الصفحات

الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

صيد الخاطر لابن الجوزي - اقبح الذنوب











   
كل المعاصي قبيحة ، و بعضها أقبح من بعض .
   
فإن الزنا من أقبح الذنوب ، فإنه يفسد الفرش ، و يغير الأنساب ، و هوبالجارة أقبح .
    
فقد روي في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل الله نداً و هو خلقك .
   
قلت : ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك 
   
قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك .
   
و قد روى البخاري في تاريخه من حديث المقداد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره ، و لن يسرق من عشرة أبيات ، أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره .
   
و إنما كان هذا ، لأنه يضم إلى معصية الله عز وجل انتهاك حق الجار .
   
و من أقبح الذنوب أن يزني الشيخ ، ففي الحديث إن الله يبغض الشيخ الزاني لأن شهوة الطبع قد ماتت ، و ليس فيها قوة تغلب ، فهو يحركها و يبالغ فكانت معصيته عناداً .
   
و من المعاصي التي تشبه المعاندة لبس الرجل الحرير و الذهب ، خصوصاً خاتم الذهب الذي يتحلى به الشيخ ، و أنه من أرد الأفعال و أقبح الخطايا .
   
و من هذا الفن ، الرياء ، و التخاشع ، و إظهار التزهد للخلق ، فإنه كالعبادة لهم مع إهمال جانب الحق عز وجل .
   
و كذلك المعاملة بالربا الصريح ، خصوصاً من الغني الكثير المال .
   
و من أقبح الأشياء أن يطول المرض بالشيخ الكبير و لا يتوب من ذنب .
   
لا يعتذر من زلة ، و لا يقضي ديناً ، و لا يوصى بإخراج حق عليه .
   
و من قبائح الذنوب ، أن يتوب السارق أو الظالم ، و لا يرد المظالم .
   
و المفرط في الزكاة أو في الصلاة و لا يقضي .
   
و من أقبحها ، أن يحنث في يمين طلاقه ، ثم يقيم مع المرأة .
   
و قس على ما ذكرته فالمعاصي كثيرة ، و أقبحها لا يخفى .
   
و هذه المستقبحات فضلاً عن القبائح تشبه العناد للآمر ، فيستحق صاحبها اللعن و دوام العقوبة .
   
و إني لأرى شرب الخمر من ذلك الجنس ، لأنها ليست مشتهاة لذاتها ، و لا لريحها و لا لطعمها ، فيما يذكر .
   
إنما لذتها ـ فيما يقال ـ بعد تخرج مرارتها .
   
فالإقدام على ما لا يدعو إليه الطبع إلى أن يصل التنازل إلى اللذة معاندة .
   
نسأل الله عز وجل إيماناً يحجز بيننا و بين مخالفته و توفيقاً لما يرضيه ، فإنما نحن به و له  .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق