Translate

الأحد، 22 يوليو 2018

«رابعة العدوية».. شهيدة العشق الإلهي




رابعة العدوية
رابعة العدوية

«إلهي أنارت النجوم، ونامت العيون، وغلَّقت الملوك أبوابها، وخلا كل حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك.. إلهي هذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري أقبلت مني ليلتي فأهنأ، أم رددتها علي فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو طردتني عن بابك ما برحت عنه لما وقع في قلبي من محبتك».
حالة حب شديد فيها يشتاق المحب إلى لقاء الله تعالى، فلا يرى شيئا إلا وجد فيه الله سبحانه وتعالى، وينتج عن هذا العشق أحوال من المكاشفات، والملاطفات التي لا يحيطها وصف، ولا يعرفها إلا من ذاقها إنه «العشق الإلهي».
فـ «رابعة العدوية» عاشقة الله، وشهيدة العشق الإلهي، أول من أخضعت لفظي الحب والعشق لقاموس المعنى الصوفي، واستخدمتهما تصريحًا في مناجاتها، وهي من أدخلت مفهوم العبادة من أجل المحبة، لا من أجل الخوف من النار أو الطمع في الجنة.
كانت رائعة الجمال فاتنة فائقة الحسن، لكنها لم تتزوج، ليس إعراضًا عن الزواج بل انشغالها بحلاوة العبادة والتقرب إلى الله تعالى، ومخافة أن تقصر بسبب ذلك في حق زوجها.
احترفت عزف الناي والغناء، لفترة من حياتها، ثم رأت رؤية جاءها فيها نور ساطع أمرها بترك اللهو والغناء للعبادة والقرآن، فما كان منها إلا أن انقطعت عنهما ولزمت العبادة واستبدلت شعرها في اللهو بمناجاتها الرائعة في العشق الإلهي والزهد.
تخلت عن متاع الدنيا ابتغاء رضوان الله، تخلت عن حب من يفنى، وجعلته جزءًا بسيطًا من حب من يبقى، حب الله الذي بيده يجعل الدنيا كلها تحب من أحبه وتتبعه، فيكون سيدها، وقائدها، لا تابعها وهالكها.
دخلت رابعة طريق العباد والزهاد.. طريق البكاء والخوف، وطريق التهجد في الليالي الطوال، فكانت تحضر حلقات المساجد، والأذكار، فـ إتخذت حياتها في حلقات الذكر والوعظ والإرشاد ومغالبة النفس.
كانت لرابعة أحوال شتى، فـ مرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها اليأس، وتارة يغلب عليها البسط، ومرة يغلب عليها الخوف، ولكن العشق الإلهي يبقى طابعها المميز، ورائدها في تصوفها.
قال لها سفيان الثوري: «ما حقيقة إيمانك؟»، فقالت له: «ما عبدته خوفًا من ناره، ولا حبًا لجنته، فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حبًا وشوقًا إليه».

ليست هناك تعليقات: