الصفحات

السبت، 29 مارس 2014


6- باب في الاستقامة([1])


قَالَ الله تَعَالَى : ) فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ( [ هود : 112 ] ، وَقالَ تَعَالَى :  ) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ( [ فصلت : 30- 32 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( [ الأحقاف : 13-14 ] .
85- 72- وعن أبي عمرو ، وقيل : أبي عَمرة سفيان بن عبد الله T ، قَالَ :
قُلْتُ
 : يَا رَسُول الله ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَولاً لاَ أسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ . قَالَ (( قُلْ : آمَنْتُ بِاللهِ ، ثُمَّ استَقِمْ )) رواه مسلم .
86- 73- وعن أبي هريرةَ T ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بعَمَلِهِ )) قالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُول الله ؟ قَالَ :    (( وَلاَ أنا إلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَني الله برَحمَةٍ مِنهُ وَفَضْلٍ ))([2]) رواه مسلم .
وَ(( المُقَاربَةُ )) : القَصدُ الَّذِي لا غُلُوَّ فِيهِ وَلاَ تَقْصيرَ ، وَ(( السَّدادُ )) : الاستقامة والإصابة . وَ(( يتَغَمَّدني )) : يلبسني ويسترني .
قَالَ العلماءُ : مَعنَى الاستقامَةِ لُزُومُ طَاعَةِ الله تَعَالَى ، قالوا : وهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِم ، وَهِيَ نِظَامُ الأُمُورِ ؛ وبِاللهِ التَّوفِيقُ .





([1]) الاستقامة : هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى ، كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص . شرح رياض الصالحين 1/302 .
72- أخرجه : مسلم 1/47 ( 38 ) . أي الإيمان بوجود الله عز وجل وبربوبيته وبأسمائه وصفاته وأحكامه وأخباره، واستقم على شريعة الله. شرح رياض الصالحين 1/304.
73- أخرجه : البخاري 7/157 ( 5673 ) ، ومسلم 8/141 ( 2816 ) ( 76 ) .
([2]) في الحديث : أن الإنسان لا يعجب بعمله مهما كان ، وفيه الإكثار من ذكر الله وسؤال الرحمة ، وفيه حرص الصحابة على العلم . شرح رياض الصالحين 1/306 .  

7- باب في التفكر([1]) في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى
وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس
وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة

قَالَ الله تَعَالَى : ) إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ( [سـبأ :46 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ ( الآيات[ آل عمران : 190-191]، وَقالَ تَعَالَى : ) أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ( [ الغاشية :17-21 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا ( الآية[ القتال : 10] . والآيات في الباب كثيرة .






([1]) التفكر : هو أن الإنسان يعمل فكره في الأمر حتى يصل فيه إلى نتيجة ، وقد أمر الله به . شرح رياض الصالحين 1/307 . 


8- باب في المبادرة إلى الخيرات
وحثِّ من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد


قَالَ الله تَعَالَى : ) فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ( [ البقرة : 148 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( [ آل عمران : 133] .
87- 74- وأما الأحاديث : فالأولُ : عن أبي هريرة t : أن رَسُول الله r ، قَالَ : (( بَادِرُوا بِالأعْمَال فتناً كقطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ ، يُصْبحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً ، وَيُمْسِي مُؤمِناً ويُصبحُ كَافِراً ، يَبيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا )) رواه مسلم .
88- 75- الثَّاني : عن أبي سِروْعَة - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبةَ بن الحارث t ، قَالَ : صَلَّيتُ وَرَاءَ النَّبيّ r بالمَدِينَةِ العَصْرَ ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعاً ، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ ، فَخَرَجَ   عَلَيهمْ ، فَرأى أنَّهمْ قَدْ عَجبُوا مِنْ سُرعَتهِ ، قَالَ: (( ذَكَرتُ شَيئاً مِنْ تِبرٍ عِندَنَا فَكَرِهتُ أنْ يَحْبِسَنِي فَأمَرتُ بِقِسْمَتِهِ ))([1]) رواه البخاري .
وفي رواية لَهُ: (( كُنتُ خَلَّفتُ في البَيْتِ تِبراً مِنَ الصَّدَقةِ فَكَرِهتُ أنْ أُبَيِّتَهُ ))(( التِّبْرُ )) : قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ .
89- 76- الثالث : عن جابر t ، قَالَ : قَالَ رجل للنبي r يَومَ أُحُد : أَرَأيتَ إنْ قُتِلتُ فَأَيْنَ أَنَا ؟ قَالَ : (( في الجنَّةِ )) فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى  قُتِلَ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
90- 77- الرابع : عن أبي هريرة t ، قَالَ : جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ r ، فَقَالَ : يَا رسولَ الله ، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْرَاً ؟ قَالَ : (( أنْ تَصَدَّقَ وَأنتَ صَحيحٌ شَحيحٌ ، تَخشَى الفَقرَ وتَأمُلُ الغِنَى، وَلاَ تُمهِلْ([2]) حَتَّى إِذَا بَلَغتِ الحُلقُومَ قُلْتَ لِفُلان كذا ولِفُلانٍ كَذا ، وقَدْ كَانَ لِفُلانٍ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( الحُلقُومُ )) : مَجرَى النَّفَسِ . وَ(( المَرِيءُ )) : مجرى الطعامِ والشرابِ .
91- 78- الخامس : عن أنس t : أنَّ رسول الله r أخذ سيفاً يَومَ أُحُدٍ ،   فَقَالَ : (( مَنْ يَأخُذُ منِّي هَذَا ؟ )) فَبَسطُوا أيدِيَهُمْ كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ : أَنَا أَنَا . قَالَ : (( فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه ؟)) فَأَحْجَمَ القَومُ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ t : أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ ، فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ . رواه مسلم.
اسم أبي دجانةَ : سماك بن خَرَشة . قوله : (( أحجَمَ القَومُ )) : أي توقفوا . وَ(( فَلَقَ بِهِ )) : أي شق . (( هَامَ المُشرِكينَ )) : أي رُؤُوسَهم .
92- 79- السادس : عن الزبير بن عدي ، قَالَ : أتينا أنسَ بن مالك t فشكونا إِلَيْه مَا نلقى مِنَ الحَجَّاجِ . فَقَالَ : (( اصْبرُوا ؛ فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ حَتَّى تَلقَوا رَبَّكُمْ )) سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ r . رواه البخاري .
94- 80-  الثامن : عَنْهُ : أن رَسُول الله r ، قَالَ يَومَ خيبر : (( لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ )) قَالَ عُمَرُ t : مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلاَّ يَومَئِذٍ ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أنْ أُدْعَى لَهَا ، فَدَعا رسولُ الله r عليّ بن أبي طالب t فَأعْطَاهُ إيَّاهَا ، وَقالَ : (( امْشِ وَلا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفتَح اللهُ عَلَيكَ )) فَسَارَ عليٌّ شيئاً ثُمَّ وَقَفَ ولم يلتفت فصرخ : يَا رَسُول الله ، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ ؟ قَالَ : (( قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إله إلاَّ اللهُ ، وَأنَّ مُحَمداً رسولُ الله ، فَإِذَا فَعَلُوا فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بحَقِّهَا ، وحسَابُهُمْ عَلَى الله )) رواه مسلم .
(( فَتَسَاوَرْتُ )) هُوَ بالسين المهملة : أي وثبت متطلعاً .




