Translate

الثلاثاء، 31 أكتوبر 2017

ابراهيم الهلباوي جلاد دنشواي أشهر محامي عرفته مصر

ابراهيم الهلباوي جلاد دنشواي أشهر محامي عرفته مصر

نتيجة بحث الصور عن إبراهيم باشا الهلباوي

 
 


إبراهيم الهلباوى جلاد دنشواي   إبراهيم الهلباوي الآخر الذي يضمه الكثيرون إلى الخونة 

وبالرغم من أن الناس عرفوه كأحد أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر، فإن حياته تعد نموذجاً تقليدياً لقصة حياة البطل الذي يخطيء مرةً واحدةً فيهيل على تاريخه التراب، 
ويظل مثل سيزيف يكافح طوال ما تبقى من عمره –دون جدوى- للصعود بالصخرة إلى قمة الجبل، دون أن يغفر له أحدٌ خطيئته في حق الشعب

أحب شعب مصر آنذاك إبراهيم الهلباوي (1858-1940) الذي وصفه عباس محمود العقاد ذات مرةٍ بأنه 
"كان ذا ذلاقة لسانٍ لا تطيق نفسها ولا تريح صاحبها". وكان الهلباوي خطيباً مفوهاً وممثلاً رائعاً يمزج بين العربية الفصحى والعامية البسيطة ويتحرك بخفةٍ ورشاقة، يجبر المحكمة 
على سماعه ويجعل من يسمعه ويراه مشدوهاً بعبقرية هذا الرجل. قال عنه عبد العزيز البشري في "المرآة" 
إنه "شيخ يتزاحف على السبعين إن لم يكن قد اقتحمها فعلاً، عاش مدى عمره يحبه ناس أشد الحب ويبغضه ناس أشد البغض..
إلا أن هؤلاء وهؤلاء لا يسعهم جميعاً إلا التسليم بأنه رجل عبقري"


كان الهلباوي يقف في المحكمة فيهز مصر كلها بفضل حججه القانونية البارعة التي جعلته يدعى أعظم طلاب المرحمة، 
على حد وصف معاصريه..لكنه فشل في طلب الرحمة لنفسه من الشعب في حادثة دنشواي. وعلى امتداد 30 عاماً طويلة حاول أن يكفِرَ عن ذنب ارتكبه، 
لكن الشعب أصم أذنيه لأن الذنب كان من النوع الذي يصعب نسيانه وغفرانه
ففي يوم 20 يونيو حزيران عام 1906، أصدر بطرس باشا غالي ناروز وزير الحقانية بالنيابة قراراً بتشكيل المحكمة المخصوصة لمحاكمة المتهمين في حادثة دنشواي برئاسة بطرس باشا غالي نفسه، 
وعضوية كلٍ من "المستر" هبتر نائب المستشار القضائي، و"المستر" بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والقائمقام لهادلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء 
بجيش الاحتلال، وأحمد فتحي زغلول بك (حمل لاحقاً لقب: باشا) رئيس محكمة مصر الابتدائية وأن يكون انعقادها في شبين الكوم يوم الأحد 24 يونيو حزيران

كان من المقرر أن يحضر إبراهيم الهلباوي التحقيق مع المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي يوم السبت الموافق 16 يونيو عام 1906 
لكنه لم يحضر لعدم عثوره على وسيلة انتقال مباشرة إلى دنشواي ولارتفاع درجة الحرارة في ذلك اليوم

وعلى رصيف القطار في القاهرة، وجد الياور الخاص برئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا يخبره بأن "الباشا" ينتظره في مكتبه لأمرٍ مهم. 
ثم التقى الهلباوي محمد محمود بك رئيس حزب الأحرار الدستوريين فيما بعد، وكان يعمل آنذاك سكرتيراً خاصاً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي "المستر" ميتشل، 
الذي سأله عما إذا كان أحد من المتهمين في حادثة دنشواي قد وكله للدفاع عنه.
.فلما نفى ذلك أخطره بأن الحكومة قد اختارته ليمثلها في إثبات التهمة ضد المتهمين أمام المحكمة المخصوصة،
باعتباره من أكبر المحامين سناً وأقدمية

المفاجأة كانت في حسم الهلباوي تردده وقبوله المهمة، بل وتواضعه في تحديد أتعابه، فمع أنه –كما قال فيما بعد-
"كان يتقاضى 500 جنيه في القضايا الكبرى، فإنه خفض أتعابه في هذه القضية، فقبِلَ أن يترافع فيها ب 300 جنيه فقط"

هذا هو الهلباوي..لا فارق لديه بين أن يدافع عن المتهم ليطالب بتبرئته، أو أن يكون المدعي العام الذي يثبت عليه الاتهام ليطالب بإعدامه

وهكذا استقبل الهلباوي في مكتبه "المستر" موبيرلي المفتش الإنجليزي لوزارة الداخلية لوزارة الداخلية و"المستر" 
مانسفيلد الحكمدار الإنجليزي لبوليس القاهرة اللذين أبلغاه أنهما مكلفان بأن يكونا في خدمته في كل ما يتعلق بقضية دنشواي،
واقترحا عليه أن يحضر التحقيق وأن يشارك في استجواب المتهمين، لكنه اعتذر عن ذلك وفضلَ أن يزور مسرح الأحداث ليعاينه. وفيما بعد، قال الهلباوي – 
في معرض تبرير سقطته- إن قبوله القيام بدور المدعي العام قد مكَنه من صد المحاولات 
الإنجليزية التي استهدفت تضخيم الحادثة (مذكرات إبراهيم الهلباوي: تاريخ حياته، إبراهيم الهلباوي بك (1858-1940)، تحقيق عصام ضياء الدين؛ تقديم د. عبد العظيم رمضان)

ودنشواي هي قرية تقع في مركز الشهداء، شبين الكوم بمحافظة المنوفية، ويُعتقد أن الاسم مشتقٌ قديماً من دير جواي ثم تحول إلي دنجواي

وتعود بدايات الحكاية إلى عام 1906 حين صدرت أوامر الحكومة في مصر إلى عُمد بعض البلاد

بمساعدة فرقة تابعةٍ للاحتلال البريطاني آنذاك مكونة من خمسة جنود ممن كانوا يرغبون في صيد الحمام ببلدة دنشواي المشهورة بكثرة حمامها كما اعتادوا
وفي نهار صيفي عادي في يوم الأربعاء الموافق 13 يونيو حزيران كان هؤلاء الجنود الإنجليز بقيادة الميجور كوفين 
يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة ومعهم الأومباشي زقزوق والترجمان عبد العال. وكان الميجور مغرماً بصيد الحمام فأقنع رجاله 
- وهم: الكابتن بول، الملازمان بورثر وسميث، الطبيب البيطري الملازم بوستك - بأن يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي

وكان كوفين وبول وبوستك يطلقون الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق الزراعي، 
ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر وسميث داخل القرية حيث كان الحمام عند أجران الغلال يلتقط الحب. 
ويصوب بورثر بندقيته إلى جُرن الحمام الخاص بالشيخ محمد عبد النبي مؤذن البلدة، فتفقد زوجة الشيخ وعيها بعد أن أصابها عيار طائش

وتفيد المصادر المختلفة بأن مؤذن البلدة جاء يصيح بهم كي لا يحترق التبن في جُرنه، لكن أحد الضباط لم يفهم منه ما يقول 
وأطلق عياره فأخطأ الهدف وأصاب المرأة، وتدعى أم محمد. واشتعلت النار في التبن، فهجم الرجل على الضابط وأخذ يجذب البندقية
وهو يستغيث بأهل البلد صارخاً "الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن، الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن"،
فأقبل الأطفال والنسوة والرجال صائحين "قتلت المرأة وحرقت الجُرن"، وهرع بقية الضباط الإنجليز لإنقاذ صاحبهم

وفي هذا الوقت وصل الخفراء للنجدة كما قضت أوامرهم، فتوهم الضباط على النقيض بأنهم سيفتكون بهم فأطلقوا عليهم الأعيرة النارية وأصابوا بعضهم فصاح الجمع "قتل شيخ الخفر"
وحملوا على الضباط بالطوب والعصي، فألقى الخفراء القبض عليهم وأخذوا منهم الأسلحة إلا اثنين منهم وهما "كابتن" 
الفرقة وطبيبها اللذين أخذا يعدوان تاركين ميدان الواقعة وقطعا نحو ثمانية كيلومترات في الحر الشديد حتى وصلوا إلى بلدة سرسنا، فوقع "الكابتن"
بول مطروحاً على الأرض ومات بعد ذلك متأثراً بضربة شمس إثر عدوه لمسافة طويلة تحت أشعة الشمس

عندها تركه زميله الطبيب وأخذ يعدو حتى وصل إلى المعسكر، وصاح بالعساكر فركضوا إلى حيث يوجد الكابتن،
فوجدوه وحوله بعض الأهالي، فلما رآهم الأهالي لاذوا بالفرار، فاقتفى العساكر أثرهم وألقوا القبض عليهم إلا أحدهم –ويدعى سيد أحمد سعيد -
هرب قبل أن يشد وثاقه واختبأ في فجوة طاحونةٍ تحت الأرض فقتله الإنجليز شر قتلة

وكان رد الفعل البريطاني قاسياً وسريعاً، فقد قدم 52 فلاحاً مصرياً للمحاكمة بتهمة القتل المتعمد

وهنا جاء دور الهلباوي في تلك المسرحية الهزلية

فقد استخدم الهلباوي دهاءه لتكييف واقعة اعتداء الفلاحين بالضرب على الضباط الإنجليز 
بحيث يثبت أن الحريق الذي وقع في الجُرن نتيجة رصاص الضباط الإنجليز أثناء رحلة الصيد في دنشواي،
هو حادثٌ تالٍ للاشتباك بين الفلاحين والضباط –وهذا لم يكن صحيحاً- 
بل زعم الهلباوي أن الضباط الإنجليز لم يكونوا أصلاً السبب في حدوث حريق الجُرن..
وأشار إلى أنه حريقٌ متعمد اصطنعه الفلاحون ليخفوا أدلة سبق إصرارهم وتعمدهم التحرش بالضباط الإنجليز والاعتداء عليهم بالضرب
وهكذا تمكن الهلباوي من تبرئة الضباط الإنجليز من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، في حين زاد من مسؤولية الفلاحين عن الحادثة. 
واتخذ الهلباوي من نجاح الفلاحين في إخماد النيران في الجُرن في غضون ربع ساعةٍ فقط دليلاً على أن الفلاحين هم الذين أطفأوا النيران بعد أن أشعلوها

ولم يبق في إثبات ركن سبق الإصرار على القتل والشروع فيه سوى إثبات أن فكرة القتل لم تكن عرضيةً وغنما كانت نيةً مبيتة

وصوّر الهلباوي الأمر أمام المحكمة وكأن الفلاحين رتبوا الأحداث بحيث صمموا على قتل الإنجليز إذا جاءوا للصيد في قريتهم. 
وكان الملازم بورثر قد ذكر أثناء إدلائه بأقواله أمام المحكمة 
أن المتهم التاسع عبد المطلب محفوظ قد حماه هو وزملاءه من العدوان عليهم، وقدم إليهم المياه ليشربوا، وهي شهادةٌ كانت كافية لتبرئته

وعندما جاء الدور على الشاهد فتح الله الشاذلي نجل عمدة دنشواي، 
ورد في أقواله هو الآخر أنه قد قدم الماء للضباط..فتنبه الهلباوي إلى نقطةٍ جزم بأنها فاتت على الملازم بورثر، 
ووقف ليقول إنه يلاحظ شبهاً كبيراً في الملامح بين المتهم عبد المطلب والشاهد فتح الله، وإنه يعتقد أن الأمر قد اختلط على الملازم بورثر.
.فاستدعت المحكمة الضابط الإنجليزي الذي حسم الامر، وقال إن الذي سقاه هو ابن العمدة وليس المتهم. 
وبذلك حرم الهلباوي المتهم التاسع من فرصته للنجاة من الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبده

وعلى هذا النهج يروي لنا صلاح عيسى في كتابه "حكايات من دفتر الوطن" كيف بذل إبراهيم الهلباوي جهداً ضخماً في تفنيد كل ما جاء في أقوال المتهمين والشهود
ليهدم كل واقعةٍ يمكن أن تتخذ ذريعةً للتخفيف عن المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي، وليثبت للمحكمة أن الحادثة ارتكبت عمداً ومع سبق الإصرار، 
حتى يفوز بما كان قد اتفق عليه مع سلطات الاحتلال ويعطي المحكمة مبرراً للحكم بالإعدام على المتهمين

بل إنه فند التقارير الطبية التي قالت إن الضحية الوحيدة في الحادثة وهو الكابتن البريطاني بول، 
قد مات متأثراً بضربة شمس، وأكد أن موت بول بضربة شمس لا ينفي أن المتهمين هم الذين قتلوه لأنهم هم الذين ضربوه، 
وألجأوه إلى الجري تحت أشعة الشمس اللاهبة. أ
ضف إلى ذلك أن الهلباوي اتهم المتهم البريء حسن محفوظ بأنه "لم يكدر قريةً بل كدر أمةً بأسرها بعد أن مضى علينا 25 عاماً ونحن مع المحتلين في إخلاصٍ واستقامة وأمانة.. 
أساء إلينا وإلى كل مصري..فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيمٍ عاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده"

وبذلك قتل الهلباوي شعبه كله بعد أن صدر الحكم بإعدام أربعة متهمين
-هم: حسن علي محفوظ‏,‏ 
يوسف حسني سليم‏,‏ 
السيد عيسى سالم 
ومحمد درويش زهران-
‏ والجلد‏50‏ جلدة على 12 متهماً،
والأشغال الشاقة لباقي المتهمين

وفي الثانية من ظهر يوم ‏28‏ يونيو حزيران جرى تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، بعد محاكمةٍ استمرت بضعة أيام فقط وأمام أعين الأهالي.
وتقول جريدة "المقطم" يوم ‏18‏ يونيو حزيران عام ‏1906‏ إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏

وعن جدارةٍ استحق الهلباوي لقب جلاد دنشواي" الذي أطلقه عليه الشيخ عبد العزيز جاويش


عاش الهلباوي 34 عاماً بعد تلك المأساة، 
ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين الذين لم ينسوا له دوره في تلك المحاكمة، 
بالرغم من محاولته التكفير عن ذلك،
وحورب حرباً شديدة من الناس وخصومه وأصدقائه، 
وطارده لقب "جلاد دنشواي" في كل مكان.
وكانت له كلمته الشهيرة: "ما أتعس حظ المحامي وما أشقاه.. يعرض نفسه لعداء كل شخص يدافع ضده لمصلحة موكله
فإذا كسب قضية موكله، أمسى عدواً لخصمه دون أن ينال صداقة موكله"
لكن إبراهيم الهلباوي لم يكن الخائن الوحيد لمصر في حادثة دنشواي،
فقد كان هناك اثنان آخران 
أولهما بطرس باشا غالي (1846-20 فبراير شباط 1910) وزير الحقانية بالنيابة آنذاك الذي ترأس المحكمة.
أما نهاية هذا الرجل فكانت على يد صيدلاني يدعى إبراهيم الورداني،
اغتال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهراً يوم (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910
حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته. وكان اغتيال بطرس غالي هو أول جريمة اغتيال في مصر الحديثة

أما الثاني فهو أحمد فتحي زغلول ( فبراير شباط 1863- 27 مارس آذار 1914) عضو المحكمة ورئيس محكمة مصر الابتدائية الذي كتب حيثيات الحكم بخط يده. ولم يغفر له أحد ما فعله في دنشواي..لم يغفر له أن الشقيق الأصغر لزعيم الأمة سعد زغلول، حتى أن ذكراه كانت تمر بعد ذلك وسعد زعيم الامة المحبوب، فلا يجسر أحدٌ على الإشارة إليها

بل إن خصوم سعد زغلول كانوا يشيرون إلى شقيقه أحمد فتحي كدليلٍ على عدم وطنية الأول

وكانت لطمةً قويةً..وأنقذ أحمد فتحي زغلول نفسه، فغادر الدنيا بعدها بسنواتٍ قلائل، إذ مات في عام 1914 وهو وكيلٌ لوزارة العدل







ابراهيم الهلباوي
 (ولد في . 30 أبريل 1858 - ت. 1940وكيل نيابة محكمة دنشواي وأول نقيب للمحامين في مصر. وهو من مؤسسي الجمعية الخيرية الإسلامية.
ابراهيم الهلباوي أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر في ذلك الوقت وصفه عباس محمود العقاد ذات مرةٍ بأنه "كان ذا ذلاقة لسانٍ لا تطيق نفسها ولا تريح صاحبها". وكان الهلباوي خطيباً مفوهاً وممثلاً رائعاً يمزج بين العربية الفصحى والعامية البسيطة ويتحرك بخفةٍ ورشاقة، يجبر المحكمة على سماعه ويجعل من يسمعه ويراه مشدوهاً بعبقرية هذا الرجل. قال عنه عبد العزيز البشري في "المرآة" إنه "شيخ يتزاحف على السبعين إن لم يكن قد اقتحمها فعلاً، عاش مدى عمره يحبه ناس أشد الحب ويبغضه ناس أشد البغض.. إلا أن هؤلاء وهؤلاء لا يسعهم جميعاً إلا التسليم بأنه رجل عبقري" وقال معاصريه: " كان الهلباوي يقف في المحكمة فيهز مصر كلها بفضل حججه القانونية البارعة التي جعلته يدعى أعظم طلاب المرحمة "
لد ابراهيم الهلباوي من أب وجد من أصل مغربي، ونشأ في بلدة العطف (المحمودية الآن) بمديرية البحيرة، عمل والده بالملاحة في النيل فلما قل رزقها عمل بالزراعة وتجارة الحبوب.
دخل كُتّاب المدينة ودرس على يد الشيخ الشامي وانتقلت إلى الأزهر ولبث به سبع سنين قبل دراسة المحاماه.

ابراهيم الهلباوي وحادثة دنشواي

في يوم 20 يونيو 1906، أصدر بطرس باشا غالي ناروز وزير الحقانية بالنيابة قراراً بتشكيل المحكمة المخصوصة لمحاكمة المتهمين في حادثة دنشواي برئاسة بطرس باشا غالي نفسه، وعضوية كلٍ من "المستر" هبتر نائب المستشار القضائي، و"المستر" بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والقائمقام لهادلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء بجيش الاحتلال، وأحمد فتحي زغلول بك (حمل لاحقاً لقب: باشا) رئيس محكمة مصر الابتدائية وأن يكون انعقادها في شبين الكوم يوم الأحد 24 يونيو.
كان من المقرر أن يحضر إبراهيم الهلباوي التحقيق مع المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي يوم السبت الموافق 16 يونيو عام 1906 لكنه لم يحضر لعدم عثوره على وسيلة انتقال مباشرة إلى دنشواي ولارتفاع درجة الحرارة في ذلك اليوم.
وعلى رصيف القطار في القاهرة، وجد الياور الخاص برئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا يخبره بأن "الباشا" ينتظره في مكتبه لأمرٍ مهم. ثم التقى الهلباوي محمد محمود بك رئيس حزب الأحرار الدستوريين فيما بعد، وكان يعمل آنذاك سكرتيراً خاصاً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي "المستر" ميتشل، الذي سأله عما إذا كان أحد من المتهمين في حادثة دنشواي قد وكله للدفاع عنه..فلما نفى ذلك أخطره بأن الحكومة قد اختارته ليمثلها في إثبات التهمة ضد المتهمين أمام المحكمة المخصوصة، باعتباره من أكبر المحامين سناً وأقدمية.
وهكذا استقبل الهلباوي في مكتبه "المستر" موبيرلي المفتش الإنجليزي لوزارة الداخلية لوزارة الداخلية و"المستر" مانسفيلد الحكمدار الإنجليزي لبوليس القاهرة اللذين أبلغاه أنهما مكلفان بأن يكونا في خدمته في كل ما يتعلق بقضية دنشواي، واقترحا عليه أن يحضر التحقيق وأن يشارك في استجواب المتهمين، لكنه اعتذر عن ذلك وفضلَ أن يزور مسرح الأحداث ليعاينه. وفيما بعد، قال الهلباوي – إن قبوله القيام بدور المدعي العام قد مكَنه من صد المحاولات الإنجليزية التي استهدفت تضخيم الحادثة (مذكرات ابراهيم الهلباوي: تاريخ حياته، إبراهيم الهلباوي بك (1858-1940)، تحقيق عصام ضياء الدين؛ تقديم د. عبد العظيم رمضان).
وكان رد الفعل البريطاني قاسياً وسريعاً، فقد قدم 52 فلاحاً مصرياً للمحاكمة بتهمة القتل المتعمد.
فقد استخدم الهلباوي دهاءه لتكييف واقعة اعتداء الفلاحين بالضرب على الضباط الإنجليز بحيث يثبت أن الحريق الذي وقع في الجُرن نتيجة رصاص الضباط الإنجليز أثناء رحلة الصيد في دنشواي، هو حادثٌ تالٍ للاشتباك بين الفلاحين والضباط –و أن الضباط الإنجليز لم يكونوا أصلاً السبب في حدوث حريق الجُرن..وأشار إلى أنه حريقٌ متعمد اصطنعه الفلاحون ليخفوا أدلة سبق إصرارهم وتعمدهم التحرش بالضباط الإنجليز والاعتداء عليهم بالضرب.
وهكذا تمكن الهلباوي من تبرئة الضباط الإنجليز من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، في حين زاد من مسؤولية الفلاحين عن الحادثة. واتخذ الهلباوي من نجاح الفلاحين في إخماد النيران في الجُرن في غضون ربع ساعةٍ فقط دليلاً على أن الفلاحين هم الذين أطفأوا النيران بعد أن أشعلوها.
ولم يبق في إثبات ركن سبق الإصرار على القتل والشروع فيه سوى إثبات أن فكرة القتل لم تكن عرضيةً وغنما كانت نيةً مبيتة.
وصوّر الهلباوي الأمر أمام المحكمة وكأن الفلاحين رتبوا الأحداث بحيث صمموا على قتل الإنجليز إذا جاءوا للصيد في قريتهم. وكان الملازم بورثر قد ذكر أثناء إدلائه بأقواله أمام المحكمة أن المتهم التاسع عبد المطلب محفوظ قد حماه هو وزملاءه من العدوان عليهم، وقدم إليهم المياه ليشربوا، وهي شهادةٌ كانت كافية لتبرئته.
وعندما جاء الدور على الشاهد فتح الله الشاذلي نجل عمدة دنشواي، ورد في أقواله هو الآخر أنه قد قدم الماء للضباط..فتنبه الهلباوي إلى نقطةٍ جزم بأنها فاتت على الملازم بورثر، ووقف ليقول إنه يلاحظ شبهاً كبيراً في الملامح بين المتهم عبد المطلب والشاهد فتح الله، وإنه يعتقد أن الأمر قد اختلط على الملازم بورثر..فاستدعت المحكمة الضابط الإنجليزي الذي حسم الامر، وقال إن الذي سقاه هو ابن العمدة وليس المتهم. وبذلك حرم الهلباوي المتهم التاسع من فرصته للنجاة من الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.
وعلى هذا النهج يروي لنا صلاح عيسى في كتابه "حكايات من دفتر الوطن" كيف بذل إبراهيم الهلباوي جهداً ضخماً في تفنيد كل ما جاء في أقوال المتهمين والشهود ليهدم كل واقعةٍ يمكن أن تتخذ ذريعةً للتخفيف عن المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي، وليثبت للمحكمة أن الحادثة ارتكبت عمداً ومع سبق الإصرار، بل إنه فند التقارير الطبية التي قالت إن الضحية الوحيدة في الحادثة وهو الكابتن البريطاني بول، قد مات متأثراً بضربة شمس، وأكد أن موت بول بضربة شمس لا ينفي أن المتهمين هم الذين قتلوه لأنهم هم الذين ضربوه، وألجأوه إلى الجري تحت أشعة الشمس اللاهبة. أضف إلى ذلك أن الهلباوي اتهم المتهم البريء حسن محفوظ بأنه "لم يكدر قريةً بل كدر أمةً بأسرها بعد أن مضى علينا 25 عاماً ونحن مع المحتلين في إخلاصٍ واستقامة وأمانة.. أساء إلينا وإلى كل مصري..فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيمٍ عاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده".
وفى 27 يونيو من ذلك العام صدر قلم المحكمة المخصوصة التى قضت بإعدام على حسن على محفوظ ويوسف حسن سليم والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران وتم تنفيذ الحكم علنا في دنشواى فيما تم الحكم على ٢ بالأشغال الشاقة المؤبدة والحكم على آخر بالأشغال ١٥ سنة ثم حكم بالسجن ٧ سنوات على ٦ متهمين مع معاقبة كل منهم بخمسين جلدة علنا.
وفي الثانية من ظهر يوم ‏28‏ يونيو، جرى تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، بعد محاكمةٍ استمرت بضعة أيام فقط وأمام أعين الأهالي. وتقول جريدة "المقطم" يوم ‏[[18‏ يونيو عام ‏1906‏ إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏.
عاش الهلباوي 34 عاماً بعد هذه الحادثة ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين وطارده لقب "جلاد دنشواي" في كل مكان. وكانت له كلمته الشهيرة: "ما أتعس حظ المحامي وما أشقاه. يعرض نفسه لعداء كل شخص يدافع ضده لمصلحة موكله فإذا كسب قضية موكله، أمسى عدواً لخصمه دون أن ينال صداقة موكله".[1]
وصلت أنباء هذه المحاكمة الهزلية إلى الصحف حتى انطلقت كالنار في الهشيم داخل مصر وخارجها، حتى إن الكاتب الأيرلندى الشهير «برنارد شو» لم يجد سوى السخرية من عدل سلطات الاحتلال، التى أجهدت نفسها بحثًا عن «بروجرام» تشغل به المتفرجين على حفل الإعدام وتحول بينهم وبين الملل خلال نصف الساعة الذى كان مفروضًا أن يظل فيه جسد المشنوق معلقًا للتأكد من وفاته، ولإتاحة وقت كاف لأسرته كى تشاهده وهو يدور حول نفسه، وقد حلَّت المحكمة هذه المشكلة فقضت على ثمانية من المتهمين بالجلد لتتيح لفرقة التنفيذ ملء فراغ «البروجرام» بجلد اثنين بين كل مشنوقين، حتى يكتمل الطابع الاحتفالى والاستعراضى لعدل المحتلين، أما إبراهيم الهلباوى فقد عمَّر طويلًا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عامًا ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين الذين قابلوه بالكراهية في كل مكان. يقول الأديب يحيى حقي: حضرته- أى الهلباوى- يخطب في سرادق ضخم ازدحم فيه أنصار حزب الأحرار الدستوريين من أجل تخليص البلاد من يد المحتلين، وقوبل خطابه بالهتاف والتصفيق، وامتلأ الرجل ثقة وزهوًا وظن أن الدنيا قد صالحته، ولكنه لم يكد يفرغ من خطابه حتى ارتفع صوت في آخر السرادق يهتف (يسقط جلاد دنشواى).
ومن الطريف أن الهلباوى انتدب نفسه فيما بعد عن ابراهيم الورداني، الذى قام باغتيال بطرس غالي، رئيس محكمة دنشواى، ربما محاولة يائسة للتكفير عما جنى سلفًا، كما أنجز العديد من الحسنات، وهو ما جعل الوطنيين المصريين يطلبون منه الدفاع عنهم في قضية التظاهر ضد قانون المطبوعات، وفى قضايا أخرى عديدة لبراعته المهنية في المحاماة، ولكن حكم الشعوب يصعب أن يتغير. ويذكر لنا التاريخ أن واحدًا من أهم أحداث عام 1913 هو ما حدث في 9 ديسمبر من ذلك العام، حيث استكملت نقابة المحامين وجودها القانونى هذه السنة، وكان اتجاه المحامين هو اختيار عبد العزيز فهميلمنصب رئيس النقابة «النقيب»، ولم يكد الدكتور هيكل يفاتح عبد العزيز فهمى في أحقية إبراهيم الهلباوى بهذا المنصب حتى بادر على الفور بالموافقة قائلا: «أستاذنا وشيخنا»، وتحول فهمي من المرشح المختار إلى داعية لانتخاب الهلباوى الذى صار أول نقيب للمحامين في مصر. وكان إبراهيم الهلباوى بك، الذى عاش بين عامى (١٨٥٨-١٩٤٠) قد كتب مذكراته، التى أعادت الهيئة العامة للكتاب نشرها في عام ١٩٩٥ وقد غلب على هذه المذكرات الطابع الدفاعى التبريرى أكثر من الطابع التسجيلى التقريرى، وقام بتحقيقها د.عصام ضياءالدين وقدمها د. عبد العظيم رمضان الذى يقول في تقديمه لها: «إنه من المحقق أن الهلباوى وطنى مصرى كفَّر عن سيئة دنشواى بمئات من الحسنات، وقد تعامل معه الوطنيون المصريون على هذا الأساس، فلم يستبعدوه من الصف الوطنى وطلبوا منه مثلًا الدفاع عنهم في قضية التظاهر ضد قانون المطبوعات المقيد لحرية الصحافة كما حرص إبراهيم الوردانى، قاتل بطرس غالي، على أن يطلب من الهلباوى الدفاع عنه رغم معرفة دوره في محكمة دنشواى. كما كان للهلباوى (تلميذ الأفغانى) دور بارز في شن حملات صحفية في «المؤيد» على الحكومة والاحتلال البريطانى في مواقف عدة، ومنها تفنيد تبريرات الاحتلال. أما وصف «جلاد دنشواى» فقد كان صاحبه الشيخ عبد العزيز جاويش، لخصومة قامت بينهما وسجال على صفحات «المؤيد» و»اللواء» هكذا زعم الهلباوى، رغم أن صاحب هذا الوصف هو الشاعر حافظ إبراهيمحينما هجاه لموقفه في دنشواي، وظل ملازمًا له حتى مع حرصه في باقى حياته على نصرة المساكين والفقراء.

الاثنين، 30 أكتوبر 2017

الشيخ أحمد الدمنهوري.. شيخ الأزهر الجيولوجي




الشيخ أحمد الدمنهوري.. شيخ الأزهر الجيولوجي
ahmed

تكشف التراجم التي وضعها الجبرتي في كتابه المعروف "عجائب الآثار" لعلماء الأزهر أن الدراسة في الجامع الأزهر لم تقتصر على الدراسات الشرعية واللغوية والأدبية، من فقه وأصول وتفسير وحديث وبلاغة وتوحيد ونحو وصرف، بل تجاوزتها إلى دراسة الفلك الذي كان يطلق عليه علم الهيئة.
وكان لبعض علماء الأزهر مؤلفات فيه، وكانت تدرس علوم أخرى على نطاق ضيق مثل: الحساب، والجبر، والهندسة، والمساحة والجيولوجيا، وفيها وضع الشيخ أحمد المنهوري مؤلفا، تحدث فيه عن المياه الجوفية، وعيون المياه، والآبار، وغيرها من الموضعات.
كان الشيخ أحمد الدمنهوري واحدًا من علماء الأزهر الذين عُرفوا بالثقافة الواسعة التي شملت إلى جانب العلوم الشرعية واللغوية الرياضيات والهندسة والفلك والطب، وأسهم بالتأليف في بعضها، وهذه العلوم وإن كانت تدرس على استحياء في ذلك الوقت، فإنها تعني أن هناك من كان يعلمها ويدرسها، وأن جذور هذه العلوم لم تنطفئ منذ أن ازدهرت الحضارة الإسلامية، لكنها ظلت خافتة تنتظر من يبعث فيها الحركة والنشاط.
المولد والنشأة وُلد أحمد بن عبد المنعم بن صيام سنة (1101هـ الموافق 1689م) بدمنهور، وإليها نُسب فعرف بأحمد الدمنهوري، ودرس في بلدته فحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم رحل إلى القاهرة، والتحق بالأزهر صغيرًا، وتلقى فيه العلوم الشرعية واللغوية وغيرها على عدد من مشايخ الأزهر وعلمائه، من أمثال الشيخ عبد الوهاب الشنواني، وعبد الرؤوف البشبيشي، وعبد الجواد المرحومي، وعبد الدائم الأجهوري، وغيرهم.
وقد أورد الجبرتي أسماء شيوخ الدمنهوري، والكتب التي درسها عليهم وأجازوه بها، وهي تشمل الفقه على المذاهب الأربعة، وقد جد في تحصيله على هذه المذاهب، حتى أطلق عليه المذاهبي، والتفسير والحديث والمواريث والقراءات والتصوف والنحو والبلاغة، والهندسة والفلك والفلسفة والمنطق.
إجازاتـــــه وقد حفظ لنا الشيخ الدمنهوري في رسالة له مخطوطة بعنوان "اللطائف النورية في المنح الدمنهورية" ما أخذه عن شيوخه وما درسه واستفاده بجهوده الذاتية، وسأنقل طرفًا منها؛ حتى يتبين لك الحركة العلمية في مصر زمن الدمنهوري، وأن ما يصوره بعض الباحثين من ظلام تلك الفترة إنما هو محض افتراء وابتعاد عن الحقيقة، وافتئات على الموضوعية، يقول الدمنهوري:
"… أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري الحساب، واستخراج المجهولات، وما توقف عليها كالفرائض والمواريث، والميقات.. وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء بالقراءة عليه كتاب الموجز، واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلاماتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى.. وقرأت على أستاذنا الشيخ سلامة الفيومي أشكال التأسيس في الهندسة.. وقرأت على الشيخ محمد الشهير بالشحيمي منظومة في علم الأعمال الرصدية (الفلك).. ورسالة في علم المواليد أعني الممالك الطبيعية وهي الحيوانات والنباتات والمعادن…".
وكان ينافس الشيخ الدمنهوري في تحصيل تلك العلوم الشيخ حسن الجبرتي والد المؤرخ المعروف عبد الرحمن الجبرتي، وكان فقيهًا حنفيًا، عالمًا باللغة، وتصدر للإمامة والإفتاء وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، ثم ولَّى وجهه شطر العلوم التي كانت تراثًا مستغلقًا، فجمع كتبها، وفك رموزها وأحسن قراءتها والتعامل معها، وظل يتعلم ويدرس، حتى استقام له الأمر، وتمكن في علوم الهندسة والكيمياء والفلك، وصنع الآلات، ولجأ إليه مهرة الصناع يستفيدون من علمه، ودرس عليه كبار المستشرقين الذين كانوا يفدون عليه.
ملجأ الأمراء تبوأ الدمنهوري المكانة التي يستحقها من التقدير والإجلال، فقدمه علماء الأزهر لعلمه وفضله، وأنزلوه قدره؛ فتولى مشيخة الجامع الأزهر سنة (1183هـ الموافق 1768م) خلفًا للشيخ عبد الرؤوف محمد السجيني.
وكان الخليفة العثماني "مصطفى بن أحمد خان" له عناية ومعرفة بالعلوم الرياضية والفلك، فكان يراسل الشيخ الدمنهوري ويهاديه ويبعث له بالكتب، وكان بفعل ذلك مع الجبرتي الكبير.
ويتحدث الجبرتي عن مكانة الدمنهوري بقوله: "هابته الأمراء؛ لكونه كان قوّالا للحق، أمَّارًا بالمعروف، سمحًا بما عنده من الدنيا، وقصدته الملوك من الأطراف وهادته بهدايا فاخرة، وسائر ولاة مصر كانوا يحترمونه، وكان شهير الصيت عظيم الهيبة…".
وبلغ من تقدير الأمراء له وتعظيمهم لحرمته أنه لما نشبت فتنة بين طائفة من المماليك وأتباعهم، قصده أحد أمراء الطائفتين مستنجدًا به؛ إذ لم يجد بيتًا آمنا يحتمي به غير بيت الشيخ الدمنهوري في بولاق، فلما طلب خصومه من الشيخ تسليمهم له رفض، ولم يجرؤ واحد منهم على اقتحام بيت الشيخ مراعاة لحقه ومنزلته.
مؤلفاتــــه كان الدمنهوري غزير التأليف متنوع الإنتاج الفكري، ومعظم إنتاجه لا يزال مخطوطًا حبيسا لم يرَ النور بعد، ومن مؤلفاته:
- "حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون"، في البلاغة.
- "نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف"، في مصطلح الحديث.
- "سبيل الرشاد إلى نفع العباد"، في الأخلاق.
- "رسالة عين الحياة في استنباط المياه"، في الجيولوجيا.
- "القول الصريح في علم التشريح"، في الطب.
- "منهج السلوك في نصيحة الملوك"، في السياسة.
- "الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة"، في الكيمياء.
- "الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني"، في الفقه الحنبلي.
- "فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان"، في الفقه الحنفي.
- "الكلام السديد في تحرير علم التوحيد".
وقد تضمن كتابه "اللطائف النورية" أسماء جميع مؤلفاته التي وضعها، وكذلك ذكرها الجبرتي في تاريخه.
وفاتـــــــه طالت حياة الشيخ حتى تجاوز التسعين من عمره، لكنها كانت حياة حافلة بطلب العلم وتحصيله وتدريسه والتأليف فيه، وظل على هذا النحو حتى لبى نداء ربه في يوم الأحد الموافق (10 من رجب 1192هـ الموافق 4 من أغسطس 1778م).
المصدر: إسلام اون لاين

الجمعة، 27 أكتوبر 2017

جمهور ام كلثوم يكاد يبلع المسرح اثناء اغنية هو صحيح الهوى غلاب فى دولة المغرب .



من دون شك أن أغنية هو صحيح تم تسجيلها في المملكة المغربية  عام 1968لأنه وقع حدث غريب للجمهور في هذه الحفلة الذي لم يكن ينتظر هذه الأغنية ولكن عبقرية أم كلثوم وطريقتها البيداغوجية لإعادتها المقطع الأول عدة مرات, دخلت أنغام الشيخ أحمد زكرياء إلى مسامع الجمهور وطرب حتى الثمالة, ومن شدة الطرب لاحظوا في الدقيقة ٣٦ انتفضت كل القاعة تهلل وتكبر "اللهم صل عليك يا رسول الله












تفاعل الجمهور اثناء غناء الست في حفلها بالمغرب حيث غنت رباعيات الخيام وهو صحيح الهوى غلاب وعند ارتجالها في جملة (نظرة وكنت احسبها سلام) هاج الجمهور وابتدا التسفيق والهتاف للست لمدة زمنية طويلة





الكلمات للشاعر / محمود بيرم التونسى الألحان للموسيقار / زكريا أحمد.










الخميس، 26 أكتوبر 2017

7 نصائح للطلاب لمذاكرة أكثر فعالية

نصائح لمذاكرة أكثر فاعليةقد تشتكي دومًا من عدم تذكرك لما استذكرته مسبقًا، أو قد تسمع هذه الشكوى من صديق، أو قد تمضي ساعات في الاستذكار ولكن بدون نتيجة ملحوظة أو المطلوبة، إليك هذه النصائح لتحقيق أقصى استفادة من وقت استذكارك وجعله مثمرًا.

نوّع في أماكن جلوسك للمذاكرة

لا تقيد نفسك بالجلوس إلى مكتبك في غرفتك فقط، أو في المكتبة فحسب. بعض الناس يتحسن تركيزهم في الأماكن التي يتواجد به بعض التواجد البشري أو قليل من الضجة غير المزعجة كما في المقاهي أو في الحدائق العامة. المذاكرة خارج المنزل أو خارج الأماكن الاعتيادية لمذاكرتك قد يفيدك، خصوصًا في وجود البطاقات التعليمية؛ هذا قد يؤدي إلى تقليل الملل أو الاحباط الذي ينتج عن ضياع الوقت.

أوقات المذاكرة

هل تذاكر بعد القدوم من المدرسة مباشرة؟ أم هل تستيقظ طوال الليل؟ أم هل تفضل المذاكرة قبل النوم؟ حسنًا، يُفضل أن تذهب للفراش مبكرًا لتستيقظ مبكرًا، المذاكرة في الوقت المبكر من النهار يجعل المادة المستذكرة حاضرة في ذهنك خلال النهار، مما يسهل عليك استرجاعها أثناء اليوم الدراسي. أيضًا، مراجعة الملاحظات الخاصة بمادة معينة بعدما أخذتها مباشرة، لنقل في استراحة الغداء، يُسهْلّ عملية ترسب هذه المعلومات في ذاكرتك.

دع قلم الهايلايتر من يدك!

لعل أهم سمات محبي أقلام الهايلايتر هو تحديد كل ما يقول عنه المعلم مهمًا، في بعض الحالات يذهب الناس لتحديد صفحات بأكلمها باستخدام قلم الهايلايتر ، حسنًا دع هذا القلم من يدك، فلم يظهر لاستخدامه أي نتيجة ملحوظة في الواقع. الفكرة أنّك تقوم بالتركيز على نقط محددة، وقد تكون هذه النقاط غير مهمة، عوضًا عن ذلك أنت تريد فهم الموضوع  بأكمله وليس نقاط منه فقط. استخدام الخرائط العقلية بدلًا من الهايلايتر، فهي تعمل على ربط النقاط المختلفة للموضوع ببعضها البعض بطريقة بصرية. كذلك استخدام الكود اللوني، كأن تستخدم لون للعناوين، ولون آخر للعناوين الفرعية وهكذا.

توقف عن المذاكرة من الكتب فقط

الكتب تعتبر المصدر الرئيس للمذاكرة، لكنها ليست الأفضل دائمًا. حاول استخدام لوح أبيض- سبورة- وقلم وقُم بكتابة المعادلات والتواريخ والنقاط الهامة واشرح لنفسك كما لو كنت تشرح لأحدهم فهذا يساعد على ترسيخ المعلومات بطريقة أفضل، عند تكرار تذكير نفسك بالمعلومات أثناء الشرح هذا يعزز المعلومات لديك.

الماء، الكثير من الماء، لكن ليس الماء فقط

شرب كميات مناسبة من الماء مهم لصحة جسدك ولعقلك بالطبع، لكن حاول إضافة فواكه للماء، هذا ليس جيدًا من الناحية الجمالية فقط؛ بل إنّه يمدك بالفيتامينات اللازمة لتيقظ عقلك خلال اليوم. يمكنك وضع الماء والفواكه مضيفًا لهم بعض قطع الثلج في زجاجة ماء لطيفة الشكل لتشجعك على شرب الماء طوال اليوم.

الاستمرارية والثبات

إذا كانت هناك مادة تتطلب الكثير من المجهود والعمل المكثف وتعتمد على حل المشكلات مثل العلوم؛ قد لا تتوافق درجاتك مع المجهود المبذول لهذه المواد نظرًا لاحتياجاها لمجهود كبير، لذا عليك أن تسعى لتحقيق روتين شبه يومي بشكل ثابت، الثبات والاستمرارية يحققون النجاح بشكل فعال. ولتسهيل هذه العملية اجعل ملاحظاتك دائمًا واضحةوسليمة لتسهل عليك عملية المذاكرة والمراجعة، كذلك ضع ورقة ملاحظات عند كل نقطة صعب أو مهمة أو تحتاج لمجهود مضاعف منك.

استخدم حدسك ولكن بحذر

فكر كمعلم. إذا كان هناك معلومات ترى أنّها هامة أو تفصح عن نفسها لك، فإنّ هناك احتمال أن تكون هذه المعلومات في الامتحان. معظم الكتب تحتوي على ملخص لكل فصل عادةً يكون في نهايته، هذه الأجزاء تساعد للغاية خاصةً في المراجعة.

تعرف على منحنى النسيان وكيف تحتفظ بالمعلومات في الذاكرة لأطول مدة

إن المسيرة الدراسية لكل واحد منا لابد وأن تمر من مرحلة الحفظ والإلقاء. فالمرء ملزم طوال الوقت بحفظ الكثير من الدروس والمعلومات وتخزينها في الذاكرة. لدى، فيمكن القول أن هذه الأخيرة اعتادت بشكل أو بآخر أن تستغل طاقتها الأساسية من أجل التخزين بسرعة بدل التخزين لمدة أطول.
هذا حتماً ما نلاحظه بعد الامتحانات ؛ فما إن ننتهي منها حتى تتطاير المعلومات وننسى ما تعلمناه.

منحنى النسيان

عالم النفس الألماني هيرمان إبنجهاوس، وبعد بضع دراسات وبحوث استطاع أن ينجز منحنى يجسد فيها تغييرات المعلومات في الذاكرة والنسيان الذي يطال هذه الأخيرة، والذي أسماه ” منحنى النسيان “. وهو كالتالي :
من خلال ملاحظتنا لهذا المنحنى، وبقراءتنا السريعة لمعطياته. يمكن القول أن العقل البشري وبعد ساعة واحدة فقط ينسى أكثر من نصف المعلومات التي يتلقاها ! بل أكثر من ذلك… فبعد أسبوع واحد لن تحتفظ ذاكرته إلا ب 20% فقط منها !
رقم مهول هو. يلزمنا أن نقف جلياً للتفكير بجيدة في الأمر.
في هذا الصدد، يمكن استحضار الخطاطة العامة للتكرار والتي تبناها نفس العالِم.

الخطاطة العامة للتكرار

تتمثل هذه الخطاطة بشكل مختصر في :
تقول هذه الخطاطة أن هناك اختلاف بين استغلال التكرار حسب الحاجة والضرورة. فإن كنت تريد الحفظ بسرعة مع احتمال النسيان على مدى الطويل، فالأفضل أن يتم التكرار على مدى قصير أيضاً وعلى أربع مراحل في نطاق الأربع وعشرين ساعة بعد عملية الحفظ الأولى.
أما في حال أراد الشخص الاحتفاظ بالمعلومات لوقت أكبر سواء تعلم لمفرادت لغة أجنبية، معلومات علمية، أحداث تاريخية… فيجب أن تعتاد ذاكرته أيضاً على التفكير والتخزين على المدى الطويل. بغيةَ ذلك، يجب تكرار ما تم حفظه على فترات متباعدة قد تصل للشهرين أو الثلاث.
من هذا وذاك، يمكن أن نستنتج أن الذاكرة تعتمد بشكل أساسي على التمرين والتدريب. فالهدف من الحفظ (سواء على بسرعة أو لمدة أطول) هو المرجع والمحدد الأساس لطريقة الحفظ (على المدى الطويل أو القصير).

نصائح للاحتفاظ بالمعلومات لأطول مدة

من أجل ذلك، وقصد الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة لوقت أطول. مجموعة من النصائح والطرائق يمكن أن تُقَدم. نطرح منها الآتي :
# بدايةً عليك أن تحاول فهم ما تحفظه، فذلك، علمياً، سيجعل من المعلومات تترسخ في الذاكرة تسع مرات أسرع. لهذا، لا تجعل من ذاكرتك مكان تخزين للحفظ عن ظهر قلب، وكأنها آلة تكرار وحفظ وإلقاء فقط. بل استغل قدرات ذاكرتك جيداً بما يتناسب مع صفتك البشرية الذكية المفكرة.
# هناك ما يسمى بتأثير الموقف المتسلسل. والذي يدل اختصاراً، حسب الاستنتاج الذي توصل له هيرمان إبنجهاوس استناداً لتجربته على نفسه، على أن ذاكرة المرء تتذكر بشكل أفضل أول (تأثير الأسبقية) وآخر (تأثير الحداثة) عناصر سلسلة أو قائمة ما. فاستخدمها إذاً كنقطة قوة خلال حفظك.
# هناك نظرية تسمى بنظرية التداخل لتفسير النسيان. والتي تثبت أن الأحداث أو المعلومات الجديدة تحدث خللاً في الذاكرة وبالتالي تداخل في المعارف. مما يؤدي إلى نسيان المعلومات السابقة وتعويضها بالجديدة (نوع التداخل الرجعي) أو تعطيل التعلم الجديد بسبب مكتسبات سابقة (نوع التداخل الكفي). من أجل ذلك، يجب عليك محاولة استيعاب المواد في إطارها العام قبل الانتقال للعناوين والنقاط الفرعية. وأيضاً يستحسن عدم مراجعة مواد دراسية متشابهة في نفس الوقت أو وراء بعض. فلن يزيد ذلك إلا تعقيداً لعملية التعلم.
# تعلم بالمضادات (خاصة بالنسبة لتعلم اللغات الأجنبية). فإن كانت كلمة « Jour » مثلاً تعنى بالفرنسية النهار. فيجب أن تعلم أن الليل هو « Nuit ». بمعنى أن التعلم بالمضادات أمر مهم يسهل الحفظ والتذكر.
# ” الكلمة – المسمار “ أو ما يسمى ” Mots-Clous ” إنها طريقة فرنسية قديمة تختصر في أنه، مثلاً، إن كنت تريد تعلم لغة أجنبية فاربط كلمة تعلمتها بكلمة تعْلَمُها سابقاً. هكذا، كلما تذكرتك كلمتك المعتادة فستتذكر أوتوماتكياً الكلمة الأخرى. (الأمر سهل التنفيد لو استعنت بمقاطع من الأغاني مثلاً).
# إن كنت ممن يملكون ذاكرة سمعية قوية. فالأحسن أن تستخدم طريقة التسجيل الصوتي. إقرأ المعلومة أو الكلمة وسجل نفسك. أعد الاستماع للتسجيل مراراً وتكراراً، لتجد نفسك تحفظها وتتذكرها بسهولة.
# اصنع لنفسك ستايلاً ونمطاً خاصاً أثناء الحفظ. مثلاً نبرة خاصة غريبة لنطق الكلمة، رسم معبر عن المعلومة… ستجد أن الأمر ممتع قليلاً ومرح، وطبعاً مفيد وفعال للغاية.
في الأخير، تجذر الإشارة، وكما قلنا سابقاً، أن عملية الحفظ وتغيير النمط ما هي إلا عملية تمرين للذاكرة. لهذا، ستلاحظ الفرق مع التكرار والمداومة. إلى جانب الثبات على الهدف الأساسي من العملية التعليمية.