الميرزا حسين علي النوري المازندراني الملقب بلقب (بهاء الله) وهو مؤسس البهائية وهو الأخ غير الشقيق لصبح أزل مؤسس البابية الأزلية.
هو حسين علي بن عباس بزرگ ولد في طهران في 12 نوفمبر 1817 في منطقة تدعى "بوابة شمران". كان والده عباس بزرك يشغل منصبا مهما في وزارة المالية في الدولة القاجارية وأخوه الأكبر كان كاتبا في السفارة الروسية وزوج أخته الميرزا مجيد كان يعمل سكرتيرا للسفير الروسي في طهران.وكانت عائلته تملك أراض واسعة وعقارات متعدده في إقليم نور في مازندران وتتمتع بمكانة ثرية في المجتمع الفارسي في تلك الحقبة.
ملخص حياة حسين علي نوري:
شغل أفراد أسرة حسين علي مناصب سياسية هامة في الدولة لعدة أجيال، فقد شغل والده الميرزا عباس منصب وزير الدولة لشئون منطقة مازندران. وشأن أولاد الأغنياء والنبلاء في ذلك العصر، لم يذهب بهاء الله إلى المدارس بل اكتفى بتلقي فنون الفروسية والخط ومبادئ القراءة في بيت والده(من دون تعليم نظامي).
وفي سن الثامنة والعشرين، آمن حسين علي بدعوة الباب في سنة 1844 م فور إطلاعه على بعض كتابات الباب التي أرسلها له مع أقرب مؤيديه ملا حسين بشروئي. وصار بهاء الله من أشهر أتباع الباب وأنصار دينه، وقام بنشر تعاليمه وخاصة في إقليم نور وكانت قد حمته مكانة أسرته وحسن سيرته من الاضطهاد نوعا ما خلال السنوات الأولى من إيمانه بدعوة الباب. ولعب بهاء الله دورا رئيسيا في انتشار دعوة الباب وخاصة خلال مؤتمر بدشت الذي يعتبر نقطة تحول هامة في تاريخ البابية لانه ثم من خلالها الإعلان عن استقلال الشريعة البابية عن الإسلام واعتبارها شريعة مستقلة بأحكامها ومبادئها. واتخذ حسين علي لنفسه خلال هذا المؤتمر لقب بهاء الله.
وبعد وفاة الباب استمر بهاء الله بترويج دعوة الباب وتمتع بمكانة قيادية خاصة بين البابيين. وفي سنة 1852 م قبض على بهاء الله وزج به في سجن سياه جال (النقرة السوداء) بعد محاولة فاشلة لاغتيال الشاه التي اتهم بهاء الله بالضلوع فيها. وقد لجأ بهاء الله إلى السفارة الروسية وبعد أن ألحّ ضباط الشاه على السفير الروسي قام الأخير بتسليمه إلى أعدائه ليساق إلى السجن ولم تحميه مكانته الاجتماعية من التعرض لشتى أنواع العذاب والاضطهاد حيث كان مكبلا بالسلاسل والأغلال عاري الرأس والقدمين وفي الطريق جرد من ملابسه وتعرض لإهانات العامة ورشق بالحجارة بعد ذلك. وعندما وصل سجنه ألقي في غرفة سفلية كانت خزانا لمياه أحد الحمامات العامة في المدينة. وفي خضّم هذه الأحداث والظروف، ووسط توقعات بهاء الله صدور حكم بإعدامه، قرر أن تكون بداية دعوته من ظلمات سجنه، التي قضى فيها ما لا يقل عن أربعة أشهر , ويذكر التاريخ البهائي أن بداية نزول الوحي على بهاء الله كانت خلال فترة وجوده في ذلك السجن ولو أنه لم يفصح بذلك إلا بعد مرور 10 سنوات.
بعدها اطلق سراحه دون محاكمة, صودرت ثروته وممتلكاته ونفي على الفور مبعدا من إيران، و كان الممثل الدبلوماسي للحكومة الروسية قد عرض على بهاء الله الحماية ووجّه له الدعوة لكي يلتجأ إلى المناطق التي تقع تحت نفوذ حكومته، لكن بهاء الله رفض العرض خشية أن يُفسر الأمر تفسيرا مشبوها ويعطي لدعوته صبغة سياسية واختار راضيا النفي للأراضي المجاورة في العراق والتي كانت تابعة آنذاك للحكومة العثمانية. وبدأ بهاء الله بهذا الإبعاد فترة من النفي والسجن والاضطهاد المرير دامت أربعين عاما. فمن بغداد إلى عزلة في كردستان العراق دفعته إلى ذلك ضغوطات تنافسية من اخيه غير الشقيق صبح أزل وذلك في العاشر من نسيان عام 1854 تاركا أهل بيته من وراءه مرتديا خرقة الزهاّد الخشنة مكتفيا بكشكول وغيار واحد مسمّيا نفسه الدرويش محمد .
ونتيجة ضغوط من الحكومة الإيرانية، نفي بهاء الله بعد ذلك مرة أخرى إلى إسطنبول وبعدها إلى مدينة أدرنة في القسم الأوروبي من تركيا وبقى هناك خمسة سنوات حبس بعدها في قلعة عكا في فلسطين. وكان حبسه ونفيه الذين داما طوال الأربعين سنة الأخيرة من حياته لغرض التخلص منه والحد من انتشار نفوذ دعوته. ويذكر التاريخ البهائي أن بهاء الله اعلن دعوته كصاحب رسالة مستقلة إلى بعض اتباعه في حديقة على ضفاف نهر دجلة سميت فيما بعد بـ "حديقة الرضوان" وكان ذلك قبل رحيله من بغداد.
وأثناء وجود بهاء الله في مدينة ادرنة، زاد الخلاف بينه وبين اخيه غير الشقيق الملقب بــ صبح أزل الذي كان يصر على زعامته للحركة البابية حسب وصية الباب وانتهى هذا الخلاف بدعوة بهاء الله العلنية في 1866 بأنه هو الذي بشر الباب بقدومه بكنية "من يظهره الله" وموعود الظهورات التي سبقته. بعد ذلك وبتحريض من الحكومة الإيرانية، نفي صبح أزل مع اتباعه إلى جزيرة قبرص ونفي بهاء الله إلى سجن عكا.
كتب بهاء الله خلال الاربعين سنة التي قضاها في الحبس والنفي العدد الوفير من الكتب والرسائل باللغتين العربية والفارسية ومن كتبه المشهورة: الكتاب الأقدس الذي دون فيه أحكام الدين البهائي، وكتاب الإيقان وكتاب الوديان السبعة وكتاب الكلمات المكنونة وغيرها. وخلال إقامته في ادرنة سنة 1866 وكذلك بعدها خلال سجنه في قلعة عكا سنة 1868، أرسل بهاء الله عدة رسائل معنونة إلى ملوك وسلاطين ذلك العصر ولبابا الكنيسة الكاثوليكية ،أعلن لهم فيها عن مقامه ودعاهم فيها إلى نبذ الخلافات وإلى العمل من اجل وحدة العالم ومن اجل السلام. وكان من ضمن هؤلاء، السلطان عبد العزيز وناصر الدين شاه ملك إيران ونابليون الثالث والملكة فكتوريا ملكة بريطانيا وملك النمسا وقيصر روسيا وغيرهم.
وقرب نهاية حياته، تراخت صرامة الحبس وتطبيق احكام السلطان عبد العزيز شيئا فشيئا. ورغم أنه كان لايزال سجينا رسميا، فلقد سمح لبهاء الله ان يقضي آخر سنوات عمره في بيت واسع في إحدى ضواحي المدينة كان قد اشتراه ابنه عباس افندي "عبد البهاء". وأستمر بهاء الله في الكتابة في سنواته الأخيرة في هذا البيت الذي يسمى بـ "قصر البهجة". وزاره في هذا البيت المستشرق ي. ج. براون و وصف براون لقائه هذا مع بهاء الله في كتابه"مقالة سائح" (من مطبوعات جامعة كامبردج).
وعند وفاة بهاء الله في سنة 1892 دفن في إحدى الغرف في البيت المجاور لقصر البهجة، ويعتبر مرقده أحد الأماكن المقدسة التي يزورها العديد من الناس ويعتبر كذلك قبلة..!!