74- أخرجه : مسلم 1/76 ( 118 ) . وفي الحديث : الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة .
75- أخرجه : البخاري 1/215 ( 851 ) و20/140 ( 1430 ) .
([1]) في الحديث : جواز تخطي الرقاب بعد السلام من الصلاة ولا سيما إذا كانت لحاجة ، بخلاف تخطي الرقاب قبل ، فإن ذلك منهي عنه ، لأنه إيذاء للناس ، وفيه أن النبي r كغيره من البشر يلحقه النسيان ، وفيه المبادرة إلى أداء الأمانة . شرح رياض الصالحين 1/323 .  
76- أخرجه : البخاري 5/121 ( 4044 ) ، ومسلم 6/43 ( 1899 ) ( 143 ) . وفي الحديث : ثبوت الجنة للشهيد .
77- أخرجه : البخاري 2/137 ( 1419 ) ، ومسلم 3/93 ( 1032 ) .
([2]) أي لا تترك الصدقة .
78- أخرجه : مسلم 7/151 ( 2470 ) ( 128 ) .
79- أخرجه : البخاري 9/61 ( 7068 ) .
80- أخرجه : مسلم 7/121 ( 2405 ) .


9- باب في المجاهدة


قَالَ الله تَعَالَى : ) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ( [العنكبوت : 69 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ( [ الحجر : 99 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ( [ المزمل : 8 ] : أي انْقَطِعْ إِلَيْه ، وَقالَ تَعَالَى : ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً    يَرَهُ ( [ الزلزلة : 7 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ( [ المزمل : 20 ] ، وَقالَ تَعَالَى : )وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ ( [ البقرة : 273 ] والآيات في الباب كثيرة معلومة .
95- 81- وأما الأحاديث : فالأول : عن أبي هريرة t ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله r : (( إنَّ الله تَعَالَى قَالَ : مَنْ عادى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا ، وَإنْ سَأَلَني أعْطَيْتُهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ )) رواه البخاري .
(( آذَنتُهُ )) : أعلمته بأني محارِب لَهُ . (( اسْتَعَاذَني )) روي بالنون وبالباءِ .
96- 82- الثاني : عن أنس t ، عن النَّبيّ r فيما يرويه عن ربّه U ، قَالَ : (( إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْراً تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعاً ، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَربْتُ مِنهُ بَاعاً ، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))([1]) رواه البخاري .
97- 83- الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله r : (( نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ ، وَالفَرَاغُ )) رواه البخاري .
98- 84- الرابع : عن عائشة رَضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ r كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ([2]) قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله ، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : (( أَفَلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْداً شَكُوراً )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، هَذَا لفظ البخاري .
ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة .
99- 85- الخامس : عن عائشة رضي الله عنها ، أنَّها قَالَتْ : كَانَ رَسُول الله r إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيلَ ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَر . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
والمراد : العشر الأواخر مِنْ شهر رمضان . و(( المِئْزَرُ )) : الإزار ، وَهُوَ كناية عن اعتزالِ النساءِ . وقيلَ : المُرادُ تَشْمِيرُهُ للِعِبَادةِ ، يُقالُ : شَدَدْتُ لِهَذَا الأمْرِ  مِئْزَري : أي تَشَمَّرْتُ وَتَفَرَّغْتُ لَهُ .
100- 86- السادس : عن أبي هريرة t ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله r (( المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ([3]) . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، واسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ . وَإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أنّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدرُ([4]) اللّهِ ، وَمَا شَاءَ فَعلَ ؛ فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ )) رواه مسلم .
101- 87- السابع : عَنْهُ : أنَّ رَسُول الله r ، قَالَ : (( حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية لمسلم : (( حُفَّتْ )) بدل (( حُجِبَتْ )) وَهُوَ بمعناه : أي بينه وبينها هَذَا الحجاب فإذا فعله دخلها .
102- 88- الثامن : عن أبي عبد الله حُذَيفَةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ r ذَاتَ لَيلَةٍ فَافْتَتَحَ البقَرَةَ ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ ، ثُمَّ مَضَى . فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا في ركعَة فَمَضَى، فقُلْتُ : يَرْكَعُ([5]) بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً: إِذَا مَرَّ بآية فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ )) فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحواً مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (( سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ )) ثُمَّ قَامَ طَويلاً قَريباً مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَقَالَ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى )) فَكَانَ سُجُودُهُ قَريباً مِنْ قِيَامِهِ . رواه مسلم .
103- 89- التاسع : عن ابن مسعود T ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ R لَيلَةً ، فَأَطَالَ القِيامَ حَتَّى هَمَمْتُ بأمْرِ سُوءٍ ! قيل : وَمَا هَمَمْتَ بِهِ ؟ قَالَ : هَمَمْتُ أنْ أجْلِسَ وَأَدَعَهُ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
104- 90- العاشر : عن أنس T ، عن رَسُول الله R ، قَالَ : (( يَتْبَعُ المَيتَ ثَلاَثَةٌ : أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَملُهُ ، فَيَرجِعُ اثنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ : يَرجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ ، وَيَبقَى عَملُهُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
105- 91- الحادي عشر : عن ابن مسعود T ، قَالَ : قَالَ النَّبيّ R : (( الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ([6]) ، وَالنَّارُ مِثلُ ذلِكَ )) رواه البخاري .
106- 92- الثاني عشر : عن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ خادِمِ رَسُول الله R ، ومن أهلِ الصُّفَّةِ([7]) T ، قَالَ : كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رسولِ الله R فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ : (( سَلْنِي )) فقُلْتُ : اسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ . فَقَالَ : (( أَوَ غَيرَ ذلِكَ )) ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : (( فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ )) رواه مسلم .
107- 93- الثالث عشر : عن أبي عبد الله ، ويقال : أَبُو عبد الرحمان ثوبان -مولى رَسُول الله R - T ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله R ، يَقُولُ : (( عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ للهِ سَجْدَةً إلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرجَةً ، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئةً )) رواه مسلم .
108- 94- الرابع عشر : عن أَبي صَفوان عبد الله بنِ بُسْرٍ الأسلمي T ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ )) رواه      الترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن )) .
(( بُسْر )) بضم الباء وبالسين المهملة .
109- 95- الخامس عشر : عن أنس T ، قَالَ : غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ T عن قِتالِ بدرٍ ، فَقَالَ : يَا رسولَ الله ، غِبْتُ عَنْ أوّل قِتال قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ ، لَئِن اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشركِينَ لَيُرِيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ . فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمونَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يعني : أصْحَابهُ - وأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يَعني : المُشركِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلهُ سَعدُ بْنُ مُعاذٍ ، فَقَالَ : يَا سعدَ بنَ معاذٍ ، الجَنَّةُ وربِّ الكعْبَةِ إنِّي أجِدُ ريحَهَا([8]) منْ دُونِ أُحُدٍ . قَالَ سعدٌ : فَمَا اسْتَطَعتُ يَا رسولَ الله مَا صَنَعَ ! قَالَ أنسٌ : فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعاً وَثَمانينَ ضَربَةً     بالسَّيفِ ، أَوْ طَعْنةً بِرمْحٍ ، أَوْ رَمْيَةً بسَهْمٍ ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكونَ فما عَرَفهُ أَحَدٌ إلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ . قَالَ أنس : كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أن هذِهِ الآية نزلت فِيهِ وفي أشباهه : ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ( [ الأحزاب : 23 ] إِلَى آخِرها . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
قوله : (( لَيُرِيَنَّ اللهُ )) روي بضم الياء وكسر الراء : أي لَيُظْهِرَنَّ اللهُ ذلِكَ للنَّاس ، وَرُويَ بفتحهما ومعناه ظاهر ، والله أعلم .
110- 96- السادس عشر : عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري  T ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيءٍ كَثيرٍ ، فقالوا : مُراءٍ ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ ، فقالُوا : إنَّ اللهَ لَغَنيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا ! فَنَزَلَتْ : ) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ ( [ التوبة : 79 ] . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، هذا لفظ البخاري.
وَ(( نُحَامِلُ )) بضم النون وبالحاء المهملة : أي يحمل أحدنا عَلَى ظهره بالأجرة ويتصدق بِهَا.
111- 97- السابع عشر : عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أَبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر جندب بن جُنادة T ، عن النَّبيّ R فيما يروي ، عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى ، أنَّهُ قَالَ : (( يَا عِبَادي ، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّماً فَلا تَظَالَمُوا . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ ضَالّ إلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ . يَا عِبَادي ، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ . يَا عِبَادي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني . يَا عِبَادي ، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئاً . يَا عِبَادي ، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئاً. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلاَّ كما يَنْقصُ المِخْيَطُ([9]) إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ . يَا عِبَادي ، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيراً فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ )) .
قَالَ سعيد : كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا([10]) عَلَى رُكبتيه . رواه مسلم .
وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قَالَ : لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث ([11]).


10- باب في بيان كثرة طرق الخير

قَالَ الله تَعَالَى : ) وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ ( [ البقرة :215 ]، وَقالَ تَعَالَى: ) وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله ( [ البقرة :197] ، وَقالَ تَعَالَى : ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( [ الزلزلة : 7 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ ( [ الجاثـية : 15] والآيات في الباب كثيرة .
وأما الأحاديث فكثيرة جداً وهي غيرُ منحصرةٍ فنذكُرُ طرفاً مِنْهَا :
117- 98- الأول: عن أبي ذر جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ T ، قَالَ: قُلْتُ : يَا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( الإيمانُ باللهِ وَالجِهادُ في سَبيلِهِ )) . قُلْتُ : أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( أنْفَسُهَا([1]) عِنْدَ أهلِهَا وَأكثَرهَا ثَمَناً )) . قُلْتُ : فإنْ لَمْ أفْعَلْ ؟ قَالَ : (( تُعِينُ صَانِعاً أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ )) . قُلْتُ : يَا رَسُول الله ، أرأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ ؟ قَالَ : (( تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ )) مُتَّفَقٌ عليه .
(( الصَّانِعُ )) بالصاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور ، وروي (( ضائعاً )) بالمعجمة : أي ذا ضِياع مِنْ فقرٍ أَوْ عيالٍ ونحوَ ذلِكَ ، (( وَالأَخْرَقُ )) : الَّذِي لا يُتقِنُ مَا يُحَاوِل فِعلهُ .
118- 99- الثاني : عن أبي ذر أيضاً T : أنَّ رسول الله R ، قَالَ : (( يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى منْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ : فَكُلُّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَحمِيدةٍ صَدَقَة ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةٌ ، وَأمْرٌ بِالمعرُوفِ صَدَقةٌ ، ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقةٌ ، وَيُجزِىءُ مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحَى )) رواه مسلم .
(( السُّلامَى )) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم : المفصل .
119- 100- الثالث : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبيُّ R : (( عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمَالُ أُمَّتِي 
حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أعْمَالِهَا الأذَى يُمَاطُ([2]) عَنِ الطَّريقِ ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِىءِ([3]) أعمَالِهَا النُّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسْجِدِ لا تُدْفَنُ ))       رواه مسلم .
120- 101- الرابع : عَنْهُ : أنَّ ناساً قالوا : يَا رَسُولَ الله ، ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجُورِ ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ  أمْوَالِهِمْ ، قَالَ : (( أَوَلَيسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ : إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقةً ، وَكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً ، وَأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وفي بُضْعِ([4]) أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ )) قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، أيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجْرٌ ؟ قَالَ : (( أرَأيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرامٍ أَكَانَ عَلَيهِ وِزرٌ ؟ فكذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ))  رواه مسلم.
(( الدُّثُورُ )) بالثاء المثلثة : الأموال وَاحِدُهَا : دثْر .
121- 102- الخامس : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لي النَّبيّ R : (( لا تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئاً وَلَوْ أنْ تَلقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَليقٍ )) رواه مسلم .
122- 103- السادس : عن أبي هريرةَ T ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ ، كُلَّ يَومٍ تَطلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ : تَعْدِلُ بَينَ الاثْنَينِ   صَدَقةٌ ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ، وَالكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ صَدَقَةٌ ، وبكلِّ خَطْوَةٍ تَمشيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ ، وتُميطُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُول الله R : (( إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسان مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وثلاثمئة مفْصَل ، فَمَنْ كَبَّرَ  اللهَ ، وحَمِدَ الله ، وَهَلَّلَ اللهَ ، وَسَبَّحَ الله ، وَاسْتَغْفَرَ الله ، وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَريقِ النَّاسِ ، أَوْ شَوْكَةً ، أَوْ عَظماً عَن طَريقِ النَّاسِ ، أَوْ أمَرَ بمَعْرُوف ، أَوْ نَهَى عَنْ منكَر ، عَدَدَ السِّتِّينَ والثَّلاثِمئَة فَإنَّهُ يُمْسِي يَومَئِذٍ وقَدْ زَحْزَحَ نَفسَهُ عَنِ النَّارِ )) .
123- 104- السابع : عَنْهُ ، عن النَّبيّ R ، قَالَ : (( مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ    رَاحَ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( النُّزُلُ )) : القوت والرزق وما يُهيأُ للضيف .
124- 105- الثامن : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ ، لاَ تَحْقِرنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاةٍ )) ([5]) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
قَالَ الجوهري : الفرسِن منَ البَعيرِ كالحَافِرِ مِنَ الدَّابَةِ قَالَ : وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ في الشَّاةِ .
125- 106- التاسع : عَنْهُ ، عن النَّبيّ R ، قَالَ : (( الإيمانُ بِضْعٌ وَسَبعُونَ أَوْ بِضعٌ وسِتُونَ شُعْبَةً : فَأفْضَلُهَا قَولُ : لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ ، والحياءُ شُعبَةٌ مِنَ الإيمان )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( البِضْعُ )) من ثلاثة إِلَى تسعة بكسر الباء وقد تفتح. وَ(( الشُّعْبَةُ )) : القطعة.
126- 107- العاشر : عَنْهُ : أنَّ رَسُول الله R ، قَالَ : (( بَينَما رَجُلٌ يَمشي بِطَريقٍ اشْتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ ، فَوَجَدَ بِئراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشربَ ، ثُمَّ خَرَجَ فإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يأكُلُ الثَّرَى([6]) مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبُ مِنَ العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أمْسَكَهُ بفيهِ حَتَّى رَقِيَ ، فَسَقَى الكَلْبَ ، فَشَكَرَ الله لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ )) قالوا : يَا رَسُول اللهِ ، إنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجْراً ؟ فقَالَ : (( في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ )) ([7]مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية للبخاري : (( فَشَكَرَ اللهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ ، فأدْخَلَهُ الجَنَّةَ )) وفي رواية لهما : (( بَيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يقتلُهُ العَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ([8]) مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيل ، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ )) .
(( المُوقُ )) : الخف . وَ(( يُطِيفُ )) : يدور حول (( رَكِيَّةٍ )) : وَهِي البئر .
127- 108- الحادي عشر : عَنْهُ ، عن النَّبيّ R ، قَالَ : (( لَقدْ رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ )) رواه مسلم .
وفي رواية : (( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ ، فَقَالَ : وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ )) .
وفي رواية لهما : (( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ )) .
128- 109- الثاني عشر : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ أَتَى الجُمعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْن الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا ))([9]) رواه مسلم .
129- 110- الثالث عشر : عَنْهُ : أنَّ رَسُول الله R ، قَالَ : (( إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ ، أَو المُؤمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَينيهِ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإِذا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيهِ كُلُّ خَطِيئَة كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مشتها رِجْلاَهُ مَعَ المَاء أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ )) رواه مسلم .
130- 111- الرابع عشر : عَنْهُ ، عن رَسُول الله R ، قَالَ : (( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ )) رواه مسلم .
131- 112- الخامس عشر : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله R : (( ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ )) قَالُوا : بَلَى ، يَا رسولَ اللهِ ، قَالَ : (( إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ([10]) ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ )) رواه مسلم .
132- 113- السادس عشر : عن أبي موسى الأشعرِيِّ T ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله R : (( مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق