صور منتقاة رائعة
Extreme Photo
صور اشخاص اصحاب مهن شاقة وخطره
صور اشخاص اصحاب مهن شاقة وخطره
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله
خطبتي الجمعة بعنوان :
الخسارة الحقيقية
والتي تحدَّث فيها عن الخسارة الحقيقية
وأنها خسارة الآخرة الباقية لا الدنيا الفانية،
وحثَّ على السعي إلى مرضاة الله تعالى وعدم الوقوع في الخُسران المُبين
بتضييع حقوقِه - سبحانه -، ومُخالفة أمره، وفعلِ ما نهَى عنه،
وذكرَ العديدَ من صُور الخسارة، وبيَّن سِمات الخاسِرين ليحذَرَها جميعُ المسلمين.
الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على المسلمين بعاقبة الخير وحُسن السيادة،
أحمده - سبحانه - وأشكرُه على نعمة الأُخُوَّة وأجر الزيارة،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في شرعِه طريقُ النجاة وخيرُ التجارة،
وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه من اتَّبعَ هُداه نجا وفاز،
ومن تنكَّبَ الطريقَ فالمآلُ الخسارة،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله،
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102].
تتقلَّبُ الحياةُ بين ربحٍ وخسارة،
ويسعى الإنسانُ إلى أن ينأَى بنفسِه عن الخسارة،
ويُحقِّق فوزًا في شؤون حياتِه، يفرحُ الإنسانُ للرِّبح ويزهُو، ويحزنُ للخسارة.
ذلك أن الخسارة مُرٌّ مذاقُها، أليمٌ مآلُها، وبعضُ الناس إذا لحِقَت بهم خسارةٌ دنيويَّة
شقُّو الجيوب، ولطَموا الخدود، ودعَوا بدعوى الجاهلية.
لكنّ الخسارة الحقيقية ليست خسارة الدنيا،
وليست خسارة المال والمنصِب أو الوظيفة أو التجارة،
الخسارة الحقيقية هي خسارة الباقية الآجِلة،
ومتاعُ الدنيا ليس مِقياسًا للرِّبح والخسارة؛
فكم من رابحٍ في الدنيا وهو خاسرٌ يوم القيامة ؟!
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[الزمر: 15].
الرِّبحُ والخسارة في ميزان العُقلاء ربحُ الإيمان والفوز بالآخرة،
والإنسانُ خاسرٌ أبدًا خسارة عُمره ومآله مهما جمعَ وحوَى،
وحازَ واستولَى،
{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ }
[ العصر: 1، 2 ]
ثم استثنَى - سبحانه وتعالى -:
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
[العصر: 3]
الذين آمنوا وحقَّقوا إيمانَهم بعمل الصالحات،
وتجمَّلوا بالصبر والتزَموا طريقَ الحق هم الفائِزون.
وأعظمُ الخسارة خسارة الدين، كل خسارةٍ في هذه الدنيا تهُون إلا خسارة الدين؛
لأن المُصيبة في الدين تُوجِبُ لصاحبِها الهلاكَ في الآخرة.
خسارةُ الدين بانحِراف شُبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بتضييع أركانِه وتمييع أحكامِه،
أو يُسخِّرُه لخدمة دُنياه وبُلوغ مصالحِه،
ولهذا كان دعاءُ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( ولا تجعل مُصيبتَنا في دينِنا )
ومن ضيَّع العملَ وأهملَ في تحصيلِه خفَّ يوم العرض ميزانُه،
ونقصَت أعمالُه، فترجحُ كِفَّةُ السيئات، وتطيشُ كِفَّةُ الحسنات،
ويغدُو من الخاسِرين، قال الله تعالى:
{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ }
[ الأعراف: 8، 9 ].
ولما أُهبِط آدمُ وحواء:
{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ الأعراف: 23 ]
فمن فقَدَ مغفرةَ الله وعفوَه ورحمتَه وقُربَه فهو من الخاسِرين.
ومن سِمات الخاسِرين: خُلفُ الوعد، ونقضُ العهد، وإبطالُ الميثاق،
والإفسادُ في الأرض ببثِّ الشُّبُهات، وإثارة الشهوات ورعايتِها،
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ البقرة: 27 ].
طاعةُ الكافرين ومُوالاتُهم علامةُ الخسران.
والقرآنُ يُحذِّرُنا من سُوء العاقبة والمآل، قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ }
[ آل عمران: 149 ].
ومن سِمات الخاسِرين: أن عبادتَهم تدورُ مع المصلَحة الدُّنيويَّة،
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[ الحج: 11 ].
من الناس من لا يعبُدُ الله ولا يحمدُه إلا في حال الرَّخاء،
إذا حلَّت الدنيا بِدارِه عبَدَ ربَّه وأطاعَه، وإذا رحَلَت الدنيا عن حياتِه انقلَبَ على وجهِه.
يتمسَّك بالعبادة حالَ النعمة، ويصُدُّ عنها حالَ الضَّرَّاء، خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
[ كان الرجلُ يقدَمُ المدينة فإن ولدَت امرأتُه غلامًا، ونُتِجَت خيلُه قال:
هذا دينٌ صالِحٌ، فإن لم تلِد امرأتُه، ولم تُنتَج خيلُه قال: هذا دينُ سوءٍ ]
رواه البخاري.
ومن الخُسران ما ذكَرَه القرآنُ في مُحكَم التنزيل:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ المنافقون: 9 ]
فمن ألهَتْه أموالُه، وشغلَه أولادُه، وضيَّع بسبب ذلك العبادةَ والطاعةَ
ظنًّا منه أن ذلك سبيلُ الرِّبح فهو واهِمٌ مغرورٌ، ي
ُخيَّلُ إليه أن هذا سبيلُ المتاعِ والأمنِ والنعمةِ،
وما علِمَ المسكينُ أنه لطريق الخسارة سالِكٌ.
ومن قتلَ أخاه ظُلمًا وعُدوانًا فهو خاسِرٌ،
وإن عاشَ مُنعَّمًا مُستمتِعًا بنعيمِ الدنيا، قال الله تعالى:
{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ المائدة: 30 ].
ومن اتَّخذَ الشيطانَ وليًّا يُحكِّمُه في ليله ونهاره، وقولِه وفعلِه،
ومالِه ومآلِه فهو خاسِرٌ، قال الله تعالى:
{ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا }
[ النساء: 119 ].
والأنبياءُ المُصلِحون يُبصِرون مواطِنَ الخسارة ويحذَرُونَها ويُحذِّرُون منها،
وأبرزُها:
المعصية التي تُفضِي إلى زيادة تخسيرٍ،
قال الله تعالى على لسان هُودٍ - عليه السلام -:
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً
فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ }
[ هود: 63 ].
ومن سِمات الخاسِرين: الأمنُ من مكرِ الله، قال الله تعالى:
{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
[ الأعراف: 99 ].
ومن صُور الخسارة وأليم الحسرة:
إفلاسُ رصيدِ الطاعات بعد أن عمِلَ المُسلمُ أعمالاً كثيرةً في وُجوهِ البِرِّ،
وتزدادُ الحسرةُ حين يعجزُ الرَّصيدُ عن القضاء، فيكونُ التسديدُ بتحمُّل سيئات العباد، صور اشخاص اصحاب مهن شاقة وخطره
صور اشخاص اصحاب
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله
خطبتي الجمعة بعنوان :
الخسارة الحقيقية
والتي تحدَّث فيها عن الخسارة الحقيقية
وأنها خسارة الآخرة الباقية لا الدنيا الفانية،
وحثَّ على السعي إلى مرضاة الله تعالى وعدم الوقوع في الخُسران المُبين
بتضييع حقوقِه - سبحانه -، ومُخالفة أمره، وفعلِ ما نهَى عنه،
وذكرَ العديدَ من صُور الخسارة، وبيَّن سِمات الخاسِرين ليحذَرَها جميعُ المسلمين.
الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على المسلمين بعاقبة الخير وحُسن السيادة،
أحمده - سبحانه - وأشكرُه على نعمة الأُخُوَّة وأجر الزيارة،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في شرعِه طريقُ النجاة وخيرُ التجارة،
وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه من اتَّبعَ هُداه نجا وفاز،
ومن تنكَّبَ الطريقَ فالمآلُ الخسارة،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله،
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102].
تتقلَّبُ الحياةُ بين ربحٍ وخسارة،
ويسعى الإنسانُ إلى أن ينأَى بنفسِه عن الخسارة،
ويُحقِّق فوزًا في شؤون حياتِه، يفرحُ الإنسانُ للرِّبح ويزهُو، ويحزنُ للخسارة.
ذلك أن الخسارة مُرٌّ مذاقُها، أليمٌ مآلُها، وبعضُ الناس إذا لحِقَت بهم خسارةٌ دنيويَّة
شقُّو الجيوب، ولطَموا الخدود، ودعَوا بدعوى الجاهلية.
لكنّ الخسارة الحقيقية ليست خسارة الدنيا،
وليست خسارة المال والمنصِب أو الوظيفة أو التجارة،
الخسارة الحقيقية هي خسارة الباقية الآجِلة،
ومتاعُ الدنيا ليس مِقياسًا للرِّبح والخسارة؛
فكم من رابحٍ في الدنيا وهو خاسرٌ يوم القيامة ؟!
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[الزمر: 15].
الرِّبحُ والخسارة في ميزان العُقلاء ربحُ الإيمان والفوز بالآخرة،
والإنسانُ خاسرٌ أبدًا خسارة عُمره ومآله مهما جمعَ وحوَى،
وحازَ واستولَى،
{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ }
[ العصر: 1، 2 ]
ثم استثنَى - سبحانه وتعالى -:
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
[العصر: 3]
الذين آمنوا وحقَّقوا إيمانَهم بعمل الصالحات،
وتجمَّلوا بالصبر والتزَموا طريقَ الحق هم الفائِزون.
وأعظمُ الخسارة خسارة الدين، كل خسارةٍ في هذه الدنيا تهُون إلا خسارة الدين؛
لأن المُصيبة في الدين تُوجِبُ لصاحبِها الهلاكَ في الآخرة.
خسارةُ الدين بانحِراف شُبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بتضييع أركانِه وتمييع أحكامِه،
أو يُسخِّرُه لخدمة دُنياه وبُلوغ مصالحِه،
ولهذا كان دعاءُ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( ولا تجعل مُصيبتَنا في دينِنا )
ومن ضيَّع العملَ وأهملَ في تحصيلِه خفَّ يوم العرض ميزانُه،
ونقصَت أعمالُه، فترجحُ كِفَّةُ السيئات، وتطيشُ كِفَّةُ الحسنات،
ويغدُو من الخاسِرين، قال الله تعالى:
{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ }
[ الأعراف: 8، 9 ].
ولما أُهبِط آدمُ وحواء:
{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ الأعراف: 23 ]
فمن فقَدَ مغفرةَ الله وعفوَه ورحمتَه وقُربَه فهو من الخاسِرين.
ومن سِمات الخاسِرين: خُلفُ الوعد، ونقضُ العهد، وإبطالُ الميثاق،
والإفسادُ في الأرض ببثِّ الشُّبُهات، وإثارة الشهوات ورعايتِها،
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ البقرة: 27 ].
طاعةُ الكافرين ومُوالاتُهم علامةُ الخسران.
والقرآنُ يُحذِّرُنا من سُوء العاقبة والمآل، قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ }
[ آل عمران: 149 ].
ومن سِمات الخاسِرين: أن عبادتَهم تدورُ مع المصلَحة الدُّنيويَّة،
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[ الحج: 11 ].
من الناس من لا يعبُدُ الله ولا يحمدُه إلا في حال الرَّخاء،
إذا حلَّت الدنيا بِدارِه عبَدَ ربَّه وأطاعَه، وإذا رحَلَت الدنيا عن حياتِه انقلَبَ على وجهِه.
يتمسَّك بالعبادة حالَ النعمة، ويصُدُّ عنها حالَ الضَّرَّاء، خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
[ كان الرجلُ يقدَمُ المدينة فإن ولدَت امرأتُه غلامًا، ونُتِجَت خيلُه قال:
هذا دينٌ صالِحٌ، فإن لم تلِد امرأتُه، ولم تُنتَج خيلُه قال: هذا دينُ سوءٍ ]
رواه البخاري.
ومن الخُسران ما ذكَرَه القرآنُ في مُحكَم التنزيل:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ المنافقون: 9 ]
فمن ألهَتْه أموالُه، وشغلَه أولادُه، وضيَّع بسبب ذلك العبادةَ والطاعةَ
ظنًّا منه أن ذلك سبيلُ الرِّبح فهو واهِمٌ مغرورٌ، ي
ُخيَّلُ إليه أن هذا سبيلُ المتاعِ والأمنِ والنعمةِ،
وما علِمَ المسكينُ أنه لطريق الخسارة سالِكٌ.
ومن قتلَ أخاه ظُلمًا وعُدوانًا فهو خاسِرٌ،
وإن عاشَ مُنعَّمًا مُستمتِعًا بنعيمِ الدنيا، قال الله تعالى:
{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ المائدة: 30 ].
ومن اتَّخذَ الشيطانَ وليًّا يُحكِّمُه في ليله ونهاره، وقولِه وفعلِه،
ومالِه ومآلِه فهو خاسِرٌ، قال الله تعالى:
{ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا }
[ النساء: 119 ].
والأنبياءُ المُصلِحون يُبصِرون مواطِنَ الخسارة ويحذَرُونَها ويُحذِّرُون منها،
وأبرزُها:
المعصية التي تُفضِي إلى زيادة تخسيرٍ،
قال الله تعالى على لسان هُودٍ - عليه السلام -:
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً
فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ }
[ هود: 63 ].
ومن سِمات الخاسِرين: الأمنُ من مكرِ الله، قال الله تعالى:
{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
[ الأعراف: 99 ].
ومن صُور الخسارة وأليم الحسرة:
إفلاسُ رصيدِ الطاعات بعد أن عمِلَ المُسلمُ أعمالاً كثيرةً في وُجوهِ البِرِّ،
وتزدادُ الحسرةُ حين يعجزُ الرَّصيدُ عن القضاء، فيكونُ التسديدُ بتحمُّل سيئات العباد،
صور اشخاص اصحاب
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله
خطبتي الجمعة بعنوان :
الخسارة الحقيقية
والتي تحدَّث فيها عن الخسارة الحقيقية
وأنها خسارة الآخرة الباقية لا الدنيا الفانية،
وحثَّ على السعي إلى مرضاة الله تعالى وعدم الوقوع في الخُسران المُبين
بتضييع حقوقِه - سبحانه -، ومُخالفة أمره، وفعلِ ما نهَى عنه،
وذكرَ العديدَ من صُور الخسارة، وبيَّن سِمات الخاسِرين ليحذَرَها جميعُ المسلمين.
الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على المسلمين بعاقبة الخير وحُسن السيادة،
أحمده - سبحانه - وأشكرُه على نعمة الأُخُوَّة وأجر الزيارة،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في شرعِه طريقُ النجاة وخيرُ التجارة،
وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه من اتَّبعَ هُداه نجا وفاز،
ومن تنكَّبَ الطريقَ فالمآلُ الخسارة،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله،
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102].
تتقلَّبُ الحياةُ بين ربحٍ وخسارة،
ويسعى الإنسانُ إلى أن ينأَى بنفسِه عن الخسارة،
ويُحقِّق فوزًا في شؤون حياتِه، يفرحُ الإنسانُ للرِّبح ويزهُو، ويحزنُ للخسارة.
ذلك أن الخسارة مُرٌّ مذاقُها، أليمٌ مآلُها، وبعضُ الناس إذا لحِقَت بهم خسارةٌ دنيويَّة
شقُّو الجيوب، ولطَموا الخدود، ودعَوا بدعوى الجاهلية.
لكنّ الخسارة الحقيقية ليست خسارة الدنيا،
وليست خسارة المال والمنصِب أو الوظيفة أو التجارة،
الخسارة الحقيقية هي خسارة الباقية الآجِلة،
ومتاعُ الدنيا ليس مِقياسًا للرِّبح والخسارة؛
فكم من رابحٍ في الدنيا وهو خاسرٌ يوم القيامة ؟!
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[الزمر: 15].
الرِّبحُ والخسارة في ميزان العُقلاء ربحُ الإيمان والفوز بالآخرة،
والإنسانُ خاسرٌ أبدًا خسارة عُمره ومآله مهما جمعَ وحوَى،
وحازَ واستولَى،
{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ }
[ العصر: 1، 2 ]
ثم استثنَى - سبحانه وتعالى -:
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
[العصر: 3]
الذين آمنوا وحقَّقوا إيمانَهم بعمل الصالحات،
وتجمَّلوا بالصبر والتزَموا طريقَ الحق هم الفائِزون.
وأعظمُ الخسارة خسارة الدين، كل خسارةٍ في هذه الدنيا تهُون إلا خسارة الدين؛
لأن المُصيبة في الدين تُوجِبُ لصاحبِها الهلاكَ في الآخرة.
خسارةُ الدين بانحِراف شُبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بتضييع أركانِه وتمييع أحكامِه،
أو يُسخِّرُه لخدمة دُنياه وبُلوغ مصالحِه،
ولهذا كان دعاءُ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( ولا تجعل مُصيبتَنا في دينِنا )
ومن ضيَّع العملَ وأهملَ في تحصيلِه خفَّ يوم العرض ميزانُه،
ونقصَت أعمالُه، فترجحُ كِفَّةُ السيئات، وتطيشُ كِفَّةُ الحسنات،
ويغدُو من الخاسِرين، قال الله تعالى:
{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ }
[ الأعراف: 8، 9 ].
ولما أُهبِط آدمُ وحواء:
{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ الأعراف: 23 ]
فمن فقَدَ مغفرةَ الله وعفوَه ورحمتَه وقُربَه فهو من الخاسِرين.
ومن سِمات الخاسِرين: خُلفُ الوعد، ونقضُ العهد، وإبطالُ الميثاق،
والإفسادُ في الأرض ببثِّ الشُّبُهات، وإثارة الشهوات ورعايتِها،
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ البقرة: 27 ].
طاعةُ الكافرين ومُوالاتُهم علامةُ الخسران.
والقرآنُ يُحذِّرُنا من سُوء العاقبة والمآل، قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ }
[ آل عمران: 149 ].
ومن سِمات الخاسِرين: أن عبادتَهم تدورُ مع المصلَحة الدُّنيويَّة،
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
[ الحج: 11 ].
من الناس من لا يعبُدُ الله ولا يحمدُه إلا في حال الرَّخاء،
إذا حلَّت الدنيا بِدارِه عبَدَ ربَّه وأطاعَه، وإذا رحَلَت الدنيا عن حياتِه انقلَبَ على وجهِه.
يتمسَّك بالعبادة حالَ النعمة، ويصُدُّ عنها حالَ الضَّرَّاء، خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
[ كان الرجلُ يقدَمُ المدينة فإن ولدَت امرأتُه غلامًا، ونُتِجَت خيلُه قال:
هذا دينٌ صالِحٌ، فإن لم تلِد امرأتُه، ولم تُنتَج خيلُه قال: هذا دينُ سوءٍ ]
رواه البخاري.
ومن الخُسران ما ذكَرَه القرآنُ في مُحكَم التنزيل:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
[ المنافقون: 9 ]
فمن ألهَتْه أموالُه، وشغلَه أولادُه، وضيَّع بسبب ذلك العبادةَ والطاعةَ
ظنًّا منه أن ذلك سبيلُ الرِّبح فهو واهِمٌ مغرورٌ، ي
ُخيَّلُ إليه أن هذا سبيلُ المتاعِ والأمنِ والنعمةِ،
وما علِمَ المسكينُ أنه لطريق الخسارة سالِكٌ.
ومن قتلَ أخاه ظُلمًا وعُدوانًا فهو خاسِرٌ،
وإن عاشَ مُنعَّمًا مُستمتِعًا بنعيمِ الدنيا، قال الله تعالى:
{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ المائدة: 30 ].
ومن اتَّخذَ الشيطانَ وليًّا يُحكِّمُه في ليله ونهاره، وقولِه وفعلِه،
ومالِه ومآلِه فهو خاسِرٌ، قال الله تعالى:
{ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا }
[ النساء: 119 ].
والأنبياءُ المُصلِحون يُبصِرون مواطِنَ الخسارة ويحذَرُونَها ويُحذِّرُون منها،
وأبرزُها:
المعصية التي تُفضِي إلى زيادة تخسيرٍ،
قال الله تعالى على لسان هُودٍ - عليه السلام -:
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً
فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ }
[ هود: 63 ].
ومن سِمات الخاسِرين: الأمنُ من مكرِ الله، قال الله تعالى:
{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
[ الأعراف: 99 ].
ومن صُور الخسارة وأليم الحسرة:
إفلاسُ رصيدِ الطاعات بعد أن عمِلَ المُسلمُ أعمالاً كثيرةً في وُجوهِ البِرِّ،
وتزدادُ الحسرةُ حين يعجزُ الرَّصيدُ عن القضاء، فيكونُ التسديدُ بتحمُّل سيئات العباد،