تخلي المجلس الشعبي المحلي لمحافظة البحيرة عن دوره الرقابي، وأصبح تابعاً لأمانة الحزب الحاكم ولا يملك الوقوف في وجه قراراتها ولا مراجعة تنفيذ التعليمات لسبب بسيط وهو أن رئيس المجلس يشغل منصب أمين عام الحزب بالمحافظة ولا مانع لديه من خلط الأوراق وفرض قرار لا يملك أعضاء المجلس رفضه. فمنذ عام تقريباً انشغل الرأي العام بالأزمة التي تفجرت بسبب موافقة رئيس المجلس علي قرار تخصيص 17 فداناً تقع في منطقة حيوية بمدخل دمنهور كانت المحافظة،
قد اشترتها من الأوقاف بهدف إقامة مشروعات تنموية وإسكانية للأهالي وقامت بمنحها مجاناً لبعض الجهات الرقابية والأندية رغم ما يمثله من إهدار للمال العام تحدي رئيس المجلس لجنة الشئون القانونية بالمجلس والتي أكدت رفض الموافقة علي التخصيص واستمرت علي موقفها لمدة عام تقريباً وكشفت اللجنة القانونية أن قرار التخصيص يهدر أكثر من 30 مليون جنيه ثمن الأرض، أدت تفاصيل عملية التخصيص إلي تفجير حالة من الغضب والاستياء بين مختلف الأوساط التنفيذية والشعبية في أنحاء البحيرة.
وطالب الرافضون لقرار التخصيص بضرورة سحب الأرض وإلغاء القرار ومحاسبة رئيس المجلس المحلي الذي تحدي لجنة الشئون القانونية وأصر علي موقفه بتخصيص الأرض رغم الرفض العارم للقرار.
المثير أن الجهات التي حصلت علي قطع من الأرض لم تقم رغم مرور عام كامل علي القرار ببناء أية منشآت تخصها.. وهو ما يدعم المطالب الشعبية بضرورة إلغاء التخصيص ودراسة استغلال الأرض في إقامة مشروعات تنموية أو إسكانية تخدم قطاعات الشباب الراغب في الاستثمار أو إيجاد مسكن مناسب لظروفه المعيشية الصعبة.
ويدعم هذا الاتجاه مذكرة لجنة الشئون القانونية التي أكدت أن التخصيص يعتبر لاغياً بعد مرور عام من صدوره في حالة عدم استغلال الأرض المخصصة في العرض الذي صدر القرار بشأنه.
كانت محافظة البحيرة قد قامت منذ سنوات بشراء 17 فداناً بمدخل »الإبعادية« علي طريق »مصر ـ الإسكندرية« الزراعي من وزارة الأوقاف بالتقسيط المريح.. وبهدف إقامة مشروعات خدمية وإسكانية تخدم المنطقة وبعد مرور عام تغيرت توجهات المسئولين وفوجئ الأهالي بصدور قرارات تخصيص لأصحاب النفوذ بعد تقسيم الأرض إلي 14 قطعة ومنها قطع للقرية الذكية والجهاز المركزي للمحاسبات ونادي المحامين والشرطة ومجمع المحاكم وبعض الجهات السيادية التي توجد لها مقار ومنشآت أقيمت منذ سنوات قليلة ولا تحتاج فعلياً لهذه القطع التي أهداها لهم مسئولو البحيرة بهدف تدعيم أواصر الود معها علي حساب البسطاء.
الغريب أن المحاولة الوحيد التي تمت لمواجهة إهدار المال العام والسطو علي حقوق البسطاء قام بوأدها رئيس المجلس المحلي لمحافظة خلال اجتماع المجلس.. وفشلت المحاولات المستميتة التي بذلها رئيس لجنة الشئون القانونية الذي طالب بمعرفة المبالغ التي قامت الجهات الصادر لها قرارات التخصيص ومدي قيامها بسداد تكاليف توصيل المرافق والبنية الأساسية مضافاً إليها ثمن الأرض.
وأعلن رئيس المجلس رفضه لطلب رئيس اللجنة، مؤكداً أن المحافظة قامت بتوزيع وتقسيم الأرض بالمجان، خاصة لأندية بعض الجهات السيادية، وهو ما أثار حفيظة رئيس اللجنة القانونية واعترض علي القرار مؤكداً أن محافظة البحيرة قامت بشراء الأرض من الأوقاف وأن تخصيصها لبعض الجهات دون مقابل إهدار للمال العام.
وأعلن غالبية الأعضاء الذين حضروا الجلسة رفضهم للقرار، بينما واصل رئيس المجلس إصراره علي موقفه برغم سخونة الجلسة واحتجاجات الأعضاء علي تحول المشروع عن الهدف الذي أقيم من أجله.
نجح رئيس المجلس مستخدماً سطوته وموقعه الحزبي في إجبار الأعضاء علي الموافقة وبنفس درجة الحماس التي أعلن بها الأعضاء رفض المشروع، كان التصويت في نهاية الجلسة لصالح إهدار المال العام ولا عزاء للبسطاء المسحوقين الذين ضاع أملهم بين المجلس المحلي والجهات المحظوظة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق