Translate

السبت، 10 مايو 2008

أزمة الرسوم

Skip to main contentAccess keys helpA-Z index
  • فيما يلي تسلسل زمني من الأحدث إلى الأقدم لتطور الأزمة التي تصاعدت منذ نشر الرسوم التي تسخر من النبي محمد.

    2006

    11 فبراير/شباط: الدنمارك تسحب دبلوماسييها من سوريا وإيران وإندونيسيا بسبب مخاوف على سلامتهم.

    احتجاجات على الرسوم في باكستان
    باكستانيون يحرقون العلم الدنماركي

    10 فبراير: رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي يقول في كلمة له في مؤتمر في كوالالمبور أن الهوة اتسعت بين الغرب والعالم الإسلامي، وتذكيها إحباطات المسلمين من السياسة الخارجية الغربية، في الوقت الذي شارك الآلاف في احتجاجات على الرسوم التي اعتبروها شديدة الإساءة.

    9 فبراير: مئات الآلاف من المسلمين الشيعة في لبنان يحيلون مسيرة لإحياء ذكرى عاشوراء إلى احتجاج على الرسوم.

    8 فبراير: مجلة شارلي إبدو الفرنسية الأسبوعية تنشر الرسوم إضافة إلى رسوم كاريكاتيرية أخرى خاصة بها. الرئيس الفرنسي جاك شيراك يدين قرار صحف فرنسية إعادة نشر الرسوم، ويعتبره "استفزازا صريحا".

    7 فبراير: عدة مئات من الإيرانيين يهاجمون السفارة الدنماركية في طهران في الوقت الذي تعلن إيران فيه قطع كافة علاقاتها التجارية مع الدنمارك.

    6 فبراير: سقوط قتلى خلال الاحتجاجات - حيث لقي خمسة أشخاص على الأقل مصرعهم في أفغانستان، بينما توفي صبي مراهق بعد مهاجمة المحتجين للشرطة في الصومال.

    5 فبراير: متظاهرون لبنانيون يضرمون النار في السفارة الدنماركية في بيروت، ووزير الداخلية اللبناني حسن السبع يستقيل بسبب الاحتجاجات العنيفة.

    محتجون مسلمون يصيحون بهتافات في كابول بأفغانستان
    محتجون مسلمون يصيحون بهتافات في كابول بأفغانستان

    4 فبراير: سوريون يهاجمون السفارتين الدنماركية والنرويجية في دمشق، مما يدفع الأمين العام للأمم المتحدة للدعوة إلى الهدوء.

    2 فبراير: إقالة رئيس تحرير صحيفة فرانس سوار لنشره الرسوم.

    1 فبراير: صحف فرنسية وألمانية وإيطالية وأسبانية تعيد نشر الرسوم، متحدية الغضب الإسلامي.

    31 يناير/كانون الثاني: الصحيفة الدنماركية تعتذر، ورئيس الوزراء الدنماركي يرحب باعتذار الصحيفة ولكنه يدافع عن حرية الصحافة.

    30 يناير: مسلحون يقتحمون مكتب الاتحاد الأوروبي في غزة ويطالبون باعتذار عن الرسوم.

    26 يناير: السعودية تسحب سفيرها في الدنمارك، ولييبا تقول إنها ستغلق سفارتها في كوبنهاجن.

    10 يناير: صحيفة نرويجية تعيد نشر الرسوم.

    2005

    20 أكتوبر/تشرين الأول: سفراء عشر دول إسلامية يشتكون لرئيس الوزراء الدنماركي بشأن الرسوم.

    17 أكتوبر: صحيفة الفجر المصرية تعيد نشر بعض الرسوم، وتصفها بأنها "إهانة مستمرة"، و"قنبلة عنصرية".

    30 سبتمبر/أيلول: صحيفة ييلاندز-بوستن الدنماركية تنشر سلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية، يصور بعضها النبي محمد على أنه إرهابي.



BBCArabic.com استمع إلى بي بي سي العربية
آخر تحديث: السبت 18 فبراير 2006 17:18 GMT
الرسوم: ما هو مضمونها؟
أخبار أخرى

مارتن آسر
بي بي سي

كان وقع 12 رسما كاريكاتيريا نشرت العام الماضي هائلا في مختلف أنحاء العالم، وقد أثارت أعمال شغب في عدد من البلدان الإسلامية وتسببت بوقوع قتلى وباضرار جسيمة.

ما هو إذا محتوى هذه الرسوم؟

أعادت بعض الصحف نشر الرسوم

ظهرت الرسوم أولا في صحيفة يلاندز - بوستين الدنماركية الواسعة الانتشار في 30 سبتمبر / أيلول من العام الماضي إلى جانب افتتاحية تنتقد الرقابة الذاتية في الإعلام الدنماركي.

وبعد ذلك، قام عدد من وسائل الإعلام بإعادة نشر الصور تضامنا مع الصحيفة، في حين امتنع عدد آخر، بما فيها البي بي سي، عن ذلك تجنبا لجرح مشاعر القراء والمستمعين.

وقد بدأت المسألة حين اشتكى الكاتب الدنماركي كار بلوتغين من عدم تمكنه من العثور على من يرسم صورا لكتاب عن النبي محمد لأن أحدا لم يتجرأ على تخطي الحظر الإسلامي المعروف على رسم الرسول.

وطلبت يلاندز - بوستين من الرسامين "رسم الرسول كما يرونه" كتأكيد على حرية التعبير وكرفض لضغوط المسلمين الذين طالبوا باحترام حساسيتهم إزاء الموضوع.

ونشرت الصحيفة الدنماركية صورة للنبي واقفا بين عدد من الأشخاص الذين يرتدون عمامة أيضا في صف مشتبه بهم لدى الشرطة، فيما يقول شاهد للشرطة: "لست أدري أيهم هو." وجعلت الصحيفة من هذه الصورة الرسم المركزي يوم نشرت الرسوم.

والمقصود منها دعوة ساخرة إلى التروي حول الموضوع من خلال التلميح إلى أنه حتى لو قام دنماركي برسم الرسول، فمن غير المعروف مظهره، ما يجعل من الرسم موضوعا غير مؤذ.

ويستمد الرسم فكاهته من أن صف المشتبه بهم فيه أيضا يسوع المسيح والسياسي الدنماركي اليميني المتطرف بيا كيارسغارد، بالإضافة إلى بلوتغين نفسه.

وعلى أطراف الصفحة نشرت الصحيفة الرسوم الـ11 المتبقية وهي تظهر الرسول في عدد من الأوضاع التي يفترض أن تكون فكاهية.

وبينها رسم يبدو أنه ينتقد بلوتغين لاستغلال الموضوع لترويج لكتابه.

ويظهره الرسم حاملا رسما للنبي رسمه طفل، فيما تقع برتقالة على عمامته مكتوب عليها "دعاية ترويجية" (لكتابه.)

وتعبير "برتقالة في العمامة" باللغة الدنماركية كناية عن الحظ السعيد.

كما أن عددا من الرسوم الأخرى لا تحتوي بالضرورة على انتقاد للإسلام.

وتظهر في أحد الرسوم صورة للرسول يتجول في الصحراء فيما تغرب الشمس وراءه. وفي رسم آخر يندمج وجهه بنجمة وهلال.

غير أن عددا من الرسامين رأوا في طلب الصحيفة الدنماركية دعوة مقصودة لاستفزاز المسلمين.

الأكثر إساءة

وأكثر الرسوم إثارة للجدل هو الذي تظهر فيه عمامة الرسول على شكل قنبلة يشتعل فتيلها، مزينة بشعارات إسلامية.

ويبدو الوجه غاضبا وخطيرا في الرسم، كأنه شخصية شريرة.

ويبدو في رسم آخر يحمل سيفا وهو مستعد لمعركة. ولا تظهر عيناه، فيما تقف إلى جانبه امرأتان بالبرقع، لا تظهر سوى عيونهما.

وفي رسمين، لا يظهر الرسول على الإطلاق. في أحدهما، يستخدم الرسام النجمة اليهودية والهلال الإسلامي ليشكل بهما عددا من الأشكال المتكررة، بينها ما قد يكون لنساء ببراقع.

وإلى جانب الرسم قصيدة صغيرة تعتبر أن الرسول يسيء معاملة النساء، وذلك حسب أحد مترجمي القصيدة.

وفي رسم آخر يشير ولد إلى لوح كتب عليه بالفارسية: "هيئة التحرير في يلاندز - بوستن مكونة من مجموعة من المستفزين الرجعيين."

ويتم التعريف عن الولد بـ"محمد، مدرسة فالبي، 7 أ"، ما يلمح إلى أنه مهاجر إيراني من الجيل الثاني. ويُكتب على قميصه "المستقبل".

مقاربة فكاهية

وقد حاول بعض الرسامين إيجاد مقاربة أكثر فكاهة للموضوع، كما بالرسم المركزي.

غير أن هذه الرسوم لم تكن أقل جرحا لمشاعر المسلمين.

ويظهر الرسول في أحدها واقفا على غيمة يحاول ردع عدد من الانتحاريين المحترقين الذين يحاولون دخول الجنة.

ويقول: "توقفوا، توقفوا. لم يعد لدينا عذارى."

يذكر أن بعض العلماء المسلمين يعتبرون أن لا صحة في الإسلام للاعتقاد أن هناك مكافأة من 72 عذراء للشهداء المسلمين في الجنة.

ويظهر الرسول برسم آخر ينظر إلى صفحة ويردع قاتلين يحملان سيفين.

ويقول: "ارتاحوا يا شباب، هو مجرد رسم رسمه أحد الكافرين من حيث لا ندري."

وفي رسم آخر يظهر النبي بهالة حول رأسه. لكنها قد تكون هلالا أو رسما لقرني الشيطان.

أما الرسم الأخير، فيتطرق مباشرة إلى موضوع الحرية للفنانين. فيظهر رساما يرسم وجها تبدو عليه الملامح العربية ويرتدي العقال، ويعرف عنه بـ"محمد". وهو يغطي الرسم الذي يحمله.

غير أن الرسوم التي قد تكون قد لعبت دورا في اجتذاب الاهتمام الدولي بالمسألة ليست بين رسوم الصحيفة الدنماركية.

فقد تم توزيع ثلاث صور، في قطاع غزة على سبيل المثال، التي كانت أكثر اساءة بكثير، تحت الافتراض أنها جزء مما نشرته الصحيفة الدنماركية.

بين الصور نسخة فوتوغرافية عن صورة رجل لديه أذنا وأنف خنزير. غير أنه علم أنها صورة من وكالة أسوشيتد برس لمباراة في "الزعيق كالخنزير" أقيمت في فرنسا.

وتقول التقارير إن مسلمين في الدنمارك وزعوا الصورة لإظهار ما يعتبرونه الجو المعادي للإسلام الذي يعيشون في ظله.

لا شك أن عددا من الرسوم التي نشرت في الصحيفة الدنماركية فيها ما يكفي من العدائية كي يعتبرها المسلمون مسيئة، بغض النظر عن القصد منها.

غير أن بعض النقاد ذهبوا أبعد من ذلك ليقولوا إن جميع الرسوم وطريقة نشرها تظهر التعجرف الأوروبي ومعاداة الإسلام.

ويشبهها الكاتب المسلم ضياء الدين سردار بالصور المعادية للسامية التي نشرت في أوروبا في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، معتبرا أن الصور (الجديدة) تظهر المسلمين على أنهم عنيفون ومتخلفون وأصوليون.

وكتب في صحيفة الاندبندنت يوم الأحد" "حرية التعبير ليست في القيام بما نريد فقط لأنه يمكننا ذلك، بل بخلق سوق مفتوحة للأفكار والجدل حيث يمكن للجميع، بمن فيهم المهمشون، أن يشاركوا سواسية."





إقرأ ايضا في الصفحة الرئيسية



-----------------
مواقعنا بلغات أخرى
BBC Middle East News
BBC Afrique
BBCMundo.com
BBCPersian.com
BBCSomali.com
BBCSwahili
BBCUrdu.com
BBCPashto.com
خصوصية المستخدم | كمبيوتر الجيب | النشرة البريدية | منبه الأخبار العاجلة

^^ أعلى الصفحة


آخر تحديث: الثلاثاء 07 فبراير 2006 16:21 GMT
سين جيم : أزمة رسوم النبي محمد
مواقع خارجية متصلة بالموضوع
بي بي سي ليست مسؤولة عن محتويات المواقع الخارجية

أخبار أخرى

تسببت الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها عدة صحف أوروبية بتفجّر غضب كبير لدى المسلمين. تعرض بي بي سي لأصول الأزمة وتجيب على أبرز الأسئلة المتعلقة فيها.

كيف تطوّرت الأزمة؟

نُشرت الرسوم الكاريكاتورية للمرة الأولى في سبتمبر/ أيلول 2005 في صحيفة "ييلاندز-بوستن" الدنماركية. ثم أُعيد نشرها في النرويج في كانون الثاني/ يناير 2006 قبل أن تقرر عدة صحف أوروبية بدورها نشر الرسوم في فبراير/ شباط في فرنسا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا.

بدأت الاحتجاجات الدبلوماسية لدول إسلامية في أكتوبر/ تشرين الأول 2005 وشهدت تصعيدا وصل حدّ إقفال بعض السفارات.

أما مقاطعة المنتوجات الدنماركية فبدأت في أواخر يناير/ كانون الثاني وتطورت في بداية فبراير/ شباط.

في الأراضي الفلسطينية، هدّدت مجموعات مسلحة بشكل مباشر رعايا الدول التي نشرت الرسوم. كما وُجهت تهديدات بالقتل طالت الرسامين الذين صوّروا النبي محمد.

وفي 2 فبراير/ شباط، ظهر رئيس الوزراء الدنماركي "أندرز فوغ راسموسين" في محطة عربية وأعرب عن أسفه للإساءة التي تسببت بها الرسوم، إلا أنه دافع أيضا عن حرية التعبير.

ومنذ ذلك الحين انطلقت سلسلة من الاحتجاجات العنيفة في مختلف أنحاء العالم الاسلامي وفي بريطانيا وفرنسا.

ما الذي يقوله المسلمون حول الرسوم الكاريكاتورية؟

يقول كثير من المسلمين إن الرسوم الكاريكاتورية -التي تُظهر إحداها النبي محمد يضع عمامة على شكل قنبلة- يقصد فيها الإساءة بشكل متعمّد وكبير للمسلمين وهي تعبّر عن العدائية المتزايدة في الدول الأوروبية تجاه المسلمين. إن رسم النبي محمد والمسلمين عموما كإرهابيين يُعتبر أمرا مسيئا بكل خاص.

ويرى بعض المسلمين الرسوم على أنها هجوم على ايمانهم وثقافتهم.

ويحرّم الإسلام بشكل واضح تصوير الله والنبي محمد وأبرز الشخصيات المسيحية واليهودية.

هل كانت ردة فعل المسلمين موحّدة؟

أبدا. بعض المسلمين اتهموا المحتجون بالمبالغة برد فعلهم.

وقد نشرت صحيفة أردنية أسبوعية بعض الرسوم الكاريكاتورية وحثت المسلمين على ان يتحلوا بالـ"عقلانية".

كما أظهرت بعض المواقع الإسلامية الرسوم أو أشارت إلى صلات تُبرزها.

وقد دعم بعض المسلمين سيّما في أوروبا إعادة نشر الرسوم لكي يتمكن الأفراد المسلمين من إجراء تقييم شخصي للقضية وشجعوا على فتح حوار حول المسائل التي أثارتها الرسوم.

وقد شدّد البعض على أن الرسوم التي تشوه اليهود والاسرائيليين شائعة في الصحف الاسلامية والعربية.

لمَ نشرت الصحيفة الدنماركية الرسوم الكاريكاتورية؟

طلبت الصحيفة الدنماركة هذه الصور بعد أن قال صاحب كتاب عن الإسلام إنه عاجز عن ايجاد شخص واحد مستعد لإعطائه صور عن الرسول.

ويقول "فليمينغ روز" محرر الشؤون الثقافية في الصحيفة إنه لم يطلب من الرسّامين أن يضعوا رسوما ساخرة عن النبي محمد ولكنه طلب منهم فقط أن يرسموا الرسول كما يرونه.

ويصرّ روز على أن هناك عادة دنماركية قديمة تسمح بالسخرية دون أي محرّمات وإن النبي محمد والإسلام يعاملان بشكل مماثل للديانات الأخرى.

كما يعتبر أن هذه الرسوم سمحت برفع مستوى النقاش في الدنمارك بشأن إندماج الأقليات الدينية.

أما المحرّرون الذين أعادوا نشر الصور فيقولون إنهم يدافعون عن حرية التعبير وقد اتخذوا هذا الإجراء تضامنا مع الصحيفة الدنماركية.

ما هي القضايا التي تثيرها الرسوم؟

في عدة دول أوروبية، تتعرّض قيم علمانية قوية إلى هجمات من المسلمين المتشددين وسط مجموعات المهاجرين. ويعتبر عدد كبير من المراقبين أن هذه الرسوم تشكّل ردا على هذه المواقف.

كما هناك أيضا قضية الاندماج -ما حجم التنازلات التي يجب أن تقدمها الدولة المضيفة لمسايرة المهاجرين، وإلى مدى يجب على المهاجرين أن يندمجوا في المجتمع الذي ينتقلون للعيش فيه.

هل تشكّل هذه التطورات سابقة؟

هذا النوع من تصادم الثقافات ليس جديدا.

ففي عام 1989 دعا الزعيم الروحي الايراني آية الله الخميني المسلمين لقتل الكاتب البريطاني سلمان رشدي على خلفية تأليفه لكتاب "آيات شيطانية".

وقد تشكّل هذه الحادثة أبرز مقارنة مع قضية الرسوم. فهي تطرح عدة قضايا مماثلة كحساسية الثقافات المضيفة تجاه الخصوصيات الدينية، واندماج المهاجرين وعدم التسامح الديني وحرية التعبير.

تطلّبت قضية كتاب سلمان رشدي المثير للجدل عدة سنوات لكي تهدأ بعد أن أُجبر الكاتب على الاختباء فترة طويلة.





إقرأ ايضا في الشرق الأوسط



-----------------
مواقعنا بلغات أخرى
BBC Middle East News
BBC Afrique
BBCMundo.com
BBCPersian.com
BBCSomali.com
BBCSwahili
BBCUrdu.com
BBCPashto.com
خصوصية المستخدم | كمبيوتر الجيب | النشرة البريدية | منبه الأخبار العاجلة

^^ أعلى الصفحة


تاريخ مشيخة الأزهر


تأرجح المشيخة بين الانتخاب والتعيين

أحمد تمام**- 12/05/2005


يتردد كثيرا في أدبيات كتب التراجم والتاريخ اقتران لقب شيخ الإسلام ببعض الأئمة الأعلام، من أمثال ابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، وزكريا الأنصاري. ولم يُعرَف هذا اللقب في القرون الهجرية الأولى على الرغم من امتلائها بكبار التابعين وأصحاب المذاهب الفقهية، وفحول الحفاظ والمحدثين، وكلهم جدير بأن يحمل هذا اللقب الكبير.

مشيخة فخرية لا وظيفية

وأقدم من أطلق عليه هذا اللقب هو عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي، المتوفَّى سنة 481 هـ. وتذكر كتب التاريخ أن نظام المُلك وزير السلطان السلجوقي مُلكشاه طلب من فخر الدولة وزير الخليفة المقتدي العباسي أن يمنح الخليفة الإمام الهروي لقب شيخ الإسلام، فوافق الخليفة، وأرسل في سنة 474 هـ إلى الإمام الهروي الخلعة باسم "شيخ الإسلام وشيخ الشيوخ والحكماء، أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري".

وتوالى إطلاق هذا اللقب على كبار الأئمة من أعلام المسلمين، دون أن تكون له دلالة وظيفية يترتب عليها إجراءات معينة، وإنما يطلق من باب تكريم النابهين من العلماء.

العثمانيون يؤسسون للمشيخة الرسمية

وظل اللقب خاليا من أي مضمون وظيفي حتى قامت الدولة العثمانية، وأصبح منصبا رسميا، وكان يطلق على شيخ الإسلام أول الأمر "مفتي العاصمة"، وأحيانا "المفتي الأكبر"، ويعتقد أن السلطان محمد الفاتح هو أول من استحدث لقب شيخ الإسلام في تاريخ الدولة العثمانية بعد أن فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، ونقل عاصمة بلاده إليها وصارت تعرف بإستانبول.

وتمتع شيخ الإسلام في الدولة العثمانية بمركز مرموق للغاية، فهو رئيس هيئة العلماء، ويتقدم في البروتوكول العثماني على الصدر الأعظم (رئيس الوزراء). فعند ذهابه لمقابلة السلطان يخف السلطان لاستقباله متقدما سبع خطوات، ويُسمَح للشيخ بتقبيل كتفه، على حين لم يكن يتقدم لاستقبال الصدر الأعظم والوزراء أكثر من ثلاث خطوات، ولا يُسمَح للصدر الأعظم إلا بلثم ذيل ثوبه.

وكان السلطان العثماني هو الذي يتولى اختيار شيخ الإسلام من بين كبار رجال القضاء والمفتين، ويصدر فرمانا سلطانيا بتعيينه في هذا المنصب، وكانت الدولة تخصص له أحد كبار ضباط القصر السلطاني لمساعدته في ارتداء ملابس التشريفة.

وكان الصدر الأعظم والوزراء - وفي بعض الأحيان السلطان نفسه - يلتمسون رأيه في بعض المسائل المهمة، كما كانوا يعرضون عليه مشروعات القوانين الوضعية قبل إقرارها بصفة نهائية، ويطلبون منه الرأي في مدى مطابقتها لمبادئ الشريعة الإسلامية.

وعلى الرغم من كون شيوخ الإسلام يُعيَّنون من قبل السلطان بفرمان منه، فإن معظمهم لم يكونوا أداة لينة في أيدي السلاطين يتصرفون بها كيف شاءوا، وكانت فتواهم ذات شأن كبير في سياسة الدولة، فكان السلطان العثماني لا يقدم على حرب دون أن يستصدر من شيخ الإسلام فتوى يقرر فيها أن هذه الحرب لا تتعارض مع الدين، وأن لها أسبابها الشرعية التي تدعوا لقيامها، يعني كونها حربا عادلة.

وكانت فتاوى شيخ الإسلام ملزمة، ولا يستطيع السلطان أن يمسها من قريب أو من بعيد.

وحين حاول السلطان سليم الأول أن يعرض على رعاياه المسيحيين اختيار أمرين لا ثالث لهما، إما اعتناق الإسلام وإما القتل، وقف له شيخ الإسلام وأصدر فتوى تمنعه من التعرض للمسيحيين وتعطيهم الحق في ممارسة شعائرهم بحرية كاملة، وأن تتكفل الدولة بالمحافظة على أرواحهم وممتلكاتهم، ما دام سلوكهم العام لا تشوبه شائبة.

وأُبلِغَت هذه الفتوى إلى البطريرك اليوناني في إستانبول بصفته رئيس أكبر ملة غير إسلامية في الدولة، واعتبر هذه الفتوى ميثاقا أو مستندا يحمي الرعايا من غير المسلمين من أي اضطهاد قد يتعرضون له. وقد أذعن السلطان سليم الأول لفتوى شيخ الإسلام.

ولا أدَلّ على مدى النفوذ الذي بلغه شيخ الإسلام من كونه الوحيد الذي له الحق في إصدار فتوى عزل السلطان، بناء على أنه انحرف عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية أو أصيب بمرض عقلي لا يُرجَى شفاؤه. وقد تم عزل عدد من السلاطين العثمانيين بناء على فتوى شيخ الإسلام، مثل السلطان سليم الثالث، والسلطان عبد العزيز.

وعندما آلت السلطة في الدولة العثمانية إلى جماعة الاتحاد والترقي عقب انقلاب سنة 1909م، حرص النظام الجديد على الانتقاص من سلطة شيخ الإسلام وسائر علماء المسلمين، وتجريدهم من اختصاصاتهم، ثم لم تلبث أن ألغيت وظيفة شيخ الإسلام مع إلغاء نظام السلطنة سنة 1922م، وكان آخر من تولى هذا المنصب هو الشيخ مصطفى صبري الذي لجأ إلى القاهرة وعاش بها حتى توفي سنة 1373هـ = 1954م.

بين شيخ الإسلام وشيخ الأزهر

كان منصب شيخ الإسلام أقدم في الظهور من منصب شيخ الأزهر الذي نشأ بعد أكثر من سبعة قرون من قيام الأزهر، ويعد الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي، المتوفَّى سنة 1101 هـ = 1690م أول من تولى مشيخة الأزهر. ويصف الجبرتي هذا المنصب بأنه أعظم مناصب العلماء.

وجدير بالذكر أن هذا المنصب ظهر ومصر تابعة للدولة العثمانية التي لم تتدخل في عملية اختيار شيخ الأزهر، ولم تفرض عالما عثمانيا لتولي هذا المنصب، على الرغم من قدرتها على ذلك.

وكان تعيين شيخ الأزهر يتم باتفاق شيوخ الجامع وعلمائه فيما بينهم، فإذا أجمعوا أمرهم على اختيار أحد العلماء أخطروا ديوان أفندي سكرتير عام ديوان القاهرة، ليقوم بإبلاغ الباشا العثماني (الوالي) باسم الشيخ الجديد، كما يخطرون شيخ البلد وهو كبير الأمراء المماليك والرجل الثاني بعد الباشا العثماني.

ويقام حفل كبير بهذه المناسبة، ويتولى الوالي أو شيخ البلد إلباس شيخ الأزهر الرداء الرسمي الذي يسمى "فرو سمور" وكان يُخلَع على الذين يتولون المناصب الكبرى في مصر، وكان هذا الإجراء من قبل السلطات الحاكمة إقرارا منها بتعيين ما اختاره العلماء شيخا للجامع الأزهر.

وباختيار شيخ الأزهر يصبح هو الرئيس الأعلى للجامع، وله الإشراف المباشر على العلماء والطلبة، وله مخصصاته النقدية والعينية، كما يصبح بحكم منصبه عضوا في الديوان الكبير بالقاهرة، الذي كان يعقد برئاسة الباشا العثماني أو نائبه.

وترتب على الاختيار الحر لمنصب شيخ الأزهر أن تبوأه علماء من مختلف المذاهب الفقهية من الشافعية والمالكية والحنفية. ومن بين شيوخه من كان كفيف البصر، وهو الشيخ حسن القويسني، الذي تولى المشيخة بعد الشيخ حسن العطار في عهد محمد علي، وأحد شيوخ الأزهر وهو الشيخ محمد العباس المهدي كان جده لوالده نصرانيا أسلم على يد الشيخ الحفني الإمام الثامن من شيوخ الأزهر.

وجاء الاختيار الحر بثلاثة من أسرة واحدة: جد وابن وحفيد، تولوا مشيخة الأزهر في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ الأزهر، وهم الشيخ أحمد العروسي (1192-1208 هـ = 1778- 1793م) وابنه الشيخ محمد أحمد العروسي (1233-1245هـ = 1818- 1829م)، والشيخ مصطفى محمد أحمد العروسي، الذي تولى المشيخة سنة (1281 هـ = 1865م).

وكان شيخ الأزهر إذا عُيِّن يظل في منصبه حتى وفاته، حتى إنه لما اضمحلت صحة الشيخ الباجوري لكبر سنه تقرر إقامة أربعة وكلاء عنه: اثنين من الشافعية، وواحد من الحنفية، وآخر من المالكية، برئاسة الشيخ مصطفى العروسي لمباشرة شئون الأزهر، حتى توفي الشيخ الباجوري سنة 1277هـ = 1860 م.

السلطة تتدخل حال الخلاف

واختيار العلماء لشيخ الأزهر كان يتم في غالب الأحيان في هدوء ودون صخب أو ضجيج، إلا في حالات قليلة احتدمت فيها المنافسة بين المرشحين، واستحال الاتفاق على شيخ معين، وفي هذه الحالات كان يتدخل الأمراء المماليك إلى جانب المرشح الذي يبدو لهم أن معظم المشايخ يؤيدونه، وكان هذا التدخل يحسم الموقف نهائيا إذا جاء في الوقت المناسب وقبل أن يتدهور الموقف بين المتنافسين وأنصارهم، ويتحول إلى معركة حامية مثلما حدث بين الشيخ عبد الباقي القليني والشيخ أحمد نفراوي حين تنافسا على منصب مشيخة الأزهر عقب وفاة الشيخ محمد النشرتي شيخ الجامع الأزهر في (ذي الحجة 1120 هـ = مارس 1709 م).

ومع تولي أسرة محمد علي الحكم في مصر، بدأ التدخل واضحا في عملية اختيار شيخ الأزهر، وأول مظاهر ذلك كان بعد وفاة الشيخ عبد الله الشرقاوي في (شوال 1227 هـ= أكتوبر 1812 م)، فحين اختار المشايخ محمد المهدي للمشيخة وهنأوه بذلك وانتظروا صدور القرار من محمد علي كما هو متبع في ذلك، فوجئوا بأن الوالي لم يأخذ برأيهم وعين الشيخ محمد الشنواني شيخا للأزهر.

وظل منصب شيخ الأزهر محاطا بالهيبة والوقار، ولا يستطيع أحد من الولاة عزل صاحبه، حتى أقدم الخديوي إسماعيل على عزل الإمام مصطفى العروسي الشيخ العشرين في سلسلة مشايخ الجامع الأزهر في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجامع الأزهر، وقد شجعه ذلك على تكرار مثل هذا العمل والاجتراء، الأمر الذي عرَّض المنصب الكبير للاهتزاز، حتى تولاه خمسة في عهده، بحيث لم يبق فيه أحدهم أكثر من ثلاث سنوات.

ظهور جماعة كبار العلماء

ومع الجهود المبذولة لتطوير جامع الأزهر وإصلاحه، ظهرت جماعة كبار العلماء سنة (1239هـ = 1911 م) في عهد المشيخة الثانية للشيخ سليم البشري (حيث تولى المشيخة في 1317هـ لكنه استقال من منصبه 1320هـ ثم عاد إليه مرة أخرى 1327هـ واستمر به حتى وفاته) وكانت الجماعة تتكون من ثلاثين عالما من صفوة علماء الأزهر، واشترط في دخولهم هذه الهيئة ألا تقل سنهم عن 45 سنة، وأن يكون مضى عليه وهو مدرس بالجامع الأزهر عشر سنوات على الأقل، من بينها أربع سنوات في القسم العالي، وأن يكون معروفا بالورع والتقوى.

وكانت هذه الجماعة هي أكبر هيئة علمية شرعية في العالم الإسلامي، ولا ينال عضويتها إلا الجهابذة من علماء الأزهر، وطريق العضوية رسالة علمية دقيقة ينال بها شرف الانتساب إلى هذه الهيئة، وتغير اسم الهيئة في عهد الشيخ المراغي إلى هيئة كبار العلماء.

ونص قانون الأزهر أن يكون اختيار شيخ الجامع الأزهر من بين جماعة كبار العلماء، وكان ذلك يضمن ما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر من العلم والمعرفة والسمعة وحسن الخلق.

غير أن هذا لم يمنع من تدخل الأهواء السياسية في تخطي هذه الهيئة العلمية في اختيار شيخ الأزهر، والتحايل على شروط الترشيح، مثلما فعلت في اختيار الشيخ مصطفى عبد الرازق، وهو على علمه وسمعته الطيبة وأخلاقه الدمثة لم يكن من بين هيئة كبار العلماء، وكان ترشيحه للمنصب يعني صدام الحكومة المصرية مع الهيئة، وهو ما حدث بالفعل، فتقدم ثلاثة من كبار أعضائها باستقالاتهم احتجاجا على ما أقدمت عليه الحكومة، ولم يكن رفضهم اعتراضا على شخص مصطفى عبد الرازق أو تقليلا من شأنه، ولكنه كان احتراما للقانون ودفعا لطغيان السلطة التي تريد أن تعبث بهيبة علماء الأزهر ومكانتهم.

تطوير الأزهر يلغي الهيئة

وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م الخاص بتطوير الأزهر، ألغيت هيئة كبار العلماء وحل محلها ما عرف باسم مجمع البحوث الإسلامية، ويتكون من خمسين عضوا على الأكثر، من بينهم ما لا يزيد عن عشرين من غير المصريين من كبار علماء العالم الإسلامي، ولا تسقط العضوية إلا بالوفاة أو الاستقالة أو العجز الصحي، والمجمع هو الذي يقرر إسقاط العضوية، وهو الذي يملأ المكان الشاغر بانتخاب أحد المرشحين، بالاقتراع السري وبأغلبية الأصوات.

وجعل هذا القانون شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية وفي كل ما يتعلق بالقرآن وعلوم الإسلام، ويعيَّن بقرار من رئيس الجمهورية من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية.

غير أن هذا القانون ضيق سلطات شيخ الأزهر، وغلَّ يده عن التصرف، بأن جعل للأزهر وزيرا لشئونه يجمع في يديه كل السلطات، وهو ما عجل بحدوث أزمة قوية بين شيخ الأزهر وبين الوزير الذي يكاد يسلب المنصب الكبير كل صلاحية، وظلت الأزمة قائمة منذ عهد الشيخ محمود شلتوت حتى تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر فكان له موقف آخر، وقدم استقالته حرصا على مقام الإمام الأكبر، ولم يعد إلى منصبه حتى تغير القانون القديم وصدر قانون جديد في سنة 1975 يلغي منصب وزير الأزهر، ويعطي كل صلاحياته لشيخ الأزهر.

وكان الشيخ عبد الحليم محمود من طراز مختلف فلم تقيده اللوائح والقوانين، وإنما طغت شخصيته عليها، واستشعر حجم المسئولية الملقاة على عاتقه باعتباره إمام المسلمين الأكبر والمدافع عن قضاياهم، وكان له في كل موقف رأي، وفي كل مسألة بيان، فوقف أمام زحف الفكر الشيوعي في مصر، ونادى بأعلى صوته مطالبا برد أوقاف الأزهر إليه، وأفتى بإثم من اغتصبها، وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وكوَّن لجنة بمجمع البحوث الإسلامية لتقنين الشريعة الإسلامية في صيغة مواد قانونية، وتوسع في التعليم الأزهري، وتدخل لوقف الحرب الدائرة بين المغرب والجزائر سنة 1976م، وأرسل برقيات ورسائل إلى زعماء العالم العربي للتدخل في إيقاف نزيف الدم، وقد نجحت مساعيه في إيقاف الحرب، وبلغ من تقدير الرئيس السادات له أن كتب له ردا على برقيته بقوله:

"تلقيت بالتقدير برقيتكم بشأن المساعي لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب، وأود أن أؤكد لكم أن مصر تقوم بواجبها القومي من أجل مصالح العرب والمسلمين، وما زال السيد محمد حسني مبارك نائب الرئيس يقوم بمهمته المكلف بها، أرجو الله عز وجل أن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق، كما أدعوه تعالى أن يوفقنا دائما لنحقق للإسلام والمسلمين كل خير وعز وازدهار...".

وإذا كان الشيخ عبد الحليم محمود قد عُيّن من قبل الدولة في هذا المنصب، فإنه لم يكن أسير هذا الاختيار، وتحرك في ضوء ما خوَّله له القانون من حقوق، واستثمر ذلك في صالح المسلمين وقضاياهم، وليس كل من يُختار لمشيخة الأزهر على شاكلة هذا الشيخ الجليل، ولذا صار من الضروري أن يُترك لكبار علماء الأزهر أن يختاروا شيخه بحرية كاملة، مثلما كان من قبل، لأن في هذا مصلحة للأزهر ومصلحة للمسلمين.

من أعلام البحيرة


حمروش.. شيخ الجامع الأزهر

(في ذكرى مولده: 20 ربيع الأول 1297هـ)


أحمد تمام

الشيخ حمروش

كان من شأن النهضة الفكرية التي شهدتها مصر في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري أن امتدت إلى الجامع الأزهر، تحاول أن تعيده إلى ما كان عليه من قبل حصنا للدين ومعقلا للعربية، ورائدا يهتدي الناس به، وكان الأزهر قد تعرّض لسياسة جائرة من قبل "محمد علي"، حيث أعرض عنه، ونزع سائر الأملاك التي كانت موقوفة عليه، فساءت أحوال الأزهر، وانصرف عنه كثير من الطلاب.

ولولا أن الأزهر ثابت الأركان، عريق في القِدَم، زاخر بعلمائه فلربما عصفت به الإجراءات التي اتخذها معه "محمد علي"، ولكن الأزهر محروس بعناية الله، مكفول برعايته، فسرعان ما ظهرت دعوات جادة لإصلاح الأزهر، وإدخال بعض العلوم الحديثة في مناهجه، وتعددت القوانين التي تحاول علاج القصور في مناهج تعليمه ونظم الدراسة به.

وكان من أظهر هذه القوانين ما صدر في عام (1349هـ = 1930م) في عهد الشيخ "محمد الأحمدي الظواهري" شيخ الجامع الأزهر، حيث تضمن القانون إنشاء ثلاث كليات لأول مرة في تاريخ الأزهر، هي: كلية أصول الدين، وكلية الشريعة، وكلية اللغة العربية، ومدة الدراسة بها أربع سنوات، وشاءت الأقدار أن يكون الشيخ "إبراهيم حمروش" هو أول من يتولى منصب عمادة كلية اللغة العربية في تاريخ الجامع العريق.

المولد والنشأة

شهدت قرية "الخوالد" التابعة لـ "إيتاي البارود" بمحافظة "البحيرة" مولد إبراهيم حمروش في العشرين من شهر ربيع الأول (1297هـ = 1 من مارس 1880م)، وكان أبوه رجلا صالحا حرص على تربية ابنه وتنشئته نشأة طيبة؛ فألحقه بالكتاب حيث حفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم التحق بالأزهر واتصل بشيوخه الأعلام، فدرس الفقه الحنفي على الشيخ "أحمد أبي خطوة"، وكان موضع ثنائه وإعجابه، ودرس النحو على الشيخ "علي الصالحي".

ولزم الأستاذ الإمام "محمد عبده" وكان يدرّس لأول مرة في تاريخ الأزهر كتاب "أسرار البلاغة"، و"دلائل الإعجاز"، وهما لـ "عبد القاهر الجرجاني" ، فأحيا بهما دراسة البلاغة في الأزهر، ولفت أنظار تلاميذه إلى أهمية ما يتضمنه الكتابان من مباحث بلاغية، وقد تأثر التلميذ بالإمام محمد عبده في رحابة صدره، وشجاعته في الحق ومجاهرته بضرورة إصلاح التعليم بالأزهر، وتحسين مناهجه، وتحديث نظمه.

ولما آنس الطالب النجيب أنه قد حصّل قدرا من العلوم يؤهله لدخول امتحان العالمية، تقدم لها في سنة (1324هـ= 1906م)، وكان قانون الأزهر يقضي بأن من أمضى في الأزهر اثنتي عشرة سنة من الدراسة أو أكثر فله الحق في أن يتقدم لامتحان الشهادة العالمية، ويحق لمن يحصل عليها التدريس بالجامع الأزهر.

وكان الامتحان صعبا لا يجتازه إلا من بذل غاية جهده في القراءة والبحث ومعرفة دقائق العلم؛ لأن لجنة الممتحنين تتألف عادة من كبار علماء الأزهر، وكان الامتحان يتم شفاهة ويستغرق ساعات طويلة، وعلى الطالب النابه أن يجيب عن كل ما يتعرّض له من أسئلة تتناول أربعة عشر عِلْمًا.

وقد نجح الشيخ حمروش في أن يجتاز الامتحان العسير في 3 ساعات، وأن ينال استحسان الإمام "عبد الرحمن الشربيني" شيخ الجامع الأزهر الذي كان على رأس الممتحنين.

حمروش معلمًا

جامع الأزهر

وبعد التخرج اشتغل بالتدريس في الأزهر، وإلى جانب ذلك كان يقوم بتدريس الرياضيات، وكانت له براعة في فهمها وتحصيلها، حتى إنه فاز أكثر من مرة أيام طلبه العلم بالأزهر بالمكافآت المالية التي كان يرصدها "رياض باشا" رئيس الوزراء لمن يفوز بامتحانات الرياضيات التي يعقدها.

ولما افتُتحت مدرسة القضاء الشرعي في مصر اختير الشيخ حمروش في (29 من شعبان 1326هـ= 26 من سبتمبر 1908م) للعمل بها، واختص بتدريس الفقه وأصوله، وتخرج عليه صفوة ممن نبغوا في القضاء وتركوا آثارا علمية قيّمة، منهم الإمام "حسن مأمون" الذي ولي مشيخة الأزهر بعد ذلك، والشيخ "علام نصار"، والشيخ "حسنين مخلوف"، وقد تولى الاثنان منصب الإفتاء، والشيخ "فرج السنهوري" وكان من أعلام الفقه في مصر.

وظل الشيخ حمروش قائما على التدريس حتى سنة (1335هـ=1916م) حين اختير للعمل قاضيا بالمحاكم الشرعية، فأدى واجبه على خير وجه، وتحرّى الضبط والعدل فيما يأخذه من أحكام.

وفي أثناء عمله بالقضاء اتصل بالشيخ "المراغي" الذي عرف له مكانته وفضله، فلما اختير شيخا للأزهر في (2 من ذي الحجة 1346هـ = 22 من مايو 1928م) نقله للعمل معه، واستعان به في النهوض بالأزهر؛ فعُيِّن شيخا لمعهد "أسيوط" الديني سنة (1347هـ = 1928م)، ثم شيخا لمعهد "الزقازيق" في سنة (1348هـ= 1929م)، ثم عُيِّن شيخا لكلية اللغة العربية في سنة (1350هـ= 1931م) فنهض بها، وبلغت أوج مجدها في عهده، فكان يختار لها أكفأ الأساتذة، ولا يقبل طالبا بها إلا بعد الاختبار والتحقق من استعداده، ثم ترك كلية اللغة العربية سنة (1364هـ = 1944م) إلى كلية الشريعة شيخا لها.

ولم يكن عجيبا في ذلك الزمان أن ينتقل الأستاذ في الأزهر بين الكليات المختلفة للتدريس بها، فحصيلته العلمية تؤهله لتدريس دقائق النحو، كما تؤهله لتدريس أصول الفقه والبلاغة، ولا يجد عنتًا في ذلك أو مشقة في القيام بذلك، وكأنه قد تخصص لهذا الفرع من العلم دون سواه؛ ولذلك لا تتعجب حين يتولى الشيخ حمروش رئاسة لجنة الفتوى في الأزهر سنة (1351هـ = 1932م) إلى جانب احتفاظه بمشيخة كلية اللغة العربية.

مشاركة في الهيئات العلمية

ولم تشغله كل هذه الوظائف العلمية عن القراءة والتحصيل، فنال عضوية جماعة كبار العلماء في (28 من صفر 1353هـ= 10 من يونيو 1934م) برسالته القيمة "عوامل نمو اللغة"، وهذه الهيئة كان قد أنشأها "سليم البشري" شيخ الجامع الأزهر، وتتكون من ثلاثين عالما من صفوة علماء الأزهر الذين أسهموا في الثقافة الإسلامية بنصيب وافر، ويُشترط لمن يُختار لعضويتها أن يقدم رسالة علمية دقيقة ينال بها شرف الانتساب إلى أكبر هيئة دينية في العالم الإسلامي.

وفي العام الذي اختير فيه عضوا في جامعة كبار العلماء، اختير أيضا عضوا في مجمع اللغة العربية منذ إنشائه، وكان من الرعيل الأول الذين أرسوا قواعد المجمع اللغوي.

يُذكر للشيخ حمروش حرصه على كرامة الأزهر، فحين توفي الإمام "المراغي" شيخ الأزهر سنة (1365هـ= 1945م) تخطت الحكومة من تنطبق عليهم الشروط لتولي المشيخة، واختارت شيخا من خارج الأزهر هو الشيخ "مصطفى عبد الرازق"، ولم يكن الإمام –على فضله وعمله- تنطبق عليه شروط الاختيار، فلم يكن عضوا بجماعة كبار العلماء، ولا ممن عملوا بالتدريس بالأزهر؛ فاحتج الشيخ "حمروش" هو والشيخ "مأمون الشناوي" وكيل الأزهر و"عبد المجيد سليم" على تدخل الحكومة في شئون الأزهر ومخالفتها القانون، وقدّم الثلاثة استقالتهم من مناصبهم في الأزهر.

مشيخة الأزهر

وفي اليوم الثلاثين من ذي القعدة سنة (1370هـ= 2 من سبتمبر 1951م) عُيِّن الشيخ إبراهيم حمروش شيخا للجامع الأزهر، وكان أول عمل قام به هو تمسكه بزيادة الميزانية المخصصة للأزهر، ودعا إلى وحدة الأمة، في وقت كانت تتعرض فيه البلاد لضغوط من الاستعمار الإنجليزي.

وأصدر بيانا قويا عندما اعتدت القوات الإنجليزية في الإسماعيلية على الشرطة المصرية، وحاصرت مقرها، وجاء في هذا البيان: "إني باسم الأزهر وعلمائه لأعلن استنكاري لهذا الإجرام الفظيع الذي اُنتهكت فيه الأعراض، واستُبيحت فيه الأموال، واعتُدي على حرية الإنسان وحقه المشروع في أن يطالب بحريته واستقلاله.. وليعلم الإنجليز أن هذه الفظائع التي يصبونها على رؤوس أبنائنا لن تُلِينَ للشعب قناة، ولن ترد عن المطالبة بجلائهم من وطننا العزيز".

ولم تلق هذه السياسة الحازمة من قبل الشيخ قبولا من الحكومة والإنجليز الذين ضغطوا على الملك "فاروق" فأعفاه من منصبه في (9 من فبراير 1952م).

مؤلفاته

شغلت المناصب التي تولاها الشيخ حمروش عن التفرغ للتأليف المنتظم، فلم يترك سوى رسالته التي تقدم بها لنيل عضوية جماعة كبار العلماء، وبعض الدراسات اللغوية والمقالات في الصحف والدوريات، كان أهمها بحثه الذي رفض فيه كتابة المصحف بالرسم الإملائي حتى لا يصبح عرضة للتبديل والتغيير، وكان مجمع اللغة قد كلّفه بدراسة هذا الموضوع، وقد أخذ المجمع بنتائج الشيخ حمروش، ورفض المشروع المقدم له بكتابة المصحف بالرسم الإملائي.

وفاته

وظلَّ الشيخ إبراهيم حمروش يواصل عمله بعد خروجه من مشيخة الأزهر، يكتب المقالات للصحف، ويفتح بيته أمام تلاميذه ومحبيه، ويواظب على حضور جلسات مجمع اللغة العربية، حتى وافاه الأجل في عام (1380هـ = 1960م) عن ثمانين عامًا.

شاعر العروبة و الاسلام /أحمد محرم


(في ذكرى مولده في 5 من المحرم 1294 هـ )

نتيجة بحث الصور عن أحمد محرم بين شعراءأحمد تمام


في قرية "إبيا الحمراء" التابعة لمحافظة البحيرة بمصر ولد أحمد محرم، لأب حرص على تنشئة ابنه تنشئة إسلامية، فأحضر له من قام بتحفيظه القرآن، وتعليمه النحو واللغة والأدب، كما شغف هو بقراءة السيرة النبوية والتاريخ، ومطالعة الحديث الشريف، وحفظ النصوص الأدبية الرفيعة، وقراءة الصحف والمجلات؛ فوقف على حال أمته وألمّ بوطنه وقضاياه.
وكان لتلك النشأة أثرها في حياة أحمد محرم، فلما تفجر ينبوع الشعر على لسانه كان الإسلام وما يتصل به من أخلاق كريمة ومثل عليا محور شعره كله، وظل في "دمنهور" عاصمة محافظة البحيرة، لا يغادرها إلى القاهرة، ومصدر رزقه الكتابة والنشر.
مع فلسطين.. والجامعة الإسلامية
رأى أحمد محرم في الجامعة الإسلامية رمزًا لجمع شمل المسلمين، وظلاً يستظل به العالم الإسلامي، فوقف إلى جانب الخلافة العثمانية، مهاجمًا أعداءها منددًا بالثائرين عليها، مطالبًا المسلمين بالالتفاف حولها، محذرًا من التشتت والضياع الذي يريده لهم أعداؤهم، فيقول من قصيدة له:
هبوا بني الشرق لا نوم ولا لعب** حتى تعد القوى أو تؤخذ الأهب
ماذا تظنون إلا أن يحاط بكم** فلا يكون لكم منجى ولا هرب
كونوا بها أمة في الجهر واحدة** لا ينظر الغرب يومًا كيف نحترب
ولما برزت على ساحة العمل الوطني قضية فلسطين ومأساة شعبها بعد وعد بلفور سنة (1336 هـ= 1917م) كان أحمد محرم في طليعة الشعراء العرب الذين أيقظوا الوجدان والشعور، وعلا صوتهم بالجهاد والنضال، وجعل من شعره أداة لبث الحمية في النفوس، يقول من قصيدته "نكبة فلسطين":
في حمى الحق ومن حول الحرم** أمة تُؤذى وشعب يُهتضم
فزع القدس وضجت مكة** وبكت يثرب من فرط الألم
ومضى الظلم خليًا ناعمًا** يسحب البُردين من نار ورم
وكان لأحمد محرم عناية تامة بقضايا وطنه الاجتماعية فدعا إلى علاج مشكلة الفقر، ونادى بضرورة تعليم المرأة، وندد بالدعوة إلى سفورها، وحين ثارت في مصر فتنة طائفية بين المسلمين والنصارى عقب مقتل "بطرس باشا غالي" رئيس وزراء مصر وقتذاك، كان أحمد محرم ممن وقف في وجهها، داعيًا إلى التسامح والمحبة، فيقول من قصيدة بديعة:
كذب الوشاة وأخطأ اللوام** أنتم أولو عهد ونحن كِرام
حبُّ تجد الحادثات عهوده** وتزيد في حرماته الأيام
وصل المقوقس بالنبي حباله** فإذا الحبال كأنها أرحام
وجرى عليه خليفة فخليفة** وإمام عدل بعدهم فإمام
لا ننشد العهد المؤكد بيننا** النيل عهد دائم وذمام
الإلياذة الإسلامية
وينفرد أحمد محرم بين شعراء العربية بتصوير البطولة الإسلامية تصويرًا رائعًا، فيعمد إلى سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) فينظمها في نحو ثلاثة آلاف بيت، مصورًا فيها حياة النبي الكريم، منذ ولادته حتى وفاته، ملتزمًا التسلسل الزمني، وأطلق عليها "مجد الإسلام" أو الإلياذة الإسلامية.
أراد أحمد محرم أن يحاكي بذلك شعر الملاحم عند الغرب، وبخاصة إلياذة هوميروس المعروفة وهي ملحمة شعرية، تبلغ آلاف الأبيات، نُظمت من وزن واحد لم تخرج عنه، وتستلهم الأسطورة وصراع الآلهة التي تتدخل في الحرب، والشياطين، والشهب، والزلازل والخوارق، لكن الشاعر الكبير استلهم الوقائع الثابتة، والأحداث الصادقة والمعارك والغزوات فصورها في لغة صافية، وخيال راق، وإيمان قوي، بعيدًا عن الخيال الواهم والأحداث المفتعلة. واستهل محرم عمله بقوله:
املأ الأرض يا محمد نورًا** واغمر الناس حكمة والدهورا
حجبتك الغيوب سرًا تجلى** بكشف الحجب كلها والستورا
أنت معنى الوجود بل أنت سر** جهل الناس قبله الإكسيرا
أنت أنشأت للنفوس حياة** غيّرت كل كائن تغييرا
أنجب الدهر في ظلالك عصرًا** نابِهَ الذكر في العصور شهيرا
وما كاد ينشر بواكير هذا العمل الخالد على صفحات جريدة البلاغ، وجريدة الفتح، ومجلة الأزهر، حتى استقبلته أقلام الكتاب في مصر والشام والعراق بالثناء والتقدير، وعلى الرغم من أن أحمد محرم قد أتم نظم هذا الديوان، فإنه لم يُنشر في حياته، وبقي مخطوطًا حتى طبع في القاهرة سنة (1383هـ= 1963م).
ويعد أحمد محرم من شعراء مدرسة "البعث والإحياء" في الشعر العربي التي حمل لواءها محمود سامي البارودي، ثم تبعه أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأحمد نسيم، الذين أدوا دورهم القوي في تجديد الديباحة الشعرية، وإعادتها إلى بهائها السالف في عهد الشعراء الكبار كأبي تمام والبحتري والمتنبي.
عاش أحمد محرم حياته في مدينة دمنهور بعيدًا عن أضواء العاصمة، مترفعًا عن السير في ركاب الحاكمين والوزراء، أو التزلف إلى أصحاب الجاه والسلطان، وكانت فيه عفة وإباء، فلم يمدح ملكًا، أو يتملق رئيسًا أو يعرف في الحق لينا.
وكان لفروقه من الشهرة وبعده عن القاهرة، واعتزازه بنفسه وكرامته أثر في ألا يأخذ ما يستحقه من التقدير والتكريم في الوقت الذي تمتع من هو أقل منه موهبة وعلما بالشهرة العريضة وملأ الدنيا ضجيجا.
ويبقى لأحمد محرم أنه يمثل الفريق الجاد من أدباء الأمة وشعرائها الذين يوجهونها ويأخذون بزمامها إلى الخُلق والمثل العليا وكرائم الفعال، فيعلن في صراحة أنه اتخذ من كتاب الله إماما يأتمر بأوامره ويحيد عن نواهيه، فيقول:
أقول لصاحبي ـ وعاهداني** كتاب الله بينكما وبيني
فكونا صادقين ولا تخونا** فإن لنا لإحدى الحسنيين
ولست ببائع نفسي وديني** ولو أوتيت مُلك المشرقين
لهذا سلطة ولتلك أخرى** فما بالي وبال السلطتين
وتوفى أحمد محرم في (02 رجب 1364 هـ= 13 من يونيو 1945م) بعدما ترك ثروة شعرية كبيرة.