكون إلى الله عز وجل إهمال وتقصير قادتهم في توفير الحماية الجوية لهم؛ لأن ما حدث كانت أسبابه كالتالي:
أولاً: أن القيادة العسكرية المصرية فقدت أعصابها وتوازنها، وبالتالي فقدت التحكم والسيطرة على القوات المنتشرة وتوجيهها في الاتجاهات المختلفة على محاور سيناء، وهذا هو الهدف الأول لفكرة الحرب الخاطفة.
ثانيًا: أن الجيش المصري أصبح في وضع عسكري لا يطاق، فبدون غطاء من الدفاع الجوي والطائرات التي دمرت، ومع سيطرة كاملة على الأجواء للعدو الإسرائيلي، وفي صحراء مكشوفة؛ فإن القتال لا يعدّ قتالاً، وإنما يتحول إلى قتلٍ، مهما كانت شجاعة الرجال.
وهذا ما حدث أثناء سير المعارك على طول جبهة القتال من شجاعة وبسالة للجنود المصريين، وهم أقرب للنصر في قتال التشكيلات والوحدات الإسرائيلية، ثم ما يلبث أن يتدخل الطيران الإسرائيلي ليتحول ذلك كله إلى هزيمة وقتل وأسرٍ وتشريد آلاف الجنود في صحراء سيناء.
وانتهى يوم 5 يونيو 67 بسيطرة إسرائيلية تامة على جميع الأجواء العربية، وتدمير شبه كامل للقوات الجوية لكل من مصر والأردن وسوريا، واحتلال أجزاء كبيرة من سيناء، في نفس الوقت الذي كانت الإذاعات العربية تذيع أخبارًا عن قرب الوصول إلى تل أبيب وحيفا وتحرير أرض فلسطين والثأر لحرب 1948..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق