Translate

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

من عجائب لغتنا العربية

من عجائب لغتنا السمحة ما جاء في الكليات من معانٍ وافرة على لسان الضّاد ومنها:
كليّات البناء
========
- كلّ ما علاك وأظلك فهو: سماء.
- كلّ بناء عالٍ فهو: صرح.
- كلّ بناء مُكعب فهو: كعبة.
- كلّ بقعة ليس فيها بناء فهي: عَرَصَة.
-كل ما ارتفع من الأرض فهو: نَجْد.
.......................................................................................
الطيور والحيوانات والنباتات
=================
- كلّ أداة تُعار فهي: ماعون.
- كلّ ما كان على ساق من نبات الأرض فهو: شجر.
- كلّ بستان عليه حائط سور فهو: حديقة.
- كلّ كريمة من النساء والخيل: فهي عقيلة.
- كلّ شجر له شوك فهو: غضاة.
- كلّ شجر لا شوك له فهو: سرح.
- كلّ نبت له رائحة طيبة فهو: فاغية.
- كلّ طائر لا يصاد فهو: رهام.
- كلّ طائر يخالف جوارح الطير فهو: بُغَاث.
- كلّ طائر له طوق فهو: حَمَام.
- كلّ ما دَبَ على سطح الأرض فهو: دابة.
- كلّ ما شابه رأسه رؤوس الحيّات كالحرابي فهو: حنش.
- كلّ جلد مدبوغ فهو: سِبْت
- كلّ ضارب بمقدمته فهو: يلدغ.
- كلّ ضارب بمؤخرته فهو: يلسع.
- كلّ صغير من الأشياء فهو: الطُّلا.
.............................................................................................
الحِرَف والصناعات
===========
- كلّ صانع عند العرب فهو: اسكاف.
- كل عامل بالحديد فهو: قَيْن
...............................................................................................
كُليّات متفرقة
===========
- كلّ حرام فهو: سُحت.
- كلّ ما يلي الجسد من الثياب فهو: شعار.
- كلّ ما يلي الشعار فهو: دِثار.
- كلّ أرض لا تنبت شيئاً فهي: مَرْت
- كلّ شيء خفّ محمله فهو: خُفّ.
- كلّ صنف أو ضرب فهو: نوع
- كلّ كلام لا تفهمه العرب فهو: زطانة
- كلّ ما تشاءمت منه فهو: لجمة
- كلّ شيء قليل رقيق من ماء أو نبت أو علم فهو: ركيك
- كلّ شيء له قدر وقيمة فهو: نفيس.
- كلّ قبيحة فهي: عوراء.
- كل لين فهو: لَدِنْ
- كلّ ما لاَنَ للجلوس أو النوم فهو: وثير
- كل عطر مائع فهو: مَلاب
- كلّ عطر يابس فهو: الكِبا
- كلّ شيء كثير فهو: جمّ
- كلّ أمر تجهله ولا تعرفه فهو عَميّ


الأحد، 10 ديسمبر 2017

المسجد الأقصى وأسطورة الهيكل اليهودي


المسجد الأقصى وأسطورة الهيكل اليهودي
أحمد أبوزيد
عندما نقف على حقيقة الهيكل الذي نسج اليهود المعاصرون حوله أسطورة كبيرة، ويتخذونها اليوم ذريعة، لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة لهدم المسجد الأقصى، ندرك للوهلة الأولى أنه ليس للهيكل وجود حقيقي، بل هو أسطورة يهودية نسجتها أيدي أحبار وحاخامات اليهود، ثم نسبتها إلى نبي الله سليمان - عليه السلام-، والثابت تاريخيًا - وكما جاء في السنة النبوية - أن سليمان، عليه السلام، لم يبنِ هيكلاً كما تزعم التوراة، بل الثابت أنه بنى لله تعالى مسجدًا وهو المسجد الأقصى، وإن قصة الهيكل كما ترويها الكتب المقدسة عند اليهود قصة خرافية، والهيكل نفسه ليس له وجود حقيقي في التاريخ.
ويدل على ذلك الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد أن أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت: ثم أي قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة".
وجاء في شرح الحديث في فتح الباري لابن حجر العسقلاني وتفسير ابن كثير، أن أول من أسس مسجد بيت المقدس، وهو المسجد الأقصى هو آدم عليه السلام ؛ ليكون قبلة لبعض ذريته، وذكر بعض أهل العلم أن أول من بنى المسجد الأقصى هو إبراهيم عليه السلام، وأن داود عليه السلام أراد تجديد ذلك البناء، ولكنه لم يكمله فأكمله ابنه سليمان عليه السلام وأتمه وبناه بناء عظيمًا.
وفي ذلك يقول العلامة عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته "أراد داود عليه السلام بناء مسجده علي الصخرة فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسي عليه السلام واتخذ عمده من الصفر وجعل به صرح الزجاج "انه صرح ممرد من قوارير" وغش أبوابه وحيطانه بالذهب وصاغ هياكله وتماثيله ومنارته ومفتاحه من الذهب وجعل في ظهره قبرا ليضع فيه تابوت العهد وهو التابوت الذي فيه الألواح وجاء به من صهيون بلد أبيه داود تحمله الاسباذ والكهونيه حتى وضعه في القبر ووضعت القبة والأوعية والمذبح كل واحد حيث أعدله من المسجد.(1)
ولم تستمر الدولة العبرية التي أقامها داود وسليمان في القدس طويلا، فقد انقسمت في عهد أبناء سليمان إلى مملكتين هما إسرائيل ويهود، التي اتخذت من القدس عاصمة لها، وتعرضت المملكتين للتدمير الشامل علي يد الآشوريين في القرن الثامن قبل الميلاد، والذين أسروا سكانها اليهود فيما عرف باسم "السبي الأول" ثم علي يد البابليين بقيادة بيختنصر عام 587 ق.م، والذي حطم مدينة القدس واخرج اليهود منها وأخذهم إلى بابل كأسري وهو ما يعرف بالسبي الثاني.(2)
 الهيكل عند اليهود
وإذا نظرنا إلى الهيكل من وجهة النظر اليهودية، نجد أن الهيكل عندهم يعني بالعبرية "بيت همقداش" أو "البيت المقدس" أو "هيخال"، وتعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، ومن أهم أسماء الهيكل عندهم: "يهوه" وهو إله اليهود، أي "بيت الإله"، وأُعِد أساسا ليكون مسكنا للإله، كما يزعم الكتاب المقدس في سفر الملوك الإصحاح الثامن الفقرتان 12-13
ولكنه بعد ذلك أصبح مكانا للعبادة وأداء الطقوس وتقديم القرابين، ويزعم اليهود أن الهيكل بناه سليمان عليه السلام في الفترة 960-953 ق.م، وقد بناه فوق جبل موريا وهو جبل بيت المقدس، حيث يوجد الآن المسجدان الأقصى وقبة الصخرة. ويسمي اليهود هذا الجبل بجبل الهيكل، وجاءت قصة بناء سليمان للهيكل في سفري الملوك الأول وأخبار الأيام.(3)
وقد هدم هذا الهيكل - كما يزعمون - على يد نبوخت نصر البابلي عام 586ق.م . ثم أعاد اليهود بناءه في سنة 520-515 ق.م، والباني له يهودي اسمه "زور بابل"، ويذكر اليهود انه بني بأمر من الرب.
وهدم هذا الهيكل الثاني على يد القائد الروماني تيطس سنة 70 ميلادي. والذي أقدم على تدمير القدس، ولم يترك فيها حجراً على حجر, وبطش بالذين حلوا بها من اليهود.
وعبر القرون توالت الفتاوى، حول ضرورة بناء الهيكل، والذي أصّل لذلك "موسى بن ميمون" الطبيب اليهودي في البلاط الأندلسي، الذي زار القدس عام 1267م، ولفت انتباه اليهود إلى ضرورة بناء هيكل، ليكون رمزاً لوحدتهم.. هيكل مركزي وحيد موحد يكون بديلاً عن أماكن عبادتهم في الكنس , بحيث يتوقف عصر الحاخامات ويبدأ عصر الكهنة ممن يعودون بالعبادة من بدعه المزامير إلى عادة تقديم الأضاحي والقرابين. وذهب موسى بن ميمون إلى أن الهيكل الثالث لن يُبْنى بأيدٍ بشرية، وإنما سينزل كاملاً من السماء.(4)
واختلفت في الهيكل الأفهام وتنوعت الرؤى وتعددت الفتاوى غير أن إقدام أوروبا المسيحية على دفع اليهود إلى داخل العمق العثماني لأسباب مفهومة أذكت من جديد مشاريع بناء الهيكل، إلى أن ابتدع لهم أحد الحاخامات عام 1567م فكرة النواح عند حائط البراق الذي سموه "حائط المبكى" , ومنذئذ وهم يملأون العالم عويلاً وبكاءً ونواحاً: "لأجل الهيكل العظيم نبكي وحدنا وننوح".
وهم يزعمون أن "حائط المبكى" هذا من بقايا الهيكل القديم، وهذه قضية فصلت فيها بشكل حاسم لجنة دولية عام 1929م، حيث جاء في تقرير لجنة تقصى الحقائق، التي أوفدتها عصبة الأمم السابقة على الأمم المتحدة: "إن حق ملكية حائط البراق، وحق التصرف فيه وفيما جاوره من الأماكن، موضع البحث في هذا التقرير، هو للمسلمين لأن الحائط نفسه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف".(5)
 معتقدات الهيكل
وللهيكل مكانة كبيرة في معتقدات اليهود وفي وجدانهم الديني، يقول المؤرخ "ول.ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة" متحدثا عن مكانة الهيكل وقدسيته لدى اليهود:"كان بناء الهيكل أهم الحادثات الكبرى في ملحمة اليهود... ذلك أن هذا الهيكل لم يكن بيتا ليهوه "إله اليهود" فحسب، بل كان أيضا مركزا روحيا لليهود وعاصمة ملكهم، ووسيلة لنقل تراثهم، وذكرى لهم، كأنه علم من نار يتراءى لهم طوال تجوالهم الطويل المدى على ظهر الأرض.(6)
وللهيكل موقع خاص في نفوسهم ووجدانهم يستوي في ذلك المتدين والعلماني, وهم يبالغون في نظرتهم لمكانة الهيكل إلى حد وضعه في مركز العالم , وحسب تعبير الباحث محمد حماد الطل: "لأنه بني في وسط القدس الكائنة في مركز الدنيا، وقدس الأقداس الذي يقع في وسط الهيكل هو بمنزلة سُرة العالم، ويوجد أمامه حجر الأساس النقطة التي عندها خلق العالم. والهيكل عندهم كنز ثمين بل هو أثمن ما في السموات الأرض، لأن الله - كما يزعمون- خلق السموات والأرض بيد واحدة بينما خلق الهيكل بيديه كلتيهما، بل إن الإله قرر بناء الهيكل بنفسه قبل خلق الكون نفسه".
ولديهم تأملات شيطانية كثيرة بخصوص الهيكل، فالفناء المحيط بالهيكل بمنزلة البحر والمقدس هي الأرض وقدس الأقداس هي السماء، ولما هدم الهيكل في 70م، ولم يستطع اليهود إعادة بنائه ابتدعوا جملة من الأساطير جعلوها عقائد وطقوس لهم، فهم يذكرون الهيكل في كل المناسبات كالولادة والزواج والمرض وصلاة منتصف الليل وعند الوجبات والوفاة , فعند الزواج مثلاً يحطم العروسان كوباً فارغاً للتذكير بدمار الهيكل، وقد ينثر بعض الرماد على جبهة العريس لتذكيره بهدم الهيكل.
وجاء في دائرة المعارف البريطانية: أن اليهود يتطلعون إلى افتداء إسرائيل، واجتماع الشعب في فلسطين، واستعادة الدولة اليهودية، وإعادة بناء هيكل سليمان، وإقامة عرش داود في القدس وعليه أمير من نسل داود.
ويصوم اليهود يوما في كل عام، هو يوم التاسع من أغسطس احتفالا بذكرى هدم الهيكل، لأنه هدم في ذلك اليوم، ولهم صلاة خاصة في منتصف الليل حتى يعجل الإله بإعادة بناء الهيكل.(7)
ومن هنا فان الحديث عن الهيكل يأخذ مساحة كبيرة في التراث اليهودي القديم، وكذا في تراثهم الحديث، ويد التحريف اليهودية تزيد في المبالغة في الكلام عن الهيكل في كل عصر عن العصر الذي سبقه، ومن مقولات قادتهم السياسيين، وعلى رأسهم "بن جوريون" أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني:"لا معنى ولا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم ولا قيمة لأورشليم بدون الهيكل"(8)
  التناقض حول مكان الهيكل
ورغم أن موضوع هيكل سليمان له أصل في التراث الديني القديم والحديث عند اليهود، وأنه ذكر في "الكتاب المقدس" (التوراة وبقية الأسفار)، وفي التلمود، وهي كتب تم تحريفها بأيدي الأحبار والرهبان، ويحتل مساحة من تاريخهم القديم والحديث وأدبياتهم، إلا أنه من الناحية العلمية الموضوعية، فإن التاريخ لا يثبت وجود هذا الهيكل، بل يُعِدُّه من الأساطير والخرافات المؤسسة للعقيدة اليهودية.
ويمكن الرد على المزاعم اليهودية بخصوص الهيكل من وجوه عدة، من أهمها التناقض والاضطراب والاختلاف الموجود بين نصوص الكتاب المقدس حول مكان وجود الهيكل، ثم الاختلاف بين الطوائف اليهودية في المكان الذي بني فيه الهيكل، فاليهود السامريون يعتقدون انه بني على جبل "جرزيم" في مدينة نابلس، ولا يعترفون بالمزاعم اليهودية، ويستدلون على ذلك بسفر التثنية أحد أسفار التوراة الخمسة.
أما اليهود المعاصرون من الحاخامات والعلماء الباحثين، وخاصة القادمين من أمريكا وبريطانيا "الإشكناز" فهم يعتقدون أن هيكل سليمان تحت الحرم القدسي، ولكنهم مختلفون فيما بينهم في تحديد مكان الهيكل، واختلافاتهم تصل إلى خمسة أقوال كلها مختلفة ومتناقضة، فمنهم من يزعم انه تحت المسجد الأقصى، ومنهم من يزعم أنه تحت قبة الصخرة، ومنهم من يزعم أنه خارج منطقة الحرم، ومنهم من يزعم انه على قمة الألواح وهي في منطقة الحرم بعيدا عن المسجدين.
ولقد أثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأمريكان الذين نقّبوا واشتغلوا بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف، أنه لا يوجد أثر واحد لهيكل سليمان تحت الحرم القدسي .. لا تحت المسجد الأقصى ولا تحت قبة الصخرة، وشاركهم في هذا الرأي كثير من الباحثين اليهود والغربيين، مما دفع بعضهم إلى أن يقول إن الهيكل قصة خرافية ليس لها وجود، ومن أشهر هؤلاء العلماء اليهود "إسرائيل فلنتشتاين" من جامعة تل أبيب ونشرت آراؤه منذ فترة قريبة، وغيره كثير.(9)
ولقد فنّدت دراسات أجراها باحثون وعلماء آثار يهود فكرة وجود هيكل سليمان في الحرم القدسي الشريف.. بل ذهب بعضهم إلى أن الهيكل قد بناه سليمان خارج الحرم القدسي، بل هناك دراسة حديثة لعلماء يهود تنص صراحة على أن منطقة الحرم القدسي الشريف خارجة عن المنطقة المقدسة لدى اليهود.
 مكانة الهيكل في السياسة "الإسرائيلية"
وإذا نظرنا إلى موقف السياسة الإسرائيلية من الهيكل، نجد أن معتقدات الساسة اليهود بالنسبة لفلسطين ثلاثة:(10)
الأول: عودة شعب إسرائيل إلى أرض الميعاد، وقد عادوا.
الثاني: إقامة دولة لهذا الشعب، تكون أورشليم "مدينة الرب" عاصمة لها، وقد حققوا هذا عام 1948 و1967م
الثالث: إقامة هيكل الرب في جبل "موريا" على الأرض التي اشتراها داود عليه السلام من أرونا اليبوسي، حيث بناه ولده سليمان.. وهذا المعتقد يسعون إلى تحقيقه على أرض الواقع، وهناك مخططات يهودية لهدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل مكانه، ويكفي أن نعلم أنهم أعدوا الخرائط والمخططات الهندسية، ولديهم مجسّم معماري للهيكل يحتل جزءا من مساحة غرفة كبيرة، وكذلك مواد البناء أصبحت جاهزة، وهي محفوظة في مكان سري، وأعدوا أثواب الحرير الخالص التي يرتديها الحاخامات في الهيكل.
 هل المسجد الأقصى بني علي أنقاض هيكل سليمان؟
ولو افترضنا جدلا وجود الهيكل اليهودي الأول والثاني، وتدمير الهيكل الثاني عام 70م – كما يزعمون - فهل المسجد الأقصى بني علي أنقاض هيكل سليمان؟
إن الحقائق التاريخية تكذب ادعاء اليهود بأن المسجد الأقصى قد بني علي ارض الهيكل اليهودي أو علي أنقاضه، فالثابت أن مكان المسجد الأقصى كان فضاء خاليا من أي بناء أو أنقاض بناء، عندما أسري بالنبي – صلي الله عليه وسلم – إلى بيت المقدس، وأن المسلمين عندما فتحوا القدس في عهد عمر بن الخطاب لم يكن هناك بناء قائم مكان المسجد الأقصى، بل إن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – هو الذي أزال الزبل والأتربة والقاذورات من علي الصخرة المشرفة التي أسري بالنبي – صلي الله عليه وسلم – إليها، ومنها كان عروجه إلى السماء، واختط عمر مسجده هناك، حتى جاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فبني المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وادعاء اليهود بأن حائط البراق الذي يطلقون عليه "حائط المبكي" هو جزء من الهيكل الثاني الذي هدمه تيطس، ليس صحيحا، فالهيكل الثاني – كما تذكر كتبهم - هدمه " تيطس" الروماني عام 70 م، وأزال آثاره بالكامل هدريان الروماني عام 135م، وهو الذي هدم جميع القدس وأزال حجارة الهيكل الثاني وبعثرها، وهذا لم يمنع استعمالها في إنشاءات مختلفة منذ عام 135م، وخلال العصور المتوسطة، ولذلك فان وجود شيء من هذه الحجارة في أي موقع، لا يعني أن الهيكل كان قائما في هذا الموقع، علاوة علي أنه لا يوجد دليل قاطع بأن هذه الحجارة هي أصلا من حجارة الهيكل.
كما أن المسلمين علي مر العصور، لم يعتدوا علي أية أبنية أو أثار يهودية، سواء بالهدم أو عن طريق المصادرة، كما أنهم لم يشيدوا المسجد الأقصى فوق هيكل سليمان، بل جاء في موقعه الحالي علي أساس قدسية هذه البقعة المباركة بنص القرآن الكريم والحديث الشريف، فهذا الموقع مرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية.
وحائط البراق الذي يدعي اليهود ملكيته وأنه من بقايا الهيكل يعتبر وقفا إسلاميا، وهو الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم الشريف ويبلغ طوله نحو 48مترا وارتفاعه نحو 17مترا.(11)
وهناك مجموعة أخري من الأدلة نسوقها هنا، تؤكد أن المسجد الأقصى لم يبن مكان هيكل سليمان أو علي أنقاضه وهي :
 أولا: أن الصخرة التي بساحة المسجد الأقصى، تختلف كل الاختلاف عن الصخرة التي يقدسها اليهود، طبقا لما هو وارد عنها في صحفهم فالتلمود – حسب أكاذيبهم – يذكر أن الصخرة التي يقدسها اليهود ترتفع عن مستوى الأرض بمقدار ثلاثة أصابع، وأيد ذلك مؤرخهم وكاهنهم "موسي بن ميمون" في كتابه "طقوس الغفران"، بينما الصخرة الشريفة الموجودة حاليا بالمسجد الأقصى ترتفع عن مستوي سطح الأرض بنحو متر كامل، ومحيطها يناهز العشرة أمتار، وتحتها فجوة هي بقية مغارة قديمة، عمقها أكثر من متر ونصف، تبدو الصخرة فوقها وكأنها ملعقة بين السماء والأرض وبين الصخرة وقاع المغارة دعامة من الخشب حتى لا تنهار.(12)
كما أن صخرة المسجد الأقصى، هي صخرة قديمة جدا، ويرجع تاريخها إلى عهد ضارب في القدم.. قدم مدينة القدس ذاتها، وعهدها يسبق النصرانية، بل ويسبق اليهودية التي تزعم أنها هي التي قدستها، فهذه البقعة الطيبة من مدينة القدس كانت مباركة منذ أقدم العصور، وعلي حد قول الدكتور حسن ظاظا، فان "الحرم" الإسلامي الذي يضم "المقدسات الإسلامية" أقيم في المنطقة التي كان "ملكي صادق" ملك بيت المقدس، يدعو فيها باسم الله العلي زمان إبراهيم الخليل، عليه السلام.(13)
ومن الذين شكوا في أن تكون الصخرة الشريفة هي الصخرة المعنية في التلمود الباحث الألماني "شيك" في أوائل هذا القرن حيث قال: "إن الصخرة الحالية لم تكن في يوم ما داخلة ضمن قدس الأقداس – ومقصده في ذلك هيكل سليمان- أما صخرة اليهود فالله أعلم، ماذا صنع بها بختنصر وانطيخوس ابيفاتوس ملك سوريا اليوناني وتيطس وهدريان قواد وأمراء وملوك الرومان، وكذلك الصليبيون وغيرهم ممن دمروا مدينة القدس مرارا وتكرارا، تدميرا يكاد يكون كاملا بعد استيلائهم عليها".
 ثانيا: قام الأثريون اليهود بعد حرب يونيه 1967 بعمل حفريات في أساس حائط البراق،الذي يسميه اليهود "حائط المبكي"، فما وجدوا فيه شيئا يشير إلى أنه من بقايا هيكل سليمان، وكل ما عثروا عليه في الحجارة التي تحت الأرض فقرتان من سفر النبي  أشعيا محفورتان بخط يجعل نسبة تلك الحجارة لداود وسليمان مستحيلة، ولأن الكشف لم يكن دسما من الناحية السياسية، كما تريد حكومة "إسرائيل"، فقد وضعوه في مقبرة الصمت، أو سجل النسيان كعادتهم في كثير مما لا يريدون أن يعرفه العالم عنهم .
 ثالثا: أثبتت جميع الحفريات أن الهيكل الخاص باليهود اندثر تماما منذ آلاف السنين وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار النصارى أكدوا ذلك، وكان آخرهم عام 1968م عالمة الآثار البريطانية الدكتورة "كاتلين كابينوس"، وقت أن كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى، حيث قررت عدم وجود أي آثار البتة لهيكل سليمان، واكتشفت أن ما يسميه "الإسرائيليون" مبنى إسطبلات سليمان ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلاً، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، وهذا رغم أن "كاثلين كينيون" جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ "الشرق الأدنى".
 رابعا: أن المسجد الأقصى المبني حاليا في مدينة القدس، ليس في الزاوية التي بني عليها هيكل سليمان، كما يزعمون، لان المسجد الأقصى موجه إلي الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، واتجاهه من الشمال إلى الجنوب، أما هيكل سليمان وإن كان علي نفس الجبل المسمي "موريا " إلا أنه كان مستطيل الشكل – كما ورد في كتب اليهود - ويتجه من الغرب إلى الشرق تجاه الشمس، ويعتقد بعض علماء الآثار أنه أخذ خطوطه الرئيسية من معبد آتون في تل العمارنة بمصر.(14)
 خامسا: أكد كثير من المهندسين العالميين، الذين درسوا التربة التي يقوم عليها المسجد الأقصى، وتعمقوا فيها، بأنه لا يوجد في ذلك المكان أي دليل أو شبهة لأي من أثر هيكل النبي سليمان، الذي تدعي الصهيونية أنه مدفون بجوار حائط المبكي الغربي بالمسجد الأقصى، بل إن كل الدراسات تنتهي بنتيجة واحدة هي أن هيكل سليمان لم يكن موجودا في هذه المنطقة علي الإطلاق، ولا يوجد أي دليل تاريخي واحد يقطع بـأن حائط البراق الذي يسميه اليهود "حائط المبكي" هو جزء من هيكل سليمان بل إن اسمه الحقيقي كما سماه المسلمون "حائط البراق" نسبة إلى البراق الذي ورد ذكره في حديث الإسراء والمعراج.(15)
 سادسا : ذكر الدكتور حسن ظاظا، الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية أن عاصمة الملك سليمان، خلال عهده في فلسطين، كانت تعادل ثلث حجم مدينة القدس الحالية، وأن هذه العاصمة مكانها حاليا بمدينة القدس ما يعرف بحارة اليهود، والذي كان به ما يسمي بهيكل سليمان، والمسافة بين حارة اليهود هذه حيث كان يوجد الهيكل وبين المقدسات الإسلامية توازي كيلوا مترا واحدا، مما يتبين معه أن المقدسات الإسلامية لم تبن إطلاقا علي هيكل سليمان كما يزعم اليهود.(16)
 سابعا : أكد المهندس رائف نجم رئيس لجنة إعمار الأقصى المبارك – في مقابلة مع الكاتب – أن الحفريات اليهودية التي تمت في الحرم الشريف، منذ عام 1967 وحتى اليوم، لم تعثر علي أي أثر لهيكل سليمان، ولكنها اكتشفت آثارا إسلامية من العهد الأموي، وأخري بيزنطية ورومانية، وقال أنه دخل النفق  الذي افتتحوه ووجد في داخله بعض الآثار الإسلامية، مثل الأعمدة والأقواس الإسلامية من العهد المملوكي، ولم يجد أي أثر يهودي.
 الهوامش:

الفرق بين السامريين واليهود Samaritans and Jews



من الفروق بين السامريين واليهود

السامريون... أصغر وأقدم طائفة في العالم ويعتبرهم اليهود "كفرة" Differences between the Samaritans and the Jews

ترجمة حسيب شحادة
جامعة هلسنكي

١-;-) السامريون (المحافظون على التوراة) هم بقايا بني إسرائيل من مملكة الشمال، واليهود من مملكة يهودا الجنوبية.
٢-;-) يبلغ عدد السامريين اليوم قرابة الثمانمائة نسمة، أما عدد اليهود فيقدر بحوالي ١-;-٣-;- مليون نسمة.
٣-;-) لدى السامريين مذهب ديني واحد، وعند اليهود عدّة مذاهب.
٤-;-) يعيش السامريون في الديار المقدسة فقط، في نابلس وحولون، في حين أن اليهود يعيشون في شتّى أقطار العالم.
٥-;-) النسَب عند السامريين يُقرّر وفق الأب، ووفق الأم لدى اليهود.
٦-;-) جبل جريزيم في نابلس هو مركز العبادة السامرية، وقد ورد هذا الاسم في التوراة السامرية مراتٍ عديدة، أما لدى اليهود فالمركز هو القدس، ومن المعروف أن اسم هذه المدينة لم يُذكر في التوراة.
٧-;-) تقام صلوات السامريين نحو قِبلتهم، جبل جريزيم، وصلوات اليهود تتلى باتجاه القدس.
٨-;-) للسامريين توراتهم ولليهود توراتهم (أسفار موسى الخمسة: سفر التكوين، سفر الخروج، سفر اللاويين، سفر العدد وسفر التثنية)، وهناك زهاء ستة آلاف فرق بينهما.
٩-;-) التوراة السامرية هي الكتاب المقدس الوحيد عندهم، أما عند اليهود فهناك إضافة لذلك أسفار الأنبياء والكتابات (المجموع ٢-;-٤-;- سفرًا) والتوراة الشفوية.
١-;-٠-;-) توراة السامريين مكتوبة غالبًا بالخط العبري القديم (الأبجدية: א-;-, ב-;-, ג-;-, ד-;-, ה-;-, ו-;-, ז-;-, ח-;-, ט-;-, י-;-, כ-;-, ל-;-, מ-;-, נ-;-, ס-;-, ע-;-, פ-;-, צ-;-, ק-;-, ר-;-, ש-;-, ת-;-)، أما التوراة اليهودية فمدوّنة بالخط الأشوري المربّع (الأبجدية: א-;-, ב-;-, ג-;-, ד-;-, ה-;-, ו-;-, ז-;-, ח-;-, ט-;-, י-;-, כ-;-, ל-;-, מ-;-, נ-;-, ס-;-, ע-;-, פ-;-, צ-;-, ק-;-, ר-;-, ש-;-, ת-;-).
١-;-١-;-) المرجع الديني عند السامريين هو الكاهن الأكبر/الأعظم، أما عند اليهود فهم الحاخامون.
١-;-٢-;-) لدى السامريين قائمة كاملة بأسماء الكهنة الكبار ابتداءً من فنحاس، ولدى اليهود قائمة غير كاملة منذ فنحاس.
١-;-٣-;-) توراة السامريين قائمة بذاتها وهي البداية والنهاية، أما توراة اليهودية فمُلحقة بأسفار كما ذكرنا آنفا.
١-;-٤-;-) عشر وصايا عند السامريين، وتسع لدى اليهود.
١-;-٥-;-) توراة السامريين تقول إن المذبح على جبل جريزيم، والتوراة اليهودية تذهب إلى أن المذبح في القدس.
١-;-٦-;-) في التوراة السامرية هناك العبارة: الجبل الذي اخترتُه، وفي التوراة اليهودية: الجبل الذي سأختارُه (مثلا سفر التنية ١-;-٢-;-: ٥-;-).
١-;-٧-;-) اسم المسيح لدى السامريين هو تاهب (= العائد) وهو من نسل سبط يوسف أو لاوي، وسيظهر على جبل جريزيم ، في حين أن اليهود يعتقدون أنه من نسل يهودا، وظهوره سيكون في جبل صهيون في القدس.
١-;-٨-;-) التقويم السامري (يسمّى: الحساب الصحيح، ח-;-ש-;-ב-;-ו-;-ן-;- ק-;-ש-;-ט-;-ה-;-) يرتكز على الحسابين الشمسي والقمري، أما اليهود فيستخدمون التقويم القمري فقط.
١-;-٩-;-) يقوم السامري بصنع المصّة من عجين غير مختمر، أما اليهودي فيشتريها وهي مصنوعة في المخابز من عجين غير مختمر أيضا.
٢-;-٠-;-) لدى السامريين عيد الأضحية (القربان) في عيد الفسح، كما ُوُصف في سفر الخروج، ولا وجود لذلك عند اليهود.
٢-;-١-;-) لا يحتفل السامريون لا بعيد الغفران ولا بعيد الأنوار، لأنهما لم يُذكرا في التوراة، واليهود يحتفلون بهما.
٢-;-٢-;-) لا يشعل السامريون الشموع يوم السبت، أما اليهود فيشعلون.
٢-;-٣-;-) يحرم السامري من ممارسة الجنس يوم السبت، أما اليهودي فقد يمارسه.
٢-;-٤-;-) لا يلبس السامري غطاء للرأس كل الوقت، في حين أن اليهودي الأرتوذكسي يضع القبعة (كيپاه) معظم الأحيان.
٢-;-٥-;-) لا يضع السامري التيفيلين (الفلاكتريس: صندوق جلدي يوضع على الجبهة والشريط الموصول به يلفّ اليد اليسرى) كما يفسرها اليهود، واليهودي المتديّن يستعملها وقت صلاة الفجر.
٢-;-٦-;-) يحتل النبي موسى كليم الله مكانة خاصة جدا عند السامريين وليس الأمر كذلك عند اليهود.
٢-;-٧-;-) صلاة السامريين فيها قراءة الفاتحة وركوع وسجود وطهارة ووضوء أما عند اليهود فمختلفة.
٢-;-٨-;-) لدى السامريين ما يدعى باسم ختم التوراة، أي حفظ الطفل أو الطفلة حتى السنة العاشرة من العمر مقتطفات من التوراة غيبًا وإبراز ذلك في احتفال عام، في حين أن لدى اليهود ما يسمى ببار/ببت متسفاه في السنة الثالثة عشرة من العمر.
٢-;-٩-;-) يحرص السامريون على إجراء الختانة في اليوم الثامن كما ورد في التوراة أما اليهود فلا يشددون في ذلك.
٣-;-٠-;-) للسامري أو السامرية اسمان، الواحد عبري والآخر عربي مثل أبيشع/ناجي، پوعة/ زينب ولا وجود لهذا النهج عند اليهود.

على الرغم من وجود الطائفة السامرية في قلب الشرق الأوسط منذ آلاف السنين، فإنها لم تحظ بالاهتمام الإعلامي الكافي. فمَن هم السامريون؟ ومتى ظهرت هذه الطائفة؟ وكم يبلغ عدد أعضائها؟ وما هي أركان ديانتها؟ وهل هناك فرق بينها وبين اليهودية؟ وما هي نظرة اليهود إليهم؟
يجيب الكاهن يعقوب عبد الله رئيس جمعية الأسطورة السامرية، عن بعض هذه التساؤلات قائلاً لرصيف22: "إن السامريين هم السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل، فهم ينحدرون من مملكة إسرائيل الشمالية، ويمثلون الآن أصغر وأقدم طائفة في العالم، ويملكون أقدم نسخة خطية للتوراة، ويتكلمون العبرية القديمة، ويؤمنون بقدسية جبل جرزيم، ويعتبرون اتخاذ الملك سليمان القدس مكاناً مقدساً مسألة سياسية أكثر منها دينية".
وأضاف: "وكلمة سامري محرفة من الكلمة العبرية شامري، والتي تعني المحافظ على الديانة العبرية القديمة، ويرجع تاريخ السامريين إلى ما قبل 36 قرناً من الزمن، حين قام يوشع بن نون القائد الإسرائيلي الذي خلف موسى بن عمران بقيادة هذا الشعب لدخول الأراضي المقدسة عند أريحا، وما إن وصل إلى مدينة شكيم (نابلس)، حتى صعد إلى جبلها الجنوبي جرزيم يرافقه العازار بن هارون الكاهن الأعظم لشعب بني إسرائيل، وقاما بنصب خيمة الاجتماع على قمة هذا الجبل المقدس".

"كفار"

حول أعداد هذه الطائفة وأماكن وجودها، قال يعقوب عبد الله: "عند انقسام الدولة العبرية إلى مملكتين، كان عدد سكان المملكة الشمالية (المملكة السامرية) بالملايين، ولكن بسبب القمع الذي تعرضوا له على مر السنين والأوضاع الاقتصادية السيئة تقلص عددهم إلى حد كبير".
يبلغ عدد المنتسبين إلى هذه الطائفة حالياً 730 نسمة، نصفهم يسكن جبل جرزيم جنوب نابلس والقسم الآخر يسكن في مدينة حولون قرب تل أبيب ويحملون الجنسيتين الفلسطينية والإسرائيلية. ويعمل أغلبهم بالتجارة.
يصف اليهود السامريين بالكفرة والكوتيين نسبة إلى كوت (مدينة سومرية أكادية قديمة تعرف اليوم بتل ابراهيم) في العراق، وكذلك أطلق عليهم التلمود البابلي لقب "المعارضين والكفار"، بحسب عبدالله.
أما في ما يتعلق بموقفهم من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فقال عبدالله: "السامريون جسر سلام في الصراع العربي الإسرائيلي، فعلاقاتهم طيبة بالطرفين، كما أن على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي أن يتخذوا من السامريين عبرة، فبعد أن كان المجتمع السامري بالملايين في الماضي، أصبح أصغر مجتمع في العالم، بسبب كثرة الحروب التي خاضها عبر آلاف السنين".
يتساءل الكثيرون اليوم حول الفرق بين السامريين واليهود. بحسب يعقوب عبد الله: "إن الجذور واحدة، ولكن أدى الخلاف حول منصب الكهنوت الأعظم إلى الانقسام، فقد كانت رئاسة الكهنوت الأعظم منوطة وراثياً فقط في نسل فينحاس بن هارون، وعندما آلت خلافة الكاهن الأكبر بعد "بقي" إلى ولده "عزي"، الذي كان يبلغ من العمر عند موت أبيه 23 عاماً أي كان قاصراً من الناحية الشرعية لأنه دون سن الثلاثين، طمع في المنصب "عالي"، الكاهن من نسل ايتامر أخي فينحاس بن هارون، نظراً لتقدمه في السن وصغر عزي، انقسم بنو إسرائيل شطرين من الناحية الدينية".
Samaritans_marking_Passover_on_Mount_Gerizim,_West_Bank_-_20060418
وتابع: "واستبدل عالي وجماعته الجبل المقدس جرزيم بسيلو (شيلو)، التي تبعد 25 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة نابلس وبنى هيكله فيها، وعمل صندوقاً غشاه بالذهب كتابوت العهد، وادعى أنه التابوت الحقيقي فغضب رب العالمين على بني إسرائيل فأخفى عنهم خيمة الاجتماع (الهيكل)، الذي كان موجوداً على جبل جرزيم".
أثناء حكم الملك الإسرائيلي شمشون الجبار بدأ الإسرائيليون يختلطون بالأمم المجاورة ووصل الأمر إلى الكهنة ففسدوا أيضاً وخرج كثيرون من بني إسرائيل عن ديانتهم، وكفوا عن استقبال جرزيم في صلواتهم وعبدوا الأصنام، ولم يبق ملتزماً بالديانة العبرية القديمة سوى الساكنين على جبل جرزيم وما حوله من المدن والقرى.
The_High_Priest_of_the_Samaritans_with_the_Codex_Nablus_c._192 الكاهن الأكبر للطائفة السامرية
يقول عبدالله: "بالرغم من الانقسام الديني للدولة العبرية، فقد بقيت موحدة سياسياً إلى عهد الملك سليمان الذي بنى هيكله في القدس مخالفاً لتعاليم التوراة ومن أجل دوافع سياسية، لأن الدين الإسرائيلي يحرم إقامة الهيكل خارج نطاق جبل جرزيم المقدس، سواء كان في القدس أو خارجها. وبعد وفاة الملك سليمان تولى الحكم ولده رحبعام الملك، ولما رفض الملك رحبعام رفع الضرائب أو حتى تخفيضها على السكان الشماليين من الدولة العبرية انقسمت إلى مملكتين، المملكة الجنوبية، وهي مملكة يهودا التي اتخذت من القدس عاصمة لها، والمملكة الشمالية وهي مملكة اسرائيل "السامرة" وعاصمتها سبسطية، وأصبحت المملكتان متنافستين وأحياناً متعاديتين، وكان لكل منهما أيام ازدهار وانحطاط".
تشمل الفروق بين السامريين واليهود اللغة أيضاً، فاللغة السامرية تختلف عن اليهودية. السامرية هي اللغة العبرية القديمة، وكل حرف منها يشبه أحد أعضاء جسم الإنسان، لهذا تعتبر أقدم لغات العالم أجمع، وتتألف من 22 حرفاً، وتقرأ من اليمين إلى اليسار، أما اليهودية فهي لغة أشورية.
وقال عبدالله إن هناك خلافاً آخر يتعلق بالتقويم إذ يمتلك السامريون حساباً فلكياً يعرف بحساب الحق، وهو حساب فلكي قمري منقول عن آدم حتى يومنا هذا، وهو حالياً متوارث مع عائلة الكهنة. يستهلون الشهر مع ولادة القمر، خلافاً لليهود الذين يعتمدون على الرؤيا، اذا حجب القمر الشمس فهذا يعني بأن الشهر 29 يوماً "قمرياً". ويبدأ التاريخ السامري منذ دخول بني إسرائيل الأراضي المقدسة أي قبل 3645 سنة.
وختم: "كان الخلاف الأخير بين السامريين واليهود، عندما دمر يوحنان هركانوس المكابي هيكل السامريين مرتين على قمة جبل جرزيم في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد في سنة 128 ق.م. وفي عام 107 ق.م. وينتسب السامريون الآن إلى ثلاثة أسباط من الأسباط الاثني عشر، أولاد سيدنا يعقوب، هم سبط لاوي الذي تنتمي إليه عائلة الكهنة، وسبطا أبناء سيدنا يوسف افرايم ومنشي".

أركان الديانة السامرية

يقول الكاهن حسني واصف مدير المتحف السامري لرصيف22: "إن الديانة السامرية ترتكز على خمسة أركان أساسية هي: وحدانية الله الواحد الأحد، ونبوءة موسى بن عمران كليم الله ورسوله، والتوراة (أسفار موسى الخمسة وهي التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية)، وقدسية جبل جرزيم قبلة السامريين، واليوم الآخر وهو يوم الحساب والعقاب. وكل سامري لا يؤمن بالأركان الخمسة هذه، لا يعتبر سامرياً".
وأضاف: "إن الصلاة عند السامريين هي بمثابة التقرب من الله، وهي تأمل وابتهال وتضرع، وتقوم مقام القرابين التي كانت تقدم في الهيكل. والسامريون يصلون يومياً صباحاً عند الفجر ومساء عند الغروب، وكل منها سبع ركعات، (صلوات السامريين ركوع وسجود)".
وتابع: "ولقدسية يوم السبت هناك سبع صلوات، يؤديها السامريون في الكنيس السامري، بإمامية أحد الكهنة، ولا يجوز للسامري أن يزاول أي عمل يوم السبت مهما كان نوعه، سوى تحضير طعام بارد".
Samaritans
تؤكد الديانة السامرية على طهارة الجسم، فهي ركن الدين وأساسه، لذا يسبق الصلاة الوضوء بغسل الأعضاء المكشوفة، مع قراءة آيات مخصصة من التوراة على كل عضو تدل على نوعية حركته. ولا يجوز للرجل الرجل أن يخرج من البيت إلا إذا كان طاهر البدن، وعليه الاغتسال فور عملية الجماع وإذا أحدث خلال نومه، وكذلك اذا لمس من الحيوانات المحرم أكلها أو لمس ميت.
ويحافط السامريون على الختان، معتبرين أنه  عهد قطعه الله مع النبي ابراهيم. يختن المولود الجديد من الذكور في اليوم الثامن لميلاده، ولا يجوز تأخير ذلك لأي سبب من الاسباب.
أما الأعياد، فهي أعياد التوراة فقط وهي موسمية، وعددها سبعة: عيد الفسح، عيد الفطير (العجين غير المختمر)، عيد الحصاد، عيد رأس السنة العبرية، عيد الغفران، عيد العرش المظال، العيد الثامن او فرحة التوراة. ومن خلال هذه الأعياد يحج السامريون إلى جبلهم المقدس جبل جرزيم ثلاث مرات سنوياً في عيد الفسح وعيد الحصاد وعيد العرش.
وعن الطعام، قال الكاهن حسني واصف: "لا يجمع السامريون في طعامهم روحين على مائدة واحدة كاللحم واللبن، كما لا يجوز أكل اللحوم المذبوحة على غير طريقتهم لان للذبيحة عندهم شروطاً دينية، أهمها أن يكون الجزار سامرياً يعرف المحللات والمحرمات، وأن يستعمل سكيناً حاداً حتى يستطيع الذبح بنحرة واحدة، ويتوجه أثناء الذبح إلى وجهة جبل جرزيم. ويأكل السامريون من الطير ذوات الحوصلة وغير مشبكة الاصابع، ومن الحيوانات البحرية ما كان له زعانف وحراشف، ومن الحيوانات البرية ما كانت مجترّة ومشقوقة الظلف، ويحرم ذبح الحبالى من إناث الحيوان".

الحياة الاجتماعية والدينية

الزواج رباط مقدس عند السامريين، فالانسان السامري لا يكتمل دينه إلا بالزواج الذي يتم باحتفال يترأسه الكاهن الأكبر وبحضور جميع أفراد الطائفة في كل من نابلس وحولون. ولا يحق للسامري أن يجمع بين اثنتين على ذمته من أجل المتعة. ولكن حالات الطلاق نادرة وتكون تحت شروط: "عدم القادرة على القيام بأعمال البيت وتربية أطفالها، والجنون، والمرض العضال، والعقم والخيانة الزوجية" بحسب واصف.
وأضاف الكاهن: "لا يجوز للسامرية ان تلمس شيئاً في البيت أثناء العادة الشهرية والتي تستمر سبعة أيام تكون فيها منزوية في فراشها الخاص، ويلي أيام طمثها هذا الاستحمام بالماء، أما اذا ولدت ابناً ذكراً فإنها تبتعد 41 يوماً، لكن إذا ولدت أنثى فإنها تبتعد 80 يوماً، ويحق لها فقط الاعتناء بولدها الرضيع، وتستطيع مزاولة وظيفتها وتعليمها خارج البيت فقط".
وفي ما يتعلق بالحياة الدينية للسامريين، قال: "يترأس الطائفة السامرية الكاهن الأكبر، وهو من سبط لاوي، أي من عائلة الكهنة ويساعده مجلس كهنوتي مكون من 12 كاهناً، وهو الذي يقرر كل ما يتعلق بالشؤون الدينية. أما الشؤون الدنيوية فتديرها لجنتان منتخبتان في كل من جبل جرزيم وحولون لإدارة شؤون الطائفة ويترأس كل منهما سكرتير، وتنتخب اللجان مرة كل سنتين وبطرق ديموقراطية".
يعتبر السامريون أن الإسلام هو أقرب الديانات إلى السامرية من حيث الوحدانية والطهارة. أما القاسم المشترك بين الديانتين السامرية والمسيحية، فهو بحسب واصف "المحبة والسلام".