Translate

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

هرموبوليس بارفا

































































مدينة دمنهور مدينة قديمه كانت مركزًا لعبادة (هوريس) أيام الفراعنة أو ما يطلق عليه (حورس)؛ وكانت لها مكانه خاصة عند القدماء حتى أطلقوا عليها مدينة (هور) و مدينة النور ومدينة النصر واسمها الأصلي كما قال الأثريون أي مدينة هوريس أما اليونان فسموها (هرموبوليس بارفا) أي مدينة هرمس الصغرى و نطقها القبط تمنهور وسميت زمن الفتح الإسلامي دمنهور و ما زالت إلى يومنا هذا. (الفتح الإسلامي لمصر: للأستاذ عوض القهوجي) 
و من كتاب:إقليم البحيرة صفحات مجيدة من الحضارة والتاريخ والكفاح ، للأستاذ : محمد محمود زيتون ،طبعة 1962 دار المعارف بمصر و منه البيانات الآتية:
أطلق العرب على إقليم البحيرة منذ أربعة عشر قرنا من الزمن الحوف الغربي. ص79
في القرن السابع الهجري كانت دمنهور عاصمة البحيرة وكانت الإسكندرية تابعة لها . ص89
ويتحدث عن دمنهور ابن دقماق في القرن الثامن الهجري فبقول: (وهي مدينة قديمة وعامرة بها جوامع ومدارس و حمامات وفنادق و قياسر وغير ذلك) ثم يقولSad إن الملك الظاهر برقوق أمر ببناء سور عليها عقب فتنة عربان البحيرة في سنة بضع وثمانين وسبعمائة ، وبها مزارات)
وقد تعرضت دمنهور سنة781 لثورة شيخ عربان البحيرة بدر بن سلام فبعث إليه ابن برقوق حمله بددت شمل الثوار و عاود بدر بن سلام ثورته في العام التالي فقدم إليه الشعباني أمير السلاح على رأس حملة من خمسمائة مملوك فكسروا شوكة الثوار وفر زعيمهم. ص106
و قد تحدث ابن زمبل الرمال في كتابه تحفة الملوك عن دمنهور في القرن العاشر الهجري قائلا: (و بإقليم البحيرة مدينة دمنهور و هي كرسي الإقليم وقاعدة الحكم ، وبها بطيخ ليس على وجه الأرض أحلى منه ، و قد عمر بها (أولاد عامر) قصورًا وصارت بلدا معمورا ، يسكنها زماننا الأمير عيسى ابن إسماعيل و هو الحاكم هذه الأقاليم كلها و هو من العدل والكرم على جانب عظيم) و باسمه عرفت بلدة حوش عيسى . ص108
و ذكرها علي مبارك في الخطط التوفيقية و أعاد ما ذكره الأقدمون من أنها كانت ثماني بلاد في الزمن الأول: شبرا+الدمنهورية+قرطسة بلد الحبشي+نقرها+سكنيدة (وهذه الخمسة لا تزال موجودة إلى الآن ) +طاموس(اندثرت و محلها أبو الريش و تبعد عن دمنهور خمسمائة متر) +الاثلة (قد اندثرت)+قراقص ص110
و عني صاحب الخطط التوفيقية بمساجد دمنهور وحصرها فيما يلي : جامع الإفلاقي في حارة باب النصر و هو جامع قديم و جامع سيدي محمد الجزيري وهو قديم أيضا ويقع على قنطرة السكك الحديدية و جامع سيدي احمد الجيشي و هو في حارة الحوفي وجامع الأفندي في السوق وقد بناه الشيخ علي العادلي و جامع سيدي مجاهد الذي بالسوق أيضا و جامع سيد زارع بجوار الورشة و جامع الخراشي و يقع في حارة الخراشي وجامع محمد النمر بحارة محمد موصلي و جامع السوسي وجامع أبي عبد الله المغربي الواقع في نقرهة و جامع الشوربجي الذي في قرطسا وجامع ابن مسعود القريب من جامع السوسي و جامع الزواوي بالصاغة وجامع الحبشي بساحة الغلال.
و لم يذكر جامع التوبة الواقع أمام ديوان المديرية(الذي اصبح مديرية الأمن ثم بنيت مكانه مبنى البوستة الآن)و قد هدم و جدد بناؤه و اصبح دليلا على روعة فن العمارة الإسلامية. 
ثم ذكر الأضرحة (و عدد مجموعة من الاضرحة)
كما ذكر كنيستين: إحداهما للإفرنج على قنطرة السكة الحديد ، و الأخرى للأقباط في قرطسا ، وذكر أيضا حمام الزواوي و حمام الحبشي 
أشار أيضا لوجود مقابر في الجنوب ، وخص بالذكر من دفن فيها من العلماء (المرجع السابق ص111،112)
و تحدث (موتسنجر)[جغرافية مصر ]عن البحيرة في أواخر القرن التاسع عشر فقال أن سكانها 219987و بها 281 بلدا و 189 مكتبا :4606 صبيا و خمسة مراكز للشرطة ثم تحدث بإسهاب عن دمنهور التي كانت في الأصل سبعة مدن ( ولعله نسي مدينة قرطسا: الثامنة) وقال أنها على تل يبلغ ارتفاعه ستة أمتار و ذكر بها 35 مسجدا ومدرسة للأقباط وأخرى أجنبية والتشابه ملحوظ فيما ذكره موتسنجر وعلي مبارك في معالم المدينة مع اختلاف في بعض النواحي .ص112
وفي نفس المرجع السابق حديث عن زيارة الخديوي توفيق لدمنهور بعد خلع أبيه إسماعيل و نفيه 
و في نفس المرجع السابق حديث عن قصة إنشاء مدرسة دمنهور الزراعية الصناعية عام 1907 في عهد السلطان حسين كامل. ص113 ،114
وزار الخديوي عباس حلمي الثاني مديرية البحيرة سنة 1914 فاستقبله مديرها محمد محمود باشا وألقى الشاعر احمد محرم قصيدة بهذه المناسبة بالغ فيها حتى قال: 
لم يسد انعمك (الرشيد) و لا رأت ÷ (بغداد) عصر مثل عصرك أزهرا 
و في نفس المرجع حديث عن زيارة الملك فؤاد لدمنهور عام 1920 و عن موكب استقباله وعن وضع حجر الأساس لمسجد الحبشي( في حضور شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوي ) وزيارته لمستشفى الرمد و مدرسة البنات و مدرسة دمنهور الصناعية والزراعية و زيارته لمدرسة الأقباط ومدرسة التعاون الإنساني (و مؤسسيها مجموعة من أغنياء دمنهور و أعيانها و أهل الخير بهاو هم سيف الدين الكاتب و محمود باشا الحبشي و الحاج محمد نجاتي و حسن بك الحديني و أحمد بك غزال و عيسى بك نوار و الحاج شحانة ابو الحسن و الشيخ عبد الوهاب القاضي ) و مدرسة المعلمين و منتزه البلدية . ص115و116
وفي إحصاء 12 ديسمبر 1960 بلغ عدد سكان بندر دمنهور وحده126 ألف نسمة بينما بلغ عدد سكان مركز دمنهور 151الف نسمة و هم الذين كانوا 23353سنة1882 ثم 52000 سنة1927. ص116


مدينة دمنهور اقدم تجمع حضارى فى العالم واول مدينة سكت بها العملة وهى عاصمة محافظة البحيرة , من اعرق محافظات مصر . وهى تقع فى غرب الدلتا ويحدها شمالا البحر الابيض المتوسط وشرقا فرع رشيد وغربا محافظتى الاسكندرية ومطروح وجنوبا محافظة الجيزة وتبلغ مساحة المحافظة 9826 كم2 ويبلغ اجمالى السكان لعام 2001 4.34 مليون نسمة . وكانت البحيرة فى الماضي تسمى مقاطعة بديت التى كانت عاصمة مملكة الشمال .و كانت تتكون من عشرين مقاطعة و قد عاصرت هذه المقاطعة جميع الاحقاب التاريخية بدءا من عصر ما قبل الاسرات ومرورا بالعصر الفرعونى يليه العصر البيزنطي ثم الفتح الاسلامي لمصر حتي اليوم .وقد مر بارضها معظم الفلاسفة ومؤرخي وجغرافيي الاغريق وتتلمذواعلى ايدي كهنتها عندما كانت المعابد بمثابة الجامعات الاولي التى استقي منها هؤلاء الاغريق العلوم والطب والفلسفة .ولقد حظيت البحيرة منذ اقدم العصور وحتى اليوم بزيارات الرحالة والبحارة والمؤرخين والفلاسفة والسلاطين والملوك والرؤساء. فوطئت ارضها اقدام هيرودوت واسترابون و فيلاوس و باريس و هيلانة والاسكندر وعمرو بن العاص وقايتباي والغورى وصلاح الدين الايوبي ونابليون . ومدينة دمنهور من اقدم مدن العالم .و اول عاصمة دولة في التاريخ (عاصمة دولة الفرعنة بالوجه البحري ثم ضمها مينا بعدما وحدالقطرين منذ 3 آلاف سنة وجعل العاصمة منف. وأيام الإغريق والرومان كانت المدينة الثانية بعد العاصمة الإسكندرية . وبعد الفتح الإسلامي لمصر بني بها عمرو بن العاص ثاني مساجد مصر وافريقيا بعد مسجده بالفسطاط(القاهرة ) .و هو مسجد التوبة. و جعلها عاصمة إقليم البحيرة الذي كان يضم رشيد و الاسكندرية ,و البحيرة كانت منزلا القبائل العربية التي اتت مع الفتح الاسلامي.وكان عربان البحيرة يثورون علي ظلم المماليك والعثمانيين مطالبين بالخلافة لتكون قرشية عربية .ثار أهل البحيرة على الفرنسيين عدة مرات. وفي كل ثورة كان يشنق عدد من الاهالي و الاعيان والعربان و العلماء بها . وكانوا يتخذون منهم رهائن ليكفوا عن الثورة ليتوقف اهل البحيرة عن الثورة . حتي اتاهم (ابو عبد الله المغربي) شيوخ المغرب و دعا اهلها الى الجهاد و جعل دمنهور عاصمته. و انتصر على نابليون بونابرت في خمس معارك متتتالية انتهت باستشهاده و استشهاد الفين من رجال البحيرة بدمنهور .و امر نابليون بابادة سكان المدينة و حرقهم احياء في بيوتهم وفي الطرقات و قدر عدد الشهداء بربع سكان المدينة و أرسل قائد كتيبة إبادة دمنهور لأحد القادة رسالة قائلا : اصبحت دمنهور كومة من الرماد ما تركنا فيها حجر فوق حجر و قتلنا من اهلها نحو ما يزيد عن الف و خمسمائة شخص وهذا العدد يكاد يقارب خمس سكان المدينة في ذلك الوقت كما أن هؤلاء الشهداء قد سقطوا في معارك الفداء و ليس هذا وحسب بل لقد واصلوا الجهاد بعد ذلك ضد محمد بك الألفي عميل الإنجليز حتى تمكنوا من دحضه عن أرضهم و تثبيت محمد علي في حكم مصر حيث تعد دمنهور هي صاحبة الدور الرئيسي في هذا الامر 

الحملة الفرنسية
==================

كان كاشف البحيرة(واليها) قد تلقى رسائل من أهل الإسكندرية تطلب النجدة لتعرضهم لخطر هجوم الفرنسيون عليهم ، فجمع عربان البحيرة أنفسهم و انضم إليهم المجاهدون من الإقليم و تقدمهم الكاشف و زحفوا على ظهور خيولهم دفاعا عن الإسكندرية .
و لما رأي أهل الإسكندرية بسالة أهل البحيرة اشتد أزرهم فوقفوا يصدون جنود فرنسا من احتلال الإسكندرية و لكنهم لم يصمدوا أمام الفرنسيين و أن كانوا قد كبد وهم خسائر كبيرة ( مائة و خمسون قتيلا ) وجرح كل من مينو و كليبر بجراح .
أما الجيش الذي سلك طريق البر فقد غادر الإسكندرية و على رأسه نابليون و مر في محاذاة ترعة المحمودية اما الترعة فقد جف ماؤها لأنها لم تكن تمتلئ بالماء إلا في زمن الفيضان فلقي الجنود تعبا شديدا في الطريق بسبب العطش و لم يبقى أمامهم إلا الشرب من الآبار و لكن الأهالي قد أتلفوها حتى لا ينتفع بها العدو و تلاقت الفرق في دمنهور يوم 7 يوليو و في صباح اليوم التالي وصل نابليون و معه أركان حربه .
و في يوم 10 يوليو قامت الفرق كلها من دمنهور قاصدة الى الرحمانية فاحتلتها في اليوم التالي و هناك التقت القوات البحرية الفرنسية بقيادة دوجا مع القوات البرية الفرنسية بقيادة نابليون و حدثت معركة شرسة على ضفاف شبراخيت (قرية منية سلامة) بين الحملة من جهة و بين المماليك و الأهالي من جهة أخرى و انهزم المماليك و كان أول انتصار لنابليون على المماليك ولكن بعد معركة شرسة تمكن فيها الأهالي من إغراق خمس سفن فرنسية و استولوا علىاثنتين وجرح بيريه (أحد قيادات الحملة)[ اقليم البحيرة ص374،375].

كانت البحيرة أول إقليم حمل راية المقاومة و الجهاد قبل أن تطأ أقدام جنود نابليون شواطئ الإسكندرية حيث لبوا نداء كاشف الإسكندرية للجهاد ضد الغزو الأجنبي و سرعان ما خف آهل البحيرة قبل غيرهم الى النضال مع جزار يهم وجلاديهم جنبا إلى جنب لم ترهبهم مدافع نابليون بل تربصوا بالجنود على طول الخط فانه لم يكد جيشه يبتعد بمسافة فرسخ عن (الكريون) حتى كان العرب والفلاحين ينقضون على كل كتيبة و يخطفون المتخلفين من الجنود فيقتلونهم و يتخذون من أسلحتهم عدة للجهاد .
و لما وصل الفرنسيون الى دمنهور كان ستة آلاف رجل من الاهلين على استعداد للقتال (و قدكان سكان دمنهور يتراوح عددهم بين 8و10 آلاف نسمة ص109من المرجع السابق) و خشي الجنرال ديموي(و الذي قتل في ثورة القاهرة بعد ذلك) أن يصطدم بهم و إلا كان في هذا الصدام سحق الحملة عن آخرها فلجأ الى إبعادهم بقذائف مدافعه و اضطر الى الانسحاب عن دمنهور و التقهقر الى بركة غطاس و تربص له آهل المنطقة ثانية حتى أفلتت منهم الكتيبة بكل صعوبة الى أن وصلت الى الإسكندرية و هي مثخنة بالجراح ثم عدلت خط سيرها الى رشيد بعد أن خسر ديموي ثلاثين من جنوده بين قتيل و فقيد مما شجع الأهالي على مواصلة مناوشاتهم حتى دخلت الكتيبة معسكرها بالإسكندرية يوم 20 يوليه و ظلوا مرابطين خلف أسوارها 
و اخذ أهل القرى في البحيرة على طول خط سير الحملة يتعقبون جنود البغي الذين يتخلفون عن الفرق التابعين لها سواء بسبب التعب أو المرض أو بسبب التخلف لإبلاغ الرسائل اليومية و البلاغات الحربية الى قادة الفرق أمعن المواطنون فيهم قتلا .
و في نفس المصدر قصص عن نهب الجنود الجائعين قرى البحيرة التي مروا بها ، و من الجدير بالذكر أن الضباط لم يستطيعوا مقاومة جنودهم و هم يتذمرون من الجوع و العطش حتى اضطر نابليون أن يوجب على نفسه إلا يتناول غير وجبة واحدة خفيفة كل 18 ساعة .كما أحرق أهل البحيرة غلالهم و حصاد جهودهم لعام زراعي كامل حتى لا يستفيد منها العدو . ص377
و فاجأ الفرنسيون عدد من المرابطين يوم 23 يوليه عند باب رشيد وهو الباب الشرق من أسوار الإسكندرية و ضاقت أنفاس جنود (ديموي) بهذا الحصار المفاجئ الذي ضربه الشعب حوله مما اضطره الى قتل 43 من الأهالي و أدرك يومئذ أن هناك اتصالا وثيقا بين المجاهدين في كل من الإسكندرية و دمنهور مما أثار دهشة الفرنسيين [ وفي هذا اكبر رد على من يدعون أن مصر كانت قبل الحملة شعب جاهل متخلف و يبالغون في ذلك الأمر فها نحن نرى حركة منظمة من بلدان مختلفة تجمع عدد كبير من الناس و تتم بشكل سري يباغت الفرنسيين رغم ان تلك الحركة كانت نابعة من الشعب و ليست من جيش نظامي] فصبوا جام غضبهم على البطل السكندري محمد كريم و قد انتهوا منه بمهزلة سموها محاكمة و كانوا قد نقلوه الى رشيد فتظاهر أهل رشيد الأحرار يوم 30 يوليه فاضطروا الى نقله فورا الى القاهرة .
و اشتدت المقاومة الشعبية و قدم المواطنون كل ما لديهم من العون الى جيش مراد بك وهاجر معظمهم تاركين مزروعاتهم للانضمام لجيش مراد بك.
و أشعل مينو النار في قرية السالمية لان أهلها قتلوا ثمانية من حملة البريد الفرنسي.
و كتب مينو الى نابليون طالبا المزيد من المدد والشكوى من أهالي رشيد ، و أرسل كليبر الى نابليون أيضا في 31 يوليه يقترح عليه وضع حاميات قوية من المشاة و الفرسان في دمنهور و الكريون بالمدافع [ لتوطيد النظام في البحر والنيل و ترعة المحمودية وحماية المواصلات البرية (و التي تتعرض لخطر عظيم) في إقليم البحيرة ].
كما أمر كليبر(الذي قتله المجاهد سليمان الحلبي فيما بعد) بحرق بركة غطاس التي استطاعت قطع المياه وطريق الملاحة النهرية عن الحملة وذلك بقطعها لترعة المحمودية .
و لم ينسى نابليون ما فعله أهل دمنهور بقوات الجنرال (ديموي) فأرسل إليها القومندان (بيرب) فتوجه من القاهرة الى الرحمانية و منها الى دمنهور فجرد أهلها من السلاح و اعدم خمسة من أعيانها و مشايخها الذين اشتركوا في الموقعة و أرسل خمسة وعشرون رجلا كرهائن الى القاهرة و أمره بالعودة الى الرحمانية فأقام بها قلعة و مستودعات للذخيرة تمهيدا لجعلها عاصمة للبحيرة بدلا من دمنهور .
(كل هذا حدث في شهر واحد فقط من دخول الحملة وهو شهر يوليو)
لم يعد نابليون قادرا على ضمان وسائل الاتصال بينه و بين قواده -و خاصة بعد هزيمته أمام الإنجليز في موقعة أبى قير مما أدى الى ارتفاع الروح المعنوية لدى المجاهدين المصريين -مما جعله يعين ثلاث فرق من اليونانيين في 27اكتوبر1798م و مهمة هذه الفرق حراسة عربات البريد في الطريق بينه وبين سائر الحاميات وكانت كل فرقة تتكون من مائة يوناني وجعل مراكزها في القاهرة ودمياط ورشيد .
و في 12 سبتمبر ثار أهالي شمال البحيرة وانقض الأهالي على قافلة بها مينو و علماء الحملة وقتلوا أحد العلماء و أصابت نيرانهم حصان مينو ، أقامت الحملة مخافر جديدة في البحيرة 
وفي 20سبتمبر(الموافق شهر رمضان شهر انتصارات الامة)ثار الأهالي مرة أخرى في رشيد وما حولها وانتهت بعد إعدام عدد من مشايخ ادفينا و رشيد رميا بالرصاص في رشيد . (التفاصيل في نفس المرجع ص383.)

ظن الفرنسيون أن الإرهاب سيوطد مركزهم في البلاد و حسبوا أن ثورة ادكو و ادفينا قد انطفأت بإطلاق الرصاص على مشايخهما و لكن الثورة الشاملة ، و كانت انطلاقة العملاق قد بدأت من هاتين القريتين و كان لهما موعد مع القدر بما لم يكن في حسبان مينو و كليبر(الذي قتله المجاهد سليمان الحلبي فيما بعد) و لا نابليون نفسه .
و أثبتت الأيام أن جميع الثورات التي اندلعت ضد الفرنسيين و عمت الوجهين القبلي و البحري إنما كانت امتداد للثورة الأولى التي انفجرت في ادكو و ادفينا يوم 20 سبتمبر.
و لم يكد ينقضي الشهر حتى كانت دمنهور قد رفعت علم الثورة و تأهب لإخمادها الجنرال مورا بأمر مينو الذي عزز قوة مورا بقوة أخرى و اعتقل العديد من زعماء الثورة و استشهدوا في سبيل الله حيث أعدمتهم حملة التنوير رميا بالرصاص في أحد ميادين دمنهور المجاهدة ، و فرضت على دمنهور غرامة حربية و انحاز المجاهدون الى الصحراء يتحينون فرصة أخرى للانقضاض على العدو و استمر مورا مقيما في دمنهور لإخماد الثورة في القرى المجاورة و بدأ جنود العدو في نهب الأموال تحت مسمى جمع الغرامات فكانت الدفعة الأولى ستين جملا محملا بالغلال نهبت من القرى المجاورة لدمنهور و أرسلت الى جنود الحرية والخير و المساواه في الإسكندرية.
و غادر (لوترك)دمنهور في أوائل ديسمبر الى قرية دير امس وكان المجاهدون يرابطون بها و على رأسهم سليم كاشف و إبراهيم الشوربجي ،ضرب الجنرال عليها الحصار بقواته و لكن المجاهدون تمكنوا من الخروج سالمين من الحصار الى الصحراء و اخذ الفرنسيون بعض الراحة في دير امس.
حرائق في علقام بأمر نابليون
أوفد نابليون ياوره (جوليان) من القاهرة برسالتين إحداهما الى ابى قير والأخرى الى كليبر فخرجت به السفينة في فرع رشيد حتى وصلت الى علقام فجنحت بهم السفينة الى الضفة و نزل الجنود الفرنسيون منها ، واتت فرصة الجهاد الى أهل علقام فهجموا على العدو هجمة رجل واحد وقتلوهم حتى لم يبقى منهم واحد .
وطار الخبر الى نابليون فاشتد غيظه فأمر الجنرال (لانوس) بحرق القرية حتى لم يبقى فيها ديار ولا نافخ نار .
و قرر نابليون بعدها إنشاء أسطول نهري من السفن الحربية الصغيرة للقيام بدوريات على ضفاف فرع رشيد
الثورة الكبرى في البحيرة
أحس الجنرال مينو بالخطر قبل أن تهب العاصفة فبعث الى نابليون بتاريخ 15 فبراير يقول:[بدأنا نشعر باختمار فكرة الثورة في البلاد المجاورة لرشيد و اخذ أهالي بعض القرى الثائرة يهددون الملاحة في النيل ].
وقد كان نابليون انشأ ديوان القاهرة وكان الشيخ الشبراخيتي و الشيخ الدمنهوري بالنيابة عن إقليم البحيرة في هذا الديوان إلا أن ذلك لم يحد فكرة الثورة. ص109
فلما كان شهر مارس كانت الثورات الأهلية قد اشتعلت نيرانه في الإسكندرية و رشيد و ما حولهما (على ضفتي النيل قرب رشيد:برنبال و مطوبس و كفر شباس عمير و القنى و السعدة ).
و في ابريل سنة 1799 اشتد اوار الثورة في البحيرة على اثر ظهور مجاهد مغربي (اليه ينسب مسجد ابو عبد الله في شارع ابو عبدالله الشهير بدمنهور) أخذ يحض الناس على الجهاد ضد الفرنسيين أعداء الله فالتف حوله أولاد علي والهنادى(قبائل عربية كانت تسكن البحيرة)و الفلاحون من جميع القرى و زحف بالمجاهدين حتى وصل الى دمنهور يوم 25 أبريل 1799 و كانت حاميتها بقيادة مارتان فانقض المجاهدون على رجاله حتى أفنوهم.
كثرت عمليات الجهاد بعد هذا النصر و مرت دورية الكولونيل لوفيفر لجباية و تحصيل الغرامات فوصلت الى دمنهور بعد انكسار حاميتها ثم ولت وجهها شطر الرحمانية أقامت عند قلعة الفرنسيين في المكان الذي تبدأ منه ترعة الإسكندرية،و انتظر المدد من الإسكندرية فوافته قوة على رأسها (ريدون) فالتقت بجموع المجاهدين البحراوية قبل الرحمانية و دام القتال بينهم خمس ساعات انسحب بعدها ريدون فعهد الى (مارمون) بانقاذ الفرنسيين في الرحمانية فترك في رشيد حامية كافية لقمع الثورات ثم سار الى الرحمانية .
و في 3 مايو من نفس العام التحمت القوات الفرنسية في قتال مع المغربي و جموعه عند سنهور القريبة من دمنهور و كانت – وفقا للمصادر الفرنسية – معركة شديدة الهول ،لان المغربي كان يقود جيشا من المجاهدين المتطوعين غير النظاميين قوامه خمسة عشر آلفا من المشاة واربعة آلاف من الفرسان من المتطوعين كلهم من الفلاحين والمشايخ والأعيان و عرب البحيرة و لم يكن فيهم أحد من المماليك ،و استمرت المعركة سبع ساعات حتى ارخى الليل سدوله و كان مع المجاهدين مدفع غنموه من الفرنسيين في معركة دمنهور ظلوا يستعملوه ضد الفرنسيين فيحصدهم حصدا ( مدفع واحد في أيدي المجاهدين غير المدربين يزلزل عشرات المدافع في جيش القائد الأسطورة نابليون بونابرت فسبحان الله مالك الملك يعز أولياءه ويذل أعداءه )، و ارتبك القائد الفرنسي لوفيفر وأوشك على الانسحاب من المعركة و الارتداد من سنهور الى الرحمانية فلم يرى بدا من اقتحام صفوف المجاهدين حتى خرج من هذه المجازفة و قد تكبد اكبر الخسائر من جرائها كما منَّ الله على المجاهدين بان اتخذ منهم ألفي شهيد كان منهم الشيخ عبد الله الشوربجي و عبد الله باش من مشايخ دمنهور المجاهدة المنسية كما استشهد مراد عبد الله شيخ عرب الهنادي.
و كتب الله النصر للمجاهدين و ارتد الفرنسيون الى الرحمانية فقصد اليهم المجاهدون يتبعون أثرهم فلما رأوا انهم في موقع منيع عادوا الى دمنهور و جعل منها الشيخ المغربي مقر قيادته.

فيا للحسرة و الآسي حين يتشدق جاهل بغير علم و يفتي بان هذا الشعب ميت لا أمل فيه متجاهلا التاريخ و أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم- الذي قال عن الشعب المصري انهم في رباط الى يوم القيامة و انهم خير أجناد الأرض وان أرضهم أرضا مباركة و أن نيلهم ينبع من الجنة –مما يجعل ذلك المتشدق بغير علم خادما للصهيونية بغير اجر يزرع اليأس في النفوس و يبغض للمصريين أنفسهم و هو لا يعلم أن من يبغض نفسه واصله يهوي به الشيطان في مكان سحيق و سبحان القائل في كتابه العزيز على لسان نبيه يعقوب 
(انه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون)
اما آن الأوان أن نتقي الله في حصاد ألسنتنا و أن لا نقول الكلمة لا نلقي لها بالا كما حذرنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وان لا نكون امعات نردد كالببغاوات آراء الغير الذي قد يكون رأيه صادرا-لو افترضنا حسن النية – عن اجتهاد خاطئ فيثاب هو و نأثم نحن ، و إني لأعجب من رجل يتحرج من غيبة شخص فيبهت شعب بكل أجياله على مر التاريخ السابق منهم و اللاحق و الغريب ان البعض يتجرأ على ذلك و هو لا يعلم أن اصغر حاره في مدينته التي يقيم بها رويت بدماء العشرات من الشهداء في فترة يصفها المؤرخون بأنها من أحط فترات التاريخ المصري فما بالنا بفترات السمو 
أفلا سكتت السنة الجهلاء أنصتت أذنهم و تابت قلوبهم و وعيت عقولهم وفهموا ما هو آت :
صدر الأمر الى السفاح (لانوس)بمغادرة ميت غمر في 5مايو1799لقمع الثورة الكبرى في البحيرة ، وصدع بالأمر و التقى في طريقه بقوة أخرى يقودها السفاح (فوجيير)فتقدمت هاتان القوتان معا الى الرحمانية و واصلت تقدمها الى مسرح الجريمة (دمنهور) حيث قامت المعركة الفاصلة و أسفرت عن هزيمة المجاهدين بقيادة المغربي وتمكن المجرمون أنصار حقوق الحيوان من اقتحام مدينة دمنهور و إحراقها و تخريبها مرتكبين ابشع الجرائم ضد السكان المدنيين العزل مكررين بذلك سيرة أصحاب الأخدود حيث قام الأوغاد الأنذال بحرق البشر أحياء في البيوت وفي الشوارع و ها هو أحد السفاحين القتلة مرهفي الحس أرباب الحضارة (ريبو) يقول :صارت دمنهور في يوم 6مايو ركاما من الحجارة السوداء المختلطة بأشلاء القتلى و دماء الشهداء .
و صدق الحق إذ يقول (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم و تأبى قلوبهم و أكثرهم فاسقون)
و من اشد العجب أن هذه الجرائم الشنعاء كانت مفخرة على ألسنة الفرنسيين كما نصت على ذلك رسالة (لوفيفر)الى (دوجا) في 10 مايو، و رسالة السفاح المجرم (لانوس)الى دوجا من الرحمانية يقول [و الآن.. لم يعد لدمنهور وجود فقد قتل من أهلها نحو ألف و مائتين أو ألف وخمسمائة ماتوا قتلا أو حرقا ] أين أنت يا حمرة الخجل
و قال سفاح فرنسي آخر : ما أبقينا فيها(دمنهور) حجرا فوق حجر.
و حدث مثل ذلك في ميت غمر و طنطا.

صدق او لا تصدق احتفلت مصر رسميا بمرور قرنين على الجملة الفرنسية و عندما سئل أحد المسئولين عن ذلك برر الموقف بأنه احتفال بالعلاقات الثقافية بين الشعبين و ليس احتفالا بالحملة نفسها و نعلق نحن على ذلك بأن العلاقات الثقافية كانت ساخنة جدا في دمنهور و وصل التفاعل الثقافي الى منتهاه بحرق البشر أحياء و لا حول و لا قوة الا بالله 
و نعود مرة أخرى لرواية تاريخ الحملة :
ثم بعد ذلك أمر نابليون بجمع معظم قيادات الحملة في البحيرة و أمر (دو مارتان) بتحصين الساحل فيما بين رشيد و أبى قير و الإسكندرية فلقي حتفه في رشيد متأثرا بجراحه من الرصاص الذي أطلقه عليه أهالي طنوب و الزعيرة و هو يستقل سفينته في النيل.
و وصلت المراكب التركية من الإسكندرية الى أبى قير و نزل عثمان خجا الى قلعتها ومعه مصطفى باشا ، و أطلقت النيران على الفرنسيين الذين كانوا بالقلعة و استولى عليها الأتراك و اسروا من كان بها .
و في هذه الفترة كان نابليون في الرحمانية و منها اصدر منشوره المعروف يحذر فيه المصريين من الروس القادمين من موسكو و يذكرهم بأنهم أعداء الإسلام ( كم كان يحب الإسلام والمسلمين)و يهدد فيه المصريين أيضا بأشد أنواع العقوبة كما فعل( بأهل دمنهور و غيرها من بلاد الاشرار)
و في اليوم التالي انتصرت الحامية الفرنسية بابو قير على حامية مصطفى باشا و استولوا على القلعة و سيق مصطفى باشا الى الجيزة أسيرا و عثمان خجا الى الإسكندرية ثم أعيد الى رشيد حاسر الرأس حافي القدمين و طافوا به شوارع المدينة و الطبول من حوله حتى أوصلوه الى داره و عندها حزوا رأسه وعلقوه على أحد نوافذها و تركوه ليراه المارة بالسوق إرهابا لأهل رشيد (هكذا فعل رواد التنوير المتباكين على ذبح المسلمون للخراف في عيد الأضحى المبارك) و لكن هذا الفعل آتى بنتيجة عكسية كما ورد في بعض المصادر حيث فرح أهل رشيد بهذا الإعدام لان عثمان خجا كان شديد الظلم لأهل رشيد.
وفي اغسطس من نفس العام هرب نابليون من مصر و ولي الحملة لكليبر(الذي قتله المجاهد سليمان الحلبي فيما بعد) .
و استمرارا في سياسة تضليل الشعب المصري والتغرير به التي اتبعتها الحملة فقد قام الجنرال مينو بإشهار إسلامه و بدا يشارك المسلمين في شعائرهم الدينية في مساجد رشيد و تزوج من فتاة رشيدية و انجب منها ولدا سماه سليمان و قيل انه اختار له اسم سليمان الحلبي قاتل سلفه الجنرال كليبر تملقا لعواطف المصريين و المسلمين منهم خاصة.
و من المعلوم أن مينو قد ترك زبيدة بعد الجلاء الفرنسي عن مصر سنة 1801 في تورينوا بإيطاليا و يستغرق في مجونه و خلاعته مع الراقصات و يهجر زبيدة فتموت كمدا ، وكان إسلامه لم يكن إلا مجرد خدعة .
و يبقى أمر جدير بالذكر قبل طي صفحة الحملة الفرنسية و جهاد البحيرة ضدها إلا و هو عزة النفس التي تحلى بها أهل البحيرة في تصيدهم قادة جيش نابليون بين الرحمانية والإسكندرية عبر البحيرة حيث تمكن المجاهدون في احدى القرى من أسر أحد قيادات الحملة و كان برتبة كولونيل و حاول نابليون افتدائه بمبلغ كبير جدا من المال الا ان مجاهدو البحيرة رفضوا الاغراء و قتلوا السفاح انتقاما للشرف و شهد بذلك المؤرخ الفرنسي (ادوار جوان) (انظر اقليم البحيرة ص396)




قصة الالفي مع دمنهور


جاء يوم 12 فبراير سنة 1804 و رست على ابو قير السفينة الانجليزية (اراجو)و هي تقل الالفي بك و هو محمل بالهدايا و الستة عشر مملوكا من حاشيته الخاصة عائدا من عند اسياده الانجليز بعد ان اتفق معهم على تسليم مصر لهم و لهذا قدم لعمل الترتيبات الازمة ، عاد الالفي من لندن و هو ممتلئ بالأمل الكبير بالاستيلاء على مصر و لم يكن في حسبانه ان يعود ليجد المماليك قد انفضوا من حوله و انضموا بزعامة البرديسي (عميل فرنسا)الى محمد علي و لكن هكذا تغيرت الظروف حتى اصدر البرديسي امرا - بعد ان استشار محمد علي – امرا بقتل الالفي اينما وجد ، و لكنه فر من ايدي الباحثين عنه و اختفى الى حين .
و لكن الألفي قد بات على أحر من الجمر لان الإنجليز لم يحضروا إلى مصر حسب الوعد و أخشى ما كان يخشاه أن يحضروا فيجدونه مهيض الجناح فيتشككوا في زعامته للمماليك على النحو الذي رأوه عليه منذ ر – رحل معهم في الجلاء –إلى بلادهم و لكن هكذا انشق المماليك على أنفسهم فليعتمد هو على نفسه و ليجمع حوله حاشيته و العرب الذين صاهرهم و ليستخدم قوة شخصيته و جبروته حتى لا تزعزع هذه الاحداث الجارية ثقة الانجليز به اذن فليسرع فالزمن ينقضي وآن أوان لحضور الاعوان فليسبق هو الى دمنهور .

و على أسوار دمنهور تحطمت أحلام الألفي
اين الوعود يا انجلترا ؟؟
هكذا كان الألفي يهمس لنفسه كلما انقضى يوم و لم يأته من الانجليز خبر. فليستعد اذن ، و لكن اين يكون اللقاء ؟؟
في دمنهور لأن موقعها يتوسط بين القاهرة و الاسكندرية جهةً و يستطيع بذلك أن يستولي على الرحمانية و عند دمنهور يستطيع أن يخف سريعا للقاء اصدقائه الانجليز القادمين من السواحل كما انه لا يملك قوة بحرية تمكنه من الاستيلاء على الثغور.
الألفي و الحصار الأول لدمنهور:حاصر الالفي بعساكره مدينة دمنهور يوم 10 يوليو1805 و لكن الارناؤوط قاوموه و تحصنوا في داخلها و رابطوا خلف الابراج المقامة فوق مرتفعها المنيع و ضرب عليها الحصار و استمر عدة أيام تبودلت خلالها القذائف و في يوم 26 يوليو علقت سبعة رؤوس بالقاهرة امام باب زويلة بأمر الأغا (المحافظ)لإيهام المصريين أنها لمماليك الألفي الذين قتلوا في دمنهور .و ارسل محمد علي-صاحب الكلمة في الارناؤوط والمماليك حيث لم يكن تولى ولاية مصر بعد-بعض القوات لتحصين الرحمانية استعدادا لقتال الالفي و تحركت قوات محمد علي هذه من الرحمانية و سمع بذلك الالفي فاضطر الى رفع الحصار عن دمنهور و اخذ سبيله الى (الطرانة).

الحصار الثاني لدمنهور على يد الالفي: وصل الالفي الى دمنهور يوم 29 ابريل سنة 1806 و ضرب عليها الحصار و كان السيد عمر مكرم-زعيم الشعب و نقيب الاشراف-قد بث روح البسالة والتضحية في قلوب أهلها و امدهم بكل ما يحتاجون من امدادات فحصنوا المدينة و أقاموا حولها سورا منيعا و شيدوا عليه الابراج و ركبوا المدافع العديدة و حفروا الخنادق حولها و استحوذوا على البارود و الذخيرة و المؤونة سنة كاملة إذا ضرب عليهم الحصار .
الا انه في تلك الفترة(منتصف يونيه من نفس العام) كان قد اتى للالفي نبأ سعيد الا و هو نبأ العفو السلطاني عنه بشفاعة الانجليز ، و اشتد ساعد الالفي بعفو السلطان و عون الانجليز المنتظر ان آجلاأو عاجلا ، و أذاع منشور في دمنهور جاء فيه
[أرسل الباب العالي فرمانا بتقليدي ولاية مصر و سأتوجه الى القاهرة متى تسلمته لتنفيذ ما فيه فعليكم أن تفتحو ابواب مدينتكم لتبرهنوا على اخلاصكم و طاعتكم لي] لم يعبأ أهل دمنهور بما أذاعه فيهم الالفي بل أرسلوا المنشور الى محمد علي-الذي فرضه الشعب المصري حينئذ على الدولة العثمانية-فكتب اليهم منددا بخيانة الالفي و عبر عن ثقته في ولاء اهل دمنهور له و اسرع الالفي برفع الحصار عن دمنهور الصامدة استعدادا لمواجهة جيش الارناؤوط الذي ارسله محمد علي بالقرب من النجيلة و خسر جيش محمد علي المعركة و اشتد فيهم القتل حتى صارت طراطير الارناؤوط تطفوا على سطح النيل بعد أن القوا بأنفسهم إلى الماء يريدون النجاة و تخففوا من الطراطير حتى لا تغرقهم في اليم (و سميت بمعركة الطراطير)، و غنم الالفي منهم خياما وخيولا و ذخائر لا تعد ولا تحصى -استخدمت بعد ذلك في حصار دمنهور و تضييق الخناق عليها (و هكذا تحولت اسلحة محمد علي الذي تدافع عنه دمنهور الى يد العدو) -و ارسل برؤوس القتلى وعددهم ستمائة الى قبودان باشا (موفد السلطان العثماني) بالاسكندرية ، ويبدوا انه كان يريد ان تصل رسالة للدولة العثمانية مفادها انه-أي الالفي-هو الطرف الاقوى في الصراع على السلطة في مصر مما قد يشجع السلطان على تقليده الولاية و الرهان عليه، حيث كان من المعروف ان السلطان العثماني قد ولى محمد علي باشا ولاية مصر و هو مضطر تحت ضغط الارادة الشعبية المصرية و التي ظهرت للوجود لاول مرة بعد خمول طويل و ذلك بعد احساس المصريين بقدراتهم المؤثرة في احداث الجهاد ضد الحملة الفرنسية الغاشمة حيث تمكنوا من ايذاء الحملة و جهادها جهادا عظيما و ذلك بعد هزيمة المماليك العسكريين النشأة و المجلوبين من اراضٍ بعيدة لذلك الغرض (غرض القتال و الدفاع عن البلاد)و كانوا يستمدون شرعية وجودهم و جبايتهم للضرائب نظير تفرغهم لذلك الامر ، و كذلك في ظل شلل الدولة العثمانية التي كانت تحكم ما يقرب من نصف العالم المسكون آنذاك بل وهزيمتها امام الفرنسيين هزيمة منكرة في قلعة ابي قير التي دخلوها بمساعدة الانجليز، و ايضا في ظل عجز الانجليز (اصحاب اقوى اسطول في العالم انذاك و اغنى دولة في العالم حيث احتلالها لمعظم مناجم الذهب الخام والمعادن النفيسة في القارة البكر) من طرد الفرنسيين من مصر رغم طمعهم في ذلك لاغراضهم السياسية الخاصة( تامين طريق الهند) الا انهم اكتفوا بالاغارة على السواحل المصرية لكسر قوة الفرنسيين البحرية دون محاولة مهاجمتهم داخل البلاد المصرية.

و في ظل تلك الظروف وقف الشعب المصري وحده لا يستعين الا بربه مدافعا عن ارضه و هويته و اسلامه الذي حاول عدوه النيل منه باعتباره زاد المقاومة الوحيد بعد انقطاع كل مدد اخر(المماليك و مدد العثمانيين و مدد اعداء الفرنسيين (الانجليز))
هذه كانت خلفية ضرورية لفهم الاحداث في ذلك الوقت و الان نعود لرواية الاحداث مرة اخرى.
و انخلع قلب محمد علي و لكنه صب جام غضبه على طاهر باشا الهارب من معركة النجيلة و امره بالمضي الى رشيد فاسرع الى فوة و استولى على الرحمانية من المماليك انتظارا لتعليمات اخرى و لما وصل الالفي بك الى الرحمانية امر محمد علي قائده طاهر باشا بالتوجه فورا لطرده من الرحمانية فاستقل المراكب و لكن مدافع الالفي فتحت افواهها عليها فغرقت و احترقت و ظل يطارده برا .
حصار الالفي لدمنهور للمرة الثالثة
و عاد الالفي من النجيلة الى دمنهور و كان اعيانها قد ذهبوا الى قبودان باشا (موفد السلطان العثماني والذي كان قد تلقى رشوة كبيرة من الالفي نظير تسهيل اغراضه) في الاسكندرية فطمأنهم و لكن ظنونهم فيه لم تصدق فارتابوا كل الريب خصوصا انه قد طلب منهم ان يذعنوا بالطاعة و يضمن لهم عدم عدوان الالفي عليهم و لكنه ابو عليه ذلك لأن مستشارهم الامين (عمر مكرم)شجعهم على المقاومة حتى النهاية .
وصل الالفي الى دمنهور وضرب عليها الحصار ثالثة و قدم اليه من الجيزة ستة من امراء المماليك لشد ازره و طال الحصار على دمنهور الابية و القذائف تتوالى من الجانبين و استشهد كاشف (مسؤول)دمنهور و اهل دمنهور مع ذلك في شجاعة نادرة يمانعون الالفي و لا يعبأون حتى بعد ان قطع ترعة الاسكندرية و حرمها هي و البحيرة من الماء وهم صامدون .
لقد فعل الالفي (العميل الخائن) و رجاله بأهل دمنهور ما لم يطرق ببال احد من الوان التعذيب الوحشي فقد كان الطغاة يعلقون اسرى دمنهور الباسلة في أغصان الاشجار بقطع حادة من الحديد يغرزونها من تحت أذقانهم و أخذ أهل دمنهور على أنفسهم المواثيق و العهود بالإستشهاد في سبيل الله و الدفاع عن مدينتهم .
و هجم الالفي بمماليكه على دمنهور خمسة أيام فصدتهم اسوارها مدحورين و تعاقد اهل دمنهور فيما بينهم على انهم اذا جاء الليل كبروا تكبيرة رجل واحد فيقذف الله الرعب في قلوب المعتدين ثم يتلفون أمتعتهم و يطلقون عليهم النيران من فوق الابراج ثم يعودون على أضواء المشاعل يتغنون بالنصر و الاسرى مسحوبون على وجوههم كالاغنام و تم لهم ما ارادوا الا انهم لم يستطيعوا فك الحصار نهائيا عن المدينة.
و جرد محمد علي حملة على رأسها ببر باشا الخازندار و عثمان أغا فوصلت مراكبهم الى الرحمانية و كان للالفي هناك حامية في معسكرها على ترعة الاسكندرية فأجلتها قوات محمد علي و طردتها ثم اتبع رجال محمد علي فكرة جهنمية و هي فتح الترعة فجرى الماء فيها و سيروا عليه مراكبهم و لكن الالفي اسرع و سدها عليهم بمسافة غير بعيدة .
و جاء شاهين باشا و ساعد الالفي على سد فم الترعة بالقطن و فتحه من أسفل فتدفق ماؤها في السبخات المجاورة و نضب ماء الترعة تدريجيا فتعطلت المراكب و خف رجال الالفي الى المراكب فقتلوا من كان بها أو هرب منها عند منية القران و منهم من فر الى سنهور و تحصن بها و لكن رجال الالفي التقت بالهاربين وامعنت فيهم قتلا و استمر القتال بينهما وطال و كذلك انهزم جيش محمد علي مرة اخرى من رجال الالفي .
و انتصف شهر ديسمبر و الالفي مصمم على حصار دمنهور و اهلها صابرون صامدون لم ينجدهم محمد علي بأي شئ قل او كثر فانه كان مشغولا بتكليف عمر مكرم بجمع السلفيات لإنقاذه من الازمة المالية التي يعانيها و من المأزق الحرج الذي حصر فيه بين الاتراك و الالفية و الفلاحين .
و قرر أهل دمنهور الاعتماد على انفسهم مستعينين بربهم لينصرهم على الخائن عميل الانجليز و المماليك المرفوضين من الشعب و المتحالف مع الاعراب (الهنادي و اولاد علي)و المسنود من قبل قبودان باشا ممثل السلطان العثماني و لكن اهل دمنهور لم ييأسوا من نصر ربهم و ابدوا من البطولة ما سجله لهم التاريخ -للاسف- على لسان الاعداء حيث ضعفت ذاكرة الاصدقاء- و و قف المجاهدون رجالا و نساءا و شيوخا واطفالا و قفة رجل واحد فلم ينل منهم الالفي اى منال .
و في خضم هذه الاحداث جاء فرمان السلطان باستمرار محمد علي واليا على مصر كلها فيما عدا الثغور ( رشيد ودمياط و الاسكندرية ) التي ظلت تابعة للباب العالي ، و جمع محمد علي الديوان و قرأ عليهم الفرمان .
عندئذ ادرك الالفي ان احلامه قد تحطمت على اسوار دمنهور فقد كان يأمل ان يتملكها ليتخذ منها معقلا يقيم بها حتى يبر الانجليز بوعدهم له و لكن المقاومة الباسلة التي تذرع بها اهل دمنهور قد افسدت عليه خطته .
لهذا لم ير بدا من الارتداد عن دمنهور مخذولا و معه اولاد على و الهنادي و غيرهم من عربان الشرقية فقد كان له عليهم سيطرة ونفوذ لكثرة نسائه من قبائلهم ، و لاذ بالفرار الى الصعيد فمات به مغموما مهموما في 28 يناير سنة 1807 حتى حكى عنه من كان حوله في البحيرة بعد الخذلان انه فكر في الانتحار بعد ان ضاقت الدنيا في وجهه بسبب جهاد دمنهور و صمودها و انفض المماليك من حوله و لم ينجزه الانجليز ما وعدوه به .


حملة فريزر
و نشهد للحق و التاريخ ان رشيد وادكو و الحماد قد ابلوا بلاء حسنا ضد حملة فريزر استمر شهورا و ما القصة المشهورة بان اهل رشيد قد قاتلوا الحملة بعد توسطها المدينة من داخل البيوت بعد سماعهم صيحة التكبير المتفق عليها ما هذه القصة الا فصل واحد من كفاح المجاهدين الابطال الذين طردوا الحملة الانجليزية وحدهم نعم للحق و التاريخ طردوها وحدهم دون تدخل عسكري تركي واحد اما المماليك فقد كان بعضهم موالين للانجليز والبعض الاخر خائف من مساندة الانجليز بعد مصير الالفي في دمنهور ، ويكفي أن نعلم أن المجاهدين في قرية الحماد قد أفنوا احدى كتائب حملة فريزر حيث كانت خسائرها32 ضابط و 730 ما بين قتيل و جريح و مئات الاسرى الذين هلك معظمهم في الطريق الى القاهرة و من عاش منهم بيع كرقيق للمصريين و تفاصيل كفاح اهل رشيد وادكو و قرية الحماد في كتاب( اقليم البحيرة صفحات مجيدة من الحضارة والتاريخ والكفاح ص418الى440) و نسب الفضل في هذه المعارك الى محمد علي وعساكره الذين لم يدخلوا معركة واحدة مع حملة فريزر بل بالعكس كانوا يخذَّلون المجاهد عمر مكرم و رجاله ويمنعونهم من جمع التبرعات و ارسال المجاهدين و كانوا يمنعونهم من الخروج من القاهرة الى الجهاد في البحيرة و كانوا يشترطون اذن رسمي للخروج و كانوا يصادرون الأموال المتجهه لمساندة المجاهدين البحيرة لما بدا يظهر في الافق من سطوع نجم الجهاد الشعبي و قيادة الحركة الشعبية المتمثلة في شخص المجاهد عمر مكرم و رغم ان الرجل المجاهد كان متجردا و لا يطمع في حكم البلاد بل على العكس هو الذي ارغم السلطان العثماني على تولية محمد علي وجمع التأييد الشعبي له و حث اهل دمنهور على الجهاد ضد الالفي دفاعا عن محمد علي امل مصر حينذاك في ان تحكم بالعدل وفق كتاب الله و سنة نبيه الا أن الطغاة دائما لا يحبون ان يظهر في الصورة غيرهم و لو كان متجردا ،لا يرغبون ان يكون بجانبهم تقاة حتى لا يتضح ظلمهم ،لا يحبون ان يكون معهم في الصورة اقوياء اذكياء و لو كانوا في خدمتهم ، لذلك يعلن الطغاة دائما الحرب على كل فضيلة توضح رذيلتهم ،و على كل نباهة توضح حمقهم ،و على كل قوة توضح ضعفهم ،و على كل جهاد يفضح تخاذلهم ،يحسبون كل صيحة عليهم ، هم العدو فلنحذر منهم جميعا ان شاء الله .
اتفاق دمنهور لجلاء حملة فريزر



ذاع في البلاد خبر الانتصار انتصار الشعب المصري وحده –بمعونة و نصر الله الواحد القهار-على الانجليز و اسرع الجنود العثمانييون يطرقون الابواب على أعيان البلاد يطلبون البقشيش بكل وقاحة و بلا حياء ، و استباح بعضهم بيوت الحماد الباسلة المطفرة و نهبوا اموالها و مواشيها و فضحوا نساءها.
و كتب حسن كريت يشكوا الى المفتي و لا سميع و لا مجيب و أحاط الارناؤوط –و هم جنود محمد علي – برشيد يبتزون كل ما وجدوه فوقف لهم حسن كريت بكل ما أوتي من شجاعة ففضحهم على الملاء حتى هاجروا الى القاهرة بعد ما ابدوا في الميدان من بسالة و تضحيات !!!!!!!!! اقصد سلب و نهب [و ليت العامة شكروا على ذلك او نسب اليهم فعل بل نسب كل هذا للباشا و عساكره و جوزيت العامة بضد الجزاء بعد ذلك] هكذا قال الجبرتي.
و من العجيب أن السلطان كتب يهنئ الباشا وعساكره و يشكرهم على النصر وقدم من الشام 500 من الارناؤط لتعزيز القوة الغاشمة و ارهاب هذا الشعب الذي بدأ يثق بنفسه و بنصر ربه الذي رآه دون أن يسمعه.
و شهد (دوران فييل)ان نائب محمد علي (طبوز اوغلي) قد تردد في الالتحام مع الانجليز في الميدان فترك حسن باشا يخوض المعركة وحده و عاد هو من حيث جاء و القى مراسيه على بعد ميل من الحماد .
فعلام هذا الشكر السلطاني للوالي الذي وقف في وجه الشعب يحول بينه وبين شرف الجهاد في سبيل الله ؟؟‍‍‍‍‍! و علام هذا الشكر للعساكر الذين فروا من الميدان حتى اذا انتهت المعركة استباحوا الحرمات ؟ اما ابطال النضال فما كان جزاؤهم الا كما يجزي سنمار ، و بعد شهور معدودة يكون زعماء الجهاد والتحرير الحقيقيين في ما بين النفي و السجن ، اما ان جزاء المؤمن في الجنة و جنة الظالم على الارض.
أما الانجليز فقد لعقوا جراحهم بكل برود و اعادوا تنظيم صفوفهم و استطاع القائد (هالويل) ان يبسط نفوذه على البحر باسطوله الذي اخذ بتعزيزه يوما بعد يوم .
و قد سجل يوما 10و16مايو محاولتين قاما بهم القوات البحرية التابعة لاسطول محمد علي و ذلك بالتحرك من ادكو الى ابو قير فتصدت لها مدافع السفن الانجليزية حتى استطاع القبطان هارفي قائد السفينة (استاندرد)تدمير ثلاث سفن من اسطول محمد علي .
و اراد محمد علي الا يخرج من المولد بلا حمص- كما هو في التعبير المصري الدارج-و الا فقد كل رصيده في مصر فأعد جيشا من اربعة الاف ما بين فارس و راجل وجعل القيادة العليا له هو و سار نحو الاسكندرية فلما وصل دمنهور علم ان الانجليز قد جاءتهم نجدة من ثلاث الاف مقاتل و على الرغم من ذلك دب الذعر في قلوب الانجليز و باتوا يتلهفون على الصلح مع محمد علي و قد هالهم ان جيش جديد
لم يشترك بعد في المعركة سيضيف لانتصارات مجاهدي البحيرة الكثير خاصة وان عدد اسراهم قد وصل الى خمسمائة اسير و بدات المفاوضات فعلامنذ 16 مايو و وقعوا مع محمد علي اتفاقية الجلاء يوم 14 سبتمبر في معسكر محمد علي قريبا من دمنهور و رد اليهم الاسرى و تبودلت الهدايا و التعهدات بين الطرفين و دخلت الاسكندرية منذ هذه اللحظة في ممتلكات محمد علي و رجع محمد علي الى دمنهور و صادر املاك كاشف البحيرة و هو في طريقه .
هكذا جنى محمد علي ثمار المعركة و بات المصرييون يصطلون ثمار الشوك و القتاد فلما عاد الى القاهرة و استقر بالقلعة اقام وليمة كبرى لكبار رجال الدولة و دعا اليها السيد حسن كريت بطل معارك رشيد و الحماد و رحب به اشد الترحيب و بعد ان تناول المدعوون ما لذ و طاب خرج حسن كريت محمولا على الاعناق و شيعت جنازته بصفة رسمية و ورى جثمانه الطاهر قبرا غير معروف الى يومنا هذا ندعوا الله له ان يتقبله في الشهداء و ان نلتقي به في جنة الخلد

ليست هناك تعليقات: