Translate

الأحد، 9 ديسمبر 2012

يا ليل، الصب متى غــده ?

يا ليل، الصب متى غــده 
أ قـيـام الساعـة مـوعـده
رقــد الســــمَّـــار وأرقـه 
أســفُُ لـلـبــيــن يــرددهُ
فـبـكــاه النجــم ورق لــه 
مـمــا يـرعــاه ويرصــده
كـلـف بغــزال ذي هـيـفِ 
خوف الواشيـن يشــرده
نصبت عـيـنـاي له شركاَ 
في النوم فعـز تـصيـــده
وكفى عـجـباَ أني قـنـصُُ 
للسرب سـبانــي أغيــده
ينضـو من مقـلـتـه سيفاَ 
وكأن نعــاســـاَ يغـمـــده
فـيـريـق دم العـشـاق به 
والــويـل لمـن يتـقــلـــده
كـلا لا ذنب لـمـن قـتـلت 
عـينــاه ولـم تـقـتـل يـــده
يا من جحدت عيناه دمي 
وعـلـى خــديـــه تـــورده
خداك قـد اعـترفا بـدمـي 
فعــلام جـفونك تجـحــده؟
إني لأعـيـذك من قـتـلـي 
وأظـنـــك لا تــتـــعــمـــده
بالله هب المشتاق كــرى 
فـلـعـــل خيـالك يسـعـــده
ما ضرك لو داويت ضنى 
صــبِ يـدنيـك وتبـعـــــده
لم يُبـق هـواك له رمـقــاَ 
فـلـيــبـك عــلـيــه تعـــوًّده
وغـداَ يقضي أو بعد غـد 
هـل من نظــرِ يــتــــزوده
يهـوى المشتاق لقـاءكـم 
وصـروف الـدهــر تبعـده
ما أحلى الوصل وأعـذبـه 
لــولا الأيــام تــنــكــــــده
بالبين وبالهـجــران فـيـا 
لـفــؤادي كـيـف تجـلــده 
وجدير والذكر ان الشاعر هو علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني، أبو الحسن
من شعراء العصر الأندلسي
توفي سنة 488 هـ / 1095 م
شاعر مشهور كان ضريراً من أهل القيروان انتقل إلى الأندلس ومات في طنجة حفظ القرآن بالروايات وتعلم العربية على شيوخ عصره.
اتصل ببعض الملوك ومدح المعتمد بن عباد بقصائد، وألف له كتاب المستحسن من الأشعار.
وهو ابن خالة إبراهيم الحصري صاحب زهر الآداب.
وقد ذاعت شهرته كشاعر فحل، شغل الناس بشعره، ولفت أنظار طلاب العلم فتجمعوا حوله، وتتلمذوا على يده ونشروا أدبه في الأندلس.
وكان الحصري بالرغم من إكثاره كتابة الشعر وتعيشه بمدائح الملكوك زهاء نصف قرن، وكتابته في مختلف أغراض الشعر حتى ترك أربعة دواوين، بالرغم من ذلك كله بقيت قصيدة ياليل الصب هي الاسم الثاني لأبي الحسن الحصري وهي اللفتة السانحة
التي نفحت اسمه البقاء.
أما دواوينه الأربعة فهي:
1 - ديوان مستحسن الأشعار وهو فيما قاله في المعتمد بن عباد
2 - ديوان المعشرات وهو شعره الفنِّي الغزلي،
يبتدئ كل بيت فيه بالحرف الذي يقفَّى به
3 - ديوان مختلف المناسبات
4 - ديوان اقتراح القريح واجتراح الجريح
ويشتمل على 2591 بيتاً في رثاء ولد له مات ولم يتم سن العاشرة، وكان إماماً في مسجد ناحيته، جامعاً لمعلومات يعجز عن إدراكها الكبار، وقد توفي وهو في حضنه، ووصف ذلك بقصائد تتفتت لها الأكباد
وله (اقتراح القريح واجتراح الجريح) مرتب على حروف المعجم في رثاء ولد له.
وله (معشرات الحصري) في الغزل.
وله (النسيب على الحروف والقصيدة الحصرية) 212 بيتاً في القراءت.
وله كتاب المستحسن من الأشعار
ولا أفاجئكم لو قلت إن القصيدة أطول بكثير مما كتبت,, القصيدة أساسا موضوعها المدح لكن شاع وذاع منها بضعة وعشرون بيتا في الغزل.فقد نظمها الشاعر اساسا في مدح
ابن طاهر صاحب مرسية، فعظمت مكانته عنده ومدحه شاعرنا بهذه القصيدة التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس الشعراء في معارضتها، 
اما معارضات الشعراء لقصيدة (ياليل الصب متى غده) فتطول قائمة أسماء الشعراء الذين عارضوها فيما إذا أثبتنا أسماءهم ههنا.
إذ إن الكثير من أولئك المعارضين لا يُعرَف عنهم من شعرهم سوى أنهم كتبوا معارضة لـ (ياليل الصب)، حتى وجد من معارضيها من ضاع اسمه وبقيت معارضته،
وحتى وجد ثلاثة شعراء من أسرة واحدة ساهموا في معارضتها وهم فوزي معلوف وعيسى معلوف وقيصر معلوف، وقد أورد المرزوقي في كتابه 38 معارضة من مختلف العصور، أشهرها ولا شك معارضة الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي الذائعة الصيت (مضناك جفاه مرقده)
ومنها معارضة أبي القاسم الشابي وخير الدين الزركلي وأحمد عبيد و أبي الهدى الصيادي والزهاوي وإسماعيل صبري و محمود بيرم التونسي
***********************************



مُضْنــــاك جفـــاهُ مَرْقَـــدُه ******** وبَكــــاه ورَحَّــــمَ عُـــوَّدُهُ
حــــيرانُ القلــــبِ مُعَذَّبُـــهُ ******مَقْــــروحُ الجَـــفْنِ مُســـهَّدُهُ
أَودَى حَرَقًـــــا إِلا رَمَقًـــــا ******* يُبقيــــه عليــــك وتُنْفِــــدُهُ
يســــتهوي الـــوُرْقَ تأَوُّهـــه *****ويُــــذيب الصَّخْـــرَ تَنهُّـــدُهُ
ويُنــــاجي النجـــمَ ويُتعبُـــه ****** ويُقيــــم الليــــلَ ويُقْعِـــدهُ
ويُعلّــــم كــــلَّ مُطَوَّقَــــةٍ ******* شَـــجَنًا فــي الــدَّوحِ تُــرَدِّدهُ
كــم مــدّ لِطَيْفِــكَ مــن شَـرَكٍ ***** وتــــــأَدَّب لا يتصيَّــــــدهُ
فعســـاك بغُمْـــضٍ مُســـعِفهُ ****** ولعــــلّ خيــــالَك مُســـعِدهُ
الحســـنُ, حَـــلَفْتُ بيُوسُـــفِهِ ****** (والسُّورَةِ) إِنـــــك مُفـــــرَدهُ
قــــد وَدَّ جمـــالَك أَو قَبَسًـــا ****** حــــوراءُ الخُـــلْدِ وأَمْـــرَدُهُ
وتمنَّــــت كــــلُّ مُقطِّعـــةٍ *******يَدَهـــا لـــو تُبْعَــثُ تَشــهدُهُ
جَحَــدَتْ عَيْنَــاك زَكِــيَّ دَمِــي ***** أَكــــذلك خـــدُّك يَجْحَـــدُهُ?
قـــد عــزَّ شُــهودِي إِذ رمَتــا ****** فأَشَــــرْتُ لخـــدِّك أُشْـــهِدُهُ
وهَممـــتُ بجـــيدِك أَشـــرِكُه ****** فـــأَبَى, واســـتكبر أَصْيَـــدُهُ
وهـــزَزْتُ قَـــوَامَك أَعْطِفـــهُ ******فنَبــــا, وتمنَّــــع أَمْلَــــدُهُ
ســــببٌ لرِضـــاك أُمَهِّـــدُه ******مـــا بــالُ الخــصْرِ يُعَقِّــدُهُ?
بينــي فــي الحــبِّ وبينـكَ مـا ***** لا يقــــــدرُ واشٍ يُفسِـــــدُهُ
مــا بــالُ العــازل يفتــحُ لـي ****** بــــابَ الســـلوانِ وأوصِـــدُهُ
ويقـــولُ تكـــادُ تُجَـــنُّ بــهِ ******** فــــأقولُ وأُوشـــكُ أعْبـــدُهُ
مـــولايَ وروحــي فــي يــده ******* قـــد ضيّعهـــا ســلِمَتْ يــدُهُ
نـــاقوسُ القلـــبِ يُــدقُّ لــهُ ******* وحنايــــا الأضلِـــع معْبـــدُهُ
قســــمًا بثنايــــا لؤلؤِهــــا ******* قسَــــمُ اليـــاقوتِ مُنَضَّـــدُهُ
ورضـــابٍ يُوعَـــدُ كوْثـــرُه ******* مقتُـــولُ العشـــقِ ومُشْـــهَدُهُ
وبخـــالٍ كـــاد يُحَـــجُّ لــهُ ******** لـــو كـــان يُقبَّـــل أسْــودُهُ
وقـــوامٍ يَــرْوي الغصــنُ لــهُ ****** نَسَــــبًا والــــرمح يُفَنّـــدُهُ
وبخــصْرٍ أوْهــنُ مــن جَــلَدي******* وعــــوادي الهجْـــرِ تبـــدِّدُهُ
مــا خُــنْتُ هــواكِ ولا خَـطَرَتْ ******* ســــلوى بـــالقلبِ تُـــبرِّدُهُ

هذة القصيدة لامير الشعراء احمد شوقى غناها عمالقة الغناء من امثال فيروز و عبد الوهاب و هى معارضة لقصيدة ابى الحسن القيروانى : يا ليل الصب متى غدة .:. اقيام الساعة موعدة .
اجمع النقاد على انها افضل ما قيل فى شعر الغزل و النسيب فى العصر الحديث
بعد النهاية من قراتها اذا كنت من اصحاب الحس المرهف ستعلم كيف ستؤثر فيك هذة الابيات
و اذا كنتى من اصحاب الحس المرهف اراهن انها ستبكيكى من التاثر و جمال المعانى و صدق الحب و العاطفة 
الشرح .............
البيت الاول :
مضناك : اسم فاعل بمعنى اسير حبك وهواك
جفاة مرقدة : خاصمة و لام علية و مرقدة اى مكان نومة 
رحم عودة : المقصود ترحم علية اى فقد الامل 
و المعنى : قتيل حبك خاصمة سريرة و لام علية ...... ثم بكى على ايامة و فقد الامل فية فهو لن يتوقف عن حبك

البيت الثانى : يصف الشاعر مدى تاخر حالتة فقلبة حيران و جفنة مجروح
البيت الثالث : يوشك على الهلاك و الضياع الا رمق و هو لا يريد حياة بدونك فلا يريد هذا الرمق
البيت الرابع : الورق : الحمام ....... يسقط الحمام الطائر من تاوهة و لشدة حرقتة يذوب الصخر من تاوهة 
البيت الخامس : يتمادى فى وصف مشاعرة و سهدة و ليلة و سهرة فهو يناجى النجوم و يحدثها و يسهر الليل حيران بلا هدف
البيت السادس : و انة لشدة حزنة ياخذ عنة المنوحات ( النسوان اللى بيولولة ) فنون الحزن و ترانيم العذاب لكى ترددة
البيت السابع : كم تمنى ان يمر علية طيفك و لمنة حذر ان يغصب هذا الطيف او يعطلة الا تحزن حبيبتة لذلك .
البيت الثامن : فعساك ان تسعدية فينام ان نال من خيالك مالا ينال منك ان يراة مثلا فهذا اشد ما يسعدة .
البيت التاسع : انزل الله الحسن على سيدنا يوسف و الفكرة ان حبيبتة اشبة الناس بسيدنا يوسف علية السلام .
البيت العاشر : كم يرجو ان ينال هذا الجمال او جزأ منة الرجال و النساء سواء فهو غاية امل كلا منهم و لكن كل لغرض فالرجال غرضهم معلوم اما النساء فانتى منتهى ما يرجون ان يكونو مثلة
البيت الحادى عشر : و نساء مصر الاتى قطعن ايديهن يتمنين الان لو يرونك فيعدن تقطيع الايدى لمدى جمالك .
من البيت الثانى عشر الى البيت السادس عشر : الفكرة واحد انها غدرت بة و انة رغم ذلك يسامحها حتى لو سفكت دمة .... و انة لم يجد شهودا على صدق هواة فانة يكتفى بخد جرحة الدمع و جفن نال منة السهر ........ ثم يصف كيف تظلمة و تستنكر هواة و تنكرة علية .
البيت السابع عشر : انة اذا جمع شهودة و حججة و اراد ان يثبت هواة ينسية الكلام خصرها النحيل شديد الجمال ... فالشاعر يحب حبيبتة من قدميها حتى اطراف شعرها .
و استمع جيدا لهذا البيت : 
البيت الثامن عشر : يصف الشاعر ان حبة لا يؤثر شيىء علية و لا يقدر واش او كاذب على النيل منة .
البيت التاسع عشر : يصف كيف يساعدة اللئمون و يمهدون لة سبل النسيان حتى يرحم نفسة من عذاب الهوى و لكنة يابى الا ان يحب و يتعذب فى سبيل من يحب
البيت التاسع عشر : هذا البيت بالذات يعبر عن نفسة و اى شرح لة سيضعف المعنى فقط اقرأة و استمتع بة 
فيقول تكاد تجن بة .:. فاقول و اوشك اعبدة
البيت العشرون : يناجى الشاعر حبيبتة ملقبها بمولاة و انها قد ضيعت روحة بيدها و لكنة يدعوا لها ان تسلم يدها .
البيت الواحد و العشرون : يصف الشاعر قلبة بالناقوس و يصف دقات قلبة بانها حروف اسم من يحب .... و ان ضلوعة معبد و محراب يقدم فية القرابين ليرضى حبيبتة 
البيت الواحد و العشرون : يقسم الشاعر باسنان حبيبتة و يصفها انها لؤلؤ يزينة الياقوت .
البيت الثانى و العشرون : انة يرجو الكوثر و الجنة جزاء و فائة لحبيبتة و انة على استعداد ان يموت من اجلها 
البيت الثانى و العشرون : يعيد الشاعر قسمة و لكن بخال ( حسنة فى وجهها ) و يقول ان الناس كادت تحول الحج من الحرو الى هذة الخال لو كانوا يستطيعون ان يقبلوها كما يقبلوا الحجر الاسود
البيت الثالث و العشرون : يعيد الشاعر قسمة و لكن بقوام حبيبتة و يقول ان الاغصان تشبة نفسها بة و انها تختصم فى هذا لذا حكمت الحرب فيما بينها و تقتلل بالرماح .
البيت الرابع و العشرون : يصف الشاعر ان هذا العود قد نال منة و عذبة بما يكفى و انة يتحمل هذا العذاب عن رضى خوفا من ان تمنعة حبيبتة عن لقاءها 
البيت الاخير : بعد كل هذة الصفات التى اقسم بها يقول : انة ما خان حبها و لم يرجو لهذا العذاب الدائم من جراء هواها 
ما يخففة عنة ابدا 

إخوان الصفا


إخوان الصفا جناح فكري للباطنية

انتماؤهم الفكري:
إخوان الصفا جناح فكري للباطنية إخوان الصفا جماعة فكرية ظهرت بالبصرة في القرن الرابع الهجري، وهم في الظاهر جماعة من الأصدقاء العقلاء، والإخوان الألبَّاء، سلموا من الشوائب البشرية، وتحلَّوا بأوصاف الكمالات الروحانية[1].
وهم أيضًا في نظر آخرين: "عصابة قد تآلفت بالعِشرة، وتصافت بالصداقة، واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة؛ فوضعوا بينهم مذهبًا زعموا أنهم قرَّبوا به الطريق إلى الفوز برضوان الله..."[2].
ولكنهم في واقع الأمر جماعة سرية باطنية، مزجت الفلسفة الإغريقية والعقيدة الباطنية ببعض المبادئ الإسلامية. ونتيجة لذلك؛ فهي أُولَى ثمار الحركة الباطنية التي استغلت التشيُّع والتصوف الفلسفي، وجعلت من ذلك ستارًا؛ لنشر رسائلها وأفكارها الهدَّامة بأسلوب متلوِّن غير صريح وغامض؛ حيث جمجموا[3] ولم يفصحوا للتلبيس على الأتباع.
ولذلك خفي أمرهم على كثير من الناس حتى في عصرنا هذا، وأصبحوا لغزًا مبهَمًا في التاريخ الإسلامي، واختلف الباحثون والعلماء في تصنيفهم، إلا القليل من العلماء النقَّاد المحققين الذين كشفوا عن هويتهم وأهدافهم، وعن فحوى رسائلهم[4].
يعرِّفهم ابن تيمية بقوله: "كانوا من الصابئة المتفلسفة المتحنِّفة؛ جمعوا -بزعمهم- بين دين الصابئة المبدِّلين وبين الحنيفية، وأتوا بكلام المتفلسفة وبأشياء من الشريعة، وفيه من الكفر والجهل شيء كثير..."[5].
وقال الذهبي حين ترجم لأبي حامد الغزالي في كتاب السِّيَر: "وحُبِّبَ إليه إدمان النظر في كتاب (رسائل إخوان الصفا) وهو داء عضال، وجَرَبٌ مُرْدٍ، وسُمٌّ قاتل، ولولا أن أبا حامد من كبار الأذكياء لتَلَف"[6].
وفعلاً كما يقول ابن تيمية والذهبي -رحمهما الله- لقد ضل إخوان الصفا وزاغوا عن الصراط المستقيم، وشطحوا شطحات كثيرة لا سيما في تأثُّرهم ببعض الِملَل الزائغة والعقائد الوثنية، وإن كانت هذه الوثنية غامضة الملامح؛ ليست بالإغريقية الصرفة، ولا بالبابلية والآشورية الخالصة، وليست مزدكية ولا مانوية، وإنما هي خليط من جميع هذه العناصر المختلفة.
وهكذا نجد أن المبادئ العامة التي بنى عليها إخوان الصفا نظرياتهم مقتبَسة من الديانات المختلفة (موحِّدة ومجوسية)، جاهدين في التوفيق بينها كلها.
وقد انتهت بهم نزعتهم التلفيقية هذه إلى أن يَرَوا في جميع المذاهب الفلسفية والوثنية والموحدية مذهبًا واحدًا يوفِّق بين جوهر الأديان، ولهذا قالوا: "الرجل الكامل يكون فارسي النسب، عربي الدين، عراقي الأدب، عبراني المخبَر، مسيحي المنهج، شامي النسك، يوناني العلم، هندي البصيرة، صوفي السيرة، ملَكيَّ الأخلاق"[7].
وقالوا كذلك: "ينبغي لإخواننا ألاَّ يعادوا عِلمًا من العلوم، أو يهجروا كتابًا من الكتب، ولا يتعصبوا على مذهب من المذاهب؛ لأن رأينا ومذهبنا يستغرق المذاهب كلها ويجمع العلوم كلها"[8].
إن هذه الرؤية محاولة لوضع نظام ديني جديد يَحُل مَحَل الشريعة الإسلامية التي يزعم إخوان الصفا أنها أصبحت لا تؤدي رسالتها، وهي دعوة إلى دين عالمي جديد وضْعي، على غرار ما يفعل الماديون الغربيون المعاصرون؛ بوضعهم أسس نظام عالمي جديد يقوم على القوانين الوضعية التي تعارف عليها البشر؛ قِوامه الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبلورتْها العولمة في شتى المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية)، وتمخَّض عنها الإنسان الكوني الذي تجتمع فيه الصفات التي ينبغي -في زعمهم وحسب أهوائهم- أن تكون قاسمًا مشترَكًا بين بني البشر.
وبالجملة؛ فإننا نجد في توجُّه إخوان الصفا نزعة باطنية ذات مسحة شيعية عامة؛ تتجلى في بعض مقاطع الرسائل، كما سنرى. إلاَّ أن الفكر الذي يحمله هؤلاء يتعدى حدود المذاهب الشيعية المتعددة، كما يخرج على حدود الفِرق الإسلامية المعروفة؛ فهو فكر انتقائي يجمع بين الكثير من المعتقدات الدينية والمذاهب الفكرية، وينفتح أصحابه على أفكار كل نِحلة، ويبتغون جَمْعَ حكمة كل الأمم والأديان والمِلل؛ مذهبهم حسب تعبيرهم: "يستغرق المذاهب كلها، ويجمع العلوم جميعها، وذلك أنه بالنظر في جميع الموجودات بأسْرِها (الحسية والعقلية، من أولها إلى آخرها، ظاهرها وباطنها، جليِّها وخفيِّها) بعين الحقيقة من حيث هي كلها مبدأ واحد، وعلَّة واحدة، وعالَم واحد"[9].

بعض أمثلة التأويل عند إخوان الصفا

أوَّلَ إخوان الصفا الثواب والعقاب الحسي الموجود في الجنة والنار؛ فزعموا: "أن جهنم هي: عالم الكون والفساد التي هي دون فلك القمر، وأن الجنة هي: عالم الأرواح وسعة السموات، وأن أهل جهنم هم: النفوس المتعلقة بأجساد الحيوانات التي تنالها الآلام والأوجاع دون سائر الموجودات"[10].
وهم في سبيل البرهان على معتقداتهم؛ يعمدون إلى تأويل الآيات القرآنية التي تتحدث عن عذاب جهنم ونعيم الجنة.
فمن الآراء الفاسدة في زعمهم: "من يظنون أن جهنم هي خندق محفور، كبير واسع، مملوء من نيران تشتعل وتلتهب، وأن الله -تعالى- يأمر الملائكة -قصدًا منه وغيظًا على الكفار- أن يأخذوهم ويرموهم في ذلك الخندق، ثم إنه كلما احترقت أجسادهم وصارت فحمًا ورمادًا، أعاد فيها الرطوبة والدم حتى تشتعل من الرأس ثانيًا كما اشتعل أول مرة، وهكذا يكون دأبهم أبدًا"[11].
وهذا الرأي على حد زعمهم يعني الإساءة إلى الله تعالى، والاعتقاد بأن فيه من الحقد وقِلَّة الرحمة لخلقه[12]، تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.
ويرون أن من الاعتقادات والآراء المحيِّرة، والتي تبعث على الشك والريبة، أن يعتقد الإنسان أنه يباشر الأبكار في الجنة ويلتذ بها، وأن يرجو الجنة بعد خراب السموات وطيها كطي السجل للكتب، وأن يعتقد أن الأعمال تُجعل في كفتي الميزان، وأن يعتقد سؤال منكر ونكير في القبر من جسد الميت، وأن يعتقد أن في الجحيم تنانين وثعابين وأفاعيَ يأكلن الفساق، وما شاكل هذه الاعتقادات المؤلمة لنفوس معتقديها[13].
بَيْد أن هذا الكلام ينفي القدرة والحكمة عن الله -تعالى- حين يرى إخوان الصفا أنه لا مجال لرجاء الجنة بعد خراب السموات وطيها كطي السجل للكتب، وفيه إلحاد في أسمائه -تعالى- وتعطيلها عن معانيها وجحد حقائقها؛ فقدرة الله طليقة لا يحدها شيء، إذا قضى أمرًا فإنما يقول له: كن فيكون. كما أن أفعاله -تعالى- على مقتضى الحكمة من جميع الوجوه؛ إذ لا بد من مجازاة المسيء بالعقاب والعذاب، ومجازاة المحسن بالفضل والجنة، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى[النجم: 31]. ويوم الدين هو ميقات الفصل بين العباد {إنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ[الدخان: 40].
ولأجل ذلك؛ فإن اعتقادهم هذا من أعظم الإلحاد في أسماء الله الحسنى وصفاته العلا؛ عقلاً وشرعًا ولغة وفطرة: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأعراف: 180]. ومَرَدُّ ذلك أن إخوان الصفا استنبطوا اعتقاد الفلاسفة الماديين الذين سلبوا الله -تعالى- صفات كماله، وجحدوها وعطلوها.
وقد أدى تأويلهم للبعث والقيامة إلى إنكار الحشر والنشور؛ إذ اعتقدوا أن خراب العالم وحشر الأجساد يوم القيامة شيء يأباه العقل، وإنما هي أحوال تطرأ على النفس بعد الموت أو حين تنتبه من غفلتها في الدنيا، في كلام متناقض مضطرب لا يوقن بحقائق الآخرة. يقولون: "إن البعث والقيامة أمور تقال لعامة الناس ولمن لا يعرف من الأمور شيئًا. أما الخاص ومن نظر في العلوم، فإن هذا لا يصلح لهم؛ وذلك لأن كثيرًا من العقلاء والحكماء (الفلاسفة) ينكرون خراب السموات، ويأبون ذلك إباءً شديدًا، والجيد لهم أن يعتقدوا أمر الآخرة، وأن لها عَودًا متأخرًا عن الكون في الدنيا، كما كان في الدنيا موجودًا متأخرًا عن الكون في الرحم، وكما كانت أيام الشيخوخة متأخرة عن أيام الشباب... وهي أحوال تطرأ على النفس بعد مفارقتها الجسد إذا هي انتبهت من نوم غفلتها في الدنيا، واستيقظت من رقدة جهالتها قبل الممات"[14].
وهذه عقيدة مستوحاة من نظرة الفلاسفة الماديين إلى الكون والحياة؛ إذ يؤمنون بقِدَم العالم وخلوده، وأنه لا يلحقه الزوال والخراب، وأنه لا بعث ولا حساب على الإنسان بعد مماته؛ ولهذا ينكر إخوان الصفا اليوم الآخر، كما جاء في الكتاب العزيز والأحاديث الشريفة ويؤمن به المسلمون.
كما أنكروا في رسائلهم -أيضًا- وجود إبليس والشياطين؛ فالاعتقاد بوجودهم -على حد زعمهم- من الآراء الفاسدة. يقولون: "ومن الآراء الفاسدة من يعتقد أن الله خلق خلقًا وربَّاه وأنماه وأنشأه وسلَّطه وقوَّاه على عباده متمكنًا في بلاده، ثم ناصبه العداوة والبغضاء، وهو إبليس وجنوده من الشياطين"[15].
وبالجملة؛ فإن المتأمل في رسائلهم يرى بجلاء ووضوح أنهم لا يؤمنون بالأمور الغيبية مطلقًا، رغم أنها شرط في صحة الإيمان بالله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ[البقرة: ٣]، بل أوَّلُوها إلى أمور حسية، كما رأينا في تأويلاتهم للجنة والنار متأثرين بلوثة وترَّهات الفلاسفة الماديين الذين انسدَّت في قلوبهم مدارك البصيرة، والمعرضين عن آيات الله -تعالى- التي لا تحصى في الآفاق والأنفس.
من خلال ما تقدم نلاحظ بوضوح أن رسائل إخوان الصفا كانت مقدِّمة لتحويل الدعوة الباطنية إلى مؤامرة خطيرة لتدمير العقيدة والشريعة الإسلامية معًا، وتفكيك الدولة الإسلامية.
فإخوان الصفا جماعة سِرَّية من الباطنية المجوس والزنادقة الحاقدين على الإسلام واللغة العربية، كان هدفهم من كتابة هذه الرسائل وضع مخطط لتقويض المجتمع الإسلامي؛ إذ لما تعذَّر عليهم مَطلَبُهم وعزَّ عليهم مرامهم بالنيل من الإسلام، لجئوا إلى حقن جسد الأمة الإسلامية بأنسجة فاسدة، وما ذلك إلا التلفيق بين دين الأمة وهويتها وخصوصيتها الحضارية، وبين ما يناقض دينها ويصادم هويتها وينتهك خصوصيتها الحضارية، من المناهج الفكرية الدخيلة الضارة.
وقد أسهم في تنفيذ هذا المخطط الذي وضع لبِنَاته، إخوان الصفا، العبيديون في بلاد المغرب ومصر، والحشاشون في بلاد فارس، والدروز والنصيرية في بلاد الشام.
كما حاول إخوان الصفا وضع دين عالمي جديد يحل محل دين الإسلام بعقيدته وشريعته، التي يزعمون أنها أصبحت عتيقة لا تؤدي رسالتها.
وقد أخفقت محاولتهم إخفاقًا تامًّا؛ فلم تنتج نظامًا علميًّا، ولم تنشئ مجتمعًا جديدًا يقوم على أساسها، وأصبحت في مدة قريبة من الآثار التاريخية التي لا تأثير لها في حياة الناس، وإن تلقَّفت الفِرق الباطنية الأخرى أفكارها، واستعانت بها في تقويض دعائم المجتمع الإسلامي في فترات من تاريخه.
وفي العصر الحديث كان من أبرز أعمال الغزو الثقافي والتغريب ممثلاً في الاستشراق والتنصير، هو إعادة طبع وإحياء رسائل إخوان الصفا من جديد؛ بهدف التشويش على خط الإسلام الأصيل الذي يمثله القرآن والسُّنة، فقامت المطبعة الكاثوليكية في بيروت بإعادة طبع هذه الرسائل.
ثم جاء دعاة التغريب وتلاميذ المستشرقين في العالم الإسلامي فأعلَوْا من قيمة هذه الرسائل، وقالوا: هي أعظم ذخيرة أدبية وفلسفية، هكذا علَّمهم المستشرقون. وعلى رأس هؤلاء طه حسين الذي ادعى أن إخوان الصفا قوم مجدِّدون مصلِحون، قدَّموا للمجتمع الفلسفات اليونانية والهندية والفارسية؛ لإنشاء ثقافة جديدة، هي الثقافة التي يجب على الرجل المستنير أن يظفر بها! وهذا خداع من طه حسين لقومه؛ فإن رسائل إخوان الصفا ما وُضِعَت إلا لهدم الإسلام، وما جُدد طَبْعها ونَشْرها إلا لهذا الغرض.
ومن المشروعات التلفيقية التي ظهرت في عصرنا متأثرة بفكر إخوان الصفا مشروع (اليسار الإسلامي) الذي حاول التوفيق بين الإسلام والماركسية؛ إذ أراد هذا المولود المشوَّه المعاق أن يتبنى قضايا الثورة والاشتراكية والعدل الاجتماعي وغيرها من القضايا.
و(إخوان الصفا الجدد) دعاة هذا المشروع المشبوه لمَّا انفض الناس عن دعوتهم الاشتراكية التي فشلت في عُقْر دارها، ونفر الناس من مبادئهم اليسارية، لجئوا إلى حيلة التوفيق أسوة بأسلافهم الباطنيين والزنادقة.
وهذا أسلوب المنافقين في كل زمان، كما قال الله -تعالى- عنهم في التنزيل: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنْ أَرَدْنَا إلاَّ إحْسَانًا وَتَوْفِيقًا[النساء: 61، 62].
وقد حمل راية هذا المشروع المشوَّه لفيف من الزنادقة الباطنيين والعلمانيين، أمثال: فتحي عثمان، ومحمود إسماعيل، وسيف الإسلام محمد، ومحمد عابد الجابري... وغيرهم؛ غير أن الذي تولى كِبْرَه في النهوض بهذا هو (حسن حنفي) صاحب مجلة "اليسار الإسلامي".

وخلاصة القول:

على الرغم من طَبْع ونَشْر رسائل إخوان الصفا كجزء من مخطط التغريب والغزو الثقافي الذي دشَّنه المستشرقون وتلامذتهم المنتسبون للإسلام، وعلى الرغم من رفع أهل التخريب العقدي من إخوان الصفا الجدد عقيرتهم للجمع بين التيارات المتناقضة تحت عباءة اليسار الإسلامي؛ لنسف الإسلام وتفكيكه من الداخل، فإنَّ مخططات هؤلاء جميعًا للنيل من الإسلام الدين الحق باءت بالفشل ولله الحمد، كما قال الشاعر العربي:
كناطـحٍ صخـرةً يومًا ليوهنهـا *** فلم يُضِرْها وأوهى قرنه الوعِلُ[16]
على أنه قد ظهر قديمًا وحديثًا من علماء المسلمين من تصدَّى لكشف زيف رسائل إخوان الصفا؛ فما هي إلا سموم عرفها أهل الأصالة الإسلامية، وضلال وزيغ أبانوا عن فساده.. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}[الرعد: 17].
وحسبك أن تكون هذه التوفيقية المتلونة في رسائل إخوان الصفا منهج الكافرين حقًّا؛ إذ لم تُنتِج إلا التناقض والارتباك، والحيرة والاضطراب، وهذه -لعمرُ الله- ثمرات النفاق الاعتقادي، والكفر بالله والإشراك به.
لقد فضح الله  دعاة هذه المناهج التلفيقية المشبوهة، وهتك سترهم بقوله جلَّ ذِكْره: {إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا[النساء: 150، ١٥١].
د. محمد أمحزون
المصدر: موقع مجلة البيان.

مختارات من الشعر العربي







واني وان كنت ابن سيد عامر**وفارسها المشهور في كل موكب

فما سودتني عامر عن وراثة**ابـــا الله ان اسمـــو بــــام ولا اب

ولكني احمي حماها واتقي**اذاها وارمي مـــن رمــاها بمنكــــب
عامر بن الطفيل 





العباس بن الاحنف 


ازين نساء العالَمين اجـــيبي ... دعاء مشوق بِالــــــعراقِ غَريب


كتبت كتابي ما اقيم حـــروفَه ... لشدة اعوالي وطولِ نحـــــــيبي


اخط وامحو ما خطَطت بِعبرة ... تسح على القرطاسِ سح غروب


ا فَوز لو اصرتني ما عرفتني ... لطولِ شجوني بعدكم وشحوبي





عروس القصائد

للمعرّي

لا رقدت مقلة الجبان ولا *** متعها بالكرى مســــهـدهـــا

والنفس تبغي الحياة جاهدة *** وفي يمين المليك مقودهـــا

فلا اقتحام الشجاع مهلكها *** ولا توقى الجبان مــخلدهــا

لكل نفس من الردى سبب *** لا يومها بعـده ولا غــدهـــا

جاءتك ليــــلية شـــــــامية *** كأنهــا بالعراق مـولدهــــا


قائلها فاضل وأفضل مــــن *** قائلـــها الألمعي منشـــدها

أسهب في وصفه علاك لنا *** حتى خشينا النفوس تعبدها

زف عروساً حليها كــــــلم *** تـنجـــده تـــارة وينجدهــــا