الصفحات

الأحد، 16 سبتمبر 2018

نيويورك ... بين البحث عن العمل والسياحة


مقدمه لابد منها للقراء  الكرام ...
______________________________
استطيع ان اصف غالبية الموضوعات المنشورة بالموقع بعبارة ( اخطف واجرى ) او ( معلومه فى كبسوله ) ... بمعنى كلمات تدعمها صورة او بعض الصوره فى مواضيع شتى خاصه بالسفر والترحال ...
وهذه المره اخوض مع حضراتكم تجربة جديده على موقعنا .. الكبير الهامه والقامه بين مواقع السفر والسياحة ، وما تبوء تلك المكانة إلا بفضل الله ، ثم بفضل القائمين عليه ، وعلى رأسهم الاستاذ بهاء الدين فاروق ، واعضائه الكرام
هذه المره سأخوض تجربه نشر كتاب عن رحلتى الأخيرة إلى امريكا واكتب فى هذا الكتاب رويداً رويداً وكل ما سوف اكتبه سأنشره على حضراتكم .. وهذا امر قد يكون جديد على الموقع واأمل ان يجد قبول وإستحسان من الجميع .. وما قمت بذلك إلا بسب التشجيع الذى اولانى به بعض القراء الأعزاء لبعض مانشرت .. وكم اتمنى فى نهاية المطاف ان تتبنى دار نشر محترمه نشره ، اذا وجدت ما يستحق ان ينشر .. وقد يتوالى بعدها مؤلفات لى فى ادب الرحلات قد تجد طريقا ايضا للنشر ..ولعل ما اقوم به يشجع آخرين ان يكتوبوا على غرار ما اكتب فتكون الفائدة اشمل واعم
إذن قارئى العزيز انت على موعد معى بخوض رحلة رائعة إلى امريكا رحله بالتفصيل من البداية إلى النهايه .. وارجوا ان تنسى اخطف واجرى او معلومه فى كبسوله .. وتأنى معى وأقرأ وعيش رحلتى كم عشتها
...........
غلاف الكتاب من تصميم ابنتى زهراء بارك الله فيها وفى زوجها واولادها
__________
مذكرات معلم مصرى يغسل الأطباق فى امريكا
بـخمسين الف جنيه
___________________________
إهداء
_____
إلى كل عشاق أدب الرحلات ... والسفر والترحال .. والمطارات وركوب الطائرات ... والتنقل فى بلاد الله ومشاهدة خلق الله ... إلى عشاق المغامرات واكتشاف الجديد ... إلى محبى لحظات الأضطراب والخوف احيانا من مجهول السفر إلى ارض غير ارضه ووطن غير وطنه وبشر غير المعتاد رؤياهم فى محله .. إلى كل عاشق ومحب للقراءة بوجهه عام .. إليكم هذا الكتاب
أسامه السباعى
.........................................
مقدمة
_______
زمان ... فى مطلع السبعينيات من القرن الماضى ... ظهر كتاب للكاتب الصحفى الأستاذ حسين قدرى بعنوان ( مذكرات شاب مصرى يغسل الأطباق فى لندن ) لعب هذا الكتاب دوراً كبيراً فى وعى وفكر كل من قرأه .. ولا زال صداه حتى الآن عند البعض .. الكتاب تناول تجارب الشباب المصرى فى لندن حيث كانت محط ومهوى السفر والترحال والعمل وقتئذ .. كوضع امريكا الآن حيث المطمح والمطمع فى وطأ القدم فيها ...
وفى رحلتى الأخيرة إلى امريكا وجدت نفسى اخوض تلك التجربه التى خاضها الأستاذ حسين قدرى .
دخلت امريكا ... ورأيت امريكا من وجهه آخرى غير التى اعتدت رؤياها من قبل .. فلقد حظيت بزيارتها مرتين الاولى فى عام 2010 م وكانت مدتها 16 يوما زرت اورلاندوا والكاريبى وجوله لمدة سويعات فى نيويورك
وفى المرة الثانيه فى عام 2013م وزرت فيها لاس فيجاس ولوس انجلوس
ثم كانت المرة الثالثه موضع هذا الكتاب فى هذا العام صيف 2018م حيث تغير منظور السفر إليها بالنسبة لى وللكثيرين من سياحه مجرده ... إلى عمل وسياحه ... لماذا ؟ ! بسبب تغيير سعر الصرف الذى قلب الأوضاع رأساً على عقب ... فلئن كانت تكلفه الرحلة الاولى 16 الف جنيه طيران وفندق وباخره عملاقه .. وتكلفة الرحله الثانيه 14 الف جنيه طيران وانتقلات وفنادق .. فإن اسعار السفر إلى امريكا فى البرامج السياحيه التى وصلتنى هذا العام بلغت فيما يزيد عن 60 الف جنيه !!! هذا المبلغ سيكون مجمل ما سوف احصل عليه بعد عامين ونصف العام عندما يتم احالتى إلى المعاش من وزارة التربية والتعليم بعد 33 عاماً اعمل فيها مدرساً لمادة التاريخ .. احيى العلم يومياً ... وجرس المدرسة يدخلنى الفصل وجرس آخر يخرجنى منه .. ولولا متعه مهنتى وحبى لها لندمت على تلك السنوات التى قضيتها فى تلك الوظيفه
ولم يساورنى الندم للحظه .. فما اجمل ان تكون معلماً مؤثراً عاشقاً لما تدرسه .. ثم تجد مردود هذا كله فى نظرات اجلال واحترام من عيون من تتلمذوا على يديك
رحلتى االثالثه إلى امريكا ، فيها احداث كثيره ومشاهد كثيره ورحلات رائعه ... تستحق ان يحتويها صفحات بين دفتى غلاف ، فيصبح كتاب
تمنياتى بقراءة ممتعه
رحلة قام بها
اسامه السباعى
كفرالدوار فى يوم الثلاثاء
24 من ذو الحجه 1439 هـ
الموافق 4 سبتمبر 2018 م
.........................
عندما تكون تأشيرة امريكا واقعاً لا خيال !!!
______________
فلنبدأ الحكاية من اولها .. واولها هنا تأشيره المرور من عالم الشرق إلى عالم الغرب ، من دولة ناميه من دول العالم الثالث ، إلى الدوله الاولى فى العالم ... تأشيرة تعبر بها المحيط الأطلنطى ( بحر الظلمات فى الماضى ) لترى انوار واضواء مدن عصرية بابراج تعانق السحاب .. رمز الحضارة الحديثه ، وجبروت الرأسماليه والحياة الأمريكيه .
وقفت امام القنصل الأمريكى فى سفارة القاهرة اربع مرات فى سنوات متباعدات
المرة الاولى قبل احداث 11 سبتمبر 2001 م بعام حيث كانت الإجراءات سهله والتأشيره اسهل منها الآن . كنت اخوض تجربه مع هذه التأشيره لرؤيا السفارة والطوابير الطويله من الليل حتى فتح الأبواب وشجعنى فى ذلك زميل لى يريد ان يذهب إلى شقيقه المصاب فى حادث فى قدمه فى امريكا .. فتشجعت وسؤلت الأسئلة المعتاده
مسافر امريكا ليه ؟!
نفسى اعبر الأطلنطى ... ابتسم للأجابه
بتشتغل أيه ؟!
مدرس ثانوى
بتقبض كام ؟!
200 جنيه
طيب عندى محل حلويات ... لم يهتم
المهم راتب ضعيف ... ولو اردت السياحه فعليك بأوروبا فهى افضل
وفى آخر صفحة من جواز السفر ختم ختم الرفض ، فوصم جواز السفر بالعار والشنار ، وقد كان جواز سفرى ابيض كاللبن الحليب .. وبهذا حصلت على اول رفض
ابتسمت .. وقلت فى نفسى عنده حق فى الرفض
.....
كنت قد بلغت الاربعين من عمرى واصبح حلم حياتى ان اسافر وارى الدنيا كلها ، تساوت عندى قريه فى ادغال افريقيا ازورها .. بباريس عاصمة النور والجمال .. المهم ان اركب الطائره وتحلق بى فى السماء بين السحاب وفوقه ..والارض تحت قدمى ... ياله من حلم رائع شغل بالى سنوات عديده فى صبايا وشبابى
ومن اجل تحقيق هذا الحلم كانت فتره حياتى العمريه فيما بين الثلاثين والأربعين ، فتره كفاح مستمر تحقيقاً لمقولة كاتب امريكى اقتنعت بها ، حبث يرى أن الأنسان الذى يكافح فى هذه السنوات العشر من عمره ، سوف يجنى ثمار كفاحه ونجاحه فى اول الأربعين وما بعدها .. وقد كان محق فى هذه المقوله التى نفذتها بحذافيرها .. فقد كنت فى الصباح شيف حلوانى فى الأسكندريه ، وبعد الظهر مدرس دراسات فى إحدى قرى مدينتى التى اعيش فيها وهى مدينة كفر الدوار ثم من قبل المغرب اصنع بسبوسه منزليه ابيعها من قبل العشاء حتى منتصف الليل فى محلات البقاله والسوبر ماركت فى مدينتى .. وفى تلك الفتره رزقنى الله بالحج إلى بيته الحرام ، ومن بعدها نشطت تجارتى واصبح عندى محل للحلويات نجح ولازال قائماً حتى الآن منذ مايقرب من 25 عاماً
................
امريكا اعطتنى رفض فى المرة الأولى .. والسفر انا مولع به .. فحققت امنياتى بالسفر طيلة 6 سنوات إلى دول عديده زرت المغرب وروسيا وسنغافوره وماليزيا وتايلاند والهند والصين ... طبعاً فرنسا اغلقت فى وجهى الشباك وكذلك اسبانيا .. فقد كان الحصول على التأشيره لأوروبا وامريكا ضرباً من المحال ، بسبب تداعيات أحداث 11 سبتمبر من ضرب برجى التجاره فى نيويورك . ثم انتهت صلاحية جواز سفرى ومع جواز سفر جديد عاودت الكرة مرة آخرى من اجل نيل تأشيرة امريكا ... زميلى هشام القادم من امريكا تكفل بكتابة الأبلكيشن الخاص بالمقابله ... وجئنا عند عند نقطه هامة فى كتابه الأبلكيشن وهى سؤال ، هل أخذت رفضت من قبل ؟
هشام رأى عدم كتابه اننى اخذت رفضت من قبل .. كنت ارى ان اكتب الحقيقه ..
هشام ذكر ان المعلومات يتم اذالتها بعد سنه .. هشام غلط
هشام ذكر ان الأمريكان لايعلمو شيئا )مايعرفوش حاجه) .. وضرب امثله بانه يعرف صديق له تم ترحيله لتجاوز مدة بقائه فى امريكا ثم قدم على تأشيره واخذها عادى ..
انتصر رأى هشام وسجل بأننى لم احصل على رفض من قبل ( كذب ) بكل أسف
وجاء يوم المقابله وانا ارتدى بدله وكرافته وهندامى شيك ودار الحوار التقليدى بلغة عربيه دارجه
انت مسافر امريكا ليه ؟!
انت جئت السفاره هنا من قبل ؟!
انت متجوز ؟!
عندك اولاد ؟!
سافرت من قبل ؟! اطلع على جواز سفرى القديم وما به من تأشيرات كثيره
وكان فى حواره لا يكترث بى .. ولا يهتم بإجاباتى ويحتسى النسكافيه ويحدث زميله فى الشباك الآخر
بمعنى اصح ( لم يعبرنى بتعريفه )
ثم القى إلى جواز سفرى فإستشط غضباً ..
وخرجت وانا حزين ... بمعنى كلمة حزين ...
ثم بعد روية وتأنى .. قلت عنده حق .. انا كذبت .. وهذه ليست أخلاق فى أى دين ان يكون المرء كاذباً
وتركت امر تأشيرة امريكا برمته .. وتحولت إلى السفر إلى بلاد آخرى تعطينى تأشيراتها .. ونسيت امر السفر إلى امريكا بالكلية .. إن كانت تأشيرة هذه الدوله ( امريكا ) بمثابة جواز مرور عالمى لمعظم دول العالم .. فوجودها على جواز السفر بمثابة صك قبول وترحيب من اى دوله فى العالم .. لان امريكا لها اجراءات امنيه فى اعطاء التأشيره تريح اى دوله من التعقيب خلفها من اجل منح تأشيراتها !!
سافرت إلى لبنان وسوريا والى جنوب افريقيا واوزبكيستان وفيتنام وكمبوديا وميانيمار ودبى والبرازيل ...
ثم رسالة على هاتفى المحمول عام 2009م عن قيام مكتب فى القاهره - اتعامل معه - برحلة إلى امريكا ( اورلاندو – الكاريبى – نيويورك ) اتصلت بالمكتب قائلاً : الرحلة جميله ورخيصه ولكن امريكا لا تعطى تأشيره !!
ردت مدام بسنت قائله : استاذ اسامه الوضع اتغير مع الرئيس اوباما ، اجتمع السفير الأمريكى بالقاهره مع شركات السياحه واعلن ان القيود السابقه إلى زوال وسوف نمنح التأشيرة لمن يستحقها بالفعل ..
استاذ اسامه قدم وخليك صريح وماتكذبش ( مدام بسنت لم تعلم بحكاية هشام معى فى الأبلكيشن )
قلت فى نفسى : قدم ولا يهمك .. ماذا ستخسر 134 دولار تقريبا ثمن الرسوم .. ( مش مهم المبلغ ) ولكن ستكسب محاوله وستكسب زيارة إلى بعض الأقارب فى القاهره ( صلة رحم )
وجاء يوم المقابله هذه المره ملابسى كاجول تيشيرت اسود وبنطلون بيج .. نفس ما ارتداه اوباما عندما زار الأهرامات
وبدأ الحوار المعتاد ..
كنت فى هذه المرة صادق تمام الصدق فى كتابة الأبلكيشن
اخذت رفض من قبل .. وكتبت تاريخه .. والذى كتب الابلكيشن ابنتى وذكرت ذلك ..
( نظام واحد مستبيع لا تهمه التأشيره )
سأل القنصل قائلاً : انت مسافر امريكا ليه ؟!
لى كل عام اسافر دولة او دولاتين . وفى هذا العام المكتب الذى اسافر من خلاله عرض على رحلة إلى امريكا قلت اسافر
انت متجوز ؟! نعم
عندك اولاد ؟! نعم
بتشتغل أيه ؟!
معلم ثانوى وعندى محل حلويات
انت عندك عربيه ؟! نعم
ماركتها ايه ؟! هوندا سيتى طلعت من محفظتى من خلف البنطلون واخرجت الرخصه ولم ينظر إليها
انت بتشتغل أيه ؟!
قلت لحضرتك مدرس ثانوى وعندى محل حلويات
فأردف بسرعه قائلاً : shope sweet
انت بتتكلم إنجليزى
I only speak a little English , but that’s ok.
اهلاً وسهلاً بك فى امريكا
ادفع إلى D H L
كناية عن وصول التأشيرة بالبريد
ومن الغريب اننى لم افتح الحقيبة التى كانت معى وفيها كافة المستندات التى لوارادها لوجدها
يافرج الله ... تنفست الصعداء .. وسعادة غامره .. وهاهو المستحيل يتحقق .. وهاهو حلم حياتي فى رؤيا العالم يتحقق
وأخيراً رضيت عنى امريكا فلترضى عنى اوروبا ايضاً وهذا ماتحقق بعد ذلك ، وكانت المكافأه من قبل زميلى فى تلك الرحله والذى حصل على تأشيرة امريكا معى . عزومه فاخره فى فندق سمير اميس القريب من السفاره وفى مطعم صبايا اكلت احلى أكلة سمك .. ورجعت إلى مدينتى كفر الدوار منتشى . رجعت كرجوع القادة المنتصرين فى حضارة الأغريق والرمان .. ولكن بدون اقواس النصر او اكاليل الغار واستقبال الجماهير .. كل ذلك تخيلته ارضاءاً لهذا النصر !
وسافرت ورأيت امريكا وتمتعت فى اورلاندوا بمدنها الترفيهيه الرائعة وركبت السقينه العملاقه freedom of tht seas فى رحلة رائعة إلى الكاريبى شملت ( جامايكا – جراند كايمان – وكوزميل بالمكسيك ) ثم جوله فى نيويورك قبل الرحيل
ثم سافرت بعد ذلك إلى لاس فيجاس ولوس انجلوس
وانتهت الخمس سنوات عمر التأشيره الأمريكيه .. ولم افكر فى تجديدها إلا بعد عام ونصف العام من إنتهائها
اذ قلت فى نفسى لم لا تجدد تأشيرة امريكا ووجوده فى جواز سفرى يمنحه ثقل .. ولوكنت جددتها فى نفس عام انتهائها ما تكبدت عناء مقابله جديده ، فى السفارة الأمريكيه وشعور ببعض القلق بعودة الرفض مرة آخرى وانا استمع خلال الطابور عن رفض السفاره لمناصب سياديه ورتب عاليه ودبلوماسيين فى منح تأشيرتها لهم ..
ولكن كنت فى داخل جهاز الكمبيوتر الموجود امام القنصل ككتاب مفتوح ... كل سفرياتى ... ووضعى الأمنى... وخلافه ، لا يجعله ان يرفض ، ومنحنى التأشيره ... وكانت تلك المرة الرابعه لى فى السفارة الامريكيه ، والمره الثانيه فىى ااحصول على تأشيراتها ... وبتلك التأشيره كانت رحلتى موضع هذا الكتاب
.......
ثم تركت امريكا وتأشيراتها وتجولت فى اوروبا فى رحلات رائعه ، حتى مر عامان ونصف العام منذ ان حصلت على التأشيره
وحدثت نفسى قائلاً : المدة طالت واخشى ان يقال لك امام ضابط الجوازات فى امريكا :
اعطيناك التأشيرة ولم تسافر فلما ؟!
ومن هنا جاءت هذه الرحلة موضع هذا الكتاب



Image may contain: 2 people, text
*********
قبل السفر
الأهداف الثلاثة مع الإعداد والإستعداد
_________
من المراحل الهامة فى كل اسفارى ، هى تلك المرحله .. مرحلة ماقبل السفر ، فعوامل نجاح اى رحلة ، تُبنى على تلك المرحله . وفيها يتم البحث عن كل ماكُتب عن الدولة او المدينة التى سأقوم بزيارتها باللغه العربيه او مايتم ترجمته عن اللغة الانجليزيه . ثم تحديد موقع الأقامة من خلال جوجل إيرث ، ومدى قربه وبُعده عن المعالم الهامه ، مع رؤيا شاملة لكل الأماكن والمعالم عبر هذا الموقع الممتاز ... وأخيراً أشاهد المدينة عبر اليوتيوب . وبذلك تكتمل صورة المدينة بكافة التفاصيل الخاصة بها ... ولم يتبقى لي إلا أن ارى كل ما بحثت عنه ورأيته عبر شاشة الكمبيوتر أن اراه واقعا ملموسا لا يحجبنى عنه شيء ، واقع لا مراء فيه . وفى أثناء تلك المرحلة اقتنص يومياً ساعات معدودات لمراجعة دروس فى اللغة الإنجليزيه من خلال اسطوانات من برنامج الـ بى بى سى فى تعليم اللغه الانجليزيه تلك الأسطوانات التى لم اجد اجمل ولا اروع منها فى عرضها وطريقة تعليمها لتلك اللغه
كانت تلك المرحلة فى هذه الرحلة تمر بفتور، وليس بحماسى المعهود عندما أعد للرحله . والسبب فى ذلك راجع إلى ان امريكا كتاب مفتوح بالنسبة لى .. ورحلتى هذه ستكون الثالثة .. وعلى كلاً من لم يعد لرحلتة جيداً قبل السفر من قراءة واطلاح وجمع وطبع وتسجيل ... فليجس فى بيته مطمئناً خيراً له من المصاعب الجمة التى سيوجها إذا سافر وارتحل .. وإن سافر فلن يعرف قيمة المكان والأشياء التى سيراها فى بلد الزيارة .. ولقد رأيت فى ذلك ما يطول شرحه .. وليس هذا موضعه .
.......
حصلت على أجازة لمدة 3 شهور من وزارة التربية والتعليم . وهذه اطول اجازة احصل عليها خلال سنوات عملى التى تصل إلى الثلاثين عاما . وبهذا ستكون اطول رحلة واطول اقامة سياحيه فى رحلاتى ... وكانت اهدافى تنصب على ثلاث اشياء
الأولى : العمل فى مجال صنعتى ، التى اتقنها وابرع فيها ، ولى فيها من الخبرة مايربوا عن الأربعين عاماً ، وهى صناعة الحلويات الشرقية والغربية . اود ان افيد واستفيد ... فهذا المجال واسع من هذه الناحية .
والثانية : دراسة اللغة الأنجليزية لمزيد من الإتقان .. فلا زلت افهم واُفهم حديث التأنى والتروى بتلك اللغه ، اما سرعة اهل البلد فى الحديث كسرعتنا نحن عندما نتحدث العربيه ، فلا يصل إلى منها إلا روح الموضوع دون تفاصيله ..
كنت انوى وانا فى امريكا استكمال دراسة كورس الـ BBC الذى اقوم به بنفسى فى تعلم اللغه الأنجليزيه ، مع الألتحاق بمدرسه لتعليم اللغه فتعم الفائده فى وقت قصير ،وهذه المدرسة تتيح لى ايضاً مزيد من التعارف ، ومزيد من الزملاء ، ومزيد من الرحلات الجماعية فى عطلة نهاية الأسبوع .
والثالثة والأخيرة من اهداف تلك الرحلة وهى السياحة . عشق السفر والترحال الذى يسرى فى الروح قبل الدماء
والهدف الثالث هو بيت القصيد من تلك الرحاله وعليه مناط الأمر كله . فما اجمل تلك الابيات الشعرية للأمام الشافعى عندما قال :
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافـر ففي الأسفار خمس فوائـد
تفرّج همٍّ واكتسـاب معيشـةٍ ... وعلـم وآداب وصحبـة مـاجـد
وإن قيل في الأسفار ذلٌ ومحنة ... وقطع الفيـافي واكتساب الشدائـد
فموت الفتى خير له من حياته ... بـدار هوانٍ بين واشٍ وحـاسـد
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ... ولا تكن لفـــراق الأهـل في حـرق
من ذل بيـن أهاليــــه ببلدتــه ... فالاغتــــــراب له من أحســـن الخلـق
الكحل نوع من الأحجار منطرحاً ... في أرضه كالثرى يرمى على الطرق
لما تغـــــرّب نـال العـــزّ أجمعــه ... وصـــار يحتمــل بين الجفـن والحـدق
وقيل ايضاً فى السفر
ما في المقامِ لذي عقلٍ وذي أدبِ.... مِنْ رَاحَة ٍ فَدعِ الأَوْطَانَ واغْتَرِبِ
سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقهُ.... وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَيْشِ فِي النَّصَبِ
إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ..... إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست.... والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمة.... ً لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ
والتَّبْرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى ً في أَمَاكِنِهِ... والعودُ في أرضه نوعً من الحطب
فإن تغرَّب هذا عزَّ مطلبهُ... وإنْ تَغَرَّبَ ذَاكَ عَزَّ كالذَّهَبِ
فما رأيت متعة في الحياه .. بعد الصحه و الهدوء و السكينه وراحة البال ، و قبل هذا و ذاك راحة السجود لله في تذلل و دعاء للواحد الأحد الديان …أقول ما رأيت متعه في الحياه بعد ذلك ، إلا في عالم السفر و الترحال ... المحدد بأيام قليله و العوده السريعه إلى حيث الأهل و الوطن …
و كما يقول إبن الرومى
ولى وطن أليت ألا أبيعه
و ألا أرى غيرى له الدهر مالكاً
و يقول شوقي أمير الشعراء
وطنى لو شغلت بالخلد عنه
نازعتنى إليه في الخلد نفسي
و يقول الشاعر المؤرخ خير الدين الزركلى
العين بعد فراقها الوطن
لا ساكنا ألفت و لا سكنا
و يقول شاعر آخر :
بلاد ألفناها على كل حالة :: وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
وتستعذب الأرض التي لا هوا بها :: ولا ماؤها عذب ولكنها وطن
السفر لــمــاذا أيضاً ؟؟؟ !!!
السفر ليس سياحه فقط ، بل هو سياحه في المجهول ، فقد تصادف المسافر بعض الغرائب , أو بعض الأحداث الطارئه التى يرى أنه مطالب بمواجهتها و حده ... و لذلك خبرة صاحب الأسفار أكبر و أعمق من خبرة المقيم
كما أن الرحلات من أوسع أبواب المعرفه والثقافه الإنسانيه ... لإطلاع الانسان على المعالم و الآثار ، و الإستمتاع بمشاهدة التاريخ ، ومعالم الحضارات ، و مظاهر الحياه ، و بديع صنع الله تعالى فى كونه وخلقة.
و يقول الشاعر :
إرحل وشاهد به ما قد سمعت به
شتان عندى بين الخبر و الخبر
و يقول شاعر آخر :
سفر الفتى لمناطق و وديان
و تـجــول فـي ســائــر الأمــصــار
علم و معرفه و فهم واسع
و تجارب و درايه و رواية الأخبار
أنطلقت في عالم السفر و الترحال متبعاً خطوات الرحالة القدماء والمحدثين ، كأمثال إبن جبير و الإدريسى و إبن بطوطه و حسين فوزى و أنيس منصور و كُتاب مجلة العربى الكويتيه ماضي الخميس و الدكتور محمد المخزنجى و الأستاذ محمد المنسى قنديل و غيرهم
............
إذن كانت تلك اهدافى الثلاثة من تلك الرحله ، فهل تحققت بحذافيرها كما رسمت لها من قبل ؟!
هنا فى الأسفار كثير ما كنت تصبوا أليه وتتمناه تجده سراب ... هنا تنطبق مقولة : ليس المخبر كالمعاين او ليس من سمع كمن رأى . وليس كل ما يتمناه المرء يدركه
تجد الواقع شيء والاحلام شيء آخر ...فيتم تبديل الخطط والأهداف على حسب المعطيات التى استجدت امامك .
وهذا ما سوف نراه على ارض الواقع فى نيويورك ، عندما اصبحت من سكانها .
فلقد كان السكن من اهم النقاط التى ابحث عنها قبل سفرى إلى نيويورك ، ولقد سمعت فى هذا الكثير مما يجعلنى ادقق جداً فى فيه . فمما سمعت ان الغرفة الواحده يتقاسمها اربعه وخمسة افراد واكثر ، حتى الصاله لم تسلم من وجود من ينام فيها ... ومماسمعت ايضاً وجود حشرات لعدم النظافه واخطرهم حشرة ( البق ) اللعينة ذات اللدعة اللعينه مثلها ... ففى وسط هذا لم ولن اسافر بكل تأكيد ...اما الاسعار فقد تتراوح مابين 400 الى 600 دولار فى الشهر للفرد الواحد .
تم حل هذه العقبة وهى السكن ، عندما تذكرت ان صديقى اسامه وهو شخص اثق فيه وفى كلامه ... وقد مكث شهراً فى نيويورك فى العام الماضى ، فتوجهت إليه فى التو إلى متجره فى مدينتى كفر الدوار ، وحدثته عن السكن فى نيويورك وكيف كن سكنك ، دعنى استرسل ومسك بتلفونه واتصل بأصحاب السكن ، وذكر لهم امامى من محاسنى التى اسأل الله ان يكون لى نصيب منها ، حتى نلت الموافقه بإيجار سرير فى غرفة ثنائيه لمدة ثلاث شهور تبدأ من 30 اغسطس وتنتهى فى 30 اكتوبر لهذا العام . وظل المبلغ متأرجح مابين الـ 500 والـ 550 دولار ، مجرد فصال والذى انتهى فى النهاية بأن دفعت 500 دولار عندما وصلت إلى السكن فى نيويورك
الدكتور محمود فى طنطا ربطتنى به صداقة عبر الفيس بوك ، توسم فى خيراً من خلال كتاباتى ، واراد ان يشاركنى رحلتى هذه إلى امريكا بنفس المدة وبنفس الأهداف اذن سيكون لى رفيق فى سفرى هذا ... الدكتور محمود زار اوروبا مرتين وتجول فى مدن ودول عديده ... الدكتور محمود كان على يقين من أن تأشيرة امريكا ستكون سهله لا عائق فيها بالنسبة له ... طبيب ... سافر وارتحل ولم يكسر فيزا ... ليس شاباً باحثاً على الهجره وعدم الرجوع .. امكانيات جيده ... حضور مؤتمر ... ولكن بكل أسف كان الرفض من نصيبة ولم يحصل على التأشيره .. فأصبحت الرحله فرديه .. انا وانا فقط
فاصبحت كما قال شاعر السيف والقلم محمود سامى البارودى فى رائعته
( سرنديب )
فلا انيس تسر النفس طلعته ... ولا رفيق فيعرف مابى فيكتئبُ
.....................
ثم بدأت اتواصل مع من اتوسم فيهم خيراً ، ممن يعيشون فى نيويورك وغيرها من اهل مدينتى ، تواصلت مع ممن لا يزيدون عن اصابع اليد الواحده ، منهم ممن لى صله بهم مباشرة ... ومنهم ممن اعرف اخلاقه من كتاباته وصفحته على الفيس بوك ولم اتشرف بلقائه من قبل ... كنت مثل التاجر الحريص ... اشترى الكلام ولا ابيع بمعنى ابعث رساله احدد اهدافى الثلاثه ، واضيف عليهم السكن كبديل ثانى على السكن الذى حجزته من قبل مجرد احتياط ...
كنت اتلقى الردود المريحه المطمئنه ... ولكن تبقى جدية الأمر والتى تعرفها إلا إذا اتصل بك من اتصلت به يخبرك عما وصل إليه بشأنك ... بعض الردود كانت فى البدايه حضرتك وسيادتك ... ثم انتهت بـ انت ... وإيه المطلوب ... وحدد بالضبط ... وشيء من هذا القبيل
الكل كان يعرف ان سكنى موجود ... فلوسى النقدية فى جيبى ... الفيزا كارت موجوده ... تكلفة الـثلاثة شهور متوفره سواء بعمل او بغير عمل ... وبخصوص العمل وهذه كانت المشكلة التى يتحاشاه الجميع ... حيث كانوا يروا اسامه السباعى الرحاله الذى طاف العالم شرقاً وغرباً وكتب عن اسفاره الكثير والكثير ، يفكر فى العمل فى امريكا ... هل يتنازل عن ( برستيجه ) ويعمل فى نيويورك - وانا اعلم بحالى فى نفسى من كونى انسان بسيط غاية البساطه - وما ادراك ما العمل فى نيويورك ، حيث الساعات الطوال التى تصل الى مايزيد عن 12 ساعه متواصله لا كلل فيها ولا ملل ... وفى اعمال صعبه ومتدنيه ... ولا يعلمون من طبيعة شخصيتى التى اعرفها فى نفسى جيداً ... من حيث الفصل التام فى التو واللحظه مابين اسامه الرحاله ... واسامه فى المدرسه كمعلم ... واسامه فى محله للحلويات ... واسامه فى البيت .
والمبدأ العام عندى العمل ، اىً كان العمل ، طالما حلال ، فأ نا له ، اذا كان هو المتاح والوحيد ...
اتذكر وانا طالب فى المرحلة الجامعيه فى صيف عام 1982 م ذهبت إلى العراق مثل آلاف الطلاب من اجل العمل فى شهور الصيف ، وبعد اسبوع من البحث عن العمل ، وفى البحث مراره لا يعرفها إلا من مر بها . قال لى شاب من مدينتى يعرفنى : اسامه شكلك وسيم وصغير فى السن ... مارأيك فى العمل فى بار ؟!!
بلا ادنى تردد ... بتقول أيه ؟!!! والله ثم والله أمشيها مشى من بغداد للقاهره ولا أننى اشتغل فى بار
ربط على كتفى معجباً ... ودعى لى بالخير .. وقد كان الخير بالفعل فى إنتظارى .
.........
نرجع لأمريكا .. من بين ما راسلتهم من اهل بلدتى ويعيش فى امريكا كان المهندس خميس ... نعرف بعض دون ان نرى بعض ولنا صديق مشترك رحمه الله رحمة واسعه ... اتصل بى من امريكا وابدى ترحيبه التام فى استقبالى وضيافتى لمدة اسبوع فى نيوجيرسى ... كانت نبرات صوته وحديثه معى مطمئنه بأجواء رحله فيها مكاسب فى معرفة شخصيات التعامل معها ومعرفتها فى الحياه مكسب للأنسان ... وفى اتصال آخر كرر العرض .. ولكنى ذكرت له يكفى استقبالى ورؤيا نيوجيرسى من خلالك ويكفى فى ذلك ليلة واحده ...
ثم رسائل آخرى مرحبه على ان نلتقى فى ميتشجان من قبل الرحاله العالمى الكبير الدكتور رضا نجيب وكم كنت اتمنى ولكن ضيق الوقت وطول المسافه حال دون ذلك اللقاء ...
واصبحت امور الايام الأولى واضحه امامى .. ليله فى نيوجيرسى ثم العودة إلى نيويورك حيث محل اقامتى والدخول فى معترك تحقيق الأهداف الثلاثه التى نرغب فى تحقيقها من تلك الرحلة

السفر ... بين الجهر والتكتم ... بين السرية والعلن
____________
كانت معظم رحلاتى الخارجيه إن لم تكن كلها ، ينظمها مكتب سياحى اتعامل معه ، فما على إلا ان اعطى المكتب كشف حساب بنكى ... وورقة من جهة العمل بوجودى واستمرارى فيه حتى تاريخه ... وصورتين . ويتولى المكتب باقى الإجراءات كما هو متبع مع كل شركات السياحة ... إلا فى هذه الرحلة .. فقد قمت بها بنفسى .. وذكرت كيف كان امر السكن من قبل . ويبقى لى شراء تذكرة الطائرة ... لم اخوض على الإطلاق تجربة حجز فندق اوشراء تذكرة عبر الأنترنت ، فقد يرجع ذلك إلى سببين ، الاول : كان هذا دور المكتب السياحى المنوط به ... والثانى : طبيعة الفيزا الخاصة بى من بنك فيصل والتى تتيح لحاملها السحب والشراء فقط لاغير ... لاحجز فندق ولا شراء تذكرة طائرة .
ويبدوا اننى من الجيل الذى توسط جيل العصر القديم بكل افكاره ومعتقداته ، ولم يكن فيه من وسائل المعرفه والإتصال إلا القراءه وبعض برامج التلفزيون ، عبر قناتين فقط لاغير .. وبين جيل العولمه وفيه الأطفال تلعب بالأجهزه الحديثه ، كما كنا نلعب بلعبتي الليدو والسلم والثعبان غاية ما كنا نلعب من قبل من العاب .
وعبر موقع ( سكاى سكانر ) وهو من ضمن المواقع الألكترنيه التى تتيح شراء تذكره طيران رخيصة لرحلة السفر ... ومع البحث كان ارخص سعر حصلت عليه هو 1000 دولار امريكى لرحلة ذهاب وعودة من 30 يونيه وعودة 30 اكتوبر عبر الخطوط الملكية الأردنيه ( القاهرة - عمان - نيويورك ) .
وذكر عمان والأردن عندى يُحيى ذكريات طيبة ترجع
إلى 33 عاماً مضت حيث مكثت عامين فى بداية حياتى العمليه سعياً فى جلب بعض الأموال من أجل تكوين اسره .
هنا تولى ابن أخى شراء التذكرة لى ... وهوالشاب النابه ، المتخصص فى عالم البرمجيات المهندس محمد رأفت يشترى لى التذكرة بالفيزا الخاصة به .. كانت الامور سلسه فى الشراء ... وعلى التو طبعت نسخ متعدده من التذكره عند اول وصولها لى ، بعد لحظات من الشراء ، على بريدى الألكترونى .. وبهذا تحدد سفرى بعد اسبوعين منذ ان حصلت على هذة التذكرة واصبحت الرحلة فى حيز التنفيذ الفعلى .. وقد كان بالأمكان ان احصل على سعر اقل للتذكره لو قمت بحجزها قبل السفر بمدة طويلة .. لكن لا احب هذا الأمر .. فغالباً اتوقع اى امر يحول دون السفر ، فتكون الخساره كبيرة ... فأنا صاحب اللحظات الأخيره ...
وكالعادة قبل السفر بأيام قليله .. الحقيبة الكبيرة مفتوحه .. وورقه مكتوبه مسبقاً فيها كل ما يلزمنى من احتياجات .. والذى اضعه فى الشنطة بلا ترتيب او تنظيم يتم وضع علامة صح فى الورقه .. وهذه الطريقه تتيح لى عدم نسيان اى شيء ... ثم اقول فى نهاية الأمر كل هذا غير ضرورى ، إلا شنطة اليد الصغيره ، والتى فيها جواز السفر والتذكرة والفيزا كارت وبعض المال ... هى الكل فى الكل ... هى الروح والعقل ... وبها نسافر ونرتحل .... وبدونها تنقلب الدنيا رأساً على عقب ...
ومن المضحك وانا ذاهب فى رحلة إلى ايطاليا فى العام قبل الماضى ، أخذت كل حاجه ، وتركت شنطة الاوراق هذه فى المنزل مع لحظات الاحضان والسلام ... ولولا لطف الله ورؤيا اولادى لها سريعاً ،لكان فى الأمر شيء آخر ...
...........
عرف القاصى والدانى اننى سأسافر إلى أمريكا .. وعلى عكس اسفارى السابقه ، احجز وارتب امر سفرى ، ولا يعلم بذلك إلا زوجتى وأولادى فقط لاغير .. كان هذا الأمر يُغضب البعض منى ، ولكن كنت ارى فيه مبدأ السلامه . انتشر امر سفرى إلى امريكا فى هذه الرحله ، بسبب تقديم طلب بأجازه طويله ثلاث شهور والطلب مرفق به صورة من التأشيره وترجمه لها ، فعرفت المدرسه كلها سبب الأجازة... ايضاً كنت اسأل فى المواقع الألكترونيه بعض الأسئلة والأستفسارت عن رحلتى هذه .. ويوجد الكثيرين الذين يعرفوننى عبر كتاباتى فى هذا المجال فعرفوا بالتالى بشأن هذه الرحلة ... وانتشر امر سفرى هذا كإنتشار النار فى الهشيم ... وكنت دائماً ادعوا الله سبحانة وتعالى ان تمر تلك الرحلة على خير .. لم اكن احب شيوع الخبر ... ولكن ما باليد حيلة .
..........
ويوم السفر يُعد مرحلة هامة من مراحل السفر ... فالمسافر له مراحل عده ... فى الاول يتوق شوقاً نحو السفر وحلم السفر والتأشيره .. وعندما يحصل على التأشيره يكاد ان يطير فرحاً .. ويحتضن جواز سفره بتأشيرته معلناً الفوز الكبير ... ثم سرعان ما تهدأ المشاعر الفياضه ويبدأ يجهز لرحلته .. وفى تلك الأثناء يأتى الضد .. ويجد ان الأمر عااااادى بل قد يكون مؤلم ... ويتسائل مع نفسه لماذا السفر ؟! ولماذا اترك اهل وناسى ؟! ولماذا اترك فراشى الوثير ومنزلى ؟!
وماذا تعنى باريس او روما اوامريكا مقابل هذا ؟!
هذا فى سفر السياحه فما بالك بالهجره ...
ثم يأتى يوم ترك المنزل وهو اصعب تلك المراحل ... هنا لغة العيون فى الأحداق .. هنا التأثر ومشاعر الفراق .. هنا الدموع الصامته ... لكن كثرة اسفارى خففت من شأن هذا اليوم ...
وتظل المشاعر الجياشه تنتاب المرء حتى يصل إلى المطار ، وفيه يجد العالم المحيط به عالم السفر والترحال ... رحيل ومجيء ، سفر ومغادرة ... وبين هؤلاء يصبح المسافر فرد من بين الكثيرين ... وينعدل المزاج ويستقيم ... ويشعر المسافر بسعاده تسرى فى بدنه .. وتزداد السعاده عند ربط الحزام وصعود الطائرة إلى أعلى ، ويصبح فى السماء وكل ما على الأرض تحت قدميه ... ثم تصل به الطائرة بعد ساعات معدودات إلى بغيته فى مدينة الوصول ، وتحصل له صدمه آخرى ، صدمة عدم الأنبهار ... وهذا هو اليوم الأول ، اليوم الفاتر فى الرحله ... ويتسائل مع نفسه .. وماذا بعد ... ؟!! وهل هذه هى باريس .. روما ... لندن ... امريكا .. يالها من خدعه ... فالسماء هى السماء ، والأرض هى الأرض ، والبشر هم البشر ... ثم ينام ويستيقظ ... يتناول فطوره ، ويبدأ يومه الثانى فى رحلته ...
وفي هذا اليوم سعادة السفرالحقيقية ، اذ يصبح من أهل المدينه ، يصول ويجول ومعه كاميراته يصور ويتصور .. وتمتلأ الكاميرا بآلاف الصورالتى ستصبح ذكرى سعيده فى حياته .. وتمضي بخير رحلتة ، ويعود إلى وطنه ، ويجلس ليرى رحلته التى صورها ، عبر شاشة الكمبيوتر فى منزله ، وهنا قمة قمة السعاده .. ويتوق شوقاً لخوض تلك التجربة مراراً وتكراراً ...
............................
تركت المنزل بمزيد من التأثر كالعادة ... ركبت السيارة متجهاً من كفر الدوار إلى موقف سيارات محرم بك بالأسكندريه حيث سينطلق الباص المتجه إلى مطار القاهرة الدولى ... وفى الطريق الى محرم بك كانت اول عقبة ، واول قلق ، واول خوف ... حادثه على الطريق الدولى والسيارات لا تتحرك .. والوقت يدنوا ويضيق ... ولا تستطيع الرجوع إلى الخلف او ان تتجه للطريق المقابل لتسلك طريق آخر ... قلق ... قلق .. لم انظر إلى الساعة حتى لا يزداد القلق والخوف ... ثم انفراجه .. ثم سرعه بالسيارة .. ثم فى النهايه لحقت الباص فى دقائقة الأخيره ... وتنفست الصعداء .
وقلت يارب : ان يكون هذا القلق وكفى ... ولكن هيهات هيهات
وصلت المطار قبل الفجر .. وعند كوانتر الطائرة المتجهه إلى عمان جلست ولا زال فى الوقت متسعاً .. وحان وقت صلاة الفجر ، توضأت عندما جهزوا مكان للصلاة ، وقدمونى لأصلى بهم اماماً صلاة الفجر .. وبعد الصلاة انفتح الكوانتر .. قدمت التذكرة والباسبور ... موظف الكوانتر سجل البيانات ودار الحوار المؤلم ليبدأ القلق والخوف الثانى
التذكرة اون لاين ؟!
نعم
معاك الفيزا كارت ؟!
لا ... الذى حجزه ابن اخى ومكتوب عندك
لازم الفيزا تكون معاك !
مش ممكن تكون معى
مفيش سفر !!!
طيب بص هذا حوار على الماسينجر بينى وبين ابن اخى بشأن شراء التذكره
ليس مستند يا أستاذ
والله انا صادق معك
الحلفان لا محل له هنا ياحضرة
( بينى وبين نفسى ياراجل ده انا لسه مصلى بكم الفجر )
طيب ايه المطلوب ؟!
يرسلك صورة من بطاقته وصوره من الفيزا كارت خاصته
اخذت حقائبى وتنحيت جانباً وفتحت الموبايل واتصلت به وهو فى السعوديه حيث يعمل ، والناس فى سبات عميق من النوم ... التلفون رن ... رد واحد بصوت المستيقظ المتألم من هذا التلفون اللعين الذى ايقظه فى هذا الوقت ، طلع الرقم قديم لأبن اخى ، محفوظ عندى ولم ألغيه ، وبهذه المكالمه التافهه استنفذ كثير من الرصيد ... ( يادى الطينه المطينه )
اتصلت بوالده من اجل ايقاظ ابنه كى يتصل على ... تليفون مقلق فى هذا الوقت لا شك !!
ذهبت للكوانتر هل يوجد نت فى المطار ؟!
نعم ... ساعدنى الموظف على مضض فى إتيانه على تلفونى
فأصبح معى اتصال بالنت
وبدأ الاتصال بأبن أخى
طمنى قائلاً : .. لا تقلق ياعمى ... وتحدث مع موظفى الكوانتر بالتلفون .. واصروا على ارسال الصورتين البطاقه والفيزا
ارسلهما الباشمهندس على الماسنجر .. اذهب إليهم
لا ... صورة الارقام على الفيزا غير واضحه
اعاود الاتصال بالسعوديه
صورة اخرى ياباشمهندس لو سمحت تكون واضحه للفيزا
حاضر ياعمى .
ارسل الصوره .
ذهبت إليهم .
اتصل الموظف بالتلفون .. استعلم عن الفيزا كارت ... اوكى
اخيراً ياولاد ال ...
اخيراً بعد حرقه دم ياولاد ال...
ثم احلى دعاء عليهم بعد الفجر ...
هذا اقصى ما نملكه فى تلك الظروف
ومع نفسى والغضب يركبنى .. هو انا مسافر عمان فقط يا ولاد ال ... انا مسافر امريكا ..
هسافر بفيزا مسروقه يعنى يا ولاد ال ... وجواز السفر مليء بتأشيرات عديده ياولاد ال ...
كان بالأحرى لشركة الطيران ان تطلب ما تشاء من العميل الذى يشترى تذكرة الطيران ما يطمئنها من الفيزا كارت انها غير مسروقه ، وتأتى التذكرة لا يشوبها شائبه للراكب المحجوزه بأسمه .. بدلاً من حرقه الدم فى هذه الظروف
فى تلك المفاوضات مع موظفى الكوانتر اجد منهم الأبتسامه والترحيب مع بعض المسافرين من الرجال من ذو العيون الخضراء والشعر الأصفر .. عقده عند البشر .. عقدة عند اهل الشرق .. كأن أهل الغرب اطهار ونحن عكس ذلك !!!
كنت استشعر ان الموظف على الكونتر سعيد بما يفعله معى من تضيق ومنعى من السفر .. وكأن لسان حالة انت رايح امريكا مرة واحدة .. واحنا هنا ...
كنت استشعر بان يومه فى صباحه ومسائه سأكون محور حديثه بين أهله واقرانه ، متباهياً بأنه منع راكب من السفر إلى امريكا .. ولسان حاله قائلاً : انا لا اقل مكانة عن القنصل الأمريكى الذى منح هذا الشخص التأشيرة الأمريكيه !
وكان هذا هو القلق الثانى مع تحطم الأعصاب فى هذه الرحلة التى علم بها الجميع !!
ولذلك عندما وزعت المضيفه فى الرحلة الطويلة إلى نيويورك ورقة استبيان عن الرحله والشركة وجاء سؤال وهو هل ستركب مرة آخرى ، او تشجع أحد فى الركوب على متن هذه الشركة ؟!
اجبت بكلا والف كلا ...إلا إذا كان موظفى كوانتر مطار القاهره التابعين لشركتكم ناس تعرف كيف تتعامل مع البشر
.........
نستبق الأحداث واتحدث عن مشكلة هذه التذكره الاون لاين فى رحلة العوده بعد شهر فى امريكا (إذ اختزلت ايام رحلتى الى شهر واحد فقط لاغير )
ففى مطار جون كيندى بنيويورك
الموظف شاب صغير .. ابتسامة
جواز سفرى وتذكرتى بين يديه
تسجيل بيانات التذكرة على شاشة الكمبيوتر الذى امامه .
توقف .. استخرج ورقه ... كتب ارقام .. شعور القلق يتسرب إلى ...
قال الموظف لى بالانجليزيه .. توجد مشكله بسيطة بشأن تذكرتك لا شأن بك فيها .. انت وضعك سليم .. ولكن نريد ان نذهب الى رئيسة الكوانتر .. ترك مكانه وذهب إليها وانا معه وهى شابة من القارة السمراء .. قالت لى : أذكر آخر اربع ارقام من الفيزا كارت ... ها هى الصورة ... كتبت الارقام .. اوكى ... اتجهت مع الشاب الى مكانه .. وزن ... لصق الاوراق الخاصة بالحقائب ، منحنى تذكرتين الاولى من نيويورك إلى عمان ، والثانيه من عمان إلى القاهره .. فى الاولى عمل دوائر على رقم الرحله والبوابه والمقعد بسلوب مهذب وطريقه راقيه ... وسلام بالأيدى وتمنيات برحلة سعيده ..
( آه يانى ياما .. ) كان هذا لسان حالى .. لماذا الامور تسير هادئه فى امريكا .. بل اعتقد أن اهم مايميز امريكا ويشاركنى فيه الكثيرين هو .. سهوله ويُسر الحياه والاجراءات وامور حياتك .. لن يحطم اعصابك اى شخص حتى ولو كان اكبر كبير فى الشرطة .. متى نصل فى الشرق إلى النظر إلى الانسان بأنه كيان وُجب احترامه ، وتقديره ، والحفاظ على سلامته ، نفسياً ومعنوياً وجسدياً ...
............
وركبت الطائرة المتجهه من القاهرة إلى عمان ، قطعت المسافه فيما يقرب من ساعة ونصف ... الطائرة مستأجره بسيطه واسم الشركة مكتوب على جسم الطائره ( شاهين ) ذكرنى الاسم بسيارت التاكسى الشاهين التى تملأ ربوع مدينتى كفر الدوار . وفى مطار الملكه عاليا فى عمان عاصمة الاردن تم فصل الركاب بين الترانزيت وبين الداخل إلى المدينة .. وتفتيش تام للترانزيت ... ثم بوابه خاصه ومكان خاص للمسافرين إلى امريكا ... تفتيش من اجهزه وافراد .. ثم تفتيش اخر من شخص آخر والمسافه بينهما ثلاثة امتار .. ثم تفتيش ... ثم تفتيش ... وكأننا ذاهبين إلى الجنة الموعوده ويخافون عليها ان ندنسها ...
تجلس على المقاعد تنتظر فتح باب الدخول إلى الطائره .. عسكرى يمر بيننا بزيه العسكرى مدعم بكل الوسائل الممكنه فى شل حركة الخصم ، وكأننا مستعدين لأعمال آخرى غير السياحة والسفر .
وانا جالس فى المطار استخرجت من حقيبة الظهر جهاز الأيباد ... افتحه .. اَبى على الفتح ... احاول .. عصى على العمل ... لماذا وانت تعمل بكفاءة فى بيتى ... ؟!! وكأنى الجهاز علم بان الأجواء التى كان يعمل بها قد تغيرات .. وانه انتقل إلى مكان آخر غير المعروف عنده .. وشعر الجهاز بأنه قد تعرض لأمر جلل كالسرقه ... واستمر على هذا النحو حتى فى الشهر الذى مكثت فيه فى امريكا ، وما نالنى منه إلا حمله ذهاباً وإياباً ... إنها لعنة الجهر بالسفر ...
............
وبعد رحلة مدتها 11 ساعة طيران مباشر من عمان إلى نيويورك . كانت الخدمه على متن الطائرة جيدة ، والبرامج المتعدده على الشاشة التى امامك تكسر حدة الملل لو تسرب إليك .. وفى هذه البرامج المتعدده كان عشقى الأبدى فى كل رحلاتى هو خريطة خط سير الطائرة .. ما اجمله .. ما اروعه .. الطائرة تخترق ارض فلسطين المحتلة .. وتسير فوق البحر المتوسط وتصعد نحو الشمال الأوربى حتى الدنمارك لتصل إلى ايسلندا ثم تتجه ناحية الجنوب الغربى فى طريقها إلى نيويورك .. هذا المسارالغريب ، لأن الارض كرويه تتسع فى الوسط وتضيق فى الأعلى فكان طريق السير إلى أعلى لكى تضيق المسافة و يختزل الوقت .. وكان فارق التوقيت بين الأردن وامريكا 7 ساعات بالناقص ومع مصر 6 ساعات كذلك ... اما إذا كانت حركة الطيران إلى الشرق فهى بالزائد .
وتهبط الطائرة عصراً مطار جون كنيدى فى يوم الأثنين 30 يونيه وقبل المرور على ضابط الجوازات ، تم زرع اجهزه تسجل فيها مجيئك إلى امريكا اراها لأول مرة .. لم اراها فى رحلتى السابقتين إلى امريكا من قبل ... وبين الأجهزة يوجد موظفين لمساعدة الركاب .. طلبت المساعده .. وفى دقيقتين تم الأجراء بأن وضعت السيدة جواز السفر فى الجهاز .. اعطى اشارة خضراء .. ثم تبصيم ... ثم التقاط صوره ... وهكذا ... ثم ورقه بحجم كف اليد بها بينات بسيطه وصورتى.
ثم بهذه الورقه وجواز السفر الى ضابط الجوازات ...
على شاشة الكمبيوتر التى امامه سجل بعض البيانات ... قفل البوابه الخاصة به وقفل جهازه وتتبعته إلى مكتب مجاور له عبارة عن قاعة ...على المنصه اجهزه كمبيوتر كثيره ، وبعض الركاب على الكراسى ينتظرون المناداة عليهم .. لم اجلس إلا دقائق قليله جداً ، ومثلت امام ضابط الجوازات ودار الحديث
انت مسافر 3 شهور ؟!
نعم
مدة طويلة فى السياحة !!!
نعم ... ولكن زرت امريكا من قبل فى رحلة مداها 16 يوم زرت فيها اورلاندوا والكاريبى وفى رحلة أخرى 11 يوم زرت فيها لاس فيجاس ولوس انجلوس
واتمنى ان اعيد ذكريات تلك الأماكن ..
هل ستزور الكاريبى ؟!
اأمل ذلك
العائلة معاك فى هذه الرحلة ؟!
لا
العائلة موجوده فى امريكا ؟!
لا
معك فلوس ؟!
نعم
كم ؟!
3 آلاف دولار
وفيزا كارت
فيزا كرت اوكى اوكى
ختم بـ 6 شهور اقامة
مع السلامه ..
كنت قد طالبت منه الحديث بتروى وتأنى وقلت له عبارتى الشهيرة
I only speak a little English , but that’s ok
وبهذا تنتهى مراحل القلق والأضطراب بهذا الحوار الذى لم يحدث لى من قبل فى المرتين السابقتين من زيارتى لأمريكا .
ينتهى القلق والأضراب والخوف فى هذه الرحلة منذ ان خرجت من منزلى وحتى هبوطى على ارض امريكا .
واصبحت من سكان امريكا أخيراً .. واحمل حقائبى .. واخرج خارج المطار لأجد مفاجأة ساره تزيل هم وغم رحلة السفر كلها ...

على ارض امريكا ... للمرة الثالثة 
________________
وها هى قدماى تطأ ارض امريكا للمرة الثالثة فور خروجى من مطار جون كيندى فى نيويورك ، لتسجل احداث ايام فى تلك الدولة... تضاف إلى رصيد الذكريات ... التى تظل محفورة فى الذاكره
........
المفاجأة السارة التى حدثت معى وانا خارج من المطار ، اجر حقائبى خلفى ، تاركاً تعب ومشقة مواقف حدثت اثناء سفرى ، مع إجهاد و قلة نوم ... فلست من الأشخاص الذين ينامون فى سبات عميق فى وسائل المواصلات عند السفر ... بل انام متصنعاً النوم ليس إلا ... بل ان موضوع النوم برمته ، خارج حدود الوطن فى اسفارى لا يشغلنى على الأطلاق ، ومهما كان التعب والأجهاد فسُويعات قليلة من النوم على اصابع اليد الواحدة تكفينى ، والعجيب اننى اقوم بعدها نشطاً ، وهذا عكس حالى فى موطنى .
لماذا تتغير بيولوجية طبيعتى فى السفر ؟! لست أدرى !!!
لماذا يدب فى اوصالى الحركة والنشاط دون كلل او مل عندما أحل بمكان جديد فى دولة جديدة ؟!
لست أدرى !!!
وقد اُحيل هذا إلى ادراكى ، بمدى ما انا فيه من فرصة سانحة اهديت إلى بوجودى فى هذه السفريه ، ولربما لن تكرر بعد ذلك .. وإن ماتراه ، تراه لأول مرة .. كل ماتراة من بشر ... معالم ... اماكن ... احداث .... فإن كثر النوم فهو مضيعة ، وإن كثر الأكل فى المطاعم بالساعات فهو مضيعة ايضا ...
السفر عندى فرصة عظيمه تمر على فى كل عام لمدة ايام معدودات ، وجب على اقتناصها ... ووجب على تسجيل كل لحظه بالصورة والفيديو والكتابة ... وهذا يعرف بالتوثيق ... ولذلك قد تمر سنوات عديده ، على رحلة قمت بها لدولة ما ، وبمجرد الإطلاع على ملفات تلك الزيارة من صور وأوراق سرعان ماتكون احداثها وايامها ماثلة امام عينيى ، كأنها بالأمس القريب
.........
كانت المفاجأة السارة مع الأنسان فى معانيه الساميه ... أخبرنى ... ماذا تُعنى عندك لو تتخيل هذا المنظر ...
خارج من المطار وتجد فى انتظارك من يتهلل وجهة فرحا برؤياك ويداه مفتوحتان على اقصاهما لأحتظانك ... ومن خلفه ابنه الشاب مبتسماً ، ينتظر السلام والترحيب من بعد والده ، وسيارة تنتظرك .. وكلمات طيبة ترحب بك .. ومشاعر أخوة فياضة نادرة فى هذا الزمان ... قطعوا مسافة تزيد عن ساعتين من محل اقامتهم إلى المطار فى نيويورك ... والأعجب انه ليس بيننا صلة ارحام .. اوصداقة من زمان .. اوحتى جيرة مكان ... ولكن مدينة شملتنا هى موطنا الذى كان فيه مهد طفولتنا ودراستنا وشبابنا ... مدينة كفر الدوار دون تلاقى فيها .. إنه المهندس خميس وكان الرابط المشترك بيننا صديقى ... مجدى ( رحمه الله ) صديق طفولتى...
مجدى الذى توثقت علاقته بمن نتحدث عنه ، عندما قضى سنوات من عمره فى امريكا منذ سنوات عديدة مضت ..
ورابط آخر هو كتابات وقراءات لكلانا ، عبر المواقع الألكترونيه ، والتى من خلالها يستشف الأنسان الواعى طبيعة الشخص الذى ينشر ويكتب ويعلق ...
وهنا صدق عمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما قال : إنى أهاب المرء حتى يتكلم
ومن هنا ايضا وهذا ما جد حديثاً فى علاقات النسب والمصاهرة ، فما من اهل فتاة اوفتى مقبلين على التعارف من اجل الزواج ، إلا وكان للفيس بوك دخل كبير فى اتمام هذا الزواج او رفضه ... فما ينشر يحدد شخصيه الناشر ... هل جدير بالاحترام ام العكس ، هل جدير بالمصاهرة ام لا !!!
.
إذن مواقع السفر والرحلات مع الفيس بوك ... هذا الفيس بوك الذى علا شأنه فى ارجاء المعمورة ، فلم يقتصر على معرفة اسرتى المصاهرة قبل الأقتران فحسب .. بل هو الآن يقيم دوله ويهدم أخرى ... إذن ما كتبته فى موضوعات شتى فى مواقع السفر وعلى صفحتى الخاصه فى الفيس بوك ، كانتا سبباً فى تعارفنا انا والباشمهندس خميس ...
........
نجله المهذب يقود السيارة عبر جهاز ( جى بى اس )
السيارة تخترق الطريق نحو المنزل الموجود فى إحدى ضواحى المدينة الصغيرة الوديعه ، حيث لا صخب ولا نصب مدينة ( نيوتون ) التابعه لولاية نيوجيرسى .. الطريق تحفه الأشجار الباساقات على الجانبين كعادة الطرق السريعه الموجودة فى اوروبا ، مع انسيابيه فى السير وسلاسة فى القيادة والتزام بحارات المرور ، وإن وجد من يكسر تلك القواعد لاسيما من بعض الشباب كالعادة .
وتسير السيارة الهوينه قبل الوصول إلى البيت ، فى منطقة إذا اردت ان تنسى الدنيا وما فيها فلتعش فيها ... فيها مروج خضراء ... واشجار باسقات ... وورود يانعات ... رياض نضرة ... ومنازل جميلة متناثرة ....بين ارض ليست منبسطه بل متفاوته الأرتفاع والأنخفاض ... هنا سأقضى ليلتى ... وتزداد الحفاوة والترحيب وانا فى المنزل .. ومن جمال الترحيب ان كان الغداء وجبة رائعة من اسماك البحر مُعدة بطريقة رائعه .. فمن خلال كتاباتى فى ادب الرحلات كثيراً ما ذكرت، اننى اعشق أكل الاسماك خارج وطنى ، وبما المهندس خميس كان متابعاً لما أكتب .. فكان الغداء من الأسماك .. وهذه لفتة ترحيب جميلة من اهل هذا البيت الطيب ... ولذلك من الأشياء الجميلة فى السفر والترحال ، هى معرفة الناس .. وفى معرفتهم مكاسب جمه .. حتى ولو عرفت من لا يستحق إن يُعرف ... والناس المحترمة رزق .. يكتسب المرء منهم صفات وخصال جمة تنفعه فى مسيرة حياته .. ومنها الدعاء لهم بظهر الغيب
.........
كان الظلام قد حل والهدوء التام تسيد المكان والرغبة فى النوم ملحه .. فنمت واستيقظت قبل الفجر ، وانا اتأمل حالى بعد الصلاة ماهذه الدنيا .. اصبحت فى بلد فى اقاصى الدنيا ، تفصلها عن موطنى ... بحار ومحيطات وانهار ودول ... ومع ذلك ، والوصول إليها اصبح سهلاً ميسوراً .. فى إحدى عشرة ساعة تنتقل من الشرق إلى الغرب .. فما بالنا فى الماضى .. كيف كانوا ؟!!!
ومع تباشير الساعات الأولى من الصباح فتحت النافذه ولم ارى إلا اللون الأخضر يتسيد المكان .. وعندما ادركت ان الشمس بدأت تسدل اشعتها مخترقة الفروع والأخصان .. غيرت ملابسى وخرجت خارج المنزل اتمشى فى المنطقة .. سرت بين المنازل المتناثرة المتابعده فيما بينها ، لإعطاء مزيداً من الحرية ، ومزيداً من جمال الخضرة والورودالتى تفصل فيما بينهم ... سرت حتى الطريق الرئيسى الذى يربط المنطقه بخارجها ... لا حظت ان هذا الطريق لا تزيد فية سرعة القيادة عن 35 كيلو متر فى الساعه ، وعلى جانب الطريق جهاز يدل قائد السياره بتجاوزه تلك السرعه ان زادت عن الحد المطلوب ...
وعندما قفلت راجعا الى البيت ... فلم اجد مكان يتيح بالجلوس ، او رؤيا ما يستحق رؤيا بإستثناء المشى عبر هذا الجمال الطبيعى وغلبة اللون الأخضر ... وقبل الوصول إلى المنزل التقيت مع الباشمهندس خميس ...
ودار حديث عن الورود الجميلة والازهار المتفتحه ذات الألوان المبهرة المتناثرة امام المنزل ... وهو يتعامل مع عالم النباتات لطبيعة فى شخصيته ولدراسته فى كلية الزراعه .. يتعامل مع النباتات كما نتعامل نحن مع الإنسان ... بفرح لتفتح زهرة ... ويحزن لموت شجرة ...
ثم ركبنا السيارة إلى مركز المدينة حيث تناولنا الفطور فى مطعم ( دوكننز دوناتز ) وهى سلسلة مطاعم شهيرة فى كل ربوع امريكا تقدم الدونات بجميع اشكاله وطعمه مع قهوه بجميع الأختيارات ... والدونانت تكلفته بسيطة وطريقته كذلك فلا مجهود كبير فى صنعها او اعدادها او خاماتها ومكسبها يتعدى نسب عاليه ... ويشجعنى الباشمهندس ان اقوم بتصنيعها فى محلي .. فكان ردى على هذا الرأى أنها لن تجد من يشتريها وسيؤول امرها فى النهايه إلى ان اأكلها انا واهل بيتى ... فاغلب الظن ان يعتبره البعض مجرد خبز من الفينو على هيئة حلقات مغطى بالشيكولاته وبعض السكريات
مررنا فى طريق العودة إلى المنزل إلى متجر عملاق يختص بكل ما يلزم المنزل من اول البناء حتى الزهور والنباتات بداخلة وخارجه ، وقد هالنى إن رأيت باب يباع فى المتجر ثمنه 90 الف جنيه مصرى مع وجود اسعار اعتبرها رخيصه ومعقوله فى اصناف آخرى
.......
وبعد الأفطار شددت الرحال تاركاً المكان وركبت السيارة مع المهندس خميس الذى تجشم للمرة الثانية عناء السفر إلى نيويورك تارة آخرى فى هذه المرة يقوم بتوصيلى إلى محل اقامتى فى نيويورك ... وتوجد داخل سيارته كاميرا تسجل سير السيره ... وما تصوره يعد دليل اثبات او نفى عند حدوث مشكله مروريه .. اذ المعاناه القصوى فى امريكا من المرور ومخالفاته على السيارة وقائدها .
.....
كان اول يوم لى فى امريكا من الأيام التى ستظل عالقة فى الذهن فى حياتى ...
حيث جمال البشر وحفاوة الأستقبال مع جمال المكان
واستمر الأتصال طوال فتره الشهر الذى قضيته فى امريكا وحتى الآن ...
وتدخل رحلتى حيزها الرئيسى .. فى تحقيق الرغبات الثلاثة التى اعتزمت تحقيقها من سفرى هذا
وفى نيويورك .. تنكشف الحقائق .. وتفتح لى نيويورك خزائن اسرارها ، لنرى صورة آخرى عن الحياة فيها ... صورة عن كثب
وهذا محور معظم كل ماهو قادم
__________


الحلقة الخامسة



من مشروع كتاب مذكرات معلم مصرى يغسل الأطباق فى امريكا
_______________________________________







نيويورك ... بين البحث عن العمل والسياحة
____________________________
وصلت انا والباشمهندس خميس إلى نيويورك عصراً ، وقد قام نظام
( جى بى اس ) بدوره تماما حيث توقفنا عند المنزل الذى سأقيم فيه ... وبادرت بالإتصال بصاحبة المسكن ، والتى جاءت بعد ساعة من الإتصال بها ، جاءت من مكان عملها فى منهاتن ... كانت حقائبى فى السيارة ، واستغليت وقت الأنتظار حتى مجيء صاحبة المسكن فى شراء خط تليفون جديد واشتراك فى الأنترنت ...
...
الملامح الأولى للمنطقة توحى بالحركة والحيويه .. فالمنزل فى مبنى سكنى مُكون من دورين .. تنتشر المحلات المتعدده فى الشارع .. والرصيف واسع يسمح بالمشى والحركة فى شارع رقم 48 فى منطقة كوينز إحدى مناطق مدينة نيويورك الخمسة .
فى منتصف الشارع ترى على مرمى البصر مبنى ( الأمباير ستيت ) إحدى علامات منطقة منهاتن بل نيويورك إن لم يكن امريكا كلها .. وعلى الناحية الأخرى من الشارع وعلى بعد خطوات قليلة مقبرة واسعه مترامية الأطراف .
والشوارع فى نيويورك معظمها إن لم يكن اغلبها بالأرقام ، حتى محطات المترو بالأرقام ايضاً ، وللمحطة اسم ولكن اسمها ليس بشهرة رقم الشارع الذى فية المحطة .. والميكرفون الداخلى للمترو ينبهه الركاب بأن المحطة القادمة هى شارع رقم كذا .
والشوارع العريضه ذات الإتجاهين للسيارات تسمى ( بوليفارد ) والشوارع ذات الإتجاه الواحد تسمى ( افينيو )
وكان خط مترو رقم ( 7 ) الذى يربط منهاتن بمنطقة فلاشنج Flushing هو وسيلة النقل الرئيسيه للمرور فى كل أنحاء نيويورك
ومحطته فى المنطقة التى اسكن فيها تسمى
محطة ( Bliss 46 ) هذا الشارع الذى يتقاطع مع شارع مسكنى فى 48 والذى يبعد عن المحطة بـ 3 ( بلوك ) وهى الكلمة الدارجة فى الوصف والتحديد ، إذ حيث تنتهى المبانى ويطل إحدى الشوارع يسمى نهاية المبانى مع الشارع ( بلوك )
ومن اجمل ما اسعدنى وانا استكشف المكان قبل مجيء صاحبتة هو وجود مسجد امامه . مسجد القائمين عليه من دولة بنجلادش .
رأيت محل موبايلات بالقرب من المسكن الذى سأقيم فيه ، دخلت انا والمهندس خميس لسيدة هندية تلبس الحجاب .
السلام عليكم
وعليكم السلام ...
ومن محل عائشة وهذا اسمها .
اشتريت الخط بمبلغ 10 دولارات واشتراك الأنترنت بمبلغ 40 دولار
وضعت الخط الجديد فى الموبايل ولم اقوم بتجربته ... وتركت المحل واتجهنا إلى محطة المترو لشراء كارت يتيح لى ركوب المترو والباص لمدة شهر كامل بمبلغ 122 دولار .
وبذلك اصبح العالم بين يدى .. الأنترنت ومن خلالة نتصل بالشرق والغرب ... اركب المواصلات واتنقل فى كل انحاء نيويورك بسهولة ويُسر ... ولما لا والكارت معايا . ماذا وإلا كل وسيلة مواصلات اركبها سأدفع مبلغ ثلاث دولارات إلا ربع فى اى مسافة اقطعها
........
محطة مترو شارع 46 القريبه من مسكنى تقع على جسرعلوى ، تصعد للمحطة على سلالم إلى الدور الأول حيث يوجد مكتب وماكينات لشراء التذاكر، وبوابات للمرور للصعود إلى المحطة نفسها .. وتحت جسر المحطة يوجد ممر متسع يربط بين الشارعين ، وضعت فيه مقاعد للراحة للغادين والرائحين والمجهدين والمتأملين فى هؤلاء وهؤلاء ... وكثيراً ماتجد عازفين يقدمون للمارة والجالسين مقطوعات موسيقيه على آلاتهم الموسيقيه يستمع إليهم الناس بشغف...
........
بعد ساعة وصلت صاحبة المسكن ... استلمت المفتاح منها والتى لم اراها بعد ذلك إلا بإسدال الصلاة ... واحضرت حقائبى مع الباشمهندس خميس الذى آثر العودة سريعاً إلى منزلة فى نيوجيرسى وتمنيت له عودة طيبة مع امتنانى الشديده لكرمه وحُسن ضيافته لى .
يتكون المسكن الذى سأقيم فيه من مطبخ واسع على ممر يؤدى إلى صالة جميله وغرفتين . فى غرفتى سريرين ، واحد لى والأخر لمن يشاركنى الغرفه الذى لا اعرفه ولا يعرفنى ...
رتبت ملابسى وإلتزماتى فى الأدراج الفارغه ... وبدأت استعد لتسجيل ارقام من اعرف فى امريكا على الموبايل ... وتأتى المفاجأة غير السارة التى لازمتنى منذ خروجى من منزلى حتى سكنى فى نيويورك بإستثناء ضيافة المهندس خميس كما ذكرت من قبل .
افتح ياموبايل ... والله ما انا فاتح !!!
ارجوك افتح ... دعنى اتصل بأولادى وطمنهم عنى !!!
والله ما انا فتحلك ياراجل ... يادى الغم
كنت فى ( وكسة ) قاسم الشرير اخو على بابا عندما دخل المغارة واغلق الباب علية ونسى كلمة افتح يا سمسم !!!
واصبح جهاز الموبايل الذى اتيت به من مصر وهوجهاز حديث وكان يعمل فى الليلة الماضيه فى نيوجيرسى ، اصبح مثل جهاز الأيباد جثة هامده لا حراك فيها ... وانتظرت مجيء الصباح كى احل هذه المشكلة مع عائشة فى محلها الذى يقع قريباً من تحت سكنى .
فى الليل استدعى النوم كى يأتى ... عصى على الأستدعاء
ولم يكن لى إلا تصنع النوم .. فتصنعته حتى حان موعد صلاة الفجر فصليت
كنت اتلمس موقع قدمى بتأنى وهدوء حتى لا إزعج بحركتى زميلى فى الغرفة الذى جاء فى الواحدة والنصف من بعد منتصف الليل ... حاولت بعد الصلاة مع الموبايل مرة آخرى .. ولكن هيهات هيهات ان يستجيب !!!
حتى انبثق صباح يوم الأربعاء اول ايام شهر اغسطس لهذا العام
وفى الصباح تعرفت على الاستاذ محمد زميلى فى الغرفة شاب يبلغ من العمر 42 عاماً جاء إلى امريكا منذ عامين عن طريق اللوترى يكافح فى امريكا كفاح الأبطال ، له وظيفة اساسيه فى مطعم كبير فى منهاتن إحدى اهم اقاليم نيوريورك الخمسه ، وهى قلب نيويورك النابض ومركز حياتها ايضاً ... ويعمل الأستاذ محمد قبل الدوام وبعد الدوام ايضاً .
تعرفنا سريعاً .. دب فى انفسنا شعور بالأرتياح ... حيث كان كلاً منا يترقب من سيكون زميل الغرفة ... ؟!
علامات الطيبة والاحترام والأبوة - فأنا وهو لنا ابناء – مع كراهية شديدة للسجائر والجلبة والضجيج وحب للنظافة والنظام واداء الصلاوات .. وكان الاستاذ محمد الزميل الذى كسبته فى رحلتى هذه مع كثيرين غيره ، كنت انتظر ساعات الصباح عندما يستيقظ فى التاسعة والنصف صباحا نتبادل الأحاديث وهو يستعد فى عجلة من أمره للحوق بالعمل ...
..........
نزلت لعائشة كى تحل لى مشكلة التلفون ..عائشة بدينه تتمتع بهدوء غريب وطريقتها فى الحديث بنبرات صوت اشد هدوءً من سمتها ... وبعد ساعة ونصف من هذا الهدوء المميت وانا قابع فى محلها الصغير تطلع الشريحه من تلفونى الميت وتضعها فى تلفونها يشتغل .. تعيدالشريحة إلى تلفونى الصامت صمت القبور فلا حراك له .. تتصل بالشركة صاحبة الخط ويستمر الحوار بينها وبين موظفى الشركة لأكثر من ساعة ... وفى الأخر طلع العيب من تلفوني الذى رفض ان يعمل فى امريكا على الرغم من انه موبايل حديث ... وكأن امريكا تقول انت هنا فى امريكا فليس لك إلا الأحدث فى عالم الموبايلات والأتصالات ... او ان لعنة الجهر بالسفر لا تزال تلاحقنى ... امرى إلى الله ...
عائشه .. ؟!
نعم !!
اريد شراء تلفون من حضرتك ، يكون رخيص وجيد ( تلك المعادلة الصعبه فى البيع والشراء ) الرخص والجودة
وقع اختيارى على موبايل ( ال جي ) اشتريته بمبلغ 140 دولار اذا منحتنى تخفيض 10 دولارات من ثمنه الأصلى
.......
تركت المحل وسرت فى شارع 46 المؤدى إلى محطة المترو . قبل المحطة توجد محلات كثيره واغلبها للبقاله والفاكهه والاسماك وعلى الرغم من كثرتهم إلا ان حركة البيع والشراء لا تهدأ فيهم ابداً ، حتى ان بعضها يعمل طيلة 24 ساعه
وكان فى الشارع وانا اتجه إلى المحطة محلين للحلويات من تورت وجاتوهات وبعض المعجنات وهو ما اتقن صناعته .. دخلت الاول وفى يدى ألبوم مليء بصور للتورت من صنع يدى، اطلب من المسؤول فى المحل العمل ... ينظر إلى الألبوم يندهش لجمال مايرى من تورت .. ثم يطلب منى ترك الأسم والتلفون .. وكما حدث فى هذا المحل ، حدث فى المحل الثانى فى نفس الشارع ، يبدو ان المحلات كلها متفقه على عدم احراج من يسأل بالرفض المباشر ، ولكن اتفضل اكتب اسمك وتلفونك .. او تكتب ابلكيشن وتنتظر لعل وعسى رد لم يأتى ...
والذى شعرت به ايضاً وقد كان مؤلم ً بالنسبة لى هو مرارة البحث والسؤال عن العمل .. وخاصة فى مثل حالتى فالمرارة أشد .. فأنا اصلاً مُعلم ثانوى عام ... وعندى محل للحلويات .. وعندى رجال يعملون فى محلى ، وامورى على خير مايرام بفضل الله .. ثم بعد هذا تمر بين المحلات باحثاً عن عمل ... لكن من يخفف الوطأة اننى كنت اريد ان احقق إحدى اهدافى الثلاثة من تلك السفريه فى أن افيد واستفيد فى العمل كشيف حلوانى ، وكنت واثقً من أننى سوف افيد اكثر بكثير من أن استفيد فى العمل فى هذا المجال ، لما رأيته من منتجات استطيع ان اصنع وازين التورت بديكورات قل ان ينافسنى فيها أحد ...
......
ركبت المترو وهو يسمى فى امريكا ( subway )
وفى انجلتر ( underground )
وكانت بغيتى الذهاب الى منطقتة استوريا حيث مسجد الإيمان الموجود فى شارع
( ستان واى Steinway) تنقلت من خط إلى خط من اجل الوصول إلى المسجد والطريق إليه عبر شارع 30 حتى تقاطعه مع شارع ( ستان واى ) وفى شارع 30 دخلت وسألت عن عمل فكان نفس الرد اترك الاسم والتلفون .. ومن خلال البحث والحوارات عرفت ان موسم بيع الحلويات ينشط ابتداء من شهر اكتوبر نفس ماحدث معى فى العراق زمان منذ 36 عام مضت .. حيث لم اعمل فى مجال الحلويات إلا مع برودة الجو ودنو دخول فصل الشتاء .. وانا لست منتظراً شتاء نيويورك وبرودة طقسها حتى يتثنى لى العمل . فأقامتى فيها محدودة بشهور ثلاثه .. والاعجب ان طقس نيويورك تتخلله سقوط الأمطار فى عز الصيف مع ارتفاع فى درجة الحراره ثم ينتهى المطر وكأن شيء لم يكن ، بإستثناء ارتفاع الشمسيات فوق الرؤوس وأرتداء بلطوا بلاستك اتقاء البلل من المطر
..........
فى شارع ( Steinway ) تنتقل فى التو اللحظه من امريكا إلى إحدى شوارع مصر ، حيث تجد الغلبة العربية فى اسماء المحلات والأطباء والمحامين فى الادوار العليا والمحلات والكافيهات والشيشة والمطاعم والبقالة وكلمة حلال تتصدر واجهة المحلات التى تبيع اغذية ... والحديث الذى يترأى على مسامعك وانت تسير فى الشارع حديث مصرى صرف , الاعجب هو وجود اكثرية من اهل مدينتى كفر الدوار فى هذا الشارع ، حتى قال لى زميلى الدكتور احمد الموجود فى امريكا منذ شهور قليلة قال متعجباً :
هو ختم السفارة الأمريكية عندكم فى كفر الدوار ولا أيه يا أستاذ اسامه ؟!!!
اضحك الله سنك يا دكتور احمد
......
امام مسجد الإيمان محلين للحلويات واحد اصحابه من الشوام والآخر اصحابه مغاربه ... سألت عن عمل فى كلايهما ولم أجد .. فدخلت المسجد .. توضأت وصليت وجلست والمسجد ليس به احد حيث لازال وقت طويل على صلاة المغرب التى ستقام فى الثامنة والثلث مساءً ...
وعلى لوحة خشبية على يمين الداخل إلى المسجد ، لصقت ورقة بين وريقات عديدة لمن يطلب عمل او سكن ... اطلب فيها عن عمل فى مجال الحلويات الشرقية والغربيه تركت فيها رقم تليفونى .. وتمر الأيام على ان أحد يتصل .. ابداً ورجعت إلى المنزل ليلاً .. رجعت بخفى حنين .. رجعت وانا اجر ازيال الخيبة فى عدم تحقيق الحلم الأول فى العمل فى مجال مهنتى ، فثلاث شهور اقامة فى امريكا بدون عمل مدة طويله تحتاج إلى مصاريف كبيرة ... فالمطلوب منى شهرياً كالتالى :
550 دولار سكن
122 دولار اشتراك مواصلات
40 دولار اشتراك انترنت
بالأضافة إلى الطعام والشراب ...
وبدأ الأحباط يدب فى اول يوم من بحثى عن العمل ...
وانتظرت مجيء الصباح لأبدأ جولة أخرى فى منطقة أخرى لعل وعسى
فهل ياترى سأجد العمل ويتحقق الهدف الأول من رحلتى اما ماذا ياترى ؟!



الحلقة السادسه من مشروع كتابى مذكرات معلم مصرى يغسل الأطباق فى أمريكا
_____________________
عندما تتصارع السياحة و العمل
_______________________
فى الصباح بدأ حديث النفس للنفس .. وهو من اجمل ما اتحلى به عندما تضيق بى الأمور .. حديث النفس للنفس عندى عبارة عن كلام ، بصوت شبه مسموع بين نفسى ونفسى ، اضع فيه المشكلة بين كفتى يدى ، اُحادثُها وفيها ادلع نفسى باسم ابو السوم او سمسم .. واول ما اقول لنفسى عارضاً المشكله قائلاً :
(بص يا ابوالسوم ) اعلم تماماً ان الحل موجود .
وفى هذه المشكلة ، مشكلة البحث عن العمل فى مجال تخصصى ..
قلت لنفسى : انت تحب السفر والترحال وسافرت 39 دولة سياحة ، ما كان فيها عمل او بحث عن عمل ... وتمتعت بكل رحلة قمت بها فى رحلاتك ولك فى كل رحلة رصيد رائع من الذكريات المدونة بالكلمة المكتوبة والصورالجميله ... فلماذا لا تجعل هذه الرحلة على غرار الرحلات السابقه ؟!
ويستمر الحديث بين اسامة وابو السوم ... بين النفس والنفس . مسترسلاً .. فلوسك النقديه بما تفى مدة اقامتك معك ... الفيزا كارت تتيح لك سحب الف دولار فى الشهر معك ... كما تتيح لك شراء بمبلغ تسعة ألاف جنيها مصرياً فى الشهر كذلك ...
إذن نفض عن كاهلك هموم هذه المشكله .. واستمر فى البحث عن عمل دون مرارة او احتياج صارم ، وخذ الأمور ببساطة ويُسر ... والرحلة كلها تجربة فيها إفادة ومكاسب جمه .. وبهذا الحديث خففت من وطأة الضيق الذى نتج عن هذه المشكلة ...
اى مشكلة فى الحياة لها حل .. إن اغلقت على نفسك وتقوقعت واتبعت المثل القائل : ( الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح ) ثم تدثرت ووضعت رأسك بين اغطية السرير .. او فى الرمال كالنعامه ... زادت المشكلة وتفاقمت .. أما إذا واجهتها بعقل ورويه وحادثت المشكلة كأنها شخص ماثل امامك .. وجدت طريقاً إلى الحل .. وفى النهاية ممكن جداً ان تضع المشكلة تحت قدميك او ان تلقيها خلف ظهرك وتنفض يديك منها وتبدأ بلا بمشاكل .
.........
استيقظ محمد زميل غرفتى ... شربنا نسكافية مع قرص بالعجوة جئت بها من محلى.. تبادلنا اطراف الحديث السريع وهو يُعد نفسه للخروج إلى عملة ... وعلى الرغم من القرار الذى اتخذته آنفاً فى حل مشكلة البحث عن عمل إلا اننى نظرت إلى العمل أىً ما كان العمل بشيء من السعادة والغبطة والأحترام ... بدلاً من المكوث ساعات طويلة فى المنزل يتسرب إلي فيها الملل وتطول فيها الدقائق والساعات .. فلهفة زميلى وهويستعد للخروح إلى عمله تركت عندى الرغبة بالشعور بتلك الحالة التى اأمل تحقيقها .
.........
ارتديت ملابسى وعقدت العزم على الذهاب إلى منهاتن .. وما نيويورك إلا منهاتن .. ونيويورك اكبر مدينه فى الولاية التى تسمى باسمها ، ومع ذلك فليست هى العاصمه . فعاصمة الولاية اسمها ( ألبانى )
وُتعد منهاتن أهم قسم من اقسام مدينة نيويورك الخمسه .. بل الأقسام كلها تصب فيها وتعمل من أجلها .. وما مدينة نيويورك فى نظر سكانها إلا منهاتن , ومنهاتن التى تشبه لسان طويل فى البحر على شكل مستطيل بين نهرين ، النهر الشرقى من جهة الشرق ، ونهر هدسون من جهة الغرب . وأول من استكشف هذا المكان البحار الإنجليزى هدسون فى عام 1609 م وسمى النهر باسمه .
وفى عام 1642 م استقر الهولنديون فيها لمدة اربعين عاماً وسموها ( امستردام الجديدة ) . ولكن الإنجليز أجلوهم عنها فى عام 1664 م وسموها نيويورك تكريماً لدوق يورك . استمرت مستعمرة لبريطانيا العظمى لأكثر من قرن .
وفى 9 يوليو 1776م اعلن استقلالها لتصبح واحدة من الولايات الـ 13 فى الإتحاد الفيدرالى .. وكانت معركة ساراتوجا 1777 م التى جرت روحاها فى نيويورك ، واحدة من المعارك الحاسمة فى العالم ، ونقطة تحول فى الثورة الأمريكيه ضد بريطانيا ، بعد تحالف فرنسا مع الأمريكان ، وعلى اعقابها بسنوات قليله ، تم إخلاء مدينة نيويورك من القوات البريطانية فى 25 نوفمبر 1783 م
منهاتن هى مكان الاحلام والأفلام ، هى الحلم الأمريكى بين ناطحات السحاب .. هى مكان المال والأعمال ... لا تكل ولاتمل ولا تهدأ فتنام .. يزدحم فيها فكر السائح الذى يزورها لكثرة الأماكن والمعالم الشهيرة فيها بين المتاحف والمعارض والمسارح ومراكز التسوق ... وفى منهاتن كرنفال خلق الله للبشر ، كل اجناس الأرض فيها ، فسيفساء رائعة للأجناس والأعراق البشريه المختلفة . ولذلك فهى صاخبة تشع بالحيوية والحركة والحياة .. شوارعها مستقيمة من الشمال إلى الجنوب يقطعها شوارع عرضية تتقاطع معها بزواية قائمة
..............
المترو فى نيويورك يسمى قطار فهى الكلمة المتداوله له . وخطوطة كبيرة ومتشابكة ، تجده تحت الأرض وفوق الأرض وتحت النهر والبحر وتحت ناطحات السحاب ايضا ... تنزل إليه فى بعض المحطات عبر سلالم كهربائية تهوى بك عميقاً إلى تحت الأرض بمسافات لا تتخيل كم يكون عمقها .. وبعض المحطات تتكون من ادوار عديدة لكل دور خط مترو بأتجاهات مختلفة ...
ومن كثرة ركوبى للمترو فى نيويورك تعلق ذهنى بطريق نطق عباره لرجل تنطق فى جميع خطوط المترو فى الميكرفون الداخلى للمترو ، وهو امر غريب يحدث معى كثيراً وهو ان اتعلق بمكان او حوار او كلمة او صوت يترأى إلى سمعى او موقف يحدث او عطر او رائحة .. ويرتبط الذى يحدث من التعلق بهذا الشيء الذى حدث معى بالمدينة التى ازورها !!!
فمثلاً ارتبطت المغرب عندى برؤيا مدينة سلا من بعيد ، عند منارة حسان بمدينة الرباط عاصمة المغرب ، حيث المنازل البيضاء للمدينه ، ونهر ابورقراق ، وبجوارى منارة حسان ، ومن خلفى ضريح الملك محمد الخامس
وفى سان بطرسبرج لا انسى جلوسى عند الطرف النهائى لجزيرة فازلفيسكايا ، وامامى نهر نيفا ، وعلى مرمى بصرى قلعة سانت بول ، وعن يمينى متحف الارميتاج .
وفى اسطنبول مقطع من اغنية لا اعلم معناها ، ولكن رتم كلماتها مع موسيقاها يتردد على لسانى كلما تذكرت اسطنبول كنت اسمعها كلما مشيت فى شوارعها .
وفى باريس لن انسى الميكرفون الداخلى لمترو باريس عند قرب وصوله إلى محطة ( بلاز دى كليشى ) ، وكنت امر على هذه المحطة يومياً ، فهى من إحدى المحطات الحيويه فى باريس .. يردد المذيع الداخلى فى المترو ، ينبه الراكبين قائلاً : فى المرة الأولى بأن المحطة القادمة بلاز دى كليشى بنبرات صوت عادية
وفى الثانية بنبرات صوت تنبيهيه بلاااز دى كليشىىى مع خطف كلمة دى كليشى خطف فى النطق .
وفى الثالثه كالآمر الناهى بلاز... دى كليشى ( ناقص يقول يابنى آدم )
وفى نيويورك الميكرفون الداخلى يقول بنبرات صوت فخيمة لرجل ، يحذر من بجوار الباب بأن الباب سوف يغلق ..طريقة نطقه واسلوبه فيه مع حركة غلق الباب وبداية ترك المترو للمحطه ، علق فى سمعى وعقلى ... هذه الصوره التخيليه ... مع هذا الصوت الفخيم اصبح علامة عندى مع علامات نيويورك العديدة المحفورة فى ذهنى .. ولو تسألنى ماذا تريد من نيويورك الآن اقول بلا ادنى تردد : سمعنى هذا الصوت لهذا الرجل الذى يتردد فى كل خطوط مترو نيويورك !!!
صدق فعلاً من قال : وللناس فيما يعشقون مذاهب .
.........
نزلت فى محطة جراند سينترال ، وهى إحدى المحطات الكبيره والشهيرة فى مترو نيويورك ، ويليها المحطة الأشهر على الأطلاق محطة ميدان تايم سكوير .. تجولت فى ارجاء المحطة الكبيره ... وخرجت منها إلى شارع رقم 40 ثم فى الشارع الثامن وهو الشارع الموازى للشارع السابع حيث ميدان تايم سكوير .. وجعلت الكاميرا تلتقط حركة الشوارع فى منهاتن . فها انا ارى مبنى الامباير ستيت ، وهو اطول مبنى فى نيويورك منذ سقوط ناطحتى مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر 2001 م ، ويزوره حوالى 4 مليون زائر سنوياً ، المبنى يبلغ ارتفاعة 381 متر فيه 102 طابق مع 72 مصعداً ، وافتتح فى عام 1931 م . وقد تراه مضاءاً ليلاً بإضاءات جميله وخاصة فى الأعياد اليهودية والمسيحيه والأسلاميه .
كنت امشى مجرد مشى .. اليست هذه نيويورك بل قلب نيويورك .. ساقتنى قدماى بالسير حتى محطة بانسلفانيا وهى محطة هامه للقطارات إلى كل انحاء امريكا . ثم اتجه يميناً حيث ارى نفسى قريباُ من ساحل خليج هدسون لأجد معلما من معالم نيويورك الشهيره ، وهو معلم حديث جداً ، المشى فيه رائع ، واللقطات فيه اروع ...
وهى حديقة High Line
وقصة هذه الحديقة بأختصار توضح كيف تستخدم الدول المتقدمة كل شيء تحت الأرض وفوق الأرض من اجل رقى الحياة وتجميلها لأهلها بعبارة اوضح وهى دائمة على لسانى ( عملوا من الفسيخ شربات ) وأحلى شربات ...
الحكاية انه فى عام 1847 م تم إنشاء خط سكة حديد يمشى بمحاذاة الجانب الغربى من منهاتن ، على شارعى رقم 10 و11 . الطريق كثرت فيه الحوادث من موت وإصابات رغم وجود من يحمل راية امام القطار محذراً الماره من المرور بالقرب منه حتى لا يصاب بأذى ... القطار يحمل يحمل الفحم واللحوم إلى هذه المنطقة التجاريه الفقيرة ... ولما زدات حوادث لهذا القطار ، كان البديل فى عام 1934 م من رفع خط السكه الحديد من على الأرض إلى اعلى الارض، لتلاشى خطر هذه الحوادث ، مع امتدد لهذا الخط العلوى بطول 2,33 كيلو متر.
ثم اهمل هذا الخط ، وصدأت القضبان الحديدية ، ونبتت الحشاتش والزهور الطبيعيه نتيجة الأهمال ... وبدأ التفكير فى إزالته .. فاعترض السكان .. فتم تحويل هذا المكان العلوى إلى حديقة عامة ... وتحول المكان الموحش فى المنطقه التى يختلط فيها دماء اللحوم ورائحة المطابخ إلى مكان سياحى حضارى يزوره سنوياً حوالى 5 مليون زائر ، يصعدون إليه من خلال 11 مدخل ، وانت مخير بين السير ... اوالأسترخاء على الحشائش ..او التشمس على المقاعد ... او التأمل فى حركة المارة فى الحديقه او حتى للسيارات من خلال مسرح صغير يطل على شارع رقم 10
او رؤية تمثال الحرية من بعيد ورؤية نهر هدسون من قريب ، بين ابراج شاهقه . اذ ازادات اسعار الأرض حول هذه الحديقة إلى ملايين الدولارات ، التى لم يكن أحد يتخيل ، ان يأتى يوماً تزداد فيه اسعار الأرض والعقارات فى منطقه موحشه يكثر فيها الفحم ودماء اللحوم ... وذلك منذ جعل خط القطار القديم ممشى سياحى عام 2009 م
سرت فى هذه الحديقة من اولها لآخرها كنت امارس فيها هوايتى السياحيه بالمشى ، اذ يعتبر المشى عندى اكبر موثق فى رحلاتى ، فركوب الباصات والسيارات تعطى لمحات سريعه للمدينه ، اما المشى فيعطى تأثير أكبر فى مشاهدة الأماكن مع مزيد من التصوير ... نزلت عند آخر منزل للحديقة ، واتجهت نحو نهر هدسون ، وهناك ظهرت مناظر رائعه لأبراج منهاتن عند طرفها النهائى مع خليج هدسون الذى يفصل بين ولاية نيويورك وولاية نيوجيرسى .
......
ثم اتجهت نحو الداخل حتى حديقة ابينجدون ( Abingdon Square ) وهى من اقدم حدائق نيويورك ، وتقع فى حى جرينتش ، إذ يرجع تاريخها إلى عام 1831 م .
فى عام 1921م وضع نصب تذكارى للذين فقدوا فى الحرب العالمية الأولى .
ثم وضع نصب تذكارى آخر فى عام 2009 م للفنانه والمخرجة الأمريكية ( أدريان شيلى ) والتى قتلت فى شقتها المطلة على الميدان على يد عامل بناء ، طلبت منه تخفيف الضجيج الذى يحدثه فى الشقة العلويه ، لكنه ضربها بالمطرقة على رأسها وتتبعها حتى خنقها وعلقها على ماسوره فى حمام منزلها . وقد رأت الشرطه فى البدايه انها حادثة انتحار ، لولا اصرار زوجها ، على ان شيلى كانت سعيدة ومقبلة على الحياة ، ولديها طفلة صغيرة عمرها عامين ونصف لم تكن لتتركها وحيده ... ثم اعيد فحص المكان مرة آخرى فوجدوا آثار حذاء رياضى تاركاً فى خطواته بصمات من الجبس .. فاعترف العامل ذو 19 عام بالجريمة وحكم عليها بالسجن المؤبد ... ولم يعفوا زوجها عنه مع الحكم بل تمنى ان لايموت فى سجنه فحسب بل يتعفن فيه !!!
..........
تركت الحديقة واتجهت إلى ركوب المترو وكانت وجهتى إلى الشارع السابع وفيه اهم واشهر ميادين العالم
ميدان تايم سكوير ( Times square )
ولكنه ليس الأجمل .. إذا اجمل الميادين التى رأتها عينى هو الميدان الأحمر فى قلب موسكو وهذا ماقالة ايضاً الرئيس الأمريكى رونالد ريجان : عندما زار هذا الميدان فى الثمانيات من القرن الماضى .. لكن فى تايم سكوير نبض الحياة الحقيقى ... منطقة مكتظة بالناس ، زحمة سير مستمره وعلى الأسفلت اللون الاصفر هو الغالب ، لون تاكسى نيويورك .. وسارينة الأسعاف والمطافى والبوليس تكاد تكون الموسيقه التصويريه لهذا الميدان ... زرت هذا الميدان مراراً وتكراراً طيلة ايام وجودى فى نيويورك .. زرته فى جميع الأوقات صباحاً ومساءً .. وضحى وليلاً ... فهو ميدان لا ينام ابداً .. انه قلب منهاتن النابض مكاناً وشعوراً .. اىً كانت ايامك فى نيويورك فإن لم تزر هذا الميدان فلا تقول انك زرت نيويورك !!!
وإن اصابك الضجر والملل يوماً ما وانت فى نيويورك ، فما عليك إلا ان تتوجه إليه لترى فسيفساء البشر من كل صوب وحدب ... تسير والأكتاف بالأكتاف .. ولن تنقطع كاميرتك عن التصوير كلما وجدت نفسك هناك ..
فمن يصدق ان هذا المكان كان مكاناً موبوءً .. كان عنوناً للشغب والجرائم .. ولا يجروء السياح بالمرو بجانبه .. إلى ان جاء رودولف جوليانى عام 1990م بتنظيف المنطقة من كل ما يعكر صفوها ، مع تكثيف عناصر الأمن ، وإغلاق المحلات المخلة بالاداب ... فتحول الميدان من مركز للبغاء إلى مقصد للعائلات ... فتجد فيه اشهر المحلات التجارية والمطاعم والمسارح والمتاحف وابرزها متحف مدام توسو حيث التماثيل الشمعية للمشاهير.. وصدق اولا تصدق ، وعلاء الدين ، وهارى بوتر ...
والميدان عبارة عن كرنفال من الألوان على جدران البنايات من خلال شاشات عرض عملاقة تطل على الميدان ، وكرنفال من البشر على الأرض حيث يقصده على ما يزيد عن٤٠٠ الف شخص يوميا و 50 مليون شخص سنوياً.. والوان الأعلانات فيه بريق زاهى يخطف الابصار ، يتحول بأستمرار من اعلان إلى اعلان .. قيمة الأعلان الواحد على إحدى البنايات لثوانى معدودات يتعدى آلاف الدولارات .
يوجد فى الميدان عروض اكروبات مع ترفيه من جانب شباب من ذوى البشرة السمراء تجذب عروضهم كثيراً من المارين .. وتجد شبية الرئيس الأمريكى ترامب .. ومن يتشبه بتمثال الحرية وشخصيات والت ديزنى الشهيره بجميع اشكالها ... إن اردت صوره معهم يجب أن تدفع مقابلها دولارات ..
وافضل مكان للراحة فى هذا الميدان هو الجلوس على السلالم الحمراء ، ترى بانوراما الميدان امامك وتلتقط اجمل اللقطات ...
وعند الصعود لهذه السلالم يوجد تمثال للفنان والمؤلف المسرحى جورج كوهين الذى له دوراً كبيراً فى هذا المجال فى شارع برودواى الذى يتقاطع مع ميدان تايم سكوير ..
......
تركت الميدان.. ومررت على محل حلويات كبير وفخم فيه حركة غير عادية .. طلبت المسؤول طلبت العمل فيه واحادثه وانا اعرض صور البون صور التورت .. فكان رده
هل معك جرين كارت ؟!
لا
هل معك السوشيالى ؟!
لا
اذن كيف اتيح لك عمل هنا .
بينى وبين نفسى قلت : عندك حق )
وركبت المترو وكانت وجهتى هى حى إستوريا حيث مسجد الإيمان فلا زال فى النهار متسع إذ تغرب الشمس فى الثامنة والنصف .. وهناك وجدت الهدوء والسكينه بعد الوضوء والصلاة .. فلقد انتقلت من صخب المدينة والحياة ... إلى الهدوء والراحة والأستقرار .. وفى عودتى إلى مسكنى مررت ببعض المحلات من اجل العمل ، فلم اجد .
وركبت المترو ونزلت فى محطتى .. وإذ فجأة دون تفكير .. دون اخذ وعطاء مع نفسى... مجرد ما رأيت مطعم على واجهة يافطة اسم كلمة حلال ... ساقتنى قدماى فتحت الباب .. سالت عن عمل .. فكانت الأجابة !!!!

الحلقة السابعة من مشروع كتابى 
( مذكرات معلم مصرى يغسل الأطباق فى أمريكا )
_______________________________
فلسفة الحياة والعمل فى امريكا !!
_________________________
نعم عندى عمل ...
كانت تلك إجابة صاحب المطعم عندما سألته عن عمل فى المطعم
شعور بالأمتنان والرضا من ناحيتى لهذا الرد ..
ولكن سرعان ماتبدل فى الفيمتو ثانيه التى اكتشفها الدكتور احمد زويل
إذ لم يمهلنى من ان اسأله عن طبيعة العمل ... فقال :
غسيل اطباق washing dishes !!!
ولم يكتفى بهذه الصدمة فقط ... اذ ذكر ايضاً بعضاً من مهام العمل
تطلع السلم وتنزل السلم up the stairs and down the stairs
والأدهى والأمر وقت العمل من 12 ظهراً إلى 12 من منتصف الليل
والراتب الأسبوعى 600 دولار
كان صاحب المطعم شاباً تركى الأصل ، ينتظر منى كلمة
لا !!
ولكنه تفاجأه بان سمع منى كلمة
نعم موافق !!
يبدوا ان طبيعة هذا العمل فى هذا المطعم مر عليه كثيرون إما بالرفض من اوله او بترك العمل بعدايام قليلة .!!
ومتى سنبدأ العمل ؟
من غداً
غداً الجمعه .. ولازم اصلى الجمعه !
الصلاه متى تبدأ ؟!
فى الواحدة ظهراً
إذن غداً تبدأ العمل من الساعة الثانية من بعد الظهر !
هل ستكون موجود فى الغد عندما احضر
نعم
السلام عليكم
عليكم السلام
...........
كنت اجر إحدى قدمى واسحب الآخرى .. وانا فى طريقى إلى مسكنى القريب من المطعم .. كنت افكر فى هذا اليوم الطويل المفعم بالحركة والنشاط السياحى المحبب إلى قلبى .. وانتهى اليوم بفكرة العمل فى هذا المطعم ... لا شك سياخذ حيز كبير من تفكيرى ... وصلت إلى المسكن .. توضأت وذهبت إلى المسجد القريب منى وهومسجد مريح سمت وجوه اهل بنجلادش فيه طيبة ورقة حال وهم أكثر رواده ...
فى مسكنى وعلى سريرى وعينى تبحلق فى سقف الغرفة كنت افكر فى موضوع العمل الخاص بى فى الغد ..
وفكرة العمل بالكلية فى امريكا !!!
بخصوص عملى كنت اقول لنفسى : ستعمل فى هذه الوظيفة مكره لابطل ام برضا وطيب خاطر !!
وإلتبس على الأمر بينهما .. فلا انا مكره عليه ولا أنا راضى عنه !!!
ولكنى تذكرت الكاتب البارع فى أدب لرحلات حسين قدرى حينما قرأت تجربته فى لندن ، وسجلها فى كتاب باسم مذكرات شاب مصرى يغسل الأطباق فى لندن .. فقلت لما لا تخوض هذه التجربه على هذا الغرار وتسجلها فى كتاب ، ثم يأتى ما يعضد هذه الفكرة عندما قرأت زمان كتاب ( البحث عن الذات ) للرئيس السادات ، وقد ذكر فيه ان اشتغل تباع على عربية نقل ، ولم يجد غضاضه فى ذكر ذلك فى كتابه وكان وقتها ملء السمع والبصر ..
ثم تزداد الفكرة رسوخاً وقبولاً باننى شُرفت بحضور ندوة وحفل توقيع فى القاهرة قبل هذه السفرية لكتاب الدكتور جوده عبد الخالق وزوجته الدكتوره كريمه كُريم . والدكتور جوده وزير التموين السابق ربطتنى به صداقه رائعه فى رحلتنا إلى المانيا وحتى الآن .. ذكرا كلاهما فى كتابيهما ( حكاية مصرية ) كم عانوا وشقوا عندما كانو يدرسان فى كندا من اجل الحصول على الدكتوراه ، وامتهنوا مهن لم يجدوا غضاضه فى ذكرها فى هذا الكتاب الرائع حكاية مصريه
....
والمبدأ العام عندى وهو مسلكى فى الحياة وابثة على طالبتى فى المرحلة الثانويه هو ، ان العمل اىً كان العمل هو شرف وتاج فوق رأس المرء طالما العمل حلال .. وكنت قد كتبت بالأمس فى لوحة اعلانات مسجد الإيمان عن رغبتى فى العمل فى مجال صناعة الحلويات الشرقية والغربية التى اتقنها وابرع فيها او اى عمل حلال ..
.....
وبدأت انظر إلى هذا العمل الذى سأقوم به من بعد صلاة الجمعه فى الغد بنوع من الرضا وطيب الخاطر .. فمدة ثلاثة شهور سياحة فى امريكا مدة طويلة على الرغم من كبر حجم هذه الدوله وهى تحتاج إلى اموال كثيرة ايضاً فلعل العمل يخفف من وطأة طول المدة مع كثرة المصاريف ..
فشهر واحد فقط فى هذا العمل كفيل بتغطية إيجار السكن وتذكرة الطائره
وبغض النظر عن هذا كلة فالأمر كله تحول إلى خوض تجربه .. كنت فيها كالصحفى الذى يغامر من اجل تحقيق صحفى فيمثل دور الشحاذ لمعرفة كم هو مكسبة اليومى او دور مريض ليعرف دور المستشفيات والأطباء ....
او كالممثل الذى يتقمص ادوار هى بعيدة كل البعد عن طبيعة شخصية وطبيعة حياته ...
وهى تجربه مفيدة لكل من يحلم بالحلم الأمريكى كيف تكون صفحة من صفحات الحياة لمن يرغب فى الهجرة إليها فليست الصورة ورديه وليست قاتمة ايضاً ...
........
وبعد منتصف الليل زميلى فى غرفتى جاء من عملة وتناقشنا سوياً عن فكرة العمل ورأيه فيه .. وذكر فى مجمل حديثه انه خاض كثيراً من التجارب عندما حل على أرض امريكا ... فذكر ان معظم العمالة فى نيويورك تعمل فى مجال عربات الطعام على ناصية الشوارع ، وهو عمل شاق للغايه فى مكان ضيق ، فى العربه ، فى الشارع ، امام نار وحرارة طقس فى الصيف عالية ، وبرودة قارصة فى الشتاء إن لم تكن تغلق فيه العربه فلا تعمل ، ويجلس عامليها فى البيت او يزوروا اهاليهم فى مصر .. وعمل العربه شاق قل ان يستحمله احد ... والعمل الآخر لغالبية المصريين فى نيويورك هو سائق على سيارات التاكسى بجميع انواعها المختلفه ، وهذه لمن طالت مدة اقامته فى نيويورك ، وعلى دراية تامه بالطرق والشوارع والأماكن ...
اما العمل الثالث فهوفى المطاعم بجميع اقسامها ... وخارج هذه المجالات الثلاثة فهو استثناء
نعم توجد شخصيات مصرية مُشرفه فى مجالات كبيره وكثيرة فى امريكا ، شقت طريقها إلى النجاح بشق الأنفس حتى اصبح لها مكانه مرموقه فى المجتمع ويشار إليها بالبنان .. ولكن بكل اسف قليله .
...
ثم ذكر زميل غرفتى ان راتبى الأسبوعى فيه غُبن واستغلال من صاحب العمل لك .. وذكر لى ان العمل فى نيويورك قانوناً الساعة فيه بمبلغ 13 دولاراو 12 دولار وانت سيحاسبك على 8 دولار فقط فى الساعة ..
.....
الأمريكان ذكوراً وإناثاً لا يعرفون للحياة معنى إلا بالعمل مع الدقة والإجادة فيه ومع المنافسة التى تزيد للعمل والمنتج تقدماً وتطوراً .. والفقر عند الأمريكى سبيلاً إلى الموت ... علية ان لا يهوى فيه ، بل يدفعه عنه بقدر ما اوتى من قوة وهو قادر علية ، يفشل وينجح ، يقاوم ويضعف ، وفى نهاية الأمر يتغلب عليه .. وإلا لوجد نفسه يحمل يافطة ورقيه حقيرة مكتوب عليها ( بلا مأوى ) بعكس عندنافى الشرق ، فمهما يكن من مدى فقرك فقد تجد فى نهاية المطاف مأوى يأويك ، ولقمة عيش تسد رمقك ، وبعض القلوب الرحيمة تحتويك ... حتى قيل فى الأمثال
( محدش بيبات من غير عشا )
ولا انكر ان الدوله فى امريكا تقف اما ظاهرة بلا مأوى وتعمل على محاربتها .. فلقد رأيت وانا راكب المترو اعلانات كثيرة متفرقه من ضمن اعلانات عديده داخل العربه ، تحث الركاب على الأتصال بهذا الرقم المكتوب فى الأعلان اذا رأى شخص بلا مأوى من اجل مساعدته وتوفير ما يلزمه من سبل الحياة التى تبقى عليه كريماً
......
الشيء الملفت للنظر هنا .. هو قل ان تجد مصرى يمتلك محل .. فهو عاشق للعمل عند الناس ، ولا يستقل بعمل خاص به ، عكس الشوام اهل لبنان وسوريا .. فالبنانى مجرد سنة واحدة فى ارض المهجر يعمل فيها اجيراً ، وفى العام التالى يكون صاحب المحل نفسة او شريك فيه ، اوتراه يمتلك محل آخر فى مكان جديد .. ومرد ذلك قد يعود إلى التاريخ حيث جذور حضارتهم الفينيقية ، وقد كانت هذه الحضارة تجاريه بحرية من الطراز الأول ، لطبيعة ارضهم الطاردة بسبب ضيق الساحل وكثرة التعاريج و ووفرة الأخشاب ...فجينات السفر والترحال والغربه تسرى فى دمائهم .. بعكس حضارة مصر الزراعية التى جعلت الأنسان ملتصق بالأرض لا ينفك عنها .. ولذلك تجد كثيراً من المبكيات فى تراثنا الشعبى عن الغربة والسفر والبعد عن الوطن .. ولم يعرف المصريين الغربة بكثافة إلا حديثاً عندما تبدلت الأحوال وانفتح الناس عبر وسائل الأعلام المختلفة ، على مايدور خارج الوطن من طبيعة وحياة واموال متوفرة فى بلاد أخرى ، فبدأوا يتغلغلون فى ارجاء المعموره .. ولكن يعمل عند الغير ولا يتملك مطعماً او محلاً او ورشة او مصنعاً فيعمل عنده آخرون وتزداد ثروته فيعم اثرها على بنى جلدته .
ففى كتاب رائع باسم ( الرحلة إلى امريكا ) لإحدى باشوات مصرالسابقين وهو محمد لبيب البتنونى حيث سافر إلى امريكا فى عام 1927 م فلم يعلم طيلة رحلته فيها عن وجود مصريين مهاجرين فى امريكا إلا مصرى واحد يعمل فى شيكاغو اسمه احمد حسنين ..
تعالى ياباشا تعالى وشوفهم الأن فى امريكا آلاف مؤلفة ، لدرجة ان تراى من تعرف فى الشارع ، وانت تسير فى امريكا كأنك تسير فى شوارع مدينتك فى مصر فلا يكون بينكم إلا تحية عابره ، لا حرارة فيها ، او مشوبة بأحاسيس الغربة والوطن الذى يجمعكما الحنين إليه ..
......
يبدوا ان الأنسان سوف يتأوه من وقت لآخر إلى ان يموت .. فقبل سفرى كنت أظن اننى تارك مصر...
تارك خلفى ( الجمل بما حمل ) من مدرسة ومحل ومنزل وإلتزامات وروتين حياتى يومى وغلاء اسعار وركود تجارى ... من اجل مزيد من الرفاهيه ... وكثيراً من السياحه ... وقليلاً من العمل ... مع تزايد معرفة وتعارف واواصر صداقة جديده وتجربة حياة ... لكن الإنسان لن يستطيع ان يهرب من شيء اى شيء من حياته ، حتى ولو ذهب وعاش فوق جزيرة صُغيره والقمر طالع وريحة البحر هله ... فلا حياة بمبيه على هذه الأرض .. بل هى فى الأحلام .. فى الأحلام فقط لاغير !!!
مكسيم جوركى الأديب الروسى يقول : الحمقى فقط هم من يعتقدون أن الحياة سهلة وانهم يفهمونها
ولاداعى للقلق والأسئلة .. فإن اخطر شيء هو ألا تسأل نفسك وتجيب عن اسئلة تعن لك فى حياتك !!
كنت اتساءل .. ماذا لو كانت مهاجراً ومعى اسرتى ؟!
فى هذه الحاله احتاج إلى شقة استوديو صغيره وليس سرير فى غرفة ثنائيه كوضعى الآن ..
تخيل كم ستكون المعاناه .. فسوف يلتهم السكن لوحدة القسط الأكبر من الراتب الشهرى ولن يتبقى إلا النذر القليل ، إن تبقى من اجل قليل من المأكل وقليل من المشرب .. إنها صعوبات البدايات .. وقد تكون النهايات ايضاً ... على الرغم من امريكا تعمل جاهدة على ان يتلائم الراتب مع متطلبات حياة الفرد .. وهو كذلك لكن اسرة فرد واحد فقط هو عائلها يعمل صعب بل صعب جداَ !!
................
استيقظت من نومى ... وظللت قابعاً على سريرى .. فلا خروج او تجول فى اى مكان من نيويورك فى هذا الصباح .. فاليوم يوم الجمعه
استعد للصلاة وبعدها الذهاب إلى اول يوم عمل لى فى المطعم ..
مواقيت الصلاة فى المساجد تختلف عنها فى مصر ... فنحن نحدد المواقيت فى المساجد على ميقات الأذان وبعدها الصلاة وفى مساجد نيويورك الميقات المعلن هو ميقات الصلاة والتى تكون بعد الآذن بمايزيد عن 45 دقيقه احياناً .
كانت خطبة الجمعه غريبة على ، على الرغم اننى صليت مرة مثلها فى مدينة أجرا بالهند .. وفى المسجد الذى صليت فيه وقف الخطيب بجوار المنبر امامة منصة صغيرة القى درساً دينياً بلغة اهل بنجلادش .. ثم نفس الدرس القاه باللغة الأنجليزيه . ثم صعد على المنبر واذن المؤذن وحمد الله وصل سلم على النبى وذكر ايه وذكر حديث وجلس جلسة الإستراحه وقام وذكر كلمات قليله ودعى ونزل وتصدر المحراب وصلى بالناس .. لم تتعدى خطبته باللغة العربية اكثر من 5 دقائق .. لقد قام بأركان الخطبه من الناحية الشرعية لذلك لم تكن لتروى غليل ناطقى اللغة العربيه .. وفى إحدى الايام من بعد صلاة الفجر تحدثت مع هذا الخطيب وهو امام المسجد ايضاً ولا إمام غيرة فى كل الصلاوات .. وهو شاب يافع اسمر ابتسم معى فى حديثه وسألنى ..بلكنة مصريه قائلاً : تفتكر انا منوفى ولا صعيدى ؟!
ابتسمت وأجبت .. صعيدى .. ابتسم هو ايضاً
وقال : لا هذا ولا ذاك .. انا من بنجلادش
إذن حضرتك تعلمت فى الأزهر !
قال : نعم
................
بعد صلاة الجمعه صعدت الى مسكنى .. اخذت مايلزمنى من ملابس للعمل
وذهبت إلى المطعم .. وانا موقن ان العمل نوع من انواع السعادة للأنسان
فهل وجدت هذه السعادة فى العمل ؟!
وزملاء العمل جديرين بجعل العمل سهل ويسير ومحبب
فهل كان زملاء العمل كذلك ؟!! 

الحلقة الثامنة من مشروع كتابى
( مذكرات معلم مصرى يغسل الأطباق فى أمريكا )
______________________________
تعرف على البشر والعمل فى امريكا !!!
__________________
التزمت بميعادى المحدد فى اول يوم لى فى المطعم .. كنت فى تمام الساعة الثانية من بعد الظهر بداخله ، كان العاملون بالمطعم على علم مسبق بقدومى .. استقبلنى ( راجو) الشاب البنجلاديشى اليافع على غير قوام واجسام اهل بنجلادش اصحاب الأجسام النحيله ، هو فى بنية وقوه امام المسجد البنجلاديشى الذى صليت خلفه صلاة الجمعه منذ قليل .. راجو هذا هو الجندى المجهول فى هذا المطعم ، شعلة نشاط ، يحل محل اى شخص يعمل فى المطعم ، ماعدا العمل مكان عامل الخبز والبيتزا .. تجده فى الشاورما ، وفى الطباخه ، وصنع اجمل أرز باللبن أكلته فى حياتى ، وتراه فى تجهيز طلبات زبائن المطعم والدليفرى ، وايضاً غسيل الأطباق ان لم يجدوا ما يقوم بها .. راجو محبوب من الجميع ويعجبنى انه يملك حق الأعتراض بأدب لأى امر غير مقنع وسليم فى العمل ...
.......
نزلت انا وراجو إلى البدروم ، عبر سلم داخلى فى نهاية المطعم من جهه العمل، راجو ينزل درجات السلم بخفة ودلع وانا انزله برجل بعد رجل ... فالمطعم مقسم إلى قسمين قسم للزبائن وفيه مايقرب من 30 مقعدً على طاولات للأكل ، والقسم الآخر خاص بالعمل وفيه مكان عرض المأكولات وعمودى شاورما الفراخ وشاورما اللحم ، مع بوتجاز ، وفرن ، وثلاجه ، ودولاب للعاملين ..
البدروم وما ادراك مالبدروم .. هنا نصف اليوم فيه تعيش .. هنا 12 ساعة عمل امام حوض كبير ينقسم إلى ثلاثة اقسام ... عرفنى راجو ان كل ماهو معدن فى هذا الحوض ... والأطباق الميلامين فى الحوض الآخر .. وظل راجو يغسل امامى وانا اتعلم منه نسبة الصابون السائل مع وضع المغسول فى اماكنه ووضع الأطباق فى استاند ثم وضعها فى غسالة اطباق كبيره .. لم اجعل راجو يُكمل بقية المهمه فى تعليمى .. وبدأت اعمل بجد ونشاط ...وفى المطعم عند الكاشير توجد شاشة ظاهرة للجميع حتى الزبائن يرونها ، تعرض جميع ارجاع المطعم والعاملين فيه فوق وتحت
...
المربع الذى كنت اعمل فيه تحت الأرض يرتبط بسلمين سلم للمطعم ، والثانى للشارع ..
مايتم غسله او جلبه للغسيل ، يتم عبر سلم المطعم ، والسلم الآخر لأستلام البضاعه وتخزينها فى الثلاجه وفى المساء خروج اكياس القمامه الكبيرة والكثيره امام هذا السلم المجاور لمدخل المطعم .. إذن نسبة الأوكسجين تحت ضئيلة ... ويزداد الأمر سوءً بوجود ماتورين يعملان ليل نهار متور للغلايه وماتور لغرفة الثلاجه ، وكلاهما اصواتهما مزعجة مع عوادمهما التى تزيد الهواء تعكيراً . اضف إلى ذلك مناخ نيويورك غير الصحى : لأنه شديد الحرارة والرطوبة فى فصل الصيف التى تهيج الأعصاب وتكاد تزهق النفوس ...
وفى وسط هذ البدروم طولتان من الأستلس يعمل على احداها ( اليكس ) الشاب المكسيكى المتخصص فى تجهيز شاورما الفراخ واللحمه وقطع الكباب والكفته .. هو فى اثناء عمله له عالمه الخاص به ... امامه الموبايل مفتوح على العابه الألكترونيه .. يترك العمل ويتسمر امام اللعبه حتى نهايتها ... وله جهاز تسجيل سماعاته نقيه جداً ، يفتحه بصوت مرتفع على الإذاعة المكسيكيه تاره وعلى الأغانى تارة أخرى .. وإذا انتهى عمله ينتهى يومه فى المطعم ..
وعلى الطاولة الأخرى تأتى المرأة الحديديه التركية والتى اجتمع فى شخصيتها كلاً من رايا وسكينه معاً ... إنها ( نازك ) ذات الـ56 عاماً والتى يعمل الكل لها الف الف حساب حتى صاحب المطعم نفسه .. تأكل من تحت يديها احلى واجمل طبيخ .. وباباخنوج ، وباذنجان باللحمه ، وباميه ، وبطاطس بالمشروم ، وسلطة الطحينه ، وكل انواع السلطات ... تعمل لمدة 4 ساعات فقط .. ولو تراها وهى تتعامل مع اللحمة بالتشفيه والقطع ... ولا اجدع جزار فى اكبر سلخانه .. ويبدوا ان علاقاتها بالساطور والسكينه واللحوم فقد كونها فى يوم من الأيام انها كانت أنثى او إمرأه ... ولذلك هى قاسية فى التعامل حادة فى الكلام ...
...
كنت اعمل بجد ونشاط امامى الحوض الذى لاينتهى من الأوانى والأطباق .. وإن انتهى اصعد إلى اعلى مراراً وتكراراً اجلب الأطباق والأوانى المراد غسلها .. وهكذا
و خلف منى أليكس فى عالمه ... بين تجهيز عمود الشاورما والألعاب والغناء ..
ونازك فى عملها القاسى بزعيق وغضب ووجه غير مريح ...
.....
نزل ( دالدون ) الشاب الجامايكى مساعد الشيف حسن البنجلاديشى تحت عندى قاصداً دورة المياه .. رأنى وانا اعمل بهذا الحماس فسألنى اشتغلت هذه الشغلانه من قبل ؟!
اجبت بالنفى
فظهرت فى عينيه نظرة اعجاب لما اقوم به وكأننى خبير غسل اطباق
عرف اننى من مصر وعرفت انه من جامايكا
قلت لدالدون
انا زرت جامايكا
استغرب .. ولسان حاله قائلاً .. من هذا الذى يغسل الأطباق ويزور بلدى سياحة ومايزورها إلا علية القوم ...
فقال دالدون سائلاً ماذا زرت ؟! كانه يتشكك
زرت إتشوريوس
فانفرجت اساريره مبتهجاً .. وزاد ابتهاجه وانا اعدد له مازرته من اماكن ومعالم فيها
فقال انا من اتشوريوس نفسها
.....
كان اليكس المكسيكى يسخر من دالدون واصفا بلدة بالمتخلفه التى ليس فيها انترنت ومظاهر تطور .. يسمع دالدون ولا يعقب
وحتى لاانسى اسم دالدون اخرجت ورقه وكتبت اسمه واسم دولته بالغة العربيه ، أراد ان يرى اسمه واسم دولته كيف يكون شكلهما باللغة العربيه .. نظر ... امتعض وجهه مشمئزاً لما رأى !!!
دالدون لم تعجبه اللغة العربيه فى كتابة اسمه واسم دولته
.........
اتخذت لى مكان لأعلى فى المطعم ، بجوار خزائن الملابس ، وبين ارفف الأوانى اصلى فيه واقتنص وقت للراحة بعيداً عن تحت الأرض .. كان راجوا يشدد من عضدى ويمتن لعملى ويشيد بى كلما رأنى .. ولما لا وانا المنقذ له .. فوجودى فى المطعم يجعله يعمل مع الشيفات ويبتعد عن الغسيل المهلك تحت الأرض .. وهو بصدق شاب طيب قلت له راجوا انت قلبك ابيض ..
وكان من وقت لأخر يقول لى : تريد ان تأكل .. ويلح على ان اأكل
كنت بالنسبة لـ راجوا منقذاً كالأسكندر الأكبر بالنسبة للمصرين ، عندما جاء الأسكندر إلى مصر غازيا نظر إليه المصرين نظره المنقذ وليس العدو المحتل لأنه سيخلصهم من حكم الفرس البغيض .. وها انا سأخلص راجوا من تحت الأرض والوقوف امام الحوض البغيض ...
راجوا هندوسى المعتقد .. هنا امريكا فلا مجال لإختلاف المعتقد واللون والديانه ... هنا ينصهر الجميع فى دولة واحدة هى الولايات المتحدة الأمريكيه .. وعلى ارضها مبنى الأمم المتحده التى يستظل تحت كنفها دول العالم كله .. وفى كل مكان امم متحده تراها فى المترو ، فى الشارع ، فى المطعم، فى العمل .. بوتقه هى امريكا انصهر فيها الجميع فكانت دولة قويه مرموقة الجانب ..
كنت اأكد لـ راجوا ان قلبه ابيض ... لا تملك إلا ان تحبه ...
فى امريكا الحياة تتسع للجميع ... مع غلاف يكتنف الكل هو غلاف الحرية .. كنت وانا اصلى فى المطعم يحترمون صلاتى فلا يدنوا منى أحد وأنا اصلى ، حتى لا يشغلنى عن الصلاة ..
.........
كان الشيف حسن وهو بنجلادشى لا يشبه بنى قومه وهو اقرب الشبة من المصريين تماماً .. من اول وهله وقع الحب والتقدير والأحترام بيننا .. كان يُبدى مظاهر الأحترام لى .. وانا من أنا فى وسطهم .. اغسل الأطباق .. وهو من هو شيف هذا المطعم الكبير .. فكان مثل راجو يعرض على الأكل من وقت لأخر او شرب شاى اواى انواع المشروبات الغازية والعصائر فى المطعم .. وكان يذكر لى انها متاحه للجميع ومجانى لا تخف.. عمل لى كوب من الشاى بنفسه .. وعلمنى كيف اقوم بعمله لنفسى وقتما اريد ... كان يأخذ الأطباق بنفسه ويقوم بوضعها فى اماكنها المخصصه امامه .. لم يعملها دالدون الجامايكى معى مره واحدة ...
الشيف حسن قال لى : اسامه انا لا اتعامل مع اى حد هنا من قبل بمثل ما انا اتعامل به معك ، وربط على كتفى مشجعاً .. اعطانى الشيف حسن طاقة ايجابيه ومحاولة حب لمكان العمل .. ووقع حبى وتقديرى له طول مدة ايام عملى فى المطعم ، فالأنسان السوى اسير الكلمة الطيبة والمعروف والكرم .. فإن طلبت وجبة طعامى كانت على اجمل ماتكون وبكل ما اطلب من اى انواع الطعام ... والوجبه الواحدة تكفى ثلاثة افراد .. فكنت أكل بنفس مفتوحه .. ولما لا والطعام ممتاز وطازج .. واللحوم والدواجن مكتوب على الكرتونه كلمة حلال ومذبوحة على الطريقة الأسلامية .. والخضروات مزروعه بأسمدة طبيعيه غير كيماويه
.......
كان سمتى يوحى مع فريق العمل بأن هذا الشخص الذى يغسل الأطباق ليس شخصاً عادياً مسلكه ... ملبسه ... كلامه ... معاملته مع الآخرين
.....
يبقى من زملائى فى العمل وهو الخباز .. البيتزاجى ( هلال ) بنجلاديشى ايضاً عمره 42 عاماً متزوج وعنده اولاد ويعيش فى إحدى القرى التى تبعد عن عاصمة بنجلادش دكا بمسافة قليله
هلال وجهه مكفهر ويقطب جبينه دائماً .. قد يرجع هذا العبوس إلى واقوفه امام الفرن كثيراً يخبز العيش ويصنع البيتزا والخشبورى ( رغيف طويل على شكل قارب مليء بالجبنه ) اكلت الخشبورى هذا عندما زرت جورجيا فهو من اشهر الأكلات هناك .. ومن اطعم ما احببت فى جورجيا من طعام .
هلال هو الذى يفتح المطعم فى الثامنة صباحاً وهو الذى يغلقه فى الثانية عشر من منتصف الليل .. ماذا تنتظر من وجهه إلا العبوس وضيق الخلق .. سألت هلال
كم عام تعمل فى امريكا حتى الآن ؟
اجاب ثلاث سنوات
كم تتمنى ان تقضى من اعوام فيها حتى يتاح لك الأستقرار فى بلدك بين اولادك واسرتك ؟!
اجاب خمس سنوات ..
قلت لهلال : ستطمع بعدها فى عامين آخريين وسيصير عمرك فى الخمسين ...
نفى وأكد على انه لا أمريكا بعد هذه السنوات الخمس .
...
مشكلة هلال هى مشكلة كل مهاجر من دول العالم الثالث إلى دول العالم الأول .. يصبح ترس من تروس عجلة الحياة فى هذا المجتمع لا يكل ولايمل فيه .. كنت اسمع واراقب واحلل الشخصيات والحياة فى المجتمع الأمريكى .. اكاد اُجزم ان هلال بعدما يترك امريكا ويعيش ثرياً فى بلده .. لن يجد وقت يتمتع فيه بما جمع من اموال .. وسيكون النصيب الأكبر من هذه الأموال فى جيوب الأطباء .. وستكون قواة قد خارت وزادت معها خلافاته الزوجيه فيجلس ملوماً محسورا .. ويكتشف فى نهاية الأمر ان الحياة والطمع فيها مجرد سراب !!!
فكثرة البعد زاد الجفاء ... ونضب النبع وجف ... وفقدت المعانى الاسرية الجميله بريقها ورونقها ... ولم يتبقى من سمته إلا العبوس الذى لازمه من هبو لهيب الفرن عند فتحه .
نموذج هلال امر يحتاج صفحات وصفحات لأنه نموذج موجود عند الأكثرية المهاجرة التى تعمل فى الحلم الأمريكى
.........
فى الحادية عشر ليلا يقل الزبائن فى المطعم ، والموجود منهم ينتهى من طعامه ويخرج ولا يستقبل المطعم زبائن آخرين .. وهنا اقوم بإنزال كل ماتبقى من اطباق واوانى واكواب إلى الحوض ومهما كانت الكميه ومهما كان التعب أجد الحماس يدب فى عروقى ويزداد نشاطى وإجتهادى .. ولما لا وهى الساعة الأخير والتى يعلن فيها انتهاء يوم من ايام العمل الشاق ويزداد فيها رصيدى 100 دولار !!!
ولكن اكثر شيء حز فى نفسى ... وكنت افعله وانا مغمض عينى ... واقول سامحنى يارب وهو القاء ماتبقى من عمود الشاورما ، سواء كان شورما اللحم او الفراخ فى الزباله ..
وفى الزباله ايضا القى كل ماتبقى من طبيخ لا يشوبه شائبة سوى انه لم يُباع فى هذا اليوم فقط لاغير ..
ففى الغد كل شيء طازج وجديد .. وهنا النجاح وهنا المصداقية وهنا المكسب .. ولكن اليس من علاج لهذا الطعام الرائع من سبيل بدلاً من الزباله ؟!!!
نعم من يُشهر اى محل فى الدنيا ويجعلة يستمر متمتعاً بسيرة حسنه هو العاملين فيه .. فإن كان اميناً نشروا امانته فذاع صيته وراجت تجارته ..
ولذلك كنت انصح من يعمل معى فى محلى قائلاً : عندما نرمى فى الزبالة نكسب لا نخسر
والنظافه اولاً وأخيراً .. ثم لا تقدم اى شيء للزبائن إلا اذا كنت انت راضى عنه .. ورضاك عنه تعرفه لو عرض عليك لتأكله لأكلت ، او تقدمه لأسرتك بنفس راضية وطيب خاطر .. فلا تقدم للزبائن اى شيء تأنفه .
هذه معادلات النجاح البسيطه والكبيره فى نفس الوقت !!
وانتهى اول يوم .. ورجعت الى الشارع ارى الناس فى الليل والهواء الطلق وانا الذى حرمت منهما طيلة الوقت حيث كنت تحت الأرض .. وتمدت على سريرى ابحلق فى السقف بلا نوام رغم الإجهاد انتظر الصباح ...
وفى الغد يكشر اسامه السباعى عن انيابه فى المطعم ويعلوا صوته ولا يوقفه احد
فماذا حدث ياترى ؟!!!
.....
إحكى ياشهر زاد ... عفواً احكى يا اسامه
وعندئذ ادرك اسامه السباعى الصباح فسكت عن الكلام المباح 
________________

الحلقة التاسعة من مشروع كتابى
( مذكرات مُعلم يغسل الأطباق فى امريكا )
_________________________
انا ... ونازك ... ومبن يكسب ؟!
_________________
صباح جديد ، فى يوم جديد ، يوم السبت الرابع من اغسطس لهذا العام 2018م .. اعدت لنفسى كوب من النسكافيه مع قرص بالعجوه كعادة الصباح ... ثم ارتديت ملابسى قاصداً منهاتن .. حيث عالم نيويورك الحقيقى ... فهذه هى رحلتى .. وهذه ايامى المعدوات فى امريكا .. والتى ما اتيت إليها إلا سائحاً كما اتيتها من قبل مرتين كافضل ما تكون السياحة .. وما كان من أمر هذه الرحلة الثالثة إلا إستثناء .. الأساس فيها سياحى والعمل فيها هو الإسثناء .. ليرى من يحلم بالحلم الأمريكى ماذا يحدث على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطى . فامريكا سياحياً ... وسياحياً فقط كاروع ما تكون كوجهة سياحية ...
......
سرت فى طريقى نحو ركوب المترو ، والسماء فوقى ملبدة بالغيوم ... كنت اريد ان اقتنص سويعات قليلة من الصباح لزيارة مبنى الامم المتحده .. ركوب مترو نيويورك متعة فى حد ذاته ، وهوتاره مابين الزحمه الشديده ... ومابين قلة عدد الركاب .. ولو القيت ببصرك على الركاب .. ترى النسيج البشرى كله فى عربة واحده .. كنت ارى اليابانين والصينين وغيرهم من اصحاب العيون الضيقة والشعرالأسود المسترسل الكثيف كخيوط الحرير ، القادمين من بلاد الشرق الأقصى اكثر عدداً من غيرهم .. ولا يخلو المترو من وسائل الشحاذه المحترمه من امرأة تغنى اوبرالى .. او رجل وزوجته ينشدون .. او شابان يعزفان على ألة الاكورديون ... ولم يبخل الناس عليهم عطفاً ببعض العملات المعدنيه والورقيه ... يتلقاها مع انحنأة شكر للمعطى .. كنت انزل فى محطة شهيره وهامة فى وسط منهاتن هى محطة جراند سنترال ( Grand Central ) وهى المحطة التى تسبق محطة تايم سكوير الشهيره .. ولكى اخرج إلى الشارع كنت امر كثيرأ تحت الأرض حتى اراه ، نظراً لكبر هذه المحطة ..
محطة جراند سنترال محطة جميلة ، تتسم بمعمارها المميز .. ذات نوافذ كبيرة وسلالم ضخمة وثريات تتدلى من اسقف شاهقة .. وهى من معالم نيويورك الشهيرة...
....
كانت الأمطار تهطل بغزاره ...ارتديت بلطوا المطر فهو يلازمنى فى شنطتى ، وسرت فى شارع 42وهو إدى الشوارع العرضيه الهامة فى نيويورك ، والذى ينتهى بمبنى الأمم المتحدة الواقع على النهر الشرقى فى .. كنت اراه لأول مره ، فأخذت كفايتى من الصور للمبنى والشوارع التى تجاوره .. وسألت رجال الأمن عن كيفية زيارته .. فأرشدونى ان اتجه إلى مكتب امنى فى الجهة الأخرى من الشارع اشار بيده إلى مكانه ، تسجل فيها بياناتك وبعدها تدخل المبنى ...
كنت اراقب عقارب ساعتى من وقت لآخر ، ففى الحادية عشرة من قبل الظهر ، هو موعد تركى لمنهاتن ، وركوب المتروعائداً إلى مسكنى .. ثم الذهاب إلى العمل فى المطعم فى تمام الثانية عشر ظهراً ..
مررت أثناء تجولى بشارع
( Park Avennue )
الشارع مغلق امام حركة السيارات ومتاح فقط لراكبى الدراجات والعدو الرياضى .. ما اجمله .. الشارع طويل جداً والجزيرة الوسطى فيه مزينة بالخضره والزهور .. والجرى مع رخات المطر النديه والسماء الرماديه يعيد للمرء شباباً قل أن يجده بطريقة آخرى ...
آه ثم آه لو نهتم بالرياضه فى بلادنا .. فمع كل نادى رياضى ينشأ للشعب سيتم غلق مستشفى مقابله .. وكم اتمتع انا برياضة السويدى والعدو عندما امارسهما فى نادى الشركة فى مدينتى كفر الدوار مع مدربين أكفاء .. ولعل ما مارسته من رياضه جعلتنى اتقبل العمل الشاق فى المطعم لعدة ايام ...
رأيتى وانا اسير نحو محطة المترو برج كرايسلر ومن وجهة نظرى هو اجمل برج فى نيويورك ...
الساعة كانت تحذرنى أن لا أتأخر حتى رجعت سريعاً إلى محطة المترو لأعاود ادراجى كما بدأت .. ارجع إلى مسكنى اأخذ ملابس العمل وأنطلق إلى المطعم ...
كنت فى هذه الجولات الصباحية المتكرره والتى قمت بها كثيراً .. كنت اضحك على نفسى .. فليست هذه سياحة ... مجرد رؤيا لمعالم لا تستطيع ان ترى بدقة وتأنى وتدخل وتسأل وتزور وتتجول ... .فـ طالما الساعة تناديك فلا هدوء ولاراحة .. بل قلق وتوتر ..ولكن الذى كان يشجعنى هو كارت المترو الذى اشتريته فى اول يوم لى فى نيويورك بمبلغ 122 دولار والذى يتيح لى ان اركب المترو والباصات كيفما اشاء .
ولذلك سيأتى يوم بعد ايام قليلة اتجول فيه على راحتى فى كل انحاء نيويورك وخارج نيويورك فى فيلادلفيا والعاصمة واشنطن .. وسوف ادخل مبنى الأمم المتحدة من الداخل واتجول فى كل قاعته .. وسأتحدث عنه فى حينه .
.......
الساعة 12 تماماً دخلت المطعم كل فريق العمل موجود .. وفى توقيتى يأتى دالدون الجامايكى مساعد الشيف حسن
القيت على الجميع التحية ...
السلام عليكم ...
والذى استبشر لمجيئ كان راجو .. يكاد ان يطير فرحاً فإن لم اأتى سيكون مصيرة تحت الأرض ، وليس هذا فقط فلن يتركوه فى ان يساعد كل من فى المطعم تحت اوفوق حسب احتياج العمل له .. الم اقل بالأمس انه الجندى المجهود فى هذا المطعم .. ومع هذا المجهود تراة بشوش الوجه لا يوجد على وجهه اى اشمئزاز او تأفف او ضجر ... ايضاً من يعمل تحت الأرض لا نصيب له من البقشيش .. وإنما يوزع على من يعمل فوق فقط .. فى إحدى الأيام احتجيت على هذا الظلم البين .. فأنا اكبر واحد يكد ويعمل بينكم فلما الحرمان من البقشيش .. الصراحة كنت احتج وخلاص .. لا أنا اريد بقشيش ولا يحزنوه .. احتجيت لمجرد ان يعرفوا اننى لست سلبى لا يطالب بشيء ... ولسان حالة الرضا بالعمل وكفى !!
......
بعدما ارتديت ملابس العمل ، عرضت على الزملاء البوم صور تورت قمت بعملها فى محلى مع بعض الصور السياحية لى فى بلاد العالم كالهند وكوبنهاجن والسويد وباريس وصورة لى فى الفصل بين طالباتى ... لقد تأكدت رؤياهم لى والتى لمستها من الوهلة الأولى ، ان هذا الشخص الذى يغسل الأطباق ليس شخص عادى ، بل له شأن آخر .. كلهم اثنوا على ما رأوى من صور إلا دالدون الجامايكى لقد صدق فيه قول اليكس دائماً : انت متخلف من بلاد متخلفه ليس فيها تكنولوجيا وانترنت وتقدم ... والحق انه ليس كذلك .. لقد عرف دالدون فى الدقائق القليلة التى كنا نغير فيها ملابسنا اننى مُعلم وصاتقن صناعة الحلويات وصاحب محل .. دالدون قال لى مستنكراً ومتعجباً ومشمئزاً ...
طالما انت مدرس وعندك محل حلويات فى بلدك وزرت 39 دوله فى العالم وقد زرت امريكا من قبل مرتين ...
لماذا جئت إلى امريكا ؟ !!!
دالدون عنده حق .. دالدون الجمنى الحُجه .. لم اجد اجابه على سؤاله المنطقى والمُقنع تماماً .....
نزلت إلى تحت لأجد كل اطباق واوانى الصباح على الأرض وعلى الحوض وكراتين فارغه على الارض تعوق الحركه .. وصخب عالى من اغانى ميكسيكيه تزيد المكان ضوضاء وضغط نفسى سيء انه اليكس المكسيكى ، فى عالمه مابين اللعب الألكترونى والاستماع إلى الأغانى والشاورما والكباب ...
كنت اعمل واعمل .. اطلع فوق وانزل تحت .. وكانت الطامة الكبرى فى هذا كله هو الوقت لم يكن يمرسريعاً بالمره .. بل لم يكن يمر أصلاً ... الساعة الواحدة فى العمل بعشر ساعات .. عكس ساعات الصباح التى انتهت كلمح البصر ..
......
الحياة والوقت افضل معلمين للأنسان ، تعلمنا الحياة ان نستخدم الوقت بشكل جيد ، والوقت يعلمنا قيمة الحياة
وكما قال وليم شكسبير
الوقت بطيء للغاية لاولئك الذين يريدون ان ينتهى
وسريع جداً للذين يشعرون بخوف
وطويل جداً للذين هم فى حزن
وقصير جداً لاولئك الذين يحتفلون
لكن لأولئك الذين يحبون فالوقت أبدى !!
اللهم اجعل كل حياتنا حب فى حب يارب
.....
ولأننى كنت اود ان ينتهى اليوم سريعاً ، فلم ينتهى .. وفى الساعة الثالثه من بعد الظهر جاءت نازك السيدة الشيف التركى التى تُكهرب المكان الذى فيه ، شعرت اننى لن اسلم منها ومن اوامرها ومن زعيقها وصوتها المرتفع فى هذا اليوم .. ولانه ممنوع شرب السجائر للعاملين فى المطعم .. اراها تشرب سجائر الكترونيه .. والله البشريه واختراعتها شيء عجب !!! سجائر الكترونيه يابشر !!!
وانا اغسل عن يسارى استاند معدنى اضع فيه الأوانى المغسوله ، السيدة نازاك زمجرت وزعببت وزعقت وكشرت عن انيابها وعلا صوتها على انا ، اعتراضاً على تنظيم الدولاب .. كأنها تريد ان تجعلنى اخشاها من الآن فصاعداً ، فهى لم تجد منى بالأمس اى اهتمام وارادت اليوم ان تعرفنى من هى ؟!!!!!
( انها نازك هانم السلحدار فى ليالى الحلميه )
فما كان منى إلا ان نهرتها وكشرت عن انيابى ايضاً وزعقت لها بكل ما اتيت من قوة .. واستخرجت غلى كله فى طبيعة العمل الذى اقوم به فى نازاك واعطيتها درس لن تنساه فى حياتها كلها ... لكن بأدب ... وبكل ما املكه من مفردات الكلمات السيئة التى اعرفها من اللغة التركيه واللغة الأنجليزيه قلته لها بأعلى صوت وكأننى اسد خرج من عرينة .. نازك تتحدث التركيه مع الاتراك الذين يعملون فى المطعم وهى تتحدث الأنجليزيه كذلك .. وكنت اتحدث اللغة التركيه زمان منذ مايقرب من 30 عاماً ، عندما عملت لمدة عامين مع ثلاثة اتراك فى عمان عاصمة الأردن فى اكبر وافضل حلوانى فى العالم العربى حلوانى ديفان ..
كنت من قبل افكر فى العبارة التى اريد ان اقولها فليس لدى من المهارة التى تجعلنى اتحدث بسرعة .. ومع نازاك لم اكن افكر فى الكلمات التى تخرج من لسانى الكلمات كانت مثل طلقات الرصاص .. ومن خلف نازك وقف راجو يشير لى بأن اصمت ويطبطب على صدره .. ولكنى رفعت صوتى عليه ايضا.. بأن لايشير لى بأى اشاره ..
انت امراة سيئه صعبه .. معقده ..انت سيدة لا تعرفين الأحترام .. فلقد آتيتى منذ قليل ولم تقولى اهلاً لأحد .. انا لست صبى ايتها المرأه .. انا راجل .. وراجل لى مكانه فلتعرفى ذلك جيدا .. من الأن فصاعدا ليس بينى وبينك كلام...
لو نظرت إلى بريق عينى الغاضب وإلى صدق نبرات صوتى الغاضبة .. ما تخيلت ان هذا الشخص الهادى ذو العيون التى تشبه عمر الشريف حيث استدارة سمار العين لأعلى قليلاً جعلت فيه سحر العيون الفرعونيه الجميله ، لو نظرت ما تخيلت ان يخرج منه كمية هذا الغضب على هذه المرأة التى لها اكبر مكانه فى المطعم ...
( نازك بالبلدى كدة لمت الدور معايا )
صدق من قال بالفعل : اطلبوا الموت ... تهب لكم الحياة !!!
نازك بدأت تسمع كلامى وتنفذه على كره منها ، لقد امرتها بأن لا تضع اى شيء فى الحوض .. ضعى ما تريدين غسلة على الأرض ودعى لى الباقى ...
يبدوا ان اليكس وراجو اُعجبوا مما صنعت مع نازك ، ويبدوا ان لهم جميعاً معها مشاكل عديده تكون فيها هى المنتصرة .
....
انشغلت بعملى .. وانشغلت هى بعملها .. وبعد ساعة وانا فوق وهى كذلك استوقفتنى وارادت ان تعطينى شريحة من البيتزا .. فرفضت بطريقة احرجتها
وبعد ساعة أخرى اعطتنى قطعة كبيرة من الشمام فقبلت دون شكرمنى لها ، كنت لازلت متحفظاً معها .. فيكفى قبولى اننى اخذت قطعة الشمام هذه من يديها .. وهى بداية صفحة جديدة من التعامل يغلفها الأحترام المتبادل ...
سألتنى عن عمرى ؟!
57 عاماً
وانت ... ؟!
56 عاما
هى جدة وانا جد
واصبحنا زملاء عمل ... كانت تأتى فتلقى التحيه على ..
( غيرت من طباعها )!!
وان وجدت مالا يروق لها فى العمل تنادينى باسمى .. ( احتراماً لى ) !!
اسامه اعمل كذا وكذا فهذا سهل وايسر وفيه نظام وترتيب مريح ...
( ادب مع جنابى ) !!
حاضر ...
نازك كانت تغير ملابسها امامنا عادى .. على رأى حفيدى مالك ذو الثلاث اعوام عندما يقول على كل شيء : عادى
....
نازك كانت ترانى اصلى من وقت لآخر فسألتنى كم صلاة فى اليوم ؟
وانا اجيبها على سؤالها هذا تركتنى واعطتنى ظهرها .. فقلت لها : لا تسألينى اى سؤال بعد هذا .
وإن سألتينى فلن اجيبك ..
اما صحيح ( bad woman )
كانت تسمع الكلمة منى ولا تُعقب !!
.........
الله الله عندما تأتى الساعة الحادية عشر ليلاً انها نذير انفراجه .. فرحة بالبراءه والتقاط الأنفاس .. ورؤيا الحياة الحقيقيه على الأرض وليس تحت الأرض
........
عمودى الشاورما فيها من شورما الدجاج والفراخ مايكفى لأكثر من 10 افراد .. هذه المره قلت لهم : هل مسموح ان اأخذهم معى .. ؟
خذ الذى تريده .. ولا يهمك ..
اخذت معى الشورما وبعض من الطبيخ الرائع .. ولكن بكل أسف لا يوجد
( أكيله) تلتهم هذا الطعام الشهيى
فملئت الثلاجه منه ...
فهل فى قادم الأيام من احداث فى هذا المطعم تستحق ان تُحكى .. نعم فالجعبه مليئة بما يستحق ان يُروى
____________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق