Translate

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

أول 10 شيوخ للأزهر..منهم 3 من البحيرة

أول 10 شيوخ للأزهر..منهم 3 من البحيرة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وبعد فهذه تراجم لشيوخ الازهر الشريف رضى الله عنهم جميعا بداية بأول من تولى المشيخه وهو الأمام الأكبر الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي إلى شيخ الازهر فى عصرنا هذا الأمام الأكبر الامام أحمد الطيب


الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي 
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

اســمــه:

هو الإمام الشيخ أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي المالكي، أول أئمة الجامع الأزهر.
مكان الميلاد والإقامة والوفاة:
ولد الشيخ سنة 1010هـ = 1601م، أقام بالقاهرة، وتوفي ودُفن فيها سنة 1101 هـ = 1690م.
نسبته:

وسمي بالخراشي نسبة إلى قريته التي ولد بها، قرية أبو خراش، التابعة لمركز   شبراخيت، بمحافظة البحيرة. وضبطه بعضهم باسم (الخَراشي) بفتح الخاء،  وبعضهم بكسرها، ولكن الأصح أنها بالفتح، قال الزبيدي في تاج العروس: شيخ مشايخنا أبو عبد الله الخراشي من قرية أبي خَراش كسحاب(1)
نشأته ومراحل تعليمه:

لم ينل الشيخ الخراشي شهرته الواسعة هذه إلا بعد أن تقدمت به السِّن، ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين شيئًا عن نشأته. تلقى الشيخ تعليمه على يد نخبة من العلماء والأعلام، مثل والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي الذي غرس فيه حبًّا للعلم وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني، وكلاهما -الشيخ اللقاني ووالده الخراشي- تلقى معارفه وروى عن الشيخ سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني بسنده عن البخاري. وتلقى أيضًا العلم على أيدي الشيخ الأجهوري، والشيخ يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي، وغيرهم من العلماء والمشايخ الذين رسموا لحياته منهجًا سار على خطواته حتى توفاه الله. وقد درس الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، ودرس أمهات الكتب في كل هذه العلوم السالفة الذكر على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم. وقد ظل الشيخ عشرات السنين يعلم ويتعلم، ويفيد ويستفيد من العلم والعلماء، وظل يروي طيلة حياته ويُروى عنه، وبات يضيف ويشرح ويعلق على كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه، فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه، والنهل من علمه الغزير، ومعرفته الواسعة.
تلاميذه ودورهم في رفع شأن الإسلام:

من تلاميذ الشيخ الخراشي: الشيوخ: أحمد اللقاني، ومحمد الزرقاني، وعلي   اللقاني، وشمس الدين اللقاني، وداود اللقاني، ومحمد النفراوي، والشيخ أحمد النفراوي، والشبراخيتي، وأحمد الفيومي، وإبراهيم الفيومي، وأحمد المشرفي، والعلامة عبد الباقي القليني (الذي تولى مشيخة الأزهر وأصبح رابع المشايخ)، والشيخ علي المجدولي، والشيخ أبو حامد الدمياطي، والعلامة شمس الدين البصير السكندري، وأبو العباس الديربي صاحب المؤلفات القيمة والعديدة، وتتلمذ على يديه الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي أصبح شيخًا للأزهر. وكل هؤلاء المشايخ الذين تتلمذوا على يديه حملوا لواء العلم والمعرفة من بعده، وكان لهم الدور البارز في رفع شأن الإسلام واللغة العربية، وكلهم أصبحت لهم مكانتهم المرموقة، وتتلمذ على أيديهم الألوف من طلاب العلم والمعرفة.
أخـــلاقه:

كان الشيخ الخراشي -رحمه الله- متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، حلو الكلام، يُسَخِّر نفسه لخدمة الناس وقضاء حاجاتهم بنفسه، واسع الصدر، تعلم على يديه طلاب العلم من شتى بقاع الأرض يسألونه ويستمعون إليه ويناقشونه دون ضيق منه أو تذمر، رحب الأفق لا يمل ولا يسأم. قال عنه الشيخ علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته التي جعلها على شرحه الصغير لمتن خليل: هو العلامة الإمام والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقًا وغربًا، قدوة السالكين عجمًا وعربًا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدي أبو عبد الله بن علي الخراشي. انتهت إليه الرياسة في مصر حتى إنه لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته، وطلبة طلبته، وكان متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة، حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدًا، ورعًا، متقشفًا في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته، وكان لا يصلي الفجر صيفًا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضي بعض مصالحه من السوق بيده، وكذلك مصلحة بيته في منزله. ويقول عنه من عاشره: ما ضبطنا عليه ساعة هو فيها غافل عن مصالح دينه أو دنياه، وكان إذا دخل منزله يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكان لا يَملُّ في درسه من سؤال سائل، لازم القراءة لا سيما بعد شيخه البرهان اللقاني، وأبي الضياء علي الأجهوري. وكان يقسم متن خليل في فقه المالكية إلى نصفين، نصف يقرؤه بعد الظهر عند المنبر كتلاوة القرآن، ويقرأ نصفه الثاني في اليوم التالي، وكان له في منزله خلوة يتعبد فيها، وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصى بلاد المغرب،
وغيرها من سائر البلاد، فلا يمس منها شيئًا، بل كان يعطيها لمعارفه والمقربين منه يتصرفون فيها.
منزلـتــه:

لقد ذاع صيته، وطارت شهرته وسمت مكانته -رحمه الله- بين العامة والخاصة، فكان الحكام يقبلون شفاعته، وكان الطلبة يقبلون على دروسه وينهلون من معارفه الفياضة التي لا تنضب، وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه ويهتدون بعلمه وخلقه. قال عنه الجبرتي: هو الإمام العلامة والحبر الفهامة، شيخ الإسلام والمسلمين ووارث علوم سيد المرسلين، وقد ذاعت شهرته أيضًا في البلاد الإسلامية حتى بلغت بلاد المغرب وأواسط أفريقيا حتى نيجيريا، وبلاد الشام والجزيرة العربية واليمن، وقد مكَّن الشيخ من بلوغ هذه الشهرة انتشار طلابه وكثرتهم في أقطار عديدة، واشتهاره بالعلم والتقوى. وقال عنه المرادي في سلك الدرر: الإمام الفقيه ذو العلوم الوهبية والأخلاق المرضية، المتفق على فضله، وولايته، وحسن سيرته. واشتهر في أقطار الأرض كبلاد المغرب، والشام، والحجاز، والروم، واليمن، وكان يعير من كتبه، ومن خزانة الوقف بيده لكل طالب، إيثارًا لوجه الله.
مــؤلـفــاتــــه:

كان الشيخ واسع العلم متنوع الثقافة، وخاصة في تفسير القرآن الكريم، وفي الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، لذا ترك مكتبة عربية وإسلامية ثرية بمؤلفاته التي امتلأت باللآلئ والجواهر، قلما يوجد لها مثيل، ومن كتبه:
1- رسالة في البسملة، وهو شرح لهذه الآية الكريمة. 2- الشرح الكبير على متن خليل، في فقه المالكية، في ثمانية مجلدات. 3- الشرح الصغير لمختصر خليل على متن خليل أيضًا، في أربعة مجلدات. 4- منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة، وهو شرح لكتاب نخبة الفكر للعلامة ابن حجر العسقلاني، في مصطلح الحديث. 5- الفرائد السنية في حل ألفاظ السنوسية في التوحيد. 6- الأنوار القدسية في الفرائد الخراشية، وهو شرح للعقيدة السنوسية الصغرى، المسماة (أم البراهين). 7- حاشية على شرح الشيخ على إيساغوجي في المنطق، وهو من أشهر كتب المنطق.

ولايتــه للـمــشيـخــة:

تكاد الروايات تجمع على أن الشيخ الخراشي -رحمه الله- أول من تولى
منصب شيخ الأزهر، وجميعها تذكر أنه نال هذا المنصب عن جدارة واستحقاق، فقد
ولي الشيخ -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1090هـ = 1679م، وكان عمره وقتذاك
حوالي ثمانين عامًا، واستمر في المشيخة حتى توفاه الله تعالى.
وفــــاتـــه:

_ وافاه أجله المحتوم -رحمه الله- صبيحة يوم الأحد السابع والعشرين من
شهر ذي الحجة سنة (1101هـ = 1690م) عن عمر يناهز التسعين عامًا.
دفن الشيخ الخراشي -رحمه الله- مع والده بوسط قرافة المجاورين، وقبره
معروف، تاركًا للأزهر ما يقرب من عشرين مؤلفًا، ما زالت من أهم المراجع للعلماء.
مصادر ترجمته:

- الأزهر، تاريخه وتطوره، علي عبد العظيم، وآخرون ص 283.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 6/240، 241.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 4/62.
- شيوخ الأزهر، أشرف فوزي صالح، ص(5 - 9).
- صفوة ما انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، محمد الأفراني، ص205.
- عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي 1/166.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، الشيخ سليمان رصد الزياتي.
- مقدمة حاشية الصعيدي على شرح الخراشي لمتن خليل.
---------------------
(1)ينظر تاج العروس مادة (خ ر ش).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





الإمام الثانى
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الإمام إبراهيم بن محمد البرماوي
الشيخ العلامة الإمام: إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين بن خالد، برهان
الدين البرماوي، الأزهري، الشافعي، الأنصاري، الأحمدي، شيخ الجامع الأزهر(1) .
مكان الميلاد:
ولد في قرية (بِرْما)، التابعة لمركز طنطا، بمحافظة الغربية.
نسبته:

يظهر من اسمه أنه من منسوب إلى بلده (بِرمة) -بكسر الباء- من أعمال
محافظة الغربية.
نشأته ومراحل تعليمه:

نزح الشيخ -رحمه الله- إلى القاهرة، والتحق بالأزهر الشريف، وتعلم على أيدي علمائه الذين أفادوه، ودرس الشيخ علوم الأزهر المقررة على الطلبة في زمنه -كعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية وما يتصل بهما. وتلقى الشيخ البرماوي -رحمه الله- تعليمه على أيدي كبار العلماء كالشمس الشوبري، والمزاحي، والبابلي، والشبراملسي (تلميذ الشيخ الخراشي)- وهم من كبار العلماء في عصره، رحمهم الله جميعًا. ولكنه لازم دروس الشيخ أبي العباس شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي^(2) <#2> ، والشيخ القليوبي كان واسع الثقافة، غزير العلم، كان يتهافت على دروسه طلبة العلم للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، والاستفادة من علمه، وقد احتفى الشيخ القليوبي بالشيخ البرماوي لما رآه من نبوغه، مما جعل الشيخ البرماوي يتصدى للتدريس والجلوس مكان الشيخ القليوبي، رحمهما الله.
تلاميذه:
درَّس الشيخ البرماوي -رحمه الله- لكثير من الطلبة الذين أصبحوا بعد ذلك من جهابذة العلماء، مثل العلامة العجلوني، والشيخ علي بن المرحومي، ومن ألمعهم الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي وُلِّيَ منصب شيخ الجامع الأزهر، وكان ترتيبه السادس فيمن تولوا المشيخة.
منزلته:

كان الشيخ البرماوي -رحمه الله- حجة في فقه الشافعية، وكان واسع الثقافة، غزير العلم، تهافت الطلبة على دروسه للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، وللاستفادة من ثقافته المتنوعة.
مــؤلــفــاتـــه:
ترك الشيخ البرماوي -رحمه الله- عدة مصنفات في الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث والتصوف، منها:
1- حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح الإشبيلي، في علم مصطلح الحديث.
2- حاشية على شرح ابن قاسم (الغزي)، في الفقه الشافعي.
3- رسالة في أحكام القول من مغلظ كلب وخنزير في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
4- حاشية على شرح السبط (وهو المارديني ت 907هـ) على الرحبية في الفرائض (المواريث).
5- الميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد.
6- رسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات، والتوسل بالأولياء بعد الممات، وهي في التصوف والتوحيد.
ولايته للمشيخة:

وُلِِّي الشيخ البرماوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة (1101 هـ / 1690م)،
فهو ثاني من تولى مشيخة الأزهر الشريف، وهذا مثبت من المصادر التاريخية، إلا أن صاحب كنز الجوهر أغفله، وجعل الشيخ النشرتي هو الشيخ الثاني للأزهر متابعًا في هذا الجبرتي (2/121)، كما تابعه في هذا صاحب الخطط التوفيقية (4/31). والواقع: أن الشيخ النشرتي هو الشيخ الثالث للأزهر، وأنه ولي منصبه سنة 1106هـ، أما الفترة بين وفاة الشيخ الخراشي سنة 1101هـ، وولاية النشرتي سنة 1106هـ، فقد ولي الأزهر فيها الشيخ الإمام البرماوي، وقد صحح العلامة السيد أحمد رافع الطهطاوي خطأ الجبرتي ومن تابعه، فقال في كتابه (القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي): «الشيخ محمد النشرتي المالكي، ثالث شيوخ الأزهر إلى أن توفي في 28 من ذي الحجة سنة 1120هـ، وهذا خلافًا لما وقع في موضع من تاريخ الجبرتي... وإن تبعه في ذلك صاحب الخطط التوفيقية».
وفاته:

توفي الشيخ البرماوي -رحمه الله- سنة 1106هـ / 1695م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 1/67، 68.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار في التراجم والأخيار، للجبرتي.
- القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي، السيد أحمد رافع الطهطاوي.- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
------------------


(1)ينظر: عجائب الآثار 1/173.


(2)ينظر: ترجمته في الأعلام للزركلي 1/92.


  • الإمام الثالث
    الإمام محمد النشرتينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    هو الإمام العالم السيد محمد النشرتي المالكي، أحد علماء الأزهر الشريف، ومن أبرز أعلام المذهب المالكي
    نسبته:
    ينسب الشيخ النشرتي -رحمه الله- إلى بلده التي وُلِد فيها (نشرت)، وهي تابعة لمركز قلين، بمحافظة كفر الشيخ، التي كانت تسمى مديرية الفؤادية.
    نشأته ومراحل تعليمه:
    انتقل الشيخ من بلدته إلى القاهرة في صباه ليلتحق بالأزهر، ويتلقى تعليمه على أيدي الشيوخ الأجلاء فيه. واجتهد في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وظل الشيخ النشرتي يتصدر حلقات الدرس حتى اختير لمشيخة الجامع الأزهر سنة 1106هـ/1695م، بعد وفاة الشيخ البرماوي. وقد أقر المؤرخون أن الشيخ النشرتي تزعم علماء المالكية في عصره، وأنه مع توليه للمشيخة وقيامه لمهامها حرص على أن يبقى مدرسًا، وألا تنفض حلقته الدراسية. ولم تصرفه أعماله الإدارية -التي يتطلبها موقعه كشيخ للأزهر- عن أداء رسالته  التربوية التي كرَّس لها جل وقته، وعبأ لها نفسه وعلمه وأعطاها كل جهده؛ لأنه كان مؤمنًا بأن العلم عبادة. وكانت للشيخ النشرتي -بإجماع علماء عصره- موهبة فذة في الشرح والتوضيح والإبانة، مما جذب لحلقات درسه الطلاب  من جميع بلاد العالم الإسلامي... واستمر الإمام النشرتي أربعة عشر عامًا في مشيخة الجامع الأزهر، ولم تؤثر على حلقات علمه التي انكبَّ عليها طلاب العلم.

    تلاميذه:
    - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعي الأزهري، صاحب المؤلفات الشهيرة والعديدة والمفيدة.
    - الإمام الشيخ الصالح عبد الحي زين العابدين.
    - الإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي الشافعي، الشهير بالجوهري. وظل الشيخ وفيًّا لرسالته مخلصًا في أداء مهمته، لكنه اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره خاصة التي كانت في المذهب المالكي، ولم تكن للشيخ مؤلفات خاصة به، فقد كان من النوع الذي ينادي بتأليف الرجال وإعداد الجيل، لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات. واستطاع الشيخ أن يربي ويخرج طائفة من الزعماء المرموقين، الذين حملوا لواء رسالته من بعده، وأدوها خير أداء، ورفعوا شأن العلم، وكانوا درع الأمة الواقية في ميادين كثيرة. قد أثر الشيخ النشرتي في تلاميذه بدرجة كبيرة ظهرت واتضحت بعد وفاته في تماسكهم واتحادهم، وفرض آرائهم على ولاة الأمر؛ لصالح الدين والأمة، ومن أبرز مواقف تلاميذ الشيخ النشرتي موقفهم حين أصروا على أن يتولى الشيخ عبد  الباقي القليني -أحد تلاميذ الشيخ النشرتي- مشيخة الأزهر بعد النشرتي، وذلك في الوقت الذي أصرت فيه مجموعات أخرى لمذهب آخر على أن يتولاها الشيخ النفراوي، ولكن تلاميذ الشيخ النشرتي استطاعوا -بما تعلموه من أستاذهم- الوصول إلى تحقيق رغبتهم، وتم لهم ذلك بعد أحداث عصيبة في ملحمة مريرة بين الفريقين.

    مؤلفاته:
    بعد الرجوع إلى الفهارس العديدة للمكتبات لعلنا نعثر له على بعض المصنفات، ولكننا لم نظفر بنتيجة، ويظهر أن الشيخ -رحمه الله- اكتفى بتدريس المصنفات المعروفة، وبخاصة في مذهب المالكية.

    ولايته للمشيخة:
    تولى الشيخ النشرتي - رحمه الله - مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ البرماوي - رحمه الله -، وامتدت ولايته للمشيخة أربعة عشر عامًا، إلى وفاته سنة 1120هـ.

    وفــاتــه:
    توفي الشيخ النشرتي -رحمه الله- بعد ظهر يوم الأحد، الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، عام 1120هـ/1709م، وأخرت جنازته إلى صبيحة يوم الإثنين، وصلي عليه بالأزهر، وحضر جنازته الصناجقة والأمراء، والأعيان والعامة، وكان يومًا مشهودًا ومشهدًا حافلا، وهذا يدل على منزلته العظيمة، فقد عرف الشيخ النشرتي بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية.

    مصادر ترجمته:
    _- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.



    الإمام الرابع الإمام عبد الباقي القلينينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ولد بقرية قلين، التابعة لمركز كفر الشيخ، بمديرية الفؤادية، والتي أصبحت الآن مركز قلين، التابع لمحافظة كفر الشيخ، ولم يرد ذكر تاريخ مولده لعدم انتظام النواحي الإدارية في ذلك الوقت، وعدم الاهتمام بهذه الأمور.
    نسبته:
    نُسِب الشيخ -رحمه الله- إلى قرية (قلين) التي وُلِدَ ونشأ فيها.
    نشأته ومراحل تعليمه:
    غادر قريته قاصدًا القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر، الذي عكف فيه على تحصيل العلم على أيدي علماء عصره الأعلام. وكان الشيخ القليني ذكيًّا يعي ما يقرأ، ويحفظ ما يفهم، ولذا نبه شأنه، وذاع صيته، وعرف اسمه للقاصي والداني، وجلس للدرس والتعليم.
    شيوخه:
    كان الشيخ القليني تلميذًا نجيبًا للعالمين الجليلين: الشيخ البرماوي، والشيخ النشرتي.
    تلاميذه:
    من أبرز تلاميذ الشيخ -رحمه الله- الذين ذكرهم الجبرتي: الإمام العلامة، والعمدة الفهامة، المتفنن المتبحر الشيخ محمد صلاح البرلسي. ولم تذكر المراجع الموجودة التي تتناول الشيخ القليني سوى نتف قليلة عن حياته وتلاميذه، ولكنها تروي عنه أن طلاب العلم قد وفدوا عليه من كل مكان والتفوا  حوله وفي حلقته، وكانوا كثيرين. وكان الشيخ القليني يعتني بتوجيه طلبته إلى العناية والاهتمام بالكتب القديمة -كتب التراث- والغوص فيها، والبحث في أمهات الكتب لاستخراج ما فيها من كنوز ومعارف. وكان يساعد تلاميذه ويعينهم على فهم ما صعب عليهم فهمه في تلك الكتب، ويملي عليهم الحواشي لإيضاح الغوامض وتبسيط المعقد الصعب.
    أخلاقه:
    لقد كان الشيخ محبوبًا من زملائه وتلاميذه، وكبار علماء عصره، الأمر الذي دفعهم لمناصرته، ودخولهم في معركة دامية لتحقيق توليته للمشيخة، ذلك بالرغم من أنه كان بعيدًا عن القاهرة آنذاك، ولم يشترك في هذا الصدام من قريب أو بعيد، وإنما تلاميذه وزملاؤه وإخوانه المقربون هم الذين فعلوا ذلك ليقينهم أنه الأحق بولاية هذا المنصب الجليل بعلمه وأخلاقه، فكان علمه غزيرًا، ومعرفته واسعة ثرية.
    مؤلفاته:
    بعد الرجوع إلى مصادر ترجمة الشيخ -رحمه الله- وفهارس المكتبات لم نجد له مصنفات، فهو من النوع الذي يهتم بتربية التلاميذ أكثر من التصنيف.
    ولايته للمشيخة:
    وُلِِّي الشيخ القليني مشيخة الأزهر عام 1120هـ/1709م، بعد أحداث أليمة وعصيبة عقب وفاة أستاذه الشيخ النشرتي، وظل الشيخ في ولايته لمشيخة الأزهر إلى أن مات.
    وفاته:
    لم يتيسر لنا معرفة تاريخ وفاته، ولم يرد ذكر بذلك في جميع الكتب التي تناولت ترجمته، ولكن تم تعيين المشيخة بعده للشيخ محمد شنن.
    مصادر ترجمته:
    _- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.


  • الإمام الخامس
    الإمام محمد شنن نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا، وكان مولده بقرية الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد.
    نشأته ومراحل تعليمه:
    نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه. جد الشيخ -رحمه الله- في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع الصيت، وذا ذكر حسن. وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته  الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي في بيته.
    منزلته:
    كان الشيخ شنن -رحمه الله- واسع الثراء، فيذكر الجبرتي أنه كان مليئا متمولا أغنى أهل زمانه بين أقرانه ... ترك لابنه ثروة طائلة فكان بها من صنف الذهب البندقي أربعون، خلاف الجنزولي والطولي، وأنواع الفضة، والأملاك والضياع، والوظائف، والأطيان... وغير ذلك، وكان له مماليك وعبيد وجوارٍ، ومن مماليكه أحمد بك شنن الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من كبار ولاة الأقاليم. ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من كبار الفقهاء، عالما جليلا، وفقيهًا مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه. ويذكر المؤرخون أن الشيخ شنن -رحمه الله- رغم ثرائه العريض وأمواله الطائلة كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل العلم ومتابعة تلاميذه والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد. وقد أقام الشيخ شنن -رحمه الله- صديقه الشيخ محمد الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن -رحمه الله- بعد بلوغه سن الرشد، ولم يمض وقت طويل -كما ذكر الجبرتي- حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم ضخامتها، ومات بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا. وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد لاحظ أثناء مشيخته
    أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد، وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15 من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب.   ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه، ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر. واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م - 1730م)، واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
    مؤلفاته:
    اكتفى الشيخ شنن -رحمه الله- بتدريس المؤلفات المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه وتلاميذه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ العلماء تلقى دروسه.
    ولايته للمشيخة:
    توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا تخرج إلا منه غالبًا.
    وفاته:
    ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل البحث والتدريس حتى توفاه الله، وقد ناهز السبعين من عمره عام 1133هـ/1720م.
    مصادر ترجمته:
    - الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
    - دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.


    الإمام السادس
    الإمام إبراهيم موسى الفيومي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ولد الشيخ الفيومي بمدينة الفيوم عام 1062هـ/1652م، ونشأ في بلدته حتى مطلع شبابه ثم قصد القاهرة ليلحق بالجامع الأزهر.
    نشأته ومراحل تعليمه:

    تلقى العلم على أيدي شيوخ عظماء، كان من أبرزهم الشيخ الخراشي أول شيوخ الجامع الأزهر، ذكر الجبرتي أن الشيخ الفيومي قرأ على الشيخ كتاب الرسالة) لأبي عبد الله بن زيد القيرواني وشرحها، مُعيدًا لها. وكان الشيخ الفيومي كثير القراءة طويل البحث حتى عُرِفَ بعلمه، وذاعت شهرته وملأت  الآفاق. كان من رجال الحديث المعروفين بعلمهم وسعة اطلاعهم، فقد أخذ علم الحديث على أيدي علماء أجلاء، كيحيى الشهاوي، وعبد القادر الواطي، وعبد الرحمن الأجهوري، والشيخ البرماوي أحد مشايخ الجامع الأزهر، والذي ترك بصماته العلمية على الشيخ الفيومي، والشيخ محمد الشرنبابلي، وغيرهم. كما أخذ بقية العلوم عن شيوخ أعلام، مثل: الشبراملسي، والزرقاني، والشهاب أحمد البشبيشي، والشيخ الغرقاوي، وعلي الجزايرلي الحنفي.
    تلاميذه:

    نهل من علم الشيخ الفيومي -رحمه الله- الكثيرون من طلبة العلم، وتربوا على يديه، وحملوا مشاعل النور من بعده، منهم: الفقيه الزاهد الشيخ محمد بن عيسى يوسف الدمياطي الشافعي، حيث درس علي يدي الشيخ الفيومي علوم المنطق   والفلسفة، وتأثر الدمياطي بأستاذه وبمنهجه فألف حاشية على الأخضري في المنطق، وحاشية ثانية على السنوسية، كما تلقى الدمياطي الفقه المالكي على الشيخ الفيومي. ومن أبرز تلاميذ الشيخ الفيومي أيضًا الشيخ الصالح علي الفيومي المالكي، شيخ رواق أهل بلاده، وكان ذا باع طويل في علم الكلام، والشيخ علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي، علم العلماء، وإمام المحققين، وعمدة المشايخ في عصره، وله مؤلفات عديدة قيمة، وانتهج أسلوب أستاذه وألف شرحًا للمقدمة العزية كما ألف حاشية على الأخضري.
    أخــلاقــه:

    كان الشيخ الفيومي عالمًا ورعًا، وقف بجوار تلاميذه وساندهم كما علمهم، وخرج من تحت يديه علماء المالكية الأفذاذ المشهود لهم بالعلم الواسع، والبحث الغزير إلى جانب التقوى والزهد، وكان أستاذهم مثلا أعلى وقدوة في كل   ما قاموا به ووصلوا إليه. وقد كان التدريس بالأزهر من أولى اهتمامات الشيخ الفيومي، فكان يوليه عنايته، ويعطيه الجزء الأكبر من وقته وعلمه ورعايته واهتمامه فكان -بحق- كما أجمع على ذلك علماء عصره، ومن جاءوا بعده -خير أستاذ لخير تلاميذ، وكانوا خير تلاميذ لخير أستاذ.
    منزلته:

    احتل الشيخ الفيومي -رحمه الله- مكانة مرموقة بين أقرانه من علماء عصره؛ لأنه كان متبحرًا في علوم اللغة، وعلوم الحديث، وعلم الصرف. وكان الشيخ الفيومي -رحمه الله- ذا موهبة فذة في فن التدريس، وقد ترك بصمات واضحة وآثارًا عميقة في نفوس تلاميذه متأثرًا في ذلك بأستاذه الشيخ الخراشي الذي أعطاه علمًا غزيرًا، وتجربة كبيرة ثرية. واختص لنفسه طريقة في الدرس، حيث كان يقف بعد انتهاء درس الشيخ الخراشي فيلخص ما ألقاه الشيخ على طلبته، فأعطاه ذلك خبرة واسعة ومدارك رحبة.
    مؤلفاته:

    ألَّف الشيخ الفيومي -رحمه الله- في علم الصرف شرحًا قيمًا لكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في فن الصرف)، وهذه المقدمات كانت من تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشاذلي المالكي، المتوفى سنة 939هـ، وقد قام بشرحها العديد من العلماء قبل الشيخ الفيومي، ولكن شرحه لها جاء في جزأين كبيرين، وكان شرحًا مفصلا واضحًا دقيقًا وافيًا، لم يصل إلى مستواه من شرحها قبله، ولم يدركه من جاء بعده.
    ولايته للمشيخة:
    تولى الشيخ الفيومي -رحمه الله- مشيخة الأزهر بإجماع العلماء والشيوخ عام 1133هـ /1720م، وذلك عقب وفاة الشيخ شنن.
    وفــاتــه:
    توفي الشيخ الفيومي -رحمه الله- عام 1137هـ/1724م، وهو في سن الخامسة والسبعين، وكان آخر من ولي مشيخة الأزهر من المالكية بعد أن استمرت فيهم ما يقرب من نصف قرن..
    مصادر ترجمته:
    _- الأعلام للزركلي 1/76.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.


  • الإمام السابع
    الإمام عبد الله الشبراوي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإمام عبد الله الشبراوي
    أبو محمد جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر بن شرف الدين، الشبراوي، الشافعي.
    الميلاد:
    ولد سنة 1091هـ، وقيل: سنة 1092هـ/1681م.
    نشأته ومراحل تعليمه:
    تلمذ الشيخ الشبراوي -رحمه الله- للإمام الخراشي، الشيخ الأول للأزهر، ونال إجازته(1) وهو دون العاشرة، ومن أساتذته المرموقين العلامة الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري، وكان من الشعراء الممتازين في زمنه، وله ديوانين من الشعر، وقد روى الجبرتي بعض قصائده، ويظهر أن الشيخ الشبراوي تأثر بأدبه، كما أنه تلمذ عليه في علم الحديث، وتلقى الفقه عن العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الثحلى الشافعي المكي، ومن شيوخه الممتازين الشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني، والشيخ محمد بن عبد الرازق الزرقاني، والشيخ أحمد النفراوي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري. ومن أعلام شيوخه: الشيخ الإمام الفقيه الفرضي(2) صالح بن حسن البهوي، كما أخذ عن علامة الفنون: شمس الدين الشرنبلالي شيخ مشايخ الجامع الأزهر.
    تلاميذه:
    من تلاميذه النابهين، الإمام الفصيح الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الرئيس الزمزمي المكي الشافعي، والوالي عبد الله باشا بن مصطفى باشا الكوبريلي -أو الكبوري نسبة إلى بلدة كبور- الذي ولاه السلطان محمود خان الخليفة العثماني ولاية مصر، وكان شاعرًا أديبًا وعالما جليلا، ما كاد يلي منصب الولاية حتى اتصل بكبار العلماء والأدباء والشعراء في مصر، وتلقى عنهم معارفه واستجازهم في الرواية عنهم. ومنهم الشيخ أحمد بن عيسى العماوي المالكي، وقرأ عليه صحيح البخاري، ومسلم، والموطأ، وسنن أبي داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، وغيرها.
    أخلاقه:
    كان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- كريم النفس، واسع الأفق، رحب الصدر، يدافع عن أولياء الله من العلماء والصالحين، حكيمًا في تصرفه، ويتجلى تسامحه
    في موقفه من المسيحيين، فيذكر الجبرتي أن نصارى الأقباط قصدوا الحج إلى بيت المقدس، وكان كبيرهم إذ ذاك (نوروز) كاتب رضوان كتخدا، فكلم الشيخ عبد الله الشبراوي في ذلك، فكتب له فتوى وجوابًا ملخصه أن أهل الذمة لا يمنعون من دياناتهم وزياراتهم(3) ، فهلل الأقباط لهذا وفرحوا به، إلا أن البعض لم تعجبه هذه الفتاوى وثاروا ضد الشيخ الشبراوي، لكن الشيخ لم يخطئ في الفتوى.
    منزلته:
    الإمام الشبراوي شخصية فذة، جمعت بين مواهب عديدة، فهو شاعر ممتاز بالنسبة لعصره، وكاتب مرموق بالنسبة إلى عصره، وهو إلى هذا عالم فقيه، يمتاز بالتعمق في دراسة الفقه وأصوله، والحديث وعلم الكلام. وإلى هذا أشار الجبرتي بقوله في ترجمته: «الإمام، الفقيه، المحدث، الأصولي، المتكلم، الماهر، الشاعر، الأديب»(4) ، وقد اجتمعت له الوراثة الصالحة والبيئة العلمية المناسبة، فنمت مواهبه وأينعت وتفتحت عن أطيب الثمرات في عصره، أما وراثته فيحدثنا عنها الجبرتي فيذكر أنه «من بيت العلم، والجلالة، فجده عامر بن شرف الدين ترجمه الأميني في الخلاصة(5) ووصفه بالحفظ والذكاء»(6) .وقد نال الشيخ الشبراوي -رحمه الله- شهرة عظيمة، وكانت له مكانة سامية عند الحكام والولاة، ومن يحيط بهم. قال الجبرتي عنه: «لم يزل يترقى في الأحوال والأطوار ويفيد ويملي ويدرس حتى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء ونفذت كلمته، وقبلت شفاعته، وصار لأهل العلم في مدته رفعة مقام ومهابة عند الخاص والعام وأقبلت عليه الأمراء وهادوه بأنفس ما عندهم»(7) . وعلى الرغم من هيبته وجلاله وعلو منصبه، فإنه كان يستجيب لنوازع المشاعر الوجدانية، فيعبر عن هذا في شعر رقيق، ومن أعذب قصائده الغزلية الرقيقة المشهورة التي استهلها بقوله:
    وحقك أنت المنى والطلب وأنت المراد وأنت الأرب
    ولي فيك يا هاجري صبوة تحير في وصفها كل صب

    ولا عجب أن يلهج العلماء بالشعر الفني الجميل، فقد مدح الشعراء النبي صلى الله عليه وسلم واستهلوا مدائحهم بالغزل الرقيق العفيف، فقد فعل هذا حسان والأعشى والنابغة الجعدي، وظلوا ينسجون على هذا المنوال وحسبنا قصيدة البردة. وكان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- يستغل مواهبه الشعرية في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب بمثل نظمه للآجرومية في علم النحو.
    مؤلفاته:
    - مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، وهو ديوان شعر للمؤلف طبع مرارًا.
    - الإتحاف بحب الأشراف، طبع بمصر سنة 1316هـ.
    - الاستغاثة الشبراوية.
    - عروس الآداب وفرحة الألباب في تقويم الأخلاق، ونصائح الحكام، وتراجم الشعراء، توجد منها نسخة خطية في ليدن.
    - عنوان البيان وبستان الأذهان في الأدب والأخلاق والوصايا والنصائح، طبع بمصر مرارًا.
    - نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
    - شرح الصدر في غزوة بدر، طبع بمصر سنة 1303هـ.
    - نظم بحور الشعر وأجزائها، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
    - شرح الرسالة الوضعية العضدية في علم الوضع، وهي من تأليف القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، المتوفى سنة 765هـ، وقد شرحها كثيرون، ومنهم الإمام الشبراوي، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
    - العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد، وهي رسالة موجزة في بضع ورقات، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
    - عنوان البيان ونسيان الأذهان في البلاغة.
    - إجازة من الإمام الشبراوي إلى الوزير الوالي عبد الله بن مصطفى باشا الكوبريلي أجازه فيها بكل ما تلقاه عنه، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
    - سند الشبراوي، ذكر فيه مشايخه ومروياته، كتبه في أواخر رمضان سنة 1142هـ، توجد منه عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، وبعضها عليه توقيعه بخطه.
    ولايته للمشيخة:
    _ ولي الشيخ الشبراوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر عام 1137هـ/1724م، وكان أول من يلي مشيخة الأزهر من مشايخ المذهب الشافعي.
    وفاته:
    توفي الشيخ الشبراوي رحمه الله في صبيحة يوم الخميس سادس ذي الحجة ختام سنة 1171 هـ، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد حافل عن ثمانين سنة
    تقريبًا(8) ، وجاء في سلك الدرر أن وفاته -رحمه الله- كانت سنة اثنين وسبعين ومائة وألف، ودفن بتربة المجاورين(9) .
    مصادر ترجمته:
    _- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
    - الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/342، 343.
    - الأعلام للزركلي 4/130.
    - دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
    - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، محمد خليل المرادي، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
    ----------------------
    (1)الإجازة معناها: الإذن له برواية ما سمعه منه.
    (2)الفرضي: العالم بالفرائض، وهي أنصبة المواريث.
    (3)عجائب الآثار 2/239، 240.
    (4)عجائب الآثار 2/120.
    (5)هو صاحب كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، وهو: محمد أمين بن
    فضل الله المحبي، ت 1111هـ.
    (6)عجائب الآثار 2/120.
    (7)عجائب الآثار 2/120.
    (8) عجائب الآثار للجبرتي.
    (9)سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 3/107.



    الإمام الثامن

    الإمام محمد بن سالم الحفني
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    الإمام محمد بن سالم الحفني

    نجم الدين أبو المكارم محمد بن سالم بن أحمد الحفني الشافعي الخلوتي، ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، من جهة أم أبيه السيدة: ترك بنت السيد سالم بن محمد.
    الميلاد:

    ولد الشيخ الحفني 1100هـ/1688م، بقرية حفنا إحدى قرى مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية.
    نسبته:

    انتسب الشيخ إلى قرية (حفنا) التي ولد ونشأ بها.. قال الجبرتي: «والنسبة إليها حفناوي وحفني وحفنوي، وغلبت عليه النسبة حتى صار لا يذكر إلا بها».
    نشأته ومراحل تعليمه:

    نشأ الشيخ بقريته وحفظ بها القرآن الكريم حتى سورة الشعراء، وأشارالشيخ عبد الرؤوف البشبيشي على أبيه بإرساله إلى الأزهر، واقتنع أبوه بذلك، وأرسله إلى الأزهر وهو في سن الرابعة عشرة، فأتم فيه حفظ القرآن الكريم، ثم اشتغل بحفظ المتون، فحفظ ألفية ابن مالك في النحو، والسلم في المنطق، والجوهرة في التوحيد، والرحبية في الفرائض، ومتن أبي شجاع في فقه الشافعية، وغير ذلك من المتون. وأقبل على تحصيل وحفظ دروسه واجتهد في ذلك، وأفاد من شيوخه وتبحر في النحو، والفقه، والمنطق، والحديث، والأصول، وعلم الكلام، وبرع في العروض، وظهرت مواهبه الشعرية بالفصحى والعامية، كما برع في كتابة النثر طبقًا لأسلوب عصره، ومهر في العلم، وحاز على ثقة شيوخه، فمنحوه إجازة بالإفتاء والتدريس، فدرس بمدرسة السنانية والوراقين، ثم بالمدرسة الطيبرسية التي أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار عام 709هـ. ومن أشهر مشايخه الذين أجازوه العلامة: محمد البديري الدمياطي، الشهير بابن الميت الذي أخذ عنه التفسير والحديث، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه والموطأ، ومسند الشافعي، والمعاجم الثلاثة للطبراني الكبير والأوسط والصغير، وصحيح ابن حبان، والمستدرك للنيسابوري، وحلية الأولياء لأبي نعيم. ومن شيوخه أيضًا: الشيخ محمد الديربي، والشيخ عبد الرؤوف البشبيشي، والشيخ أحمد الملوي، والشيخ محمد السجاعي، والشيخ يوسف الملوي، والشيخ عبده الديوي، والشيخ محمد الصغير، والشيخ محمد بن عبد الله السجلماسي، والشيخ عيد بن علي   النمرسي، والشيخ مصطفى بن أحمد العزيزي، والشيخ محمد بن إبراهيم الزيادي، والشيخ علي بن مصطفى السيواسي الحفني (الضرير)، والشيخ عبد الله الشبراوي (أحد شيوخ الأزهر) والشيخ أحمد الجوهري، والشيخ محمد بن محمد البليدي.
    تــلاميذه:

    كان للشيخ الحفني -رحمه الله- طلاب يفدون عليه من كل جانب، فقد جلس الشيخ للتدريس وهو صغير السن، وشهد له علماء عصره بالتقدم والرسوخ. وقد درَّس لطلبته المصادر العميقة كالأشموني في النحو والصرف، وجمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي، ومختصر السعد في البلاغة بعلومها الثلاث المعاني والبيان والبديع، والمنهج في الفقه الشافعي، واشتغل بعلم العروض حتى برع فيه، ذلك بالإضافة إلى الكتب الأخرى في الفقه، والمنطق، والأصول، والحديث، والتوحيد، كل ذلك ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره.ومن تلاميذه أخوه يوسف الحفني، والشيخ إسماعيل الغنيمي، والشيخ علي الصعيدي العدوي، والشيخ محمد الغبلاني، والشيخ محمد الزهار.
    ومن تلاميذه ومريديه في الطريقة الخلوتية:

    الشيخ محمد السمنودي، والشيخ حسن الشبيني، والشيخ حسن السنهوري، والشيخ محمد الزعيري، والشيخ خضر رسلان، والشيخ محمود الكردي، والشيخ علي القناوي، والشيخ محمد الرشيدي، والشيخ يوسف الرشيدي، والشيخ محمد الشهير بالسقا،والشيخ محمد الفشني، والشيخ عبد الكريم المسيري، والشيخ أحمد العدوي، والشيخ أحمد الصقلي المغربي، والشيخ سليمان النبزاوي الأنصاري، والشيخ إسماعيل اليمني، والشيخ حسن المكي
    أخــلاقــه:

    كان الشيخ الحفني -رحمه الله- كريم الطبع، جميل السجايا، مهيب الجانب، متواضعًا، له صدقات ظاهرة وخفية، وأقبلت عليه الدنيا بخيرها، وذاق حلاوة الغنى بعد إملاق وشظف عيش، وضيق حال، فلم تبطره الثروة، وبذلها لمن يريدها، وكان آية في المروءة والسخاء.
    منزلته:

    قال عنه الجبرتي في عجائب الآثار: هو الإمام العلامة الهمام أوحد أهل زمانه علمًا وعملا، ومن أدرك ما لم تدركه الأوائل، المشهود له بالكمال والتحقيق، والمجمع على تقدمه في كل فريق، شمس الملة والدين محمد بن سالم الحفناوي الشافعي الخلوتي. شهد له أساتذته بالعلم والفضل، وزاده كرمه مكانة في النفوس ومحبة في القلوب، وقد بدأ حياته فقيرًا، فكان ينسخ المتون ويبيعها لطالبيها؛ ليساعده ذلك على العيش الكريم، ثم فرَّج الله كربه، وأقبلت عليه الدنيا، فترك النسخ إلى التعليم والتأليف، ولم يذله الفقر رغم ما كان فيه من ضيق اليد، وكان أديبًا شاعرًا وناثرًا، له مقطوعات شعرية وأزجال، ورسائل نثرية، غير أن شهرته العلمية طغت على شهرته الأدبية. وقد تسابق العلماء في عصره إلى استجازته وإلى الكتابة عنه، فقد ألف العلامة الشيخ حسن المكي، المعروف بشمة كتابًا في نسبه ومناقبه، وألف الشيخ محمد الدمنهوري المعروف بالهلباوي كتابًا في مناقب الشيخ ومدائحه.
    ومما قيل في مدحه:
    العالم اللسن الذي أوصافه* *بعبيرها تغني عن الروض الندي
    ومن ارتدى برد المحامد يافعًا* *وتلفع الحسنى بأزكى محتد*
    وسما على الأعلام من أهل الهدى* *بمآثر غر وحسن تودد*
    ولكم له في كل علم غامض* *سِفرٌ تناهى في الكمال المفرد*
    *أدب على النقاد دار حديثه* *متناسقًا كاللؤلؤ المتنضد*
    مؤلفاته:

    ترك الإمام الحفني عددًا من المصنفات العلمية والأدبية منها:-

    حاشية على شرح الأشموني لألفية ابن مالك في النحو

    حاشية على شرح الهمزية لابن حجر الهيتمي

    .حاشية على الجامع الصغير للسيوطي في الحديث في جزأين.

    حاشية على شرح الحفيد على مختصر جده السعد التفتازاني في البلاغة.

    مختصر شرح منظومة المنيني الدمشقي في مصطلح الحديث.

    الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية في التاريخ.

    حاشية على شرح المارديني للياسمينية في الجبر والمقابلة.

    رسالة في فضل التسبيح والتحميد في الفضائل والآداب.

    شرح المسألة الملفقة في تحليل المطلقة ثلاثًا.

    - رسالة في التقليد في فروع أصول الفقه.

    درر التنوير برؤية البشير النذير (وهي رسالة في الأحاديث المتعلقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم).

    إجازة إلى أحمد ومحمد ولدي الشيخ أحمد الجوهري الكريمي (بخط المجيز) بدارالكتب المصرية.

    إجازة إلى إسماعيل بن أحمد بن عمر بن صالح الحنفي الطرابلسي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.

    إجازة عثمان أفندي، شيخ الطريقة العقيلية، بخط الشيخ الحفني (نسخة بالمكتبة التيمورية).

    - إجازة إلى محمد أفندي بن الحاج عبد الرحيم، بتاريخ 6 من ذي الحجة سنة 1176هـ.

    - إجازة إلى محمد بن عربي المشاط المدني (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.

    - إجازة إلى محمد الأمير (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.

    - إجازة إلى الشيخ منصور بن مصطفى الحلبي.

    - إجازة إلى يوسف بن محمد النابلسي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.

    - ثبت الحفني الكبير، ذكر فيه الشيخ الإمام مشايخه.

    - سند الحفني الكبير، أورد فيه سنده لبعض الأحاديث والأوراد.

    - مختصر ثبت الدمياطي الشهير بابن الميت، ذكر فيها الشيخ الحفني أسانيد شيخه الدمياطي.
    ولايته للمشيخة

    اختير الشيخ الحفني -رحمه الله- لمنصب شيخ الجامع الأزهر بعد وفاة الشيخ الشبراوي عام 1171هـ/1757م.
    وفاته:

    توفي الشيخ محمد بن سالم بن أحمد الحفني، يوم السبت الموافق 27 من ربيع الأول عام 1181هـ/1767م، عن عمر يناهز الثمانين عامًا، ودفن في اليوم التالي بعد الصلاة عليه في الجامع الأزهر في مشهد حافل وعظيم.
    مصادر ترجمته:
    الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر
    . دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.





    الإمام التاسع
    الإمام عبد الرؤوف بن محمد السجيني 
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اسمه:
    عبد الرؤوف بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد السجيني الشافعي الأزهري.
    وكنيته (أبو الجود).
    الميلاد:
    ولد ببلدة (سجين) بمحافظة الغربية، سنة 1154هـ(1) .
    نسبته:
    نُسِبَ إلى بلدته (سجين).
    نشأته ومراحل تعليمه:
    حفظ القرآن الكريم، ولزم عمه (الشيخ السجيني) وكان من العلماء، كما كان والده أيضًا، رغم أن عمَّه هذا كان كفيف البصر إلا أنه كان من كبار العلماء، فقد كان فقيهًا نحويًّا أصوليًّا شافعيًّا. ويظهر أنه سليل أسرة اشتهرت بالعلم، فقد ذكر الجبرتي في حديثه عن الشيخ السيواسي أن العلامة الشيخ محمد السجيني والد الإمام كان إذا مَرَّ بحلقة درسه خفض من مشيته ووقف قليلا وأنصت لحسن تقريره، ثم يقول: سبحان الفتاح العليم(2) . ووصف هذا الشيخ والد الإمام بأنه: الأستاذ العلامة شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي الضرير، وأنه توفي سنة 1158هـ، ثم ذكر أنه تلقى العلم عن الشيخ مطاوع السجيني وغيره، وأنه كان إمامًا عظيمًا وفقيهًا نحويًّا أصوليًّا منطقيًّا، أخذ عنه الكثيرون، وذكر في وفيات سنة 1179هـ اسم العمدة العلامة والحبر الفهامة قدوة المتصدرين، ونخبة المتفهمين، النبيه المتفنن، الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيثمي الشافعي، الشهير بأبي الإرشاد... وذكر أنه تفقه على الشيخ عبد الله السجيني، وأنه تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر بعد وفاة خاله الشيخ عبد الرؤوف(3) ، ولعل الشيخ محمد السجيني الذي ذكره الجبرتي أولا هو والد الشيخ الإمام؛ لأنه كان يمر على دروس الشيخ السيواسي ويظهر إعجابه به، والشيخ السيواسي توفي سنة 1148هـ مع أن الشيخ   محمد السجيني الأخير ولد سنة 1154هـ كما ذكر الجبرتي(4) . ومهما يكن من شيء فإن الإمام السجيني كان من أسرة اشتهرت بالعلم، وكان أستاذه الأكبر عمه الشيخ الشمس السجيني، وأنه لازم عمه حتى تخرج على يديه، وأنه خلفه في دراسة المنهج، ولعله (منهج الطلاب للأنصاري) فقد كان من الكتب المقررة الهامة في مذهب الشافعي بالأزهر(5) .
    أخـــلاقـــه:
    كان الشيخ السجيني -رحمه الله- من المعروفين بالعلم والتقوى، والحكمة، وحسن تدبير الأمور.
    مـــــنزلــتــه:
    كان الشيخ السجيني -رحمه الله- ذا مكانة عالية، وقد اشتهر ذكره قبل ولايته لمشيخة الأزهر بسبب حادثة وقعت في ذلك الحين، ذكرها الجبرتي في تاريخه، وخلاصتها أن أحد التجار بخان الخليلي تشاجر مع خادم فضربه الخادم وفَرَّ من أمامه فتبعه هو وآخرون من التجار، فدخل إلى بيت الشيخ السجيني لائذًا به، فاقتحم التجار البيت وضربه التاجر برصاصة أخطأته وأصابت شخصًا من أقارب الشيخ السجيني -رحمه الله- إصابة قاتلة فهرب الضارب، وطلبه الشيخ وأقاربه فامتنع عليهم، وتعصب له أهل خطته وأبناء جنسه، فاهتمَّ الشيخ السجيني -رحمه الله- بالأمر، وجمع المشايخ والقاضي، وحضر بهم جماعة من أمراء الوجاقلية، وانضمَّ إليهم الكثير من العامة، وثارت فتنة غلَّق الناس فيها الأسواق والحوانيت، واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط بهم الناس من كل جهة، وحضر أهل بولاق، وأهل مصر القديمة، وحدث صدام قتل فيه من الفريقين عدة أشخاص، واستمرَّ الحال على ذلك أسبوعًا... ثم اجتمع ذوو الرأي بالمحكمة  الكبرى، وانتهى الأمر بالصلح(6) . وتدل هذه الحادثة على أن للشيخ منزلة مرموقة، وأنه غضب لغضبه مشايخ الأزهر، وجمهرة الشعب، حتى حضروا لنجدته من أطراف القاهرة، من حي بولاق ومصر القديمة، ومن المعروف أن الأمن لم يك مستتبًا في ذلك العصر. ولعل للشيخ من كنيته (أبي الجود) نصيب، ونحن نعلم أن الشعب كان يجل العلماء ويلوذ بهم في الأزمات ويلبي نداءهم في الشدائد.
    مـــؤلــفــاتـــه:
    لم نعثر فيما رجعنا إليه من مصادر وفهارس على مؤلفات له، ولعله آثر أن يقتدي بآثار السابقين، وأن يكون قدوة عملية لطلابه في السلوك والتدريس.
    ولايته للمشيخة:
    تولى الشيخ السجيني -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1181هـ، عقب وفاة الشيخ الحفني، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه في العام التالي. كان الشيخ قبل ولايته لمشيخة الأزهر، تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر، وظل شيخًا له حتى بعد ولايته لمشيخة الأزهر، فلما مات خلفه فيه ابن أخته الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيتمي السجيني(7) .
    وفــــاتـــه:
    توفي في الرابع عشر من شهر شوال سنة 1182هـ، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بجوار عمه الشمس السجيني بأعلى البستان.
    مصادر ترجمته:
    - الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
    - شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
    - عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
    - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
    - مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
    -----------------------
    (1)الأزهر خلال ألف عام 2/346.
    (2)عجائب الآثار2/26.
    (3)عجائب الآثار 3/268.
    (4)عجائب الآثار 3/268.
    (5)الأزهر تاريخه وتطوره ص 287.
    (6) عجائب الآثار 2/303.
    (7)عجائب الآثار 3/268.
    رد مع اقتباس

  • الأمام العاشر
    الإمام أحمد بن عبد المنعم بن صيام الدمنهوري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ولد بمدينة دمنهور (وهي عاصمة محافظة البحيرة الآن) سنة 1101هـ.
    نسبته:

    نسب إلى مدينة دمنهور التي وُلِدَ بها.
    نشأته ومراحل تعليمه:

    كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- يتيمًا، وقدم القاهرة وهو صغير السن، فالتحق بالجامع الأزهر واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله، واجتهد في تكميله وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عرف بالمذهبي، وكانت معرفته بالمذاهب الأربعة أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية. قال عنه الجبرتي: «قدم الأزهر   وهو صغير يتيم لم يكفله أحد، فاشتغل بالعلم، وجال في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة في فنون غريبة وتآليف، وأفتى على المذاهب الأربعة...»(1) . وقد عُرِفَ الإمام الدمنهوري بقوة حفظه، وكانت له معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف   عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية والدينية، وغيرها كالكيمياء، والطب، والفلك، والحساب، والطبيعة، والعلوم الرياضية، وعلم الإحياء، وعلوم الفلسفة، والمنطق. ويتحدث الشيخ بنفسه في ترجمة له عن حياته، فيقول: (أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وما توقف عليها كالفرائض والميقات، وأخذت عنه وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب، والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسميني في الجبر والمقابلة والمنحرفات للسبط المارديني في وضع المزاول، وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء -بالقراءة عليه- كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلامتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى، والجميع في الطب....



ضحايا عبارة السلام 98 



جثث ضحايا العبارة طافية على سطح البحر

• في ساعات مبكرة من صبيحة يوم الجمعة 2/ 2/ 2006 كان أقارب ما يزيد عن 1000 من ضحايا عبارة السلام 98 على موعد مع الأحزان.. بعد ما احتضن البحر أقاربهم وذويهم على غير موعد مسبق ويستقر حطام السفينة الغارقة في قعر البحر الأحمر .
• ولم يكن حادث الغرق وليد الصدفة بل حدث لتضافر عديد من العوامل اجتمعت كلها لتسطر الفصل الأخير في مسرحية ظاهرها وباطنها يؤكد مفهوما واحدا ألا وهو " نفسي وليهلك من بعدي " ...
• ولكي نفهم الأمر جيدا اسمحوا لي أن نعود قليلا للوراء لنبدأ القصة من أولها :
• فبعد تخرج ممدوح إسماعيل والذي أصبح فيما بعد رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري المالكة للعبارة 98 من الأكاديمية البحرية بالإسكندرية عمل على سفينة لبعض رجال الأعمال السعوديين في البحر الأحمر.
• ثم اختير بعد ذلك ممثلا عن ملاك السفينة القمر السعودي والتي يملكها المستشار السابق لعاهل السعودية الراحل الملك فيصل ألا وهو رشاد فرعون.
• ثم تم تعيينه مستشارا لموانئ البحر الأحمر في بداية التسعينات الأمر الذي وسَّع من دائرة نفوذ ومعارف ممدوح إسماعيل فضلا عن كونه عضوا بالحزب الوطني وأيضا مجلس الشورى.
• وبناء على ذلك قام بتأسيس شركة السلام للنقل البحري وفرض من خلالها سيطرته على كافة موانئ البحر الأحمر.. وأصبحت السفن العاملة على كافة الخطوط البحرية معظمها يحمل اسم السلام.
• أما عن السفن التي يملكها ممدوح إسماعيل وشركته فهي خمسة سفن اشتراها من ايطاليا كخردة وغير صالحة للإبحار وهي: ( السلام 90 كارووتش)..( السلام 92 بيتراركا )..( السلام 94 ماتروني ) .. ( السلام 96 باسكولي ).. ( وأخيرا السلام 98 يوكاشيو) .
• وقامت الشركة بتحويل هذه العبارات من خردة إلى الاستعمال وإجراء بعض التعديلات عليها لتزيد من حمولتها.. وتم ذلك في السويس في ورش عادية وليس ترسانات مخصصة لذلك.
• وقدر الثمن الذي اشترى به ممدوح إسماعيل هذه السفن ﺑـ 3 مليون دولار في حين أن سعر السفينة الواحدة الصالحة للإبحار يصل إلى 15 مليون دولار.
• وحتى يتغلب ممدوح إسماعيل على رفض هيئة الإشراف الدولي على السفن بمنح الترخيص لسفنه قام برفع علم بنما عليها لأنها تعطي شهادات للسفن دون تفتيش عليها لكنها غير مقرة دوليا.
• وينص القانون الدولي على دخول السفن كل خمس سنوات الأحواض لإزالة الطحالب والمواد العالقة بها ودهانها إلا أن شركة السلام كانت تقوم بذلك من خلال العاملين بها لان سفنها لا تتحمل ماكينات SAND PRAST المتخصصة في ذلك.
• إضافة لذلك فان القانون ينص على أن السفينة لابد لها أن تمكث في الأحواض مدة تتراوح بين 20 إلى 25 يوما للصيانة.. لكن شركة السلام اعتادت على خرق كافة القوانين المنظمة لشركات النقل البحري.. فكانت سفنها لا تمكث في الأحواض أكثر من خمسة أيام وذلك نظرا لارتفاع تكلفة هذه الأحواض وهذا ما لا يرضاه مالك الشركة.
• أما عن السفينة المنكوبة ( يوكاشيو أو السلام 98 ) فقد تم بناؤها في عام 1970 بايطاليا وكانت تستخدم في رحلات محلية داخل ايطاليا وطول السفينة يبلغ 131 مترا وسرعتها 19 عقده في الساعة وسعتها 500راكبا و 200 سيارة.
• وتم تطويرها في عام 1991 لتسع 1300 راكبا و320 سيارة إلى أن قامت شركة السلام بشرائها في عام 98 وتغير اسمها من يوكاشيو إلى السلام 98 .
• وقد ذكرت شركة لويدز ريجيستر في نشرتها المتخصصة أن السفينة يوكاشيو أو السلام 98 في خريف عمرها ولا تستوفي شروط السلامة المطبقة في الاتحاد الأوروبي.. مما جعلها ممنوعة من الملاحة في المياه الأوروبية.
• وحصلت شركة السلام على معايير السلامة لسفنها من شركة رينا الايطالية.. ومما يذكر أن هذه الشركة قد سبق وان منحت إحدى حاملات النفط المالطية معايير السلامة والجودة إلا أنها انشقت إلى نصفين بالقرب من أميركا
من جريدة الجمهورية في عدد الجمعة نقرأ لمحمد العزبي عن زمن ممدوح اسماعيل الذي يلف مصر والمصرين: لم تكتمل فرحة الأعيان وتنعقد جلسة شلة الأنس بصدور حكم البراءة. إذ جاء طعن النائب العام سريعا وبكلمات مثل ان الحكم خالف الثابت في الأوراق واحتوي فسادا في الاستدلال وقصورا في التسبيب وتعسفا في الاستنتاج وبه عوار.
لم يحتمل المشاهدون تفاخر المحامين عن "البريء" واستفزازهم لمشاعر الغاضبين الحزاني يصولون ويجولون ويتباهون متعالين متحدين بأن صاحب العبارة مظلوم ودفاعهم عنه ومن أجل الحق وليس الأتعاب. فكيف يري مظلوما في قفص الاتهام ولا يسرع للدفاع عنه.. وعندما سئل كم أخذ ثمنا لشهامته زاغ من الاجابة وادخل الجميع في متاهات وأخيرا قال: ماذا يهكم في الأمر؟
لم يتذكر كثيرون كيف ظل محصنا بعضوية مجلس رفيع لمدة أربعين يوما بعد الاتهام بقتل أكثر من ألف روح. ولا كيف خرج معززا مكرما مودعا من صالة كبار الزوار. وكيف لحقت به أسرته في أمان.. صحيح أن كله بالقانون. ولكن كم من حصانة رفعت عن نواب في أيام العطلات وفي دقائق معدودات. ولم تكن تهمتهم ترقي إلي قتل فرد واحد!
طويت صفحات إعلامية وتليفزيونية كانت دعاية فجة سماها أصحابها سبقا وانفرادا. دافعت ببسالة عن صاحب العبارة كما رفعت هراوات التهديد لكل من فكر في تحويل مأساة القرن العشرين إلي عمل درامي يملك كل مقومات الإثارة والشجن.
لابأس من الإعلان عن التعاطف مع الغرقي وأسرهم ومقدمة تقليدية في احترام أحكام القضاء والهجوم علي نوايا الصحف والفضائيات وأكبر تعويضات مالية للضحايا.. وبعدها كل يغني علي ليلاه. أو يبكي وينوح.
أعود إلي فرحة الأعيان وتهاني الخلان التي تختفي خوفا من الحزن الطاغي. فلولا ذلك الخوف لاتمتلأت الصحف بإعلانات التهاني لممدوح إسماعيل من أصدقائه وأحبائه وأصحاب المصالح.. لو تجرأ واحد وفعلها. سوف يتبعه آخرون.. وربما كانت هناك حفلات وسهرات خاصة تعيد ليالي زمان. ولو أن صاحبها غائب. عنده اكتئاب كما قال أحد محاميه فذهب للعلاج في مدينة الضباب. أو يخشي التهديد بقتله في قول آخر لمحام آخر يحرض علي ما تنشره الصحف علي لسان المكلومين اليائسين من الرحمة والعدل.. وينقص الحفلات حضور جميلة الغناء والدلال اللبنانية التي كانت تحيي الليالي الملاح الخصوصية أيام البال الرايق والصحبة ذات النفوذ.
لقد صدر حكم بالبراءة. ومن الطبيعي أن تتبعه صفحات التهاني. فلماذا يا تري تأخرت؟
وإذا كنا قد ظلمناه. فمن حقه أن يسترد مكانه في مجلس الشوري معززا مكرما. وهو المكان الذي حصل عليه بالتعيين وطبعا بعد اختيار وتدقيق.
هذا إذا عاد!
لولا الاستئناف لظهرت معالم الفرح وأقيمت الزينات رغم عموم الغيظ والأحزان في قلوب من اصابتهم الكارثة ومن ليست لهم بها صلة مباشرة.
لم نسمع كثيرا عن القاتل. ربان السفينة. هل يمكن أن يظهر يوما ما في مكان ما.. أو حتي نري صورته فنعرف من هو؟
كل شيء ممكن. فنحن في زمن يستحق أن نسميه زمن "ممدوح إسماعيل".. من البداية حتي البراءة.. غير ان النهاية لم تكتب بعد!

براءة صاحب العبارة

كتب فـؤاد عـمـار : بتاريخ 1 - 8 - 2008
نزل حكم المحكمة بتبرئة ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص كالصاعقة على رؤوس أهالي الضحايا الذين انهاروا فور سماعهم حكم البراءة و انخرطوا في بكاء و عويل من الألم و الحسرة على ذويهم في مشهد تقطر له القلب دماً و نزفت له العين دمعاً .. و جدد الآلام و الأحزان لكل من فقد قريباً أو صديقاً في هذا الحادث المأساوي الذي يتربع بلا منازع على عرش قائمة الحوادث المأساوية التي أبتليت بها مصر في السنوات الأخيرة من إحتراق القطارات و إنهيار العمارات و أخيراً حادث المقطورة التي إقتحمت مزلقان قطار مطروح مطيحة بالسيارات أمامها في مشهد مأساوي جديد

و لا شك أن حكم البراءة كان بمثابة المفاجأة للكثيرين و ترك علامات إستفهام كثيرة و تساؤلات عن المسئولية الجنائية لصاحب العبارة و الشركة التي تملكها .. أنا هنا لا أتحدث عن المسئولية المدنية و التي تنعقد بمجرد شراء الراكب تذكرة السفر و التي تعتبر في عرف القانون بمثابة تعاقد بين الراكب و صاحب العبارة يتعهد فيها بتوصيل المسافر إلى غايته بسلام .. و إذا حدث تقصير في هذا التعاقد يكون من حق المسافر أو ذويه المطالبة بالتعويض المدني بسبب إخلال صاحب المركبة بتعاقده مع المسافر و هذا الحق تنظمه القوانين المدنية و القوانين الدولية .. و لكني هنا أتحدث عن المسئولية الجنائية لصاحب العبارة و التي لا تغني عنها التعويضات المدنية .. فإذا ثبت من خلال التحقيقات أن هناك إهمالا أدي إلى وقوع الكارثة أو أن هناك تقصيرا مادي في أحد الجوانب كعدم وجود أجهزة إنقاذ مثلاً ففي هذه الحالة يكون المتسبب في هذا الإهمال أو التقصير مسئول مسئولية جنائية أمام القانون .. و هذا ما رأته النيابة من خلال تحقيقاتها التي إنتهت بتحويل السيد ممدوح إسماعيل صاحب العبارة و آخرين إلى المحاكمة التي قامت بتبرئتهم جميعاً من التهم المنسوبة إليهم فيما عدا قبطان الباخرة سانت كاترين الذي عاقبته المحكة بالحبس ستة أشهر و غرامة لإيقاف التنفيذ

و من التساؤلات التي ثارت على مدار أيام المحاكمة صلاحية قوارب الإنقاذ و الرماثات الموجودة على سطح العبارة و التي ثبت أنها منتهية الصلاحية برغم وجود شهادات صلاحية ملصقة عليها .. أيضاً ثبت أن إسطوانات إطفاء الحريق كانت فارغة أو لا تعمل و كذلك أجهزة الإطفاء المائي للماكينات غير موجودة .. كذلك إنسداد بالوعات الصرف ما أدي إلى تجميع المياه داخل العبارة و غرقها .. كما قيل أن عدد الركاب وقت الحادث كان ضعف الحد الأقصى المفترض أن تحمله العبارة مع وجود براميل زيت ووقود داخل جراج العبارة رغم مخالفة ذلك لقواعد الأمان في هذا النوع من العبارات .. و التساؤل الأول و الأهم من الذي سمح لممدوح إسماعيل و نجله بالخروج من مصر بعد وقوع الحادث و لماذا لم يتم منعهم من السفر .. أيضاً لا أستطيع أن أستوعب أننا لا نعرف أين يقيم ممدوح إسماعيل و أن الشرطة الدولية غير قادرة على تحديد مكان إقامته رغم أن السيد مفيد فوزي قام بإجراء حوار تليفزيوني معه تم إذاعته في التليفزيون المصري .. و رغم أن عدداً من الصحفيين المصريين في إحدى الجرائد الخاصة قاموا بمقابلته في إحدى رحلاتهم إلى لندن و قاموا بنشر وجهة نظره من خلال بعض المقالات .. فإذا كان كل هؤلاء يعرفون أين يقيم السيد ممدوح إسماعيل أو على الأقل نجحوا في الوصول إليه و التحدث معه .. فكيف يعجز عن ذلك البوليس الدولي بما له من قدرات و إمكانيات لا تتوفر للآخرين

لماذا تم تحويل المتهمين إلى محكمة جنح و ليست محكمة جنايات .. و لماذا لم تتم المحاكمة في القاهرة رغم مطالبة المحامين بذلك .. و لماذا تأخرت عمليات الإنقاذ ساعات طويلة قبل أن تبدأ و من المسئول عن ذلك .. هل قامت أجهزة الإستغاثة الآلية بإرسال إشارات إستغاثة أم أنها أيضاً كانت لا تعمل .. هل كانت فعلاً قوارب الإنقاذ منتهية الصلاحية .. و هل كان عددها كافياً و يتناسب مع عدد الركاب وقت وقوع الحادث .. و لماذا لم يتم إستخدامها .. و من المسئول عن وجود براميل زيت ووقود على سطح العبارة و ما هو السبب الرئيسي للحريق .. أخيراً إذا كان السيد ممدوح إسماعيل بريئاً فمن الجاني .. ممكن حد يجاوب على أسئلتي؟!
رفض التكهن بحكم الاستئناف في القضية .. المستشار الخضيري : لو كان هناك استقلال قضائي حقيقي لتقبل الناس حكم العبارة وهايدلينا


أكد المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق أنه لو كانت هناك استقلالية كاملة للقضاء وكان المواطن يشعر بوجود هذه الاستقلالية وعدم تدخل أجهزة الدولة في الجهاز القضائي ، لما حدثت ردود الأفعال الشعبية والسياسية على الأحكام القضائية التي صدرت في قضايا شركة هايدلينا وصاحبها الدكتور هاني سرور أو قضية غرق العبارة السلام 98 وصاحبها ممدوح إسماعيل.
وربط الخضيري في تصريحات خاصة لـ"المصريون" بين الضجة التي ثارت بعد صدور هذين الحكمين وغياب الاستقلال القضائي في مصر ، وبالتالي فقدان الناس الثقة في الأحكام القضائية الصادرة في الفترة الأخيرة ، مشيرا إلى أنه لو اطمأن المواطن للقضاء وشعر بأنه مستقل لما كانت هناك حالة من الاعتراضات والاحتجاجات التي نراها على أحكام القضاء ، حتى لو كانت هذه الأحكام لا يرضي بها المواطنون.
ولفت نائب رئيس محكمة النقض إلى أن استقلال القضاء ليس شعارا أو قولا ، وإنما واقع وفعل ، وإلى أن تدعيم استقلالية القضاء يؤكد الثقة في الأحكام التي تصدر ، موضحا أن من مميزات القضاء أنه يصلح أخطائه بنفسه ، فحكم أول درجة يأتي بعده النقض ، مما يشكل ضمانة حقيقية لإصدار حكم قضائي عادل وغير معيب.
ورفض الخضيري التكهن بحكم الاستئناف في قضية غرق العبارة قائلا: "علينا ألا نتسرع في إصدار الأحكام في هذه القضية إلا بعد صدور الحكم بعد الاستئناف، فربما يكون هناك خطأ ويمكن تداركه في الاستئناف ، مطالبا في الوقت نفسه باتخاذ كافة الإجراءات التي تدعم استقلال القضاء وتغل يد الجهاز التنفيذي عن التدخل في شئون القضاء.
رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة: قرار الإحالة في قضية العبٌارة تجاهل نص قانون العقوبات         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
علي أن القتل الخطأ لأكثر من 4 أشخاص جناية وليس جنحة
استئناف الحكم يجعله كأن لم يكن.. ويجعل التعليق عليه ليس خطأ.. وطعن النائب العام ينقصه إعادة تكييف القضية باعتبارها جناية

كتبت: شيماء المنسي

قال المستشار عادل فرغلي ـ رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة ـ إن قانون العقوبات ينص علي أن القتل الخطأ لأكثر من 4 أشخاص يعتبر جناية، وليس جنحة، وطالب دفاع وأهالي ضحايا عبٌارة «السلام 98» بأن يكون أول دفع لهم أمام محكمة الاستئناف هو عدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بنظر الدعوي، وإعادة تكييفها باعتبارها جناية قتل خطأ، استناداً لنص قانون العقوبات، والمطالبة بإحالتها إلي محكمة الجنايات. وأعرب فرغلي عن تعجبه من عدم تنبه أحد من رجال القضاء والقانون إلي التقدم بطعن أمام محكمة الجنح أول درجة بعدم اختصاصها بنظر القضية، وقال: «مقتل 1034 مواطناً، حتي لو كان خطأ لا يمكن أن يكيف علي أنه جنحة كما فعل المستشار ماهر عبدالواحد، النائب العام السابق، ولابد أن يتحمل من تسببوا فيه المسئولية الجنائية، حتي ولو كان بدون تعمد، ومن حق المحكمة إعادة قيد وتوصيف القضية وفقاً لما يراه القاضي، دون التزام بتوصيف النيابة العامة للقضية، وكان المفترض من القاضي أن يكلف النيابة العامة بإعادة التحقيق في الوقائع التي لم تتعرض لها في قرار إحالتها لها، أو أن تباشر المحكمة بنفسها التحقيق في هذه الوقائع.
ورفض فرغلي توجيه الاتهام بعدم الإبلاغ عن غرق العبٌارة إلي ممدوح إسماعيل، قائلاً: «هذه مخالفات تأديبية إدارية، ولكن ما حدث أن هناك 1034 ضحية، تسبب ممدوح إسماعيل بعبٌارته غير الصالحة في قتلهم، ويجب محاسبته علي ذلك»، كما رفض الأخذ بشهادة الموظفين في التفتيش البحري باعتبارهم مشاركين في الجريمة، لأنهم أعطوا شهادات تسيير للعبٌارة رغم أنها غير صالحة للاستخدام. وقال: «إن إحالة القضية إلي محكمة الاستئناف تلغي الحكم الصادر بشأنها وتجعله كأن لم يكن، وبالتالي فإن طرحه للمناقشة أو التعليق عليه ليس خطأ، باعتباره غير موجود أصلاً. ووصف طعن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام علي الحكم بأنه «جيد، لكن ينقصه إعادة تكييف القضية باعتبارها جناية وليست جنحة»

شهداء العبّارة(2)         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
الطفل محمد حسانين: فقدت أبي وأمي وإخوتي الثلاثة.. ومازلت أحلم بتفاصيل الكارثة كل يوم
جدة محمد: العبّارة حولت حياتي إلي جحيم.. وخاله: لو كان الأمر بيدي لحكمت بإعدام من تسبب في المجزرة

المنيا: ماهر عبدالصبور

أسرة كاملة لم ينج منها سوي طفل واحد، أب وأم و3 أطفال لقوا مصرعهم غرقا في كارثة «السلام 98».. الناجي الوحيد من الأسرة كان الطفل محمد أحمد محمود حسانين، 14 سنة، محمد الذي فقد مع أسرته القدرة علي النطق والحركة أصيب أيضا بروماتيزم القلب.
نجح الأطباء في استعادة قدرة محمد علي النطق والحركة بشكل جزئي أما الروماتيزم ـ حسب الأطباء ـ فسيتطلب علاجا مدي الحياة. بدأ محمد شهادته لـ «البديل» حول ما حدث أثناء غرق العبّارة بالبكاء، متذكرا أسرته ثم قال: «حدث انفجار في العبّارة.. فحملني والدي مع شقيقتي ووضعنا في أحد قوارب النجاة ثم ذهب لإحضار أمي وشقيقي ولم أره بعدها مرة أخري».
يضيف محمد:«زاد العدد في القارب فانقلب بنا في البحر وغرقت أختي، وتهت في البحر حتي عثر علي طاقم الإنقاذ، فقدت القدرة علي النطق والحركة لفترة. ثم علمت في المستشفي أنني أصبت بروماتيزم في القلب ومن ساعتها وأنا أحلم كل ليلة بتفاصيل الكارثة». تقول جدة محمد، 65 سنة: «العبّارة حولت حياتي إلي جحيم حيث فقدت ابنتي وزوجها وأحفادي عدا محمد الذي يحتاج لرعاية خاصة لا تسمح بها سني ولا ظروفي المادية».
أما خال محمد فيقول: «فقدت شقيقتي الكبري بسبب العبّارة المنكوبة، ولو كان الأمر بيدي لحكمت بإعدام من تسبب في تلك المجزرة»

أرسلوا صور شهدائكم من ضحايا عبارة الموت، وأي معلومات عنهم للنشر في قائمة «شهداء العبارة»

محامو مالك العبّارة لعبوا علي إيمان المصريين بـ«القضاء والقدر»          طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
d.mohamed.jpg
وحيلهم امتدت من حمايته إلي حماية دولة بأكملها من العقاب

د. محمد السيد سعيد يكتب: مستقبل الثقافة والمجتمع.. مصير الاستنارة في مصر
توظيف مفهوم القضاء والقدر هل يمثل مشروعية تاريخية أم نوعاً من التسويق الانتهازي للدين؟
تناول الكثيرون بالنقد المشروع الجانب القانوني والجانب السياسي الطاغي في الحكم ببراءة ممدوح اسماعيل صاحب «السلام 98» التي غرقت وأغرقت معها أكثر من ألف مصري.
ما أتناوله هنا هو الجانب الثقافي.
ويستحق هذا الجانب معالجة مستقلة ومستفيضة لأنه في تقديري «جوهر القضية» الذي يبقي معنا بعد أن يهدأ النقاش العام حول الحكم.
التأويل التجهيلي
أكثر ما كان يجب أن يلفت النظر هو القبول الضمني لحجة ساقها محامو مالك العبّارة في سائر القنوات التليفزيونية وتقول بأن غرق العبّارة وأكثر من ألف مواطن مصري كان «قضاءً وقدراً». أما الحكم القضائي نفسه فقد ترك فراغاً كبيراً يتسلل إليه هذا الـ«قضاء والقدر» لأنه قام في جانب منه علي القول بأنه لا يوجد ما يثبت أن وفاة هذا العدد الكبير من المصريين نتجت عن غرق العبّارة. ولم يمنح الحكم حيزا يذكر لتناول القضية البديهية من الناحيتين المنطقية والميدانية، وهي أسباب غرق العبّارة وما أشار إليه كثيرون من إهمال في تطبيق المعايير العصرية للأمان.
وبذلك بدا غرق العبّارة «السلام 98»- ومن قبلها عبارات أخري- وكأنه حدث بدون سبب مفهوم أو قابل للفهم والإثبات بما يسمح بأن يقفز في أدمغتنا تأويل آخر تماما وهو «القضاء والقدر».
والواقع أن ما قال به محامو مالك العبّارة يتجاوز بكثير جداً.. جداً مجرد توظيف حيل قانونية تضمن إفلات شخص أو هيئة- أو في الواقع دولة كاملة- من المساءلة والعقاب. فما قالوه هو «ثقافة».. ولكنها ثقافة تجهيلية وهي أيضا ثقافة معادية لتراث مصر الثقافي عبر أجيال.
وأمس الأول طلب مني عدد من أساتذة جامعتي دوبو بولاية أنديانا ودينيسون بولاية أوهايو تفسيراً لهذه الذرائع. سألوا إن كان في ثقافتنا مفهوم أو معني مشابه لمفهوم التنوير في الثقافة الغربية المعاصرة. وتأملت الموضوع طويلاً قبل أن أستجب لطلبهم عقد لقاء أو إلقاء محاضرة عن هذه القضية.
كان يمكن بالطبع القيام بهجوم مضاد واتهام الثقافة الغربية بالكيل بمكيالين والحياة عبر ثقافتين متوازيتين. كان يمكن مثلا الإشارة إلي الجهالة والنزعة الخرافية في العقل الأصولي في الولايات المتحدة مثلا. وكان يمكن أيضا أن أحاضرهم عن «خيانة» مشروع الاستنارة ليس فقط اليوم وفي ظل الأساطير الصهيونية السياسية بل منذ اليوم الأول عندما سلمت أوروبا روحها لنزعات الحرب والنهب والاستعمار.
وبدلاً من ذلك كان علي أن أجيب لنفسي عن أسئلتي الخاصة والتي هي أيضا أسئلة مصير لمجتمع بأسره. هل يمثل توظيف مفهوم «القضاء والقدر» امتداداً لمشروعية ثقافية تاريخية أو حاضرة؟ أم أنه نوع من التسويق الانتهازي البحت لأيديولوجية زائفة ومقحمة علي الموضوع؟.
إجابتي بإيجاز أن توظيف مفهوم القضاء والقدر ليس غريباً أبدا عن ثقافتنا بالمعني الواسع للكلمة.. ولكنه ليس بالضرورة تمثيلاً واعياً لمشروعية ثقافية تاريخية، ولا هو أيضا امتدادا أو ترجمة أو تمثيلا أو تجسيدا للمشروعية الدينية.
فالثقافة الفرعونية أحدثت تقدما هائلا للحضارة الإنسانية ومنحتها طاقة اندفاع خلاقة لأنها استندت في معظم حلقاتها إلي التأويل. ولكن هذا التأويل «الكيميائي» أو التفسيري أستند إلي التجربة والممارسة. وبتعبير آخر قامت الحضارة الفرعونية علي ثقافة تعرف الأسباب الوضعية لمختلف الظواهر وتتلمسها، ولكنها تذهب إلي ما بعدها في محاولة لمنح مجموع الظواهر الفاعلة في التجربة الإنسانية نفحة روحانية أو كلية كونية. لقد ألفت الفرعونية ميتافيزيقا خلاقة كامتداد للتجربة الفيزيائية وهو ما يعرف بالكيميائية. كانت ثقافة تعترف بالعقل صاحب التجربة، ولكنها حاولت أن تنطلق لما وراء العقل. والواقع أن التمازج بين العقل الكيميائي الفرعوني والعقل المنطقي اليوناني أنتج أعظم حقبة في تاريخ الثقافة في الدنيا كلها وهي الحقبة الهيلينية. وحفلت هذه الحقبة بالاكتشافات الرياضية والفيزيائية وخاصة في الفلك. وترجمت هذه الاكتشافات جزئياً في كشوف جغرافية مبكرة تابعت ونقلت ما أنجزه الفراعنة في دنيا البحار إلي مستويات جديدة حتي قيل إن مصريين كانوا أول من اكتشف الأمريكتين! المسيحية المصرية الأولي تورطت في إظهار شيء من الخصومة مع العقل والتجربة الحسية كمصدر للمعرفة. وربما تكون هذه الورطة السبب المباشر في أكبر نكسة للمعرفة للتاريخ الثقافي العالمي، هنا وفي العالم القديم ككل. وبدا هذا العداء منسجماً مع الثورة ضد النزعة المتعوية الفاسدة في العصر الروماني، ومع البحث الدائب وخاصة بين الأجيال التالية لعلماء مكتبة الإسكندرية عن حل ينقذ الروح من فساد مبدأ اللذة. ولكن هذه الخصومة- ولو لم تكن صدفة بحتة- أدت لانهيار المسعي المعرفي الدنيوي بوجه عام والاستعاضة عنه بالحرف المقدس. وهذا هو ما ملأ تاريخ مصر والمشرق قبل الإسلام بالصراعات المذهبية الخالصة وبحركات لا حصر لها لإنتاج تأويلات للتجربة الدنيوية محصورة أو محاصرة إلي حد بعيد في الكتاب المقدس أو بالمعرفة الإشراقية.
ولم يبدأ الاهتمام بالعقل من جديد الا مع ظهور الإسلام. ولم يبحث كثيرون في التاريخ الثقافي في العصر الإسلامي ولا حاول كثيرون إنتاج نظرية لتموجات هذا التاريخ. ولا شك أن من الخطر إنتاج شيء من ذلك إلا بعد عقود طويلة من الدراسات المتأنية التي يتوفر عليها عشرات ومئات من العلماء الكبار.
كل ما يمكن أن نقوله هنا هو أن الثقافة المصرية في العصر الإسلامي عرفت واحتفلت بمستويات مهمة من المعرفة العقلية. وإن جازت لنا المخاطرة بأي اقتراح حول تاريخ هذه الثقافة فهي أنها شهدت ورطة الصراع بين الفقه والفلسفة رغم أن كليهما مسعيان منطقيان بالتعريف والضرورة. وربما يمكن القول أيضا أن هذا الصراع شكل العلة وراء التدهور طويل المدي للثقافة العربية الإسلامية وسقوطها في وهدة الركود وخضوعها لتجريف لا عقلي ولا منطقي لقرون من الزمن وخاصة في ظل الامبراطورية العثمانية.
فلم يحتفل دين بالعقل مثلما فعل الإسلام. وتكاد ألفاظ العقل والفهم والفقه ومتبادلاتها تشكل لغة مميزة خاصة بالقرآن الكريم وهي لغة يستحيل تجنبها فيما يتعلق بالإيمان نفسه. وكان من الضروري للفقه أن يتعاطي مع نظام منطقي صارم لاستنباط الأحكام. ومع ذلك فقد شن الفقهاء حرباً شعواء علي الفلسفة كما هو معروف. ورد الفلاسفة بكل قوة حتي تم القضاء علي النشاط الفلسفي المباشر، وإن ظل هذا النشاط كامنا في الشعر بكل مدارسه وبصورة جانبية في التصوف بل في الفقه نفسه.
ولا نعرف ماذا دعا الفقه لمحاولة استئصال الفلسفة. والأرجح أن ذلك تم بتأثير عوامل سياسية ومجتمعية وليس بتأثير الوازع الديني نفسه. وإن تركنا هذه المسألة علي أهميتها لمزيد من البحث والتأريخ فما يهمنا مع ذلك هو الإشارة لتحالف طبقة استغلالية عسكرية وقعت ممارساتها الملموسة في تناقض شديد مع المبادئ المجردة للإسلام فوظفت مقولات تبدو مبثوثة في الإيمان الديني كجزء لا يتجزأ منه وبالذات القضاء والقدر لتبرير فسادها الأخلاقي. ولكن ذلك اسلم التجربة الدينية في الإسلام لفترة طويلة لنزعة تشاؤمية واستسلامية عميقة كانت في الحقيقة نقيض رسالته النافذة.
حاول المعتزلة واجتهدت مدارس فلسفية إسلامية شتي، وعلي رأسها حركة «إخوان الصفا»، أن تتصدي لترجمة الرسالة العقلية للإسلام إلي نشاط منهجي في الكشف العلمي. وتم لهذه المدارس تحقيق انجازات خلاقة ورائعة لابد من إعادة صفها في موقع متقدم من تاريخ العلم في العالم. ولكن في لحظة ما ممتدة بالطبع من التاريخ الإسلامي سلمت الثقافة الإسلامية لنزعة لاعقلانية بل معادية للعقل.
وتصادف أن بداية هذا التسليم وقعت في الفترة الأصعب في تاريخ المنطقة والإسلام، بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر، حيث تعرض العالم الإسلامي للغزوات التتارية والمغولية والصليبية. ولأن ذلك تم في ظروف فرقة داخلية شديدة لجأ علماء السُنة لاغلاق باب الاجتهاد ووقف المسعي العقلي كلية، وحصره في استنباطات متتالية علي هوامش المؤسسين الكبار للمذاهب الأربعة. وبينما استهدف وقف المسعي العقلي محاصرة الفرقة والصراعات المذهبية لتمكين الأمة من وقف الغزوات الخارجية فالنتيجة النهائية كانت إضعاف الحافز للتقدم والنهوض والإعمار.. ومن ثم تحضير الأمة لمزيد من الغزو الخارجي والتهافت الداخلي.
وفي هذا السياق بدأ التصوف بأطره التركية- قبل وبعد الهيمنة العثمانية- محاولة لتجاوز روحاني صرف لتجربة وجود منسحق فردي وجماعي.. وليس نموذجا للمعرفة الإشراقية كما وعد في ظل أطره العربية الحقة. وتحالف التصوف بهذا المعني بل بدا جزءاً تكميلياً لصناعة فقهية فقدت أفقها العقلي وصرامتها المنطقية فضلا عن تسليمها لمقولاتية شكلانية تغلق باب الإثبات التجريبي والواقعي وتنحصر في بحث لغوي تبسيطي.
وبدا لهذا المزيج المعقد للثقافة الفقهية المتدهورة والثقافة الصوفية المتحورة أن «القضاء والقدر» صاعقة لا يمكن مناقشتها ولا فهمها ولا تفسيرها تفسيراً يتسق مع رسالة الإسلام الحقة في التسبيب وفي الوعي والعقل والتفقه والفهم والعلم بالشيء.
يلزم الإسلام معتنقيه بالإيمان بالقضاء والقدر. ولكننا يجب أن نبحث بعناية هذا المفهوم. فالأصل فيه ليس وقوع الظواهر صاعقة وبدون أسباب، بل وقوعها وفقا لعلل. هذه العلل تعكس في بداية الأمر ونهايته المشيئة الإلهية، وهو معني يختلف عن التفسير الشائع للارادة أو المشيئة الإلهية التي تحيلها إلي استثناء وفوضي وليس إلي مبدأ شامل للعقل الأصلي المولد.
ومن هنا استندت محاولات إعادة تصويب فهم الإسلام إلي إعادة التأكيد علي مفهوم العقل المولد.
لقد عرفنا الاستنارة قبل أوروبا بقرون طويلة. ولكن معرفتنا لم تتراكم بينما انطلق الأوروبيون بسرعة خاطفة لإنتاج دولاب علمي ومعرفي هائل لا يزال نشطاً وفواراً حتي الآن. أما نحن فقد حالت طبقات فاسدة ونظم حكم لا يبررها منطق أو عقل دون إرساء مبدأ عقلي للحكم علي كل شيء. ولذلك وقعت نكسة ونكسات لحركة الاستنارة في العالم الإسلامي بما فيه- للأسف- مصر.
وهذا هو واقعنا الراهن: نكسة طويلة
د. نادر فرجاني يسأل : من أصدر حكم براءة قاتل الألف مصري؟         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
nader.jpgسؤالان يصمان الأذن المصرية منذ صدور الحكم في قضية عبَّارة الموت:
الأول: من حقاً قتل شهداء عبَّارة ممدوح إسماعيل؟
والثاني: من حقا أصدر حكم براءة قاتل الألف مصري؟
الإجابة المباشرة في الحالتين صحيحة شكلاً ولكنها قاصرة عن الإمساك بالحقيقة كاملة.
صحيح شكلا أن الإجابة عن السؤال الأول هي "ممدوح إسماعيل" وعن السؤال الثاني هي المستشار "أحمد النجار" رئيس هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم يوم 27 يوليو 2008.
وحتي لا يلغز الأمر علي القارئ طويلا، أزعم أن الإجابة - التي تصل إلي كبد الحقيقة - واحدة في الحالتين.
من تسبب في مقتل شهداء عبَّارة ممدوح إسماعيل ثم أتاح له جميع فرص الإفلات من العقاب، حتي صدور حكم البراءة علي لسان قاض غير منزه عن الإفساد، هو الحكم التسلطي المتزاوج مع الرأسمالية المنفلتة والمتوسلين بالفساد والاستبداد، سبيلا لغطرسة الطغيان ولتراكم الثروات الحرام.
وليس مغزي هذه الحقيقة الكاملة أن "ممدوح إسماعيل" و"أحمد النجار" بريئان. كلاهما مستحق للإدانة والعقاب بلا مراء. لكن مغزي الحقيقة الكاملة هو أن التوقف عند عقاب هذين الشخصين لن يقطع دابر مثل هذا الفساد في البلاد. فنظام حكم الفساد والاستبداد سينتج بطبائع الأمور آلافا مثلهما مما بقي جاثما علي صدور المصريين.
جماع القول، أن شرط الانعتاق من مثل هذا الظلم الفاجر هو إسقاط نظام حكم الفساد والاستبداد، لا أقل. وأن المجرمين الأحق بالإدانة والعقاب، في محكمات عادلة إن أحسنوا الخاتمة وتخلوا عن السلطة طوعاً، هم رءوس الحكم التسلطي جميعا.
ودون هذين المطلبين لسيادة الحرية والعدل في مصر، فليوطِّن المصريون أنفسهم علي نوازل فساد وطغيان حتي أبشع من تبرئة قاتل الآلاف وقاضيه.
ولننظر في مسوغات ذلك الحكم بإيجاز.
الحكم التسلطي هو الذي مكَّن لممدوح إسماعيل، بداية، من الإثراء ومن احتكار خطوط العَّبارات، بل أضفي عليه مهابة وحصانة، بتعيينه عضوا في مجلس الشوري، وياللصفاقة، في المجلس الأعلي للسلامة البحرية، علي الرغم من تكرار جرائم غرق عباراته. ثم حماه بتهريبه من البلاد، إلي بلد لم يبرم اتفاقية لتسليم المجرمين مع مصر، في حمي قوات الأمن نفسها التي أنكرت علي بضع شباب من خيرة بني مصر قدرا من اللهو البريء والتغني بالوطن علي شواطئ الاسكندرية، فأذاقتهم مر العذاب، ثم حكمت عليهم نيابة ضالة فورياً بالسجن خمسة عشر يوما. وهكذا، بينما لم يقض قاتل الآلاف ساعة واحدة في السجن، ألُقي بعض من خيرة شباب مصر في السجون والمعتقلات أياما حتي أنقذهم قرار القضاء بإخلاء سبيلهم.
ووظف الحكم وسائل إعلامه للدفاع عن قاتلي الآلاف، وهم في مهربهم المترف، آمنين من القضاء المصري ومن غضب الشعب، والقضية منظورة أمام القضاء. وحتي عندما عرضت القضية علي القضاء المصري، فجع المصريون في أن جناية مقتل أكثر من ألف مصري كيفت كمجرد جنحة إهمال أساسا من قبل مختفين حرفا للاتهام عن الجناة الأصليين. وعندما تدخلت الدولة المصرية للتوسط بين المجرمين والضحايا في مسألة التعويضات، من خلال المدعي الاشتراكي، فرضت علي أهالي الضحايا المكلومين شروط إذعان تمنعهم من مقاضاة المسئولين عن الجريمة البشعة بعد تلقي التعويضات المالية التافهة لقاء فقد الأحبة والمعيلين.
ثم نأتي لثالثة الأثافي. فمن علامات الحكم التسلطي إخضاع القضاء للسلطة التنفيذية والتضييق علي استقلاله بما يفتح أبوابا لإفساد القضاء والقضاة. وكما يفسد بعض القضاء في ظل الحكم التسلطي يفسد محامون، ومعروف أن القانونيين عندما يفسدون يصبحون أعتي الناس فسادا. وإن فسد القاضي والمحامي، وساندهم إعلام مزيف للحقيقة، فليس من خاتمة لقضية إلا ضياع حقوق المستضعفين وطغيان المفسدين في الأرض. وهذا ما حدث علي أيدي "ممدوح إسماعيل" و"أحمد النجار" مباشرة، ونهاية علي أيدي رءوس الحكم التسلطي من وراء غلالات رقيقة.
وليسامحنا أجلاء قضاتنا في التعقيب علي حكم قضائي. فحصانة أحكام القضاء من التعقيب عليها تشترط قضاء حراً ونزيهاً. وتكرار أحكام تمكّن الطغاة المفسدين في الأرض من الإفلات من العقاب علي جرائم بشعة تهدر حقوق شرائح واسعة من المصريين، خاصة المستضعفين منهم، يجعل محراب العدل يهتز ويلطخ ثوب القضاء الناصع. وما لم يطهِّر أهل القضاء محراب العدل بأنفسهم، يبقي التعقيب علي أحكام القضاء - بادية العوار- ضربا من التعبير المباح، بل واجبا. وسيبقي فخرا للمصريين جميعا أن في مصر قضاة أجلاء بحق.
وعليه فمن دواعي الغبطة والفخار التعبير عن بالغ التقدير للمستشار عبد المجيد محمود علي قراره بالطعن في حكم البراءة المعيب الذي يضاف إلي رصيد قراراته السديدة، ومنها قراره بإحالة المسئولين عن شركات إنتاج الأسمنت إلي المحاكمة الجنائية. تأسيساً علي هذا الرصيد المشرف نستطيع الفخر بأن في مصر نائبا عاما جليلا حقا، حريصا علي المصلحة العامة وعلي حقوق الناس. 

«اعتماد» أخت الشهيد علي عبد الفتاح:أبناؤه ينتظرون عودته.. رغم أننا دفناه
قلت للنائب العام: ممدوح إسماعيل هياخد براءة لأننا عارفين مين اللي واقف وراه

«كان الأول علي مدرسة النقراشي باشا في الثانوية العامة ورفض أن يدخل أي كلية من كليات القمة من أجل الالتحاق بكلية التربية ليعمل بتدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية" هكذا تحكي اعتماد، شقيقة الشهيد علي عبد الفتاح علي، أحد ضحايا «عبارة السلام 98» ،الذي صعدت روحه الي بارئها قبل عامين عن43 عاما .
بدأ علي رحلته في العمل بالخارج بدولة الكويت عام 87 وحصل فيها علي شهادة أفضل مدرس بالكويت عام ،89 ثم انتقل للعمل بالسعودية عام 92 وحصل منها علي 14 شهادة تقدير..
وعن حكم البراءة الذي صدر لصالح ممدوح إسماعيل تقول اعتماد "يعني هي الحكومة هتحاسب الحكومة.. حسبي الله ونعم الوكيل"، مؤكدة أنها توقعت براءة ممدوح إسماعيل وقالت للنائب العام أثناء تقديم البلاغ بعد الحادث مباشرة:"هياخد براءة لأننا عارفين مين اللي واقف وراه.. وهو لو ماخدش براءة هيتكلم".
وتضيف اعتماد أن الحكم أصاب زوجة الراحل وأشقاءه وأطفاله الخمسة بصدمة خاصة أنه تزامن مع فترة الإجازات الصيفية التي اعتادوا خلالها علي عودته كل عام، ومازال طفله الصغير الذي يدرس بالصف الثاني الابتدائي يسأل زملاء والده ممن يزورونهم: "بابا مجاش معاكو ليه؟" ـ فالصغير الذي لم يكن قد التحق بالمدرسة وقت الحادث لا يعرف أن والده غرق في تلك العبارة، وحتي أشقاؤه الأكبر منه في السن رغم معرفتهم أن والدهم شهيد إلا أن الأمل مازال يراودهم في عودته إلي المنزل حتي بعد دفننا جثمانه <

الاعلام المصري و موقفه ال.... عند وفاة المشير أبو غزاله

تجاهلته الصحف الحكومية والمستقلة والمعارضة.. وفاة المشير أبو غزالة بعد صراع مع السرطان وتشييع جثمانه اليوم في جنازة عسكرية
توفي المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، في الساعة الحادية عشرة من مساء أمس، في مستشفى الجلاء العسكري التابع للقوات المسلحة بالقاهرة, بعد صراع ومعاناة طويلة مع مرض السرطان.
وكان الراحل الذي يعد أحد أهم القادة العسكريين في تاريخ القوات المسلحة المصرية قد أصيب بسرطان في الحنجرة اضطره للخضوع لجرعات مكثفة من العلاج الكيماوي في بعض المستشفيات الأوروبية، وانتهى به المطاف لاستكمال علاجه بمستشفى الجلاء العسكري.
وعلمت "المصريون" أن اتصالات مكثفة تجرى بين أسرة المشير أبو غزالة والجهات المسئولة في الدولة لترتيب إجراءات جنازته، وأنه تقرر تشييع جثمانه اليوم الأحد في جنازة عسكرية تبدأ من مسجد آل رشدان بمدينة نصر.
كما لم تستقر أسرته – حتى صدور عدد "المصريون" ليوم الأحد – على مكان الدفن، حيث تبحث القيام بدفن جثمانه في القاهرة، أو في مسقط رأسه بقرية زهور الأمراء التابعة لمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة.
وكان أبو غزالة قام بفحوص طبية في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، قبل أن يقرر العودة إلى مصر للاستمرار في العلاج تحت إشراف الأطباء الأجانب والمصرين الذين يشرفون على إعطائه جرعات العلاج الكيماوي.
وقد اضطرت أسرته لنقله إلى مستشفى الجلاء العسكري بعد أن تأثرت حالته الصحية بسبب العلاج الكيماوي، ودخل في غيبوبة كاملة، وخضع في الأيام الأخيرة لرعاية مركزة من قبل الأطباء المشرفين على حالته.
وكان لافتا حالة التعتيم من الصحف الحكومية على حالة أبو غزالة، حتى أن أيا منها لم تبد اهتماما بنشر ولو حتى خبرا مقتضبا عن حالته الصحية ومحنته مع المرض في الأيام الأخيرة.
وأبو غزالة يعد من أشهر وزراء الدفاع في تاريخ مصر، وكان يحظى باحترام وحب شديدين استمرت حتى بعد إصدار الرئيس مبارك قرارًا جمهوريًا بتعيينه مساعدًا لرئيس الجمهورية بعد تركه منصب وزير الدفاع قبل 18 عاما.
وقد ترددت وقتها شائعات عن أن الإدارة الأمريكية كانت غاضبة جدًا على أبو غزالة بحجة أنه كان يخطط لإنشاء صناعات كيماوية.
والمشير أبو غزالة من مواليد 9 فبراير عام 1930م في قرية زهور الأمراء مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة، وتخرج من الكلية الحربية عام 1949 وترقى حتى رتبة المشير عندما أصبح وزيرًا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء.
وهو آخر وزير للدفاع في عهد الرئيس السادات حيث تولى الوزارة عقب وفاة الفريق أحمد بدوي هو 13 من قادة الجيش في حادث سقوط طائرة هليوكوبتر، وخاض جميع معارك الجيش المصري بدءًا من حرب 1948 في فلسطين وحتى حرب أكتوبر 1973م.
والراحل كان يتميز بخبراته العسكرية الهائلة وإحاطته الواسعة بالعلوم العسكرية، وله عدة مؤلفات في المجال العسكري، منها: انطلقت المدافع عند الظهر ـ والقاموس العلمي في المصطلحات العسكرية.
مبارك يتقدم المشيعين فى جنازة المشير أبوغزالة
جثمان الفقيد ابو غزالة على عربة مدفع ملفوفا بعلم مصر
تقدم الرئيس محمد حسني مبارك أمس مشيعي الجنازة العسكرية للمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة. شارك في تشييع الجنازة كبار رجال الدولة ورؤساء مجلس الوزراء والشعب والشوري، والعديد من الوزراء ووزير الدفاع وكبار قادة القوات المسلحة واسرة الفقيد. وقد أقيمت الصلاة بمسجد »آل رشدان« حيث ام الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر المصلين في صلاة الظهر وصلاة الجنازة. وحمل الجثمان الذي كان ملفوفا بعلم مصر علي عربة مدفع يتقدمها حملة الاوسمة والنياشين التي حصل عليها الفقيد خلال خدمته الطويلة.
وعقب ذلك اصطف اهل الفقيد لتلقي العزاء، حيث كان الرئيس مبارك اول من قدم واجب العزاء لاسرة الفقيد، ثم كبار رجال الدولة.
ثم تحرك موكب الجنازة ليواري الثري في مقابر الاسرة بمدينة نصر.
كان المشير أبوغزالة قد انتقل إلي رحمة الله مساء أول أمس بمستشفي الجلاء العسكري عن عمر يناهز 78 عاما.. وكان يعاني من سرطان الحنجرة، والفقيد كان نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للدفاع.
كما كان مساعدا أول لرئيس الجمهورية، وشارك في حروب 1948 و1956و1967 وخلال حرب أكتوبر 1973 كان قائدا لمدفعية الجيش الثاني الميداني، وعين بعد الحرب ملحقا للدفاع بالولايات المتحدة الامريكية.
رحيل المشير أبو غزالة

8 - 9 - 2008

سوف يمضي وقت طويل قبل أن يعرف المصريون ما حدث بالضبط في العام 1989 عندما قرر الرئيس مبارك عزل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة ، وتجريده من كامل سلطاته وصلاحياته وإدخاله إلى الثلاجة وإبعاده نهائيا عن الأضواء تحت مظلة "مستشار" لرئيس الجمهورية أو مساعد له ، وهو موقع وهمي لا معنى له ولا قيمة سوى إخفاء الوجه الآخر للواقعة ، يومان مرا على مصر كان محمد عبد الحليم أبو غزاله هو الحاكم الفعلي لمصر ، في العام 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات ، حيث كانت السلطة والأمر والنهي في يد أبو غزالة ، القائد العام للقوات المسلحة ، وكان يستطيع ـ لو أراد ـ ولكنه لم يرد ، وفي العام 1986 في أعقاب انتفاضة الأمن المركزي ، حيث نزل الجيش إلى شوارع القاهرة وسيطر على العاصمة بالكامل ، وكان المشير أبو غزالة هو الحاكم الفعلي وقتها للبلاد في ظل غيبة الرئيس ، وكان يستطيع يومها ـ لو أراد ـ ولكنه لم يرد ، كانت هذه الواقعة هي نقطة التحول في علاقة المشير أبو غزالة بالرئيس مبارك ، حيث بدأت العلاقة تصاب بالبرود ثم التنافر حتى صدر قرار الإقالة في 1989 ، وقد سبقه حملة إعلامية مركزة من بعض الصحف والمجلات الحكومية لمحاولة تلويث شرف أبو غزالة وتشويه صورته بادعاء علاقات له مع لوسي أرتين في القضية الشهيرة ، واستمرت الحملة غير المسبوقة لشخصية بهذا الحجم عدة أسابيع ، وبدا كما لو كان هناك في السلطة من يتلذذ بهذه الإهانات المتوالية للرجل الثاني في الدولة وقتها ، تميز المشير أبو غزالة بشخصية فريدة تجمع بين الاحتراف العسكري الرفيع وبين الثقافة المدنية الراقية ، وبين البعد الإنساني الرائع ، وكل هذه الصفات أجمع عليها كل من تعامل معه من العسكريين أو المدنيين سواء ، لدرجة أنه كان هناك رأي عام واسع النطاق يتمنى أن تنتهي قيادة مصر إلى هذا الرجل ، ولكن هكذا بلادنا غير محظوظة دائما ، هناك إجماع أيضا على أنه أحد أبطال العسكرية المصرية التاريخيين ، فقد خاض كل حروب التحرير ضد العدو الصهيوني ، حتى أنه شارك في حرب 1948 وهو ما زال طالبا ، كما شارك في 56 ، و67 ، وكان قائد مدفعية الجيش الثاني ، درة القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر المجيدة ، كان معروفا بتواضعه مع الجميع ، ولذلك كان أكثر قيادات القوات المسلحة المصرية قبولا وشعبية ، كان محبوبا من الجميع ، كما كان يهتم بالبعد الإنساني في العلاقات العسكرية مع الضباط والجنود ، كما كان مثقفا من طراز رفيع ، لدرجة أنه وهو المقاتل الذي ينتقل من ميدان لميدان ومن معركة إلى أخرى ، كان حريصا على أن يدرس كطالب عادي في كلية التجارة ، ويحصل على الماجستير في إدارة الأعمال ، كما كان يحسن الحديث والكتابة بثلاثة لغات ، منها الإنجليزية وترجم بعض الكتب الصعبة التي تنم عن اختيار راق وترجمة واعية ، في تفسيرات إبعاده سربوا حكاية أنه استقدم معدات تقنية نووية رفيعة من الولايات المتحدة مما أدى إلى توتر لم ينته إلا بعزله ، وهو كلام بعيد عن الواقع وعن المنطق ، والملابسات التي تمت قبل عزله وبعده تشير إلى "تصفية حساب" وقصد عمدي لتدمير السمعة والمكانة ، خاصة حملة التشوية البذيئة والتي كانت تأخذ طابعا شبه رسمي ، كما أن عملية احتقار الرجل وإهانة تاريخه حتى وفاته كانت واضحة للعيان ، فقد تجاهلته كل المنصات الرسمية ، وكل الصحف القومية وكل وسائل الإعلام الحكومية ، كان هناك ما يشبه الأمر الصارم بدفنه حيا ، حتى أنه وهو ينازع النزع الأخير تجاهلت جميع وسائل الإعلام الرسمية متابعة حالته الصحية الحرجة ، حتى خبر وفاته لم ينشر إلا بعد أن أتت التعليمات ، وقد ضنوا عليه بالرعاية الصحية العالية في الخارج التي يحصل عليها ممثلون وراقصات على نفقة الدولة ، وليس أحد أبطال مصر ومحاربيها العظماء ، رحم الله المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة ، البطل والمقاتل والإنسان .الحزن يسيطر علي أهالي «زهور الأمراء» بعد رحيل «ثروت» الشهير بـ«المشير أبوغزالة»

م ٩/٩/٢٠٠٨

فوزي عم المشير الراحل
«الشوارع خالية من الرجال، والحزن يخيم علي المنازل وسط حالة من السكون والصمت.. ومن بعيد تبدو صورتان، الأولي للرئيس مبارك والأخري للمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة»..
هكذا بدت قرية «زهور الأمراء» بمركز الدلنجات بالبحيرة يوم الأحد الماضي، حيث كان يتم تشييع جثمان ابن القرية الراحل «ثروت» الشهير بالمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة في جنازة عسكرية مهيبة بالقاهرة، حضرها الرئيس مبارك وقيادات، وحرص رجال القرية علي المشاركة فيها، عرفانا بفضل الراحل عليها.
لم يكن أحد من أبناء «زهور الأمراء» يتصور أن الطفل ثروت الذي أنقذه عبدالعظيم ابن عمه من الغرق في ترعة الحاجر، سيصبح في المستقبل قائداً عسكرياً يتولي وزارة الدفاع، ويبزغ نجمه السياسي، حتي يقال من منصبه دون إبداء أسباب.
فوزي محمد غزالة، عم المشير الراحل، قال: «ثروت كان تلميذاً متفوقاً، يحب لعب الكرة وكان أهلاوياً صميماً، وعندما أنقذه عمه من الغرق تعلم السباحة بعدها مباشرة وكان في الصف الأول الثانوي بمدرسة عمر مكرم في دمنهور، وبعدها التحق بالكلية الحربية ليتخرج فيها».
«عندما وصل إلي رتبة نقيب، تزوج من السيدة أشجان أحمد صبري، وكان يوم زفافهما أسطورياً، أطلقت فيه الأعيرة النارية ابتهاجاً بالعرس».. هكذا قال فوزي، وأضاف: «كان المشير - رحمه الله - باراً بنا، خادماً للجميع، يأتي لزيارتنا دون حراسة وأدخل جميع المرافق للقرية، ويقول أنا أخ لجميع الأهالي ولا ننسي موقفه الإنساني، عندما عفا عن السائق الذي صدم ابنه أشرف بسيارته وتسبب في قتله، ورفضه العلاج علي نفقة الدولة، وقوله اتركوا العلاج علي نفقة الدولة للمحتاجين».
«الله يرحمه كان صاحب واجب، يحرص علي العزاء في المتوفين من أبناء القرية، عندما كان مساعداً لرئيس الجمهورية، وكان يسلم علي الجميع ويقول لا تمنعوا أحداً عني أياً كان».. هكذا قال محمد فاروق غزالة، وتابع: المرحوم كان ابن نكتة أيضاً، وذات مرة طلب منه أحد أهالي القرية تعيين ابنه الأمي فعرض عليه وظيفة عامل في الأوقاف أو الكهرباء، فرفض الرجل وقال له: «عاوز وظيفة محترمة»، فرد المشير: «خلاص استني عندي وزير حيخرج معاش بعد شهر هعينه مكانه». في قرية المشير أبوغزالة: الشوارع خلت من الرجال لمشاركتهم في الجنازة.. وصورته تتصدر مدخل القرية

٩/٩/٢٠٠٨
لم يكن أحد يعلم أن الطفل ثروت الذي أنقذه ابن عمه عبدالعظيم من الغرق في ترعة الحاجر، سيصبح فيما بعد المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، ذلك الرجل الذي أحبه الجميع، وأقيل من منصبه دون إبداء أسباب، لكنه ظل حتي وفاته مساء السبت الماضي يمثل بطلاً شعبياً في عيون المصريين.
«المصري اليوم» ذهبت إلي مسقط رأسه في قرية «زهور الأمراء» التابعة لمركز الدلنجات في البحيرة، وكان لافتاً وجود صورتين: الأولي للرئيس مبارك، والأخري لأبوغزالة في مدخل القرية اعترافاً بفضله عليها، وهو ما يفسر خلوها من كل الرجال تقريباً بعد سفرهم إلي القاهرة لحضور الجنازة التي خرجت من مسجد آل رشدان السبت الماضي.
قال فوزي محمد غزالة «٨١ سنة»، عم الفقيد، إن ثروت أو محمد لم يكن ابن أخيه، لكن كان أخاه وصديقه المقرب لأن فارق السن بينهما لم يكن سوي ٣ سنوات لصالح فوزي، موضحاً أن المشير اشتهر في القرية باسم ثروت.
وأضاف فوزي: كنا ١٤ أخاً وأختاً، ٧ أولاد ومثلهم بنات، وكان عبدالحليم والد ثروت هو أكبرنا، وعندما رزق بابنه فرح به فرحاً شديداً وسماه أبوغزالة، بدلاً من «غزالة» لقب العائلة، وكان عبدالحليم يعمل في مصلحة التليفونات، ووصل إلي منصب مدير المصلحة في الإسكندرية، وكان ثروت تلميذاً متفوقاً، ويحب لعب الكرة جداً وكان أهلاوياً صميماً، حصل علي الابتدائية من الدلنجات، والثانوية من مدرسة عمر مكرم في دمنهور، ثم التحق بالكلية الحربية.
وتذكر فوزي بعضاً من ذكرياتهما سوياً بقوله: كنت ألعب أنا وهو بجوار ترعة الحاجر، وكنت أجيد السباحة بينما لم يكن كذلك، ونزلت الترعة للاستحمام فأصر علي النزول، وبعد لحظات وجدته يغرق، فصرخت وجاء عمنا عبدالعظيم لإنقاذه فتعلم السباحة بعدها، وكان في هذا الوقت في الصف الأول الثانوي.
وروي فوزي قصة زواج المشير بقوله: كان ثروت قد وصل إلي رتبة نقيب، ووالدته تريده أن يتزوج، وفي أحد الأيام كانت تشتري بعض حاجاتها من شركة «عمر أفندي» في مدينة دمنهور، فشاهدت إحدي الفتيات فأعجبت بها، وسألتها عن اسمها فقالت لها إنها أشجان ابنة أحمد صبري، مفتش دوائر أملاك الأمير عمر طوسون، وحدث تبادل للزيارات بينهما، وتمت خطبتها، وكان يوم الزفاف مشهوداً حيث أطلقت فيه آلاف الأعيرة النارية ابتهاجاً بالعرس.
وأشار فوزي إلي واقعة وفاة أشرف نجل المشير بقوله: إن الطفل كان يلعب بدراجته أمام منزله في حلمية الزيتون وصدمته سيارة نقل، فضرب رجال الأمن سائقها، ولم ينقذه منهم سوي المشير شخصياً، وقام بتهدئة السائق، وقال له إن أشرف هو المخطئ، وعفا عن السائق وتركه ينصرف.
وحول علاقة المشير بالقرية وأهلها، قال فوزي: الفقيد كان باراً بأهل قريته، وخادماً للجميع، وكان يأتي إلي القرية دون حراسة، ويقول أنا أخ لجميع الأهالي، وساعد الكثيرين من شباب القرية في الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة، كما أقام في القرية مستشفي ومدرستين إعدادية وثانوية، ومجمع مدارس أزهرية، ومسجداً، ونقطة شرطة، وعمارات سكنية، كما أدخل إليها جميع المرافق.
كشف فوزي عن أن الفقيد اتصل بأهله أثناء انتخابات الرئاسة التي جرت في سبتمبر ٢٠٠٥، وطالبهم بالتصويت لصالح الرئيس مبارك، وشدد علي عدم تخلف أي أحد من الأهالي عن التصويت، مؤكداً أنه عندما كان مريضاً رفض العلاج علي نفقة الدولة لأنه مقتدر مادياً، وقال اتركوا العلاج علي نفقة الدولة للمحتاجين، لافتاً إلي أن الرئيس مبارك كان علي اتصال دائم به، كما أن كبير الياوران في الرئاسة زاره الأسبوع الماضي.
وقال محمد فاروق غزالة: إن الفقيد عندما كان يأتي إلي القرية كان يقيم في استراحته التي أنشأها عام ١٩٩٠ هي والمسجد المقابل لها، مؤكداً أنه كان في قمة التواضع مدللاً علي ذلك بأن أحد أهالي القرية ويدعي فوزي كان يبيع الجاز أراد أن يسلم عليه، وحاول بعض الناس منعه حتي لا يلوث ملابس المشير، فنهرهم قائلاً: لا تمنعوا أحداً عني أياً كان، وأضاف أن الفقيد حضر إلي القرية في منتصف الثمانينيات لتلقي العزاء في والدته، ولم تمنعه مسؤولياته من أداء واجب العزاء في القرية عندما كان مساعداً لرئيس الجمهورية.
وأضاف فاروق أن الفقيد كان «ابن نكتة»، مشيراً إلي أنه جاء إليه أحد أبناء القرية وطلب منه تعيين ابنه في وظيفة محترمة، وكان هذا الابن أمياً فعرض عليه المشير تعيينه عاملاً في الأوقاف، أو الكهرباء، لكن الرجل رفض وقال للمشير: «عاوز وظيفة كبيرة»، فقال له المشير: «خلاص استني عندي وزير حيخرج معاش بعد شهر هاعينك مكانه» فضحك الرجل وقال: «أيوه كده هي دي الوظيفة».

ربطت إقالته بتنامي نفوذه بعد أحداث الأمن المركزي.. صحيفة فرنسية: المشير أبو غزالة كان أقوى شخصية سياسية في مصر لكنه لم يقتنص الفرصة

قالت صحيفة "لسوار" الناطقة بالفرنسية، إنه بالرغم من ابتعاد المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع الأسبق عن الشأن العام منذ استقالته من منصبه كمستشار للرئيس حسني مبارك عام 1993 إلا أنه يعد الحاضر الغائب لدى المصريين منذ أن عينه الرئيس الراحل أنور السادات وزيرا للدفاع والصناعات الحربية عام 1981.
وذكرت الصحيفة أن أبو غزالة كان أقوى شخصية في مصر حتى أبريل 1989 عندما قرر الرئيس حسني مبارك إعفاءه من منصبه وتوليته منصبا شرفيا ليس له أي صلاحيات، لأنه أصبح يخشى على نفسه من شعبيته المتعاظمة داخل القوات المسلحة وأيضا في الشارع المصري، وخاصة بعد انتفاضة قوات الأمن المركزي ومهاجمتها ملاهي شارع الهرم مما استدعى تدخل القوات المسلحة التي قمعت الانتفاضة.
كما انتشرت وقتها أقاويل أن سبب إقالة أبو غزالة هو شروع في تطوير صاروخ كون دور 2 بالتعاون مع العراق، وتم الترويج للشائعات عن ارتباطه بشخصيات نسائية ولعل أشهر هذه الشخصيات السيدة لوسي ارتين وهو ما أثر بشدة على مستقبله السياسي والعسكري.
وذكرت الصحيفة، أنه بسبب هذا المنصب الشرفي منزوع الصلاحيات والذي اعتبره أبو غزالة نهاية مأساوية لتاريخه وطموحه قدم استقالته وضرب حول نفسه طوقا من الصمت والعزلة، ولكنه اعتمد على ارتباط المصريين به وهو ما أصاب النظام الحاكم في مصر بالارتباك، خاصة وأن شعبية أبو غزالة والتي تضاعفت بسبب طريقة عزله.
وختمت الصحيفة تقريرها، مؤكدة أن المشير أبو غزالة لم يستطع اقتناص الفرص التي جاءته ليكون في مرتبة أعلى فهو لم يتمكن من احاطة نفسه بشبكة قوية من العلاقات والنفوذ داخليا وخارجيا، ونجح مبارك في ترويض أقوى منافس شعبي له بطريقة سلمية.

مجلس ادارة مركز البحوث الزراعية



مجلس ادارة المركز

أ.د/ صلاح محمد عبد المؤمن
وزير الزراعة واستصلاح الاراضى ورئيس مجلس ادارة مركز البحوث الزراعية
أ.د/ صلاح محمد عبد المؤمن
رئيس مركز البحوث الزراعية ، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي
أ.د/ كميل نجيب متياس
وكيل مركز البحوث الزراعية لشئون البحوث
أ.د/ جمال محمد على سرحان
وكيل مركز البحوث الزراعية لشئون الارشاد والتدريب
أ.د/ عبد المنعم عبد الودود محمد البنا
وكيل مركز البحوث الزراعية لشئون الانتاج

هانى محمد رمضان 
h_m_ramadan@hotmail.com 

معهد بحوث الاراضى والمياه والبيئة
محمد عبدالحكيم علي نجيب
معهد بحوث القطن
عبد العزيز عبد النبى عبد العزيز منصور 
Abdelaziz.abdelaziz@focri-egypt.com 

معهد بحوث المحاصيل الحقلية
هشام علي علام 
heshamallam@hotmail.com 

معهد بحوث البساتين
مرتضي أحمد على عيسى
معهد بحوث وقاية النباتات
عبد الباسط أحمد شلبي 
aashalaby@link.net 

معهد بحوث امراض النباتات
خالد توفيق عثمان
معهد بحوث الانتاج الحيوانى
محمد جلال عبدالمحسن عجور 
Mobarkmg@yahoo.com 

معهد بحوث صحة الحيوان
ابراهيم عبد المطلب غانم 
dr_ghanim53@yahoo.com 

معهد بحوث الاقتصاد الزراعى
د. حسن على شرشر
معهد بحوث الارشاد الزراعي والتنمية الريفية
عبدالله محمد عبدالله مصطفى الشافعى 
elshafai_scri@yahoo.com 

معهد بحوث المحاصيل السكرية
عصام الدين عبد المنعم علي واصف 
Ewasif@hot mail.com 

معهد بحوث الهندسة الزراعية
سيد علي أحمد عيسوي 
SAEssawy@yahoo.com 

معهد بحوث التناسليات الحيوانية
سهام عبد الرشيد الزيدى 
Sehamelzeedy@hotmail.com , svri@idsc.gov.eg 

معهد بحوث الامصال واللقاحات البيطرية
دينا عزيز الخشن 
dina_elkhishin@yahoo.com 

معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية

عواطف ابراهيم اسماعيل 
d_awatif@yahoo.com 

معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية