Translate

السبت، 18 مارس 2017

هل ظهرت الباطنية وعادت القرامطة ... ؟


أما بعد فأني في هذا المقال أضع بين يدي القارئ نظره مقارنة  لأصول العنف والهمجية الممزوجة بالوحشية  والحقد عارضا فيه بعض معالم انتقال العنف من دين إلى دين ومن فكر إلى فكر مع التفاوت في بعض أصول الإعتقاد أو التوافق في أكثر أصولها ومنها دعاوى العصمة والتقديس المفرط والتدرع بالأسماء الجميله ولكنها في  الحقيقة مخالفة للواقع, وكذا رفع الشعارات البراقة  الجاذبة  لكثير من السذج والجهلة من العوام ومنها كأنموذج تلك  العقائد الباطنية على تفاوت في درجاتها كتمثلها في التقية لدى الشيعه كما جاء في كتبهم " التقية ديني ودين آبائي " ,, والباطنية الشديدة في الإسماعيلية وما تفرع عنها قديما وحديثا وهي بدورها مأخوذة من التشيع وأصولها,, لأنهم يجعلون للشريعة ظهرا وبطنا كما في (الذحيرة ): "كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله عليه والدعوة الباطنية قسط وصيه الذي فاض منه عليه جزيل الانعام ... ويقول جعفر بن منصور اليمن :  " من عمل بالباطن والظاهر فهو منا ومن عمل بالظاهر دون الباطن فالكلب خير منه ،وليس منا " ,, وقد رد عليهم أئمه الإسلام قديما وحديثا.. فجل مقصودهم صرف الناس عن الكتاب والسنة وتحويلهم إلى أحبارهم ورهبانهم الذين يعدون آلهة تعبد من دون الله كما هو حال البهائيه وهي إحدى الفرق الباطنية وهكذا القرامطة والفاطميون والنصيريون والإماميون وغيرهم ..
 قال الإمام الغزالي رحمه الله في كتاب فضائح الباطنية : "انهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرأن والسنة صرفوهم عن المراد بهما الى مخاريق زخرفوها " ..هـ
و في المقدمة أبين للقارئ الكريم التلازم الشديد بين الحقد والكراهية والبغض وكلها أعمال باطنية الطوية وما يكون منها مضبوطا بالشريعة  فهو الصحيح وما يكون مبنيا على غيرها من أهواء الرهبان فهو باطل  وعقائد الباطنية والشيعة عموما من النوع الأخير لأنها ليست مبنية على الوحي ثم إن كلا من المعاني المذكورة تنتج العنف والقتل والفساد في الظاهر  وكما قيل كل إناء بما فيه ينضح ...
2- العنف عند البشر :
ليس من الغريب أن تقرأ في كتاب أو أن تنظر حولك في الواقع حتى ترى كثيرا من العنف والحقد والكراهية وهذا كفيل بتولد نظره عامة للشر والفساد من لدن قابيل وهابيل أو ما فعله أصحاب صالح من عقر الناقة والتآمر عليه ومجازر ما قبل الميلاد كأفعال الفرعون الهالك بالإسرائيلي كما قال الله سبحانه : وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) .... البقرة ..
وهكذا فعل فرعون بالماشطة وكذلك بزوجته آسيا التي قال عنها الله سبحانه : وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) ..التحريم ...
كذلك ما فعله أصحاب الاخدود .. قال تعالى :  قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) ..البروج ..
ولك أيضا أن تنظر قبل الميلاد من جرائم الأسكندر وصولا إلى القرون الوسطى الدمويه وصولا إلى إبادات جماعية في أمريكا في حق الهنود الحمر إنتقالا إلى الحروب العالميه ورموزها كهتلر وموسليني وستالين التي كان ضحيتها عدد لايحصى من البشر وهلاك للحرث والنسل ومنها أيضا جرائم حصلت باسم الدين زورا وبهتانا كمثل ما حصل في الديانة المسيحية من تحريق وتدمير وما حصل أيضا من اليهود من إفسادهم في الأرض وبغيهم ومنها كذلك ما فعله الشيعة الروافض والخوارج من مجازر يندى لها الجبين ولست واضعا بين يدي القارئ إلا نزرا يسرا مما فعله قدامى المجرمين ولكني رأيت أن أضع أنموذجا وحشيا نال  أهل الإسلام من ويلاتهم مالم ينله من أي فرقه باغية أو حتى كافر مارق بل أزعم أن جرائم هذه الفرقه هي أعظم جرائم حصلت في تاريخ الإسلام القديم و الحديث لأنها فرقة أفسدت في الماضي ولها ارتباط وثيق بشيعه الحاضر وهذه الفرقة هي فرقة القرامطة وهي إحدى فرق الشيعة الباطنية .
.3- كيف صُنِعَت القرامطة الباطنية ومن هم وكيف صُنِعَتْ الحركات الشيعية المعاصرة .؟
إن مما لاشك فيه عندنا هو أن الحركات الدخيلة على الأديان الصحيحة التوحيدية تتسرب إليها من الوثنية كما تسرب مبدأ عبادة الاصنام إلى قوم نوح وهكذا ماحل بالديانة النصرانيه من القول بالتثليث وما تسرب إلى اليهودية من الوثنية من مبادئ تاليه عزير وغيرها من المبادئ الوثنيىة التي تسربت إلى الأديان ,, ولا يشك أحد بأن الحركات التي تنتسب إلى الإسلام وهي معروفة بالأقوال الكفريه كالسبئية والرافضة أوالباطنية والجهمية تسربت غالب مبادئها من الديانات المجوسية, وما تقديس أبو لؤلؤة المجوسي عند فرق الشيعه إلا غيض من فيض من هذه الحقيقة ,, وما حب الجهمية لأفكار الفلاسفة وعلم الكلام إلا دلالة واضحة على أنهم تلقفوا المبادئ الهدامة من أفكار بعض الفلاسفة الملحدين,  وهذا مما لاشك فيه إنه أراده أعداء الإسلام وهو الدخول للإسلام لإفسادة من الداخل لأنهم يعلمون بأنهم لا قدرة لهم عليه من الخارج وقد حاولوا مرارا فلم يفلحوا فأوحى لهم الشيطان ما أوحى من إنشاء هذه الفرق التي لاشك عندنا بأنها من صنعهم فهي منهم وهم منها ..!!
..تنسب القرامطة إلى حمدان قرمط , ومركز تلك الدعوة الخبيثة هي مدينة "واسط " واستجاب أهلها لهذه الدعوة لما كانوا يجدونه من الفقر والفاقة ,, ثم  عمد حمدان قرمط إلى بناء مركز للدعوة القرمطية في الكوفة ، وقد سماه (دار الهجرة) ومنها نشأت الدعوة القرمطية لتتكون لها دول منها دولة آل مهروية و دولة القرامطة الثانية  ولهم علاقة وطيدة بالفاطميين  ودولتهم .صورة ذات صلة
قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في حوادث سنه 278هـ :
وفيها وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة وهم الباطنية  ...
 فهذه السنه كانت بداية ظهور أخبارهم وذكر الإمام ابن الجوزي الباعث على وجودها وكيف تمت صناعتها وكأن يحكي اليوم كيف صنعت الدولة الشيعية وما يحاك لأهل الإسلام من الكفرة من الشرق والغرب ..!!  وسر التحالف الذي يكمن بين الشيعه المجوس وبين الغرب والشرق الكافرين على أهل الإسلام ..
 ويقول ابن الجوزي في المنتظم : " فأما البدايات التي بنوا عليها فأنه لما كان مقصودهم الإلحاد تعلقوا بمذاهب الملحدين مثل زرادشت ومزدك فإنهما كانا يستحلان المحظورات وقد سبق في أوائل الكتاب شرح حالهما ومازال أكثر الناس لا يدخلون في حجر يمنعهم إياها ..  فلما جاء نبينا صلى الله عليه وسلم فقهر الملك ونهى الألحاد أجمع جماعة من الثنوية والمجوس والملحدين ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين فأعملوا آرآئهم و قالوا : قد ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا ومخرقوا على أممهم وأعظم بلية علينا محمد فأنه نبغ من العرب الطغام فخدعهم بناموسه فبذلوا أموالهم وأنفسهم ونصروه وأخذوا ممالكنا وقد طالت مدتهم : والآن قد تشاغل أتباعه فمنهم مقبل على كسب الأموال ومنهم على تشييد البنيان ومنهم على الملاهي ، وعلمائهم يلعبون ويكفر بعضهم بعضا، وقد ضعفت بصائرهم ، فنحن نطمع في إبطال دينهم إلا إنا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم ، فليس إلا إنشاء دعوة في الدين والإنتماء إلى فرقه منهم ، وليس فيهم فرقه أضعف عقولا من الرافضة ، فندخل عليهم نذكرهم ظلم سلفهم الأشراف من آل نبيهم ، ودفعهم عن حقهم ، وقتلهم ، وما جرى عليهم من الذل لنستعين بها على إبطال دينهم, فتناصروا وتوافقوا وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر الصادق وكان لجعفر أولاد منهم إسماعيل هذا وكان يقال له الأعرج ثم سول لهم الشيطان آراء ومذاهب ، أخذوا بعضها من المجوس وأخذوا بعضها من الفلاسفة . ومخرقوا عل أتباعهم ، وإنما قصدهم الجحد المطلق لكنهم لما لم يمكنهم توسلوا اليه . فقد بان لك – مما ذكرت من البدايات التي بنوا عليها – الباعث لهم على ما فعلوا من نصب الدعوة ...
وقال رحمه الله تعالى: وأما ألقابهم فإنهم يسمون : الإسماعيلية ، والباطنية ، والقرامطة ، والخرمية ، والبابكية ، والمحمرة ، السبعية ، والتعليمية ...
وقال الإمام عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق : " وذكر أصحاب التواريخ أن الذين وضعوا أساس دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس ، وكانوا مائلين إلى دين أسلافهم ، ولم يجسروا خوفا من سيوف المسلمين فوضع الأغمار منهم أسسا من قبلها صار في الباطن إلى تفضيل دين المجوس ،وتأولوا آيات القرأن وسنن النبي صلى الله عليه وسلم على موافقة أسسهم...
 مما سبق إثبات منبع الكراهية لدى المجوس وأنهم نظروا إلى الطوائف التي بإمكانهم هدم الإسلام من خلالها –وذلك دونه خرط القتاد بأذن الله – فنظروا ذات اليمين ونظروا ذات الشمال فما وجدوا إلا التشيع كي يدسوا عقائدهم الخبيثة للمكر بأهل الإسلام مع تحالف مع الملل الكفريه وهذا ما نراه اليوم فهل ظهرت الباطنية وعادت القرامطة .
4) بعض جرائم القرامطة الباطنية قديما :
أ- القرامطة والكعبة والحجر الأسود :صورة ذات صلة
تعد الكعبة المشرفة شرفا لكل مسلم لتشريف الله سبحانه وتعالى لها كما في قوله : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) ..) البقرة ...
إن هذا البيت بيت الله شرفا وفضلا وله من الفضائل والخصائص ما ليس لغيره ولعل من أهم خصائصة أنه خالص للمسلمين قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا....) التوبة ,, وهذا البيت لا يزال  عصيا على الكافرين وما قصة إبرهة الحبشي صاحب القليس بتشديد الياء وضم القاف عنا ببعيد ... وهي  قصة تدل على حفظ الله لهذا البيت .. ولما علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة وأنهم لا يستطيعون إليه سبيلا استعملوا أغيلمة سفاء ومن هؤلاء الأغيلمة هم قرامطة البحرين ومنهم الملحد سليمان الجنابي "أبو طاهر " قال الإمام تقي الدين محمد بن أحمد الحسني في العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (ج1 ص183 ) بعد أن ذكر أمورا كثيرة .. قال رحمه الله : "ومنها أن في سنة سبع عشرة وثلاثمائة " وافى أبو طاهر القرمطي فأسرف في قتل الحجاج وأسرهم مع هتكه لحرمة الكعبة وذلك أنه قتل في المسجد الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنساء وهم متعلقون بأستار الكعبة وقتل في سكك مكة وشعابها من أهل خرسان والمغاربة وغيرهم زهاء ثلاثين الفا وسبى من النساء والصبيان نحو ذلك وقد بطل الحج من العراق بسبب القرمطي ثلاث سنين متوالية ومن هذه السنة وبطل بعدها سنين كثيرة وفي عشر الثلاثين وفي عشر الأربعين " اهـ
فأفعال القرامطة الباطنية كانت ولا تزال شنيعة الوصف فقد اقتلع القرمطي الحجر الأسود وساقه إلى الأحساء لبضع سنين فهل يستطيع الكفرة فعل هذا ..؟.. بالطبع لا يستطيعون ولكنهم يعلمون كيف تؤكل الكتف لهذا ترى في زماننا محاولات من القرامطة الجدد وهم يرفعون شعار لابد من تطهير الحرمين من آل سعود والمظاهرات التي كان يقوم بها الشيعة و الأستعدادات للشغب في موسم الحج الأكبر تثبت أن الشيعة الآن لا يزالون  يمثلون القرامطة وحصان طروادة للمجوس والكفرة قديما وحديثا ..!!
فهم قديما وحديثا يسعون في خراب بيت الله الحرام وتعطيل الحج  ومازال القرامطة المجوس الجدد يطالبون بتدويل الحج كي يصبح الحرم المكي حسينية مكبره وبقعة تنشر منها الدعوة إلى الأديان الباطنية والوثنية وهم يلجؤون بدورهم إلى استخدام منابر الأمم المتحدة وغيرها كي يكون لهم حق إدارة الحرمين ونشر الشرك وسب أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام وسب أزواجة المطهرات ,, وعوضا عن سماع الأذان السني نسمع الأذان الشيعي وتتحول الديار العامرة الى ديار معطلة وينتشر فيها الخراب والدمار فهل ظهرت الباطنية وعادت القرامطة.
ب- القرامطة الباطنية في اليمن :
من الويلات الوخيمة التي أصابت اليمنين القدامى تواجد الفرق الباطنية والشيعية بينهم وهي ليست إلا ظواهرا لإعادة دولة الفرس الزائلة ولا يخفى على اللبيب ما تفعله شيعة العراق من لعن لأبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم فهم يبرؤن منهم .. ويحبون أبا لؤلؤة المجوسي قبحه الله ومن ثنايا التاريخ .. نتناول حكاية هي أشبه بالأسطورة أو أنها كابوس شرير مر به أهل هذه البلاد اليمنية ولكن العجب كل العجب من هو الذي تسبب بكل هذا هل هم اليهود أم النصارى أم الأحباش كلا والله وأنما هي تلك الجماعات الباطنية القرمطية الخبيثة ..!!
ذلك أنه خرج من يدعى علي بن الفضل نزل يافع فوجدهم رعاعا فأقام بينهم يتعبد حتى ظنوه صاحب تقى ودين ثم غزا بهم لحج ثم غزا نجاح وصنعاء ثم ادعى النبوة فأظهر مذهبه من إباحة الأمهات والبنات والأخوات وفي ذلك قال القائل :
خذي العود يا هذه واضربي         نقيم شرائع هذا النبي
فحط الصلاة وحط الزكاة         وحط الصيام ولم يتعب
وحل البنات مع الأمهات          ومن فضله زاد حل الصبي
وقصد زبيد فقتل وسبى العذروات حتى فض أربعة آلاف فتاة عذراء ثم وهبهن للعسكر فلما قصدوا حضرموت رأى منهم ضعفا فأمرهم بقتل البنات الأبكار فقتل أربعة الآف فتاة زبيدية ثم هلك ذلك البائر على يد أسعد بن أبي يعفر ....
وهذا نظير ما تفعله الباطنية الجديدة من النصيرية والإمامية في حق أهل السنة عموما فأنهم يسومونهم سوء العذاب وما المجازر المروعة والسادية  في حق النساء والأطفال إلا انعاكس لخبث هؤلاء الزنادقة ..
وما الشرك البواح والطقوس التي أشبه بطقوس الهندوس  التي تفعل في العراق بمناسبة مقتل الحسين رضي الله عنه إلا دليل على محاولة بعث الروح في تلك الفرق من جديد من قبل أعدائنا,,
نتيجة بحث الصور عن دولة القرامطة
القرامطة
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي

 
التعريف:

القرامطة حركة باطنية (*) هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة. وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم (*) السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد (*) والإباحية وهدم الأخلاق (*) والقضاء على الدولة الإسلامية.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
 يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وتركوا أثراً بارزاً على سيرهم وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن:

ـ بدأ عبد الله بن ميمون القداح رأس الأفعى القرمطية بنشر المبادئ الإسماعيلية في جنوب فارس سنة 260هـ.

ـ ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراً.

ـ وفي سنة 278 هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم.

ـ هرب ذكرويه واختفي عشرين عاماً، وبعث أولاده متفرقين في البلاد يدعون للحركة.

ـ استخلف ذكرويه أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج وهزم في حمص وسيق ذكرويه إلى بغداد وتوفي سنة 294هـ.

ـ التف القرامطة في البحرين حول الحسن بن بهرام ويعرف بأبي سعيد الجنابي الذي سار سنة 283هـ البصرة فهزم.
 قام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 300 سنة، ويعتبر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي الاجتماعي، بلغ من سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الإتاوة ومن أعماله الرهيبة أنه:

ـ فتك هو ورجاله بالحُجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم في الفقر حتى هلكوا.

ـ ملك الكوفة أيام المقتدر 295ـ 320هـ لمدة ستة أيام استحلها فيها.

ـ هاجم مكة عام 319هـ، وفتك بالحجاج، وهدم زمزم، وملأ المسجد بالقتلى، ونزع الكسوة، وقلع البيت العتيق، واقتلع الحجر الأسود، وسرقه إلى الأحساء، وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339هـ.
 توفي سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم الذي قوي أمره واستولى على دمشق سنة 3600هـ، ثم توجه إلى مصر ودارت معارك له مع الخلافة الفاطمية، لكن الأعصم ارتد وانهزم القرامطة وتراجعوا إلى الأحساء. خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس، أسند الأمر إلى رجلين هما جعفر وإسحاق اللذان توسعا ثم دار الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم. وللمجتمع القرمطي ملامحه المتميزة إذ تشكلت في داخله أربع طبقات اجتماعية متميزة:

ـ الطبقة الأولى: وتسميهم رسائل إخوان الصفا (*) " الإخوان الأبرار الرحماء " وتشمل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وثلاثين سنة. وهم ممن على استعداد لقبول الأفكار القرمطية عقيدة وتمثلاً في نفوسهم.

ـ الطبقة الثانية: ويعرفون بـ "الإخوان الأخيار الفضلاء " وتشمل من كانت أعمارهم بين الثلاثين والأربعين سنة وهي مرتبة الرؤساء ذوي السياسات، ويكلفون بمراعاة " الإخوان " وتعهدهم وإظهار العطف عليهم ومساعدتهم.

ـ الطبقة الثالثة: وتشمل أولئك الذين هم بين الأربعين والخمسين من العمر، ممن يعرفون الناموس الإلهي وفق المفهوم القرمطي ويتمتعون بحق الأمر والنهي ودعم الدعوة القرمطية ودفع خصومها، وهؤلاء هم الذين ألفوا الرسائل العقائدية القرمطية وعمموها في الآفاق.

ـ الطبقة الرابعة: ويطلق على أصحاب هذه الطبقة اسم " المريدون " ثم " المعلمون " ثم " المقربون " إلى الله وتشمل من تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة؛ وهي أعلى المراتب القرمطية، من يبلغها يكون في نظر هذه الفرقة من الناموس والطبيعة ويصبح من أهل الكشف (*) اللدني إذ يستطيع رؤية أحوال القيامة من البعث والنشور والحساب والميزان …
الأفكار والمعتقدات:
 حينما قام القرامطة بحركتهم أظهروا بعض الأفكار والآراء التي يزعمون أنهم يقاتلون من أجلها، فقد نادوا بأنهم يقاتلون من أجل آل البيت، وإن لم يكن آل البيت قد سلموا من سيوفهم. ثم أسسوا دولة شيوعية تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية. يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه وأشاعوا أن ذلك يعمل زيادة الألفة والمحبة (وهذا ما كان عليه المزدكيون الفارسيون من قبل). إلغاء أحكام الإسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى. استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف. يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد (*). ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاة وضعفاء النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات، وأصبح القرامطة بذلك مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض. يقولون بالعصمة وإنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة، ومن تأويلاتهم:
ـ الصيام: الإمساك عن كشف السر.
ـ البعث: الاهتداء إلى مذهبهم.
ـ النبي (*): عبارة عن شخص فاضت عليه من الإله الأول قوة قدسية صافية.
ـ القرآن: هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه ومركب من جهته وسمي كلام الله مجازاً.
 يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفرديَّ لكل منهم. يقولون بوجود إلهين (*) قديمين أحدهما علة لوجود الثاني، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه، الأول تام والثاني ناقص، والأول لا يوصف بوجود ولا عدم فلا هو موصوف ولا غير موصوف. يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين. يقولون بالرجعة (*) وأن علياً يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين. يعتقدون بأن الأئمة والأديان (*) والأخلاق (*) ليست إلا ضلالاً. يدعون إلى مذهبهم اليهود والصابئة والنصارى والمجوسية (*) والفلاسفة وأصحاب المجون والملاحدة والدهريين، ويدخلون على كل شخص من الباب الذي يناسبه.الجذور الفكرية والعقائدية:
 فلسفتهم مادية (*) تسربت إليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من أئمة الفرس. تأثروا بمبادئ الخوارج (*) الكلامية والسياسية ومذاهب الدهرية. يتعلقون بمذاهب الملحدين من مثل مزدك وزرادشت. أساس معتقدهم ترك العبادات والمحظورات وإقامة مجتمع يقوم على الإباحية والشيوع في النساء والمال. فكرتهم الجوهرية هي حشد جمهور كبير من الأنصار ودفعهم إلى العمل لغاية يجهلونها.الانتشار ومواقع النفوذ:
دامت هذه الحركة (*) قرابة قرن من الزمان، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتقلت إلى سواد الكوفة والبصرة وامتدت إلى الأحساء والبحرين واليمن وسيطرت على رقعة واسعة من جنوبي الجزيرة العربية والصحراء الوسطى وعمان وخراسان. وقد دخلوا مكة واستباحوها واحتلوا دمشق ووصلوا إلى حمص والسلمية. وقد مضت جيوشهم إلى مصر وعسكرت في عين شمس قرب القاهرة ثم انحسر سلطانهم وزالت دولتهم وسقط آخر معاقلهم في الأحساء والبحرين. هذا ومما يلاحظ الآن أن هناك كتابات مشبوهة تحاول أن تقدم حركة القرامطة وغيرها من حركات الردة على أنها حركات إصلاحية وأن قادتها رجال أحرار ينشدون العدالة والحرية (*).
نتيجة بحث الصور عن دولة القرامطة
ويتضح مما سبق:
أن هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر (*) وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس، وتعتبر عقائدها نفسها عقائد الإسماعيلية في خلاف في بعض النواحي التطبيقية التي لم يستطيع الإسماعيلية تطبيقها خوفاً من ثورة الناس عليهم ويخرجهم من الإسلام عقائدهم التالية:

أولاً: اعتقادهم باحتجاب الله في صورة البشر.
ثانياً: قولهم بوجود إلهين.
ثالثاً: تطبيقهم مبدأ إشاعة الأموال والنساء.
رابعاً: عدم التزامهم بتعاليم الإسلام في قليل أو كثير.
خامساً: فساد عقيدتهم في الوحي (*) والنبوة (*) والرسالة.
سادساً: انتهاكهم حرمات الإسلام بالاعتداء على الحجيج واقتحام الكعبة ونزع الحجر الأسود ونقله إلى مكان آخر.
سابعاً: إنكارهم للقيامة والجنة والنار. 

السلاجقة



جماعات من عشائر الغز التركية. كانوا ينزلون
شمال المجرى الأدنى لنهر سيحون، ويخضعون لسلطة ملك الغز الوثني في تلك الأنحاء.
وجاءت تسميتهم السلاجقة نسبة لأحد زعمائهم «سلجوق بن دقاق». وعلى الرغم من وصول سلجوق
إلى رتبة سوباشي (قائد الجيش) فإنه كان يتوجس شراً من ملك الغزية. ولذلك عبر نهر سيحون
إلى ما وراء النهر عام (345هـ/956م). ونزل عند مدينة جَند، حيث اعتنق الإسلام مع
أفراد عشيرته على المذهب السني وتحمسوا له. وحرر سلجوق سكان المدينة المسلمين من
دفع الضرائب إلى الملك التركي. ولما مات (393هـ/1003م) دفن في مدينة جند.
دانت عشائر السلاجقة بعد موت سلجوق إلى حفيده طغرلبك
بن ميكائيل، الذي تقدم بعشائر السلاجقة إلى ضواحي بخارى. وكانت من أملاك السامانيين.
وشارك السلاجقة في ذلك الوقت في الحروب التي قامت بين السامانيين والإيلكخانية
الذين كانوا يحكمون أجزاء من ما وراء النهر أيضاً. وكانوا يقفون إلى جانب الإيلكخانية.
عبر طغرلبك زعيم السلاجقة نهر جيحون أول مرة عام
(423هـ/1030م)، حيث كان يحكم الغزنويون. ودارت الحروب بين الطرفين انتهت في أقل من
عقد إلى سيطرة السلاجقة على عدد من مدن خراسان وخوارزم وطبرستان وإقليم الجبال، وقضوا
على السلالة البويهية الحاكمة في فارس، وكانوا كلما تقدموا غربا اتخذوا حاضرة
جديدة أقرب إلى العراق، مثل الري وبعدها أصفهان.
وفي غمرة الصراع بين السلاجقة والغزنويين في
خراسان استطاع طغرلبك أن يؤسس لنفسه سلطنة في العراق إلى جانب الخليفة العباسي
«القائم» (422-467هـ/1031-1075م). وظلت خراسان تتبع الدولة السلجوقية في
العراق، وكان السلاجقة أيضاً يغيرون من خراسان إلى ما وراء النهر لقتال الإيلكخانية
حلفائهم القدامى بحجة أن السلاجقة يمثلون الخليفة العباسي، فاحتلوا سمرقند،
وأوصلوا سلطتهم إلى شرق ما وراء النهر (482هـ/1089م).
وكان طغرلبك قد قدم بالسلاجقة إلى بغداد عام
447هـ/1005م لإنقاذ الخليفة من قائد يدعى «البساسيري» كان يعمل على الدعوة في
بغداد للخلافة الفاطمية في مصر، وأضطره إلى الفرار، وعاد طغرلبك إلى حاضرته الري.
وقدم طغرلبك ثانية بعد عامين إلى بغداد بعد أن
استأذن الخليفة بالقدوم، ولما قدمها بموكب فخم استقبله الخليفة ولقبه «سلطان
المشرق والمغرب»، وكان ذلك إيذاناً بقيام سلطنة السلاجقة في العراق،ودخول الخلافة
العباسية في عهد جديد دعي بعصر النفوذ السلجوقي. كما انتزعوا مكة والمدينة من سلطة
الفاطميين. ولكنهم لم يهتموا بدفع الخطر الفرنجي على بلاد الشام (الحروب
الصليبية).
ويطلق على عهود سلاطين السلاجقة في العراق ـ
السبعة الأوائل ـ عصر السلاجقة العظام (بين 447-552هـ/1057-1157م) لأن سلطتهم
كانت تمتد من بلاد الشام إلى حدود الصين. أما من جاء بعدهم من السلاطين فقد أشغلتهم
الحروب فيما بينهم، وانفصلت عن سلطتهم بعض المناطق. وكان عصر ثالث السلاطين العظام ملكشاه (465-485هـ/1073-1092م) العصر الذهبي لسلطنة سلاجقة العراق، وقد اهتم
السلطان بالإصلاح ونشر العدل والأمن وشق عددا من الطرق كما خفف بعض الضرائب. وبنى
وزيره المصلح «نظام الملك» عددًا من المدارس في أنحاء مختلفة، وقد دعيت هذه
المدارس بالمدارس النظامية نسبة إليه مما أدى إلى انتشار العلم ولاسيما علمي الفلك
والرياضيات.
استطاع شقيق ملكشاه تتش دخول دمشق عام (468
هـ/1075م). وكان قد سبقه إليها قائده اتسز في العام نفسه وأنهى حكم الفاطميين
فيها. وحاول تتش أن يتوسع في بلاد الشام فدخل حلب (487هـ/1094م) ولما حاول أن
ينازع ابن أخيه بركيارق بن ملكشاه (487-498هـ/1094-1104م) على السلطنة. قُتل في
إيران عام 488 هـ/1095م قرب الري وخلف تتش على حكم حلب ابنه رضوان كما حكم ابنه
الآخر دقاق دمشق. وخلف دقاق عند وفاته عام 497هـ/1105م قائد جيشه طغتكين وبه يبدأ
حكم الأتابكة بدمشق. كما انتقل حكم حلب عند وفاة رضوان (507هـ/1113م) إلى واحدٍ
من أتابكته. وكان سلاجقة الشام قد أسهموا في قتال الفرنجة في الحملة الصليبية
الأولى.
أما سلاجقة كرمان في جنوب غربي إيران فيعود
تأسيسها إلى أحد أمراء السلاجقة ويدعى قاورت بن داود. بن ميكائيل في حاضرته التي
تحمل الاسم نفسه (كرمان) من أيام ثاني السلاجقة العظام ألب أرسلان (455-465هـ/1063-1072م)
وانفصل قاورت عن السلطة السلجوقية عام 433هـ/1041م وأسس سلالة حاكمة فيها،
وتوالى على الحكم فيها أحد عشر أميراً إلى أن انتقل الحكم إلى أحد أتابكتهم عام
619هـ/ 1222م. وقد اهتم سلاجقة كرمان بإعمار المنطقة وبالزراعة، ولاسيما زراعة
النخيل وتربية المواشي.
وكان النصر الذي أحرزه ألب أرسلان عام 465هـ/1071م على البيزنطيين وأسره الامبراطور البيزنطي في معركة ملا ذكرت، بين بحيرة وان
ومدينة أرض روم، سبباً في قيام دولة سلجوقية جديدة في آسيا الصغرى (الأناضول)، كان
حاكمها الأول سليمان بن قتلمش ابن عم ألب أرسلان (470-479هـ/1077-1086م). وتعززت
الدولة الجديدة بما كان يصل إلى الأناضول من قبائل تركية. وبدأت منذ ذلك الحين
آسيا الصغرى تتحول من رومية بيزنطية إلى تركية.
استطاع حكام سلاجقة الأناضول انتزاع المزيد من
الأراضي من  البيزنطيين واتخذوا لأنفسهم مدينة قونية عاصمة لهم وكانت دولة سلاجقة
الأناضول أطول عمراً من بقية دول السلاجقة إذ استمر حكمها بين (470-700هـ/1077-1300م)،
توارث الحكم في هذه المدة بعد المؤسس سبعة عشر حاكماً.
وغزا المغول دولة سلاجقة الأناضول في عامي
639هـ/1241م و640هـ/1241م، وعلى الرغم من اعتراف سلاجقة الأناضول بالتبعية إلى الخاقان
المغولي، فقد أخذ الإيلخانيون، خلفاء المغول في إيران والعراق، يتدخلون في شؤون
أمراء سلاجقة الأناضول وفض النزعات التي كانت تنشأ بينهم على وراثة العرش، كما
حاولت سلطنة المماليك التدخل في آسيا الصغرى سعياً وراء تحديد نفوذ الإيلخانيين
فيها. وأرسل السلطان الظاهر بيبرس حملة إلى الأناضول عام 675هـ/1277م، وعلى الرغم
من نجاح الحملة في إدراك النصر عند مدينة إبلستين غرب ملطية. إلا أن الحملة لم
تستطع أن تحتفظ بنصرها واضطرت إلى الانسحاب.
ولفظت دولة السلاجقة في الأناضول أنفاسها
الأخيرة على يد قبيلة تركية جاءت من أواسط آسيا وهي التي أقامت فيما بعد الدولة
العثمانية.
نفوذ السلاجقة في عهد الخلافة العباسية

وصول آل سلجوق إلى السلطنة يعود أصل آل سلجوق إلى الغز من الترك وهي عشيرة كانت تقيم في بلاد تركستان تحت حكم ملك الترك. تنسب إلى سلجوق بن تقاق توفي عن عمر 170 سنة، ظهرت عليه علامات النجابة فقربه ملك الترك إليه ثم خافَه وأحس سلجوق بذلك فجمع عشيرته وهاجر إلى ديار الإسلام واعتنق الإسلام وصار يشن غارات على بلاد الترك واستعان السامانيون بسلجوق في رد غارات الترك على بلادهم. استمر الحال حتى كان من أحفاده طغرل بك محمد، وداود جعفر بك، اللذين أصبح لهما السلطان بعد ذلك على عشيرتهما فانتقلا بمن معهما إلى قرب بخاري، حيث أقاموا هناك، ولكن أمير بخاري خافهما فسارا إلى تركستان عند ملكها بوغراخان، ثم حدث بينهم خلاف انتهى باعتقال طغرل بك، ولكن داود استطاع أن يداهم بوغراخان ويستنقذ أخاه طغرل بك، ثم انتقلوا إلى بلاد الدولة السامانية حيث استقروا هناك، ولكن الدولة السامانية كانت في آخر أيامها، وقد برزت قوة جديدة هي قوة الغزنويين فاصطدموا معهم... وانتهى الصدام بًاسر أرسلان سلجوق عم طغرل بك، ثم حدث صلح بين السلاجقة والغزنويين، بحيث تولى عماد السلاجقة إمرة بعض المدن والمناطق وأطلق سراح عمهم أرسلان. وفي سنة 429هـ رجع الخلاف بين الغزنويين والسلاجقة وتمكن طغرل بك أن يستولي على مرو، وذكروا اسمه في خطبة الجمعة باسم ملك الملوك. وفي سنة 432هـ استولى طغرل بك على نيسابور وعلى جرجان وطبرستان، ثم في سنة 433هـ ضم كرمان وبلاد الديلم. وفي سنة 434هـ استولى على خوارزم، وانتقل الصراع فأصبح مع البويهيين، فدخل طغرل بك أصبهان، ثم تم الاتفاق معهم وتزوج طغرل بك ابنة أبى كاليجار البويهي، كما تزوج أبو منصور ابن أبي كاليجار ابنة داود أخو طغرل بك سنة 4399هـ. انتقل طغرل بك إلى الصراع مع الروم فقاتلهم وانتصر عليهم، وعقد معهم هدنة، واشترط فيها أن يبني مسجد بالقسطنطينية فبنوه، وأقيمت فيه الصلاه وخطب لطغرل بك فيه. تقاسم السلاجقه البلاد الواسعة التي بحوزتهم فيما بينهم، وانتخب ملكًا عليهم جميعًا طغرل بك، ولم يكن له أولاد واتخذ مدينة الري حاضرة له، وقد اختير ابن اخيه ألب أرسلان بن داود ليكون مع عمه طغرل بك مساعدًا له، ونتيجة ما قدَّم طغرل بك من خدمات ونتيجة مراسلاته مع الخليفة فقد ذكر اسمه في الخطبة وعلى السكة قبل السلطان البويهي، ثم استأذن طغرل بك على الخليفة القائم ودخل مدينة بغداد سنة 4477هـ، وطلب الخليفة القائم من السلطان البويهي أن يتبع ويخضع لطغرل بك، وبذا انتهى عهد البويهيين وجاء دور السلاجقة. كان الخليفة قد تزوج خديجة بنت داود أخي طغرل بك سنة 454هـ، ثم خطب طغرل بك ابنة الخليفة وتزوجها بعد امتناع من الخليفة، واتجه طغرل بك إلى الري فمرض في الطريق، ثم توفي سنة 455هـ بعد أن وصل إلى الري. لقد استطاعت هذه العشيرة أن تستولي على جُلِّ ما ملكه المسلمون، وقد انقسمت إلى خمسة بيوت. صراع الشيعة والسنة في صفر سنة 443هـ وقعت حرب بين الشيعة والسنة، فقتل من الفريقين خلق كثير، وذلك أن الشيعة نصبوا أبراجًا وكتبوا عليها بالذهب: (محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبي فقد كفر). فأنكرت السنة إقران على مع محمد r في هذا، فنشبت الحرب بينهم واستمر القتال بينهم إلى ربيع الأول، وأحرقت قبور بني بويه وقبر جعفر بن المنصور، ومحمد الأمين، وأمه زبيدة، وقبور كثيرة جدًّا، وانتشرت الفتنة وتجاوزوا الحدود، وقد قابلهم أولئك الرافضة الشيعة أيضًا بمفاسد كثيرة، وبعثروا قبورًا قديمة وأحرقوا من فيها من الصالحين، وكادوا أن يحرقوا قبر الإمام أحمد، وتسلط على الرافضة عيار يقال له القطيعي، وكان يتبع رءوسهم وكبارهم فيقتلهم جهارًا وغيلة، وعظمت المحنة بسببه جدًّا، ولم يقدر عليه أحد، وكان في غاية الشجاعة والبأس والمكر. استمر الحال حتى سنة 448هـ، وهي السنة التي بدأ فيها ملك آل سلجوق. يقول ابن كثير: "...وفي هذه السنة ألزم الروافض بترك الأذان (بحي على خير العمل) وهي بدعة أحدثوها، وأمروا أن ينادى مؤذنهم في أذان الصبح، بعد حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين، وأزيل ما كان على المساجد من كتابة: (محمد وعلي خير البشر)، ودخل المنشدون من باب البصرة إلى باب الكرخ (الكرخ معقل الرافضة) ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة، وقد كانوا لا يستطيعون ذلك؛ لأن بني بويه كانوا حكامًا، وكانوا يقوون الشيعة وينصرونهم، فزالوا وبادوا وذهبت دولتهم، وجاء بعدهم قوم آخرون من الأتراك السلجوقية الذين يحبون أهل السنة ويوالونهم ويرفعون قدرهم والله المحمود، أبدًا على طول المدى". فتنة البساسيري ظهرت فتنة عظيمة سنة 450هـ، وهي محاولة الفاطميين الاستيلاء على بغداد، ونفي الخليفة العباسي إلى حديث عانة بمساعدة أرسلان أبو الحارس البساسيري التركي. كان البساسيري من مماليك بهاء الدولة، وكان أولاً مملوكًا لرجل من أهل مدينة بسا، فنسب إليها فقيل له البساسيري، وتلقب بالملك المظفر ثم كان مقدمًا كبيرًا عند الخليفة القائم بأمر الله، لا يقطع أمرًا دونه، وخطب له على منابر العراق كلها، ثم طغى وبغى وتمرد، وخرج على الخليفة والمسلمين، وفي هذه الفترة كان هناك نزاع بين الملك طغرل بك وأخيه إبراهيم، في نفس الوقت كان البساسيري هذا ومعه قريش بن بدران أمير العرب يتوجهان إلى الموصل، ونجحا في أخذها.. فسار إليها طغرل بك سريعًا فاستردها، وهربا منه فتبعهما إلى نصيبين، وهرب إبراهيم أخو طغرل إلى همذان وعصى عليه، فسار طغرل وراء أخيه وترك عساكره وراءه، فتفرقوا وقلَّ من لحقه منهم. انتهز البساسيري هذه الفرصة وقصد بغداد وليس بها أحد من المقاتلة، ولما علم الناس بقدومه تنادى الناس: من أراد الرحيل من بغداد فليرحل، فانزعج الناس وبكى الرجال والنساء والأطفال.. حتى إن الخليفة نفسه قد هم بالرحيل ولكنه آثر البقاء في قصره مع النصح له بأن الأفضل أن يرحل لعدم المقاتلة.. حتى كان يوم 8 من ذي القعدة سنة 450هـ جاء البساسيري إلى بغداد، ومعه الرايات البيض المصرية، وعلى رأسه أعلام مكتوب عليها اسم الخليفة الفاطمي، فتلقاه الشيعة أهل الكرخ، وجمع البساسيري اللصوص ومنّاهم بنهب دار الخليفة، ونَهَب الشيعة دور أهل السُّنَّة، وأعيدت عادات الشيعة وبدعهم.. ووجد الخليفة نفسه محاصرًا وحوله زمرة قليلة من العباسيين، فطلب الأمان من أمير العرب قريش فأمّنه. ولما علم بذلك البساسيري اغتاظ ولامه لومًا عنيفًا على إعطائه الأمان للخليفة، ثم اتفقا على إخراج الخليفة من بغداد إلى أمير حديثة عانة[1]، وهو مهارش بن مجلي الندوي وهي من بني عم قريش بن بدران، وعبثًا ألح الخليفة على قريش أن لا يخرجه من بغداد فلم يفد ذلك شيئًا، وأخرج الخليفة في هودج إلى حديثة عانة، فكان عند مهارش عامًا كاملاً، وليس معه أحد من أهله وذلك في ذي القعدة سنة 450هـ. وأمر البساسيري بالخطبة للخليفة المصري، والروافض في غاية السرور وانتقم البساسيري من أعيان أهل بغداد انتقامًا عظيمًا. القضاء على البساسيري ودخلت سنة 451هـ والحال على ما هي عليه، بيد أن السلطان طغرل قد انتهى من منازعة أخيه إبراهيم وقتله، وتفرغ للقضاء على البساسيري. فأرسل إلى أمير العرب يتهدد ويتوعد، فتحالف معه على البساسيري.. وتوجه السلطان طغرل إلى بغداد، وكان يوم دخوله إليها يومًا مشهودًا، وأرسل السلطان إلى الخليفة مراكب كثيرة، فلما وصل الخليفة النهروان خرج السلطان لتلقيه، فلما دخل سرادق الخليفة قبَّل الأرض بين يد الخليفة سبع مرات، وكان يومًا عظيمًا. ثم خرج السلطان خلف البساسيري الذي هرب إلى واسط، فاقتتلوا هنالك وانهزم أصحاب البساسيري، وتبعه بعض الغلمان فقتلوه، وحملت رأسه إلى بغداد وانتهت بذلك فتنته. معركة ملاذ كرت توفي طغرل بك سنة 455هـ في خلافة القائم وتولى الأمر بعده السلطان عضد الدولة أبي شجاع ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق. وفي سنة 463هـ أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرخ والفرنج، وعدد عظيم بلغ مائتي ألف وعُدَد، ومن عزمه -قبحه الله- أن يبيد الإسلام وأهله، أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد واستوصى نائبها بالخليفة خيرًا... والقدر يقول: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]، فالتقاه السلطان ألب أرسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفًا بمكان يقال له الزهوة في يوم الأربعاء 255من ذي القعدة، وخاف السلطان من كثرة جند الروم، فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال، حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين، فلما كان ذلك الوقت وتواجه الفريقان، نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل، ومرَّغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره، فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأسر ملكهم أرمانوس، أسره غلام رومي!! مميزات عهد ألب أرسلان كان عهد ألب أرسلان كله عهد نمو وارتقاء في دولة السلاجقة لا بالبسيف وحده، بل للعلم أيضًا، فإن الملك أسس في عهده أول المدارس النظامية ببغداد، وقد تم بناؤها سنة 458هـ، ودرس فيها شيخ الشافعية بالعراق بل وبغيرها وهو الشيخ أبو إسحاق الشيرازي. وفاة ألب أرسلان وفي سنة 465هـ توجه ألب أرسلان قاصدًا بلاد الترك فعبر نهر جيجون، ولكن عاجلته منيته، حُكِيَ أنه قال وهو يقرب من الموت: "ما كنت قط في وجه قصدته ولا عدو أردته إلا توكلت على الله وطلبت منه النصر، وأما في هذه النوبة، فإني أشرفت من تل عالٍ فرأيت عسكري فقلت أين من له قدرة بمصارعتي ومعارضتي، وإني أصل بهذا العسكر إلى بلاد الصين، فكان ما أراد الله..". وفاة الخليفة القائم ثم تولى بعده جلال الدولة أبو الفتح ملك شاه، وفي 13من شعبان سنة 467هـ توفي الخليفة القائم بأمر الله. يقول ابن كثير في وصف القائم: (…ولم يبلغ أحد قبله هذه المدة، كان فصيحًا ورعًا زاهدًا كثير الإحسان إلى الناس رحمه الله، وقد كان من خيار بني العباس دينًا واعتقادًا ودولة، وقد امتحن من بينهم بفتنة البساسيري التي اقتضت إخراجه من داره ومفارقته لأهله وأولاده ووطنه، فأقام بحديث عانه سنة كاملة ثم أعاد الله تعالى عليه نعمته وخلافته…). 

من هم السلاجقة؟، وكيف وصلوا إلى دفة الحكم في العالم الإسلامي؟.
ينحدر السلاجقة من قبيلة قنق التركمانية، وتمثل مع ثلاث وعشرين قبيلة أخرى مجموعة القبائل التركمانية المعروفة بالغز، وفي منطقة ما وراء النهر تركستان حالياً- استوطنت عشائر الغز وقبائلها الكبرى تلك المناطق وعرفوا بالترك أو الأتراك, ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي بالانتقال من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغرى.
دخلت هذه العشيرة في الإسلام أثناء عهد زعيمها ومؤسِّس السلالة سلجوق بن دقاق ـ كما أسلفنا ـ سنة (960م). فدخلوا بعدها في خدمة القراخانات حُكَّام بلاد ماوراء النهر، وحازوا نفوذاً عالياً في دولتهم وبحلول القرن الخامس الهجري كانت قوة السلاجقة قد تعالت وأصبحوا دولة قوية، وصاروا يغيرورن على المدن فيقتلون ويدمرون وينهبون مما أثار قلق محمود الغزنوي حاكم الدولة الغزنوية في بلاد الهند وفارس، فقام بشن حملة عليهم (عام 415هـ)، انتهت بالقبض على سلطانهم أرسلان بن سلجوق وعدد كبير من أتباعه وأرسلوا إلى السجن فمات أرسلان في السجن بعد أربع سنوات، لكن ذلك لم يردع السلاجقة عن غيهم واعتداءاتهم فعادوا إلى سيرتهم الأولى فخرجوا عام (419هـ) عن سيطرة محمود، فأرسل إليهم بعض الجنود لكنهم هُزموا وتابع السلاجقة سيرهم عبر بلاد ما وراء النهر، فدمّروا ونهبوا العديد من المدن، فأرسل إليهم محمود الغزنوي أمير طوس الذي أستمر بملاحقتهم سنتين في تلك البلاد. لكن في عام (421هـ) توفي محمود دون أن يَقضي على السلاجقة، فسار ابنه مسعود بن محمود إليهم حيث طلبوا الصلح، وبهذا توقف النزاع بين الطرفين لفترة قصيرة. وما إن سار مسعود إلى الهند لقمع حركة مناهضة لحكمه حتى ثار السلاجقة مُجدداً، فأرسل إليهم جيشاً التقوا معه في نيسابور وهزمهم، ولذلك انسحبوا إلى الري فنشبت بينهم وبين مسعود معركة أخرى واستطاع أن يَهزمهم ويخضعهم.
ولم تؤد كل هذه الحروب التي قادها أتباع أرسلان مؤداها لتحقيق أطماح السلاجقة في الحكم فكانوا يُهزمون المرة تلو الأخرى، حتى جاء دور طغرل بك بن ميكائيل - ابن أخي أرسلان - الذي قاد حروب السلاجقة بعد ذلك وقام بتأسيس الدولة السلجوقية، ولم تنفع كل المحاولات العسكرية والسياسية لإيقاف السلاجقة عند حدهم فإضافة إلى الحملات العسكرية التي قام بها مسعود ومن قبله أبوه محمود إلا أنهم كانوا يجمعون صفوفهم مرة أخرى ليعاودوا القتال، كما كانت هناك محاولة من قبل علي تكين صاحب بخارى لتفريق شملهم وضرب بعضهم ببعض لكن هذه المحاولة فشلت أيضاً، ويروي ابن الأثير في كامله في حوادث سنة (432هـ) ص(238) أخبار هذه المحاولة فيقول (إن علي تكين صاحب بخارى أعمل الحيل في الظفر بهم فأرسل إلى يوسف بن موسى بن سلجوق وهو ابن عم طغربلك محمد، وجغري بك داود ووعده الإحسان وبالغ في استمالته وطلب منه الحضور عنده ففوّض إليه علي تكين التقدم على جميع الأتراك الذين في ولايته وأقطعه إقطاعاً كثيرة، ولقب بالأمير اينانج بيغو، وكان الباعث له على ما فعله به وبعشيرته وأصحابه على طغرلبك وداود ابني عمه ويفرق كلمتهم ويضرب بعضهم ببعض فعلموا مراده فلم يطعه يوسف إلى شيء مما أراده منه فلما يئس منه قام بقتله)
كبر قتل يُوسف على طغرل، فجمع عشائره ولبسوا ثياب الحداد وجمع ما استطاع من الترك للثأر، وجمع علي تكين جيوشه أيضاً، ثم التحم الجيشان وهُزم جيش علي. وبعد ذلك استمر طغرل بملاحقته، فجمع علي كل جيوشه وكل من استطاع من الأتراك والتقى مع جيوش طغرل في معركة ضخمة عام (421هـ) هُزم فيها طغرل وقتل الكثير من جنده، ولم يَعد طغرل قوياً كفاية بعد هذه الهزيمة فراسل مسعوداً بن محمود لما كان ذاك في طبرستان طلباً للصلح، فاستغل مسعود هذه الفرصة وقبض على رسل طغربلك كي لا يَعودوا بأخباره إلى طغرل ثم جمع جيشاً جراراً وسار إليهم وفاجأهم فألحق بهم هزيمة كبيرة.
واستمرت الحرب في السنوات اللاحقة بين الطرفين حتى عام (1037م/429 هـ)، فالتقى جيش طغرلبك بجيش الغزنوبيين عند باب مدينة سرخس في إقليم خراسان الكبرى وانتصر عليهم انتصاراً حاسماً وشتت شملهم وطاردهم في كل مكان وغنم أموالهم، فكانت هذه الموقعة كما يقول ابن الأثير: (هي التي ملك السلجوقيون بعدها خراسان ودخلوا قصبات البلاد) حيث استولى طغرلبك على ومرو حاضرة خراسان وذكر اسمه في خطبة الجمعة بلقب ملك الملوك، وفي هذا الشهر استولى طغرلبك على نيسابور وأقيمت له الخطبة على منابرها وذكر اسمه مقروناً بلقب السلطان الأعظم، واستقر بدار الإمارة، فكان ذلك هو الظهور الحقيقي للدولة السلجوقية.
وفي سنة (433هـ /1041م) استولى طغرلبك على بلاد الديلم وكرمان، ثم حاصر مدينة أصبهان سنة (438هـ) ولما رأى حاكم أصبهان ألا طاقة له بقتال السلاجقة صالح طغرل بك على مال يؤديه إليه وعلى أن يقيم له الخطبة بأصبهان.
استأنف طغرل تقدُّمه نحو الغرب بعد أن أمَّن خراسان فخاض حرباً مع الدولة البويهية في إيران والعراق، واستغلَّ فرصة استنجاد الخليفة العباسي القائم بأمر الله به ليسير نحو بغداد وينتزعها، وقضى بذلك على الدولة البويهية (التي كانت من أعظم الحواضر في العالم الإسلامي) في سنة (1055م/447 هـ)، واعترف الخليفة به سلطاناً على جميع المناطق التي تحت يده، وأمر بأن يُذكر اسمه في الخطبة.
وكان مما ساعد طغرلبك على دخول بغداد هو الإنشقاق الذي حدث داخل الدولة البويهية فقد كان التنافس على الحكم بين جلال الدولة البيويهي وبين ابن أخيه أبي كاليجار، وخطب لهذا الأخير في بغداد، ونتيجة لهذا التنافس الأسري، فقد دخل السلاجقة بغداد بسهولة.
لكن البويهيين لم ينته حكمهم بهذه السهولة فقد قاد أبو الحارث أرسلان البساسيري، أحد قادة بني بويه تحركاً ضد السلاجقة من مقره في الرحبة فقام بعدة حركات ارتدادية عسكرية، بهدف إخراج السلاجقة من بغداد فنجح في الاستيلاء على الموصل، بعد أن هزم السلاجقة قرب سنجار في عام (448هـ/1056م)، وأخذ يستعد لدخول بغداد، كما أعلن انضمامه إلى الفاطميين وخطب للخليفة الفاطمي الذي أرسل إليه الخلع، مما زاد من إصراره على هدفه.
لكن طغرلبك واجه مشكلة جديدة تمثلت بتمرد قام به أخوه إبراهيم اينال في بلاد الجبل، فاضطر للخروج من بغداد مرة أخرى لقمع هذا التمرد، فانتهز البساسيري ذلك، ودخل بغداد في شهر ذي القعدة (450هـ/ 1058م)، وخطب فيها للخليفة الفاطمي مدة عام كامل، وخرج الخليفة منها إلى عانة ملتجئا إلى قريش بن بدران، وأخذ يراسل طغرلبك يستغيث به.
وتدراك طغرلبك الموقف قبل إمدادات الفاطميين الذين كانوا يخوضون حروبا مع الروم من جهة ومع حلفائهم من جهة أخرى ، فسار طغربلك إلى الموصل بعد أن قضى على تمرد أخيه لوضع حد لثورة البساسيري ضده وبسط نفوذه على ديار بكر مما حدى بالبساسيري إلى الخروج من بغداد عام (451هـ/1059م) ثم قتله جنود طغرل وطافوا برأسه في بغداد، وبسط طغربلك نفوذه على ديار بكر، وعاد إلى بغداد حيث استقبله الخليفة بالترحاب ولقبه (ملك المشرق والمغرب) ويدل هذا التلقيب على أن هذا الخليفة، اعترف لطغرلبك بما أضحى تحت يده من البلاد في المشرق، وكانت تلك إشارة من الخليفة لحث طغربلك على مهاجمة الفاطميين.
وظلت العلاقة القائمة على المصالح السياسية يشوبها الحذر من قبل الخليفة والطمع من قبل السلاجقة ما يقارب ثمانية عشر شهرا، لكن سرعان ما نشب الخلاف بين الطرفين، بسبب محاولة طغرلبك الاستئثار بجميع السلطات في العراق حتى تلك المتعلقة بالخليفة، إضافةً إلى أنه حمل موارد العراق المالية إلى الخزانة السلجوقية، فقد أناب عنه في حكم بغداد، قبل أن يعود إلى عاصمته الري، موظفاً سلجوقياً أطلق عليه اسم (العميد) كما عيّن موظفاً آخر لحفظ الأمن يعرف بـ (الشحنة) يأتمر بأمره، ويتمتع بنفوذ كبير حتى على الخليفة، وترك في بغداد حامية عسكرية، وضمن بعض المدن لخواصه.
كما أن مطامعه في الخلافة لم تقف عند هذا الحد فحاول مد جذوره فيها وتدعيم نفوذه السياسي بأكثر من كل ذلك فخطب ابنة الخليفة أملاً في أن يلد منها ولداً يكون له من شرعية النسب إضافة إلى نفوذ السلاجقة ما يمكّن هذه الأسرة من الإستحواذ على العالم الإسلامي برمته، ولكن الخليفة رفض وبشدة, وأنف أن يخالط نسبه العرق الأعجمي، لكن رفضه خمد أمام إصرار طغرلبك فتم الزواج من ابنة الخليفة عام (455هـ/1063م) وهي السنة التي مات فيها طغرلبك في الري بعد أن بسط نفوذه على إيران والعراق وسوريا وآسيا الصغرى.
لم يُنجب طغرلٌ أولاداً، ولذا فقد أوصى بأن يَحكم من بعده ابن أخيه (سليمان بن داود)، لكن الناس فضلوا (ألب أرسلان) حاكماً لهم فعيّنه وزير طغرل - عميد الملك الكندري - حاكماً للسلاجقة مع أنه كان يَود العمل بالوصية. ومع ذلك فعندما تولى ألب أرسلان الحُكم عزل عميد الملك ثم قتله، وعيّن مكانه نظام الملك الذي كان وزيره قبل أن يَحكم وقد غزا ألب أرسلان الكثير من البلاد الإسلامية وقذف أكثرها بالمنجنيق ودخل جنوده الغزاة من فجوات الأسوار لقتل أهلها ونهبهم كما فعل طغرلبك، وفي عام (465هـ) توفي ألب أرسلان في أرض ما وراء النهر أثناء الغزو وعمره 40 سنة، وأوصى بالحكم بعده لابنه ملكشاه الذي سار على سيرة أبيه، ومن شاء أن يراجع سيرة هؤلاء فليرجع إلى كتب التاريخ ولينظر إلى الفظائع التي ارتكبوها بحق المسلمين.
وبعد حكم هؤلاء السلاطين الثلاثة الذين يعتبرون أقوى حكام الدولة السلجوقية وواضعي دعائمها أصاب الدولة التفكك والإنشقاق ثم آلت إلى السقوط والإندحار.
من كل ما تقدم من هذه السيرة المختصرة للسلاجقة تبرز عدة تساؤلات حول شرعية هذه الدولة فضلا عن تمجيدها من قبل الكثير ممن يُحسبون على الكتاب والمؤلفين و(الدكاترة).
لقد افتتحت هذه الدولة سياستها باستباحة الكثير من المدن المسيحية الآمنة التي كان يستيقظ أهلها على قذائف المنجنيق وتهديم الأسوار فلا يجدون أنفسهم إلا وقد أحيط بهم من كل جانب فيستسلمون للقتل والنهب والسلب والتدمير ومع ذلك تجد من يصف هذه الدولة بدولة السلاجقة العظام العادلة ثم يعزو ذلك إلى الفتح الإسلامي وتوسيع رقعة الإسلام !!!
إن الفتح الإسلامي يكون بالدعوة إلى الإسلام والكلمة الحسنى فالإسلام جاء داعياً وهادياً وليس غازياً فالله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه الكريم بقوله: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ويقول جل وعلا :(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
لقد كانت تلك الغزوات على تلك المدن الآمنة أحد الأسباب المهمة للحروب الصليبية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المسلمين والمسيحيين وأبيدت بسببها مدن كاملة, ثم إذا حق لهؤلاء أن يبررّوا تلك الغزوات بالفتح الإسلامي فما تبريرهم قيام السلاجقة بقتال الغزنويين والهجوم على المدن الإسلامية وقتل أهلها وانتزاعها من الغزنويين وهم مسلمون سُنة؟، إذاً فعلى هؤلاء الدكاترة أن يجدوا مبررا لذلك، هذا إذا افترضنا أن قتل الشيعة من قبل السلاجقة مبررّ ومحللّ بل واجب لأنهم في رأي هؤلاء (الدكاترة) كفار ورافضة؟.
ومن أعجب الأعاجيب أن تجد من يعد من إنجازات هذه الدولة أنها كانت السبب في إطالة عمر الدولة العباسية, وكانت السبب في انقراض دولة البويهيين (الظالمة) التي أهانت الخلافة!، لقد أعماهم الحقد الأعمى ليقرأوا الحقيقة بالمقلوب فالتاريخ يحدثنا أن الدولة البويهية كانت من أعظم الحواضر التي شهدها العالم الإسلامي وبلغت الحياة الثقافية العربية الإسلامية ذروتها، وفي الوقت الذي سادت فيه الحرية الفكرية والدينية في عهد البويهيين حيث يصف الأستاذ حسن أحمد محمود الشريف في كتابه (العالم الإسلامي في العصر العباسي) العصر البويهي بعصر (حرية المذاهب)، عمد السلاجقة إلى إبادة الشيعة والفكر الشيعي بمنع تدريس الفكر الشيعي وقتل علماء الشيعة وبناء المدرسة النظامية التي بُنيت لغرض واحد فقط وهو محو الفكر الشيعي واختاروا للتدريس فيها أشد الناس تعصباً على الشيعة, فلم يكن هم السلاجقة العلم والتعليم، إذ كانوا منهمكين بالغزو والسلب والنهب.
ولننظر إلى أهم (المنجزات العظيمة) للسلاجقة كما عدها الدخلاء على دراسة التاريخ من (دكاترة) الوهابيين والمقتاتين على موائدهم من الذين باعوا ضمائرهم وشرف مهنتهم ولم يتورعوا عن تزييف حقائق التاريخ.
فقد وصف هؤلاء الدولة السلجوقية بالدولة الحامية للإسلام والخلافة الإسلامية والدولة التي أعادت إلى الخلافة هيبتها وحفظت مكانتها وأعادت اعتبارها بعد أن أهانها البويهيون الشيعة !!!
وليت واحد من هؤلاء أشار إلى مصدر تاريخي واحد يدل على قوله هذا، فلا أدري من أي مصدر استقى هذا القول وكل المصادر التاريخية تشير إلى عكس ذلك، ولم يبق سوى مصدر واحد فقط، نعم مصدر واحد في نفوس هؤلاء وهو البغض والحقد الأعمى على الشيعة، فلننظر إلى (هذا المنجز العظيم) الذي وصفوه من خلال الحقائق التاريخية وليقارن القارئ بين قولهم وبين الحقيقة وقد آثرنا نقلها من مصادر السنة.
لقد نقلنا كيفية تعامل طغربلك مع الخليفة في هذا الموضوع وننقل هنا عبارة الدكتور محمد سهيل طقوش من كتابه تاريخ الدولة العباسية (ص241-242) حيث يقول ما نصه: (لكن سرعان ما نشب الخلاف بين الطرفين، بسبب محاولة طغرلبك الاستئثار بجميع السلطات في العراق، حتى تلك المتعلقة بالخليفة، بالإضافة إلا أنه حمل موارد العراق المالية إلى الخزانة السلجوقية، فقد أناب عنه في حكم بغداد، قبل أن يعود إلى عاصمته الري، موظفاً سلجوقياً أطلق عليه اسم (العميد) كما عين موظفاً آخر لحفظ الأمن يعرف بـ (الشحنة) يأتمر بأمره، ويتمتع بنفوذ كبير حتى على الخليفة، وترك في بغداد حامية عسكرية، وضمن بعض المدن لخواصه).
والأدهى من ذلك إجبار الخليفة على تزويجه من ابنته رغم رفضه القاطع ومحاولاته المتكررة للحيلولة دون هذا الزواج لكنه أرغم على ذلك فأي اعتبار أبقى السلاجقة للخلافة؟، ولننظر إلى جانب البويهيين تجاه الخلافة وكيف (أهانوها) كما يقول (الدكاترة)، يقول الأستاذ حسن أحمد محمود الشريف في كتابه (العالم الإسلامي في العصر العباسي) : (إن البويهيين أظهروا احتراما للخليفة في أكثر المواقف والمحافل الرسمية وكانوا أكثر اتباعا للأصول والمجاملات من القادة العسكريين الذين سبقوهم) ويستند الدكتور الشريف في قوله هذا على حقائق من مصادر تاريخية منها قول ابن كثير في البداية والنهاية: (أظهر عضد الدولة من تعظيم الخلافة ما كان دارسا وجدد دار الخلافة حتى صار كل محل آنسا).

سيف الدين قطز .. المملوك الذي أنحنى التاريخ له احتراماً

حياة سيف الدين قطز

سيرة حياة سيف الدين قطز : يملك حياة فريدة ومزيج من الإنجازات والانتصارات وبالمتاعب والمعاناة، فكيف كانت مسيرته وما المتاعب التي واجهها وما إنجازاته؟ بواسطة محمود حسين -يوليو 20, 20161473 سيف الدين قطز .. المملوك الذي أنحنى التاريخ له احتراماً سيف الدين قطز هو أحد أبرز القادة في التاريخ الإسلامي والعربي، يشتهر بقيادته لجيش المسلمين في مواجهة جحافل التتار، وإنه القائد الوحيد الذي استطاع كسر شوكتهم وصد عدوانهم الغاشم، ولكن سيف الدين قطز لم يكن قائداً تقليدياً، فهو لم يرث القيادة أو منصبه كحاكم، بل إنه شق طريقه من السفح حتى بلغ القمة، ورغم إنه كان يلقب بالسلطان المظفر إلا إنه بدأ حياته كمملوك أو أقل. سيف الدين قطز .. من هذا ؟ سيف الدين قطز يملك حياة فريدة فبقدر ما تحفل به من إنجازات وانتصارات، مليئة بالمتاعب والمعاناة، فكيف كانت مسيرته؟ وما المتاعب التي واجهها؟ وما الإنجازات التي حققها؟ أصله ونسبه : سيف الدين قطز وُلِد باسم الأمير محمود بن ممدود الخوارزمي، ولم يتذكر المراجع التاريخية العام الذي وُلِد به بشكل دقيق، ولكن هناك توافق على إن ذلك كان في عام قريب من العام 628هـ الموافق 12311 بالتقويم الميلادي. يرجع أصل سيف الدين قطز إلى بلدة خوارزم، وقد كان من ابناء الطبقة الحاكمة بها، فالسلطان جلال الدين الخوارزمي هو خاله وفي ذات الوقت ابن عم والده، وقد توفي الأمير ممدود أثناء قتاله لجحافل المغول وابنه محمود لا يزال بالمعهد، فلم ينعم برؤياه إلا لأيام قليلة والطفل نفسه لم يفطن إلى ملامح أبيه، وكان ممدود قد أوصى خاله السلطان جليل الدين بإيواء طفله ورعايته حال استشهاده، وهو ما تم فنشأ محمود أو قطز إلى أن بلغ عمر الصبا في قصر خاله جلال الدين الخوارزمي. الإعلانات فارس في سوق العبيد : أحسن السلطان جلال الدين تربية ابن شقيقته سيف الدين قطز والمعروف آنذاك باسم محمود بن ممدود، وكحال الأمراء من ابناء الأسرة الحاكمة، حرص على تعليمه ركوب الخيل في وقت مبكر جداً من عمره، وحين بلغ محمود عمر العاشرة تقريباً كان فارساً بحق، يجيد امتطاء الخيول وتلقى تدريبات مكثفة على استخدام السيوف والأسلحة، ولكن حياته الوردية لم تستمر على ذلك الحال لفترة طويلة، فقد دارت الدائرة على مملكة جلال الدين الخوارزمي، واجتاحتها جحافل التتار فقتلوه ودمروا مُلكه وشردوا شعبه، وكان الأمير محمود بن ممدود من بين من سقطوا أسرى في أيدي التتار، ولقي مصير كافة الغلمان ممن تم أسرهم، إذ تم التوجه بهم إلى أسواق العبيد فتم بيعه هناك إلى واحد من أثرياء الشام. علاقته بالعز بن عبد السلام : أحسن ثري الشام رعاية قطز الصغير رغم إنه عبداً لديه، فلم يهنه أو يقسو عليه، بل -على العكس- اهتم بتعليمه اللغة العربية وأصول كتابتها ونطقها، ولكن أيضاً ذلك الاستقرار الظاهري لم يستمر في حياة سيف الدين قطز لفترة طويلة، إذ توفي الرجل الطيب وكان قطز من ضمن ما ورثه ابنه عنه، وكان ابنه مُتكبر سىء الطباع، فلم يعامله برفق أو إحسان وأهانه وعذبه وفي النهاية باعه لرجل آخر من أثرياء الشام، وكان ذلك الرجل من كبار معاوني الشيخ العز بن عبد السلام، وكان يصحب قطز معه إلى مجالس الشيخ الجليل، الذي أحب قطز وعطف عليه فقربه منه، ولقنه بعضاً مع علوم الدين وحَفظه القرآن الكريم وعلمه الحديث الشريف. الحرب ضد الصليبين : حين اندلعت الحروب الصليبية وبلغت حدود دمشق، استأذن سيف الدين قطز سيده في الانضمام إلى الجيش وقتالهم فأذن له، وأبلي قطز بلاءً حسناً في الحرب جذب له الأنظار، وقيل إنه كان يحارب وكأنه وُلِد فارساً، فقد كان يخفي هويته الحقيقية وبالتالي لم يكن يعلم أحداً إنه وُلِد فارساً بالفعل، وبعد فترة عقد الصالح إسماعيل هدنة مع جيوش الصليبين، فهب حاكم مصر الصالح نجم الدين أيوب لمحاربتهم، وحينها طلب سيف الدين قطز من مولاه أن يبيعه إلى السلطان الصالح، حتى يستمر في جهاده في سبيل الله ومحاربته الصليبيين الطامعين في أوطانه، وقد وافق الثري الشامي على ذلك وأهداه بالفعل إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب. الإعلانات مدرسة المماليك : كان بيع سيف الدين قطز إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب بوابة عبوره إلى دنيا السياسة، حيث عهد به الصالح إلى أحد قادة الجيش من المماليك المقربين منه، وهو الأمير المملوكي عز الدين أيبك، والذي قام بإلحاق قطز بمدرسة المماليك حيث أكمل بها تعلمه للغة العربية، كما تلقى تدريبات مكثفة على أستخدام مختلف الأسلحة وإتقان فنون القتال، وبفضل تلقيه التدريبات القتالية في وقت مبكر في قصر -خاله- السلطان جلال الدين، كان دوماً سابقاً أقرانه متفوقاً عليهم محط أنظار وإعجاب قادته، فقربه عز الدين أيبك منه، وحين لمس فيه الخصال الطيبة من الصدق والأمانة صار أقرب المماليك إليه على الإطلاق. سلطنة مصر : حين اقترب زحف التتار من حدود مصر كان يرأسها السلطان نور الدين المنصور بن أيبك، وكان المنصور صبياً ليس على دراية كافية بطرق إدارة البلاد، وكان من المستحيل أن يقف أمام جحافل التتار، والتي أحدثت أنباء اقترابهم اضطرابات بالغة في البلاد، فقد كان الذعر يسيطر على العامة، وبدأ الأعيان في تصفية أعمالهم والفرار بما يقدرون على حمله من أموال وبضائع، وكان سيف الدين قطز وكبار مصر من القادة والعلماء يدركون هذه الحقيقة، ويدركون طبيعة الخطر الذي يحيق في البلاد، وأثنا مجلس القادة وفي حضور المنصور نفسه، خطب سيف الدين قطز محدثاً الجميع عن ضرورة وجود قائد قادر على إدارة البلاد وإخراجها من محنتها، وضمن الخطاب ذاته أعلن أنقلابه على المنصور ونصب نفسه محله، وقد لقي قرار هذا استحسان وتأييد عدد كبير من قادة المماليك، واصطفوا خلفه بصفته سلطانهم الجديد لمواجهة خطر المغول الوشيك. عين جالوت : رفض سيف الدين قطز التفاوض مع قادة التتار أو المغول، وذلك ليس مكابرة وإنما لعلمه إن مفاوضاتهم يقصد بها إملاء الشروط، كما إنه عرف عن قادتهم الخيانة وعدم الوفاء بالعهود، وكون جيشاً جراراً من الأفراد والفرسان، وقرر الخروج لمجابهة جحافلهم خارج الحدود المصرية، وبالفعل اصطدم معهم بأكثر من معركة كبدهم خلالها خسائر فادحة، أبرزها معركتي عكا وغزة، أما المواجهة الثالثة فقد كانت عند سهل عين جالوت، خريطة معركة عين جالوت

الذي دخله المغول في الثالث من ستبمبر عام 1260م وكان يوافق يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، وكان سيف الدين قطز ومعاونه الظاهر بيبرس متربصين لهم، وفور توغلهم بالطريق هاجمهم جيش المسلمين من كل جانب، ونكلوا بهم وقتلوا أعداداً كبيرة منهم وكانت تلك هي الضربة القاصمة لظهر المغول بحق، فلم تقم لهم قائمة بعدها وانتهى بذلك خطرهم إلى الأبد. مقتله : الأمر الثابت الوحيد هو إن سيف الدين قطز قد قتل بعد معركة عين جالوت بحوالي خمسين يوماً فقط، أما أسباب قتله وحقيقة قاتله فهي محل خلاف بين المؤرخين، ولكن أغلبهم قد توافقوا على إن قاتليه هم جماعة المماليك الحربية بقيادة صديقه الظاهر بيبرس، وإن دافعهم هو الثأر لقائدهم فارس الدين أقطاي الذي كان قطز قد قتله في زمن ولاية أيبك، وهناك رواية أخرى تقول بأن هناك من وشى إلى بيبرس بأن قطز يدبر للخلاص منه، فبادر هو بفتله طمعاً في خلافته في منصب السلطنة. أثره : سيف الدين قطز من الشخصيات التي خلد التاريخ ذكراها في أنصع صفحاته، فهو البطل المغوار الشجاع الذي صد جحافل المغول البربرية، وقضى على أسطورتهم التي طالما أثارت الفزع ونشرت الخراب، وهو من أهم القادة في التاريخ العربي وأكثرهم شهرة، وذلك وفق ما رواه عنه كبار المؤرخين والعلماء ممن عاصروه أو جاءوا في عصور لاحقة عليه، مثل ابن كثير والإمام الذهبي وابن عماد الحنبلي وغيرهم.


من هو قطز؟ سيف الدين قطز .. المملوك الذي أنحنى التاريخ له احتراماًسيف الدين قطز هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين.. اسمه الأصلي محمود بن ممدود وهو من بيت مسلم ملكي.. وهو ابن أخت جلال الدين الخوارزمي.. ملك الخوارزميين المشهور، والذي قاوم التتار فترة وانتصر عليهم ثم هُزِمَ منهم، وفرَّ إلى الهند، وعند فراره إلى الهند أمسك التتار بأسرته فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم. وكان محمود بن ممدود أحد أولئك الذين استرقَّهم التتار، وأطلقوا عليه اسمًا مغوليًّا هو قطز، وهي كلمة تعني الكلب الشرس، ويبدو أنه كانت تبدو عليه من صغره علامات القوة والبأس، ثم باعه التتار في أسواق الرقيق في دمشق واشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ليصبح أكبر قواده كما رأينا. نشأة قطز وقطز رحمه الله كبقية المماليك نشأ على التربية الدينية، والحمية الإسلامية، وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وأنواع الإدارة، وطرق القيادة.. فنشأ شابًّا فتيًّا أبيًّا محبًّا للدين معظمًا له قويًا جلدًا صبورًا.. فإذا أضفت إلى ذلك كونه ولد في بيت ملكي، وكانت طفولته طفولة الأمراء وهذا أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، فإذا أضفت إلى ذلك أن أسرته هلكت تحت أقدام التتار وهذا -بلا شك- جعله يفقه جيدًا مأساة التتار. وليس من رأى كمن سمع.. كل هذه العوامل صنعت رجلاً ذا طراز خاص جدًا، يستهين بالشدائد، ولا يرهب أعداءه مهما كثرت أعدادهم أو تفوقت قوتهم. التربية الإسلامية العسكرية، والتربية على الثقة بالله، والثقة بالدين، والثقة بالنفس كانت لها أثر كبير في حياة قطز رحمه الله. قطز في الحكم وجد قطز أن السلطان الطفل مشغول باللهو عن أمور الحكم، وأن بعض أمراء المماليك يستغلون ذلك في التدخل في أمور الحكم، وجاء ذلك مع قدوم رسل التتار يهددون مصر بالاجتياح؛ فقام بعزله بعد موافقة العلماء، وأعلن نفسه سلطانًا على مصر. بدأ قطز حكمه بمواجهة معضلة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام. لم يكن قطز يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ متشعب الولاءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب لاهٍ عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة سدَّد الله فيها خطاه؛ إذ بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين من أجل بث روح الجهاد في نفوس الشعب، واضطلع سلطان العلماء العز بن عبد السلام بعِظم هذه المهمة، ومعه عدد من العلماء الأجِلاّء الذين تحفظ لهم الأمة مكانتهم. ولم يكن للشعب أن يتبع خطوات العلماء ما لم يكن الحاكم نفسه يفعل ذلك، وقد كان قطز نِعْم الحاكم الذي يوقر العلماء، ويطيعهم؛ لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة. ولكن.. لا بد للجيش من أمراء أكْفاء يقودون الجنود وهم مقتنعون بالهدف والغاية؛ لذا عمل قطز على تجميع الصفوف وتوحيدها، كما أخذ يُحمِّس الأمراء للجهاد في سبيل الله. قطز والثأر من التتار تراصَّ الجميع خلف قطز: شعبًا وأمراءً وعلماءً؛ فبدأ التجهيز العسكري للمعركة، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658هـ، وبشروق الشمس أضاءت الدنيا على فجرٍ جديد انبثق من سهل عين جالوت؛ إذ التقى الجيشان: المسلم والتتري، وقاتل قطز رحمه الله قتالاً عجيبًا. وبعد توكلٍ على الله U، وخطة ذكية من قطز أثبت بها تفوقه على خصمه كتبغا قائد جيش التتار ونائب هولاكو كتب الله U النصر للمسلمين، وبدأت الكفة -بفضل الله- تميل من جديد لصالح المسلمين، وارتد الضغط على جيش التتار، وأطبق المسلمون الدائرة تدريجيًّا على التتار، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا.. وقُتِل كتبغا بيدي أحد قادة المسلمين.  ووصل التتار الفارُّون إلى بيسان (حوالي عشرين كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي من عين جالوت)، ووجد التتار أن المسلمين جادّون في طلبهم، فلم يجدوا إلا أن يصطفوا من جديد، لتدور موقعة أخرى عند بيسان أجمع المؤرخون على أنها أصعب من الأولى، وقاتل التتار قتالاً رهيبًا، ودافعوا عن حياتهم بكل قوة، وبدءوا يضغطون على المسلمين، وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم، وابتلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وكانت هذه اللحظات من أحرج اللحظات في حياة القوات الإسلامية، ورأى قطز -رحمه الله- كل ذلك.. فانطلق يحفز الناس، ويدعوهم للثبات، ثم أطلق صيحته الخالدة: واإسلاماه، واإسلاماه، واإسلاماه. قالها ثلاث مرات، ثم قال في تضرع: "يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار..!!". ما إن انتهى من دعائه وطلبه -رحمه الله- إلا وخارت قوى التتار تمامًا.. وقضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. وأُبِيدَ جيش التتار بكامله، وانتصر الجيش الإسلامي العظيم[1]، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126].

الخميس، 16 مارس 2017

لوحة :نقاش مع دانتي حول الكوميديا الإلهية

نقاش مع دانتي حول الكوميديا الإلهية 
للفنّانين الصينيين جانغ آن، داي دودو ولي تييزي، 2006 
قد تكون القيمة الإبداعية لهذه اللوحة موضع تساؤل وجدل. غير أن من الواضح أنها تتّسم بجدّة موضوعها وطرافة تناولها. وقد انتشرت مؤخّرا على نطاق واسع عبر الانترنت على الرغم من أنها ُرسمت قبل ثلاث سنوات.
صاحب فكرة اللوحة هو الرسّام الصيني داي دودو الذي أشرك معه في رسمها اثنين من زملائه لأن ضخامتها وكثرة الأشخاص والتفاصيل فيها كانت تتطلّب نوعا من الجهد الجماعي. ويبلغ طول اللوحة ستّة أمتار وعرضها ثلاثة. وهي تشبه في ضخامتها واتّساعها، إلى حدّ ما، لوحة رسّام عصر النهضة الايطالي باولو فيرونيزي بعنوان عُرس في قانا الجليل .
وكانت الغاية أن تضمّ اللوحة مائة شخصية تاريخية من عصور وأمكنة مختلفة رأى الرسّامون الثلاثة أنها تمثل الشخصيّات الأهمّ في تاريخ العالم في ميادين الفكر والسياسة والحرب والفلسفة والفنّ والرياضة وغيرها.
وقد استغرق رسمها حوالي السنة، واختار الرسّامون سور الصين العظيم ليكون المكان الذي يجتمع حوله هذا العدد الكبير من الشخصيات.
في اللوحة تظهر الشخصيّات المائة في مشهد رتّبت تفاصيله بعناية. وقد كان في ذهن الفنانين الثلاثة أن يجمعوا كلّ هذه الشخصيات معا في هذا المكان كي يديروا نقاشا افتراضيا مع دانتي اليغييري شاعر القرن الرابع عشر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية.
ويظهر دانتي واقفا في أعلى السور في الزاوية اليمنى من اللوحة، بينما يحيط به الرسّامون الثلاثة الذين يشرفون على الحشد المجتمع أسفل منهم.
وفي خلفية اللوحة يظهر، بالإضافة إلى السور العظيم، صرحان آخران من أشهر صروح العالم القديم: أهرامات مصر وحجارة ستون هنج الأثرية البريطانية.
دانتي يقوم هنا بدور المحاضر أو المعلّم. ويبدو انه اختير لهذه المهمّة لكونه مؤلّف الكوميديا الإلهية؛ الكتاب الذي يعتبره بعض النقاد أعظم عمل أدبي ألّف بالايطالية وواحدا من أهمّ التحف الأدبية العالمية. وهو عبارة عن مجموعة من القصص التي يحكي فيها دانتي عن رحلته المتخيّلة إلى عالم ما بعد الموت ويصف فيه على وجه الخصوص أهوال وعذاب الجحيم.
أما شكل اللوحة وأسلوب بنائها وتوزيع الشخصيات فيها فمن المرجّح أن الرسّامين استوحوه من لوحة رافائيل المشهورة مدرسة أثينا التي صوّر فيها مجموعة من أهم علماء وفلاسفة العالم القديم وهم منخرطون في حلقة نقاش.
لكنْ في هذه اللوحة لا يبدو أن ثمّة الكثير مما يربط الشخصيات بعضها ببعض.
وقد يتساءل شخص، مثلا، عن العلاقة التي يمكن أن تربط سقراط بـ بيل غيتس، أو هتلر بـ بيتهوفن، أو ليوناردو دافنشي بـ ستالين اللذين يشاهدان وهما منهمكان في الحديث مع بعضهما.
ومع ذلك لا تخلو اللوحة من بعض العناصر اللافتة والطريفة. فـ كوفي عنان يظهر وهو يعزف على آلة الفلوت، بينما نرى ليو تولستوي وهو مستغرق في العزف على الأكورديون، فيما بوش الابن ينظر عبر منظار مكبّر وخلفه مباشرة يقف أسامة بن لادن. ولم ينسَ الرسّامون أن يسجّلوا حضور النعجة المستنسخة دوللي التي تقف عند قدمي غاندي.
والذي يدقّق في قائمة الشخصيّات المرسومة في اللوحة لا بدّ وأن يستغرب، مثلا، غياب أشخاص مثل  المسيح وبوذا مقابل حضور أشخاص أقلّ شأنا مثل لاعب الكرة بيليه والمغنّي ايلفيس بريسلي والمخرج ستيفن سبيلبيرغ واعتبارهم من الشخصيات التاريخية.
ثم هناك صورة خوان انطونيو سامارانش مسئول اللجنة الاولمبية العالمية سابقا والذي يبدو أن الرسّامين حشروه في اللوحة عنوةً، مجاملة له على تزكيته ترشيح الصين لاستضافة الاولمبياد الأخير على أراضيها. بعض النقاد قرءوا حضور دانتي في اللوحة وإعطائه دور المعلم قراءة مختلفة. فالمعروف أن الكوميديا الإلهية مكرّسة في جزء كبير منها للحديث عن صورة الجحيم والأهوال التي تنتظر العُصاة والخاطئين فيه. وكأنّ في هذا إشارة تخويف أو رؤية عن "جحيم ما" ينتظر شخصيات اللوحة أو بعضهم.
ومن الملاحظ أيضا أن اللوحة تضمّ صورا لبعض الحيوانات والطيور التي رافقت الإنسان منذ فجر الخليقة، مثل الجمل والثور والنسر بالإضافة إلى صورة لكلب وخروف يقودهما شخص يُحتمل انه النبيّ نوح أو موسى.
ولا بدّ أن يستوقف الناظر إلى اللوحة منظر الرجل الضخم ذي الملامح الصينية الذي يبدو مترنّحا فوق كرسيّه وكأنه يحاذر السقوط إلى الأرض. هذا الرجل بحسب ما يشير إليه اسمه هو "لي باي" الذي يعتبر أشهر شعراء الصين الكلاسيكيين والذي عاش في القرن الثامن الميلادي. وقد كان لي باي من أتباع الطاويّة وعُرف بأشعاره التي تمجّد الحرّية وبشغفه الكبير بالخمر وكثرة الأسفار. ولعلّ رسمه بهذه الطريقة الغريبة له علاقة بالكيفية التي مات بها. إذ يقال إنه غرق في مياه اليانغتسي بعد أن سقط من قاربه ليلا بينما كان يحاول، وهو سكران، الإمساك بالقمر المنعكسة صورته في مياه النهر.
ومن الأشياء الأخرى التي تلفت الانتباه في اللوحة ذلك الصفّ الطويل من الأشخاص الذين يظهرون في أعلاها وهم يرتدون ثيابا بيضاء أشبه ما تكون بالأكفان بينما يأخذون طريقهم باتجاه الأهرامات التي قد تكون رمزا للموت أو الخلود.
ترى هل هؤلاء هم الضحايا؟ قتلى الحروب والمآسي التي جلبها عظماء التاريخ من ساسة وقادة عسكريين؟
أغلب الظنّ أنهم كذلك. ومما يرجّح هذا الاحتمال صورة المرأة التي تقف في نهاية الصفّ خلف بوش الابن  مباشرة وإلى جوار بن لادن، والتي ترفع يديها إلى السماء بالتوسّل والشكوى. ومن الواضح أن الرسّامين استعاروا هذه اللقطة من صورة فوتوغرافية مشهورة للمصوّر الفرنسي هنري بريسون التقطها في أربعينات القرن الماضي لأقارب ضحايا إحدى المذابح الطائفية التي حدثت في مدينة سريناغار الهندية.
وهناك احتمال أن يكون الدافع الأساسي من وراء رسم اللوحة هو محاولة الترويج للثقافة الصينية في العالم. فهناك اثنتان وعشرون شخصيّة صينية في اللوحة, ومعظمهم مجهولون تماما خارج الصين. وربّما لا يُعرف منهم سوى كونفوشيوس ولاو تسو وجنكيز خان وماوتسي تونغ وصن يات-سين ودينغ شياو بينغ.
وما يعزّز هذا الاحتمال طغيان الكثير من جوانب الثقافة الصينية على اللوحة، مثل الطاولات التي غُطيت بخارطة الصين، وقطع الأثاث والنقوش والزخارف الصينية والأواني البرونزية والعتاد الحربي والآلات الموسيقية الصينية.
هناك من يقول إن سرّ شعبية هذه اللوحة واهتمام الناس بها يعود إلى حقيقة أن الناس في هذا العصر الذي تهيمن عليه الميديا واسعة الانتشار مفتونون كثيرا بالشخصيات النجومية وميّالون إلى تمجيد المشاهير بل وحتى إحاطتهم بهالة من التبجيل والقداسة، يستوي في ذلك أكان الشخص المشهور سياسيا أو مغنيّا أو رياضيا أو رسّاما أو ممثّلا أو غير ذلك.
They are perhaps the ultimate dinner party guests. Stalin engages Leonardo da Vinci in conversation, Beethoven serenades Audrey Hepburn on the piano and Shakespeare is sandwiched between Elvis and Mozart. Bill Clinton raises a glass in cheer, while Churchill smokes a cigar and Margaret Thatcher looks on.
And surrounding them all are images of some of Man's defining creations - Stonehenge, the Pyramids and the car.
Who can you spot? Some of the most famous names in Man's history gather together for the ultimate dinner party
Who can you spot? Some of the most famous names in Man's history gather together for the ultimate dinner party
This extraordinary painting by little-known-Taiwanese artists Dai Dudu, Li Tiezi and Zhang An (who appear in the top right of the picture), which also features some Chinese communist leaders and poets little known outside Asia, has become the latest internet hit - with people fascinated by the challenge of trying to identify all 103 figures.
Completed in 2006, it is titled Discussing The Divine Comedy With Dante and seems to be a metaphor for our celebrity-obsessed world. So how many can you recognise? - Answers below!
Spot the figure
Spot the figure

So how many did you recognise?


1. Bill Gates, Microsoft founder
2. Homer, Greek poet
3. Cui Jian, Chinese singer
4. Vladimir Lenin, Russian revolutionary
5. Pavel Korchagin, Russian artist
6. Bill Clinton, former U.S. President
7. Peter the Great, Russian leader
8. Margaret Thatcher
9. Bruce Lee, martial arts actor
10. Winston Churchill
11. Henri Matisse, French artist
12. Genghis Khan, Mongolian warlord
13. Napoleon Bonaparte, French military leader
14. Che Guevara, Marxist revolutionary
15. Fidel Castro, former Cuban leader
16. Marlon Brando, actor
17. Yasser Arafat, former Palestinian leader
18. Julius Caesar, Roman emperor
19. Gen. Claire Lee Chennault, WW II U.S. aviator
20. Luciano Pavarotti, singer
21. George W. Bush, former U.S. President
22. The Prince of Wales
23. Liu Xiang, Chinese Olympic hurdler
24. Kofi Annan, former UN Secretary General
25. Zhang An, the painter
26. Mikhail Gorbachev, former Russian leader
27. Li Tiezi, the painter
28. Dante Alighieri, Florentine poet
29. Dai Dudu, the painter
30. Pele, Brazilian footballer
31. Guan Yu, Chinese warlord
32. Ramses II, Egyptian pharaoh
33. Charles De Gaulle, French general
34. Albert Nobel, Swedish chemist who founded the Nobel prizes
35. Franklin Roosevelt, former U.S. President
36. Ernest Hemingway, American novelist
37. Elvis Presley, American singer
38. Robert Oppenheimer, U.S. physicist
39. William Shakespeare, playwright
40. Wolfgang Amadeus Mozart, composer
41. Steven Spielberg, U.S. film director
42. Pablo Picasso, Spanish painter
43. Marie Curie, physicist and pioneer of radioactivity
44. Zhou Enlai, first Premier of the People's Republic of China
45. Johann Wolfgang Von Goethe, German writer
46. Laozi, Chinese philosopher
47. Marilyn Monroe, American actress
48. Salvador Dali, Spanish painter
49. Dowager Cixi, former ruler of China
50. Ariel Sharon, former Israeli Prime Minister
51. Qi Baishi, Chinese painter
52. Qin Shi Huang, former Chinese Emperor
53. Mother Teresa, Roman Catholic missionary
54. Song Qingling, Chinese politician
55. Rabindranath Tagore, Indian poet
56. Otto Von Bismarck, German statesman
57. Run Run Shaw, Chinese media mogul
58. Jean-Jacques Rousseau, Swiss philosopher
59. Audrey Hepburn, actress
60. Ludwig Van Beethoven, German composer
61. Adolf Hitler, Nazi leader
62. Benito Mussolini, Italian fascist leader
63. Saddam Hussein, former Iraq president
64. Maxim Gorky, Russian writer
65. Sun Yat-Sen, Chinese revolutionary
66. Den Xiaoping, Chinese revolutionary
67. Alexander Pushkin, Russian author
68. Lu Xun, Chinese writer
69. Joseph Stalin, former Soviet Union leader
70. Leonardo Da Vinci, Italian painter
71. Karl Marx, German philosopher
72. Friedrich Nietzsche, German philosopher
73. Abraham Lincoln, former U.S. President
74. Mao Zedong, Chinese dictator
75. Charlie Chaplin, British actor
76. Henry Ford, founder of Ford motor company
77. Lei Feng, Chinese soldier
78. Norman Bethune, Canadian physician
79. Sigmund Freud, Austrian psychiatrist
80. Juan Antonio Samaranch, former International Olympic Committee president
81. Chiang Kai Shek, Chinese general
83. Leo Tolstoy, Russian novelist
84. Li Bai, Chinese poet
82. The Queen
85. Corneliu Baba, Romanian painter
86. Auguste Rodin, French artist
87. Dwight Eisenhower, former U.S. President
88. Michael Jordan, U.S. basketball player
89. Hideki Tojo, former Japanese Prime Minister
90. Michelangelo, Italian Renaissance painter
91. Yi Sun-Sin, Korean naval commander
92. Mike Tyson, American boxer
93. Vladimir Putin, Russian Prime Minister
94. Hans Christian Andersen, Danish author
95. Shirley Temple, American actress
96. Albert Einstein, German physicist
97. Moses, Hebrew religious leader
98. Confucius, Chinese philosopher
99. Ghandi, Indian spiritual leader
100. Vincent Van Gogh, Dutch painter
101. Toulouse Lautrec, French painter
102. Marcel Duchamp, French artist 
(Osama bin Laden, founder of al Qaeda, is behind George W. Bush, no 21)