هل تعرف ان دمنهور من اقــدم المُدن المستمرة بها الحياة بلا انقطاع منذ عام 4242 قبل الميلاد .
أقرأ المزيد عن اقدم تجمع حضاري في البشرية
دمنهور من اقــدم المُدن المستمرة بها الحياة بلا انقطاع منذ عام 4242 قبل الميلاد دمنهور عاصمة محافظة البحيرة من أقدم المدن المصرية القديمة وتعتبر من أقدم ثلاث مدن مأهولة في العالم بعد دمشق وأريحا ويعود تاريخ بنائها إلي الألف السابع قبل الميلاد كما كانت عاصمة لمملكة الغرب قبل توحيد القطرين علي يد نارمر ( مينا ) سنة 3200قبل الميلاد . دمنهور كلمة هيروغليفية تتكون من ثلاثة مقاطع دي - من -حور ومعناها مدينة الإله حورس أو المدينة التي بها معبد الإله حورس وكان يرمز له بالصقر ... كما عرفت المدينة أيضا في النصوص المصرية القديمة بأسم بحدت . أطلق عليها الإغريق هرموبوليس برفا الصغري حيث جعلوها مقرا لعبادة الإله هرمس إله الحكمة ......وكان اسمها في اللغة القبطية القديمة تمنحور وتعني بلد الصقر حورس وبعد الفتح الإسلامي لمصر عادت للأسم القديم دمنهور . ولكن دعونا نعود إلي سنة 4242 قبل الميلاد وهو بداية كتابة تاريخ مصر القديمة حتي نتعرف علي قصة مدينتنا . كانت مصر قبل التوحيد تنقسم إلي مملكتين الأولي مملكة الشمال (الوجه البحري أو مصر السفلي) والثانية مملكة الجنوب (الوجه القبلي أو مصر العليا) وكانت مملكة الشمال تنقسم إلي مملكتين الأولي مملكة الغرب وعاصمتها دمنهور أو بحدت والثانية مملكة الشرق وعاصمتها صان الحجر وكان الصراع بين المملكتين متواصلا ومستمرا علي زعامة الوجه البحري فتارة تتغلب دمنهور وتصبح لها السيادة وتارة إخري تنتقل الزعامة إلي مملكة الشرق وظلت الأحوال علي تلك الوتيرة لفترات طويلة حتي ظهرت قوة جديدة هي بوتو (بجوار دسوق حاليا ) تمكنت من بسط سيادتها علي الوجه البحري إلي أن تمكن نارمر مينا سنة 3200قبل الميلاد من توحيد القطرين في دولة واحدة عاصمتها منف يحكمها ملك واحد تعاونه حكومة مركزية وجيش قوي وتم تقسيم المملكة الجديدة إلي مقاطعات يتولي شئون كل مقاطعة منها حاكم يدين بالولاء للفرعون ....وبذلك أصبحت دمنهور مقاطعة في الدولة الجديدة بعد أن كانت عاصمة لمملكة الغرب .. وقد يظن البعض أن هذا التحول قد أدي إلي إندثار دورها المؤثر للأبد ولكنها ظلت مركزا هاما وقويا لعبادة الإله حورس . ومع دخول المسيحية لمصر سنة 61 ميلادية علي يد القديس مرقس تحولت دمنهور كسائر المدن المصرية للدين الجديد . ورغم قلة الدراسات والمعلومات عن تاريخ دمنهور وخاصة بعد قيام الدولة القديمة ستة 3200 قبل الميلاد و ما تبعها من أحداث جليلة وعظيمة مرت بمصر وصولا إلي إقتراب نهاية الحكم الروماني لمصر فإننا سوف نجد أن دمنهور إستعادت ذاكرتها التاريخية ودورها المحوري الفعال والمؤثر في أحداث مصر وتاريخها مع بدايات الفتح الإسلامي لمصر والذي بدأ سنة 20 هجرية / 640 ميلادية . فقد كانت عند الفتح الأسلامي لمصر القنطرة التي عبر عليها عمرو بن العاص لفتح الأسكندرية عاصمة مصر الرومانية في ذلك الوقت حيث تمت هزيمة الحامية الرومانية عند قرية سلطيس ( سنطيس الحالية ) وهي من ضواحي دمنهور وكانت الهزيمة الثانية للرومان عند الكريون بجوار كفر الدوار الحالية وبذلك إنفتح الطريق علي مصراعيه أمام جيش الفتح الإسلامي لحصار الأسكندرية ثم الإستيلاء عليها وسقوطها في يد الجيش الفاتح وبذلك إنتهت سيطرة الرومان علي مصر . وقد زار دمنهور الكثير من الرحالة المسلمين أمثال بن جبير وإبن بطوطة وإبن دقماق والزبيدي وتناولوا في كتاباتهم ما تحويه من مساجد وخانات ومزارع كما كتبوا عن المعارك الدموية التي جرت علي أرضها وهذا ربما ما ربط بين حوادثها الدامية وبين كلمة الدم نهور والتي يعتقد البعض أن أسمها بسبب ذلك . وفي سنة 1798 قاومت دمنهور الحملة الفرنسية علي مصر مقاومة شرسة وعنيفة لدرجة أن الفرنسيين دمروا المدينة وقتلوا الكثير من أهلها بسبب مقاومتهم البطولية . وفي سنة 1803 وعلي أرضها هزم الجيش العثماني أو تجريدة الحمير وهي الحملة التي أرسلها والي مصر العثماني محمد باشا خسرو بقيادة نائبه يوسف بك لمحاربة محمد بك الألفي زعيم المماليك وسميت الحملة بتجريدة الحمير لأنه ونتيجة للعجز في توفير وسيلة نقل الجنود المشاركين في الحملة فقد أمر يوسف بك بجمع أكبر عدد من حمير السقائين والحمالين ببولاق حتي وصل العدد إلي ألف حمار . وفي سنة 1806 كانت هي الصخرة التي تحطمت عليها طموحات محمد بك الألفي في إقصاء محمد علي الكبير حاكم مصر حيث فشل الألفي بك في إقتحام المدينة في محاولته الوصول إلي القاهرة لخلع الوالي/ محمد علي الكبير حيث كان هناك إتفاقا بين الألفي والإنجليز علي إسقاط محمد علي بأن يرسل الإنجليز حملة ( حملة الجنرال فريزر ) لمساعدة الألفي في مسعاه وكان الإتفاق أن يتم اللقاء في دمنهور وكانت تلك الهزيمة الوحيدة لمحمد بك الألفي . كذلك وعلي أرضها تم توقيع معاهدة دمنهور في 14 سبتمبر 1807 وهي أول معاهدة في تاريخ مصر الحديث بين مصر المنتصرة وبين الحملة الإنجليزية المنهزمة في رشيد (حملة فريزر1807) والتي نحتفل في 19 سبتمبر من كل عام بذكري العيد القومي للمحافظة والذي يوافق ذكري إنسحاب الحملة من الأسكندرية وجلائها التام عن تراب مصر الطاهر . وفي ثورة 1919 شاركت دمنهور كبقية المدن المصرية في أحداث الثورة ومن شهداء دمنهور في ثورة 1919 محمود فرفور و أمين محمد جوهر و محمد سلمان محمد و أحمد محمد حسين و إبراهيم محمد عمر وغيرهم كما كانت دمنهور معقلا من أهم معاقل الوفد وجماعة الأخوان المسلمون . وفي إنتفاضة 1936/1935 وما تبعها من أحداث لعبت دمنهور دورا وطنيا هاما في أحداث تلك الإنتفاضة ويقول المؤرخون أن أحداث دمنهور قد سيطرت علي مجريات العمل السياسي والحركة السياسية والطلابية لدرجة أنها حجبت كل الأضواء عن المدن المصرية الأخري لما إتسمت بها تلك الأحداث من عنف ودموية إبتداءا من 16 نوفمبر 1935 وحتي 30يناير 1936وقدمت دمنهور شهيدين من ابنائها في سبيل الوطن وهما الشهيد / محمود حمزة الرومي الطالب بمدرسة الزراعة المتوسطة والشهيد / محمد محمد رزق المسلماني.
*تعقيب من الدكتور أحمد جلال بسيوني مدرس التاريخ بجامعة الأسكندرية إضافة بسيطة أن دمنهور ليست من أقدم ثلاث مدن، هي أقــــدم مدينة لها تاريخ مكتوب على ظهر البسيطة، لانها وحدت القطرين لمدة بسيطة جدًا لكن قبل مينا بنحو الف عام، كما أحب التأكيد على ان دمنهور ثم دمشق هما المدينتان الوحيدتان على وجه الأرض اللتين لم يتم تغيير اسمهما منذ نشأتهما حتى الآن، فقط كانت اللهجات أو المسميات الرسمية تتغير من وقت لآخر، بدليل استمرار منطوق الاسم إلى اليوم دي مني هور.