الصفحات

الأحد، 17 فبراير 2013

الأمــانة



الأمــانة

 
صور الأمَانَة

هناك مجالات وصور تدخل فيها الأمَانَة وهي كثيرة فـالأمانة باب واسعٌ
جدًّا وأصلها أمران:

أمانة في حقوق الله:

وهى أمانة العبد في عبادات الله عزَّ وجلَّ.
وأمانة في حقوق البشر وفيما يلي تفصيل ما يدخل تحتهما من صور:

1- الأمَانَة فيما افترضه الله على عباده:
فمِن الأمَانَة:
ما ائتمنه الله على عباده مِن العبادات التي كلَّفهم بها،
فإنَّها أمانة ائتمن الله عليها العباد

2- الأمَانَة في الأموال: 
ومِن الأمَانَة: العفَّة عمَّا ليس للإنسان به حقٌّ مِن المال، وتأدية ما عليه
مِن حقٍّ لذويه، وتأدية ما تحت يده منه لأصحاب الحقِّ فيه، وتدخل في البيوع
والديون والمواريث والودائع والرهون والعواري والوصايا وأنواع
الولايات الكبرى والصُّغرى وغير ذلك

ومنها الأمَانَة المالية وهي: الودائع التي تُعْطَى للإنسان ليحفظها لأهلها.
وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان لمصلحته،
 أو مصلحته ومصلحة مالكها؛ وذلك أنَّ الأمَانَة التي بيد الإنسان إمَّا
أن تكون لمصلحة مالكها أو لمصلحة مَن هي بيده أو لمصلحتهما جميعًا،
فأمَّا الأوَّل فالوديعة تجعلها عند شخص، تقول -مثلًا-: هذه ساعتي عندك،
احفظها لي. أو: هذه دراهم، احفظها لي. وما أشبه ذلك،
فهذه وديعة المودع فيها بقيت عنده لمصلحة مالكها،
وأمَّا التي لمصلحة مَن هي بيده فالعارية: يعطيك شخصٌ شيئًا يعيرك إيَّاه
 مِن إناء أو فراش أو ساعة أو سيَّارة، فهذه بقيت في يدك لمصلحتك،
وأمَّا التي لمصلحة مالكها ومَن هي بيده: فالعين المستأجرة، فهذه مصلحتها
للجميع؛ استأجرت منِّي سيَّارة وأخذتها، فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك،
وأنا أنتفع بالأجرة، وكذلك البيت والدُّكَّان وما أشبه ذلك،
كلُّ هذه مِن الأمانات .

 
3- الأمَانَة في الأعراض: 
فمِن الأمَانَة في الأعراض: العفَّة عمَّا ليس للإنسان فيه حقٌّ منها،
وكفُّ النَّفس واللِّسان عن نيل شيء منها بسوء، كالقذف والغيبة.

4- الأمَانَة في الأجسام والأرواح:
فمِن الأمَانَة في الأجسام والأرواح: كفُّ النَّفس واليد عن التَّعرُّض لها بسوء،
من قتل أو جرح أو ضرٍّ أو أذى.

5- الأمَانَة في المعارف والعلوم:

 
فمِن الأمَانَة في المعارف والعلوم تأديتها دون تحريف أو تغيير،
 ونسبة الأقوال إلى أصحابها، وعدم انتحال الإنسان ما لغيره منها.

6-  الأمَانَة في الولاية:

فمِن الأمَانَة في الولاية: تأدية الحقوق إلى أهلها، وإسناد الأعمال
إلى مستحقِّيها الأكفياء لها، وحفظ أموال النَّاس وأجسامهم وأرواحهم
وعقولهم، وصيانتها ممَّا يؤذيها أو يضرُّ بها، وحفظ الدِّين الذي ارتضاه الله
لعباده مِن أن يناله أحدٌ بسوء، وحفظ أسرار الدَّولة وكلِّ ما ينبغي كتمانه
 مِن أن يسرَّب إلى الأعداء، إلى غير ذلك مِن أمور 

قال ابن عثيمين:

[ ومِن الأمَانَة -أيضًا- أمانة الولاية، وهي أعظمها مسؤوليَّة، الولاية العامَّة
والولايات الخاصَّة، فالسُّلطان –مثلًا، الرَّئيس الأعلى في الدَّولة-
أمينٌ على الأمَّة كلِّها، على مصالحها الدِّينية، ومصالحها الدُّنيويَّة،
على أموالها التي تكون في بيت المال، لا يبذِّرها ولا ينفقها في غير مصلحة
المسلمين وما أشبه ذلك. وهناك أمانات أخرى دونها، كأمانة الوزير مثلًا في
وزارته، وأمانة الأمير في منطقته، وأمانة القاضي في عمله،
 وأمانة الإنسان في أهله ]

 
أمَّا إذا تعيَّن رجلان، أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوَّة، قُدِّم أنفعهما
 لتلك الولاية.
قال ابن تيمية:

[ واجتماع القوَّة والأمَانَة في النَّاس قليل، ولهذا كان عمر بن الخطَّاب
 رضي الله عنه يقول: اللَّهمَّ أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثِّقة،
فالواجب في كلِّ ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعيَّن رجلان أحدهما أعظم أمانة،
والآخر أعظم قوَّة، قُدِّم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضررًا فيها،
فيُقَدَّم في إمارة الحروب الرَّجل القوي الشُّجاع -وان كان فيه فجور-
على الرَّجل الضَّعيف العاجز، وإن كان أمينًا، كما سُئل الإمام أحمد
عن الرَّجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قويٌّ فاجر، والآخر صالح
ضعيف، مع أيِّهما يُغْزى؟
 فقال: أمَّا الفاجر القويُّ فقوَّته للمسلمين، وفجوره على نفسه،
 وأمَّا الصَّالح الضَّعيف فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين،
 فيُغْزَى مع القويِّ الفاجر، وقد قال النَّبيُّ:
(  إنَّ الله يؤيِّد هذا الدِّين بالرَّجل الفاجر )
ورُوِي
( بأقوام لا خلاق لهم ) ،
وإن لم يكن فاجرًا كان أولى بإمارة الحرب ممَّن هو أصلح منه في الدِّين،
إذا لم يسدَّ مسدَّه ]

7- الأمَانَة في الشَّهادة:
وتكون الأمَانَة في الشَّهادة بتحمُّلها بحسب ما هي عليه في الواقع،
وبأدائها دون تحريف أو تغيير أو زيادة أو نقصان.

8- الأمَانَة في القضاء:

وتكون الأمَانَة في القضاء بإصدار الأحكام وفْقَ أحكام العدل التي
 استُؤْمِن القاضي عليها، وفُوِّض الأمر فيها إليه.

9- الأمَانَة في الكتابة:
وتكون الأمَانَة في الكتابة بأن تكون على وفْقِ ما يمليه ممليها،
وعلى وفْقِ الأصل الذي تُنْسَخ عنه، فلا يكون فيها تغيير ولا تبديل ولا زيادة
ولا نقص، وإذا كانت مِن إنشاء كاتبها فالأمَانَة فيها أن تكون مضامينها
 خالية مِن الكذب، والتَّلاعب بالحقائق، إلى غير ذلك.

10- الأمَانَة في الأسرار

التي يُستأمن الإنسان على حفظها وعدم إفشائها:
وتكون الأمَانَة فيها بكتمانها  .ومِن الأمانات ما يكون بين الرَّجل وصاحبه مِن الأمور الخاصَّة التي لا يجب
أن يطَّلع عليها أحدٌ، فإنَّه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها، فلو استأمنك
على حديث حدَّثك به، وقال لك: هذا أمانة، فإنَّه لا يحلُّ لك أن تخبر به أحدًا
مِن النَّاس، ولو كان أقرب النَّاس إليك، سواءً أوصاك بأن لا تخبر به أحدًا،
 أو عُلِم مِن قرائن الأحوال أنَّه لا يحب أن يطلع عليه أحدٌ؛
 ولهذا قال العلماء:

[ إذا حدَّثك الرَّجل بحديث والتفت فهذه أمانة. لماذا؟
 لأنَّ كونه يلتفت فإنَّه يخشى بذلك أن يسمع أحدٌ، إذًا فهو لا يحبُّ أن يطَّلع
عليه أحدٌ، فإذا ائتمنك الإنسان على حديث فإنَّه لا يجوز لك أن تفشيه.
ومِن ذلك أيضًا ما يكون بين الرَّجل وبين زوجته مِن الأشياء الخاصَّة،
 فإنَّ شرَّ النَّاس منزلةً عند الله تعالى يوم القيامة الرَّجل يفضي إلى امرأته
وتفضي إليه، ثمَّ يروح ينشر سرَّها، ويتحدَّث بما جرى بينهما ]

11- الأمَانَة في الرِّسالات:

 
وتكون الأمَانَة فيها بتبليغها إلى أهلها تامَّة غير منقوصة ولا مزاد عليها،
وعلى وفْقِ رغبة محمِّلها، سواء أكانت رسالة لفظيَّة أو كتابيَّة أو عمليَّة 

12- الأمَانَة في السَّمع والبصر وسائر الحواس:
وتكون الأمَانَة فيها بكفِّها عن العدوان على أصحاب الحقوق، وبحفظها
عن معصية الله فيها، وبتوجيهها للقيام بما يجب فيها مِن أعمال،
فاستراق السَّمع خيانة، واستراق النَّظر إلى ما لا يحلُّ النَّظر إليه خيانة،
واستراق اللَّمس المحرَّم خيانة  .ومِن معاني الأمَانَة أن تنظر إلى حواسك التي أنعم الله بها عليك،
وإلى المواهب التي خصَّك بها، وإلى ما حُبيت مِن أموالٍ وأولادٍ، فتدرك أنَّها
ودائع الله الغالية عندك، فيجب أن تسخرها في قرباته، وأن تستخدمها
في مرضاته. فإن امتُحِنتَ بنقص شيء منها فلا يستخفَّنَّك الجزع متوهمًا
أنَّ ملكك المحض قد سُلب منك، فالله أولى بك منك. وأولى بما أفاء عليك
وله ما أخذ وله ما أعطى. وإن امتُحِنتَ ببقائها فما ينبغي أن تجبن بها عن جهاد،
أو تفتتن بها عن طاعة، أو تستقوي بها على معصية.
 قال الله عزَّ وجلَّ :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 
وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ  }
الأنفال: 27-28

13- الأمَانَة في النُّصح والمشورة:
ومِن صور الأمَانَة أن تنصح مَن استشارك، وأن تَصْدُق مَن وَثَقَ برأيك،
 فإذا عرض عليك أحدٌ مِن النَّاس موضوعًا معيَّنًا، وطلب منك الرَّأي
والمشورة والنَّصيحة، فاعلم أنَّ إبداء رأيك له أمانة، فإذا أشرت عليه
 بغير الرَّأي الصَّحيح، فذلك خيانة .
وقد قال الرَّسول صلى الله عليه وسلم

( المستشار مؤتمن )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق