الصفحات

الأحد، 18 مارس 2018

صدمة نيكسون "Nixon shock".


(قيمة الورقة فئة ١٠٠ دولار وطباعتها لا تكلف اكثر من ١ سنت)
كانت اتفاقية بريتون وودز (Bretton Woods) عام ١٩٤٤، تلك الاتفاقية التي جعلت الدولار هو المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم. حيث تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية في اتفاقية (بريتون وودز) أمام دول العالم بأنها ستمتلك غطاء من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات، وكانت الاتفاقية تنص على من يسلمها خمسة وثلاثين دولارا تسلمه تغطية الدولار من الذهب (أوقية). اي انك اذا ذهبت الى البنك المركزي الامريكي، بامكانك استبدال الـ ٣٥ دولار بأوقية (اونصة) من الذهب وان الولايات المتحدة الأمريكية تضمن ذلك.
وصار يسمى الدولار بعد ذلك عملة صعبة حيث اكتسب ثقة دولية لاطمئنان الدول لوجود تغطيته من الذهب، وجمعت الدول في خزائنها أكبر قدر من الدولارات على أمل تحوليه لقيمته من الذهب في أي وقت أرادوا، واستمر الوضع على هذا. حتى خرج الرئيس ريتشارد نيكسون في السبيعينات على العالم فجأة في مشهد لا يُتصور حتى في أفلام الخيال العلمي ليصدم كل سكان الكرة الأرضية جميعا بأن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب. ليكتشف العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات بعيدا عن وجود غطائها الذهبي وأنها اشترت ثروات الشعوب وامتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبي لها. أي أن الدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها المكاينات الأمريكية ثم تحدد أمريكا قيمة الورقة فقط بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي ١٠ أو ١٠٠ أو ٥٠٠ دولار بحسب ما تريد، بينما الحقيقة الثلاث ورقات هم نفس القيمة والخامة ونفس الوهم فقط اختلف الرقم المطبوع.
خرج الرئيس الأمريكي 1971 و أعلن برنامجه الإقتصادي إزدهار بدون حرب “to create a new prosperity without war” أو صدمة نيكسون "Nixon Shock" ليصدم العالم بأن أمريكا لن تدفع الذهب مقابل الدولار كما وعدت سابقاً و أن سعر الدولار خاضع للمضاربة و العرض و الطلب هو ما سيحدد سعره . حينها أن الدولار سيُعوَّمُ، أي ينزل في السوق تحت المضاربة وسعر صرفه يحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا وقوة اقتصادها. وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة إلا من تلك الخدعة الكبرى التي استغفلت بها العالم، لم تتمكن أي دولة من الاعتراض وإعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد لأن هذا كان سيعني حينها أن كل ما خزنته هذه الدول من مليارات دولارات في بنوكها سيصبح ورقا بلا قيمة. وهي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون. وسميت هذه الحادثة الكبيرة عالميا بصدمة نيكسون "Nixon shock". وقال نيكسون حينها كلمته الشهيرة: "يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، ويجب أن يلعبوها كما وضعناها."
ولا زال النظام قائم حتى اليوم، الولايات المتحدة الأمريكية تطبع ما تشاء من الورق وتستبدلها بما تشاء من بضائع من الشعوب الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق