الصفحات

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ **مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ









أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ**مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍوأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتاومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْبهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًىمِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقنيوالحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ًمنِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍعن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُإنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍوالشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْمن جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَىضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ
لو كنت أعلم أني ما أوقرهكتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي بِرَدِّ جماحٍ من غوايتهاكما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِهاإنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ علىحُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُإنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌوإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ًمن حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَعفَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْمِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهماوإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاًفأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍلقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِوما استقمتُ فماقولي لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ًولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلىأنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَىتحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍعن نفسهِ فأراها أيما شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُإنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْلولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِوالفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌأبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُلِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِمستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ
فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌغَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِمن نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُهثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ
مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِفَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِوَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍوَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُحَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماًأحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِحِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرىفي القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍصَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُقومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌوأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بهافإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبهايُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌبالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍوالبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِفي عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِمن معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُطُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِيا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُقد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌكشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍعليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ
وساء ساوة أن غاضتْ بحيرتهاورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍحُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌوالحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْتُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْبأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍمنقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌمن الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍأوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهمانَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ًتَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْفروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌتقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُمِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَموكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِماوَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ علىخيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍمن الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِإلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُقَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِفليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍوَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُوأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُحتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بهاسيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌوليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلىما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌقَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرناعَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍمِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍلذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍأَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِهاردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍوفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُهاولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت لهلقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَىأطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّبمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه بهمِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ًفالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُهاتَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُسَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍوَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِكما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ًمن قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بهاوالرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْفي مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍمن الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذنُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍعن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍوجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍوعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنامن العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ
لمَّا دعا الله داعينا لطاعتهِبأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِكَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍحتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم
ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِأشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتهاما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْبِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍيرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍيَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم
حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْمِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم
مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍوخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم
وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداًفُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم
المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردتمن العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْأقلامهمْ حرفَ جسمٍ غبرَ منعجمِ
شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْوالوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ
تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُفتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباًمِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم
طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاًفما تُفَرِّقُ بين البهم والبُهمِ
ومن تكنْ برسول الله نصرتُهإن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِبهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْقصمِ
أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِكاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم
كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍفيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ًفي الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ
خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُكَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم
أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَاحصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ
فياخسارة َ نفسٍ في تجارتهالم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِيَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ
إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍمِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ
فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتيمُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ
إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِذاً بِيَدِيفضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُأو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُوَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْإنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْيدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ
يا أكرَمَ الخلق مالي مَنْ أَلُوذُ بهسِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بيإذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتهاومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْإنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمهاتأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍلَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينَِّ إن لهُصبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍعلى النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباًوأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ



( نهج البردة )

ريم على القاع بـــــــــين البان والعلم
أحلّ سفك دمي فــــــــي الأشهر الحرمِ
***
رمى القضاء بعينـــــــــي جؤذر أسدا
يا ساكن القــــــــاع أدرك ساكن الأكم ِ
***
لمّا رنا حدّثتـــــــــــني النفس قائلة
يا ويح جنبك بالســـــــهم المصيب رمي
***
جحدتها وكتمت الـــــــــسهم في كبدي
جرح الأحبّة عـــــــــندي غير ذي ألمِ
**
رزقت أسمح ما فـــــــي الناس من خلق
إذا رزقت التماس الــــــــعذر في الشيم
***
يا لائمي في هـــــــــواه والهوى قدر
لو شفّك الوجد لـــــــــم تعذل ولم تلمِ
***
لقد أنلتك أذنــــــــــــا غير واعية
وربّ منتصت والـــــــــقلب في صممِ
***
يا ناعس الطرف لا ذقــــــت الهوى أبدا
أسهرت مضناك فــــــي حفظ الهوى فنمِ
***
أفديك إلفا ولا آلو الـــــــــخيال فدى
أغراك بالبخل مـــــــــن أغراه بالكرمِ
***
سرى فصادف جـــــــــرحا داميا فأسا
وربّ فضل عـــــــــلى العشّاق للحلمِ
***
من الموائس بــــــــــانا بالربى وقنا
اللآّعبات بروحــــــــي السّافحات دمي
**
السّافرات كأمـــــــــثال البدور ضحى
يغرن شمس الضّــــــحى بالحلي والعصمِ
***
القاتلات بأجفــــــــــــان بها سقم
وللمنية أسبــــــــــــاب من السقمِ
***
العاثرات بألبـــــــــــاب الرّجال وما
أقلن من عثرات الـــــــــدلّ في الرسمِ
***
المضرمات خـــــــــدودا أسفرت وجلت
عن فتنة تسلـــــــــــم الأكباد للضّرمِ
***
الحاملات لواء الـــــــــــحسن مختلفا
أشكاله وهو فرد غـــــــــــير منقسم
***
من كلّ بيضاء أو ســـــــــمراء زيّنتنا
للعين والحسن فــــــــي الآرام كالعصمِ
***
يرعن للبصر السّامــــــــي ومن عجب
إذا أشرن أســـــــــــرن الليث بالغنمِ
***

وضعت خدّي وقسّــــــــمت الفؤاد ربى
يرتعن في كنس مــــــــــنه وفي أكمِ
***
يا بنت ذي اللّبد المـــــــــحميّ جانبه
ألقاك في الغــــــــاب أم ألقاك في الأطمِ
***
ما كنت أعلم حــــــــــتى عن مسكنه
إن المنى والمنايا مـــــــــضرب الخيمِ
***
من أنبت الغصن مـــــــن صمصامة ذكر
وأخرج الرّيم مـــــــــن ضرغامة قرمِ
***
بيني وبينك من ســـــــــمر القنا حجب
ومثلها عفّة عــــــــــــذريّة العصمِ
***
لم أغش مغناكِ إلا فـــــــي غضون كرى
مغناكِ أبعد للـــــــــــمشتاق من إرمِ
***
يا نفس دنياكِ تخــــــــــفي كل مبكية
وإن بدا لكِ منهــــــــــا حسن مبتسمِ
***
فضّي بتقواك فاها كــــــــــلّما ضحكت
كما يفضّ أذى الــــــــــرّقشاء بالثرمِ
***
مخطوبة منذ كـــــــــان الناس خاطبة
من أوّل الدهر لــــــــــم ترمل ولم تئم
***

يفنى الزّمان ويبـــــــــقى من إساءتها
جرح بآدم يبكــــــــــي منه في الأدمِ
***
لا تحفلي بجنـــــــــــاها أو جنايتها
الموت بالزّهر مــــــــثل الموت بالفحمِ
***
كم نائم لا يراهــــــــــا وهي ساهرة
لولا الأماني والأحــــــــــلام لم ينمِ
***
طورا تمدّك في نـــــــــعمى وعافية
وتارة في قرار الــــــــبؤس والوصمِ
***
كم ضللتك ومن تــــــــحجب بصيرته
إن يلق صابا يــــــــرد أو علقما يسمِ
***
يا ويلتاه لنفــــــــــسي راعها ودها
مسوّدة الصحف فــــــــي مبيضّة اللّممِ
***
ركضتها في مريع الــــــــمعصيات وما
أخذت من حمية الـــــــــطّاعات للتخمِ
***
هامت على أثـــــــــر اللّذات تطلبها
والنفس إن يدعــــــها داعي الصبا تهمِ
***
صلاح أمرك للأخــــــــــلاق مرجعه
فقوّم النّفس بالأخــــــــــلاق تستقمِ
***

والنفس من خيرهـــــــا في خير عافية
والنفس من شرّها فـــــــي مرتع وخمِ
***
تطغى إذا مكّنت مــــــــن لذّة وهوى
طغي الجّياد إذا عـــــــضّت على اللّجمِ
***
إن جلّ ذنبي عن الغـــــــفران لي أمل
في الله يجعلني فـــــــي خير معتصمِ
***
ألقي رجائي إذا عـــــــزّ المجير عليّ
مفرّج الكرب فـــــــي الدّارين والغممِ
***
إذا خفضت جنــــــــــاح الذّل أسأله
عزّ الشفاعة لــــــــم أسأل سوى أممِ
***
وإن تقدم ذو تــــــــــقوى بصالحة
قدّمت بين يــــــــــديه عبرة النّدمِ
***
لزمت باب أمـــــــــير الأنبياء ومن
يمسك بمفــــــــــتاح باب الله يغتنمِ
***
فكلّ فضل وإحــــــــــسان وعارفة
ما بين مستلم مــــــــــنه وملتزمِ
***
علّقت من مدحه حـــــــــبلا أعزّ به
في يوم لا عزّ بالأنــــــــساب واللّحم
***

يزري قريضي زهـــــــيرا حين أمدحه
ولا يقاس إلى جــــــــودي لدى هرمِ
***
محمد صفوة الـــــــــباري ورحمته
وبغية الله من خــــــــلق ومن نسمِ
***
وصاحب الحوض يـــــوم الرّسل سائلة
متى الورود وجــــــبريل الأمين ظمي
***
سناؤه وسناه الـــــــــشمس طالعة
فالجرم في فلك والـــــــضوء في علمِ
***
قد أخطأ النجم مـــــــــا نالت أبوّته
من سؤدد باذخ فـــــــي مظهر سنمِ
***
نموا إليه فزادوا فــــــي الورى شرفا
وربّ أصل الفرع فــــــي الفخار نمي
***
حواه في سبحــــــــات الطهر قبلهم
نوران قاما مقـــــــام الصلب والرحمِ
***
لمّا رآه بحــــــــــيرا قال : نعرفه
بما حفظنا مــــــــن الأسماء والسّيمِ
***
سائل حراء وروح الــــــقدس هل علما
مصون سرّ عــــــــن الإدراك منكتمِ
***

كم جيئة وذهـــــــــاب شرّفت بهما
بطحاء مكة في الإصـــــــباح والغسمِ
***
ووحشة لأبن عـــــــــبدالله بينهما
أشهى من الأنس بـــــالأحساب والحشمِ
***
يسامر الوحي فيــــــــها قبل مهبطه
ومن يبشّر بسيمــــــــى الخير يتّسمِ
***
لمّا دعا الصحب يســـــتسقون من ظمأ
فاضت يداه مــــــــن التّسنيم بالسنمِ
***
وظلّلته فصارت تـــــــــــستظلّ به
غمامة جذبتها خـــــــــيرة من الدّيمِ
***
محبة لرســـــــــــول الله أشربها
قعائد الدير والرّهــــــــبان في القممِ
( أحمد شوقي ، مصر )

=======================================
( سلو قلبي )
سلو قلبي غــــــــداة سلا وثابا
لعلّ على الجّــــــــمال له عتابا
**
ويسأل في الحـــــوادث ذو صواب
فهل ترك الجّـــــــمال له صوابا
***
وكنت إذا سألـــــــت القلب يوما
تولّى الدّمع عــــــن قلبي الجوابا
***
ولي بين الضـــــــلوع دم ولحم
هما الواهي الذي ثــــــكل الشبابا
***
تسرّب في الدمـــــوع فقلت : ولّى
وصفّق في الضـــــلوع فقلت : ثابا
***
ولو خلقت قلـــــــوب من حديد
لما حملت كمـــــــا حمل العذابا
***
وأحباب سقــــــــيت بهم سلافا
وكان الوصل مــــــن قصر حبابا
***
ونادمنا الشبـــــــاب على بساط
من اللّذات مــــــــختلف شرابا
***
وكلّ بساط عيش ســـــوف يطوى
وإن طال الزّمـــــــان به وطابا
***
كأن القلب بــــــــعدهم غريب
إذا عادته ذكـــــــرى الأهل ذابا
***
ولا ينبيك عـــــــن خلق الليالي
كمن فقد الأحبـــــــّة والصحابا
***
أخا الدنيا أرى دنـــــــياك أفعى
تبدّل كـــــــــــلّ آونة إهابا
***
وأن الرّقط أيقـــــــــظ هاجعات
وأترع في ظــــــــلال السّلم نابا
***
ومن عجب تشـــــــيّب عاشقيها
وتفنيهم ومــــــــا برحت كعابا
***
فمن يغترّ بالـــــــــدنيا فإني
لبست بها وأفــــــــنيت الثيابا
***
لها ضحك القـــــــيان إلى غبيّ
ولي ضحك اللــــــبيب إذا تغابى
***
جنيت بروضــــــها وردا وشوكا
وذقت بكأسها شـــــــهدا وصابا
***
فلم أرى غير حــــــكم الله حكما
ولم أر دون بــــــــاب الله بابا
***

ولا عظمت فـــــــي الأشياء إلا
صحيح العلـــــــم والأدب اللّبابا
***
ولا كرّمـــــــــت إلا وجه حرّ
يقلد قومه الــــــــمنن الرغابا
***
ولم أر مثل جمـــــــع المال داء
ولا مثل البخــــــــيل به مصابا
***
فلا تقتلك شـــــــــهوته وزنها
كما تزن الطـــــــعام أو الشرابا
***
وخذ لبنيك والأيـــــــــام ذخرا
وأعط الله حــــــــصته احتسابا
***
فلو طالعت أحــــــــداث اللّيالي
وجدت الفقر أقــــــــربها انتيابا
***
وأنّ البرّ خيــــــــــر في حياة
وأبقى بعد صـــــــــاحبه ثوابا
***
وأنّ الشرّ يصـــــــــدع فاعليه
ولم أر خــــــــــيرا بالشرّ آبا
***
فرفقا بالبنيـــــــــن إذا اللّيالي
على الأعقاب أوقـــــــعت العقابا
***

ولم يتقلدوا شــــــــكر اليتامى
ولا ادّرعوا الدّعــــــاء المستجابا
***
عجبت لمعشر صــــــلّوا وصاموا
عواهر خشــــــــية وتقى كذّابا
***
وتلفيهم حــــــــيال المال صمّا
إذا داعي الزّكــــــــاة بهم أهابا
***
لقد كتموا نصــــــــيب الله منه
كأن الله لم يـــــــحصي النّصابا
***
ومن يعدل بحــــــــبّ الله شيئا
كحبّ المال ضــــــلّ هوى وخابا
***
أراد الله بالــــــــــفقراء برّا
وبالأيتام حــــــــــبّا وارتيابا
***
فربّ صغير قـــــــــوم علّموه
سما وحمى المســــــوّمة العرابا
***
وكان لقومـــــــــه نفعا وفخرا
ولو تركوه كـــــــان أذى وعابا
***
فعلّم ما اســـــــتطعت لعلّ جيلا
سيأتي يحدث الــــــعجب العجابا
***

ولا ترهق شبــــــاب الحيّ يأسا
فإن اليأس يخــــــــترم الشّبابا
***
يريد الخالق الـــــــرّزق اشتراكا
وإن يك خصّ أقـــــــواما وحابى
***
فما حرم المــــــــجدّ جنى يديه
ولا نسى الشقــــــيّ ولا المصابا
***
ولولا البخل لـــــــم يهلك فريق
على الأقدار تلقـــــــاهم غضابا
***
تعبت بأهله لــــــــوما وقبلي
دعاة البرّ قد ســــــئموا الخطابا
***
ولو أنّي خطـــــــبت على جماد
فجّرت به الينــــــــابيع العذابا
***
ألم تر للهواء جـــــــرى فأفضى
إلى الأكواخ واخـــــــترق القبابا
***
وأنّ الشمس فـــــي الآفاق تغشى
حمى كسرى كـــــما تغشى اليبابا
***
وأنّ الماء تــــــروى الأسد منه
ويشفى من تلــــــعلعها الكلابا
***

وسوى الله بـــــــينكم المنايا
ووسّدكم مع الــــــرّسل الترابا
***
وأرسل عائلا مـــــــنكم يتيما
دنا من ذي الجـــــلال فكان قابا
***
نبيّ البرّ بـــــــــيّنه سبيلا
وسنّ خلاله وهــــــدى الشّعابا
***
تفرّق بعد عيســـــى النّاس فيه
فلمّا جاء كـــــــان لهم متابا
***
وشافي النفس مــــن نزعات شرّ
كشاف من طبائــــــعها الذئابا
***
وكان بيانه للـــــــهدى سبلا
وكانت خيله للـــــــحقّ غابا
***
وعلّمنا بناء الـــــــمجد حتى
أخذنا إمـــــرة الأرض اغتصابا
***
وما نيل المطــــــالب بالتّمني
ولكن تؤخـــــــذ الدّنيا غلابا
***
وما استعصى علــــى قوم منال
إذا الإقدام كــــــان لهم ركابا
***

تجلّى مولد الــــــهادي وعمّت
بشائره البــــــوادي والقصابا
***
وأسدت للــــــبريّة بنت وهب
يدا بيضاء طــــــوّقت الرقابا
***
لقد وضعته وهّــــــاجا منيرا
كما تلد السمـــــاوات الشّهابا
***
فقام على سمـــــاء البيت نورا
يضئ جبال مـــــــكّة والنّقابا
***
وضاعت يثرب الــــفيحاء مسكا
وفاح القاع أرجــــــاء وطابا
***
أبا الزهراء قد جــــاوزت قدري
بمدحك غير أنّ لـــــي انتسابا
***
فما عرف البـــــلاغة ذو بيان
إذا لم يتّخــــــــذك له كتابا
***
مدحت المالـــــكين فزدت قدرا
فحين مدحتك اقــــتدت السّحابا
***
سألت الله فــــــي أبناء ديني
فإن تكن الوسيـــــلة لي أجابا
***

وما للمسلمـــــين سواك حصن
إذا ما الضرّ مــــــسّهم ونابا
***
كأن النحس حـــين جرى عليهم
أطار بكل ممـــــــلكة غرابا
***
لو حفظوا سبيـــــلك كان نورا
وكان من النّحــــوس لهم حجابا
***
بنيت لهم مـــــن الأخلاق ركنا
فخانوا الرّكن فانـــهدم اضطرابا
***
وكان جنابهم فــــــيها مهيبا
وللأخلاق أجــــــدر أن تهابا
***
فلولاها لســـــاوى الليث ذئبا
وساوى الصّارم الـــماضي قرابا
***
فإن قرنت مكــــــارمها بعلم
تذلّلت العلا بهــــــما صعابا
***
وفي هذا الزّمــــان مسيح علم
يردّ على بنـــــي الأمم الشّبابا

( أحمد شوقي / مصر )
=========================================================
( ولد الهدى )

ولد الهدى فالــــــــكائنات ضياء
وفم الزّمان تـــــــــبسم وثناء
***
الرّوح والملأ المـــــــلائك حوله
للدين والدّنـــــــــيا به بشراء
***
والعرش يزهو والحـــــظيرة تزدهي
والمنتهى والسّـــــــدرة العصماء
***
وحديقة الفرقــــــان ضاحكة الربا
بالترجمان شــــــــــذيّة غنّاء
***
والوحي يقطر ســـــلسل من سلسل
واللّوح والقــــــــلم الرّفيع رواء
***
نظمت أسامي الــــرّسل فهي صحيفة
في اللّوح وأســــــم محمد طغراء
***
اسم الجلالة بــــــــديعة حروفه
ألف هنالك واســـــــم طه والباء
***
يا خير من جـــــــاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الـــــهدى بك جاءوا
***
بيت النبيين الــــــــذي لا يلتقي
إلا الحنائف فـــــــــيه والحنفاء
***
خير الأبوة حــــــــازهم لك آدم
دون الأنام وأحـــــــرزت حواء
***
هم أدركوا عــــــزّ النبوّة وانتهت
فيها إليك الـــــــــعزّة القعساء
***
خلقت لبيتك وهــــــو مخلوق لها
إن العظائم كفــــــــوها العظماء
***
بك بشّر الله الـــــــسماء فزّينت
وتضوعت بـــــــك مسكا الغبراء
***
وبدا محيّاك الـــــــــذي قسماته
حقّ وغرّته هـــــــــدى وحياء
***
وعليه من نـــــــور النبوّة رونق
ومن الخليل وهــــــــديه سيماء
***
أثنى المسيح عــــــليه خلف سمائه
وتهللّت واهـــــــــتزّت العذراء
***
يوم يتيه علــــــى الزّمان صباحه
ومساؤه بـــــــــمحمد وضّاء
***
الحق عالي الـــــــرّكن فيه مظفّر
في الملك لا يـــــــعلو عليه لواء
***

ذعرت عروش الـــــظالمين فزّلزلت
وعلت على تيــــــــجانهم أصداء
***
والنّار خاوية الــــــجوانب حولهم
خمدت ذوائبــــــها وغاض الماء
***
والآي تترى والــــــخوارق جمّة
جبريل بـــــــــها روّاح غداء
***
نعم اليتيم بــــــدت مخايل فضله
واليتيم رزق بـــــــعضه وذكاء
***
في المهد يســـــتقى الحيا برجائه
وبقصده تســــــــتدفع البأساء
***
بسوى الأمانة فــــي الصبا والصدق
لم يعرفه أهل الـــــصّدق والأمناء
***
يا من له الأخلاق مــــا تهوى العلا
منها وما يتــــــــعشق الكبراء
***
لو لم تقم دينا لــــــقامت وحدها
دينا تضئ بـــــــــنوره الآناء
***
زانتك في الخلق الـــــعظيم شمائل
يغرى بهن ويـــــــولع الكرماء
***

والحسن من كرم الــــوجوه وخيره
ما أوتي القـــــــوّاد والزّعماء
***
فإذا سخوت بلــــغت بالجود المدى
وفعلت ما لا تفـــــــعل الأنواء
***
وإذا عفوت فــــــقادر ومقدرا
لا يستهين بعــــــفوك الجهلاء
***
وإذا غضبت فـــــإنما هي غضبة
في الحق لا ضــــغن ولا بغضاء
***
وإذا رضيت فذاك فــــي مرضاته
ورضى الكثير تــــــحلّم ورياء
***
وإذا خطبت فللـــــــمنابر هزّة
تعرو النّدي وللــــــقلوب بكاء
***
وإذا قضيت فـــــلا ارتياب كأنما
جاء الخصوم مــــن السماء قضاء
***
وإذا حميت الماء لـــــم يورد ولو
إن القياصر والــــــملوك ظماء
***
وإذا أجرت فـــــــأنت بيت الله
لم يدخل عليه الـــــمستجير عداء
***

وإذا ملكت الـــــنفس قمت ببرّها
ولو أن ما ملـــــكت يداك الشّاء
***
وإذا بنيت فخـــــير زوج عشرة
وإذا ابتليت فـــــــدونك الآباء
***
وإذا صحبت رأي الـــوفاء مجسّما
في بردك الأصـــــحاب والخلطاء
***
وإذا أخذت العــــــهد أو أعطيته
فجميع عهـــــــدك ذمّة ووفاء
***
وإذا مشيت إلى الـــــعدا فغضنفر
وإذا جريت فــــــــإنك النكباء
***
وتمدّ حلمك للـــــــسّفيه مداريا
حتى يضيق بعـــــرضك السّفهاء
***
في كل نفس مــــن سطاك مهابة
ولكلّ نفس فــــــي نداك رجاء
***
والرّأي لم ينض الــــمهند دونه
كالسيف لم تضــــرب به الآراء
***
يا أيها الأميّ حــــــسبك رتبة
في العلم أن دانت بــــك العلماء
***

الذّكر آية ربّك الـــــكبرى التي
فيها لباغي المـــــعجزات غناء
***
صدر البيان لـــه إذا التقت اللغى
وتقدم البلـــــــغاء والفصحاء
***
نسخت به الـــتوراة وهي وضيئة
وتخلّف الإنـــــجيل وهو ذكاء
***
لما تمشي فــــي الحجاز حكيمة
فضّت عكاظ وبه قـــــام حراء
***
أزرى بمنطـــــق أهله وبيانهم
وحي يقــــــصّر دونه البلغاء
***
قد نال بالهـــادي الكريم وبالهدى
ما لم تنل مـــــن سؤدد سيناء
***
دين يشدّ آية فــــــــي آية
لبناته السّــــــورات والأضواء
***
الحق هو الأســــاس فيه كيف لا
والله جلّ جــــــــلاله البنّاء
***
أمّا حديثك في الــــعقول فمشرح
والعلم والحكم الغـــــوالي الماء
***

هو صبغة الفرقــــان نفحة قدسه
والسّين من ســـــوراته والرّاء
***
جرت الفصاحة مــن ينابيع النهى
من دوحة وتـــــفجر الإنشاء
***
في بحره للسّــــابحين به على
أدب الحياة وعــــلمها إرساء
***
يا أيها المســـري به شرفا إلى
ما لا تنال الشـــمس والجوزاء
***
يتساءلون وأنـــت أطهر هيكل
بالرّوح أم بالــــهياكل الإسراء
***
بهما سموت مـــطهرين كلاهما
نور وروحـــــــانية وبهاء
***
فضل عليك لذي الـــجلال ومنه
والله يفعل ما يـــــرى ويشاء
***
تغشي الغيوب مــن العوالم كلما
طويت سماء قـــــلّدتك سماء
***
في كل منطقة حـــواشي نورها
نون وأنت الــــنقطة الزهراء
***

أنت الجمال بهــا وأنت المجتلى
والكفّ والمــــرآة والحسناء
***
الله هيأ من حـــــظيرة قدسه
نزلا لذاتك لم يـــــجزه علاء
***
العرش تحتك ســــدّة وقوائما
ومناكب الـــرّوح الأمين وطاء
***
والرّسل دون العرش لم يؤذن لهم
حاشا لغيرك مـــــوعد ولقاء

( أحمد شوقي / مصر )


( حديث الرّوح )

حديث الرّوح لـــــــــــلأرواح يسري
وتدركه القلـــــــــــــوب بلا عناء
***
هتفت به فطـــــــــــــار بلا جناح
وشقّ أنينه صـــــــــــــدر الفضاء
***
ومعدنه تــــــــــــــــرابي ولكن
جرت في لفــــــــــــظه لغة السماء
***
لقد فاضت دمـــــــــــوع العشق مني
حديثا كان عــــــــــــــلويّ النداء
***
وجاوبت المــــــــــــجرّة علّ طيفا
سرى بين الكـــــــــــواكب في خفاء
***
وقال البدر هـــــــــــــذا قلب شاك
يواصل شجــــــــــــوه عند المساء
***
شكواي أم نجواي فـــــــــي هذا الدجى
ونجوم ليل حـــــــــــسّدي أم عوّدي
أمسيت في الماضـــــــــي أعيش كأنما
قطع الزّمان طريق أمـــــــسي عن غدي
والطير صادحــــــــــــة على أفنانها
تبكي الرّبا بأنــــــــــــينها المتجدد
قد طال تسهيــــــــــدي وطال نشيدها
ومدامعي كالطلّ فـــــــــي الغصن النّدي

فإلى متى صمتي كـــــــأني زهرة خرساء
لم ترزق بـــــــــــــــراعة منشد
***
قيثارتي ملئت بــــــــــــأنّات الجوى
لابد للمكبوت مـــــــــــــن فيضاني
صعدت إلى شفتـــــــــيّ خواطر مهجتي
ليبين عنها مـــــــــــنطقي ولساني
يشكو لك اللهــــــــــم قلب لم يعش
إلا لحمد عـــــــــــلاك في الأكوان
***
من كان يهتف بـــــــــاسم ذاتك قبلنا
من كان يدعــــــــــو الواحد القهّارا
عبدوا الكواكــــــــــب والنجوم جهالة
ولم يبلغوا مـــــــــــن هديها أنوارا
هل أعلن التوحـــــــــــيد داع قبلنا
وهدى القلوب إلــــــــــيه والأنظارا
ندعو جهارا لا إلـــــــــه سوى الذي
صنع الوجـــــــــــود وقدر الأقدارا
***
إذا الإيمان ضــــــــــــاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لــــــــــــم يحي دينا
ومن رضي الحــــــــــياة بغير دين
فقد جعل الفــــــــــــناء لها قرينا
وفي التوحيــــــــــــد للهمم إتحاد
ولن تبنوا العــــــــــــلا متفرقينا
***


ألم يبعث لأمتكم نبيّ يوحـدكم على نهج الوئام
ومصحفكم وقبلتكم مــــنار للأخوّة والسلام
وفوق الكلّ رحمن رحيــم إله واحد ربّ الأنام
( محمد إقبال / الباكستان )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق