الصفحات

السبت، 29 نوفمبر 2014

نماذج من الظلمة الذين أخذهم الله


  
وإن من أكبر الطغاة الظلمة الذين عجل الله لهم العذاب فرعون
الذي جعله نموذجاً سبحانه وتعالى لغيره من الطغاة:

 { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ
يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }
استطال تعدى الحد بلغ به السفه أن قال:

{ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }

{ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي }
فماذا كانت العاقبة ؟

{ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى }
وقال تعالى:

{ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين }
فوضع الله تعالى حداً للبغي والفساد، والله للظالمين بالمرصاد.

من الظلمة الذين مروا في التاريخ قارون 
الذي بغى على قومه لما آتاه الله من الكنوز ما تنوء بثقله العصبة أولو القوة،
كما بغى عليهم بجبروت الخبرة كما ظن والذكاء والعلم الذي عنده
فماذا كانت النتيجة ؟

{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ
وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ }

وأبرهة صاحب الفيل
 الذي بنى كنيسة بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها ويجعل العرب
يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا حصل ؟ 
صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة،
فأراد أن يأتي البيت ويهدمه حجراً حجراً، فماذا فعل الله به ؟
أرسل طيراً أبابيل جماعات جماعات تحمل الحجارة وترمي أبرهة
وجنوده بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل الفرخ فرخ الطائر فمات هناك
وقد هلك أكثر جيشه وانتهى،
إلى أي منتهى كان أمر أبي جهل فرعون هذه الأمة وأمية بن خلف رأس الضلال ؟
وكذلك الملأ والكبراء من قريش الذين بغوا في الأرض فاشتدت وطأتهم
على المسلمين الأولين والمؤمنين الصادقين ساموهم سوء العذاب،
أخرجهم الله في بدر ليذوقوا وبال أمرهم،
خرجوا متطاولين على الله مغترين بأنفسهم، معهم القينات
والخمور وسنضرب ونضرب بعد الانتصار، فأسفرت المعركة
عن هلاك الظالمين وقطع دابرهم وانتهت بالنصر والتمكين للمؤمنين،
ورميت جثث هؤلاء الكفرة في قليب منتن،
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يري الصحابة مصارع هؤلاء الكفرة
قبل أن يقتلوا، فوالذي بعثه بالحق ما أخطئواالحدود التي حد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا في بئر بعضهم على بعض
الجزاء من جنس العمل، دعوة المظلوم تسري بالليل والظالم غافل
والله ليس بغافل، كان أحد الظلمة أميراً على بلد ظلوماً متجبراً سفاكاً للدماء
مصادراً للأموال خبيث العقيدة، عج الخلق فيه إلى الله،
وكثر ابتهال أهل دمشق من هذا الذي سمي جيش ابن محمد بن صمصامة،
يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء: ابتلي بما لا مزيد عليه،
ضربه الله بالجذام، حتى ألقى ما في بطنه، 
وكان يقول لأصحابه: اقتلوني ويلكم أريحوني من الحياة،

{ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }
وفي التاريخ المعاصر عبر في مصارع الظالمين:
كيف كانت نهاية هتلر وموسيليني وذلك الطاغية الذي كان في بلاد الصرب
وعاث فساداً في بلاد المسلمين، وغيره وغيره من الطغاة
الذين ذهبوا أذلهم الله أخزاهم.

وما من يد إلا يد الله فوقها     ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم

ولذلك من سنن الله:

{ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا }
يسلط ظالماً على ظالم :
نهاية ظالم كان أن وضع مسدساً في فمه وأطلق رصاصة على نفسه
فتهشم وجهه تماماً، وضع حارسه جثته في حفرة عميقة وصب الزيت
عليها وأشعل فيها النار.
كمال أتان الترك الذي ألغى الخلافة العثمانية،
وكان معادياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه، 
ومنع أعياد الفطر والحج والأذان واللغة العربية، وأصدر أمراً بتحويل
مسجد أياصوفيا إلى متحف، وكان سكيراً عربيداً ماجناً فاحشاً،
ابتلاه الله بكائنات دقيقة لا ترى بالعين،
أصيب بتليف في الكبد فذاق مر العذاب ثلاث سنوات حتى قبض جاحداً
ظالماً ملحداً، هكذا في ظاهر الأمر.
وتسلط ظلمة بعده على عباد الله المسلمين وساموهم سوء العذاب
وألوان النكال التي لا تخطر ببال، وكان فيهم من الفرعنة والقسوة والكفر،
حتى في عباراتهم، حتى قال قائل لهم: لو نزل ربكم من السماء
لأسجننه معكم في الزنزانة، فماذا فعل الله به؟ 
اصطدمت سيارته بسيارة محملة بالحديد فدخلت أسياخ الحديد في رقبته
وجسده وجعل يخور كالثور، فما استطاعوا أن يخلصوا جسده
من أسياخ الحديد التي نشبت به إلا بتقطيع لحمه وتمزيقه ليذهب هالكاً،
 إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا.

ومن فراعنة العصر من لا يزال يئن يتمنى الموت ولا يجده،
يتكبرون على الله، يقتلون خلقه، يغتصبون البلاد، يعذبون البلاد،
يشردون الآمنين، ويعيثون في الأرض الفساد، والله يصب عليهم العذاب صباً
في الدنيا قبل الآخرة:

{ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }
 وعذاب الآخرة أشد قال تعالى:

{ لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ }

وقال:

{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }
كان صفوان بن محرز رحمه الله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديداً،
هذا على مستوى الأفراد، والقصص في هذا كثيرة،
وإذا كان الظلم على مستوى الأفراد والعقوبة النازلة عليهم يشهدها
بعض الناس كما نسمع فإن العقوبة تنزل أيضاً على الأمم المكذبة الظالمة،
وسنة الله جارية في عموم الظلمة.
وأخبار الظالمين وما جرى لهم في الأمم المعتدية كثيرة،
قال تعالى:

{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ }
 وقال:

{ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا }
وقال:

{ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ }
وقد عاقب الله أمم بأنواع من العقوبات:

{ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا
وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ
وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

عاقب الله أقواماً بالصاعقة بصوت شديد من الجو
ونار تنزل عليهم من السماء:

{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }
قوم شعيب ظلة مثل الغيم فوقهم سحب تقصفهم بالصواعق،
عذاب يوم الظلة، عاقب الله بعض الأمم بالرجز بالعذاب بالغضب بالطاعون:

{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }
عاقب قوماً بالرجس والسخط قال:

{ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ }
عاقب قوماً بالمسخ وتشويه الخلقة، لما جاهر بعض بني إسرائيل بالمعاصي

{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ }
 تحايلوا على شرع الله

{ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }
عذب قوماً بريح صرصر باردة شديدة الهبوب، عاد استكبروا وطغوا:

{ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً }
فأرسل عليهم إعصاراً:

{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا }
يعني: متتابعات

{ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }
 أرسل على أهل سبأ سيل العرم مزق ملكهم وأزال نعمتهم
وأغرقهم بماء سدهم وجعلهم عبرة:

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ }
وقال:

{ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ }
سيرة بين الناس، قوم شعيب لما ظلموا بأنواع من الظلم عاقبهم الله
بأنواع من العذاب عذاب يوم الظلة، سحابة أظلتهم فاجتمعوا تحت
فأحرقتهم في يوم شديد الهول،
 وبالصيحة فقال:

{ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ }
وبالرجفة والزلزلة قال:

{ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

{ الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا
 الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ }

وقال سبحانه بعدما ذكر عاقبة الظالمين ومصارعهم:

{ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
 


درجات الظلم
الظلم درجات والظالم له أعوان، الظالم له جنود، الظالم له أتباع،
والله عز وجل يخذل الجميع، هؤلاء يعينون هؤلاء

{ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِين }
 يعينونهم على باطلهم، ويوم القيامة سيلعن بعضهم بعضاً:

{ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا
إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ }
جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله في الحبس وهو سجان قال:
يا أبا عبد الله !
الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ 
قال: نعم،
قال السجان: فأنا من أعوان الظلمة؟ 
قال له: أعوان الظلمة من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك،
ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن أنفسهم،
 فالسجان يقول لأحمد: أنا من أعوان الظلمة،
أحمد يقول له: أنت من الظلمة أنفسهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال غير واحد من السلف:
أعوان الظلمة من أعانهم ولو أنه لاقى لهم دواة أو برى لهم قلماً،
ومنهم من كان يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم،
وأعوانهم هم من أزواجهم المذكورين في الآية،
فإن المعين على البر والتقوى من أهل ذلك والمعين على الإثم
والعدوان من أهل ذلك.
وإذا كانت الشريعة حرمت الركون إلى الظالم ومداهنة الظالم
والميل إلى الظالم فكيف إثم من يعينه ؟ 
قال ميمون بن مهران رحمه الله:
الظالم والمعين على الظلم والمحب له سواء.

نهاية الظالمين أليمة
من السنن الإلهية أيها الإخوة الأخوات:
أن الله تعالى لا بد أن يأخذ الظالم ولو بعد حين، 
جرت عادة الله في خلقه أنه سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل،
ونهاية الظالمين أليمة، والمتأمل في سيرهم في القرآن الكريم
 يجد في مصارعهم عبرة وعظة،
 ولا يبالي الله في أي واد يهلكون، ويخزيهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
وقد جعل الله عقوبة الظلم والبغي معجلة في الدنيا قبل الآخرة لشناعة الظلم
وكثرة أضراره

( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا
مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم )
البغي والظلم، وعلى الباغي تدور الدوائر فيبوء بالخزي ويتجرع مرارة
 الذل والهزيمة وينقلب خاسئاً وهو حسير لم يبلغ ما أراد ولن يظفر بما رجا،
أقرب الأشياء صرعت الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم.
اقتضت سنة الله تعالى وهو الحكم العدل هلاك الظالمين ومحق المعتدين
وقطع دابر المفسدين،
سواء كان الظالم فرداً أو جماعة، حزباً أو طائفة،
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:

[ الغالب أن الظالم تعجل له العقوبة في الدنيا
وإن أمهل فإن الله يملي له حتى إذا أخذه لم يفلته ]

 وقد قال بعض أكابر التابعين لرجل:

[ يا مفلس فابتلي القائل بالدين والحبس بعد أربعين سنة ]
وضرب رجل أباه وسحبه إلى مكان فقال الذي رآه بعد ذلك:
إلى هاهنا رأيت هذا المضروب قد ضرب أباه وسحبه إليه،
فسبحان من هو قائم على كل نفس بما كسبت، وسبحان من هو بالمرصاد،
وسبحان الحكم العدل الذي لا يجور، وسبحان من بيده موازين
ومقاليد الأمور، يفعل ما يشاء ويحصي على العباد مثاقيل الذر،
وكما تدين تدان.

فجانب الظلم لا تسلك مسالكه   عواقب الظلم تخشى وهي تنتظر
وكل نفس ستجزى بالذي عملت   وليس للخلق من ديانهم وطر .

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق