الصفحات

الخميس، 27 فبراير 2014

بحث رائع : مَورُ الأرض


بحث رائع : مَورُ الأرض
في كلمة واحدة أخبر القرآن وبدقة مذهلة عن إحدى الظواهر
المدمرة في عصر لم يكن أحد يعلم شيئاً عن ذلك....

تبدو الأرض ساكنة وديعة ولكن باطنها يلتهب بالحرارة والحركة والنشاط
والاصطدامات... ومن نعمة الله علينا أننا لا نكاد نشعر بهذه النشاطات
الأرضية لتكون الحياة مستقرة وهادئة ونستمتع بها، وهذه نعمة عظيمة
ينبغي علينا أن نشكر الخالق عز وجل عليها.

هذه النشاطات الأرضية أحياناً تطفو على سطح الأرض وتظهر على شكل
زلازل أو هزات أرضية أو تسونامي أو انزلاقات ترابية أو انهيارات
أرضية مروعة، وبالتالي فإن الأرض التي نعيش عليها ليست هادئة
ووديعة كما نظن، بل يمكن أن تكون عدواً للإنسان في لحظة ما.
الانهيارات الأرضية تحدث بسبب فيضان، أو تحرك مفاجئ لصخور
من منحدر، أو بسبب أمطار غزيرة. حيث يحدث انزلاق جزء من الأرض
فوق جزء آخر مما يسبب هذه الظاهرة، ظاهرة الانهيار الأرضي.
الأرض التي نعيش عليها ليست كتلة واحدة بل مجموعة من الألواح
أو القطع الأرضية متوضعة بجانب بعضها البعض وتفصل بينها صدوع
أو شقوق. هذه القطع الأرضية تتحرك عدة سنتمترات كل عام. ومع أن
الحركة بطيئة جداً ولا نشعر بها، إلا أنها مع مرور السنين تشكل القطع
الأرضية ضغوطاً هائلة نتيجة زحفها هذا الضغط يتركز في منطقة
الصدوع أي على أطراف هذه القطع عند نقاط الاصطدام.
الانهيارات الأرضية تسبب خسائر مادية ضخمة في الولايات المتحدة
الأمريكية تصل إلى 2 مليار دولار سنوياً. وهي عبارة عن تدفق مفاجئ
لجزء من تراب وصخور الأرض بحركة اهتزازية تدمر كل ما تصادفه
في طريقها.

الانزلاقات الأرضية
من الظواهر التي نراها وسجلتها كاميرات العلماء ما يسمى الانزلاقات
الأرضية. فالألواح الأرضية تحتنا تتحرك باستمرار حركة بطيئة وأحياناً
تصطدم ببعضها وتسبب موجات عنيفة تنتقل إلى سطح الأرض مما يؤدي
لانهيارات في جزء من سطح الأرض مسبباً انزلاقات أرضية وحركة قوية
للتراب وانجرافه بشكل هائل عبر مناطق حيث يدمرها خلال زمن قصير جداً. 
 إن أعنف أنواع الانهيارات هي تلك الناتجة عن تحرك لوح أرضي
واصطدامه بلوح آخر مما يؤدي لغوص أو خسف جزء من أحد اللوحين
في الأرض وصعود اللوح الآخر.
في هذه الصورة نرى تدفق الطين الذي يغمر أجزاء من المدينة، وهذه
العملية تتم خلال وقت قصير. هذه الظاهرة تسمى الانهيار الطيني، والذي
يحدث بنتيجة الأمطار الغزيرة التي تختلط مع التراب وتشكل مزيجاً
متحركاً يجري ويجرف معه ما يصادفه في طريقه.

خصائص هذه الظاهرة
عندما درس العلماء ظاهرة الانهيارات الأرضية وجدوا أنها تتميز
بمجموعة من الخصائص، هذه الدراسة لم تكتمل إلا في القرن العشرين
وباستخدام قوانين الفيزياء والرياضيات، واستخدام أجهزة قياس
الزلازل وكانت الخصائص هي:

1- الجريان:
إن أهم ما يميز ظاهرة الانزلاق الأرضي هو جريان التراب والصخور
وتدفقها عبر مساحة من الأرض تهدم وتدمر كل ما تصادفه في طريقها،
وهذا الجريان يشبه جريان السوائل وتدفقها.

2- الاضطراب:
إن طبيعة هذه الظاهرة غير مستقرة بل مضطربة حيث تختلط الرمال
والصخور وتهتز بفعل الموجات الزلزالية التي يولدها اصطدام اللوحين
الأرضيين. وبالتالي تتميز ظاهرة الانهيار الأرضي بالعنف
والاضطراب والمفاجأة.

3- الحركة:
من ميزات هذه الظاهرة هي الحركة الاندفاعية العنيفة والمفاجئة للتراب
مما يسبب دماراً هائلاً. فخسف جزء من الأرض وانزلاقه تحت جزء آخر
يسبب ضغطاً كبيراً يؤدي لتحرك هذا الجزء بسرعة جارفاً
معه الصخور والتراب.

4- الموج:
إن الحركة الاهتزازية للتراب تشبه حركة الأمواج في البحر، فجميع
الاهتزازات الأرضية والانهيارات والتسونامي وغيرها من الظواهر
المدمرة، تولد أمواج ضغط هائلة مما يزيد من القوة التدميرية
لهذه الظواهر.

5- السيلان:
تحدث كثير من الانهيارات الأرضية أثناء فترة المطر وبالتالي يختلط
التراب بالماء مشكلاً الطين الذي يتحرك مثل السائل ويجرف معه ما
يصادفه من أشجار وبيوت وماشية وأعمدة كهرباء وسيارات
وجسور... وبدون سابق إنذار.
ظاهرة الانهيار أو الانزلاق الأرضي تتميز بالحركة السريعة وأحياناً
البطيئة ولكن المفاجئة لقسم من الأرض، وتشكل ذرات التراب
والصخور والطين مزيجاً مائعاً يتحرك بشدة مثل موج البحر.

والآن دعونا نتساءل:
هل يمكن أن نجد كلمة واحدة في كتاب الله تعالى تصف لنا هذه الظاهرة
بدقة تامة؟ كما نعلم فإن القرآن نزل في القرن السابع الميلادي حيث لم
يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عن الانهيارات الأرضية وأسبابها،
ولم تتم دراستها علمياً إلا في العصر الحديث عندما توافرت أجهزة القياس
المناسبة. ولكن القرآن سبق العلماء لوصف هذه الظاهرة بشكل مذهل...

القرآن يتحدث عن الانهيارات الأرضية
دعونا نتأمل هذه الآية العظيمة التي حذرنا الله فيها من خسف الأرض
فقال:

{ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ }
[الملك: 16].

في هذه الآية كلمة تمثل معجزة علمية وهي كلمة (تَمُورُ) فما معنى هذه
الكلمة؟ وهل يمكن أن يتضمن المعنى جميع خصائص الانهيارات الأرضية
التي رأيناها؟ لنذهب إلى القاموس المحيط.
يدمر الانهيار الأرضي كل ما يصادفه من بيوت وسيارات وأشجار...
وكأننا أمام جزء من الأرض يتحول فجأة إلى سائل يتحرك ويموج
ويضطرب ... وسبحان الله، هذا بالضبط ما تعنيه كلمة (تمور)،
أليس القرآن كتاب العجائب؟
المناطق الجليدية ليست بمعزل عن هذه الظاهرة! فالانهيارات الجليدية
قد تكون مدمرة أكثر من الانهيارات الترابية، وذلك لأن سرعة الجليد
المتدفق بسبب خسف وانزلاق جزء منه تكون كبيرة جداً بل أعنف من
قوة السيول. وتنطبق الخصائص ذاتها على هذه الظاهرة، فالانهيار
الجليدي يتميز بالجريان والحركة والاضطراب...

معاني كلمة (تمور) في القاموس المحيط
في هذا المعجم نرى بأن كلمة (مَوَرَ) تأخذ عدداً من المعاني أهمها:

المَورُ هو:
1- الجريان 2- الاضطراب 3- الحركة 4- الموج 5- السيلان.
وهذه هي الخصائص التي يتميز بها الانهيار الأرضي! كذلك فإن معنى
هذه الآية لا يتوقف عند هذا الحد، بل هذه الآية تشير أيضاً إلى الخسف
الناتج عن الزلازل وكذلك الخسف الناتج عن التسونامي وهذه الظواهر
تصفها أيضاً كلمة (تمور) بدقة تامة.

كذلك إذا تأملنا كلمة (يَخْسِفَ)
نجد معناها في القاموس المحيط كما يلي:
خسف: أي ذهب بعضه، خسف المكان: ذهب في الأرض، وخسف الشيء
خرقه أو قطعه، وخسفت العين ذهبت أو ساخت. ويقال خسف الله الأرض
بفلان أي غيَّبه فيها، أما الأخاسيف فهي الأرض اللينة.

هذه المعاني مجتمعة نجدها في الانهيارات الأرضية، فحدوث الانهيار
الأرضي يحتاج لتحرك جزء من الأرض مما يؤدي لذهاب واختفاء أجزاء
من سطح الأرض حيث تغوص في أمواج الطين المتحرك، وتتحول الأرض
في مكان الانهيار إلى أرض لينة كالعجينة، وهذا ما تعنيه كلمة (خسف).
إن القرآن أشار إلى أن ظاهرة الخسف الأرضي تتم من دون أن يشعر
الإنسان وبالفعل يؤكد العلماء أن الانهيارات الأرضية لا يمكن التنبؤ يها
إلا قبل زمن قصير جداً
ولذلك يقول تعالى:

 { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ
أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ }
[النحل: 45].

وهناك إشارة قرآنية رائعة لظاهرة انخساف وتحرك الألواح الأرضية
يقول تعالى:

{ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا
ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا }
[الإسراء: 68]

والإعجاز يتجلى في قوله تعالى: (جَانِبَ الْبَرِّ) وفيه إشارة لطرف اللوح
الأرضي الذي يغوص بنتيجة الاصطدام مع لوح آخر مما يسبب موجات
الانهيارات والتسونامي وغيرها من الظواهر المدمرة.

من لطائف القرآن
يؤكد العلماء أن طبقات الأرض سبعة، والقرآن أشار إلى هذه الحقيقة
في آية رائعة:

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }
[الطلاق: 12]،

والعجيب أن خسف الأرض تكرر في القرآن بالضبط سبع مرات
بعدد طبقات الأرض!

وأخيراً
نقول سبحان الله، كيف يمكن لكلمة واحدة (تمور) أن تعبر عن هذه
الخصائص الخمسة؟ وكيف يمكن لكلمة أخرى (يخسف) أن تعبر تماماً
عن طبيعة الظاهرة ونتائجها؟ إنه كلام الله المعجز الذي لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه، وهذا يدل على إعجاز يتميز به كلام الله عن
كلام البشر. فالبشر يحتاجون عدة كلمات بل عدة جمل ليعبروا عن حقيقة
هذه الظاهرة، ولكن القرآن اختار من بين آلاف الكلمات الكلمة المناسبة
التي تعطينا المعنى الدقيق الذي لا يمكن لكلمة أخرى أن تعبر عنه. وهذا
يدل على إعجاز هذا القرآن وأنه كتاب منزل من الله القائل:

{ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا }
[الفرقان: 6].
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق