الخبير الاقتصادى عبدالخالق فاروق: الصناديق الخاصة ظهرت مع نكسة 67
قال الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية، إن إيرادات الصناديق والحسابات الخاصة تمثل حركة مالية ضخمة خارج نطاق معرفة وسيطرة صانع السياسة الاقتصادية، وأضاف في حواره مع «المصرى اليوم» أن التقديرات الأولية لها تصل لما يقرب من 300 مليار جنيه، ما بين إيرادات ومصروفات، في حين يقدر الفائض المالى بعد خصم المصروفات ما يصل إلى 100 مليار جنيه.. وإلى نص الحوار:
■ كيف نشأت الصناديق والحسابات الخاصة في النظام المالى المصرى، وما هو أول صندوق؟
- ارتبطت ظاهرة الحسابات والصناديق الخاصة بنكسة 1967 مع إصدار الحكومة المصرية وقتها القانون رقم 38 لسنة 1967 لإنشاء صندوقين في كل محافظة لتعويض العجز في تمويل بعض الخدمات في المحافظات، إلا أن انتشارها جاء عام 1979 الذي يمكن أن نطلق عليه عام «تفكيك» الاقتصاد المصرى، وتم خلاله تعديل قانون الموازنة العامة للدولة بحيث تم فصل الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال العام عنها واستقلالها في موازنات منفصلة، وبدأت بعدها سلسلة من القوانين والقرارات لإنشاء الحسابات والصناديق الخاصة والتى تنص على إيداع إيرادات بعض الهيئات في تلك الحسابات بعيدًا عن الخزانة العامة، فحرمت الدولة من تلك الإيرادات الضخمة، وفى الوقت نفسه خلقت شبكات فساد كبيرة في تلك الموازنات غير المنظورة.
■ هل أنت مع مبدأ الصناديق نفسها أم ضد الفساد الذي ارتبط بتطبيق الفكرة؟
أنا أرفض الفكرة من أساسها، لأنها ظاهرة شاذة ولا يوجد نظير لها في أي دولة تحترم مواطنيها، ويجب العمل على وضع خطة لتصفيتها، لما لها من مخاطر اقتصادية، فهى أولاً تحرم الخزانة العامة للدولة من كمية كبيرة من الإيرادات الموجودة بتلك الصناديق والحسابات، فيكفى مثلاً أن نعرف أن جميع الأموال الناتجة عن بيع الأراضى، سواء الإسكان أو الزراعية أو غيرها، تذهب في تلك الصناديق، كما هو الوضع في الصندوق التابع للهيئة العامة للمجتمعات العمرانية، ولا تدخل خزانة الدولة وتخضع لإشراف الوزير المختص ومجلس إدارة تلك الهيئة الذي يعينه الوزير.
■ كيف يمكن تصفية تلك الصناديق؟
- يجب أن تتوفر في البداية الإرادة السياسية للبدء في خطة لتصفيتها خلال 3 سنوات على الأكثر، وذلك من خلال عدة إجراءات، أولها أن يصدر قرار سيادى من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بتشكيل لجنة عليا تضم الجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة المالية والرقابة الإدارية والبنك المركزى، على أن تجرى اللجنة حصرًا كاملاً لتلك الصناديق والحسابات الموجودة في البنك المركزى أو البنوك التجارية.
وبعدها تقوم اللجنة بضم حسابات تلك الصناديق إلى خزانة الدولة، خاصة المجتمعات العمرانية والزراعية والداخلية والخارجية، وغيرها من الصناديق تمهيدا لتصفيتها على مدار 3 سنوات، وهو ما يعنى إلغاء الحساب المستقل وإعادة أي إيراد لها إلى الخزانة فورا. كما أنه يجب أن يصدر قانون بإلغاء جميع التشريعات والقوانين التي تسمح بإنشاء صناديق أو حسابات خاصة، وأن تتم مراجعتها من خلال لجنة قانونية.
■ هل تعتقد أن الحكومة الحالية لديها رغبة في التعامل مع ملف الصناديق الخاصة، ولماذا لم تتعامل معه الحكومات السابقة؟
- هذه الحكومة ليست لديها الرغبة أو عندها إرادة لفتح هذا الملف والتعامل معه، وكل الحكومات السابقة كانت مستفيدة من الفساد الموجود في تلك الصناديق وتحصل على مكافآت منها لذا لم تتعامل معها جديا.
■ هل تخضع تلك الصناديق أو الحسابات لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات؟
- نظريا، كل الحسابات والصناديق الخاصة الموجودة في الحساب الموحد للبنك المركزى تخضع لإشراف الجهاز باعتبارها أموالا عامة، أما الموجودة في البنوك التجارية فلا أحد يعرف عنها شيئا، أما من الناحية العلمية فإنه حتى الجهاز المركزى لا يستطيع إحكام السيطرة والرقابة على تلك الصناديق، فمثلا يوجد أكثر من 8 آلاف صندوق وحساب خاص، والجهاز لا يمتلك الكوادر الفنية المدربة لتغطيتها، ونستطيع أن نقول إنه يشرف على 10-15% منها فقط، وهناك صناديق صدرت بقرارات وزارية في بنوك خاصة، لا يعلم الجهاز شيئا عنها، وهناك نقطة أخرى وهى أن العاملين في الجهاز المركزى للمحاسبات يحصلون على مكافآت بعد انتهاء التقارير عن كل جهة، وتختلف المكافأة من جهة لأخرى تبعا لمدى غنى أو فقر تلك المؤسسة، مثلا مكافأة الإشراف على وزارة البترول تختلف عن الإشراف على الطرق والكبارى مثلا، وبالتالى فإن بعض العاملين بالجهاز يتغافلون عن بعض التصرفات والقرارات المخالفة في الصناديق التابعة لتلك الجهات حتى يحافظ على مكانه في تلك الجهة، ولا يتم تقديم طلب منها لتغيير مندوب الجهاز لديها.