Translate

الثلاثاء، 15 مارس 2016

عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ)

.... 
 
ولدت في مدينة دمياط بشمال دلتا مصر في منتصف نوفمبر عام 1913م، ابنة لعالم أزهري، وحفيدة لأجداد من علماء الأزهر وروَّاده، وتفتحت مداركها على جلسات الفقه والأدب، وتعلمت وفقًا للتقاليد الصارمة لتعليم النساء وقتئذٍ في المنزل، وفي مدارس القرآن (الكُتَّاب( .
وقد تحدثت عن أبيها فقالت: "إلى من أعزني الله به أبًا تقيًّا زكيًّا، ومعلمًا مرشدًا، ورائدًا أمينًا ملهمًا، وإمامًا مهيبًا قدوة: فضيلة والدي العارف بالله العالم العامل: الشيخ محمد عليّ عبد الرحمن الحسيني؛ نذرني رضي الله عنه لعلوم الإسلام، ووجَّهني من المهد إلى المدرسة الإسلامية، وقاد خُطاي الأولى على الطريق السويِّ، يحصنني بمناعة تحمي فطرتي من ذرائع المسخ والتشويه".
ومن المنزل حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929م بترتيب الأولى على القطر المصري كله، ثم الشهادة الثانوية عام 1931م، والتحقت بجامعة القاهرة لتتخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1939م، ثم تنال درجة الماجستير عام 1941م، وقد تزوجت أستاذها بالجامعة الأستاذ أمين الخولي أحد قمم الفكر والثقافة في مصر حينئذٍ، وصاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير بـ (مدرسة الأمناء)، وأنجبت منه ثلاثة أبناء وهي تواصل مسيرتها العلمية لتنال رسالة الدكتوراه عام 1950م، ويناقشها عميد الأدب العربي د. طه حسين.
لم تكن بنت الشاطئ كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة فحسب، بل نموذجًا نادرًا وفريدًا للمرأة المسلمة التي حرَّرت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة تلهو على شاطئ النيل في دمياط شمال دلتا مصر، إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وأستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لجامعات أم درمان عام 1967م، ولجامعة الخرطوم وجامعة الجزائر عام 1968م، ولجامعة بيروت عام 1972م، وجامعة الإمارات عام 1981م، وكلية التربية للبنات في الرياض 1975- 1983م، وتدرجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذًا للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عامًا.
 نتيجة بحث الصور عن عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ)
مؤلفات بنت الشاطئ :

تركت بنت الشاطئ وراءها ما يربو على الأربعين كتابًا في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية؛ فلها مؤلفات في الدراسات القرآنية والإسلامية أبرزها: التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة، وكذا تحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات. ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها: نص رسالة الغفران للمَعَرِّي، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي. ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها: على الجسر، وسيرة ذاتية؛ وقد سجَّلت فيه طرفًا من سيرتها الذاتية، وسطَّرته بعد وفاة زوجها أمين الخولي بأسلوبها الأدبي الراقي تتذكر فيه صباها، وتسجِّل مشاعرها نحوه، وتنعيه في كلمات عذبة. كما شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية في كل هذه المجالات، وقد جاوزت شهرتها أقطار الوطن العربي والإسلامي، وكانت كتاباتها موضوعًا لدراسات غربية ورسائل جامعية في الغرب، بل وفي أوزبكستان واليابان.نتيجة بحث الصور عن عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ)
ولم تكتفِ بنت الشاطئ بالكتابة فحسب، بل خاضت معارك فكرية شهيرة، واتخذت مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلَّفت وراءها سجلاًّ مشرفًا من السجلات الفكرية التي خاضتها بقوة؛ وكان أبرزها معركتها ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذَوْدًا عن التراث، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامي وحجة فقهية أصولية دون طنطنة نسويَّة ، ومواجهتها الشهيرة للبهائيَّة في أهم ما كُتب في الموضوع من دراسات مسلِّطةً الضوء على علاقة البهائية بالصهيونية العالمية، وكذا دراساتها الرائدة عن تراجم سيدات بيت النبوة، وأبحاثها حول الحديث النبوي: تدوينه ومناهج دراسته و مصطلحاته.نتيجة بحث الصور عن عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ)
ودعائشة عبد الرحمن بجانب إسهاماتها البحثية والأكاديمية والتعليمية البارزة، وتخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية قامت بالتدريس بها، قد خرجت كذلك مبكرًا بفكرها وقلمها إلى المجال العام؛ وبدأت النشر منذ كان سنُّها 18 سنة في مجلة النهضة النسائية، ثم بعدها بعامين في جريدة الأهرام أعرق الجرائد اليومية العربية؛ ونظرًا لشدة محافظة أسرتها -آنذاك- التي لم تعتد انخراط النساء في الثقافة اختارت التوقيع باسم (بنت الشاطئ)، إشارةً لطفولتها ولهوها صغيرة على شاطئ النيل في بلدتها دمياط، وبعدها بعامين بدأت الكتابة في جريدة الأهرام فكانت ثاني امرأة تكتب بها بعد الأديبة ميّ زيادة، وظلت تكتب للأهرام حتى وفاتها، فكان لها مقال طويل أسبوعي، وكان آخر مقالاتها ما نُشر بالأهرام يوم 26 من نوفمبر 1998م بعنوان (علي بن أبى طالب كرَّم الله وجهه)، وهو استكمال لسلسلة طويلة من المقالات بدأت منذ الصيف تناولت فيها سير آل البيت ومقاتل الطالبيين، وشرعت في كتابة سلسلة مقالاتها اليومية الرمضانية كعادتها إلا أن القدر لم يمهلها لإتمامها.
نتيجة بحث الصور عن عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ)

وقد حظيت د. عائشة عبد الرحمن بمكانة رفيعة في أنحاء العالم العربي والإسلامي، وكرَّمتها الدول والمؤسسات الإسلامية؛ فكرّمتها مصر في عهد السادات وعهد مبارك، ونالت جائزة الملك فيصل، ونالت نياشين من دول عديدة، كما كرّمتها المؤسسات الإسلامية المختلفة بعضوية ضنَّت بها على غيرها من النساء مثلمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وكرَّمها ملك المغرب  .
ومن تصاريف القدر أن تكون آخر زياراتها خارج مصر لحضور فعاليات جامعة الصحوة الإسلامية بالرباط بنهاية أكتوبر 1998م، ويحتفي بها طلابها الذين صاروا رُوَّادًا ومتنفذين؛ ولذا أعلنت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المغربية عند وفاتها عن إقامة سرادق لتقبل العزاء فيها في لفتة نادرة تعكس مكانة بنت الشاطئ من الخليج إلى المحيط. وقد فقدتها الساحة الإسلامية في مطلع ديسمبر 1998م، وودعتها مصر في جنازة مهيبة حضرها العلماءوالأدباء والمثقفون الذين جاءوا من شتى الدول، ونعاها شيخ الأزهر وأمَّ صلاة الجنازة بنفسه .
لقد كانت -رحمها الله- من أعلام الأمة، جاهدت بالعلم والقلم للدفاع عن دين الله، وتُمثِّل مسيرة بنت الشاطئ في طلب العلم والكفاح من أجل الدراسة في الجامعة - في زمنٍ كان يقتصر فيه دور المرأة على المنزل - وفي البحث والكتابة في قضايا الفكر الإسلامي؛ نبراسًا لأجيال متتالية. ولا شك أن مسيرتها وإسهاماتها ستظل علامة مضيئة للمرأة المسلمة المعاصرة، ورصيدًا فكريًّا في الساحة الإسلامية[3].

المؤتمرات التي شاركت فيها

-        مؤتمر المستشرقين الدولي - ميونيخ - 1957م.
-        
المؤتمر الثقافي العربي - بغداد 1957م.
-        
مؤتمر النساء الإفريقيات - أكرا - غانا - 1960م.
-        
مؤتمر المعلمين العرب - الجزائر 1963م.
-        
مؤتمر الأدباء العرب - بغداد 1965م.
-        
مهرجان الشاعر محمد إقبال - باكستان 1969م.
-        
مؤتمر الدعوة الإسلامية - طرابلس - ليبيا 1970م.
-        
مؤتمر الإسلام والأسرة - جامعة الأزهر - القاهرة 1975م.

المؤلفات والدراسات الأدبية واللغوية :

-        قضية الفلاح، 1939م.
-        
سيدة العزبة - رواية مصرية واقعية، 1944م.
-        
الحياة الإنسانية عند أبي العلاء، 1944م.
-        
رجعة فرعون - رواية واقعية مصرية، 1949م.
-        
صور من حياتهن - مجموعة قصصية، 1957م.
-        
سر الشاطئ - مجموعة قصصية، 1958م.
-        
التفسير البياني للقرآن الكريم، 1962م.
-        
الشاعرة العربية المعاصرة، 1963م.
-        
أبو العلاء المَعَرِّي، 1965م.
-        
على الجسر - رحلة بين الحياة والموت، 1968م.
-        
قيم جديدة للأدب العربي القديم والمعاصر، 1969م.
-        
مقال في الإنسان، 1969م.
-        
لغتنا والحياة، 1970م.
-        
مع المصطفى، 1970م.
-        
مقدمة في المنهج، 1971م.
-        
القرآن والتفسير العصري، 1971م.
-        
مع أبي العلاء في رحلة حياته، 1972م.
-        
القرآن وقضايا الإنسان، 1972م.
-        
الإسرائيليات في الغزو الفكري، 1975م.
-        
أرض المعجزات، 1977م.

الجوائز والأوسمة

-        جائزة المجمع اللغوي لتحقيق النصوص، 1950م.
-        
جائزة المجمع اللغوي بمصر للقصة القصيرة، 1953م.
-        
الجائزة الأولى للحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية والريف المصري، عام 1956م.
-        
وسام الكفاءة الفكرية من حضرة صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني عاهل المغرب.
-        
جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1978م[4].

وفاة بنت الشاطئ :

وفي الأول من شهر ديسمبر عام 1998م رحلت عنا الدكتورة بنت الشاطئ بعد إصابتها بأزمة قلبية أدَّت إلى حدوث جلطة في القلب والمخ وهبوط حادّ بالدورة الدموية، وقد خلَّفت خلفها ثروة هائلة من الكتب والمؤلفات الأدبية التي تُعبِّر عن جهاد هذه المرأة المسلمة التي بذلت في سبيل علمها وقلمها الذي كان كالسيف البتَّار؛ لذلك ستبقى كتاباتها وذاكرتها قدوةً لمن بعدها، وعَلَمًا يشير إلى المكانة السامية التي وصلت إليها المرأة المسلمة. كذلك ستبقى ذكراها خالدةً في أذهان طلابها المنتشرين في كل بقعة من بقاع عالمنا العربي، والذين صاروا أعلامًا في الفكر والأدب، كما سيهيم طيفها حول كل طالب علمٍ تصفَّح كُتُبها أو تبنَّى أفكارها

ليست هناك تعليقات: