(من اليمين) محمد الفوزان، الباجي التونسي، د. منصور فهمي، د. بدر خالد البدر، د. بنت الشاطئ، كامل الشناوي، د. احمد زكي اثناء زيارة وفد الادباء العرب الى مقر مجلة العربي عام 1958
JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ
أ. محمد المخزنجي
الدكتور أحمد زكي (1894 ـ 1975) هو بلا شك الأب الشرعي للثقافة العلمية في عالمنا العربي، وشرعية أبوته في هذا الجانب لاتنبع فقط من الريادة المبكرة التي سجلها في هذا الحقل الذي كان مجهولا في توجهات الثقافة العربية، بل تنبع أيضا من الأداء الرفيع الذي قدم به إسهاماته الهائلة في هذا الحقل الواسع البكر في زمنه. ولقد ارتكز هذا الأداء الرفيع على مكونين جوهريين في البنية االثقافية المتماسكة للدكتور أحمد زكي، فهو من ناحية عالم عارف بالعلم إلى درجة الأستاذية، إذ كان أستاذا مؤسسا للكيمياء العضوية في كلية العلوم بجامعة القاهرة، وأول عربي يحصل على دكتوراه العلوم D Sc أعلى درجة علمية يعد الحاصلون عليها من العرب على الأصابع حتى هذه اللحظة، وأول من وضع مرجعا علميا جامعيا في علم الكيمياء، وكان مدير مصلحة الكيمياء المصرية، ومؤسس المعهد القومي للبحوث، ومدير جامعة القاهرة. ومن الناحية الأخرى في التكوين الثقافي كان الدكتور أحمد زكي أديبا من أدباء العربية الكبار، رأس تحرير مجلة الهلال الشهرية الثقافية في الأربعينيات ومجلة العربي منذ عددها الأول حتى عددها المائتين، وكان عضوا في مجمع اللغة العربية منذ العام 1946. كتب في مجالات الفكر السياسي والاجتماعي والتأملي، بما يضعه في الصف الأول بين أصحاب القلم من مفكري عصره، وكان من العارفين معرفة عميقة بالشعر العربي وأحد أفضل المستشهدين بأبياته فيما يكتبون من نثر، وكان إلى ذلك كله، وربما أهم من ذلك كله - فيما يخص موضوع هذه المداخلة - كاتبا قصصيا من الطراز الأول بمعايير كتابة القصة في زمنه، حتى ليمكن أن يُقال إنه كان أحد رواد هذا الفن من فنون الأدب العربي، لكن يبدو أن كيانه العلمي والفكري الهائل قد حجب عن عيون مؤرخي الأدب ودارسيه هذه الريادة في هذا الفن الدقيق، الذي منح مقالات الدكتور أحمد زكي العلمية، وغير العلمية، إحدى أبرز خصائصها،