الصفحات

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

تمثيلية الهجوم على الوفد


تمثيلية الهجوم على الوفد - محمود سلطان


عندما أُحرق 28 مقرًا لـ"الحرية والعدالة".. لم نسمع من "الديمقراطيين" على فضائيات مبارك أية إدانة!!.. ولم تلق علينا قنوات الأموال المنهوبة، دروسًا في كيفية الخلاف "الحضاري" مع الخصوم!!.. وعندما حاصر البلطجية الشيخ المحلاوي وتحديد إقامته في مسجد القائد إبراهيم، اعتبر "التنويريون" هذا الإرهاب ممارسة "تنويرية" ضد داعية "الظلامية" في الإسكندرية!!
الست "لميس" أغلقت الهاتف في وجه نادر بكار، لمجرد أنه طالب بإدانة التعدي على المحلاوي، بذات الحماس الذي ندين به الاعتداء على حزب الوفد!.. فالأخير ـ في نظر داعية "المواطنة"ـ مصري كابر عن كابر.. أما المحلاوي، فهو "تيواني" متسلل إلى مصر ولا يستحق أية حقوق.. وحلال فيه "قطع رقبته".!
عندما قُتل "صحفي" ـ رحمه الله ـ يعمل في جريدة "فلولية" في أحداث "الاتحادية".. أقام الإعلام "الفلولي" حلقات "جنائزية" وبكائيات ليلية، تاجرت بدم الزميل الضحية، ووظفته في تصفية الحسابات والأحقاد مع الرئيس المنتخب.. فيما اعتبر مقتل ثمانية من الخصوم ـ بعضهم سقط بالسلاح الطائفي ـ نزهة صيد لـ"أرانب" برية مستباحة!! ولم يعبأ بدموع الأمهات ولا بآلام الآباء والزوجات اللاتي ترملن وهن في مقتبل العمر.. غاية الخسة والرخص في إدارة الخلافات السياسية.
أما حكاية "الاعتداء" على الوفد.. ففي تقديري لن تكون الأخيرة، وربما نسمع قريبًا عن حكايات مشابهة لعدد من مقار الواجهات التي يتخفى خلفها ـ حتى الآن ـ نظام مبارك، ويدير شغب الشوارع وإثارة الفزع والفوضى من داخلها.
نكتة حرق "الوفد" جاءت كرد فعل متعجل على نتائج الاستفتاءات، وكبروفة لسيناريوهات مشابهة، وكبالون اختبار لقياس قدرتها على إرباك الشارع وإثارة الفوضى للشوشرة على "صدقية" الاستفتاء.
الاعتداء على الوفد "تمثيلية" فولية "بايخة".. والتيار الشعبي، بدأ في "جر الشكل" والتمهيد للاحتذاء بـ"تمثيلية" الوفد، وطفق يردد الكلام "الخايب" عن فرض حراسة مشددة حول مقاره خوفًا من الاعتداء عليه من قبل أنصار أبو إسماعيل.
ولعل البعض يتذكر أن حزب الوفد ـ ومقر جريدته ـ لم يتعرض طوال تاريخه للهجوم المسلح إلا من قبل القيادات الوفدية الكبيرة ذاتها.. كان آخرها عام 2006، عندما تعرضت القيادة الشرعية في ذلك الوقت للحزب لـ"انقلاب" مسلح، وشن أنصار محمود أباظة هجومًا بالأسلحة وقنابل المولوتوف على مقر الحزب للإطاحة بالدكتور نعمان جمعة.. وهذه قصة معروفة وشهيرة فلا داعي للقيام بدور "المسالم" و"الضحية" والإيمان بإدارة الخلافات السياسية بالطرق السلمية المشروعة.
تاريخ الوفد ـ إذن ـ يؤكد أن من حرق مقاره هم الوفديون أنفسهم.. ومن تجرأ على حرق المقار أول مرة، فلن يردعه رادعٌ حال قرر حرقه مرة أخرى و"تلبيس" القضية لآخرين على خلاف عميق مع الموقف الرسمي للحزب إزاء الاستفتاء على الدستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق