الصفحات

الأحد، 26 فبراير 2017

عبد الملك بن عياش بن فرج بن عبد الملك بن هارون، أبو الحسن

















































عبد الملك بن عياش بن فرج بن عبد الملك بن هارون الأزدي: قرطبي نزلها أبوه وأصل سلفه من يابرة، أبو الحسن؛ روى عن أبيه، وهو كان القارئ لما يُسمع عليه، و أبي عبد الله بن مسعود بن أبي الخصال وأبي القاسم بن بشكوال.روى عنه ابناه: أبو الحسن علي وأبو محمد عبيد الله، وأبو جعفر بن يحيى وأبو عبيد البكري وأبو محمد بن شعيب القرطبي. وكان أديبا كاتبا بليغا شاعرا مجيدا صدرا في محسني النظم والنثر، بارع الخط جميل الوراقة، روى قطعة صالحة من الحديث وتفقه، ولم يزل على خير حال واستقامة طريقة صدر عمره حتى كان يعرف بالزاهد لورعه وفضله، حتى استكتبه أبو جعفر أحمد بن محمد بن حمدين قاضي الجماعة بقرطبة آخر أيام اللمتونيين وحظي عنده واستخلصه لنفسه لما تقرر عنده من موجبات ذلك. ثم لما همّ أبو جعفر هذا بإثارة الفتنة التي أنشأها بعدُ فرَّ أبو الحسن هذا عن قرطبة ولحق بإشبيلية منقطعا إلى العبادة في بعض روابط قرى إشبيلية على خير متصل، لا يتقوت إلا من مال صديقه أبي الأصبغ الباجي لعلمه بطيب مكسبه لوراثته إياه عن أسلافه؛ فقطع أبو الحسن هذا بحالته هذه مدة، ثم إن أبا إسحاق بزار بن محمد المسوفي العامل بإشبيلية لأبي محمد عبد المؤمن بن علي التمس كاتبا يكتب عنه فدُلّ عليه فلم يرعه وتقية على نفسه، ثم نشب في صحبة الملوك بالكتابة عنهم، وارتسم في جملة خدامهم، وعدل عن طريقته الأولى المثلى، فكتب بعد أبي إسحاق هذا عن الأمير أبي حفص بن عبد المؤمن وتوجه معه إلى تلمسين، ثم عن أبي محمد عبد المؤمن بعد مقتل أبي جعفر بن عطية، ثم عن أبي يعقوب بن عبد المؤمن وهو وال بإشبيلية ونال دنيا عريضة، وكانت له منهم منزلة جليلة وكان ممدحا وأصر إليه أبو عبد الله بن زرقون. قال صاحبه أبو الأصبغ الباجي المذكور: دخلت إليه أعوده في مرضه الذي توفي منه قبل وفاته بثلاثة أيام، فأنشدني لنفسه متندما من أفعاله وسوء انقلابه: عصيت هوى نفسي صغيرا فعندما رمتني الليالي بالمشيب وبالكبر
 أطعت الهوى، عكس القضية ليتني خلقت كبيرا وانتقلت إلى الصغــــر
 وتوفي بعد ذلك بثلاثة أيام ودفن بمقبرة مشْكة، وعسى الله أن يسمح له ويتجاوز عنه بتندمه. قال المصنف عفا الله عنه: وعلى ذكر هذين البيتين
 فقد تبعه ابنه أبو الحسن علي فقال:
 أبي قال قولا سار في البدو والحضر وخلّف في الباقين ذكرا وقد غَبَــرْ
 وأسف إنسانا أوان اقتبالـــه وخاف من التقصير في حيِّــز الكبــر
 لذلك مــا والى أنينا وزفـــــــرة وأصبح يهوي أن يُعادَ إلى الصغــــــر
هنيئا له إن لم يكن كابنه الـذي أطاع الهوى في الحالتين وما ائتمر
وذيلها شيخنا أبو الحسن الرعيني، رحمه الله، بقوله وأنشدنيه:

ويهنيه أن أبدى اعترافــــــا وغدرةً وتُغفر للجاني الذنوبُ إذا اعتــــذر
 وتلاهما ابنه أبو محمد عبد الله بن أبي الحسن عبد الملك فقال:

أطعت هوى نفسي زمان شبيبتي فأرجو المتاب ليوم في زمن الكبر
 إذا كنتَ سنّ الشيب بـرا فمنة بها يغفر الرحمن ما كان في الصغر


 وضمّن القاضي الحسيب أبو أمية بن عفير رحمه الله عجز الثاني من بيتي أبي الحسن عبد الملك المبدوء بهما، فقال في معنى اقتضاه، وقد أنشدنيهما ابنه القاضي أبو الوليد، رحمه الله عنه:
يسارى أغناني صغيرا عن الــــورى وألجأني الإقتار في حالــــــة الكبر
فأولى بحالي قولُ من قال: ليتني خلقت كبيرا وانتقلت إلى الصغر
وقرأت على شيخنا أبي الحسن الرعيني رحمه الله، وأنشدني ابن بقي يعني شيخه أبا القاسم فيما أذن لي فيه قال: أنشدني أبو عبيد البكري قال: أنشدني الكاتب أبو الحسن بن عياش لنفسه: عصيت هوى نفسي.. البيتين، قال أبو الحسن شيخنا: قلت زاد ابنه أبو الحسن: هنيئا له... البيت؛ قال: وزدت أنا ويهنيه... البيت. قال المصنف عفا الله عنه: وكتابة أبي الحسن هذا بارعة وشعره رائق ومنها ما خاطب به القاضي ابن أبي بكر: يا من ترنح للعمياء مِعْطَفُـــــهُ ترنُّحَ الغصن بين الريح والمطر ومن إذا حاجة راحت براحتـــه أذكى لها أعينا ندّت عن السهر لا أَعْدَمَنْك انتهاضا لي بمثقلـة في مثلها أحجم المقدار من خور حملتها لم تلذْ فيها بمعـــــذرة في ساعة لاذ فيها القوم بالعذر بل بسطت لها، دام عزك، يد الاستدعاء، وبوّأتها كنفَ الاسترعاء، وشريت بها صانع الشكر، وخالص الذكر، حرصا على فضيلة تعقد بلمتك، وتنتسب إلى شرف همتك، وتثق في معرض الابتياع بوفور ذمتك وما أخبرت إلا عن ما أعطى الاختبار حقيقته، وأبرز شقيقته، وحسبي وقد وضعت عنك إصرا من أصاري، وأقمت بك عَمَدَ استظهاري، و جعلتك في حاجة النفس مركز مداري، فالفيتك حيث ألقى الامل بجرانه، وقد سرى عاكف لحظه وواقف انسانه، سميعا للنداء، سمحا بصفة الابتداء، فاستوجبت الشك حقا مكتوبا، واقتضيته أنواعا وضروبا، وشغلت به الأوقات لزوما ودؤوبا، والسلام الأتّم يخصكم و رحمة الله وبركاته. توفي سنة ثمان وستين وخمسمائة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق