الأنوركسيا: الأسباب والمشاكل والحلول
تجتاح وسائل الإعلام والفضائيّات، في أيّامنا هذه، موجة من الإعلانات والبرامج الّتي تدعو إلى النّحافة بشتّى الأساليب. منها ما يُروّج لأدوات رياضيّة أو لمستحضرات أو أحزمة تنحيف، والآخر لأدوية قاطعة للشّهيّة، وكلّها تهدف إلى جعل إطلالة المرأة المعاصرةتتميّز بالنّحافة والجمال والرّشاقة بهدف جذب الجنس الآخر، وجعل المرأة تشعر بالرّاحة والاعتبار الذّاتيّ. وأصبحت الرّشاقة والجمال والحِمية مادّة تُنشّط تجارة جديدة مُربحة، إذ أصبح لدينا مؤسّسات تجاريّة ومستشفيات متخصّصة بالتّجميل ومصارف تقدّم القروض لهذا الهدف.
في ظلّ هذه الصّورة الّتي يروّجها الإعلام للمرأة "المثاليّة"، حيث أصبحت نجمات الأفلام والعارضات هنّ المثال والنّموذج، صار شعار النّساء اليوم أنّ الانطباع الّذي يتركه الشّكل الخارجيّ هو ما يؤثّر في النّجاح أو الفشل في الحياة، ويَعِدْ بمكاسب أخرى منها الزّواج والجنس والمهنة المميّزة. فبسبب أهميّة هذا المعيار الّذي يتفاعل مع ضغط المجتمع ليكون الإنسان مقبولاً، أصابت هذه "الحمّى" معظم النّساء، وبخاصّة المراهقات، اللّواتي وصلن إلى حالة الهوس وبدأن باتّباع الحمية والأنظمة الغذائيّة القاسية الّتي تحرم الجسد الكثير من العناصر الغذائيّة الضّروريّة، من دون علمهنّ بأثارها السّلبيّة والنّفسيّة، وهذا كلّه لتحقيق صورة الجسد المرغوب فيها. وعندما يتعذّر الوصول إلى الهدف المنشود تزداد مشاعر الإحباط والاكتئاب، فيصل الأمر لدى بعضهنّ إلى المخاطرة بصحتهنّ من أجل الحفاظ على "الجسم الرّشيق"، فيَقَعنَ تحت وطأة اضطراب فقدان الشّهيّة العصابيّ Anorexia.
تعريف الأنوركسيا
المصطلح الطّبيّ يُعرف بـِ Anorexia Nervosa أي فقدان الشّهيّة العصابيّ. إنّه خلل نفسيّ وجسديّ ناجم عن إصابة الإنسان بوهم البدانة، فتدفعه هواجسه إلى التّقليل من الطّعام أو النّفور منه. فيتّبع حمية لفقدان الشّهيّة، ومن ثمّ يصبح غير قادر على تناول الطّعام. هناك حالة مشابهة، تُعرف بـ"البوليميا" Bulimia أي الشّهوة الكلبيّة، إذ يُحفّز الإنسان نفسه لتناول كميّات كبيرة من الطّعام ومن ثمّ تقيّئها أو التّخلّص منها بشتّى الطّرق.
الأسباب الضّاغطة
- تأثير وسائل الإعلام في إشاعة فكرة أنّ المرأة النّحيفة مثال جيّد للجمال والرّشاقة والنّجاح.
- عدم الرّضى عن الشّكل الخارجيّ.
- إعطاء الأولويّة لنظرة الآخرين ورضاهم عن شكلنا الخارجيّ.
- ضغوطات المجتمع على المرأة وبخاصّة المرأة العاملة.
- انعدام الثّقة بالنّفس والشّعور بعدم الكفاءة.
الأعراض والمشاكل
تصبح الأنوركسيا، مع مرور الوقت، إدمانًا على خسارة الوزن. من عوارضه الكثيرة إعاقة النّموّ الجسديّ الّذي يؤثّر بدوره في فقدان التّركيز، فيتسبّب في تدهور المهارات والكفاءة في العمل، ممّا يزيد من اكتئاب الإنسان وقلقه. كما لديه مخاطر جسديّة عديدة منها تقلّص العظام وهشاشتها، فقدان المعادن، عدم انتظام ضربات القلب، مشاكل في الحمْل وانقطاع الدّورة الشّهريّة عند الإناث، انخفاض مستوى هرمون "تستوستيرون" لدى الذّكور ممّا يؤدّي إلى العجز، الإمساك، الأرق والفشل الكلويّ وغيره.
الصّحّة والجمال: التّوازن بين حياة الجسد والرّوح
من حقّ الإنسان التّمتّع بالجمال، لكن عندما يصبح الأمر هاجسًا فهذا مرفوض. فالجمال الّذي يصلنا عبر وسائل الإعلام هو العُريّ، وهو ليس مطلبًا صحيًّا، إنّما "هوس شرّير". فرغبة المرأة الدّائمة وهدفها في الحياة قد انحصرا في نيل المدح والاستحسان من الآخرين، وإن بالنّظَرات. فهل يعقل أن يكون هذا هدف وجود المرأة؟ هل تريد أن يمدح الآخرون جمالها فقط؟ إنّ جمال المرأة الّذي يستحقّ المدح ليس في رشاقة جسدها، كما يؤكّد لنا الكتاب المقدّس: "الحُسنُ غِشّ والجمال باطِل أمّا المرأة المتّقية الرّبّ فهي تُمدَح". لذا، على المرأة ألاّ تعتمد على نحافة جسدها أو زينتها وثيابها لإظهار جمالها، بل على زينة الرّوح الوديع لأنها الزّينة الّتي لا تفنى، وهي غالية الثّمن في نظر الله. فالشّكل الخارجيّ يفنى ويضمحلّ، بينما الجمال الدّاخليّ والرّوحيّ لا يُنسى وتأثيره فعّال في أذهان المقرّبين منّا.
لقد ازداد في هذا العصر الاهتمام بالمأكل والملبس والشّكل أكثر من الاهتمام بما يفيد الحياة الإنسانيّة والرّوحيّة، فصرنا نُبالغ في الاهتمام بجسد فانٍ ونحيف غير آبهين بالرّوح الخالدة الّتي وهبنا إيّاها الله. ولكي نظهر على أحسن وجه، ننسى أن نتوخّى أهميّة الصّحّة والتّغذية ونجعل أجزاء كثيرة من أجسامنا تدفع الثّمن على المدى القريب أو البعيد. فلكي نكون ناجحين وصحيحين كما جاء في 3 يوحنّا 2، علينا الانتباه لصحّتنا الجسديّة والرّوحيّة على حدّ سواء، لأنّه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله. وكما أنّ الرّياضة نافعة جسديًّا للقليل، كذلك الجهاد في الحياة الرّوحية نافع أكثر. والإنسان الصّحيح هو صحيح بروحه وبجسده معًا.
الأنوركسيا: أهي مرض أم خطيّة؟
يُصنّف الطّبّ الأنوركسيا كمرض، لكنّها، في الوقت عينه، تُشكّل خطيّة خطيرة إذ أنّها عبادة للجسد وللشّكل المتناسق والقوام الجميل، بالإضافة إلى كونها عبادة لرأي الآخرين، وكلّ عبادة غير عبادة الله هي عبادة لوثن (كولوسّي 3: 5). ومن غير المقبول إعطاء الأولويّة للأمور الجسديّة الوقتيّة على حساب الأمور الرّوحيّة الأزليّة. أمّا مريض الأنوركسيا، فعليه أن يعتني بجسده ويُقيته ويُغذّيه لكي يستطيع أن يقوم بواجباته الزّمنيّة والرّوحيّة من خلاله. فلو علمنا أنّ أجسادنا ليست لنا، بل هي للخالق الّذي ائتمننا عليها، وهي هياكل للرّوح القدس، لاهتممنا بها خير اهتمام ولما سمحنا للأنوركسيا بتدميرها.
نصائح مُخلصة لحوّاء
· عزيزتي حوّاء... أمامكِ وسيلتان لكي ترضي عن شكل جسمك وتحذري السّقوط في الأنوركسيا: فإمّا أن تكسري مرايا المنزل حتّى لا تنظري إليها يوميًّا، أو أن ترضي عن نفسك وتتقبّلي شكلك كما هو.
· حاذري الوقوع في فخّ الهوس بالجسم المثاليّ على حساب سعادتك وصحّتك، فالشّكل الخارجيّ لا يعوّض أبدًا عن الجسد العليل والنّفسيّة التّعيسة.
· انتبهي للأولويّات ولا تخجلي بشكلك الخارجيّ، بل افتخري بما وهبك إيّاه الله. فالمحيطون بك يهتمّون بشخصيّتك الرّائعة أكثر من مظهرك.
· وإلى ربّة المنزل، عليك التّنبّه لأهميّة صحّة جسدك، فالرّبّ قد ائتمنكِ على الاهتمام بصحّة عائلتك، فكم بالحريّ جسدك لكي تكوني كاملة ومقدّسة أمام الله وعائلتك.
سُئلَت امرأة متقدّمة في السّنّ، وقد احتفظت بنضارة شبابها وروعة جمالها عبر السّنين، أيّة مساحيق تجميل تستعملين؟ فأجابت: "استخدم لِشَفتَيّ الحقّ والصّدق، ولِعَينَيّ النّقاوة والرّحمة والشّفقة، ولِيَديّ الطّهارة والإحسان، ولِقَوامي الاستقامة والحشمة، ولِقَلبي المحبّة والتّسامح، ولِصَوتي التّضرّع والصّلاة".
على عكس الرأي السائد أن الاضطراب الغذائي الانوركسيا دوافعه الرغبة الارادية في إنقاص الوزن عن طريق التوقف عن تناول الطعام لأيامٍ أو أسابيع، تشير دراسة حديثة إلى أن هذه الحالة تصيب البنات وهنّّ في أرحام أمهاتهن.
وفي هذا السياق يعتزم الدكتور إيان فرامتون، وهو طبيب استشاري في علم النفس للاطفال في مستشفى غريت أوموند ستريت، الاضاءة على هذه الناحية خلال المؤتمر العلمي الذي سوف يعقد خلال الاسبوع الجاري في معهد الثقافة في لندن.
ويعتقد فرامتون أن الكثير من البنات لديهن استعداد وراثي للاصابة بهذه الحالة بسبب الطريقة التي تنمو بها أدمغتهن خلال وجودهن في الرحم، مشيراً إلى أن" الدراسة التي أجريناها أظهرت أن بعض أدمغة الاطفال تنمو وتتطور بطريقة تجعلهم أكثر عرضة من غيرهم للاصابة بالاضطرابات في عادات الاكل"، كما أنحى الباحث باللائمة على وسائل الاعلام في استفحال هذه الظاهرة، بسبب تركيزها على النجمات الرشيقات وعارضات الازياء الضامرات حتى الهزال.
وذكرت صحيفة "دايلي مايل" إن فرامتون أجرى دراسة على 200 امرأة يعانين من المرض تتراوح أعمارهن ما بين 12 و 25 سنة في مستشفيات أدنبرة ومايدلاهيد حيث تبين له أن 70% كنّ يعانين من التلف في الناقلات العصبية التي تساعد الدماغ على التواصل.
وقال فرامتون "إن هذه الدارسة يمكن أن تساعدنا على فهم أفضل للانوركسيا وكيفية علاجها في المستقبل".
إلى ذلك، قالت رئيسة مجموعة "بيت" للاضطرابات الغذائية في بريطانيا سوزان رنغوود "إن هذه الدرسة قد تفتح الطريق أمام إيجاد علاجات جديدة للاضطرابات الغذائية مشابهة لعلاجات الكآبة"، مشيرة إلى أن ذلك قد يخفف شعور بعض الآباء بالذنب بسبب اعتقادهم إنهم مسؤولين عن الاضطراب الغذائي لاطفالهن.
وفي هذا السياق يعتزم الدكتور إيان فرامتون، وهو طبيب استشاري في علم النفس للاطفال في مستشفى غريت أوموند ستريت، الاضاءة على هذه الناحية خلال المؤتمر العلمي الذي سوف يعقد خلال الاسبوع الجاري في معهد الثقافة في لندن.
ويعتقد فرامتون أن الكثير من البنات لديهن استعداد وراثي للاصابة بهذه الحالة بسبب الطريقة التي تنمو بها أدمغتهن خلال وجودهن في الرحم، مشيراً إلى أن" الدراسة التي أجريناها أظهرت أن بعض أدمغة الاطفال تنمو وتتطور بطريقة تجعلهم أكثر عرضة من غيرهم للاصابة بالاضطرابات في عادات الاكل"، كما أنحى الباحث باللائمة على وسائل الاعلام في استفحال هذه الظاهرة، بسبب تركيزها على النجمات الرشيقات وعارضات الازياء الضامرات حتى الهزال.
وذكرت صحيفة "دايلي مايل" إن فرامتون أجرى دراسة على 200 امرأة يعانين من المرض تتراوح أعمارهن ما بين 12 و 25 سنة في مستشفيات أدنبرة ومايدلاهيد حيث تبين له أن 70% كنّ يعانين من التلف في الناقلات العصبية التي تساعد الدماغ على التواصل.
وقال فرامتون "إن هذه الدارسة يمكن أن تساعدنا على فهم أفضل للانوركسيا وكيفية علاجها في المستقبل".
إلى ذلك، قالت رئيسة مجموعة "بيت" للاضطرابات الغذائية في بريطانيا سوزان رنغوود "إن هذه الدرسة قد تفتح الطريق أمام إيجاد علاجات جديدة للاضطرابات الغذائية مشابهة لعلاجات الكآبة"، مشيرة إلى أن ذلك قد يخفف شعور بعض الآباء بالذنب بسبب اعتقادهم إنهم مسؤولين عن الاضطراب الغذائي لاطفالهن.