الصفحات

الاثنين، 21 يوليو 2014

ما هي الديموقراطية؟ و هل توجد انظمة ديموقراطية في العالم؟



نحن نعتمد السياسة لاتخاذ القرارات في عالمنا الحالي. و في العادة فاننا نسمي الانظمة التي تنتخب السياسيين الذين يفترض انهم يمثلون اغلبية افراد المجتمع بانها انظمة ديموقراطية. السياسيين الذين ياتون الى الحكم لا يقومون بتغيير الاشياء لجعلها تناسب حياة اغلبية افراد المجتمع و توفر الرفاهية للجميع, بل انهم في الحقيقة يديرون المقدسات الاقتصادية للمجتمع و يحافظون على طريقة الحياة السائدة التي يقرها الدستور الذي يقرر مسبقا قوانين اللعبة الاجتماعية. ان كل ما يقوم به رجال السياسة هو التلاعب قليلا بالقرارات المتعلقة بالنقود و الاموال الضريبية و دخل الحكومة و بعض القوانين التي تهدف في افضل الاحوال الى اصلاح بعض الامور في اطار العالم الموجود المقرر سلفا. لا تهدف الانتخابات الى تغيير الاشياء بل الى ابقائها كما هي عليه.
في الانظمة الديموقراطية التي شهدتها البشرية حتى الان, لا يتجاوز الامر حق النقد و التعبير عن الراي و تخويل السياسيين الجدد لاقرار الميزانية الجديدة التي ربما تحتوي على بعض التسهيلات لصالح الفقراء. و هنالك حقوق دستورية في افضل الديموقراطيات تضمن حق الاضراب و التظاهر الى الحد الذي لا يؤدي الى تغيير الاشياء بشكل جذري لان السلطات تجد نفسها مضطرة في مثل هذه الظروف استخدام العنف اللازم لوقف هذه التجاوزات بالحديد و النار اذا اقتضى الامر.
ان الديموقراطية ترتبط في ذهن اغلبية الناس بالحرية و المساواة و العدل و الحق و الخير و اشياء اخرى من هذا القبيل. اما الديموقراطية كممارسة فانها في الحقيقة تتنافى مع جميع هذه الاشياء. فالمجتمعات الديموقراطية في اوربا مثلا تقوم بانتخاب الاحزاب التي تقوم في اليوم الثاني من انتخابها باعلان التقشف و سياسات الاستقطاع و الافقار. و على سبيل المثال, الديموقراطية في اسبانيا ادت الى انتخاب حكومة اعلنت سياسة التقشف التي ادت الى افقار الناس و من ثم ارسلت الحكومة نفسها الشرطة الى 800 الف اسرة خلال عامها الاول لاخلاء منازلهم لصالح البنوك لان ضحايا سياسات التقشف الحكومية لم يكن لديهم القدرة على دفع ديونهم للبنوك. و عندما اعترضت الجماهير على ذلك ارسلوا شرطة مكافحة الشغب اليهم.
السياسة عبارة عن ممارسة لعملية فاسدة في عالم فاسد. ممارسة البشر للسياسة هو نتاج لفساد نظامنا الاجتماعي, و انحطاط القيم و العلاقات بين البشر بسبب قيمنا الاقتصادية و الاجتماعية السائدة. لذلك فان ربط الديموقراطية بالسياسة و بالانتخاب و التمثيل هي احدى الاوهام السائدة التي تنتشر حتى الان في عالمنا و تتسبب في بقاء معاناة البشر.
ان عالم يسوده الحرية و العدالة و المساواة هو ليس العالم الذي تقوم في التصويت فيه للتاكيد على حصولك على ابسط حقوقك البيولوجية, و هو لذلك عالم ليس فيه سياسيين و لا يصدر القرارات فيه استنادا الى الاراء الشخصية و التصويت عليه. فهل من المنطقي ان تقوم الشعوب بالتصويت على اذا كان من حقها الحصول على الرعاية الصحية المجانية؟. و هل من المنطقي ان نقوم بالتصويت على اذا كان من حقنا الحصول على الغذاء و المسكن و الماء في عالم يستطيع توفير كل ذلك لكل انسان؟ هل من المنطقي ان تقوم الشعوب بالتصويت لانظمة ترسل الجيوش لتدمير و نهب شعوب اخرى و تستخدم العنف في قمع مطاليبها و تبني السجون في الوقت الذي تحرم المجتمع من حق السكن و الرعاية الصحية؟
الديموقراطية الحقيقية التي ترتبط في اذهاننا بالحرية و المشاركة في القرار هي ان نقيم عالما لا يستند الى الاراء الشخصية او السياسة في اصدار القرارات, بل ان يستند الى المنهج العلمي في التفكير لايجاد افضل السبل لتوفير حاجات كل انسان على سطح هذا الكوكب بافضل شكل استنادا الى قدراتنا العلمية و الموارد التي في حوزتنا. حاجاتنا البيولوجية و الحياتية من غذاء و سكن و ملبس و رعاية صحية و تعليم و الحب و الامان و السلام و التعاون و غيرها من امور ليست مواضيع للتصويت لنرى اذا ما كنا سنحصل عليها ام لا. بل هي حاجات طبيعية ينبغي توفيرها و تحقيقها بافضل شكل استنادا الى ما لدينا من معرفة علمية و موارد طبيعية. نحن بمقدورنا الان اقامة عالم يوفر جميع حاجاتنا الانسانية الضرورية و من المخجل اننا ما زلنا نصوت للاختيار بين اطراف سياسية احلاهما مر. و ان نمنح الشرعية لمن يحق له ان يسرقنا في السنوات الاربعة المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق