الصفحات

السبت، 5 يناير 2013

عُمُومَةَ الرَّضَاعِ




ممَا جَاءَ فِي : لَبَنِ الْفَحْلِ )
الحلقة 3064 "

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
رضى الله تعالى عنهم

عَنْ أم المؤمنين أمنا السيدة / عَائِشَةَ / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها أنها قَالَتْ :

[ جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ
حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ

( فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ عَمُّكِ )

قَالَتْ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَ لَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ

قَالَ عليه الصلاة و السلام :

( فَإِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ]

قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ غَيْرِهِمْ كَرِهُوا لَبَنَ الْفَحْلِ وَ الْأَصْلُ فِي هَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ
وَ قَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ .

الشــــــــروح

الفَحلْ : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَ سُكُونِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ : الرَّجُلُ ، وَ نِسْبَةُ اللَّبَنِ إِلَيْهِ مَجَازِيَّةٌ لِكَوْنِهِ السَّبَبَ فِيهِ ،
قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ يُتَصَوَّرُ تَجْرِيدُ لَبَنِ الْفَحْلِ بِرَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ تُرْضِعُ إِحْدَاهُمَا صَبِيًّا ،
و الْأُخْرَى صَبِيَّةً ، فَالْجُمْهُورُ قَالُوا : يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ تَزْوِيجُ الصَّبِيَّةِ ، و قَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ يَجُوزُ .
ذَكَرَهُ الْحَافِظُ وَ يَجِيءُ تَفْسِيرُ لَبَنِ الْفَحْلِ فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .

قَوْلُهُ : ( جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ )

و فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ : إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا ،
وَ هُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ
( فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ) أَيْ : لِيَدْخُلْ
( إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَ لَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ ) و فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ :
فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي ، وَ لَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ
( قَالَ فَإِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ - النكاح -
حَتَّى تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ اللَّبَنِ كَمَا ثَبَتَتْ مِنْ جَانِبِ الْمُرْضِعَةِ ،
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَثْبَتَ عُمُومَةَ الرَّضَاعِ وَ أَلْحَقَهَا بِالنَّسَبِ .

قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، وَ غَيْرِهِمْ كَرِهُوا لَبَنَ الْفَحْلِ )

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
كَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَهْلِ الشَّامِ ، وَ الثَّوْرِيِّ وَ أَبِي حَنِيفَةَ وَ صَاحِبَيْهِ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ
وَ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي أَهْلِ مَكَّةَ ، وَ مَالِكٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَ الشَّافِعِيِّ ،
وَ أَحْمَدَ وَ إِسْحَاقَ وَ أَبِي ثَوْرٍ وَ أَتْبَاعِهِمْ إِلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ ،
وَ حُجَّتُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ . يَعْنِي : حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ
( وَ قَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَ أَبِي الزُّبَيْرِ
وَ رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ ، وَ غَيْرِهِمْ ، وَ مِنَ التَّابِعِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَ أَبِي سَلَمَةَ
وَ الْقَاسِمِ وَ سَالِمٍ وَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
وَ الشَّعْبِيِّ وَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَ غَيْرِهِمْ ،

و احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :

{ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ }

وَ لَمْ يَذْكُرْ الْعَمَّةَ وَ الْبِنْتَ كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَبِ . وَ أُجِيبُوا بِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ ،
وَ لَا سِيَّمَا وَ قَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ ، و احْتَجَّ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ بِأَنَّ اللَّبَنَ
لَا يَنْفَصِلُ مِنَ الرَّجُلِ ، وَ إِنَّمَا يَنْفَصِلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فَكَيْفَ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ إِلَى الرَّجُلِ ،
و الْجَوَابُ : أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ ،
وَ أَيْضًا فَإِنَّ سَبَبَ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ مَعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا ،
وَ إِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ وَ أَيْضًا فَإِنَّ الْوَطْءَ يُدِرُّ اللَّبَنَ ،
فَلِلْفَحْلِ فِيهِ نَصِيبٌ .
( وَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ) فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق